الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
551 -
قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي "الجامِعِ المسْتَقْصَى":
وَثَنَا الوَلِيدُ، أَنَا إِبْرَاهِيمُ، ثَنَا ضَمْرَةُ، ثَنَا أَبُو عثَالِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ كيسَانَ أَبِي عِيسَى الخرَاسَانِي، قَالَ: لَقِيتُهُ بِمِصْرَ فَقُلْتُ: أرَغِبْتَ عَنِ الْقُدُسِ؟! قَالَ: لَمْ أَرْغَبْ عَنِ الْقُدُسِ، وَلَكِنَّي رَغِبْتُ عَنْ أَهْلِ الْقُدُسِ.
(592)
مَا جَاءَ فِي خَرَابِ بَيْتِ المقْدِسِ
552 -
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ فِي "التَّفْسِيرِ":
حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ رَوَّادِ بْنِ الجرَّاحِ، قَالَ: ثَنَا أَبِي، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدِ الثَّوْرِي، قَالَ: ثَنَا مَنْصُورُ بْنُ المعْتَمِرِ، عَنْ رِبْعِي بْنِ حِرَاشٍ، قَالَ: سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ بْنَ اليَمَانِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لمَّا اعْتَدُوا وَعَلَوا وَقَتَلَوا الأَنْبِياءَ بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَلِكَ فَاِرسَ بُخْتُنَصَّر، وَكَانَ اللَّهُ مَلَّكَهُ سَبْعَمِئَةِ سَنَة، فَسَارَ إِلَيْهِمْ حَتَّى دَخَلَ بَيْتَ المقْدِسِ فَحَاصَرَهَا وَفَتَحَهَا، وَقَتَلَ عَلَى دَمِ زَكَرِيَا سَبْعِينَ أَلْفًا، ثُمَّ سَبَى أَهْلَهَا وَبَنِي الأَنْبِياءِ، وَسَلَبَ حُلِيَّ بَيْتِ المقْدِسِ وَاسْتَخْرَجَ مِنْهَا سَبْعِينَ أَلْفًا وَمِئَةَ أَلْفِ عَجَلَةٍ مِنَ حُلِيٍّ، حَتَّى أَوْرَدَهُ بَابِلَ". قَالَ: حُذَيْفَةُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ كَانَ بَيْتُ المقْدِسِ عَظِيمًا عِنْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: "أَجَلْ، بَنَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ مِنْ ذَهَبٍ وَدُرٍّ وَيَاقُوتٍ وَزَبَرْجَدٍ، وَكَانَ بَلَاطُهُ بَلَاطَةً مِنْ ذَهَبٍ وَبَلَاطَةً مِنْ فِضَّةٍ، وَعُمُدُهُ ذَهَبًا أَعْطَاهُ اللَّهُ ذَلِكَ، وَسَخَّرَ لَهُ الشَّيَاطِينَ يَأتُونَهُ بِهَذِهِ
= "الجامع المستقصى"(ق 118 ب)، وذكره السيوطي المنهاجي في "إتحاف الأخصا"(ق 21 ب).
قلت: وعمر بن الفضل وأبوه مجهولان.
(592)
"إسناده ضعيف"
"الجامع المستقصى"(ق 119 أ)، وذكره السيوطي المنهاجي في "إتحاف الأخصا"(ق 21 ب).
وفي إسناده: أبو عثال؛ لم أقف له على ترجمة، وضمرة هو ابن ربيعة الفلسطيني: صدوق يهم قليلًا، وفيه جماعة من المجاهيل.
الأَشْياءَ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ، فَسَارَ بُخْتُنَصَّر بِهَذِهِ الأَشْياءَ حَتَّى نَزَلَ بِهَا بَابِلَ، فَأَقَامَ بَنُو إِسْرَائيلَ فِي يَدَيْهِ مِئَةَ سَنَةٍ تُعَذِّبُهُمُ المجُوسُ وَأَبْنَاءُ المجُوسِ، فَيهِمُ الأَنْبِيَاءُ وَأَبْنَاءُ الأنبِياءِ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ رَحِمَهُمْ؛ فَأوْحَى إِلَى مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ فَارِسَ يُقَالُ لَهُ: كورس، وَكَانَ مُؤمِنًا أَنْ سِرْ إِلَى بَقَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ حَتَّى تَسْتَنْقِذَهُمْ، فَسَارَ كورس بِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَحُلِيِّ بَيْتِ المقْدِسِ حَتَّى رَدَّهُ إِلَيْهِ، فَأَقَامَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مُطِيعِينَ للَّهِ مِئَةَ سَنَةٍ، ثُمَّ إِنَّهُمْ عَادُوا فِي المعَاصِي؛ فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أبطيَانحُوس فَغَزَا بأبْنَاءِ مَنْ غَزَا مَعَ بُخْتُنَصَّر، فَغَزَا بَنِي إِسْرَائِيلَ حَتَّى أَتَاهُمْ بَيْتَ المقْدِسِ فَسَبَى أَهْلَهَا وَأَحْرَقَ بَيْتَ المقْدِسِ، وَقَالَ لَهُمْ: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، إِنْ عُدتُّمْ فِي المعَاصِي عُدْنَا عَلَيْكُمْ بِالسبَاءِ؛ فَعَادُوا فِي المعَاصِي، فَسَيَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ السبَاءَ الثَّالِثَ مَلِكَ رُومِيةَ يُقَالَ لَهُ: قَاقسُ بْنُ إسبَايُوس فَغَزَاهُمْ فِي البَرِّ وَالبَحْرِ، فَسَبَاهُمْ وَسَبَى حُلِيَّ بَيْتِ المقْدِسِ، وَأَحْرَقَ بَيْتَ المقْدِسِ بِالنِّيرَانِ".
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "هَذَا مِنْ صَنْعَةِ حُلِيِّ بَيْتِ المقْدِسِ، وَيَردُّهُ المهْدِيُّ إِلَى بَيْتِ المقْدِسِ، وَهُوَ أَلْفُ سَفِينَةٍ وَسَبْعُمِئَةِ سَفِينَة يَرْسِي بِهَا عَلَى يَافَا حَتَّى تُنْقَلَ إِلَى بَيْتِ المقْدِسِ، وَبِهَا يَجْمَعُ اللَّهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرينَ"
(593)
553 -
قَالَ ابْنُ المرَجَّا فِي "فَضَائِلِ بَيْتِ المقْدِسِ":
أَخْبَرَنَا أَبُو مُسْلِمٍ، قَالَ: أَبَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حَيَّانَ الأَصْبَهَانِي، قَالَ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الحسَنِ، قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ زُرَيْقِ
(593)
"منكر"
"تفسير الطبري"(15/ 22)، سبق تخريجه في باب بناء المسجد.
وقد ذكر الجاحظ في كتابه "الحيوان"(3/ 385)، بسنده عن ابن عمر، قال: لا تقتلوا الخفاش فإنه استأذن في البحر أن يأخذ من مائه فيطفئ نار بيت المقدس حيث حرق. . .
ونقله عنه شهاب الدين المقدسي في "مثير الغرام"(ق 30 ب).
ابنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَبَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحرَّانِي، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَمْرو، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِي، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"غَزَا طَاطرى بْنُ أَشْمَانُوس بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَسَبَاهُمْ وَسَبَى حُلِيَّ بَيْتِ المقْدِسِ، وَأَحْرَقَهَا بِالنِّيرَانِ، وَحَمَلَ مِنْهَا فِي البَحْرِ أَلْفًا وَتُسْعُمِئَةِ سَفِينَةٍ حُلِيًّا حَتَّى أَوْرَدَهُ رُوِميَّةَ". قَالَ حُذَيْفَةُ: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَيَسْتَخْرِجَنَّ ذَلِكَ المهْدِيُّ حَتَّى يُورِدَهُ إِلَى بَيْتِ المقْدِسِ".
(594)
554 -
قَالَ الإِمَامُ الطَّبَرِيُّ فِي "تَفْسِيرِهِ":
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسَيَّبِ، قَالَ: ظَهَرَ بُخْتُنَصَّر عَلَى الشَّامِ، فَخَرَّبَ بَيْتَ المقْدِسِ وَقَتَلَهُمْ، ثُمَّ أَتَى دِمَشْقَ فَوَجَدَ بِهَا دَمًا يَغْلِي عَلَى كَبَا -أَيْ: كُنَّاسَةٍ- فَسَأَلَهُمْ مَا هَذَا الدَّمُ؟ قَالُوا: أَدْرَكْنَا آبَاءَنَا عَلَى هَذَا وَكُلَّمَا ظَهَرَ عَلَيْهِ الكَبا ظَهَرَ، قَالَ: فَقَتَلَ عَلَى ذَلِكَ الدَّمِ سَبْعِينَ أَلْفًا مِنَ المُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ؛ فَسَكَنْ.
(595)
(594)
"منكر"
"فضائل بيت المقدس"(ص 41)، وذكره ابن عراق في "تنزيه الشريعة"(1/ 249)، وعزاه إلى الديلمي في "مسند الفردوس"، وقال: لم يذكر السيوطي علته، وفيه عثمان بن عبد الرحمن الحراني الطرائفي لكنه وثق.
قلت: وعثمان بن عبد الرحمن أكثر في روايته عن الضعفاء والمجهولين، فضعف بذلك، قال ابن عدي: يحدث عن قوم مجهولين بالمناكير. وقال البخاري: يروي عن قوم ضعاف.
ويزيد بن عمرو لعله الأسلمي، وهو مجهول، وانظر "الميزان".
(595)
"إسناده صحيح"
"تفسير الطبري"(8/ 20)، وقال ابن كثير في "البداية والنهاية" (2/ 47): وهذا إسناد صحيح إلى سعيد بن المسيب.
ذكره السيوطي المنهاجي في "إتحاف الأخصا"(ق 8 ب)، وشهاب الدين المقدسي في "مثير الغرام"(ق 5).
555 -
قَالَ أَبُو عَمْرُو الدَّانِي فِي "السُّنَنِ الوَارِدَةِ فِي الفِتَنِ":
حَدَّثَنَا ابْنُ عَفَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ ثَابِتٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الفَتْحِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَلَّامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ سِنْدِي، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: عَلَامَةُ خُرُوج المهْدِيِّ أَلْوِيَةٌ تُقْبِلُ مِنْ قِبَل المغْرِبِ، عَلَيْهَا رَجَلٌ مِنْ كِنْدَةَ أَعْرَجُ، فَإِذَا ظَهَرَ أَهْلُ المغْرِبِ عَلَى مِصْرَ فَبَطْنُ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ لِأَهْلِ الشَّامِ.
(596)
556 -
قَالَ ابْن المرَجَّا فِي "فَضَائِلِ بَيْتِ المقْدِسِ":
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَرَجِ، أَبَنَا أَبُو العَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ خَلَفِ بْنِ مُحَمَّدٍ الهمدَانِي، قَالَ: أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ البَالِسِي، قَالَ: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: ثَنَا الخصِيبُ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الهذَيْلِ، قَالَ: لمَّا ظَهَرَ بُخْتُنَصَّر عَلَى بَيْتِ المقْدِسِ جَمَعَ النَّسَاءَ صَبَائِرَ، فَمَرَّ بِهِمْ نَبِيُّ لَهُمْ فَصَاحُوا
= فائدة: قال أبو عبد اللَّه البكري: ولم يزل بيت المقدس خرابًا إلى أن بناه ملك من ملوك الفرس يقال له: كوشك، قال البغوي: بناه كيوش بن كوشك بن أخورس بعد تخريب بختنصر بسبعين سنة، ثم تغلبت ملوك غسان على الشام بتملك ملوك الروم لهم، ودخلوا لهم في نصرانيتهم إلى أن جاء الإسلام، وملك الشام منهم جبلة بن الأيهم ففتح اللَّه الشام على المسلمين في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثم كان فتح بيت المقدس صلحًا على يد عمر رضي الله عنه، واستمرت بيت المقدس من حين الفتح العمري إلى أن تغلب عليه الفرنج واقتلعوه من أيدي المسلمين، واستولوا عليه في دولة الفاطميين إلى أن فتحه اللَّه على يد سلطان الإسلام والمسلمين صلاح الدنيا والدين أبي المظفر يوسف بن أيوب - رحمه اللَّه تعالى.
(596)
"مقطوع"
"السنن الواردة في الفتن"(475)، وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(906)، من طريق محمد بن عبيد اللَّه، به إلى قوله:"رجل أعرج من كندة". وأخرج أبو نعيم شطره الأخير في موضع آخر (743)، من نفس الطريق.
وفي إسناده جماعة لم أعرفه، والأثر من قول كعب، وهذا أمر غيبي لا يقبل إلا بتوقيف من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، ثم إن الإسناد إليه فيه جماعة لم أقف لهم على ترجمة، واللَّه أعلم.
إِلَيْهِ، فَقَالَ: فَسَمعَ بُخْتُنَصَّر صِيَاحَهُنَّ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقِيلَ: مَرَّ بِهِمْ نَبِيٌّ لَهُنَّ فَصَاحُوا. فَقَالَ: أَدْخِلُوهُ عَلَيَّ، فَلَمَا دَخَلَ قَالَ: مَنْ سَلَّطَنِي عَلَى قَوْمِكَ؟ قَالَ: عِظَمُ خَطِيئَتِكَ، وَظُلْمُ قَوْمِي أَنْفُسَهُمْ.
(597)
557 -
قَالَ ابْنُ المرَجَّا فِي "فَضَائِلِ بَيْتِ المقْدِسِ":
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَرَجِ، قَالَ: أَبَنَا عِيسَى، قَالَ: أَبَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: أَبَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَ: ثَنَا القَاسِمُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَوَانَةَ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى -يَعْنِي ابْنَ أَبِي كَثِيرٍ- عَنْ سَعِيدٍ الجريرِي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: شَكَا هَذَا البَيْتُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الخرَابَ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: إِنِّي مُبْدِلُكَ بِتَوْرَاةٍ مُحْدَثَةٍ -يَعْنِي القُرْآنَ- وَعُمَّارٍ مُحْدَثِينَ -يَعْنِي أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم يَزفُّونَ إِلَيْكَ زَفِيفَ النِّسْرِ، وَيَحِنُونَ إِلَيْكَ حَنِينَ الحمَاةِ عَلَى بَيْضِهَا، وَيَدْخُلُونَكَ رُكَّعًا سُجَّدًا. قَالَ: فَرَضِيَ.
(598)
558 -
قَالَ ابْنُ المرَجَّا فِي "فَضَائِلِ بَيْتِ المقْدِسِ":
أَخْبَرَنَا أَبُو الفَرَجِ، قَالَ: أَبَنَا عِيسَى، قَالَ: أَبَنَا عَلِيُّ، قَالَ: أَبَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ النُعْمَانِ، قَالَ: ثَنَا سُلَيْمَانُ، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَبْدِ الملِكِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ: أَنَّهُ سَمعَ أَبَا يَزِيدَ يُحَدِّثُ: أَنَّ بَيْتَ المقْدِسِ خَرِبَتْ فَشَكَتْ
(597)
"من الإسرائيليات"
"فضائل بيت المقدس"(ص 45)، وأخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(4/ 360) من طريق عبد اللَّه ابن عبد الوهاب الحجبي، عن حماد بن زيد به.
ورجاله ثقات، إلا أنه عن بني إسرائيل.
(598)
"من الإسرائيليات"
"فضائل بيت المقدس"(ص 207)، وذكره السيوطي المنهاجي في "إتحاف الأخصا"(1/ 137)، ومجير الدين الحنبلي في "الأنس الجليل"(1/ 229) عن كعب بنحوه.
قلت: وهو من إسرائيليات كعب، وشيوخ المصنف مجاهيل.
إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَقَالَ عز وجل لَهَا: لَا يُحْزِنكِ ذَلِكَ، فَقَدْ قَدَّسْتُكِ، أَنْتِ القُدْسُ وَأَنَا القُدُّوسُ. قَالَتْ: يَا رَبِّ، فَقدْ جَعَلْتَ ذَلِكَ لِي، فَمَنْ أَتَانِي يُصَلِّي فِيَّ فَتقَبَّلْ مِنْهُ، وَمَنْ سَكَنَنِي فَارْزُقْهُ، وَمَنْ مَاتَ فِيَّ فَاغْفِرْ لَهُ. قَالَ اللَّه تَعَالَى لَهَا: لَكِ مَا سَألْتِ.
(599)
559 -
قَالَ ابْنُ المرَجَّا فِي "فَضَائِلِ بَيْتِ المقْدِسِ":
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَرَجِ، قَالَ: أَبَنَا عِيسَى، قَالَ: أَبَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ ابْنِ خَالِدٍ البَرَدْعِي، ثَنَا أَبُو سِنَانٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي العَوَّام، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: شَكَا بَيْتُ المقْدِسِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الخرَابَ، فَقَالَ: يَارَبِّ، أَخْرَبْتَنِي وَأثْكَلْتَنِي، وأَشْمَتَّ بِي أَعْدَائِي، وَجَعَلْتَ الأَنْهَارَ فِي غَيْرِي، فَقَالَ اللَّه تَعَالَى: سَأنْقِلُ إِلَيْكِ مَنْ يَبْنِيكِ بِإذْنِي، وَيَنْفُونَ الخبَثَ عَنْ ظَهْرِكِ، وَيُصَلُّونَ فِيكِ، مَثَلِي وَمَثَلُكِ كَمَثَلِ رَجُلٍ جَعَلَ نَبْلَهُ فِي قَرْنٍ، وَأَكَنَّهَا مِنَ المطَرِ وَالطَّلِّ، وَمَثَلِي وَمَثَلُكِ كَمَثَلِ نِسْرٍ جَعَلَ فِرَاخَهُ فِي كُنٍّ، فَفَرْشُهَا جُؤجُؤهُ، وَألحفَهَا جَنَاحَهُ، إِلَيْكِ مِنِّي نَظْرَتَانِ، وَإِلَى سَائِركِ نَظْرَةٌ. فَقِيلَ لِكَعْبٍ: هَلْ يَتَكَلَّمُ المسْجِدُ؟ فَقَالَ: إِنَّهُ مَا مِنْ مَسْجِدٍ إِلَّا وَلَهُ عَيْنَانِ يُبْصِرُ بِهِمَا، وَلِسَانٌ يَتَكَلَّمُ بهِ، وَإنَّهُ لَيَتَلَوَّى مِنَ النُّخَامَةِ وَالبُزَاقِ، كَمَا تَتَلَوَّى الدَّابَّةُ مِنْ ضَرْب السَّوْطِ.
(600)
560 -
قَالَ ابْنُ المرَجَّا فِي "فَضَائِلِ بَيْتِ المقْدِسِ":
أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو الحسَنِ عَلِيُّ بْنُ صَالحِ بْنِ مَيْمُونَ الفَقِيهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ العَكْبَرِي، قَالَ: ثَنَا الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ
(599)
"من الإسرائيليات"
"فضائل بيت المقدس"(ص 208).
قلت: وشيوخ المصنف مجاهيل، والأثر من الإسرائيليات.
(600)
"إسناده ضعيف وهو من الإسرائيليات"
"فضائل بيت المقدس"(ص 209).
قلت: وإسناده ضعيف، شيوخ المصنف مجاهيل، وكعب يروي عن بني إسرائيل.
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الحسَنِ بْنِ الحكَمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ الدِّينَوَرِي، قَالَ: ثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: قَرَأْتُ فِي بَعْضِ الكُتُبِ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَفَعَ قَدْرَ بَيْتَ المقْدِسِ وَلَمْ يَزَلِ الملْكَ وَالنُّبُوَّةَ فِيهِ لِدَاوُدَ وَلِسُلَيْمَانَ عليهما السلام وَبَعْدَ سُلَيْمَانَ فِي وَلَدِهِ وَأَوْلَادِهِمْ إِلَى الْأَعْرَجِ مِنْ وَلَدِ وَلَدِهِ، وَكَانَ عَرَجُهُ مِنْ قِبَلِ عِرْقِ النَّسَاءِ، فَطَمِعَتِ الملُوكُ فِي بَيْتِ المقْدِسِ لِزَمَانَتِهِ وَضَعْفِهِ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا، فَسَارَ إِلَيْهِ مَلِكُ الجزِيرَةِ وَكَانَ كَافِرًا يَعْبُدُ الزُّهْرَةَ، وَنَذَرَ لَئِنْ ظَفَرَ بِبَيْتِ المقْدِسِ لَيُذَكِّيَنَ ابْنَهُ لِلزُّهْرَةِ، وَكَانَ بُخْتُنَصَّرُ كَاتِبَهُ، فَخَرجَ إِلَى بَيْتِ المقْدِسِ فَأَرْسَلَ اللَّهُ عز وجل عَلَيْهِمْ رِيْحًا فَأَهْلَكَتْ جَيْشَهُ، وَأَفْلَتَ هُوَ وَكَاتِبُهُ حَتَّى وَرَدَ الحصْنَ الَّذِي كَانَ لَهُ، فَلَمَّا دَخَلَ إِلَيْهِ قَتَلَهُ ابْنَهُ فَغَضِبَ لَهُ بُخْتُنَصَّر فَقَتَلَهُ وَمَلَكَ بَعْدَهُ، وَسَارَ إِلَيْهَا مَلِكَ الهِنْدِ بَعْدَهُ فَأَهْلَكَهُ اللَّه، وَسَارَ إِلَيْهَا سِنْحَارِيبُ مَلِكُ الموصِلِ، وَمَلِكُ آذْربيجَانَ سُلَيْمَانُ الأَعْسَرُ فَاخْتَلَفُوا وَوَقَعَ الحرْبُ بَيْنَهُمَا حَتَّى تَفَانُوا، وَغَنِمَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مَا كَانَ مَعَهُمَا، وَسَارَ إِلَيْهَا مَلِكُ الرُّومِ وَمَعَهُ الأَشْبَانُ وَالصَّقَالِيبُ وَمَلِكُ الأَنْدُلُسِ، فَتَشَاجَرُوا أَيْضًا وَاقْتَتَلُوا، وَأَهْلَكَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ، ثُمَّ إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَحْدَثُوا وَغَيَّرُوا، وَرَغِبَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَيْتِ المقْدِسِ وَضَارَعَهُ بِمَسْجِدِ ضِرَارٍ؛ فَزُلْزِلَ ذَلِكَ المسْجِدُ وَهَلَكَ، ثُمَّ غَزَاهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ بُخْتُنَصَّرُ فَرَغِبُوا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَتَابُوا، فَرَدَّهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ بَعْدَ أَنْ فَتَحَ المدِينَةَ وَجَالُوا فِي أَسْوَاقِهَا جَوْلَةً، وَهَذِهِ المرَّةُ الأُولَى الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهَ تَعَالَى فَقَالَ:{فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا}
(601)
ثُمَّ أَحْدَثُوا بَعْدَ ذَلِكَ أَيْضًا، فَبَعَثَ اللَّه إِلَيْهِمْ أَرْمِيَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم لِيُخْبِرَهُمْ بِغَضِبِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ، فَقَامَ فِيهِمْ بِوَحِي اللَّهِ تَعَالَى؛ فَضَرَبُوهُ وَقَيَّدُوهُ
(601)
الإسراء: 5 - 6.
وَسَجَنُوهُ.
وَكَانَ قَالَ لِمَلِكِهَا: أَيُّهَا الملِكُ، إِنِّي أَرْسَلْتُ إِلَيْكَ أَنَّ قَوْمَكَ قَدْ عَبَدَوا الْأَصْنَامَ، تَرَكُوا أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّ اللَّهَ عز وجل مُعَذِّبكُمْ إِنْ لَمْ تَتَرُكُوا مَا أَنْتُمْ فِيهِ، فَأَمَرَ بِهِ فَحُفِرَ لَهُ جُبٌّ وَصُبَّ فِيهِ الماءُ حَتَّى أَنْتَنَ وَعَادَ حَمَأَةً، فَسَجَنَهُ يَوْمًا وَلَيْلَةً عَلَى رُكْبَتَيْه، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقْعُدَ فِي أَبْرَدِ أَرْضِ اللَّهِ، فَتَكَلَّمَ فِي الجبِّ، فَقَالَ: مَلْعُون اليَوْمُ الَّذِي وُلِدتُّ فِيهِ، مَلْعُونٌ مَنْ بَشرَ وَالِدًا بِوَلَدِه. أَوْ كَمَا قَالَ، فَسَمِعَهُ رَجُلٌ كَانَ يُجَالِسُ الملِكَ فَقَالَ لِلْمَلِكِ: أَرَأَيْتُكَ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي حَبَسْتَهُ فِي الجبِّ مَا تُرِيدُ مِنْهُ، أَتُرِيدُ قَتْلَهُ؛ قَالَ: لَا، قَالَ: فَأَخْرِجْهُ إِلَى بَعْضِ سُجُونِكَ هَذِه حَتَّى تَنْظُرَ فِي أَمْرِهِ، فَأَخْرَجَهُ مْنَ الجبِّ بَعْدَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَالجبُّ فِي بَيْتِ المقْدِسِ إِلَى اليَوْمِ، ظَاهِرٌ مَعْرُوفٌ يُعْرَفُ بِجُبِّ أرمِيَا.
ثُمَّ إِنَّ أَرْمِيَا عليه السلام، قَالَ: لَا تَرُدَّنِي إلَى هَذَا الجبِّ وَافْعَلْ مَا تُرِيدُ. قَالَ: فَوَضَعَهُ فِي السِّجْنِ، وَكَانَ يُطْعِمُهُ كُلَّ يَوْمٍ قُرْصًا وَيُسْقِيَهُ مِنَ الماءِ؛ حَتَّى نَحَلَ جِسْمُهُ، وَطَالَ شَعرُهُ.
ثُمَّ إِنَّ اللَّه عز وجل أَرْسَلَ إِلَيْهِ النَّمْلَ، فَكَلَّمَتْهُ فِي سِجنِهِ فَقُلْنَ لَهُ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: لَأُخْرِجَنَّكَ مِنَ السِّجْنِ، وَلَأُنْجِينَّكَ وَلِمَقْ سَمعَ لَكَ، ثُمَّ لَأُخَرِّبَنَّ القَرْيَةَ -يَعْنِي: بَيْتَ المقْدِسِ- وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ مَلِكًا يُدْعَى بُخْتُنَصَّر سَيُحِيطُ بِالقَرْيَةِ فَيَقْتُلُ فِيهَا.
وَكَانَ أَرْمِيَا قَبْلَ ذَلِكَ قَدْ أَخَذَ مِنْ بُخْتُنَصَّر أَمَانًا لِبَيْتِ المقْدِسِ وَمَنْ فِيهَا قَدِيِمًا، فَلَمَّا بَلَغَ سُهُولَ الرَّمْلَةِ وَأَعْلَمَ أَرْمِيَا بِذَلِكَ، أَخْبَرَ الملِكَ حَتَّى أَطْلَقَهُ، فَأنْزَلَ إِلَيْهِ بِالأَمَانِ فَأَنْزَلَهُ، فَوَجَدَهُ رَاكِبًا فَرَسًا، وَفِي يَدِهِ سَيْفٌ عَرِيضٌ قَدْ تَرَكَهُ عَلَى عُنُقِ الفَرَسِ، وَعَلَيْهِ مَكْتُوبٌ هَذِهِ الْأَبِياتُ:
إِذَا كُنْتَ لَا تَرْجَى وَلَا أَنْتَ تَتَّقِي
…
فَأَنْتَ كَالميِّتِ عَلَى نَعْشِهِ
لَا تَنْبِشِ الشِّرَّ فتَصْلَى بِهِ
…
فَقلَّ مَنْ يَسْلَمُ مِنْ نَبْشِهِ
وَالبَغْيُ صِرّاعٌ لَهُ صَوْلَةٌ
…
تَسْتَنْزِلُ الجبَّارَ عَنْ عَرْشِهِ
لِلْبَحْرِ أَقْرَاشٌ لَهُمْ وَثْبَةٌ
…
فَلَا يَكُنْ مَا عِشتَ مِنْ قِرْشِهِ
إِذَا طَغَى بِالكَبْشِ شَحمُ الكُلَى
…
أَدُسُّ مِنْهُ الرَّأْسَ فِي كِرْشِهِ
قَالَ: فَأَعْطَاهُ الأَمَانَ، فَنَظَرَهُ فَقَالَ: هُوَ أَمَانِي، وَلَكِنِّي مَبْعُوثٌ، وَقَدْ أُمِرْتُ أَنْ أَرْمِي سَهْمِي، فَحَيْثُ مَا وَقَعَ طَلَبْتُ الموْضِعِ، قَالَ: فَرَمَى بِسَهْمٍ فَوَقَعَ فِي قُبَّةِ بَيْتِ المقْدِسِ، فَرَجَعَ إِلَيْهِمْ أرْمِيَا فَأَخْبَرَهُمْ بِذلِكَ، فَرَجَعَ مَلِكُهُمِ فَسَجَنَهُ، وَضَجُّوا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَقَالُوا: تُسَلِّطْ عَلَيْنَا بُخْتُنَصَّر وَنَحْنُ خَيْرٌ مِنْهُ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِمْ: أَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيْكُمْ نَقْتُلْكُمْ وَتَسَلَمُ العَامَّةُ، أَوْ تُقْتَلُ العَامَّةُ وَتَسْلَمُوا؟ فَقَالُوا: نَحْنُ أَعْلَمُ بِالْبَلَاءِ.
وَكَانَ الأَمَانُ الَّذِي كَتَبَهُ بُخْتُنَصَّر لأَرْمِيَا كَتَبَهُ وَهُوَ صَبِيٍّ أَقْرَعٌ، وَقَدْ رَآهُ يَأْكُلُ وَيَتَغَوَّطُ وَيَقْتُلُ القَمْلَ، فَقَالَ لَهُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: أَذًى يَخْرُجُ وَمَنْفَعَةً تَدْخُلُ وَعَدو يُقْتَلُ، فَقَالَ لَهُ: سَيَكُونُ لَكَ شَأْنٌ، فَأَخَذَ مِنْهُ الأَمَانَ فَكَتَبَهُ لَهُ فِي جِلْدٍ.
ثُمَّ إِنَّ بُخْتُنَصَّر سَارَ إِلَيْهَا بِمَنْ مَعَهُ حَتَّى أَحَاطَ بِالقَرْيَةِ هُوَ وَجُنُودُهُ، وَحَصَرَهُمْ سَبَعَةَ أَشْهُرٍ حَتَّى أَكَلُوا أَخْلَاءَهُمْ، وَشَرِبُوا أَبْوَالَهُمْ، ثُمَّ إِنَّهُمْ أَخْرَجُوا أرْمِيَا عليه السلام عِنْدَ ذَلِكَ حِينَ حَصَرَهُمْ بُخْتُنَصَّر، فَقَصَّروا شَعْرَهُ وَكَسَوْهُ، ثُمَّ قَالَ: تَشَفَّعْ لَهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إلَيْهِ: أَلَيْسَ هُمُ الَّذِينَ فَعَلُوا بِكَ مَا فَعَلُوا، فَلَنْ أشْفَعَ لَهُمْ، وَلَوْ شَفَعَ إلَي إِبْرَاهِيمُ عليه السلام وَلَوْ خَرَجَ مُوسَى عليه السلام مِنْ قَبْرِهِ مَا شَفَّعْتُهُ حَتَّى أَبْلُغَ فِيهِمْ أَمْرِي، ثُمَّ إِنَّ أَرْمِيَا قَالَ لَهُمْ: إِنِّي قَدْ شَفَعْتُ إلَى رَبِّي عز وجل فَرَدَّ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَوا: مَا تَرَى؟ قَالَ: أَرَى أَنْ تَفْتَحُوا البَابَ فَيَهْلِكَ مَنْ يَهْلِكَ، وَيَبْقَى مَنْ يَبْقَى، خَيْرًا مِنْ أَنْ تَهْلَكُوا فِي الحصَارِ جَمِيعًا، فَفَتَحُوا البَابَ.
وكَانَ لِبُخْتُنَصَّر خَلِيفَةٌ إِذَا أَمَرَهُ بِالأَمْرِ أَضْعَفَهُ ثَلَاثَةَ أَضْعَافٍ، ثُمَّ إِنَّ بُخْتُنَصَّر قَالَ
لِأَرْمِيَا: أَكُنْتَ تُخْبِرُهُمْ بِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا أَمَرَتْ بِهِ، مَاذَا تَصْنَعْ؟ قَالَ: أَمَرْتُ أَنْ تَحْكُمَ فِيهِمْ بِرَأيِكَ. فَخَرَّبَ البَيْتَ وَقَتَلَ عَلَى دَمِّ يَحْيَى ابنِ زَكَرِيا عليه السلام أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ ألْفًا، وَالدَّمُ يَغْلِي، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ خَلِيفَةُ بُخْتُنَصَّر وَقَتَلَ مَنْ قَتَلَ، وَقَالَ بُخْتُنَصَّر: لَا أَزَالُ أَقْتُلُ مِنْهُمْ حَتَّى يَخْرُجَ الدَّمُّ مِنَ القَرْيَةِ. فَقَالَ خَلِيفَةُ بُخْتُنَصَّر لِدَمِ يَحْيَى: أَسْأَلُكَ بِالَّذِي خَلَقَكَ إِلَّا سَكَنْتَ بإذْنِ اللَّهِ، فَقَدْ قُتِلَ مَنْ قُتِلَ وَهَلَكُوا. وَقَالَ: وَجَاءوا بالمواشِي فَقُتِلَتْ حَتَّى خَرَجَ الدَّمُ مِنَ القَرْيَةِ سائِلًا، فَقَالَ لِبُخْتُنَصَّر: قَدْ قَتَلْتُ حَتَّى خَرَجَتِ الدِّمَاءُ مِنَ القَرْيَةِ. فَأَمَرَهُ أَنْ يَقْطَعَ، وَهِيَ الكَرَّةُ الأَخِيرَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ عز وجل فَقَالَ:{فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا المَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا}
(602)
فَصَلَبَ مَنْ صَلَبَ، وَأَحْرَقَ وَبَاعَ ذَرَارِيهُمْ وَنِسَاءَهُمْ، وَمَثلَ بِهِمْ كُل مُثْلَةٍ، وَسارَتْ طَائِفَة مِنْهُمْ إِلَى مِصْرَ وَلَجَأوا إِلَى مَلِكِهَا، فَسَارَ بُخْتُنَصَّر إِلَى مَلِكِ مِصْرَ فَاقْتَتَلُوا، فَظَفَرَ بِهِ بُخْتُنَصَّر؛ فَأَسَرَهُ وَأَسَرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَقَتَلَ جُنُودَهُ، وَلَحِقَ بَأرْضِ بَابِلَ، وَأَقَامَ أَرْمِيَا بِأَرْضِ مِصْرَ وَاتَّخَذَ جُنِينَةً وَزَرَعَ فِيهَا بَقَلًا يَعِيشُ مِنْهُ، وَأَوْحَى اللَّه عز وجل إلَيْهِ إِنَّ لَكَ لَهَمًّا وَشُغْلًا عَنِ الزَّرْعِ وَالمقَامِ بِأَرْضِ الكُفْرِ، وَكَيْفَ تَسَعُكَ أَرْضٌ أَوْ تَحْمِلُكَ مَعَ مَا تَعْلَمُ مِنْ سَخَطِي عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَلْيَحزُنْكَ هَذَا البَلَاءُ الَّذِي قَضَيْتَهُ عَلَى إِيلْيَاءَ وَأَهْلِهَا، وَأَنَّهُ لَيْسَ زَمَنُ العِمْرَانِ وَلَكِنَّهُ زَمَنُ الخرَابِ؛ فَاعْمَدْ إِلَى جنِينَتَكَ هَذِهِ فَاهْدِمْ جُدُرَهَا، وَانْتِفْ بَقْلَهَا، وَغَوِّرَ نَهْرَهَا، وَالحقْ بِايلْيَاءَ فَلْتَكُنْ بِلَادَكَ حَتَّى يَبْلُغَ كِتَابِي أَجَلُهُ. فَخَرَجَ أَرْمِيَا مَذْعُورًا خَائِفًا وَذَلِكَ فِي زَمَنِ الثِّمَارِ فَرَكِبَ أَتَانًا لَهُ، وَتَزَوَّدَ سَلَّةً فِيهَا عِنَبٌ وَتِينٌ، وَاتَّخَذَ سِقَاءً جَدِيدًا فَمَلَأَهُ مَاءً، وَفَتَلَ حَبْلًا جَدِيدًا فَرَسنَ بِهِ أَتَانَهُ، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى رَفَعَ لَهُ شَخْصٌ بَيْتَ المقْدِسِ فَرَأَى خَرَابًا عَظِيمًا لَا يُوصَفُ، فَقَالَ: أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا. فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِئَةَ عَامٍ، ثُمَّ بَعَثَهُ،
(602)
الإسراء: 7.
وَابْتَعَثَ اللَّهُ مَلِكًا مِنْ مُلُوكِ فَارِسٍ يُقَالَ لَهُ كُوشَكْ فَعَمَّرَهَا وَأحْيَاهُ اللَّه، وَقِيلَ لَهُ:{فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ} .
(603)
561 -
قَالَ أَبُو طَالِبِ المكِّي
(604)
فِي "قُوتِ القُلُوب":
حَدَّثُونَا فِي الإِسْرَائِيلِيَّاتِ عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبَّهٍ اليَمَانِي: أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ عليهما السلام لمَّا قَبَضَهُ اللَّهُ عز وجل خَلَّفَ رِجَالًا مِنْ وَلَدِهِ يَعمُرُونَ بَيْتَ المقْدِسِ وَيُعَظِّمُونَهُ بُرْهَةً مِنَ الدَّهْرِ، حَتَّى خَلَفَهُ بَعْدَهُمْ رَجُلٌ مِنْ وَلَدِ سُلَيْمَانَ فَخَالَفَ طَرِيقَةَ آبَائِهِ، وَتَرَكَ شَرِيعَتَهُمْ، وَتَكَبَّرَ فِي الأَرْضِ وَطَغَى، وَقَالَ: بَنَى جَدِّي دَاوُدُ وَأَبِي سُلَيْمَانُ مَسْجِدًا فَمَالِيَ لَا أَبْنِي مَسْجِدًا مِثْلَ مَا بَنَوا، وَأَدْعُو النَّاسَ إِلَى شَرِيعَتِي كَمَا دَعَوا. فَبَنَى مَسْجِدًا يُضَاهِي بِهِ بَيْتَ المقْدِسِ، وَادَّعَى عَلَى اللَّهِ عز وجل أَنَّهُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ، وَصَرَفَ النَّاسَ إِلَيْهِ، وَبَذَلَ لَهُمُ الأَمْوَالَ، وَأَخْرَبَ مَسْجِدَ بَيْتِ المقْدِسِ وَهَجَرَهُ، فَدَخَلَ النَّاسُ فِي دِينِهِ رَغْبَةً وَرَهْبَةً، قَالَ: فَابْتَعَثَ اللَّهُ نَبيًّا مِنْ بَعْضِ أَهْلِ القُرَى، فَقَالَ: ارْكَبْ أَتَانَكَ هَذِه وَائتِ هَؤُلَاءِ القَوْمِ أَحْفَلَ مَا يَكُونُونَ، فَنَادِ فِي مَسْجِدِهِمْ وَمَجْمَعِهِمْ بِأَعْلَى صَوْتِكَ: يَا مَسْجِدَ الضِّرَارِ، إِنَّ اللَّهَ عز وجل حَلَفَ بِاسْمِهِ لَيُوحِشَنَّكَ مِنْ عُمَّارِكَ، وَلَيَقْتُلَنَّ أَهْلَكَ فِيكَ، وَلَيَشْدَخَنَّهُمْ بِخَشَبِكَ وَجَنْدَلِكَ، وَلَتَلِغَنَّ الكِلَابُ دِمَاءَهُمْ وَتَأَكُلُ لُحُومَهُمْ فِيكَ، وَنَادِ فِي المدِينَةِ بِأَعْلَى صَوْتِكَ
(603)
"منقطع وهو من الإسرائيليات"
"فضائل بيت المقدس"(ص 29 - 34)، وذكره مجير الدين الحنبلي في "الأنس الجليل"(1/ 149).
وابن قتيبة لم يسم الكتاب الذي قرأه، ولعله من صحف بني إسرائيل كما هو ظاهر في السياق، واللَّه تعالى أعلم.
(604)
هو الإمام الزاهد، شيخ الصوفية، أبو طالب، محمد بن علي بن عطية الحارثي، المكي المنشأ، العجمي الأصل، قال الخطيب: ذكر في القوت أشياء منكرة في الصفات. وقال لي أبو طاهر العلاف: إن أبا طالب وعظ ببغداد، وخلط في كلامه، وحفظ عنه أنه قال: ليس على المخلوقين أضر من الخالق، فبدعوه وهجروه، فبطل الوعظ. انظر ترجمته في "السير"(16/ 536 - 537).
بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَلَا تَأْكُلْ، وَلَا تَشْرَبْ، وَلَا تَسْتَظِلَّ، وَلَا تَنْزِلْ عَنْ أَتَانِكَ هَذِهِ حَتَّى تَرْجِعَ إِلَى قَرْيَتِكَ الَّتِي خَرَجْتَ مِنْهَا. قَالَ: فَفَعَلَ ذَلِكَ فَثَارَ النَّاسُ إِلَيْهِ يَضْرِبُونَهُ بِالخشَبِ، وَيَشُجُّونَهُ بِالحجَارَةِ وَهُوَ عَلَى أَتَانِهِ لَا يَنْزِلُ عَنْهَا، فنَالَهُ عَلَى ذَلِكَ أَذًى كَثِيرٌ وَضَرَبٌ عَظِيمٌ، ثُمَّ كَرَّ رَاجِعًا فِي آخِرِ النَّهَارِ يَؤمَّ قَرْيَتَهُ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا، وَقْدَ أَدَّى الرِّسَالَةَ، وَصَبَرَ عَلَى الضَّرْبِ وَالبَلَاءِ للَّه عز وجل، فَلَمَّا كَانَ ببَعْضِ الطَّرِيقِ سَمِعَ بِهِ نَبِيٌّ آخَرٌ كَانَ فِي بَعْضِ القُرَى اسْتَقْبَلَهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّكَ قَدْ أَدَّيتَ رِسَالَةَ رَبِّكَ، وَإِنكَ أَمْضَيتَ أَمْرَهُ، وَإِنَّكَ قَدْ نَصِبْتَ وَلَقِيتَ عَنَاءً مِنْ هَؤُلَاءِ القَوْمِ، وَأَنْتَ جَائِعٌ عَطْشَانٌ تَسيلُ دِمَاؤُكَ عَلَى جَسَدِكَ وَثِيَابكَ؛ فَاغْدُ إِلَى مَنْزِلِي فَكُلْ وَاشْرَبْ وَاسْتَرِحْ، وَاغْسِلْ جَسَدَكَ وَثِيابَكَ. فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ عز وجل لمَّا أَرْسَلَنِي قَدْ كَانَ عَهِدَ إِليَّ أَنْ لَا آكُلَ وَلَا أَشْرَبَ وَلَا أَسْتَظِلَّ حَتَّى أَرْجعَ إِلَى أَهْلِي. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: فَإِنِّي مِنْ أَهْلِكَ؛ لِأَنَّنِي نَبِيٌّ مِثْلُكَ، وَأَخُوكَ فِي الدِّينِ، فَلَا أَرَى اللَّهَ عز وجل عَنِيَ بِذَلِكَ إِلَّا القَوْمَ الَّذِينَ بَعَثَكَ إِلَيْهِمْ؛ لِأنَّهُمْ أَعْدَاوُهُ، فَنَهَاكَ أَنْ تَأكُلَ مِنْ طَعَامِهِمْ، وَتَسْتَظِلَّ عِنْدَهُمْ، وَلَا أَحْسَبُ حَرَّمَ عَلَيْكَ دُخُولَ مَنْزِلِي، وَلَا الأَكْلَ مِنْ طَعَامِي؛ لِأَنِّي شَريكُكَ فِي الأُخُوَّةِ وَالنُّبوَّةِ. قَالَ: فَصَدَّقَهُ وَانْصَرَفَ مَعَهُ إِلَى مَنْزِلَهُ، فَلَمَّا وَضَعَ الطًّعَامَ بَينَ يَدَيهِ وَأَهْوَى لِيَأكُلَ عَنْ جُوع شدِيدٍ قَدْ أَضَرَّ بِهِ؛ أَوْحَى اللَّهُ عز وجل إِلَى ذَلِكَ النَّبِيّ الَّذِي دَعَاهُ إِلَى مَنْزِلِهِ قُل لَهُ: آثَرْتَ شَهْوتَكَ وَبْطَنَكَ عَلَى أَمْرِي، أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكَ أَنْ لَا تَنْزِلَ، وَلَا تَسْتَظِلَّ، وَلَا تَأَكُلَ حَتَّى تَرْجِعَ إِلَى قَرْيَتِكَ الَّتِي خَرَجْتَ مِنْهَا، وَلَوْلَا أَنَّكَ اجْتَهَدتَّ بِرَأْيكَ، وَقُلْتَ بِمَبْلَغِ عِلْمِكَ لَعَمَّكُمَا العِقَابُ، وَهُوَ أَقَلّ عِنْدِي عُذْرًا مِنْكَ؛ لأَنِّي عَهَدت إِلَيْهِ فَآثَرَ هَوَاهُ وَشَهْوَتَهُ وَتَرَكَ عَهْدِي، فَأَخْبَرهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِمَا أُمِرَ، فَوَثَبَ مَذْعُورًا يَجُرُّ إِزَارَهُ، وَجَعَلَ يُرَّحِلُ أَتَانَهُ وَيَعْجَلُ وَلَا يَعْقِلُ مَا هُوَ فِيهِ، فَرَكِبَهَا طَارِدًا لَهَا عَلَى وَجْهِهِ لجُوعِهِ
وَعَطَشِهِ، وَدَمَاؤُهُ عَلَى ثِيَابِهِ وَجَسَدِهِ لَا يَنْثَنِي، فَلَمَّا هَبَطَ عَنْ عَقَبَةٍ تَحْتَها غَيْضَةً عَارَضَهُ سَبْعٌ فَافْتَرسَهُ، وَانْتَصَبَ السَّبعُ مَقْعِيًا عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ يَزْأَرُ، يَحْرُسُ أَتَانَهُ وَرَحْلَهُ، كُلَّمَا أَقْبَلَ إِنْسَانٌ زَأَرَ الأَسَدُ عَلَيْهِ حَتَّى يَطْرُدَهُ، فَسَمِعَ بِخَبَرِهِ ذَاكَ النَّبِيُّ فَأَقْبَلَ نَحْوَهُ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ الأَسَدُ انْصَرَفَ عَنْهُ وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، قَالَ: فَكَفَّنَهُ وَوَارَاهُ وَانْصَرَفَ بِرَحْلِهِ وَأَتَانِهِ إِلَى أَهْلِهِ، فَقَالَ: يَارَبِّ، عَبْدُكَ هَذَا الَّذِي بَلَّغَ رِسَالَتَكَ وَأَمْضَى أَمْرَكَ، وَقَدْ كَانَ أَجْهَدَهُ البَلَاءُ فَخَالَفَ مَا أَرَدتَّ، فَلَمْ يَعْلَمْ فَعَاقَبْتَهُ بِهَذِهِ العُقُوبَةِ. فَأَوْحَى اللَّهُ عز وجل إِلَيْهِ لَيْسَتْ هَذِهِ عُقُوبَةٌ، وَلَمْ أَفْعَلْ ذَلِكَ لِهَوَانِهِ عَلَيَّ وَلَكِنْ هَذِهِ مَغْفِرَةٌ وَرَحْمَة، إِنَّهُ خَالَفَ أَمْرِي وَكَانَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُ، فَكَرِهْتُ لَهُ أَنْ يَلْقَانِي عَلَى المخَالَفَةِ فَأَلْقَاهُ بِمَا يَكْرَهُ؛ فَقَيَّضْتُ لَهُ كَلْبًا مِنْ كِلَابِي فَطَهَّرَهُ لِلِقَائِي، فَكَانَ ذَلِكَ لَهُ عِنْدِي شَهَادَةً وَدَرَجَةً فَوْقَ نُبُوَّتِهِ، فَقَالَ: سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ، أَحْكَمُ الحاكِمينَ، وَأَرْحَمُ الرَّاحِمينَ.
(605)
562 -
قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي "تَارِيخِ دِمشْقَ":
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَمْزَةَ، نا أَبُو بَكْرٍ الخطِيبُ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقَوَيْهِ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ سِنْدِي، نَا الحسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى، نَا إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ، أَنْبَأَ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الوَهَّابِ بْنِ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أنَّهُ قَالَ: لمَّا انْتَبَهَ عُزَيْرٌ وَأَحْرَقَ قَرْيَةَ النَّمْلِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: يَا عُزَيْرُ، أَحْرَقْتَ قَرْيَةَ النَّمْلِ! فَبَلَغَ مِنْ أَذَاهِنَّ إِيَّاكَ أَنْ تَحْرِقَهُنَّ بِالنَّارِ، وَإنَّمَا عَضَّتْكَ مِنْهَا نَمْلَةٌ. فَقَالَ: يَا رَبِّ، إِنَّمَا عَضتْنِي تِلْكَ الوَاحِدَةُ بِقُوَّتِهِنَّ. فَعَلِمَ عُزَيْرٌ أَنَّ هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لَهُ، فَقَالَ
(605)
"منقطع وهو من الإسرائيليات"
"قوت القلوب في معاملة المحبوب"(1/ 166 - 168)، ومن طريقه ابن المرجا في "فضائل بيت المقدس"(ص 42 - 45).
والأثر منقطع، وهو من الإسرائيليات.
عِنْدَ ذَلِكَ عُزَيْرُ: يَا رَبِّ، أَنْتَ لَا يُدْرِكُ أَحَدٌ كُنْهَ عِلْمِكَ وَقُدْرَتِكَ. فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَا عُزَيْرُ، زَعَمْتَ أَنّي حَكَمٌ عَدْلٌ لَا أَجُورُ بَيْنَ عِبَادِي وَكَذَلِكَ أَنا، وَزَعَمْتَ أنِّي أُعَذِّبُ العَامَّةَ بِذَنْب الخاصَّةِ، وَالأَصَاغِرَ بِذَنْبِ الأَكَابِرِ، يَا عُزَيْرُ، إِنِّي لَا أُعَذِّبُ العَامَّةَ بِذَنْبِ الخاصَّةِ حَتَّى يَعْمَلُوا المنْكَرَ جِهَارًا، فَلَا يَأمُرُوا وَلَا يَنْهُوا، فَأُعَذِّبُ الخاصَّةَ بِالذُّنُوبِ وَالمعَاصِي فَأُعَجِّلَهُمْ إِلَى النَّارِ، وَأُعَاقِبُ العَامّةَ بِذَنْبِ الخاصَّةِ حِينَ تَرَكُوا الأَمْرَ بِالمعْرُوفِ وَالنَّهِيَ عَنِ المنْكَرِ وَهُمْ يَقْدِرُونَ عَلَى ذَلِكَ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ حَاسَبْتُهُمْ بِأَعْمَالِهِمْ، وَكَانَ الَّذِينَ عَجَّلْتُ لَهُمُ العُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا لَمَا تَرَكُوا مِنَ الأَمْرِ بِالمعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ المنْكَرِ، وَأَمَّا الأَصَاغِرُ فَأَقْبِضُهُمْ بَآجَالِهِمْ قَبْضًا لَطِيفًا إِلَى رَاحَتِي. قَالَ عُزَيْرٌ: كَذَلِكَ أنْتَ إِلَهِي. فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ: قُمْ يَا عُزَيْرُ ارْجِعْ إِلَى قَوْمِكَ، وَانْطَلِقْ إِلَى أَهْلِ بَيْتِكَ، فَقُمْ فِيهِمْ فَقَدْ شَفَّعْتُكَ فِيهِمْ وَأَنَا رَادُّهُمْ إِلَيْهَا. فَجَمَعَهُمْ اللَّهُ وَخَلَّصَهُمْ مِنْ أَيْدِي عَدُوِّهِمْ، فَجَمَعَهُمْ فِي بَيْتِ المقْدِسِ فِي حُسْنِ حَالٍ حَتَّى قَبَضَ اللَّهُ إِلَيْهِ عُزَيْرَ، فَعَتَوا بَعْدَ ذَلِكَ وَبَغَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَجَعَلُوا يُخْرِجُونَ مَنْ لَيْسَتْ لَهُ تَبْعَةً مِنْ دِيَارِهِمْ وَيَأخُذُونَ أَمْوَالَهُمْ، فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِعْدَ ذَلِكَ طيطس بْنَ سبيس الرُومِي: فَغَزا بَيْتَ المقْدِسِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:{وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا}
(606)
. فَعَادُوا إِلَى البَغْي فَأَعَادَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ العُقُوبَةَ فَغَزَاهُمْ طيطس، فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ فَقَتَلَ مُقَاتِلَتِهِمْ، وَحَمَى كُنُوزَ بَيْتِ المقْدِسِ، وَألْقَى فِيهِ الجيفَ، وَحَمَلَ الأَمْوَالَ الَّتِي كَانَتْ فِيهَا فَهِيَ فِي بُيوتِ أَمْوَالِهِمْ بِالرُّومِ، فَفِيهِمْ نَزَلَتْ:{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ}
(607)
يَعْنِي أَهْلَ الرُّومِ، فَلَيْسَ رُومِيُّ يَدْخُلُ بَيْتَ المقْدِسِ إِلّا خَائِفًا مُسْتَنْكِرًا يَسْتَوحِشَهُ إِذَا
(606)
الإسراء: 8.
(607)
البقرة: 114.