الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والقَدْرُ المشترك بينهما أن كُلًّا منهما يستر صاحبه ويُجَمِّلُه بين الناس، فالقميصُ يستر بدنه، والعلم والدين يستر روحه وقلبه، ويجمِّله بين الناس.
[الرؤيا الحُلْمية وتأويلها]
ومن هذا تأويل اللَّبَن بالفطرة لما في كل منهما من التغذية الموجِبَةِ للحياة وكمال النشأة، وأن الطفل إذا خُلِّي وفطرتَهُ لم يعدل عن اللبن؛ فهو مفطور على إيثاره على ما سواه، وكذلك فطرة الإسلام التي فَطَر اللَّه عليها الناسَ.
ومن هذا تأويلُ البقر [باهل الدين والخير الذين بهم عمارة الأرض كما أن البقر](1) كذلك مع عدم شَرِّها وكثرة خيرها وحاجة الأرض وأهلها إليها؛ ولهذا لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم بقرًا تُنْحَر كان ذلك نحرًا في أصحابه (2).
ومن ذلك تأويل الزرع والحرث بالعمل؛ لأن العامل زارعٌ للخير والشر، ولا بد أن يخرج له ما بَذَرَه كما يخرج للباذر زرع ما بذره؛ فالدنيا مزرعة، والأعمالُ البذار (3)، ويومُ القيامة يوم طلوع الزرع [للباذر](1) وحصاده.
ومن ذلك تأويلُ الخشب المقطوع المتساند بالمنافقين، والجامع بينهما أن المنافقَ لا رُوحَ فيه ولا ظل ولا ثمر، فهو بمنزلة الخشب الذي هو كذلك؛ ولهذا شَبّه [اللَّه تعالى](4) المنافقين بالخشُبِ المسَنَّدة؛ لأنهم أجسامٌ خالية عن الإيمان والخير، وفي كونها مُسَنَّدة نكتةٌ أخرى، وهي أن الخشب إذا انتُفع به جُعل في سَقْف أو جدار أو غيرهما من مظان الانتفاع، وما دام متروكًا فارغًا غير مُنْتَفع به جُعل مُسنَدًا بعضه إلى بعض، فشبَّه المنافقين بالخشب في الحالة التي لا ينتفع [فيها بها](5).
ومن ذلك تأويل النار بالفتنة لإفساد كلٍّ منهما ما يمُرُّ عليه ويتصل به، فهذه تحرقُ الأثاثَ والمتاعَ والأبدانَ، وهذه تحرق القلوبَ والأديانَ [والإيمانَ](6).
(1) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(2)
رواه البخاري (3622) في (المناقب): علامات النبوة، و (4581) في (المغازي): في من قتل من المسلمين يوم أحد، و (7035) في (كتاب التعبير): باب إذا رأى بقرًا تنحر، ومسلم (2272) (كتاب الرؤيا): باب رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم، من حديث أبي موسى الأشعري، وفي الباب عن ابن عباس رواه أحمد (1/ 271) وغيره.
(3)
في (ق) و (ك): "فالدنيا مزرعة الأعمال".
(4)
في (ق) بدلها: "سبحانه".
(5)
في (ق): "بها فيها".
(6)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
ومن ذلك تأويل النجوم بالعلماء والأشراف؛ لحصول هداية أهل الأرض بكل منهما، ولارتفاع الأشراف بين الناس كارتفاع النجوم.
ومن ذلك تأويلُ الغيثِ (1) بالرحمة والعلم والقرآن والحكمة وصلاح حال الناس.
ومن ذلك خروج الدم في التأويل يدل على خروج المال، والقَدْرُ المشترك أنَّ قِوامَ البدن بكل واحدٍ منهما.
ومن ذلك الحدَثُ في التأويل يدل على الحدث في الدين؛ فالحدث الأصغر ذَنْبٌ صغير، والأكبر ذنب كبير.
ومن ذلك أن اليهودية والنصرانية [في التأويل](2) بِدْعَة في الدين؛ فاليهودية تدل على فساد القَصْد واتباعِ غير الحق، والنصرانية تدل على فساد العلم والجهل والضلال.
ومن ذلك الحديدُ في التأويل وأنواع السلاح يدل على القوة والنصرة بحسب جوهر ذلك السلاح ومرتبته.
ومن ذلك الرائحة الطيبة تدلُّ على الثَّناء الحسن وطيب القول والعمل، والرائحة الخبيثة بالعكس، والميزان يدل على العدل، والجراد يدل على الجنود والعساكر والغَوْغاء (3) الذي يَموجُ بعضُهم في بعض، والنَّحلُ يدل على مَنْ يأكل طيبًا ويعمل صالحًا، والديك رجلٌ عالي الهمة بعيدُ الصيت، والحية عدو أو صاحب بدعة يهلك بسمِّه، والحشرات أوْغَاد (4) الناس، والخُلْد (5) رجل أعمى يتكفَّفُ الناسِ بالسؤال، والذِّئْبُ رجل غَشوم (6) ظلوم غادر فاجر، والثعلب رجل
(1) في (ق) و (ك)"العنب"!.
(2)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(3)
"الغوغاء": الجراد بعد أن ينبت جناحه، أو إذا انسلخ من الألوان وصار إلى الحمرة، [وهو] شيء يشبه البعوض [الهاموش]، و [هو] لا يعض؛ لضعفه، وبه سُمِّي الغوغاء من الناس. اهـ من (ح) و (ط)، ونحوه في (و) باختصار.
(4)
"جمع وغد": "الرجل الأحمق الدنيء الرذل"(و)، ونحوه في (ط)، وبنصه في (ح)، وزاد:"الذي يخدم بطعام بدنه".
(5)
"الخلد -بالضم-": الفأرة العمياء، وبفتح: أو دابة عمياء تحت الأرض تحب رائحة البصل والكراث، فإن وضع على حجره خرج له، فاصطيد. (ح)، ونحوه في (ط)، أما (و)؛ فاقتصر على قوله:"الغبرة والفأرة العمياء".
(6)
"الذي يخبط الناس، ويأخذ كل ما قدر عليه"(و).