الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ} [العنكبوت: 20]، يقول تعالى: انظروا كيف بَدأتُ (1) الخَلْقَ؛ فاعتبروا الإعادة بالابتداء، ومنه قوله [تعالى] (2):{يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا [وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19)} [الروم: 19](3)، وقوله تعالى:{فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا] (4) إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (50)} [الروم: 50].
وقوله: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9) [وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ (10) رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا] (5) كَذَلِكَ الْخُرُوجُ (11)} [ق: 9 - 11]، وقال [تعالى] (2):{يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا} (6)[الأنبياء: 104]، والسِّجِّل: الورق المكتوب فيه، والكتاب: نفس المكتوب (7)، واللام بمنزلة على، أي: نطوي السماء كطيّ الدَّرْج (8) على ما فيه من السطور المكتوبة، ثم استدل على النظير بالنظير فقال:{كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا} .
فصل [قياس الشبه وأمثلة له]
وأما قياس الشبه فلم يحكه اللَّه سبحانه إلا عن المُبطلين؛ فمنه قوله تعالى إخبارًا عن إخوة يوسف أنهم قالوا لما وجدوا الصُّوَاع (9) في رَحْل أخيهم: {إِنْ
(1) في (ق): "بدأ".
(2)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(3)
قال ابن القيم رحمه الله فيما يأتي: "فدل بالنظير على النظير، وقرب أحدهما من الآخر جدًّا بلفظ الأخراج، أي: يخرجون من الأرض أحياء؛ كما يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي"، وانظر:"بدائع التفسير"(3/ 389 دار ابن الجوزي).
(4)
ما بين المعقوفتين سقط من (ك)، ووقع في (ق):"ومنه قوله" بدل "وقوله تعالى".
(5)
بدل ما بين المعقوفتين في (ق): "إلى قوله".
(6)
"الكتاب: هو المكتوب، وقد قرأ حمزة وحفص والكسائي: "للكتب" (ط) و (ح).
قلت: قال ابن الجزري رحمه الله: "واختلفوا في (السجل للكتاب)؛ فقرأ حمزة والكسائي وخلف وحفص (للكُتُب) بضم الكاف والتاء من غير ألف على الجمع، وقرأ الباقون بكسر الكاف وفتح التاء مع الألف على الإفراد" اهـ. انظر: "النشر في القراءات العشر"(2/ 325 - ط دار الكتب العلمية).
(7)
في (ك): "المكتوبات".
(8)
في (ك) و (ق): "السجل"
(9)
في (ق) و (ك): "المتاع".
يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} [يوسف: 77]، فلم يجمعوا بين الأصل والفرع بعلة ولا دليلها، وإنما ألحقوا أحدهما بالآخر من غير دليل جامع سوى مُجَرَّد الشَّبَه الجامع بينه وبين يوسف، فقالوا: هذا مقيس على أخيه، بينهما شبه من وجوه عديدة، وذاك قد سرق فكذلك هذا، وهذا هو الجمع بالشبه الفارغ، والقياس بالصورة (1) المجردة عن العلة المقتضية (2) للتساوي، وهو قياس فاسد، والتساوي في قرابة الأخوة ليس بعلة للتساوي في السرقة لو كان (3) حقًا، ولا دليل على التساوي فيها؛ فيكون الجمع لنوع شبه خالٍ عن العلة ودليلها.
ومنه قوله تعالى إخبارًا عن الكفار [أنهم قالوا](4): {مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا} فاعتبروا مجرد صورة (5) الآدمية وشبه المجانسة، واستدلوا بذلك على أن حكم أحد الشبهين حكم الآخر؛ فكما لا نكون نحن رسلًا فكذلك أنتم، فإذا تساوينا في هذا الشبه فأنتم مثلنا لا مزية لكم علينا، وهذا من أبطل القياس؛ فإن الواقع من التخصيص والتفضيل جعل (6) بعض هذا النوع شريفًا وبعضه دنيًا (7)، وبعضه مرؤوسًا وبعضه رئيسًا، وبعضه ملكًا وبعضه سوقة، يبطل هذا القياس، كما أشار سبحانه إلى ذلك في قوله:{أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ [لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ] (4)} [الزخرف: 32].
وأجابت الرسل عن هذا السؤال بقولهم: {إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [إبراهيم: 11]، وأجاب اللَّه [سبحانه] (4) عنه بقوله:{اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: 124]، وكذلك قوله [سبحانه] (4):{وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33) وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (34)} [المؤمنون: 33، 34]، فاعتبروا المساواة في البشرية وما هو من خصائصها من الأكل والشرب، وهذا مجرد (8) قياس شبه وجمع صوري، ونظير
(1) في (ق) و (ك): "بالضرورة".
(2)
في (ن) و (ك): "المفضية".
(3)
في (ق): "كانت".
(4)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(5)
في المطبوع: "صورة مجرد" بتقديم وتأخير، ووقع في (ق):"وشبه المجانسة فيها".
(6)
في المطبوع: "وجعل".
(7)
في (ن): "وضيعًا".
(8)
سقطت من (ك).