الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذكر الحسن بن علي الحُلْواني: حدثنا عارم، عن حماد بن زيد، عن سعيد ابن أبي صدقة، عن ابن سيرين قال: لم يكن أحَدٌ أهْيَبَ بما (1) لا يعلم من أبي بكر [رضي الله عنه](2)، ولم يكن أحد بعد أبي بكر أهْيَبَ بما (1) لا يعلم من عمر [رضي الله عنه](2)، وإن أبا بكر نزلَتْ به قضيةٌ فلم يجد في كتاب اللَّه منها أصلًا، ولا في السنة أثرًا فاجتهد برأيه، ثم قال: هذا رأيي، فإن يكن صوابًا فمن اللَّه، وإن يكن خَطَأ؛ فمني وأستغفر اللَّه (3).
فصل في المنقول من ذلك عن عمر بن الخطاب [رضي الله عنه
-] (2)
[قال ابن وهب: ثنا يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه](4) قال وهو على المنبر: يا أيها الناس إن (5) الرأي إنما كان من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مصيبًا، إن اللَّه كان يُرِيهِ، وإنما هو منا الظنُّ والتكلفُ (6).
قلت: مُراد عمر [رضي الله عنه](7) قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء: 105]، فلم يكن له رأي غير ما أراه اللَّه إياه، و [أما](7) ما رأى غيره فظن وتكلف.
قال سفيان الئوري: ثنا أبو إسحاق الشَّيْباني، عن أبي الضَّحى، عن مسروق، قال: كَتَب كاتبٌ لعمر بن الخطاب: "هذا ما رأى اللَّه ورأى عمر"، فقال: بئس ما قلت، قل: هذا ما رأى عمر، فإن يكن صوابًا فمن اللَّه، وإن يكن خطأ فمن عمر (8).
وقال ابن وهب: أخبرني ابن لَهِيعَةَ، عن عبيد (9) اللَّه بن [أبي] (7) جعفر قال: قال عمر بن الخطاب [رضي الله عنه](7): السُّنَّةُ ما سَنَّهُ اللَّه ورسولُه [صلى الله عليه وسلم](7)، لا
(1) في (ق): "لما".
(2)
سقط في (ق).
(3)
السند المذكور رجاله ثقات لكن ابن سيرين لم يسمع من أبي بكر ولا من عمر، وأورده ابن عبد البر في "الجامع"(2/ 911/ 1712) عن ابن مسعود، ولم يسنده.
(4)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(5)
في (ق): "إنما".
(6)
أخرجه ابن عبد البر في "الجامع"(2000) من طريق ابن وهب به، وابن شهاب لم يدرك عمر.
(7)
سقط من (ق).
(8)
رواه البيهقي في "السنن الكبير"(10/ 116)، وقال ابن حجر في "التلخيص" (4/ 195): إسناده صحيح.
(9)
في جميع المطبوعات و (ق) و (ك): "عبد"، ولعل الصواب ما أثبتناه؛ كما في التخريج الآتي.
تجعلوا خطأ الرأي سنة للأمة (1).
قال (2) ابن وهب: وأخبرني ابن لَهِيعَةَ، عن أبي الزِّناد، عن محمد بن إبراهيم التيمي أن عمر بن الخطاب [رضي الله عنه] (3) قال: أصبح أهلُ الرأي أعْدَاء السنن، أعيتهم أن يَعُوهَا وتَفَلَّتَتْ منهم أن يَرْوُوها، فاسْتَبَقُوهَا بالرأي (4).
قال ابن وهب: وأخبرني عبد اللَّه بن عياش (5)، عن محمد بن عَجْلان، عن عبيد اللَّه بن عمر أن [عمر] بن الخطاب قال: اتَّقُوا الرأي في دينكم (6).
وذكر ابن عجلان، عن صَدَقة بن أبي عبد اللَّه أن عمر بن الخطاب كان يقول: أصحابُ الرأي أعداء السنن، أعيتهم الأحاديثُ أن يحفظوها وتَفَلَّتَتْ [منهم](7) أن يَعُوها، واسْتَحْيَوْا حين سُئلوا أن يقولوا: لا نعلم، فعارضوا السنن برأيهم، فإياكم وإياهم (8).
(1) رواه ابن عبد البر في "الجامع"(2014)، وابن حزم في "الإحكام"(6/ 786) من طريق ابن وهب، وعُبيد اللَّه بن أبي جعفر لم يسمع من عمر؛ إذ هو متأخر عنه.
وذكره القاضي أبو يعلى في "العدة"(4/ 1305) عن ابن عمر لا عن عمر.
(2)
في (ق): "وقال"
(3)
سقط من (ق).
(4)
رواه ابن عبد البر في "الجامع"(2001) من طريقه، لكن في إسناده: ابن لهيعة عن ابن الهادي، وليس عن أبي الزناد؛ كما ذكر المؤلف، وعلى كلا الإسنادين فالسند جيد، فابن الهاد، هو عبد اللَّه بن يزيد بن الهاد، وهو ثقة، وأبو الزناد كذلك.
(5)
وقع في المطبوع و (ك): "عبد اللَّه بن عباس"! نسبه لجدِّه.
(6)
رواه البيهقي في "المدخل"(210)، وابن عبد البر في "الجامع"(2002) من طريق ابن وهب، لكن شيخ ابن وهب وقع في "المدخل":"عبد اللَّه بن سليمان: وفي "الجامع": "عبد اللَّه بن عياش".
قلت: عبد اللَّه بن عياش هذا هو ابن عياش بن عباس: وهو ضعيف، أخرج له مسلم في الشواهد، وعبد اللَّه بن سليمان صدوق يخطئ.
وعلى كل حال فالإسناد منقطع؛ عبيد اللَّه لم يسمع من عمر. انظر ما قبله وما بعده. وما بين معقوفتين سقط من (و).
(7)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(8)
رواه ابن أبي زمنين في "السنة"(رقم 8)، وابن عبد البر في "الجامع"(2003) من طريق ابن وهب، عن رجل من أهل المدينة، عن ابن عجلان به.
وإسناده ضعيف، للرجل المبهم، وصدقة بن عبد اللَّه بن كثير القرشي، ترجمه ابن أبي حاتم (4/ 433)، والبخاري (4/ 297) ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، وهو من طبقة أتباع التابعين عند ابن حبان، فهو لم يدرك عمر.
وذكر ابن الهادي (1)، عن محمد بن إبراهيم التَّيْمي قال: قال عمر بن الخطاب: إياكم والرأيَ، فإن أصحاب الرأي أعداء السنن، أعيتهم الأحاديثُ أن يَعُوهَا، وتفلتت منهم أن يحفظوها، فقالوا في الدين برأيهم (2).
[و](3) قال الشعبي: عن [عمرو بن حُرَيْث]، قال: قال عمر بن الخطاب [رضي الله عنه](3): إياكم وأصحابَ الرأي فإنهم أعداء السنن، أعْيتَهم الأحاديث أن يحفظوها، فقالوا بالرأي، فَضَلُّوا وأَضَلُّوا (4).
وأسانيد هذه الآثار عن عمر في غاية الصِّحة.
وقال محمد بن عبد السلام الخُشَنيّ: ثنا محمد بن بشار: حدثنا يونس ابن (5) عُبيد اللَّه العميري (6): ثنا مُبارك بن فَضَالة، عن عُبيد اللَّه بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر بن الخطاب أنه قال: أيها الناس، اتَّهِمُوا الرأي في الدين، فلقد رأيتني وإني لأرُدُّ أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم برأيي فاجتهد ولا آلو، وذلك
(1) في (ق): "ابن الهاد".
(2)
رواه ابن عبد البر في "الجامع"(2005)، وابن حزم في "الإحكام"(6/ 1019) من طريق أبي بكر بن أبي داود، عن محمد بن عبد الملك القزاز، عن ابن أبي مريم، ونافع بن يزيد، عن ابن الهاد به، وإسناده جيد.
(3)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(4)
رواه ابن عبد البر في "الجامع"(2004)، والخطيب في "الفقيه والمتفقه"(1/ 180)، وابن حزم في "الأحكام"(6/ 1019)، واللالكائي في "السنة"(رقم 201)، والبيهقي في "المدخل"(213) من طريق عبد الرحمن بن شريك القاضي عن أبيه عن مجالد بن سعيد عن الشعبي به.
وعبد الرحمن وأبوه ومجالد ضعفاء.
نعم هو صحيح بطرقه وله طرق أخرى عند الدارمي في "السنن"(1/ 49)، والآجري في "الشريعة"(رقم 48، 52، 74)، وابن أبي زمنين في "السنة"(رقم 7)، والتيمي في "الحجة"(1/ 205، 312)، وابن بطة في "الإبانة"(رقم 83، 84، 790)، والهروي في "ذم الكلام"(ص 68)، وأبي الفضل المقرئ في "ذم الكلام"(ص 103 - 104)، واللالكائي في "السنة"(رقم 202)، وابن النجار -كما في "كنز العمال"(1/ 375) - بألفاظ متقاربة، وانظر تعليقي على "الموافقات"(4/ 327) للشاطبي.
ووقع في نسخة (و): "عمرو بن الحارث"، وفي النسخ الأخرى:"عمرو بن حرث"!! وكلاهما خطأ، وصوابه كما أثبتناه.
(5)
في (ق): "عن" ووقع اسمه في سائر النسخ: "بن عبيد العمري" وما أثبتناه هو الصواب، كما في مصادر ترجمته.
(6)
في (ق): "عبيد العمري".
يوم أبي جَنْدَل (1)، والكتابُ يكتب وقال: اكتبوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فقال: يكتب (2) باسمك اللهم، فرضي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبيْتُ، فقال: يا عمر تراني قد رضيتُ وتأبى؟ (3)
وقال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا عبدُ الأعلى، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن مَعْمر بن أبي حَبيبة مولى بنت صَفْوَان، عن عُبيد بن رفاعة، عن أبيه رفاعة بن رافع قال: بينما أنا عند عمر بن الخطاب [رضي الله عنه](4) إذ دَخَلَ عليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين هذا زيد بن ثابت يُفتِي الناسَ في المسجد برأيه في الغسل من الجنابة، فقال عمر: عليّ به، فجاء زيد، فلما رآه عمر، فقال عمر: أيْ عَدُوَّ نفسه قد بلغْتَ أن تفتي الناس برأيك؟ فقال: يا أمير المؤمنين، واللَّه ما فعلْتُ، ولكن سمعتُ من أعمامي حديثًا فحَدَّثت به: من أبي أَيوب، ومن أُبيّ بن كعب، ومن رفاعة بن رافع، فقال عمر: عليّ برفاعة بن رافع، فقال: قد كنتم تفعلون ذلك إذا أصاب أحدكم المرأة فأكسل (5) أن يغتسل؟ قال (6): قد كنا نفعل ذلك على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، لم يأتنا فيه عن اللَّه تحريم، ولم يكن فيه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم شيء، فقال عمر: ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يعلم (7) ذلك؟ قال: ما أدري، فأمر عمر بجمع المهاجرين والأنصار، فَجُمِعُوا، فشاورهم فشار الناس أن لا
(1)"كان ذلك في صلح الحديبية، حين اتفق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على أن يرجع هو وأصحابه ويعودوا من قابل، وكتبوا بذلك كتابًا، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يرى أن في ذلك إعطاء الدنية، ورجع إلى الصديق رضي الله عنه فأمره أن يسمع ويطيع" قاله (د)، وفي (ط):"هو يوم صلح الحديبية، انظر القصة بطولها في كتب الغزوات" اهـ. ووقع في (ق): "والكاتب يكتب".
(2)
في (ق) و (ك): "فقالوا تكتب".
(3)
رواه عبد اللَّه بن أحمد في "زوائد فضائل الصحابة"(558)، والطبراني في "الكبير" (82:)، والبيهقي في "المدخل"(217) من هذا الطريق، وقال الهيثمي (1/ 179):"رواه أبو يعلى ورجاله موثقون، وإن كان فيهم مبارك بن فضالة وهو مدلس وقد عنعن".
(4)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
ثم ذكره (6/ 145 - 146)، وقال:"رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح"، وهو في "كشف الأستار"(2/ 338).
وفي "صحيح البخاري" نحوه (7308) من قول سهل بن حنيف.
(5)
"أكسل: جامع ولم ينزل"(ط).
(6)
في (ق): "فقال".
(7)
في (ق): "يفعل".