الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
303 -
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي "الأَمْوَالِ":
حدَثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ الليْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ بَعَثَ خَالِدَ بْنَ ثَابِتٍ الفَهْمِي
(119)
إِلَى بَيْتِ المقْدِسِ فِي جَيْشٍ، وَعُمَرُ بِالجَابِيَةِ يُقَاتِلُهُمْ، فَأَعْطَوْهُ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ مَا أَحَاطَ بِهِ حِصْنُهَا عَلَى شَيْءٍ يُؤَدُّونَهُ، وَيَكُونُ لِلْمُسْلِمِينَ مَا كَانَ خَارِجًا مِنْهَا، فَقَالَ خَالدٌ: قَدْ بَايَعْنَاكُمْ عَلَى هَذَا إِنْ رَضِيَ بِهِ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ، فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ يُخْبِرُهُ بِالَّذِي صَنَعَ اللَّهُ لَهُ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَنْ قِفْ عَلَى حَالِكَ حَتّى أَقْدُمَ عَلَيْكَ، فَوَقَفَ خَالِدٌ عَنْ قِتَالِهِمْ، وَقَدِمَ عُمَرُ مَكَانَهُ فَفَتَحُوا لَهُ بَيْتَ المقْدِسِ عَلَى مَا بَايَعَهُمْ عَلَيْهِ خَالِدُ بن ثَابتٍ، قَالَ: فَبَيْتُ المقْدِسِ يُسَمَّى: فَتْحَ عُمَرَ بْنِ الخطَّابِ.
(120)
فَتْحُ عُمَر بَيْتِ المقْدِسِ وَوثِيقَتُهُ العُمَرِيةُ
304 -
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي "السُّنَنِ الْكُبرَى":
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ أَخْبَرَنَا أَبُو الحسَنِ: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَخْتوَيْهِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ يُوسُفَ المطوِّعِيُّ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ ثَعْلَبٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى
= فعل عمر بن الخطاب بمسجد بيت المقدس، وإنما افتتح البلاد صلحًا، ثم حال بين أهل الذمة وبين المسجد، ولم ير لهم فيه حقًّا.
(119)
خالد بن ثابت بن ظاعن بن العجلان بن عبد اللَّه بن صبح بن والبة بن نصر الفهمي تابعي من أهل الشام، وهو الذي وجهه عمر بن الخطاب من الجابية إلى بيت المقدس لفتحها، حدث عن عمرو ابن العاص وكعب الأحبار، روى عنه أبو إبراهيم المعافري. انظر "تاريخ دمشق"(16/ 9).
(120)
(إسناده حسن إلى يزيد وهو مرسل)
"الأموال"(429)، ومن طريقه أخرجه ابن زنجويه في كتاب "الأموال"(639)، والبلاذري في "فتوح البلدان"(ص 189)، وابن المرجا في "فضائل بيت المقدس"(1/ 65 - 66)، وابن عساكر في "التاريخ"(16/ 9)، وابنه في "الجامع المستقصى"(ق 156).
قلت: ورجاله ثقات سوى عبد اللَّه بن صالح، وهو صدوق يخطئ، والعلة في يزيد بن أبي حبيب؛ فهو لم يسمع من ابن عمر فضلًا عن عمر؛ فالإسناد مرسل.
بْنُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي الْعَيْزَارِ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالْوَلِيدِ بْنِ نُوحٍ، وَالسَّرِيِّ بْنِ مُصَرِّفٍ، يَذْكُرُونَ عَنْ طَلْحَةَ بن مُصَرِّفٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غُنْمٍ، قَالَ: كَتَبْتُ لِعُمَرَ بْنِ الخطَّابِ رضي الله عنه حِينَ صَالحَ أَهْلَ الشَّامِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم، هَذَا كِتَابٌ لِعَبْدِ اللَّهِ عُمَرَ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ مِنْ نَصَارَى مَدِينَةِ كَذَا وَكَذَا، إِنَّكُمْ لمَّا قَدِمْتُمْ عَلَيْنَا سَأَلْنَاكُمُ الأَمَانَ لِأنْفُسِنَا وَذَرَارَيْنَا وَأَمْوَالِنَا وَأَهْلِ مِلَّتِنَا وَشَرَطْنَا لَكُمْ عَلَى أنْفُسِنَا أَنْ لَا نُحْدِثَ فِي مَدِينَتِنَا وَلَا فِيمَا حَوْلَهَا دَيْرًا وَلَا كَنِيسَةً وَلَا قَلَّايَةً وَلَا صَوْمَعَةَ رَاهِبٍ وَلَا نُجَدِّدَ مَا خَرِبَ مِنْهَا وَلَا نُحْيِى مَا كَانَ مِنْهَا فِي خطَطِ المُسْلِمِينَ وَأَنْ لَا نَمْنَعَ كَنَائِسَنَا أَنْ يَنْزِلَهَا أَحَدٌ مِنَ المُسْلِمِينَ فِي لَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ وَنُوَسِّعَ أَبْوَابَهَا لِلْمَارَّةِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَأَنْ نُنْزِلَ مَنْ مَرَّ بِنَا مِنَ المُسْلِمِينَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ نُطْعِمَهُمْ وَأَنْ لَا نُؤْمِنَ فِي كَنَائِسِنَا وَلَا مَنَازِلِنَا جَاسُوسًا وَلَا نَكْتُمُ غِشًّا لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا نُعَلِّمَ أَوْلَادَنَا الْقُرْآنَ وَلَا نُظْهِرَ شِرْكًا وَلَا نَدْعُوَ إِلَيْهِ أَحَدًا وَلَا نَمْنَعَ أَحَدًا مِنْ قَرَابَتِنَا الدُّخُولَ فِي الإِسْلَامِ إِنْ أَرَادَهُ وَأَنْ نُوَقْرَ المُسْلِمِينَ وَأَنْ نَقُومَ لَهُمْ مِنْ مَجَالِسِنَا إِنْ أَرَادُوا جُلُوسًا وَلَا نَتَشَبَّهُ بِهِمْ فِي شَيْءٍ مِنْ لِبَاسِهِمْ مِنْ قَلَنْسُوَةٍ وَلَا عِمَامَةٍ وَلَا نَعْلَيْنِ وَلَا فَرْقِ شَعَرٍ وَلَا نَتَكَلَّمَ بِكَلَامِهِمْ وَلَا نَتَكَنَّى بِكُنَاهُمْ وَلَا نَرْكَبَ السُّرُوجَ وَلَا نَتَقَلّدَ السُّيُوفَ وَلَا نَتخِذَ شَيْئًا مِنَ السِّلَاحِ وَلَا نَحْمِلَهُ مَعَنَا وَلَا نَنْقُشَ خَوَاتِيمَنَا بِالْعَرَبيَّةِ وَلَا نَبِيعَ الخمُورَ وَأَنْ نَجُزَّ مَقَادِيمَ رُؤُوسِنَا وَأَنْ نَلْزَمَ زِيَّنَا حَيْثُمَا كُنَّا وَأَنْ نَشُدَّ الزَنَانِيرَ عَلَى أَوْسَاطِنَا وَأَنْ لَا نُظْهِرَ صُلُبَنَا وَكُتُبَنَا فِي شَيْءٍ مِنْ طَرِيقِ المُسْلِمِينَ وَلَا أَسْوَاقِهِمْ وَأَنْ لَا نُظْهِرَ الصُّلُبَ عَلَى كَنَائِسِنَا وَأَنْ لَا نَضْرِبَ بِنَاقُوس فِي كَنَائِسِنَا بَيْنَ حَضْرَةِ المُسْلِمِينَ وَأنْ لَا نُخْرِجَ سَعَانِينًا وَلَا بَاعُوثًا وَلَا نَرْفَعَ أَصْوَاتَنَا مَعَ أَمْوَاتِنَا وَلَا نُظْهِرَ النِّيرَانَ مَعَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْ طَرِيقِ المُسْلِمِينَ وَلَا تُجَاوِرَهُمْ مَوْتَانَا وَلَا نَتَّخِذَ مِنَ الرَّقِيقِ مَا جَرَى عَلَيْهِ سِهَامُ المُسْلِمِينَ وَأَنْ نُرْشِدَ
المُسْلِمِينَ وَلَا نَطَّلعَ عَلَيْهِمْ فِي مَنَازِلِهِمْ فَلَمَّا أَتَيْتُ عُمَرَ رضي الله عنه بالْكِتَابِ زَادَ فِيهِ: وَأَنْ لَا نَضْرِبَ أَحَدًا مِنَ المُسْلِمِينَ شَرَطْنَا لَهُمْ ذَلِكَ عَلَى أَنْفُسِنَا وَأَهْلِ مِلَّتِنَا وَقَبِلْنَا عَنْهُمُ الأَمَانَ فَإِنْ نَحْنُ خَالَفْنَا شَيْئًا مِمَّا شَرَطْنَاهُ لَكُمْ فَضَمِنَّاهُ عَلَى أَنْفُسِنَا فَلَا ذِمَّةَ لَنَا وَقَدْ حَلَّ لَكُمْ مَا يَحِلُّ لَكُمْ مِنْ أَهْلِ المعَانَدَةِ وَالشِّقَاقِ.
(121)
(121)
(حسن بطرقه وشواهده)
"السنن الكبرى"(9/ 202)، وأخرجه ابن الأعرابي في "معجمه"(357)، وابن عساكر في "تاريخه"(2/ 175 - 176)، وابنه في "الجامع المستقصى"(ق 166 - 167)، جميعهم عن الربيع بن ثعلب، عن يحيى بن عقبة به، وذكره شهاب الدين المقدسي في "مثير الغرام"(ق 10 أ).
قلت: وإسناده ضعيف، ومداره على يحيى بن عقبة، وهو ضعيف كذبه ابن معين في رواية، وقال البخاري: منكر الحديث. وانظر: "الميزان"(4/ 397)، و"اللسان"(3/ 338).
وقال الألباني في "إرواء الغليل"(5/ 104): إسناده ضعيف جدًّا من أجل يحيى بن عقبة.
قلت: لكنه لم ينفرد به فقد تابعه عبد الملك بن حميد بن أبي غنية.
أخرجه ابن عساكر في "تاريخه"(2/ 178).
وعبد الملك: ثقة، ترجم له البخاري في "تاريخه"(5/ 411)، وابن حبان في "ثقاته"(7/ 96)، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(5/ 347)، ونقل توثيقه عن ابن معين.
وعن أحمد قال: يحيى بن عبد الملك ثقة، هو وأبوه متقاربان في الحديث.
وتابعهما أيضًا إسماعيل بن مجالد بن سعيد عند ابن عساكر في "تاريخه"(2/ 179)، لكن الإسناد إليه منقطع؛ فقد ساقه ابن عساكر بإسناده إلى عبد الوهاب الكلابي، قال: قال أبو محمد بن زبر: ورأيت هذا الحديث في كتاب رجل من أصحابنا بدمشق، وذكر أنه سمعه من محمد بن ميمون بن معاوية الصوفي بطبرية بإسنادٍ ليس بمشهور ينتهي إلى إسماعيل بن مجالد.
وقد أتى من وجه آخر عن عبد الرحمن بن غنْم، أخرجه ابن عساكر في "تاريخه"(2/ 174 - 175) من طريق محمد بن إسحاق بن راهويه، عن بشر بن الوليد، عن عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب به.
قلت: وإسناده يصلح في الشواهد، عبد الحميد صدوق، وهو أثبت الناس في شهر، وشهر في حفظه ضعف، وليس بالساقط وهو يصلح في المتابعات، وأتى الأثر من وجوه أخرى.
أخرجه أيضا ابن المرجا في "فضائل بيت المقدس"(1/ 67 - 68) قال: أبنا أبو الفرج، قال: أبنا أبو العباس أحمد بن محمد بن خلف السبخي، قال: ثنا أبي خلف، قال: ثنا محمد بن الفضل بن يوسف الهمداني، قال: ثنا الوليد بن حماد، قال: ثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي، قال: ثنا صباح =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= بن صالح، قال: ثنا عمرو بن عبد الجبار التميمي، قال: حدثني عمي عبيدة بن حسان، عن جدته، عن محمد بن كعب بن القرظي، عن محمد بن حذيفة بهذا العهد الذي كتب ببيت المقدس وغيرها:"هذا كتاب كتبناه لك أنك قدمت بلادنا وطلبنا إليك الأمان في أنفسنا وأهل ملتنا. . . " به.
قلت: وهذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه عبيدة هو ابن حسان العنبري السنجاوي، قال الذهبي في "الميزان" (5/ 35): قال أبو حاتم: منكر الحديث. وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات.
وفيه أيضا عمرو بن عبد الجبار السنجاري، قال الذهبي في "الميزان" (5/ 327): قال ابن عدي: روى عن عمه مناكير يكنى أبا معاوية.
والثاني: أخرجه الخلال في "أحكام أهل الملل".
قال ابن القيم رحمه الله في كتاب "أحكام أهل الذمة"(3/ 1159): قال عبد اللَّه ابن الإمام أحمد: حدثني أبو شرحبيل الحمصي عيسى بن خالد، قال: حدثني عمر بن اليمان وأبو المغيرة، قالا: أخبرنا إسماعيل بن عياش، قال: حدثني غير واحد من أهل العلم، قالوا:"كتب أهل الجزيرة إلى عبد الرحمن ابن غنم. . . " به.
وإسناده ضعيف كما ترى، وإسماعيل بن عياش لم يسم مشايخه.
الوجه الثالث: أخرجه ابن عساكر في "الجامع المستقصى"(ق 165 ب - 166 أ)، وذ كره الطبري في "تاريخه"(3/ 608)، من طريق سيف، عن أبي حارثة وأبي عثمان، عن خالد وعبادة، قالا: فذكراه بنحوه.
قلت: وإسناده ضعيف؛ فيه سيف بن عمر ضعيف في الحديث، عُمْدَةٌ في التاريخ، وهو يصلح مع غيره لتثبيت أصل المسألة.
والأثر بهذه الطرق يقوى، خاصةً وأنه قد احتج به العلماء في مصنفاتهم، حتى قال ابن القيم: وشهرة هذه الشروط تغني عن إسنادها؛ فإن الأئمة تلقوها بالقبول وذكروها واحتجوا بها، ولم يزل ذكر الشروط العمرية على ألسنتهم في كتبهم، وقد أنفذها بعده الخلفاء وعملوا بموجبها.
فذكر أبو القاسم الطبري من حديث أحمد بن يحيى الحلواني، حدثنا عبيد بن جياد، حدثنا عطاء بن مسلم الحلبي، عن صالح المرادي، عن عبد خير، قال: رأيت عليًّا صلى العصر فصف له أهل نجران، هذا واللَّه خطي بيدي وإملاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال: يا أمير المؤمنين، أعطنا ما فيه. قال: ودنوت منه فقلت: إن كان رادًّا على عمر يومًا فاليوم يرد عليه، فقال: لست براد على عمر شيئًا صنعه، وإن كان عمر رشيد الأمر، وإن عمر أخذ منكم خيرًا مما أعطاكم، ولم يجرِ عمر ما أخذ منكم إلى نفسه إنما جره لجماعة المسلمين.
وذكر ابن المبارك، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي؛ أن عليًّا رضي الله عنه قال لأهل نجران:"إن عمر كان رشيد الأمر، ولن أكير شيئًا صنعه عمر، وقال الشعبي: قال علي حين قدم الكوفة: ما جئت لأحل عقدة شدها عمر. ثم قال رحمه الله: وقد تضمن كتاب عمر رضي الله عنه هذا جملًا تدور على ستة فصول فذكرها رحمه الله".
305 -
قَالَ ابْنُ المرَجَّا في "فَضَائِلِ بَيْتِ المقْدِسِ":
أَخبَرَنَا أَبُو الحسَن عَلِىٌّ بْنُ مُوسَى بْنِ الحسَيْن بْنِ عَلِي -المعْرُوف بِابْنِ السِّمْسَار- أَخبَرَنَا عَلِيّ بْنُ يَعْقُوب بْنِ إبرَاهِيم، قَالَ: أَخْبَرَني أَبُو عَبْدِ الملِكِ أَحْمَدُ بْنُ إبرَاهِيم القُرَشِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَائِذٍ، عَن الْوَلِيدِ، قَالَ: فَحَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنَ الجنْدِ، عَنْ عَطَاءٍ الخرَاسَانِي: أَن المُسْلِمِينَ لمَّا نَزَلُوا عَلَى بَيْتِ المقْدِسِ، قَالَ لَهُمْ رُؤَسَاؤُهُمْ: إِنَّا قَدْ أجْمِعْنَا لِمُصَالَحَتِكُمْ، وَقَدْ عَرَفْتُمْ مَنْزِلَةَ بَيْتِ المقْدِسِ، وَأَنَّهُ المسْجِدُ الَّذِي أُسْرِيَ بِنَبِيِّكُمْ إِلَيْهِ، وَنَحْنُ نُحِبُّ أنْ يَفْتَحَهَا مَلِيكُكُمْ، وَكَانَ الخلِيفَةُ عُمَرَ بن الخَطَّابِ، فَبَعَثَ المُسْلِمُونَ إِليْهِ وَفْدًا، وَبَعَثَ الرُّومُ وَفْدًا مَعَ المُسْلِمِينَ حَتَّى أَتَوْا المدِينَةَ، فَجَعَلُوا يَسألُونَ عَنْ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ، قَالَ الرُّومُ لِتُرْجَمَانِهِمْ: عَمَنْ يَسألُونَ؟ قَالَ: عَنْ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ فَاشْتَدَّ عَجَبُهُمْ، وَقَالُوا: هَذَا الَّذِي غَلَبَ فَارِسَ وَالرُّومَ، وَأَخَذَ كُنُوزَ كِسْرَى وَقَيْصَرَ، وَلَيْسَ لَهُ مَكَانٌ يُعْرَفُ؛ بِهَذَا غَلَبَ الْأُمَمَ، فَوَجَدُوهُ وَقَدْ أَلْقَى نَفْسَهُ حِينَ أصَابَهُ الحرُّ نَائِمًا؛ فَازْدَادُوا تَعَجُّبًا، فَلَمّا قَرَأَ كِتَابَ أَبِي عُبَيْدَةَ أَقْبَلَ حَتَّى نَزَلَ بَيْتَ المقْدِسِ، وَفِيهَا اثْنَيْ عَشَرَ ألفًا مِنَ الرُّومِ، وَخَمْسُونَ أَلْفًا مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ، فَصَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ يُسَيِّرُوا الرُّومَ، وَأَجَّلَهُمْ ثَلَاثًا، فَمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ بَعْدَ ثَلَاثٍ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ، وَأَمَّنَ مَنْ بِهَا مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ، وَضَرَبَ عَلَيْهِمُ الجزْيَةَ، عَلَى القَوِيِّ خَمْسَةُ دَنَانِيرَ، وَعَلَى الَّذِي يَلِيهِ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ، وَعَلَى الَّذِي يَلِيهِ ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ، وَلَيْسَ عَلَى فَانٍ كَبِيرٍ شَيْءٌ، وَلَا عَلَى طِفْلٍ صَغِيرٍ، ثُمَّ أَتَى مِحْرَابَ دَاوُدَ نَبِيِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى جَمِيع
= وقال ابن كثير في "البداية والنهاية (7/ 61): وقد ذكرنا الشروط العمرية على نصارى الشام مطولًا في كتابنا "الأحكام"، وأفردنا له مصنفًا على حدة وللَّه الحمد والمنة.
انظر: "أحكام أهل الذمة"(2/ 115)، و"الإرواء"(1265).
الأنبِيَاءِ وَالمرْسَلِين فَصَلَّى فِيهِ، فَقَرَأَ فِيهِ "صلى الله عليه وسلم".
(122)
306 -
قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي "الجامِعِ المسْتَقْصَى":
قُرِئَ عَلَى أَبِي طَاهِرِ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الحسَنِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْفَضْلِ الْأَنْمَاطِي، أَبَنَا الْقَاضِي أَبُو الحسَيْنِ محْمُودُ بْنُ حمود، ثَنَا مُحَمَّدُ بن أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، ثَنَا عُمَرُ بن الْفَضْلِ بْنِ مُهَاجِر، ثَنَا أَبِي، ثَنَا الْوَلِيدُ، ثَنَا يَحْيَى بن يَعْقُوب، ثَنَا مُحَمَّدٌ بن عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثَنَا الْوَلِيد بن مُسْلِمٍ، حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ وَلَدِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ: أنَّهُ حَضَرَ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ حِينَ دَخَلَ مَسْجِدَ بَيْتِ المقْدِسِ يَوْمَ فَتَحَها اللَّهُ جَل ثَنَاؤُهُ بِالصَّلْحِ، فَدَخَلَ مِنْ بَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم حَبْوًا، وَمَنْ دَخَلَ مَعَهُ حَتَّى ظَهَرَ إِلَى صَحنِهِ، ثُمَّ نَظَرَ يَمِينًا وَشِمَالًا ثُمَّ كَبَّرَ ثُمَّ قَالَ: هَذَا وَاللَّهِ -أَوْ هَذَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ- مَسْجِدُ دَاوُدَ، أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنَّه أُسْرِيَ بِهِ إِلَيْهِ، وَتَقَدَّمَهُ إِلَى مُقَدَّمِهِ مِمَّا يَلِي الغَرْبَ، قاَلَ: نَتَّخِذُ هَاهُنَا مَسْجِدًا لِلْمُسْلِمِينَ.
(123)
307 -
قَالَ ابْنُ المرَجَّا في "فَضَائِلِ بَيْتِ المقْدِسِ":
أَخْبَرَنَا أَبُو الحسن علي بن موسى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِى بْنِ يَعْقوب بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَبَنَا أَبُو عَبْدِ الملِكِ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ القرشي، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَائِذٍ، عن الْوَلِيدُ،
(122)
(إسناده ضعيف)
"فضائل بيت المقدس"(ص 54 - 55)، وأخرجه ابن عساكر في "الجامع المستقصى"(ق 158) من طريق محمد بن عائذ به.
وفيه عطاء بن أبي مسلم أبو عثمان الخراساني؛ قال ابن حجر في "التقريب"(4633): صدوق يهم كثيرًا ويرسل ويدلس من الخامسة. والراوي عنه مجهول لم يسم.
(123)
(ضعيف الإسناد)
"الجامع المستقصى"(ق 167 ب - 168 أ)، وذكره شهاب الدين المقدسي في "مثير الغرام"(ق 10 ب)، وذكره السيوطي المنهاجي في "إتحاف الأخصا"(ق 24 ب).
وفيه مبهم، ويغلب على ظني أنه محمد بن عبد الرحمن بن شداد؛ فقد صرَّح به في غير هذا الموضع كما سبق من وجه آخر، انظر حديث رقم (137)، ولعل الوليد دلَّسه لشدة ضعفه.
قَالَ: أَخَبَرَنِي ابْن شَدَّادٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ عُمَرَ بن الخطاب رضي الله عنه لمَّا فَرَغَ مِنْ كِتَابِ الصُّلْحِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِ بَيْتِ المقْدِسِ، قَالَ لَبَطْرِيقِهَا: دُلَّنِي عَلَى مَسْجِدِ دَاوُدَ، قَالَ: نَعَمْ، فَخَرَجَ عُمَرُ مُتَقَلِّدًا بسَيْفِهِ فِي أَرْبَعَةِ آلافٍ مِنْ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ قَدِمُوا مَعَهُ مُتَقَلِّدِينَ سُيُوفَهمْ، وَطَائِفَةٌ مِنَّا مِمَّنْ كَانَ عَلَيْهَا لَيْسَ عَلَيْنَا مِنَ السِّلَاحِ إِلَّا السُّيُوفُ، وَالبَطْرِيقُ بَيْنَ يَدَي عُمَرَ فِي أَصْحَابِهِ وَنَحْن خَلْفَ عُمَرَ؛ حَتَّى دَخَلْنَا مَدِينَةَ بَيْتِ المقْدِسِ، حَتَّى أُدخِلْنَا الْكَنِيسَةَ الَّتِي يَقُولُونَ لها: القِيَامَةِ، فَقَالَ: هَذَا مَسْجِدُ دَاوُدَ. قَالَ: فَنَظَرَ عُمَرُ وَتَأَمَّلَ مَلِيًّا، فَقَالَ: كَذَبْتَ، لَقَدْ وَصَفَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَسْجِدَ دَاوُدَ عليه السلام بِصِفَةٍ مَا هِيَ هَذِهِ. قَالَ: فَمَضَى بِهِ إِلَى الكَنِيسَةِ التي يُقَالُ لَهَا: صُهْيُونُ، فَقَالَ: هَذَا مَسْجِدُ دَاوِدَ، فَقَالَ له: كَذَبْتَ، قَالَ: فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى مَسْجِدِ بَيْتِ المقْدِسِ حَتَّى انْتَهَى بِهِ إِلَى بَابِهِ الذِي يُقَال لَهُ: بَابُ مُحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ انْحَدَرَ مَا فِي المَسْجِدِ مِنَ المزْبَلَةِ عَلَى دَرَج البَابِ، حَتَّى خَرَجَ إِلَى الزُّقَاقِ الَّذِي فِيهِ البَابُ وَكَثرَ عَلَى الدَّرَجِ حَتَّى كَادَ أَنْ يَلزَقَ بِسَقفِهِ، فَقَالَ: لَا تَقْدِرُ أَنْ تَدْخُلَهُ إِلَّا حَبْوًا. فَقَالَ: وَلَوْ حَبْوًا، فَحَبَا بَيْنَ يَدَيْ عُمَرَ، وَحَبَا عُمَرُ خَلْفَهُ، وَحَبَوْنَا خَلْفَهُ حَتَّى أَفْضَيْنَا إلَى صَخْرَةِ بَيْتِ المقْدِسِ، وَاسْتَوقَفْنَا فِيهِ قِيَامًا، فَنَظَرَ عُمَرُ وَتَأَمَّلَهُ مَلِيًّا، فَقَالَ: هَذَا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِه الَّذِي وَصَفَ لَنَا رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
(124)
308 -
قَالَ ابْنُ المرَجَّا في "فَضَائِلِ بَيْتِ المقْدِسِ":
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَرَجِ، قال: أَبَنَا أَحْمَدُ بن خَلَفِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قال: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ
(124)
(إسناده ضعيف)
"فضائل بيت المقدس"(ص 63)، وأخرجه ابن عساكر في "الجامع المستقصى"(ق 168 أ - 169 أ)، من طريق علي بن يعقوب بن إبراهيم به، وذكره شهاب الدين المقدسي في "مثير الغرام"(ق 10 ب - 11 أ)، والسيوطي المنهاجي في "إتحاف الأخصا"(ق 24 ب) عن الوليد به.
قلت: إسناده ضعيف، وابن شداد هو محمد بن عبد الرحمن بن شداد، وهذه السلسلة ضعيفة؛ ضعفها أبو حاتم في "الجرح والتعديل"(7/ 315).
ابنِ سُلَيْمَانَ الطَّبَرَانِي، قال: ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ حَمَّادٍ، قال: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَلَامَةَ بْنِ مُحَمَّدِ ابنِ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامَةَ بْنِ قَيْصَرَ، قال: حَدَّثَنِي أَبِي سَلَامَةُ بن مُحَمَّدٍ، وَخَالِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ جَدِّهِمَا، عَنْ سَلامَةَ بْنِ قَيْصَرٍ -وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الخطَّابِ رضي الله عنه خَلَّفَهُ عَلَى بَيْتِ المقْدِسِ يُصَلِّي بِالنَّاسِ-: إِنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه لمَّا فَتَحَ بَيْتَ المقْدِسِ وَقَفَ فِي رَأْسِ السُّوقِ فِي أَعْلَاهُ، فَقَالَ: لِمَنْ هَذَا الصَّفُّ؟ -يَعْنِي صَفَّ سُوقِ البَزَّازِينَ- فَقَالُوا: لِلنَّصَارَى. قَالَ: لِمَنْ هَذَا الصَّفُّ الغَرْبِيُّ الَّذِي فِيهِ حَمَّامُ السُّوقِ؟ فَقَالُوا: لِلنَّصَارَى، فَقَالَ بِيَدِه هَكَذَا: هَذَا لَهُمْ وَهَذَا لَهُمْ -يَعْنِي النَّصَارَى- وَهَذَا لَنَا مُبَاحٌ، يَعْنِي السُّوقَ الْأَوْسَطَ الَّذِي بَيْنَ الصَّفَّيْنِ، يَعْنِي السُّوقَ الكَبِيرَ الَّذِي كَانَ فِيهِ قُبَّةُ الرَّصَاصِ.
(125)
309 -
قَالَ الوَاسطِي فِي "فَضَائِلِ البَيْتِ المقَدَّسِ":
حَدَّثَنَا عُمَرُ، نَا أَبِي، نَا الْوَلِيدُ، نَا يَزِيدُ بْنُ خَالِد، نَا رديحُ بْنُ عَطِيَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: لمَّا فَتَحَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رضي الله عنه بَيْتَ المقْدِسِ وَجَدَ عَلَى الصَّخْرَةِ زَبْلًا كَثِيرًا مِمَّا طَرَحَهُ الرُّومُ غَيْظًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، فَبَسَطَ عُمَرُ رِدَاءَهُ فَجَعَلَ يَكْنُسُ ذَلِكَ الزَّبْلَ، وَجَعَلَ المُسْلِمُونَ يَكْنُسُونَ مَعَهُ.
(126)
(125)
(إسناده ضعيف)
"فضائل بيت المقدس"(ص 70)، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في "الجامع المستقصى"(ق 170).
قلت: وإسناده مسلسل بالمجاهيل؛ وسلامة بن قيصر ترجم له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(4/ 299)، وقال: ليس حديثه بشيء من وجه يصح. أهـ ..
والوليد بن حماد هو الرملي، مكثر في رواية الغرائب والواهيات.
(126)
(مرسل)
"الجامع المستقصى"(ق 176)، وذكره شهاب الدين المقدسي في "مثير الغرام"(ق 11 ب)، والسيوطي المنهاجي في "إتحاف الأخصا"(ق 24 ب - 25 أ).
310 -
قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي "الجامِعِ المسْتَقْصَى":
أَبَنَا أَبُو طَاهِرِ بْنُ أبِي إِسْحَاقَ الْقُرَشِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، عَنْ أَبِي الحسَن بْنِ المشَرَّفِ الْأَنْمَاطِي وَعَلِيُّ بْنُ الحسَينِ بْنِ عُمَرَ الموصِلِي الْفراءُ، قَالَا: أَنَا أَبُو الحسَنِ بْنُ الدَّلِيلِ قَاضِي بِلْبِيس، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ خَطِيبُ الْقُدْسِ، نَا عُمَرُ ابْنُ الْفَضْلِ الرَّبْعِي، ثنَا أَبِي، ثَنَا الْوَلِيدُ الرَّمْلِي، ثَنَا مُحَمَّدُ النُّعْمَان، نَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَا أَبُو عَبْدِ الملِكِ، عَنْ غَالِبٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ كَعْبٍ فَذَكَرَ إِلَى عُمَرَ يُخْبِرُونَهُ بِذَلِكَ، قَالَ: فَرَكِبَ عُمَرُ مِنَ المدِينَةِ حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِمْ، قَالَ: فَنَهَضُوهُمُ الْقِتَالَ بَعْدَ أَنْ قَدِمَ عُمَرُ قَبْلَ كَذَا مِنَ المدِينَةِ حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِمْ، قَالَ: فَظَهَرُوا عَلَى أَمَاكِنَ لَمْ يَكُونُوا ظَهَرُوا عَلَيْهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَظَهَرُوا يَوْمَئِذٍ عَلىَ كَرْمٍ كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ لِرَجُلٍ مِنْهُمْ لَهُ ذِمَّةٌ مَعَ المُسْلِمِينَ فِي كَرْمِهِ قَالَ: فَوَقَعَ المُسْلِمُونَ فِي كَرْمِهِ فَجَعَلُوا يَأكُلُونَهُ، قَالَ: فَأتَى الذِّمِّيُّ عُمَرَ بْنَ الخطابِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، كَرْمِي كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ فَلَمْ يهيجوهُ ولَمْ يعرضوا لَهُ وَأَنَا رَجُلٌ لِي ذِمَّةٌ فَلَمَّا ظَهَرَ عَلَيْهِ المُسْلِمُونَ وَقَعُوا فِيهِ، قَالَ: فَدَعَا عُمَرُ بْنُ الخطَّاب ببريدينِ لَهُ فَرَكِبَهُ عريًا مِنَ الْعَجَلَةِ، قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ يَرْكُضُ فِي عراضِ المُسْلِمِينَ قَالَ: فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ لَقِيَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ يَحْمِلُ فَوْقَ رَأسِهِ مِلْئَ تُرْسُهُ عِنَبًا، قَالَ: فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: وَأنتَ أَيْضًا يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟! قَالَ: فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ شَدِيدَةٌ، وَكَانَ أَحَقَّ مَنْ أَكَلْنَا مَالَهُ مَنْ قَاتَلْنَا مِنْ وَرَائِهِ. قَالَ: فَرَكِبَهُ أَوْ فَتَرَكَهُ عُمَرُ، ثُمَّ مَضَى حَتَّى أَتَى الْكَرْمَ قَالَ: فَنَظَرَ فَإِذَا النَّاسُ قَدْ أَسْرَعُوا فِيهِ قَالَ: فَدَعا عُمَرُ الذِّمِّيَّ فَقَالَ لَهُ: كَمْ كُنْتَ تَرْجُو مِنْ غَلَّةِ كَرَمِكَ هَذَا؟ قَالَ: فَقَالَ لَهُ: سِتًّا. قَالَ: فَخَلِّهِ سَبِيلَهُ، قَالَ: فَأَخْرَجَ عُمَرُ مِنْهُ الَّذِي قَالَ لَهُ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ قَالَ: ثُمَّ أَبَاحَهُ عُمَرُ لِلمُسْلِميِنَ.
(127)
= وسعيد بن عبد العزيز من أتباع التابعين، وفي الإسناد إليه مجاهيل لم أعرفهم.
(127)
(إسناده ضعيف جدًّا)
"الجامع المستقصى"(ق 155 ب - 156 أ)، وذكره المقدسي في "مثير الغرام"(ق 9 ب)، والسيوطي في =
311 -
قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي "الجامِعِ المسْتَقْصَى":
أَبَنَا أَبُو الْقَاسِم بْنُ أَبِي الْأَشْعَثُ إِذْنًا، وَأَبَنَا أَبِي عَنْهُ، أَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي جَعْفَر الْمعدلُ، أَبَنَا أَبُو الحسَنِ الحماني، أَبَنَا أبو عَلِيِّ بْنُ الصَّوَاف، ثَنَا الحسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى، أَبَنَا إِسْحَاقُ بْنُ بِشْير، قَالَ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ ركانةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لمَّا قَدِمَ عُمَرُ بن الخَطَّابِ الجابِيَةَ قَالَ لَهُ رَجُلٍّ مِنْ يَهُودَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، لَا تَرْجِعُ إِلَى بِلَادِكَ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ إِيلِيَاءَ، فَبَيْنَمَا عُمَرُ بِهَا إِذْ نَظَرَ إِلَى كُرْدُوسِ
(128)
خَيْل مُقْبِلٍ عَلَيْهِ، فَلَمَّا دَنَوْا مِنْهُ فَقَالَ عُمَرُ: هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُسْتَأْمِنُونَ، فَأَمَّنَهُمْ -أَوْ فَأَمَّنُوهُمْ- فَإِذَا هُمْ أَهْلُ إِيلِيَاءَ، فَصَالَحَهُمْ عُمَرُ عَلَى الجزْيَةِ وَفَتَحُوهَا لَهُ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ، وَكَانَ فَتْحُ إِيلِيَاءَ مَدِينَةَ بَيْتِ المقْدِسِ وَحِمْصَ بالشَّامِ عَلَى يَدَيْ حَنْظَلَةَ بن الطُّفَيْلِ السُّلَمِيِّ بَعَثَهُ إِلَيْهَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجرَّاحِ.
(129)
312 -
قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي "الجامِعِ المسْتَقْصَى":
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الكتْبِي كِتَابَةً، وَابُنَا أَبِي عَنْهُ، أبَنَا أَبُو عَلِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمسلمةِ، أبَنَا أَبُو الحسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ، أَبَنَا أَبُو عَلِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الحسَنِ، أبَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الحسَنُ بْنُ عَلِي الْقَطان، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى الْعَطارُ، أبَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ الْقُرَشِي، قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ
= "إتحاف الأخصا"(ق 24 أ)، ومجير الدين في "الأنس الجليل"(1/ 253).
قلت: وإسناده واهٍ، وفيه غالب بن عبيد اللَّه العقيلي، ضعفه النقاد. وانظر "لسان الميزان"(5/ 404).
(128)
الكُرْدُوس: الخيل العظيمة، وقيل القطعة من الخيل العظيمة، والكراديس الفرق منهم، ويقال كردس القائد خيله أي جعلها كتيبة كتيبة. انظر "لسان العرب": كردس.
(129)
(إسناده ضعيف جدًّا)
"الجامع المستقصى"(ق 164 أ)، وذكره ابن حبان في "الثقات"(2/ 213)، والطبري في "التاريخ"(2/ 448).
وفيه إسحاق بن بشر البخاري متروك، وكذبه ابن معين والدارقطني. انظر "لسان الميزان"(1/ 48).
أَبُو عُبَيْدَةَ مِنْ حِمْصَ يُريدُ -أَوْ فمر- دِمَشْقَ فَوَلَّاهَا سَعِيدَ بن زَيْدِ بن عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى أَتَى الأُرْدُنَّ فَنَزَلَهَا فَعَسْكَرَ بِهَا وَكَتَبَ بِهَا إِلَى أَهْلِ إِيلِيَاءَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنَ الجَرَّاحِ إِلَى بَطَارِقَةِ أَهْلِ إِيلِيَاءَ وَسُكَّانِهَا، سَلَامٌ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الهُدَىَ، وَآمَنَ باللَّهِ وَبالرَّسُولِ، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّا نَدْعُوكُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَن مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا، وَأَنَّ اللَّه يَبْعَثُ مَنْ فِي القُبُورِ، فَإِذَا شَهِدْتُّمْ بِذَلِكَ حَرُمَتْ عَلَيْنَا أَمْوَالُكُمْ وَدِمَاوُكُمْ وَكُنْتُمْ لَنَا إِخْوَانًا، وَإِنْ أبَيْتُمْ فَأَقِرُّوا لَنَا بِالجزْيَةِ بِأَدَاءٍ عَنْ يَدٍ وَأَنْتُمْ صَاغِرُونَ، إِنْ أَنْتُمْ أَبَيْتُمْ سِرْتُ إِلَيْكُمْ بِقَوْمٍ هُمْ أَشَدُّ حُبًّا لِلْمَوْتِ مِنْكُمْ لِشُرْب الخمْرِ وَأَكْلِ لَحْمِ الخنْزِيرِ، ثُمَّ لَا أَرْجِعَ عَنْكُمْ -إِنْ شَاءَ اللَّهُ- أبَدًا حَتَّى أَقْتُلَ مُقَاتِلِّتَكُمْ وَأَسْبِي ذَرَارِيكُمْ. قَالُوا: ثُم إِنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ انْتَظَرَ أَهْلَ إِيلِيَاءَ فَأَبَوا أَنْ يَأْتُوهُ وَلَا يُصَالِحُوهُ. قَالُوا: فَأَقْبَلْتُ أَوْ فَأَقْبَلَ سَائِرًا إِلَيْهِمْ حَتَّى نَزَلَ لَهُمْ فَحَاصَرَهُمْ حِصَارًا شَدِيدًا، وَضَيَّقَ عَلَيْهِمْ فَخَرَجُوا إِلَيْهِ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَاتَلُوا المُسْلِمِينَ، ثُمَّ إِنَّ المُسْلِمِينَ شَدُّوا عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ فَقَاتَلُوهُمْ حَتَّى دَخَلُوا حِصْنَهُمْ، وَكَانَ الذِي وَلِيَ قِتَالَهُمْ يَوْمَئِذٍ خَالِدُ بن الْوَلِيدِ وَيَزِيدُ بن أَبِي سُفْيَانَ، كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمَا فِي جَانِبٍ. قَالُوا: فَبَلَغَ ذَلِكَ سَعِيدَ بن زَيْدٍ وَهُوَ عَلَى أَهْلِ دِمَشْقَ فَكَتَبَ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، لِأَبِي عُبَيْدَةَ بن الجَرَّاحِ مِنْ سَعِيدِ بن زَيْدٍ، سَلَامٌ عَلَيْكَ، فَإنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّه الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ. أمَّا بَعْدُ؛ فَإِنِّي لَعَمْرِي مَا كُنْتُ لِأُوثِرَكَ وَأَصْحَابَكَ بِالِجِهَادِ عَلَى نَفْسِي، وَعَلَى مَا يُدْنِينِي مِنْ مَرْضَاةِ رَبِّي، فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا فَابْعَثْ إِلَى عَمَلِكَ مَنْ هُوَ أَرْغَبُ مِنِي فَلْتُلِيهِ مَا بَدَا لَكَ؟ فَإِنِّي قَادِمٌ عَلَيْكَ وَشِيكًا -إِنْ شَاءَ اللَّهُ- وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. قَالُوا: فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ حِينَ جَاءَهُ الكِتَابُ: لَنَتْرُكَنَّهَا خَلُوفًا، ثُمَّ دَعَا يَزِيدَ بن أَبِي سُفْيَانَ فَقَالَ لَهُ: اكْفِنِي دِمَشْقَ. فَقَالَ لَهُ يَزِيدُ: أَكْفِيكَهَا -إِنْ شَاءَ اللَّهُ- فَسَارَ إِلَيْهِ فَوَلِيَهَا لَهُ، قَالَ: وَلَمَّا حَصَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ أَهْلَ إِيلِيَاءَ
وَرَأَوْا أَنَّهُ غَيْرَ مُقْلع عَنْهُمْ وَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ طَاقَةَ بِحَرْبِهِ قَالُوا لَهُ: نَحْنُ نُصَالِحُكَ. قَالَ: فَإِنِّي قَابِلٌ مُنْكُمْ. قَالُوا: فَأَرْسِلْ إِلَى خَلِيفَتِكُمْ عُمَرُ فَيَكُونُ هُوَ الَّذِي يُعْطِينَا هَذَا العَهْدَ، وَيَكْتُبَ لَنَا الْأَمَانَ، فَقَبِلَ ذَلِكَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَهَمَّ بِالْكِتَابِ، وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ قَدْ بَعَثَ مُعَاذَ بن جَبَلٍ عَلَى الأُرْدُنِّ فَلَمْ يَكُنْ سَارَ، فَقَالَ مُعَاذُ لِأَبِي عُبَيْدَةَ: أَتَكْتُبُ إِلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِينَ تأمُرُهُ بِالقُدُومِ عَلَيْكَ؟! فَلَعَلَّهُ يَقْدُمُ ثُمَّ يَأبى هَؤُلَاءِ الصُّلْحِ فَيَكُونُ مَجِيئُه فَضْلًا وَعَنَاءً، فَلَا تَكْتُبْ حَتَّى يُوَثِّقُوا لَكَ، وَاسْتَحلِفْهُمْ بِالْأَيْمَانِ المغَلظَةِ لَئِنْ أَنْتَ بَعَثْتَ إِلَى أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عُمَرَ فَقَدِمَ عَلَيْهمْ فَأَعْطَاهُمُ الأَمَانَ عَلَى أنفُسِهِمْ وَأمْوَالِهِمْ، وَكَتَبَ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ كِتَابًا لَيَقْبَلُن وَلَيُؤَدُّنَّ الجزْيَةَ، وَلَيَدْخُلُنَّ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ أَهْلُ الشَّامِ. قَالُوا: فَبَعَثَ بِذَلِكَ إِلَيْهِمْ أَبُو عُبَيْدَةَ وَكَتَبَ إلَى عُمَرَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، لِعَبْدِ اللَّه عُمَرَ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ مِنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بن الجَرَّاحِ سَلَامٌ عَلَيْكَ، فَإِني أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنا أَقَمْنَا عَلَى إِيلِياءَ، وَظَنُّوا أَنَّ لَهُمْ فِي مُطَاوَلَتِهِمْ فَرَجًا، فَلَمْ يَزُدْهُمُ اللَّهُ بِهَا إِلا ضِيقًا وَنَقْصًا وَهَزَلًا وَذُلًّا، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ سَأَلُونَا أَنْ يَقْدُمَ عَلَيْهِمْ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ فَيَكُونُ الموَثِّقَ لَهُمْ وَالمكَاتِبَ لَهُمْ، فَخَشِينَا أَنْ يَقْدُمَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ وَيَغْدِرُ الْقَوْمُ وَيَرْجِعُونَ، فَيَكُونُ مَسِيْرُكَ أَصْلَحَكَ اللَّهُ عَنَاءً وَفَضْلًا، فَأَخَذْنَا عَلَيْهمُ الموَاثِيقَ المغَلَّظَةَ بأَيْمَانِهِمْ لَيَقْبَلُنَّ وَلَيُؤَدُّنَّ الجزْيَةَ وَلَيَدْخُلُنَّ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ أَهْلُ الذِّمَةِ فَفَعَلُوا، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَقْدُمَ فَافْعَلْ؛ فَإِنَّ فِي مَسِيرِكَ أجْرًا وَصَلَاحًا، آتَاكَ اللَّهُ رُشْدَكَ وَيَسَّرَ أَمْرَكَ وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. قَالَ: فَلَمَّا قَدِمَ الْكِتَابُ عَلَى عُمَرَ دَعَا رُؤَسَاءَ المُسْلِمِينَ إلَيْهِ فَقَرَأَ عَلَيْهمْ كَتَابَ أبِي عُبَيْدَةَ وَاسْتَشَارَهُمْ فِي الَّذِي كَتَبَ بِهِ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: أصْلَحَكَ اللَّه، إِنَّ اللَّه قَدْ أَذَلَّهُمْ وَحَصَرَهُمْ وَضَيَّقَ عَلَيْهِمْ، وَهُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ يَزْدَادُونَ نَقْصًا وَهَزَلًا وَضَعْفًا وَرُعْبًا؛ فَإِنْ أَنْتَ أَقَمْتَ وَلَمْ تَسِرْ إِلَيْهِمْ رَأَوْا أنَّكَ بَأَمْرِهِمْ مُسْتَخِفٌّ، وَلِشَأْنِهِمْ حَاقِرٌ غَيْرَ مُعَظِّمٍ، فَلَا يَلْبَثُونَ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى يَنْزِلُوا عَلَى الحكْمِ وَيُعْطُوا الجزْيَةَ.
فَقَالَ عُمَرُ: مَاذَا تَرَونَ؟ هَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ رَأْيٌ غَيْرَ هَذَا؟ قَالُوا: لَا. فَقَالَ عَلِىٌّ: نَعَمْ عِنْدِي غَيْرَ هَذَا الرَّأْيِ. قَالَ: مَا هُوَ؟ فَقَالَ: إِنهُمْ قَدْ سَألُوكَ المنزِلَةَ الَّتِي فِيهَا الذُّلَّ لَهُمْ وَالصَّغَارَ وَهُوَ عَلَى المُسْلِمِينَ فَتْحٌ لَهُمْ وَعِزٌّ، وَهُمْ يُعْطُونَكَهَا الْآنَ فِي العَاجِلِ فِي عَافِيَةٍ لَيْسَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ ذَلكَ إِلَّا أَنْ تَقْدُمَ عَلَيْهِمْ، وَلَكَ فِي الْقُدُومِ عَلَيْهِم الأَجْرَ فِي كُلِّ ظَمَأٍ وَمَخْمَصَةٍ، وَفِي كُلِّ قَطْعِ وَادٍ، وَفِي كُلِّ نَفَقَةٍ حَتَّى تَقْدُمَ عَلَيْهِمْ، فَإِذَا أَنْتَ قَدِمْتَ عَلَيْهِمْ كَانَ الْأَمْنُ والعَافِيَةُ وَالصَّلَاحُ وَالفَتْحُ، وَلَسْتُ آمَنُ إِنْ أَيِسُوا مِنْ قَبُولِكَ الصُّلْحَ مِنْهُمْ أَنْ يَتَمَسَّكُوا بِحِصْنِهِمْ فَيَأْتِيَهُمْ عَدُوٌّ لَنَا مْنْهُمْ مَدَدًا، فَيَدْخُلَ عَلَى المُسْلِمِينَ بَلاءٌ وَطُولُ حِصَارٍ، فَيُصِيبُ المُسْلِمِينَ مِنْ الجهْدِ وَالجوعِ نَحْوَ مَا يُصِيبُهُمْ، وَلَعَلَّ المُسْلِمِينَ يَدْنُونَ مِنْ حِصْنِهِمْ فَيَرْشُقُونَهُمْ بِالنَّشَابِ، أَوْ يَقْذِفُوهْمْ بِالمجَانِيقِ؛ فَإِنْ أُصِيبَ بَعْضُ المُسْلِمِينَ تَمَنَّيْتُمْ أَنَّكُمْ افْتَدَيْتُمْ بِقَتْلِ رَجُلٍ مِنَ المُسْلِمِينَ بَتَسْيِيرِكُمْ إِلَى مُنْقَطَعِ التُّرَابِ، وَكَانَ المُسْلِمُ لِذَلِكَ مِنْ إِخْوَانِهِ أَهْلًا. فَقَالَ عُمْرُ: قَدْ أَحْسَنَ عُثْمَانُ النَّظَرَ فِي مَكِيدَةَ العَدُوِّ، وَقَدْ أَحْسَنَ عَلِيُّ بن أَبِي طَالِبٍ النَّظَرَ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، سِيرُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ؛ فَإِنِّي سَائِرٌ. قَالُوا: فَخَرَجَ فَعَسْكَرَ خَارِجًا مِنَ المدِينَةِ، وَنُودِيَ فِي النَّاسِ بِالمعَسْكَرِ وَالمسِيرِ، فَعَسْكَرَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ المطَّلِبِ بِأَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَوُجُوهِ قُرَيْشٍ وَالْأَنَصَارِ وَالْعَرَبِ حَتَّى لمَّا تَكَامَلَ عِنْدَهُ النَّاسُ اسْتَخْلَفَ عَلَى المدِينَةِ عَلِيَّ بن أَبِي طَالِبٍ وَسَارَ. قَالُوا: فَقَلَّ غَدَاةٌ إِلَّا وَهُوَ يُقْبِلُ عَلَى المُسْلِمِينَ بِوَجْهِهِ إِذَا أَصْبَحَ فَيَقُولُ: الحمْدُ للَّهِ الَّذِي أَعَزنَا بِالإِسْلَامِ، وَأَكْرَمَنَا بِالإيمَانِ، وَرَحِمَنَا بِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فَهَدَانَا بِهِ منَ الضَّلَالَةِ، وَجَمَعَنَا بِهِ مِنْ بَعْدِ شَتَاتٍ، وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوِبِنَا، وَنَصَرَنَا بِهِ عَلَى الأَعْدَاءِ، وَمَكَنَ لَنَا فِي البِلادِ، وَجَعَلَنَا إِخْوَانًا مُتَحَابِّينَ، فَاحْمَدُوا اللَّه عِبَادَ اللَّهِ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ، وَاسْأَلُوهُ المزِيدَ مِنْهَا، وَالشُّكْرَ عَلَيْهَا، وَتَمَامَ مَا أَصْبَحْتُمْ تَتَقَلَّبُونَ فِيهِ مِنْهَا؛ فَإِنَّ اللَّه يَزِيدُ المرِيدِينَ الرَّاغِبِينَ، وُيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَى الشَّاكِرِينَ، قَالُوا: وَكَانَ لَا يَدَعُ هَذَا الْقَوْلَ فِي كُلِّ غَدَاةٍ فِي
سَفَرِهِ كُلِّهِ، قَالُوا: فَلَمَّا دَنَا مِنَ الشَّامِ عَسْكَرَ حَتَّى تَتَامَّ إِلَيْهِ مَنْ تَخَففَ عَنِ العَسْكَرِ، قَالَ: فَمَا هُوَ إِلَّا أَنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَإِذَا الرَّايَاتُ وَالرِّمَاحُ، وَإِذَا الجنُودُ قَدْ أَقْبَلُوا عَلَى الخيُولِ يَسْتَقْبِلُونَ عُمَرَ بْنَ الخطَّابِ، فَكَانَ أَوَّلُ مِقْنَبٍ لَقِيَنَا مِنَ النَّاسِ فَسَأَلَنَا عَنِ المدِينَةِ فَأَخْبَرْنَاهُ بِصَلاحِ النَّاسِ فَنَاَدَوْا؛ هَلْ لَكُمْ بِأَمِيرِ المُؤْمِنِينَ مِنْ عِلْمٍ؟ فَسَكَتَ وَمَضَوْا، وَأَقْبَلَ مِقْنَبٌ آخَرُ لَقِيَهُ فَسَلَّمُوا، ثُمَّ سَأَلُوا عَنْ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ؛ هَلْ لنَا بِهِ عِلْمٌ؟ فَقَالَ لَنَا: أَلَا تُخْبِرُونَ الْقَوْمَ عَنْ صَاحِبِكُمْ. فَقُلْنَا: حبهُمْ هَذَا أَمِيرُ المُؤْمِنينَ، فَذَهَبُوا يَرْجِعُونَ يَقْتَحِمُونَ عَنْ خُيُولِهِمْ فَنَادَاهُمْ عُمَرُ: لَا تَفْعَلُوا وَرَجَعَ الآخَرُونَ الَّذِينَ مَضَوْا فَسَارُوا مَعَنَا، وَأَقْبَلَ المُسْلِمُونَ يَصُفُّونَ الخيْلَ، وَيَشْرَعُونَ الرِّمَاحَ حَفَاءً فِي طَرِيقِ عُمَرَ، حَتَّى طَلع أَبُو عُبَيْدَةَ فِي عِظْمِ النَّاسِ، فَإِذَا هُوَ عَلَى قَلُوصٍ مُكَتَنِفُهَا بِعَبَاءَة خِطَامُهَا، خُطَامٌ مِنْ شَعَرٍ لَابسٌ سِلاحَهُ، مُتَنَكِّبٌ قَوْسَهُ، فَلَمَّا نَظَرَ إلَى عُمَرَ أَنَاخِ قَلُوصَهُ
(130)
وَأَنَاخَ عُمَرُ بَعِيرَهُ، فَنَزَلَ أَبُو عُبَيْدَةَ، فَأَقْبَلَ أَبُو عُبَيْدَةَ إِلَى عُمَرَ، فَأَقْبَلَ عُمَرُ إِلى أَبِي عُبَيْدَةَ، فَلَمَّا دَنَا مِنْ أَبِي عُبَيْدَةَ مَدَّ أَبُو عُبَيْدَةَ يَدَهُ إِلَى عُمَرَ لِيُصَافِحَهُ فَمَدَّ عُمَرُ يَدَهُ، فَأَخَذَهَا أَبُو عُبَيْدَةَ فَأَهْوَى لِيُقَبِّلَهَا يُرِيدُ أَنْ يُعَظِّمَهُ فِي العَامَّةِ، فَأَهْوَى عُمَرُ إِلَى رِجْلِ أَبِي عُبَيْدَةَ لِيُقَبِّلَهَا، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَهْ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ. وَتَنَحَّى، فَقَالَ عُمَرُ: فمَهْ يَا أبَا عُبَيْدَةَ. فَتَعَانَقَ الشَّيْخَانُ، ثُمَّ رَكِبَا يَتَسَايَرَانِ وَسَارَ النَّاسُ أَمَامَهُمَا، وَزَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الشَّامِ أَنَّهُمْ تَلَقَوْا عُمَرَ بِبِرْذَوْنَ وَثِيابٍ بِيْضٍ، فَكَلَّمُوهُ أَنْ يَرْكَبَ الْبِرْذَونَ لِيَرَاهُ العَدُوُّ فَهُوَ أَهْيَبُ لَهُ عِنْدَهُمْ، وَيَلْبَسُ البَيَاضَ، وَيَطْرَحُ الْفَرْوَ عَنْهُ فَأَبَى، ثُمَّ أَلَحُّوا عَلَيْهِ فَرَكِبَ البِرْذَوْنَ بِفَرْوِهِ وَثِيَابِهِ، فَهَمْلَجَ بِهِ البِرْذَوْنُ وَخِطَامُ رَاحِلَتِهِ بَعْدُ فِي يَدِهِ فَنَزَلَ فَرَكِبَ رَاحِلَتَهُ، وَقَالَ: لَقَدْ عَثَرَ بِي هَذَا حَتَّى خِفْتُ أَنْ أَتَكَبَّرَ -أَوْ أُنْكِرَ نَفْسِي- فَعَلَيْكُمْ يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ
(130)
القَلُوص: الفتية من الإبل، وقيل هي: الثنية، وقيل هي ابنة المخاض، وقيل هي كل أنثى من الإبل حين تركب وإن كانت بنت لبون أو حقة إلى أن تصير بكرة أو تبزل. انظر "لسان العرب": قلص.
بِالْقَصْدِ، وَبِمَا أَعَزَّكُمُ اللَّهُ عز وجل بِهِ.
(131)
313 -
قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي "الجامِعِ المسْتَقْصَى":
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ السَّمَرْقَنْدِي فِي كِتَابهِ، وَأَنَا أَبِي رحمه الله عَنْهُ، أَبَنَا أَبُو عَلِيُّ بْنُ المسلمة، أَنَا أَبُو الحسَنِ بْنُ الحمَّامي، أَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ الصّواف، أَبَنَا الحسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى، ثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، نَا إسحَاقُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ المسَيّبِ بْنِ رَافعٍ -أَوْ غَيْرِهِ- عَنْ كَعْبٍ (ح)، قَالَ أَبُو حُذيْفَةَ: وَثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ فِيهِ، عَنِ المقبُريِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِمَا، أَنَّ كَعْبَ الْأَحْبَارِ، قَالَ: قُلْتُ لِعُمَرَ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ: إنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّ هَذِهِ البِلادَ الَّتِي كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَهْلَهَا مَفْتُوحَةٌ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الصَّالِحِينَ، رَحِيمٌ بِالمؤْمِنِينَ، شَدِيدٌ عَلَى الْكَافِرِينَ، سِرُّهُ مِثْلَ عَلَانِيَتِهِ، وَقَوْلُهُ لَا يُخَالِفُ فِعْلَهُ، وَالقَرِيبُ وَالبَعِيدُ سَواءٌ فِي الحقِّ عِنْدَهُ، أَتْبَاعُهُ رُهْبَانٌ بِالليْلِ أُسْدٌ بِالنَّهَارِ، مُتَرَاحِمُونَ مُتَوَاصِلُونَ مُتَزَاوِرُونَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا كَعْبُ أَحَقٌّ مَا تَقُولُ؟ قَالَ: فَقُلْتُ: إِي وَالَّذِي يَسْمَعُ مَا أَقُولُ. قَالَ: الحمْدُ للَّهِ الَّذِي أَعَزنَا بِالْإِسْلَامِ وَأَكرَمَنَا وَشَرَّفَنَا بِمُحمَّد صلى الله عليه وسلم وَرَحْمَتِهِ الَّتِي وَسِعَتْ كَلَّ شَيءٍ. قَالُوا: فَلَمَّا فَرغَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ مِنْ أَهْلِ إِيلِيَاءَ، وَأَمَرَ أُمَرَاءَهُ بِأَمْرِهِ، فَأَذِنَ بِالمسِيرِ سَارَ مَعَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ وَأُمَرَاؤُهُ يُشَيِّعُونَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ وَسَارَ عُمَرُ
(131)
(ضعيف جدًّا)
"الجامع المستقصى"(ق 158 - 163)، وأخرجه ابن المرجا في "فضائل بيت المقدس"(ص 55 - 62)، وزاد فيه ونقص، وقال في أوله وفي غير رواية محمد بن عائذ: أن أبا عبيدة بن الجراح بعث إلى أهل إيلياء الرسل، وقال: اخرجوا إلي أكتب لكم الأمان على أنفسكم، ونفي لكم كما وفينا لغيركم، فتثاقلوا وأبوا، فكتب أبو عبيدة لهم بسم اللَّه الرحمن الرحيم. . . به، وذكره شهاب الدين المقدسي في "مثير الغرام"(ق 7 أ)، والسيوطي المنهاجي في "إتحاف الأخصا"(ق 23 أ).
قلت: وإسناده واهٍ؛ فيه: إسحاق بن بشر أبو حذيفة النجاري صاحب كتاب "المبتد" متروك وكذبه ابن المديني والدارقطني. انظر: "الميزان" للذهبي (1/ 335)، و"اللسان" لابن حجر (2/ 48). وفيه أيضًا إسماعيل بن عيسى البغدادي؛ قال ابن حجر في "اللسان" (2/ 119): روى كتاب "المبتدأ"، عن أبي حذيفة النجاري، ضعفه الأزدي، وصلحه غيره، ووثقه الخطيب، وذكره ابن حبان في "الثقات".