الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقالت طائفة من أهل العلم: مَنْ أداه اجتهادهُ إلى رأي رآه ولم تَقُمْ عليه حجة فيه بعد فليس مذمومًا (1)، بل هو معذور، خالفًا كان أو سالفًا، ومَنْ قامت عليه الحجة فعانَدَ وتمادى على الفتيا برأي إنسان بعينه، فهو الذي يَلْحَقه الوعيد؛ وقد رُوِّينا في "مسند عَبْد بن حُمَيدَ" (2): ثنا عبد الرزاق: ثنا سفيان الثوري، عن عبد الأعلى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من قال في القرآن برأيه فَلْيَتَبَؤَأ مَقْعَدَه من النار"(3).
فصل فيما روي عن صِدِّيقِ الأمة وأعلمها من إنكار الرأي
روينا عن عَبْد بن حُمْيد: ثنا أبو أسامة، عن نافع، عن عمر الجُمحيّ، عن ابن أبي مليكة قال: قال أبو بكر [رضي الله عنه](4): أيُّ أرضٍ تُقِلني، وأيُّ سماء تُظِلني
(1) في (ق): "فليس هذا مذمومًا".
(2)
في (و): "عبيد بن حميد"!!
(3)
أخرجه الترمذي في "الجامع"(برقم 12950 و 4023) -وأحمد (1/ 233 و 269 و 323)، والنسائي في "الكبرى"(8085)، وأبو داود في رواية ابن العبد، كما في "تحفة الأشراف"(4/ 423) -، والطبري (1/ 34) والطبراني في "الكبير"(12392)، والبغوي (118) وابن بطة في "الإبانة"(رقم 799) من طريق عبد الأعلى الثعلبي به وحسنه الترمذي وصححه ابن القطان، لكن فيه عبد الأعلى بن عامر الثعلبي ضعفه أحمد وأبو زرعة وقال: ربما رفع الحديث وربما وقفه، وقال أبو حاتم: ليس بقوي، وقال النسائي: ليس بالقوي ويكتب حديثه، وبالجملة فكلمة أهل الجرح والتعديل على تضعيفه، ومما يدل على ضعفه أنه اضطرب فيه فرواه مرفوعًا، ورواه موقوفًا -كما سيأتي.
وله شاهد لا يفرح به عن جندب بن عبد اللَّه البجلي مرفوعًا بلفظ: "من قال في القرآن برأيه فأصاب، فقد أخطأ".
أخرجه الترمذي في "الجامع"(أبواب التفسير): باب في الذي يفسر القرآن برأيه، (5/ 200/ رقم 2952)، وأبو داود في "السنن" (كتاب العلم): باب الكلام في كتاب اللَّه بغير علم، (3/ 320/ رقم 3652)، والنسائي في "فضائل القرآن"(رقم 111)، وأبو يعلى في "المسند"(3/ 90/ رقم 1520)، و"المفاريد"(رقم 32)، وابن بطة في "الإبانة"(2/ 614 رقم 798).
وإسناده ضعيف -أيضًا-؛ فيه سهيل بن أبي حزم ليس بالقوي، قال الترمذي:"وقد تكلم بعض أهل الحديث في سهيل بن أبي حزم" اهـ.
وانظر: "الإيمان"(ص 273) لابن تيمية، و"شرح العقيدة الطحاوية"(167)، و"رفع الأستار"(111).
(4)
سقط من (ق).
إن (1) قلت في آيةٍ من كتاب اللَّه برأيي، أو بما لا أعلم (2).
(1) في (ق): "إذا".
(2)
له طرق كثيرة متعددة عن أبي بكر، وهي لا تخلو من كلام أو انقطاع، ولكنه بمجموعها يصل إلى درجة الحسن -إن شاء اللَّه تعالى-، كما قال الحافظ ابن حجر وغيره، وهذا التفصيل:
أخرجه مسدد في "مسنده" كما في "المطالب العالية"(ق 135/ ب و 3/ 300/ رقم 3527 المطبوعة) من طريق عبد اللَّه بن مرة، والطبري في "تفسيره"(1/ 78/ رقم 78، 79) من طريق إبراهيم النخعي، وعبد اللَّه بن مرة، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم"(2/ 833 - 834/ رقم 1561 - ط الجديدة) من طريق إبراهيم النخعي عن أبي معمر عن أبي بكر به.
وإسناده منقطع، أبو معمر هو عبد اللَّه بن سَخْبَرة الأزدي، لم يسمع من أبي بكر، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور"(6/ 317)، وابن حجر في "الفتح"(13/ 271) لعبد بن حميد من طريق النخعي عن أبي بكر -من غير ذكر أبي معمر-، قال ابن حجر:"وهذا منقطع بين النخعي والصديق".
قال ابن عبد البر عقبه: "وذكر مثل هذا عن أبي بكر الصديق: ميمون بن مهران، وعامر الشعبي، وابن أبي مليكة".
قلت: أخرجه من طريق ابن أبي مليكة: سعيد بن منصور في "سننه"(1/ 168/ رقم 39 - ط الجديدة) -ومن طريقه البيهقي في "المدخل"(رقم 792) - بإسناد صحيح إلى ابن أبي مليكة، وهو لم يسمع من أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
وأخرجه من طريق الشعبي: ابن أبي شيبة في "المصنف"(10/ 512/ رقم 10152)، والخطيب في "الجامع"(2/ 193/ رقم 1585)، وروايته عن أبي بكر مرسلة، وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(رقم 824 وص 227 - ط غاوجي)، وابن أبي شيبة في
"المصنف"(10/ 513/ رقم 10156)، وعبد بن حميد في "تفسيره"، ومن طريقه الثعلبي في "تفسيره"، قاله الزيلعي في "تخريج أحاديث الكشاف"(4/ 158) بإسناد صحيح إلى العوام بن حوشب، عن إبراهيم التيمي به.
والعوام ثقة ثبت؛ فإسناده صحيح إلا أنه منقطع بين التيمي وأبي بكر؛ كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مقدمة أصول التفسير"(ص 108)، و"مجموع الفتاوى"(13/ 372)، والزيلعي في "تخريج أحاديث الكشاف"(4/ 158)، وابن كثير في "تفسيره"(1/ 5، 4/ 473)، وابن حجر في "الفتح"(13/ 271).
وأخرجه البيهقي في "الشعب"(5/ 288/ رقم 2082) من طريق علي بن زيد بن جدعان عن القاسم بن محمد أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه. . . وذكر نحوه.
وإسناده ضعيف، فيه ابن جدعان وهو ضعيف، والقاسم بن محمد روايته عن جده مرسلة؛ كما قال العلائي في "جامع التحصيل"(ص 310).
والأثر بمجموع هذه الطرق لا ينزل عن مرتبة الحسن؛ فقد ساقه ابن حجر في "الفتح" من طريق التيمي والنخعي، وأعَّلهما بالانقطاع، وقال:"لكن أحدهما يقوّي الآخر".