الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
انْطَلِقْ. فَانْطَلَقَا إِلَى الْأَجْذَمِ، فَقَالَ لَهُ الأَجْذَمُ: إِنِّي حَائِضٌ، وَإِنِّي لَا أقْضِي بَيْنَ أَحَدٍ. فَقَالَ لَهُ الملَكُ: وَتَحِيضُ الرِّجَالُ؟! قَالَ: فَقَالَ لَهُ: أَوَتَلِدُ الفَرَسُ عِجْلًا؟! قَالَ: فَمَسَحَ الملَكُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَيَدِه وَمَذَاكِرِهِ، فَإِذَا هُوَ كَمَا كَانَ.
(572)
60 -
عُبَّادُ بَنِي إِسْرَائِيلَ.
536 -
قَالَ: ابْنُ المرَجَّا فِي "فَضَائِلِ بَيْتِ المقْدِسِ":
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَرَجِ، قَالَ: أَبَنَا عِيسَى، قَالَ: أَبَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الجنَيدِ، قَالَ: أَبَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الكَرِيمِ، قَالَ: أَبَنَا جَعْفَرُ، قَالَ: قِيلَ لفرقدٍ السَّبْخِي: أَخْبِرْنَا بِأَعْجَبِ شيءٍ بَلَغَكَ عَنْ عُبَّادِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ دَخَلَ بَيْتَ المقْدِسِ خَمَسُمِئَةِ عَذْرَاءَ لِبَاسُهُنَّ الصُّوفُ، فَذَكَرْنَ ثَوَابَ اللَّهِ وَعِقَابَهُ، فَمُتْنَ جَمِيعًا.
(573)
بَابُ مَنْ أَحَبَّ الدَّفْنَ في الأَرْضِ المقَدَّسَةِ أَوْ نَحْوِهَا
537 -
قَالَ البُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ":
حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: أُرْسِلَ مَلَكُ الموْتِ إِلَى مُوسَى عليهما السلام، فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ، فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ، فَقَالَ: أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَا يُرِيدُ الموْتَ، فَرَدَّ اللَّهُ
(572)
"من أحاديث بني إسرائيل"
"فضائل بيت المقدس"(ص 254 - 256).
وهو من الإسرائيليات، وقد سبق تفصيل ذلك وحكمه.
(573)
"من الإسرائيليات"
"فضائل بيت المقدس"(ص 257)، وذكره المقدسي في "مثير الغرام"(ق 17 أ)، ومجير الدين الحنبلي في "الأنس الجليل"(1/ 116).
وهو بلاغ كما ترى، كما أن جعفرًا هذا لعله لم يسمعه من فرقد، كما هو الظاهر من السياق.
عَلَيْهِ عَيْنَهُ
(574)
وَقَالَ: ارْجعْ فَقُلْ لَهُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ؛ فَلَهُ بِكُلِّ مَا غَطَّتْ بِهِ
(574)
اعترض بعض الملاحدة ومن كان على شاكلتهم في رد هذا الحديث لمَّا خالف عقولهم السقيمة، وقد انبرى العلماء قديمًا لدحض هذه الشبهة وبيان سقوطها.
ومن ذلك ما قاله الحافظ في "الفتح"(6/ 510): والجواب أن اللَّه لم يبعث ملك الموت لموسى وهو يريد قبض روحه حينئذ؛ وإنما بعثه إليه اختبارًا، وإنما لطم موسى ملك الموت؛ لأنَّهُ رأى آدميَّا دخل داره بغير إذنه، ولم يعلم أنه ملك الموت، وقد أباح الشارع فقء عين الناظر في دار المسلم بغير إذن، وقد جاءت الملائكة إلى إبراهيم وإلى لوط في صورة آدميين فلم يعرفاهم ابتداء، ولو عرفهم إبراهيم لما قدم لهم المأكول، ولو عرفهم لوط لما خاف عليهم من قومه، وعلى تقدير أن يكون عرفه؛ فمن أين لهذا المبتدع مشروعية القصاص بين الملائكة والبشر؟! ثم من أين له أن ملك الموت طلب القصاص من موسى فلم يقتص له؟! ولخص الخطابي كلام ابن خزيمة وزاد فيه: أن موسى دفعه عن نفسه لما ركب فيه من الحدة، وأن اللَّه رد عين ملك الموت ليعلم موسى أنه جاءه من عند اللَّه؛ فلهذا استسلم حينئذ، وقال النووي: لا يمتنع أن يأذن اللَّه لموسى في هذه اللطمة امتحانًا للملطوم، وقال غيره: إنما لطمه لأنه جاء لقبض روحه من قبل أن يخيره، لما ثبت أنه لم يقبض نبي حتَّى يخير؛ فلهذا لمَّا خيره في المرة الثانية أذعن، قيل: وهذا أولى الأقوال بالصواب، وفيه نظر؛ لأنَّهُ يعود أصل السؤال، فيقال: لم أقدم ملك الموت على قبض نبي اللَّه وأخل بالشرط؛ فيعود الجواب أن ذلك وقع امتحانًا، وزعم بعضهم أن معنى قوله: فقأ عينه؛ أي أبطل حجته، وهو مردود بقوله في نفس الحديث: فرد اللَّه عينه، وبقوله: لطمه وصكه، وغير ذلك من قرائن السياق، وقال ابن قتيبة: إنما فقأ موسى العين التي هي تخييل وتمثيل وليست عينًا حقيقة، ومعنى رد اللَّه عينه: أي أعاده إلى خلقته الحقيقية، وقيل: على ظاهره، وردَّ اللَّه إلى ملك الموت عينه البشرية؛ ليرجع إلى موسي على كمال الصورة، فيكون ذلك أقوى في اعتباره، وهذا هو المعتمد، وجوز ابن عقيل أن يكون موسى أُذن له أن يفعل ذلك بملك الموت، وأُمر ملك الموت بالصبر على ذلك، كما أُمر موسى بالصبر على ما يصنع الخضر. اهـ.
وتكلم ابن خزيمة كلامًا شافيًا على الحديث، فقال كما نقله ابن بطال في "شرح البخاري" (3/ 322): قال أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة: أنكر بعض أهل البدع والجهمية هذا الحديث ودفعوه، وقالوا: لا يخلو أن يكون موسى عرف ملك الموت، أو لم يعرفه، فإن كان عرفه فقد ظلمه واستخف برسول اللَّه، ومن استخف برسول اللَّه فهو مستخف باللَّه، وإن كان لم يعرفه فرواية من روى أنه كان يأتي موسى عيانًا لا معنى لها. قال الجهمي: وزعمت الحشوية أن اللَّه لم يقاصص الملك من اللطمة وفقء العين، واللَّه تعالى لا يظلم أحدًا. قال ابن خزيمة: وهذا اعتراض من أعمى اللَّه بصيرته، ولم يبصره رشده، ومعنى =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الحديث صحيح على غير ما ظنهُ الجهمي، وذلك أن موسى عليه السلام لم يبعث اللَّه إليه ملك الموت، وهو يريد قبض روحه حينئذ، وإنما بعثه إليه اختبارًا وابتلاء، كما أمر اللَّه خليله إبراهيم بذبح ابنه، ولم يُرد تعالى إمضاء الفعل ولا قتل ابنه، ففداه بذبح عظيم {وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} (الصافات: 104 - 105) ولو أراد قبض روح موسى حين ألهم ملك الموت لكان ما أراد، لقوله تعالى:{إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (40)} (النحل: 40) وكانت اللطمة مباحة عند موسى إذا رأى شخصًا في صورة آدمي قد دخل عنده لا يعلم أنه ملك الموت، وقد أباح الرسول فقء عين الناظر في دار المسلم بغير إذن، رواه بشير بن نهيك، عن أبي هريرة؛ أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال:"من اطلع في دار قوم بغير إذن؛ ففقأ عينه فلا دية ولا قصاص". ومحال أن يعلم موسى أنه ملك الموت ويفقأ عينه، وكذلك لا ينظره إلا بعلمه، وقد جاءت الملائكةُ خليل اللَّه إبراهيم ولم يعرفهم في الابتداء حتَّى أعلموه نهم رسل ربهم، قال تعالى:{وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالبُشْرَى قَالُوا: سَلَامًا قَالَ: سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (69) فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} (هود: 69، 70) ولو علم إبراهيم في الابتداء أنهم ملائكةَ اللَّه لكان من المحال أن يقدم إليهم عجلًا؛ لأن الملائكة لا تطعم، فلما وجس منهم خيفة، قالوا: لا تخف إنا أُرسلنا إلى قوم لوط، وقد أخبر اللَّه أن رسله جاءت لوطًا فسيء بهم وضاق بهم ذرعًا، ومحال أن يعلم في الابتداء أنهم رسل اللَّه ويضيق بهم ذرعًا، أو يسيء بهم، وقد جاء الملك إلى مريم فلم تعرفه، واستعاذت منه، ولو علمت مريم في الابتداء أنه ملك جاء يبشرها بغلام يبرئ الأكمه والأبرص ويكون نبيًّا؛ ما استعاذت منه، وقد دخل الملكان على داود في شبه آدميين يختصمان عنده ولم يعرفهما، وإنما بعثهما اللَّه ليتعظ بدعو أحدهما على صاحبه، ويعلم أن الذي فعله لم يكن صوابًا؛ فتاب إلى اللَّه وندم، قال تعالى:{وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا} (ص: 24)، فكيف يُستنكر ألا يعرف موسى ملك الموت حين دخل عليه؛ وقد جاء جبريلُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وسأله عن الإيمان والإسلام في صورة لم يعرفه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه، فلما ولى أخبر النَّبِيّ أنه جبريل، وقال:"ما أتاني في صورة قط إلا عرفته، غير هذه المرة". وكان يأتيه في بعض الأوقات مرة في صورة، ومرة في صورة أخرى، وأخبر عليه السلام أنه لم ير جبريل في صورته التي خلق عليها إلا مرتين، وأما قول الجهمي: إن اللَّه لم يقاصص ملك الموت من اللطمة، فهو دليل على جهل قائله، ومن أخبره أن بين الملائكة وبين الآدميين قصاص؟! ومن أخبره أن ملك الموت طلب القصاص من موسى؟! فلم يقاصصه اللَّه منه، وقد أخبرنا اللَّه تعالى أن موسى قتل نفسًا، ولم يقاصص اللَّه منه لقتله، وقيل: إذا كانت اللطمة غير مباحة يكون حكمها على كل الأحوال حكم العمد؛ فيه القصاص، أو تكون في بعض الأحوال خطأ تجب فيه الدية على العاقلة، =
يَدُهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ. قَالَ: أَيْ رَبِّ ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ثُمَّ الموْتُ. قَالَ: فَالْآنَ. فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنْ الأَرْضِ المقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ
(575)
. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ عِنْدَ الكَثِيبِ
(576)
الأَحْمَرِ".
(577)
= وما الدليل أن فقء عي ملك الموت كان عمدًا فيه القصاص دون أن يكون خطأ، وهل تركُ القصاص من موسى لملك الموت لو كان فقأ عين الملك عمدًا، وكان حكم الملائكة مع بني آدم القصاص كحكم الآدميين، إلا كترك القصاص من موسى لقتيله، وكترك القصاص من أحد بني آدم لأخيه، وقد يأمر النَّبِيّ عليه السلام بالأمر على وجه الاختبار والابتلاء؛ لا على وجه الإمضاء لأمره، كما أمر عليه السلام بإقامة الحد على الرجل الذي زعمت المرأة أنه وطئها من غير إقرار الرجل، ولا إقامة بينة عليه، فبان للنبي في المتعفف من الوطء، وصح عنده أن الذي رمته به المرأة كان زنا، وهذا كأمر سليمان بن داود بقطع الصبي باثنين، وإنما أراد أن يختبر من أمُّ الصبي؛ لأن الأم أحنى على ولدها وأشفق، فلما رضيت إحداهما بقطع الصبي، ورضيت الأخرى بدفعه إلى الثانية؛ بان عنده وظهر أن أم الصبي اختارت حياة ابنها، وكذلك بعث اللَّه ملك الموت إلى موسى للابتلاء والاختبار، وقد أخبرنا نبينا عليه السلام أن اللَّه تعالى لم يقبض نبيًّا قط حتَّى يريه مقعده من الجنة ويخيره، فلا يجوز أن يؤمر ملك الموت بقبض روحه قبل أن يريه مقعده من الجنة، وقبل أن يخيره، واللَّه ولي التوفيق.
(575)
قال النووي في "شرح مسلم": سؤاله الإدناء من الأرض المقدسة فلشرفها، وفضيلة من فيها من المدفونين من الأنبياء وغيرهم، وقال بعض العلماء: إنما سأل الإدناء ولم يسأل نفس بيت المقدس؛ لأنَّهُ خاف أن يكون قبره مشهورًا عندهم فيفتتن به الناس، وفي هذا استحباب الدفن في المواضع الفاضلة، والمواطن المباركة، والقرب من مدافن الصالحين. اهـ.
وقال ابن بطال في "شرح البخاري"(3/ 325): معنى سؤال موسى أن يدنيه من الأرض المقدسة -واللَّه أعلم- لفضل من دُفن في الأرض المقدسة من الأنبياء والصالحين؛ فاستحب مجاورتهم في الممات كما يستحب جيرتهم في المحيا، ولأن الفضلاء يقصدون المواضع الفاضلة، ويزورون قبورها ويدعون لأهلها. قال المهلب: إنما سأل الدنو من الأرض المقدسة ليسهل على نفسه، وتسقط عنه المشقة التي تكون على من هو بعيد منها من المشي، وصعوبته عند البعث والحشر.
(576)
الكثيب من الرمل: القطعة تنقاد محدودبة، قيل: هو ما اجتمع واحدودب. "لسان العرب": كتب.
(577)
"صحيح متفق عليه"
"صحيح البخاري"(1339)، وأخرجه مسلم في "صحيحه"(2372/ 157 - 158)، والنسائي في =
538 -
قَالَ ابْنُ المرَجَّا فِي "فَضَائِلِ بَيْتِ المقْدِسِ":
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَرَجِ، ثَنَا عِيسَى، قَالَ: أَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: عُمَرُ بْنُ عَبْدوَيْه، قَالَ: أَبَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ المؤَذِّنُ، صَاحِبُ سَرِي السَّقَطِي، قَالَ: ثَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدٍ الأنْصَارِي، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ القُدُّوسِ بْنُ الحجَّاجِ الشَّامِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ كَعْبِ الأَحْبَارِ، قَالَ: أَوَّلُ مَنْ مَاتَ وَدُفِنَ فِي حُبْرَى سَارَة، دَفَنَهَا إِبْرَاهِيمُ عليه السلام وَهِيَ زَوْجَتُهُ، قَالَ: لمَّا مَاتَتْ خَرَجَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام يَطْلُبُ مَوْضِعًا لِقَبْرِهَا، فَرَجَا أَنْ يَجِدَ بَقُرْبِ حُبْرَى مَوْضِعًا، فَمَضَى إِلَى عَقْرُونَ، وَكَانَ ذَلِكَ مَلِكَ الموْضِعِ، وَكَانَ مَسْكَنُهُ حُبْرَى، فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: بِعْنِي مَوْضِعًا أُقْبِرُ فِيهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلي، فَقَالَ: قَدْ أَبَحْتُكَ، ادْفِنْ حَيْثُ شِئْتَ مِنْ أَرْضِي. فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام: إِنِّي لَا أُحِبُ إِلَّا بِالثَّمَنِ، فَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الشَّيْخُ الصَّالِحُ، ادْفِنْ حَيْثُ أَرَدتَّ، فَأَبَى عَلَيْهِ، وَكَانَ طَلَبَ المغَارَةَ، فَقَالَ: أَبِيعُكَ بِأَرْبَعِمِئَةِ دِرْهَمٍ فِي كُلِّ دِرْهَمٍ وَزْنُ خَمْسَةِ دَرَاهِمٍ، كُلُّ مِئَةٍ ضَرْبُ مَلِكٍ، وَأَرَادَ أَنْ يُشَدِّدَ عَلَيْهِ؛ لِكَيْ لَا يَجِدَ، فَيَرْجِعَ إِلَى قَوْلِهِ، فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، فَإِذَا جِبْرِيلُ عليه السلام فَقَالَ لَهُ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ سَمِعَ مَقَالَةَ هَذَا الجبَّارِ لَكَ، وَهَذِهِ الدَّرَاهِمُ فَادْفَعْهَا إِلَيْهِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام وَدَفَعَ إِلَيْهِ الدَّرَاهِمَ، فَقَالَ: يَا إِبْرَاهِيمُ، مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا؟ فَقَالَ: مِنْ عِنْدِ إِلَهِي وَرَازِقِي، فَأَخَذَ مِنْهُ الدَّرَاهِمَ.
وَحَمَلَ سَارَةَ إِلَى المغَارَةِ، فَدُفِنَتْ فِيهَا، ثُمَّ توفِيَّ إِبْرَاهِيمُ فَدُفِنَ بِحِذَائِهَا، ثُمَّ توفِيَّتْ ربقةُ زَوْجَة إِسْحَاقَ عليه السلام فَدُفِنَتْ فِيهَا، ثُم توفِيَّ إِسْحَاقُ عليه السلام فَدُفِنَ فِيهَا بِحِيالِ زَوْجِهِ، ثُمَّ تُوفِيَّ يَعْقُوبُ عليه السلام فَدُفِنَ عِنْدَ بَابِ المغَارَةِ، ثُمَّ توفِيَّتْ ليقَا
= "سننه"(2089)، وأحمد في "مسنده"(2/ 269)، وعبد الرزاق في "مصنفه"(20530)، وابن المرجا في "فضائل بيت المقدس"(ص 276)، كلهم من طريق عبد الرزاق به، وذكره السيوطي المنهاجي في "إتحاف الأخصا"(ق 35 أ).
فَدُفِنَتْ بحِذَاءِ يَعْقُوبَ.
فَاجْتَمَعَ أَوْلَادُ يَعْقُوبَ: العِيصُ وَإخْوَتُهُ، فَقَالُوا: نَدَعُ بَابَ المغَارَةِ مَفْتُوحًا، فَكُلُّ مَنْ مَاتَ مِنَّا دَفَنَّاهُ فِيهَا، فَتَشَاجَرُوا، فَرَفَعَ أَحَدُ إِخْوَةِ العِيصِ يَدَهُ فَلَطَمَ العِيصَ، فَسَقَطَ رَأسُهُ فِي المغَارَةِ، فَحَمَلُوا جُثَّتَهُ، وَدُفِنَ بِلَا رَأْسٍ، وَبَقِيَ الرَّأْسُ فِي المغَارَةِ، وسَدُّوا بَابَ المغَارَةِ، وَحَوَّطُوا عَلَى المغَارَةِ حَائِطًا، وَعَمَلُوا فِيهِ عَلَامَاتِ القُبُورِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ، وَكَتَبُوا عَلَيْهِ: هَذَا قُبْرُ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام هَذَا قَبْرُ سَارَةَ، هَذَا قَبْرُ إِسْحَاقَ، هَذَا قَبْرُ ربقةَ، هَذَا قَبْرُ يَعْقُوبَ، هَذَا قَبْرُ زَوْجَتِهِ ليقَا، وَخَرَجُوا عَنْهُ وَأطْبَقُوا بَابَهُ، فَكَانَ مَنْ جَازَ بِهِ يَطُوفُ لَا يَصِلُ إِلَيْهِ أَحَدٌ، حَتَّى جَاءَتِ الرُّومُ بَعْدَ ذَلِكَ فَفَتَحُوا لَهُ بَابًا، وَدَخَلُوا إِلَيْهِ، وَبَنَوا كَنِيسَةً.
(578)
539 -
قَالَ ابْنُ المرَجَّا فِي "فَضَائِلِ بَيْتِ المقْدِسِ":
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَرَجِ، قَالَ: أَنا عِيسَى، أَنَا عَلِيٌّ، ثَنَا القَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدٍ الزَّيَّاتُ، قَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الحسَينِ الدُّولَابِي، قَالَ: ثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ جَدِّي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الأزْهَرِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ كَعْبَ الأَحْبَارِ يَقُولُ: إِنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ لمَّا فَرَغَ مِنْ بِنَاءِ مَسْجِدِ بَيْتِ المقْدِسِ؛ أَوْحَى اللَّه تَعَالَى إِلَيْهِ أَنِ ابْنِ عَلَى قَبْرِ خَلِيلِي إِبْرَاهِيمَ بِنَاءً لِيُعْرَفَ بِهِ، فَخَرَجَ سُلَيْمَانُ فَبَنَى عَلَى مَوْضِعٍ يُسَمَّى الرَّامَةُ، فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ: لَيْسَ هُوَ هَذَا، وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى النُّورِ المتَدَلِّي مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ، فَنَظَرَ فَإِذَا النُّورُ عَلَى بُقْعَةٍ يُقَالُ لَهَا: حُبْرَى، فَعَلِمَ أَنَّ تِلْكَ
(578)
"من الإسرائيليات"
"فضائل بيت المقدس"(ص 462 - 463)، وذكره في "إتحاف الأخصا"(ق 51 أ)، و"الأنس الجليل"(1/ 42 - 43).
وهو من إسرائيليات كعب.
المقْصُودَةُ، فَبَنَى عَلَيْهِ حَيِّزًا عَلَى البُقْعَةِ.
(579)
540 -
قَالَ ابْنُ المرَجَّا فِي "فَضَائِلِ بَيْتِ المقْدِسِ":
أَخْبَرَنَا أَبُو مُسْلِمٍ، قَالَ: أَبَنَا عُمَرُ، قَالَ: أَبَنَا أَبِي، قَالَ: أَبَنَا الوَلِيدُ، قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي الضَّيْفِ، قَالَ: ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الكَرِيمِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ؛ أَنَّهُ سَمعَ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهِ يَقُولُ: قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ: مَا نَرَى الأَمْرَ إِلَّا فِي هَذِهِ العَصَا، وَلَوْ ذَهَبَتِ العَصَا مَا كَانَ مُوسَى نَبِيًّا؛ فَأَوْحَى اللَّه تَعَالَى إِلَيْهِ أَنْ هَؤلاءِ السُّفَهَاءُ يَرَوْنَ أَنَّ الأَمْرَ فِي العَصَا، فَمُرِ الحجَرَ أَمْرًا، فَغَضِبَ مُوسَى صلى الله عليه وسلم فَضَرَبَ الحجَرَ بِالعَصَا؛ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: يَا مُوسَى، لَعَمْرِي إِنْ عَصَيْتَنِي لَمِنَ العُصَاةِ أَنْتَ وَهُمْ وَلَدُوكَ، وَلَأُمِيتَنَّكَ مَعَهُمْ قَبْلَ أَنْ أُدْخِلَكَ الأَرْضَ المقَدَّسَةَ، قَالَ: يَا رَبِّ، أَوَلَيْسَ كُنْتَ وَعَدتَّنِي أَنْ تَمْلَأَ عَيْنِي مِنَ الأَرْضِ المقَدَّسَةِ؟ قَالَ: بَلَى سَأَفْعَلُ ذَلِكَ، قَالَ: وَكَيْفَ تَفْعَلُهُ يَا رَبِّ وَأَنا هَاهُنَا مَعَهُمْ؟! قَالَ: أَخْفِضُ مَا كَانَ مُرْتَفِعًا، وَأَرْفَعُ مَا كَانَ مُنْخَفِضًا حَتَّى تَرَاهَا، قَالَ: فَرَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى مَا كَانَ مُنْخَفِضًا، وَخَفَضَ مَا كَانَ مُرْتَفِعًا حَتَّى مَلأَ مُوسَى صلى الله عليه وسلم عَيْنَهُ مِنَ الأَرْضِ المقَدَّسَةِ وَرَآهَا.
(580)
541 -
قَالَ ابْنُ المرَجَّا فِي "فَضَائِلِ بَيْتِ المقْدِسِ":
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَرَجِ، قَالَ: أَنا عِيسَى، قَالَ: أَنا عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا القَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ
(579)
"من أحاديث بني إسرائيل"
"فضائل بيت المقدس"(ص 466)، وذكره ابن الجوزي في "تاريخ بيت المقدس"(ص 10)، والسيوطي في "إتحاف الأخصا"(ق 52 أ)، ومجير الدين في "الأنس الجليل"(1/ 55).
وهذا من إسرائيليات كعب.
(580)
"إسناده ضعيف وهو من الإسرائيليات"
"فضائل بيت المقدس"(ص 277)، وذكره شهاب الدين المقدسي في "مثير الغرام" (ق 43) مختصرًا. وفي إسناده: عمر بن الفضل، وأبوه الفضل؛ وهما مجهولان.