الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَشْرَبَ مِنْ ذَلِكَ الماءَ، فَفَعَلَ وَكَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ، وَرَدَّهُ أبَواهُ إِلَى بَيْتِ المقْدِسِ، وَكَانَ إِذَا قَامَ فِي صَلَاتِهِ يَبْكِي حَتَّى حَرَقَتْ دُمُوعُهُ لَحْمَ خَذَيْهِ، وَبَدَتْ أَضْراسُهُ، فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: يَا يَحْيَى، لَوْ أَذِنْتَ لِي أَنْ أَتَخِذَ لَكَ لَبْدًا
(366)
أَوَارِي بِهِ أَضْرَاسكَ عَنِ النَّاظِرينَ. قَالَ: أَنْتِ وَذَلِكَ. فَعَمَدَتْ إِلَى قِطْعَتِي لُبْدٍ فَأَلْصَقَتْهُمَا عَلَى خَدَّيْهِ، فَكَانَ إِذَا بَكَى اسْتَنْقَعَتْ دُمُوعُهُ فِي الْقِطْعَتَين، فَتَقُومُ إِلَيهِ أُمُّهُ فَتَعْصِرُهُمَا بَيَدَيْهَا، فَكَانَ إِذَا نَظَرَ إِلَى دُمُوعِهِ تَجْرِي عَلَى ذِرَاعَي أُمِّهِ، قَالَ: اللهُمَّ هَذِهِ دُمُوعِي، وَهَذِهِ أُمِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنْتَ أرْحَمُ الرَّاحِمينَ.
(367)
عِيسَى وَأُمُّهُ عليهما السلام
494 -
قَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِي فِي "السُّنَنِ الْوَارِدَةِ فِي الْفِتَنِ":
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّه بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَا بْنِ حَيْوَيه النَّيْسَابُورِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، عَنْ أَبِي الْوَاصِلِ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي تُقَاتِلُ عَنِ الحقِّ، حَتَّى
(366)
قطعة من اللبود وهو نوع من اللباس يضعه على وجهه. انظر لسان العرب: لبد.
(367)
"إسناده ضعيف ومتنه منكر"
"تاريخ دمشق"(19/ 53 - 54)، وذكره شهاب الدين المقدسي في "مثير الغرام"(ق 47)، وذكره أيضًا السيوطي المنهاجي في "إتحاف الأخصا"(ق 36 أ).
وإسناده ضعيف ومعضل؛ يزيد بن أبي منصور من التابعين، وقال النسائي: لا بأس به. والذي رواه لم يرفعه، والناظر فيه يرى أنه من كلام بني إسرائيل.
وعبيد اللَّه بن ذحر: ضعفه جماهير النقاد، وإن كان البخاري قد مشى حاله، فهو غير محتج به.
وقد روي هذا الأثر أيضًا عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، رواه ابن قتيبة الدينوري في "غريب الحديث"(1/ 444)، وفي الإسناد ابن لهيعة فلا يصح أيضًا.
يَنْزِلَ عِيسَى
(368)
ابْنُ مَرْيَمَ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِبَيْتِ المقْدِسِ، يَنْزِلُ عَلَى المهْدِيِّ،
(368)
ولد عيسى عليه السلام ببيت لحم قريبًا من بيت المقدس، وَزَعَمَ وهب بن منبه أنه ولد بمصر، وأن مريم سافرت هي ويوسف بن يعقوب النجار، وذكر وهب بن منبه أنه لما ولد خرت الأصنام يومئذ في مشارق الأرض ومغاربها، وأن الشياطين حارت في سبب ذلك، حتى كشف لهم إبليس الكبير أمر عيسى، فوجدوه في حجر أمه والملائكة محدقة به، وأنه ظهر نجم عظيم في السماء، وأن ملك الفرس أشفق من ظهوره، فسأل الكهنة عن ذلك؟ فقالوا: هذا لمولد عظيم في الأرض، فبعث رسله ومعهم ذهب ومر ولبان هدية إلى عيسى، فلما قدموا الشام سألهم ملكها عما أقدمهم فذكروا له ذلك، فسأل عن ذلك الوقت؟ فإذا قد ولد فيه عيسى ابن مريم ببيت المقدس واشتهر أمره بسبب كلامه في المهد، فأرسلهم إليه بما معهم، وأرسل معهم من يعرفه له ليتوصل إلى قتله إذا انصرفوا عنه، فلما وصلوا إلى مريم بالهدايا ورجعوا، قيل لها: إن رسل ملك الشام إنما جاءوا ليقتلوا ولدك، فاحتملته فذهبت به إلى مصر، فأقامت به حتى بلغ عمره اثنتي عشرة سنة، وظهرت عليه كرامات ومعجزات في حال صغره.
وقال إسحاق بن بشر: قال لنا إدريس عن جده وهب بن منبه، قال: إن عيسى لمَّا بلغ ثلاث عشرة سنة أمره اللَّه أن يرجع من بلاد مصر إلى بيت إيليا، قال: فقدم عليه يوسف ابن خال أمه فحملهما على حمار حتى جاء بهما إلى إيليا، وأقام بها حتى أحدث اللَّه له الإنجيل وعلمه التوراة، وأعطاه إحياء الموتى، وإبراء الأسقام، والعلم بالغيوب مما يدخرون في بيوتهم، وتحدث الناس بقدومه، وفزعوا لما كان يأتي من العجائب، فجعلوا يعجبون منه، فدعاهم إلى اللَّه ففشا فيهم أمره.
عن أبي سلمة سويد، عن بعض أصحابه، قال: صلى عيسى ببيت المقدس فانصرف، فلما كان ببعض العقبة عرض له إبليس فاحتبسه، فجعل يعرض عليه ويكلمه. . . إلخ
قال الحسن البصري ومحمد بن إسحاق: كان بعض الملوك الكفرة اسمه داود بن نورا فأمر بقتله وصلبه، فحصروه في دار ببيت المقدس وذلك عشية الجمعة ليلة السبت، فلما حان وقت دخولهم ألقي شبهه على بعض أصحابه الحاضرين عنده، ورفع عيسى من روزنة ذلك البيت إلى السماء، وأهل البيت ينظرون، ودخل الشرط فوجدوا ذلك الشاب الذي ألقي عليه شبهه فأخذوه ظانِّين أنه عيسى، فصلبوه ووضعوا الشوك على رأسه إهانة له، وسلَّم لليهود عامة النصارى الذين لم يشاهدوا ما كان من أمر عيسى أنه صلب، وضلوا بسبب ذلك ضلالًا مبينًا كثيرًا فاحشًا بعيدًا.
وقال الحسن البصري: كان عمر عيسى عليه السلام يوم رفع أربعًا وثلاثين سنة.
قيل: سمي المسيح لمسحه الأرض، وهو سياحته فيها وفراره بدينه من الفتن في ذلك الزمان؛ لشدة =
فَيُقَالُ لَهُ: تَقَدَّمْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَصَلِّ لَنَا، فَيَقُولُ: إِنَّ هَذِهِ الْأمَّةَ أمِينٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ لِكَرَامَتِهِمْ عَلَى اللَّهِ عز وجل".
(369)
495 -
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ فِي "تَفْسِيرِهِ":
حَدَّثَنِي المثَنَّى، قَالَ، ثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثَنَا (إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيم)
(370)
، قالَ: ثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِل، أَنَّهُ سَمعَ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ يَقُولُ: إِنَّ عِيسَى كَانَ عَلَى شَرِيعَةِ مُوسَى صلى الله عليه وسلم وَكَانَ يُسْبِتُ، ويَسْتَقْبِلُ بَيْتَ المقْدِسِ، فَقَالَ لِبَنِي إسْرَائِيلَ: إِنِي لَمْ أَدْعُكُمْ إِلَى خِلَافِ حَرْفٍ مِمَّا فِي التَّوْرَاةِ، إِلَّا لأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ، وَأَضَعُ عَنْكُمْ مِنَ الْآصَارِ.
(371)
.
(372)
= تكذيب اليهود له وافترائهم عليه وعلى أمه عليهما السلام، وقيل: لأنه كان ممسوح القدمين. "البداية والنهاية"(2/ 69 - 94).
(369)
"إسناده ضعيف"
"السنن الواردة في الفتن"(686).
وأبو الواصل لم أقف له على ترجمة، والحديث أخرجه مسلبم (156/ 247)، من حديث أبي الزبير عن جابر مرفوعًا، ولفظه:"لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة، قال: فينزل عيسى ابن مريم عليه السلام، فيقول أميرهم: تعال صل لنا. فيقول: لا إن بعضكم على بعض أمراء؛ تكرمة اللَّه هذ الأمة".
(370)
وقع في "التفسير": عبد الكريم. والمثبت هو الصواب.
(371)
الإِصْر: إثم العقد إذا ضيعه، وقال ابن شميل: الإصر العهد الثقيل، وما كان عن يمين وعهد فهو إصر، وقيل: الإصر الإثم والعقوبة، وتضييعه عمله، وأصله من الضيق والحبس، يقال: أصره يأصره إذا حبسه وضيق عليه. انظر "لسان العرب": أصر.
(372)
"إسناده جيد إلى وهب وهو من الإسرائيليات"
"تفسير الطبري"(3/ 281).
قلت: عبد الصمد بن معقل ثقة؛ وثقه ابن معين وغيره، وهو من رجال "التهذيب"، والراوي عنه هو ابن أخيه إسماعيل بن عبد الكريم، وسقط ذكر إسماعيل من نسخة التفسير، وقد وثقه ابن معين، وقال النسائي: ليس به بأس. وانظر "التهذيب".
496 -
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي "تَفسِيرِهِ":
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الحسَيْنِ، ثَنَا زُهَيْرُ بْنُ عَبَّادٍ الرُّؤَاسِيُّ، حَدَّثَنِي رُدَيْحُ بْنُ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ السَّيْبَانِيِّ، حَدَّثَهُ: أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رُفعَ مِنْ جَبَلِ طُورِ زِيتَا، قَالَ: بَعَثَ اللَّهُ رِيحًا فَخَفَقَتْ بِهِ حَتَّى هَرْوَلَ، ثُمَّ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ.
(373)
497 -
قَال ابْنُ المرَجَّا فِي "فَضَائِلِ بَيْتِ المقْدِسِ":
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَرَجِ، قَالَ: أَبَنَا عِيسَى، قَالَ: أَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: أَبَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْغَزِّيُّ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، قَالَ: ثَنَا مَالِكُ
= وإسحاق هو ابن الحجاج الطاحوني المقرئ، ترجم له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(2/ 217)، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، لكن نقل أنه روى عنه جماعة، وذكره السمعاني في "الأنساب"(5/ 25)، ونقل ما كتبه ابن أبي حاتم، وقد نقل عن أبي زرعة، قال: كتب عبد الرحمن الدشتكي تفسير عبد الرزاق، عن إسحاق بن الحجاج.
والمثنى هو ابن إبراهيم الآملي، وثقه ابن كثير في "تفسيره"، كما ذكر ذلك صاحب "المعجم الصغير" لرواة الطبري.
والإسناد محتمل للتحسين.
وإسحاق الطاحوني روى عنه جمع من الثقات، وروى تفسير عبد الرزاق، وهي رواية، وإن كان المشهور أن التفسير من رواية سلمة بن شبيب ومحمد بن حماد الطهراني، لكن يبقى الإشكال في وهب ابن منبه، ونقله عن عيسى مباشرة، وهذا من حديث بني إسرائيل التي أكثر منها وهب، ويكفي في هذا قول اللَّه تعالى في سورة آل عمران (50 - 51):{وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (50) إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} .
(373)
"إسناده حسن إلى أبي زرعة، وهو من الإسرائيليات"
"تفسير ابن أبي حاتم"(6243)، وأخرجه الواسطي في "فضائل البيت المقدس"(ص 55)، وابن المرجا في "فضائل بيت المقدس"(ص 324)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"(47/ 480 - 481)، كلهم من طريق زهير به، وذكره ابن منظور في "مختصر تاريخ دمشق"(3/ 401).
قلت: وإسناده حسن إلى يحيى بن أبي عمرو السيباني، لكن ما قاله لا دليل عليه من صحيح السنة، وربما أخذه من بني إسرائيل.
ابْنُ دِينَارٍ، قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ عِيسَى عليه السلام أَنَّهُ دَخَلَ مَسْجِدَ بَيْتِ المقْدِسِ وَبَنُو إِسْرَائِيلَ يَتَبَايَعُونَ فِيهِ، قَالَ: فَجَعَلَ ثَوْبَهُ مُخَرَّقًا، وَجَعَلَ يَضْرِبُهُمْ وَيُفَرِّقُهُمْ وَيَقُولُ: يَا بَنِي أَوْلَادِ الحيَّاتِ وَالْأَفَاعِي، اتَّخَذْتُمْ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَسْوَاقًا.
(374)
498 -
قَالَ أَبُو الحسَنِ الرَّبْعِيُّ فِي "فَضَائِلِ الشَّامِ وَدِمَشْقَ":
أَخْبَرَنَا تَمَّامُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الفَرَجِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بْنُ دُحَيْمٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا الوَلِيدُ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ حَسَّانِ بْنِ عَطِيَّةَ: أَنَّ مَلِكًا مِنْ مُلُوكِ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَضَرَهُ الموتُ، وَأَوْصَى بِالملْكِ لِرَجُلٍ حَتَّى يُدْرِكَ ابْنُهُ، فَكَانُوا يُؤَمِّلُونَ أَنْ يُدْرِكَ ابْنُهُ فُيُمَلِّكُونَهُ، وَيَكُونَ مَكَانَ أَبِيهِ، فَأُتِيَ عَلَيهِ وَقُبِضَ، قَالَ: فَجَزِعُوا عَلَيْهِ، فَلَمَّا خَرَجُوا لِجِنَازَتِهِ وَفِيهِمْ عَيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام دَنَا مِنْ أُمِّهِ فَقَالَ لَهَا: أَرَأَيْتِ إنْ أَحْيَيْتُ لَكِ ابْنَكِ أَتُؤْمِنِينَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَدَعَا اللَّهَ عز وجل، فَجَعَلَتْ أَكْفَانُهُ تَنْحَلُّ عَنْهُ حَتَّى اسْتَوَى جَالِسًا، فَقَالُوا: هَذَا عَمَلُ ابْنِ السَّاحِرَةِ، وَطَلَبُوهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى شِعْبِ النَّيْرَبِ فَاعْتَصَمَ مِنْهُمْ بِقَلْعَةٍ عَلَى صَخْرَة مُتَعَالِيَةٍ فِي الرَّبْوَةِ، فَأَتَاهُ إِبْلِيسُ، فَقَالَ: جئْتُكَ أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِنْ شَرِّ هَؤُلَاءِ، أَنْتَ لَمْ تُنَافِسْهُمْ فِي دُنْيَاهُمْ، وَلَا بِشِبْرٍ مِنَ الْأَرْضِ، صَنَعُوا بِكَ مَا صَنَعُوا، فَلَوْ أَلْقَيْتَ نَفْسَكَ فِي هَذَا المكَانْ فَتَلَقَّاكَ رُوحُ القُدُسِ، فَيَذْهَبَ بِكَ إلَى رَبِّكَ، فَتَسْتَرِيحَ مِنْهُمْ. فَقَالَ عِيسَى عليه السلام: يَا غَوِيُّ، الطَوِيلَ الْغِوَايَةِ، إِنِّي أَجِدُ فِيمَا عَلَّمَنِي رَبِّي أَلّا أُجَرِّبَ رَبِّي حَتَّى أَعْلَمَ أَرَاضٍ عَنِّيَ أَمْ سَاخِطٌ عَلَيَّ. قَالَ: وَزَجَرَهُ اللَّهُ عَنْهُ. قَالَ: فَأَقْبَلَتْ عَلَيْهِمْ أُمُّ الْغُلَامِ، فَقَالَتْ: يَا مَعْشَر بَنِي إِسْرَائِيلَ، كُنْتُمْ قَبْلُ
(374)
"منقطع"
"فضائل بيت المقدس"(ص 317 - 318)، وذكره المقدسي في "مثير الغرام"(ق 47 ب)، والسيوطي في "إتحاف الأخصا"(ق 100 ب).
وهو منقطع كما ترى؛ حدث به مالك بن دينار بلاغًا.
تَبْكُونَ وَتَشُقُّونَ ثِيَابَكُمْ جَزَعًا عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَحْيَاهُ اللَّهُ أَرَدْتُمْ قَتْلَهُ! قَالُوا: فَمَا تَأْمُرِينَا بِهِ؟ قَالَت: ائْتُوهُ فَآمِنُوا بِهِ. فَأْتُوهُ فَقَالُوا: خَصْلَةٌ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ، إِنْ أَنْتَ فَعَلْتَهَا آمَنَّا بِكَ وَاتَّبَعْنَاكَ. قَالَ: وَمَا هِي؟ قَالُوا: تُحْيِي لَنَا عُزَيْرًا. قَالَ: دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ. فَنَزَلَ يَمْشِىِ مَعَهُمْ حَتَّى انْتَهَوا بِهِ إِلَى قَبْرِهِ، قَالَ: فَنَزَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَدَعَا، فَجَعَلَ يَنْفَرِجُ عَنْهُ التُّرَابُ حَتَّى خَرَجِ قَدِ ابْيَضَّ نِصْفُ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: هَذَا فِعْلُكَ يَا ابنَ مَرْيَمَ. فَقَالَ: مَا أَصْنَعُ بِكَ، هَذَا فِعْلُ قَومِكَ، زَعَمُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ بِي وَلا يَتَّبِعُونِي حَتَّى أُحْيِيَكَ لَهُمْ، وَهَذَا فِي هُدَى قَومِكَ يَسِيرٌ. فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ يَعِظُهُمْ، وَيَأْمُرُهُمْ بِالِإيمَانِ وَاتبَاعِهِ، فَقَالَ لَهُ قَوْمُهُ: عَهِدْنَاكَ وَأَنْتَ أَسْوَدُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ فَالنِّصفُ مِنْ رَأْسِكَ قَد ابْيَضَّ؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ الصَّيْحَةَ فَظَنَنْتُهَا دَعْوَةُ الدَّاعِي، حَتَّى أَدْرَكَنِي مَلَكٌ فَقَالَ: إِنَّمَا هِيَ دَعْوَةُ ابْنِ مَرْيَمَ فَانْتَهَى الشَّيْبُ إِلَى مَا تَرَى.
(375)
499 -
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي "الزُّهْدِ":
أَخْبَرَنَا (غَوْثُ)
(376)
بْنُ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا الْهُذَيلِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَاهِبًا يَقُولُ: إِنَّ إِبْلِيسَ قَالَ لِعِيسَى عليه السلام حِينَ وَضَعَهُ عَلَىِ بَيْتِ المقْدِسِ، فَقَالَ: زَعَمْتَ أنَّكَ تُحْيِي الموْتَى، فَإِنْ كُنْتَ كَذَلِكَ فَادْعُ اللَّه أَنْ يَرُدَّ هَذَا الجبَلَ خُبْزًا. فَقَالَ لَهُ عِيسَى عليه السلام: أَوَ كُلَّ النَّاسِ يَعِيشُونَ مِنَ الخبْزِ؟ فَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: فَإِنْ كُنْتَ كَمَا تَقُولُ فَثِبْ مِنْ هَذَا المكانِ، فَإِنَّ الملَائِكَةَ سَتَلْقَاكَ. قَالَ: إِنَّ رَبِي عز وجل
(375)
"من الإسرائيليات"
"فضائل الشام ودمشق"(89).
وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(2/ 324) من طريق تمام به، وهذا من الإسرائيليات.
(376)
وقع في "الزهد": عوف. والصواب: غوث.
أَمَرَنِي أَنْ لَا أُجَرِّبَ بِنَفْسِي، فَلَا أَدْرِي هَلْ يُسْلِمُنِي أَمْ لَا؟
(377)
500 -
قَالَ أَبُو عَمْرو الدَّانِي فِي "السُّنَنِ الْوَارِدَةِ فِي الْفِتَنِ":
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّه بْنُ عَمْرٍو المؤَدَّبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الهاشِمِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرو بْنِ مُوسَى، أَخْبَرَنَا الحسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الْفَرَّاءُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الحسَنُ بْنُ أَنَسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: لَيَجْلِسَنَّ عِيْسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَى أَعْوَادِ بَيْتِ المقْدِسِ قَاضِيًا مُقْسِطًا عِشْرِينَ سَنَةً.
(378)
(377)
"من الإسرائيليات"
"الزهد"(1/ 74)، وأخرجه أبو نعيم في "الحلية"(4/ 52)، من طريق عبد اللَّه بن أحمد به، دون ذكر ذلك الراهب.
وغوث بن جابر ذكره ابن حبان في "الثقات"(7/ 313)، وقال يحيى بن معين: لم يكن به بأس.
(378)
"من حديث بني إسرائيل"
"السنن الواردة في الفتن"(682)، وأخرجه أحمد بن حنبل في "العلل"(3/ 172)، من طريق أبي الهذيل عمران بن عبد الرحمن بن هربذ.
وإسناده منقطع، ووهب يروي عن كتب أهل الكتاب.