الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[عنها](1) لكانت عفوًا، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم وقد سُئل عن الحج-:"أفي كُلِّ عام؟ فقال: لو قُلتُ نعم لوجبت، ذَرُوني ما تركتكم، فإنما هَلَكَ مَنْ كان قبلكم بكثرة مَسَائِلِهم (2) واخِتلافِهِم على أَنْبِيائِهم"(3)؛ ويدل على هذا التأويل حديثُ أبي ثعلبة [المذكور](4)"إن أعظم المسلمين في المسلمين جُرْمًا [من سَئل عن شيء لم يُحرّم، فحُرِّم من أجل مسألته"(5)]، ومنه الحديث الآخر:"إن اللَّه فَرَضَ فرائض فلا تضيِّعوها، وحد حدودًا فلا تَعْتَدُوها، وحَرَّم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمةً لكم [من] (6) غير نِسْيَانٍ فلا تبحثوا عنها"(7) وفُسِّرت بسؤالهم عن أشياء من الأحكام القدرية؛ كقول عبد اللَّه بن حُذَافة: "مَنْ أبي يا رسول اللَّه؟ "(8)، وقول آخر:"أيْنَ أبي (9) يا رسول اللَّه؟ " قال: "في النار"(10).
[توضيح معنى آية النهي عن السؤال]
والتحقيق أن الآية تعم النهيَ عن النوعين، وعلى هذا فقوله تعالى: {إِنْ تُبْدَ
(1) ما بين المعقوفتين من (ق).
(2)
في (ن): "فإنما أهلك الذين قبلكم كثرة مسائلهم".
(3)
أخرجه البخاري في "الصحيح"(كتاب العمرة): باب عمرة التنعيم، (3/ 606/ رقم 1785)، ومسلم في "صحيحه" (كتاب الحج): باب بيان الإحرام، وأنه يجوز إفراد الحج والتمتع والقران (2/ 883 - 884/ رقم 1216)، من حديث جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنه.
(4)
ما بين المعقوفتين سقط من (ن).
(5)
سيأتي تخريجه.
وبدل ما بين المعقوفتين في المطبوع و (ك): "الحديث"، اختصارًا له.
(6)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(7)
سيأتي تخريجه.
(8)
رواه البخاري (93) في (العلم) باب من برك على ركبتيه عند الإمام أو المحدث، و (540) في (مواقيت الصلاة): باب وقت الظهر عند الزوال، و (6362) في (الدعوات): باب التعوذ من الفتن، و (7089) في (الفتن): باب التعوذ من الفتن، و (7294) في (الاعتصام): باب ما يكره من كثرة السؤال، ومسلم (2359) في (الفضائل) باب توقيره صلى الله عليه وسلم وترك إكثار سؤاله، من حديث أنس بن مالك.
(9)
في (ق): "أنا" بدل "أبي"، وأشار في الهامش إلى أن في نسخة ما أثبتناه.
(10)
أخرجه مسلم، (كتاب الإيمان): باب بيان أن من مات على الكفر فهو في النار (1/ 191، رقم 203)، وأبو داود (كتاب السنة): باب في ذراري المشركين (4/ 191)، والجورقاني في "الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير"(1/ 232 - 233).
لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [إما](1) في أحكام الخلق والقدر، فإنه يسوءهم أن يبدوَ لهم [ما يكرهونه مما سألوا عنه، وإما في أحكام التكليف فإنه يسوءهم أن يبدوَ لهم](2) ما يشقُّ عليهم تكليفه مما سألوه عنه.
وقوله [تعالى](3): {وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ} فيه قولان:
أحدُهما: أنَّ القُرْآن إذا نَزَل بها ابتداءً بغير سؤال فسَألتُم عن تفصيلِها وعِلْمها أُبديَ لكم وبُيّنَ لكم، والمراد بحين النزول زمنه المتصل [به](4)، لا الوقت المقارن للنزول، وكأن في هذا إذنًا لهم في السؤال عن تَفْصيل المُنزَّل ومعرفته بعد إنزاله؛ ففيه رفعٌ لتوهُّمِ المَنْعِ من السؤال عن الأشياء مطلقًا.
والقول الثاني: أنه من باب التهديد والتحذير، أي [إن](5) سألتم عنها في وقتِ نُزولِ الوَحي جاءكم بيانُ ما سألتم عنه [ولا بد، وبَدا لكم ما يسُؤكم؛ (لأنه وقت وحي، فاحذروا أن يُوحيَ اللَّه إلى رسوله في بيان ما سألتم عنه ما](6) يسوءكم والمعنى: لا تتعرضوا للسؤال عما يسوءُكُم) (7) بيانُه، وإن تعرضتم له في زمن الوحي أُبديَ لكم.
وقوله: {عَفَا اللَّهُ عَنْهَا} أي: عن بيانها خبرًا وأمرًا، بل طوى بيانَها عنكم رحمةً ومغفرةً وحلمًا (8) واللَّه غفور حليم.
فعلى القول الأول: عفا اللَّه عن التكليف بها تَوْسِعَةَ عليكم، وعلى القول الثاني: عفا اللَّه عن بيانها لئلا يسوءكم بيانها (9).
وقوله: {قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ (102)} أراد نوع تلك المسائل، لا أعيانها، أي قد تعرَّضَ قوم من قبلكم لأمثال هذه المسائل، فلما بُيِّنَت لهم كفروا بها، فاحذروا مشابهتَهُم والتعرُّضَ (10) لما تعرضوا له.
ولم ينقطع حكم هذه الآية، بل [لا ينبغي للعبد أن يتعرض للسؤال](11) عما
(1) في (ق): "ما".
(2)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(3)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(4)
ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ك) و (ق).
(5)
بدل ما بين المعقوفتين في المطبوع و (ن): "ما" وسقط من (ك).
(6)
بدل ما بين المعقوفتين في المطبوع و (ن): "بما" ووقع في (ق): "مما يسؤكم والمعنى".
(7)
ما بين الهلالين سقط من (ك).
(8)
في (ك) و (ق): "وحكمة".
(9)
في (ق) و (ك): "لئلا يسؤكم شأنها".
(10)
في (ق): بعد هذه الكلمة: "والتعرض".
(11)
العبارة في (ق): "بل ينبغي ألّا يتعرض للسؤال".