الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والسلامة من شرٍّ [وضيق](1) هو فيه وعلى تَوْبة، ولا سيما إنْ كان الخروجُ إلى فضاء وسَعَة فهو خيرٌ محض، والسفرُ والنقلةُ من مكان إلى مكان انتقالٌ من حال إلى حال بحسب حال المكانين، ومن عاد في المنام إلى حال كان فيها في اليقظة عاد إليه ما فارقه من خير أو شر، وموت الرجل ربما دلَّ على توبته ورجوعه إلى اللَّه، لأنَّ الموت رجوع إلى اللَّه، قال تعالى:{ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ} [الأنعام: 62] ، والمرهون مأسور بدَيْن، أو بحقٍّ عليه للَّه أو لعبيده (2)، ووَدَاعُ المريض أهله أو توديعهم له دالٌّ على موته.
[أمثال القرآن أصول وقواعد لعلم التعبير]
وبالجملة فما تقدم من أمثال القرآن كلها أصول وقواعد لعلم التعبير لمن أحسن الاستدلالَ بها، وكذلك مَنْ فهم القرآن فإنه تُعبَّر به الرؤيا أحسنَ تعبير، وأصول التعبير الصحيحة إنما أُخذت من مشكاة القرآن (3)، فالسفينة تعبر بالنجاة، لقوله تعالى:{فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ} [العنكبوت: 15]، وتعبر بالتجارة، والخشب بالمنافقين، والحجارة بقساوة القلب (4)، والبَيْض بالنساء، واللباس أيضًا بهنّ، وشرب الماء بالفتنة، وأكل لحم الرجل بغيبته، والمفاتيح بالكسب، والخزائن والأموال، والفتح يُعبَّر مرة بالدعاء ومرة بالنصر، وكالمَلِك (5) يُرى في محلَّةٍ لا عادةَ له بدخولها يعبر بإذلال أهلها وفسادها، والحبل يُعبَّر بالعهد والحق والعضد (6)، والنعاس قد يعبر بالأمن، والبقل والبصل والثوم والعدس يُعبَّر لمن أخذه بأنه قد استبدل شيئًا أدنى بما هو خير منه من مال أو رزق أو علم أو زوجة أو دار، والمرض يعبر بالنفاق والشك وشهوة الرياء (7)، والطفل الرضيع يعبر بالعدو، لقوله تعالى:{فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} [القصص:
(1) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(2)
في (ق): "لعبده".
(3)
الأصول السابقة واللاحقة في التعبير تجدها عند البغوي في "شرح السنة"(12/ 214 وما بعد) والمصنف في "زاد المعاد"(2/ 336 و 3/ 614 - 616)، و"الذيل على طبقات الحنابلة"(2/ 337)، و"الآداب الشرعية"(3/ 433 - ط شعيب)، و"أبجد العلوم"(2/ 170) وما يخص الحيوانات في "حياة الحيوان الكبرى" للدّميري في حروف أسمائها، وهو مرتب على حروف المعجم.
(4)
في (ق): "القلوب".
(5)
في (ق): "وكالمحلة"، وأشار في الهامش إلى ما أثبتناه.
(6)
في (ق): "والقصد".
(7)
في (ق) و (ك): "وشهوة الزنا".
8]، والنعاج بالنساء (1)، والرماد بالعمل الباطل؛ لقوله [تعالى] (2):{مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ} [إبراهيم: 18]، والنور يُعبَّر بالهدى، والظلمة بالضلال، ومن ههنا قال عمر بن الخطاب (3) لحابس بن سعد الطائي وقد ولاه القضاء، فقال له: يا أمير المؤمنين! أني رأيت الشمس والقمر يقتتلان، والنجوم بينهما نصفين، فقال عمر: مع أيهما كنتَ؟ قال: مع القمر على الشمس، قال: كنتَ مع الآية الممْحُوَّة، اذهب فلست تعمل لي عملًا، ولا تُقْتَل إلا في لَبْس من الأمر، فقتل يوم صفين (4). وقيل لعابر: رأيت الشمس والقمر دخلا في جوفي، فقال: تموت، واحتج بقوله [تعالى] (5):{فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9) [يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ]} (6)[القيامة: 7 - 10] وقال رجل لابن سيرين: رأيت معي أربعة أرغفة حين طلعت الشمس (7)، فقال: تموت إلى أربعة أيام، ثم قرأ قوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا
(1) في المطبوع: "والنكاح بالبناء"، وفي (ق):"والنكاح بالنساء".
(2)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(3)
في (ق) بعدها: "رضي الله عنه".
(4)
حكاه أبو سعد الواعظ في كتابه "تفسير الأحلام الكبير"(262)، وأفاد صاحبه أن القصة وقعت لقاضي حمص مع عمر، وفي آخرها:"وصرفه عن عمل حمص؛ فقضى أنه خرج مع معاوية إلى صفّين؛ فقتل"، ثم ظفرتُ به مسندًا؛ فعزاه الحافظ ابن كثير في "مسند الفاروق"(2/ 548) إلى أبي يعلى، قال: حدثنا غسان بن الربيع، عن حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن مُحارب بن دثار عن عمر به؛ ثم ظفرت به من طريق حماد عند ابن أبي الدنيا في "الإشراف"(رقم 255).
ورجال اسناده ثقات؛ إلا أن إسناده ضعيف، حماد سمع من عطاء قبل اختلاطه وبعده، ولم يتميز حديثه فترك، وفي سماع محارب من عمر نظر، انظر ترجمة (محارب) في "تهذيب الكمال"(27/ 255)، وتابع حمادًا ابن فضيل، وعنه ابن أبي شيبة في "المصنف"(7/ 241 - ط دار الفكر)، ولكن فيه:"عن عطاء؛ قال: حدثني غير واحد أن قاضيًا من قضاة أهل الشام أتى عمر بن الخطاب؛ فقال. . . " وذكر نحوه، ولم يعزه في "كنز العمال"(11/ 349 / رقم 21709) إلا له.
فائدة: طبع كتاب "تفسير الأحلام الكبير" منسوبًا لابن سيرين وهو خطأ، وصوابه أنه لأبي سعد الواعظ، وكنت نفيت صحة نسبته لابن سيرين في كتابي:"كتب حذر منها العلماء"(2/ 275 وما بعدها)، وسردت أدلة على ذلك، ووقفت فيما بعد على اسم مؤلفه، وهو ممن يروي عن ابن جُميع الصيداوي وطبقته.
(5)
ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(6)
انظر "تفسير الأحلام الكبير"(262) لأبي سعد الواعظ، وما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(7)
في المطبوع: "أربعة أرغفة خبز، فطلعت الشمس".