الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هُوَ ثِقَتُنَا حِينَ يَسوءُ ظَنُّنَا بأَعْمَالِنَا، وَالحَمْدُ للَّه الَّذِي هُوَ رَجَاؤُنَا حِينَ تَنْقَطعُ الحيَلُ عَنَّا.
(362)
يَحْيَى عليه السلام
492 -
قَالَ التِّرْمِذِي فِي "سُنَنِهِ":
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ، أَنَّ أَبَا سَلَّامٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ الحَارِثَ الْأَشْعَرِيَّ حَدَّثَهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ يَعْمَلَ بهَا، وَيَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا، وَإِنَّهُ كَادَ أَنْ يُبْطِئَ بِهَا. فَقَالَ عِيسَى: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَكَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ لِتَعْمَلَ بِهَا، وَتَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهَا، فَإِمَّا أَنْ تَأْمُرَهُمْ، وِإمَّا أَنْ آمُرَهُمْ. فَقَالَ يَحْيَى: أَخْشَى إِنْ سَبَقْتَنِي بِهَا أَنْ يُخْسَفَ بِي، أَوْ أُعَذَّبَ. فَجَمَعَ النَّاسَ فِي بَيْتِ المقْدِسِ، فَامْتَلَأَ المسْجِدُ وَتَعَدَّوْا عَلَى الشُّرَفِ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّه أَمَرَنِي بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ أَعْمَلَ بِهِنَّ، وَآمُرَكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِهِنَّ: أَوَّلُهُنَّ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّه وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَإنَّ مَثَلَ مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بِذَهَبٍ أوْ وَرِقٍ، فَقَالَ: هَذِهِ دَارِي، وَهَذَا عَمَلِي، فَاعْمَلْ وَأَدِّ إِلَيَّ، فَكَانَ يَعْمَلُ وَيُؤَدِّي إِلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ، فَأَيُّكُمْ يَرْضَ أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ كَذَلِكَ، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِالصَّلَاةِ، فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلَا تَلْتَفِتُوا فَإِنَّ اللَّه يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ، وَآمُرُكُمْ بِالصِّيَامِ، فَإِنَّ مَثَلَ
(362)
"منكر"
"الفرج بعد الشدة"(1/ 107)، وأخرجه ابن عساكر (8/ 32) من طريق ابن أبي الدنيا.
وإسناده ضعيف؛ الأجلح الكندي ضعفه أكثر أهل العلم، وشيخ ابن أبي الدنيا شك في روايته عن شيخه، وأثبت واسطة بينهما ولم يسمه، ثم إن الحديث من كتب بني إسرائيل.
ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ فِي عِصَابَةٍ مَعَهُ صُرَّةٌ فِيهَا مِسْكٌ، فَكُلَّهُمْ يَعْجَبُ أَوْ يُعْجِبُهُ رِيحُهَا، وَإِنَّ رِيحَ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ المسْكِ، وَآمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ، فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ فَأَوْثَقُوا يَدَهُ إِلَى عُنُقِهِ، وَقَدَّمُوهُ لِيَضْرِبُوا عُنُقَهُ، فَقَالَ: أَنَا أَفْدِيهِ مِنْكُمْ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، فَفَدَى نَفْسَهُ مِنْهُمْ، وَآمُرُكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا اللَّهَ، فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ خَرَجَ الْعَدُوُّ فِي أَثَرِهِ سِرَاعًا، حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى حِصْنٍ حَصِينٍ فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ مِنْهُمْ، كَذَلِكَ الْعَبْدُ لَا يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنْ الشَّيْطَان إِلَّا بِذِكْرِ اللَّهِ. قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: وَأَنَا آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ اللَّهُ أَمَرَنِي بِهِنَّ: السَّمْعُ، وَالطَّاعَةُ، وَالجهَادُ، وَالْهِجْرَةُ، وَالجمَاعَةُ، فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الجمَاعَةَ قَيْدَ شِبْرٍ، فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ، وَمَنْ ادَّعَى دَعْوَى الجاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُ مِنْ جُثَا جَهَنَّمَ". فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ؟! قَالَ:"وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ، فَادْعُوا بِدَعْوَى اللَّهِ الَّذِي سَمَّاكُمْ المُسْلِمِينَ المُؤْمِنِينَ عِبَادَ اللَّهِ".
(363)
493 -
قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي "تَارِيخِ دِمِشْقَ":
(363)
"حديث صحيح جليل"
"جامع الترمذي"(2863)، وأخرجه الإمام أحمد في "مسنده"(4/ 130)، والطيالسي في "مسنده"(1161)، وابن خزيمة (930، 1895)، وابن حبان (6233) في "صحيحيهما"، والطبراني في "الكبير"(3/ 285 - 289 أرقام 3427 - 3430)، والآجري في "الشريعة"(7)، والحاكم في "المستدرك"(1/ 117 - 118)، وقال: هذا حديث صحيح على ما أصلناه في الصحابة. وفي موضع آخر (1/ 236) قال: هذا الحديث على شرط الأئمة، صحيح محفوظ. وذكره شهاب الدين المقدسي في "مثير الغرام"(ق 46)، وغيرهم، كلهم عن يحيى بنحوه.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب؛ قال محمد بن إسماعيل: الحارث الأشعري له صحبة، وله غير هذا الحديث.
قلت: وصححه أيضًا ابن خزيمة في "صحيحه"(930)، والألباني رحمه الله في "صحيح الجامع"(1724)، وقال ابن القيم رحمه الله في "الوابل الصيب" (ص 17): هذا الحديث العظيم الشأن الذي ينبغي لكل مسلم حفظه وتعقله، واللَّه أعلم.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ نَصْرُ اللَّهُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ وَأَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ الحسَينِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَحْمَدَ، قَالَا: نَا أَبُو الْفَتْحِ نَصْرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الزَّاهِدُ، أَنَا أَبُو الحسَنِ صَادِقُ بْنُ خَلَفِ بْنِ كفيلٍ الْأَنْصَارِي، نَا أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ بَيْهَقٍ، نَا أَبُو الْوَلِيدِ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ معتبٍ، نَا خَلَفُ بْنُ مُحَمَّدٍ المؤَدَّبُ، نَا أَبُو مَطَرٍ الْقَاضِي، نَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خُزَيْمَةَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْأَزْدِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيْوبَ، عَنْ عُبْيدِ اللَّهِ بْنِ زَحْر، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ، قَالَ: دَخَلَ يَحْيَى بْنُ زَكَريا عليه السلام بَيْتَ المقْدِسِ، فَرَأَى المتَعبِّدينَ قَدْ لَبِسُوا الشَّعْرَ، وَبَرَانِسَ الصُّوفِ، وَنَظَرَ إِلَى مُجْتَهِديهِمْ، فَقَدْ خَرَّقُوا التَّواقِي، وَسَلَكُوا فِيهَا السَّلَاسِلَ، وَشَدُّوهَا إِلَى حَنَايا
(364)
بَيْتِ المقْدِسِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى ذَلِكَ مِنْهُمْ هَالَهُ ذَلِكَ مِنْهُمْ، وَرَجَعَ إِلَى أَبَويْهِ فَمَرَّ بصِبْيانٍ يَلْعَبُونَ، فَقَالُوا: يَا يَحْيَى، هَلُمَّ فَلْنَلْعَب. فَقَالَ: إِنِّي لَمْ أُخْلَقُ لِلَّعِبِ. فَأَتَى أَبَوَيْهِ فَسَألَهمَا أَنْ يَدْرَعَاهُ الشَّعْرَ فَفَعَلَا، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بَيْتِ المقْدِسِ فَكَانَ يَخْدِمُهُ نَهَارًا، وَيَسْرَحُ فِيهِ لَيْلًا حَتَّى أَتَتْ عَلَيْهِ خَمْسَةَ عَشَرَ حَجَّةً، فَأَتَاهُ الخرَفُ
(365)
، فَسَاحَ وَلَزِمَ أَطْرَافَ الْأَرْضِ وَغِيرانَ الشِّعَابِ، وَخَرَجَ أَبَواهُ فِي طَلَبِهِ، فَوَجَدَاهُ حِينَ نَزَلَا مِنْ جِبَالِ البَثَنيّةِ عَلَى بُحَيْرَةِ الْأُرْدنِ، وَأَدْرَكَاهُ وَقَدْ قَعَدَ عَلَى شَفِيرِ الْبُحَيْرَةِ، وَنَقَعَ قَدَمَيْهِ فِي الماءِ، وَقَدْ كَادَ الْعَطَشُ أَنْ يَذْبَحَهُ وَهُوَ يَقُولُ: وَعِزَّتُكَ لَا أَشْرَبُ بَارِدَ الشَّرابِ حَتَّى أَعْلَمَ أَيْنَ مَكَانِي مِنْكَ؟ فَسَأَلَهُ أَبَواهُ أَنْ يَأْكُلَ قُرْصًا كَانَ مَعَهُمَا مِنْ شَعيرٍ،
(364)
حَنَا الشيءَ حَنْوًا وحَنْيًا، وحَنَّاهُ عَطَفه، قال يزيد بن الأعور: الشني يدق حنو القتب المحنا إذا علا صوانه أرنا والانحناء الفعل اللازم، وكذلك التحني وانحنى الشيء انعطف، وانحنى العود وتحنى انعطف. انظر "لسان العرب": حنا.
(365)
الخَرَفُ: هو فساد العقل من الكبر، وقد خرف الرجل بالكسر يخرف خرفًا فهو خرف: فسد عقله من الكبر، والأنثى خرفة، وأخرفه الهرم. انظر "لسان العرب": خرف.