الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صحيح: رواه مسلم في فضائل الصحابة (2546) من طرق، عن عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن جعفر الجزري، عن يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة فذكره.
• عن قيس بن سعد بن عبادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو كان الإيمان معلّقا بالثريا لنالَه رجال من أبناء فارس".
صحيح: رواه أبو يعلى (1438) - واللفظ له -، والبزار (3741)، والطبراني في الكبير (18/ 353) كلهم من طرق عن سفيان بن عيينة، عن ابن نجيح (واسمه: عبد الله المكي) عن أبيه، عن قيس بن سعد بن عبادة قال: فذكره. وإسناده صحيح.
قال الهيثمي في المجمع (10/ 64 - 65): "رواه أبو يعلى والبزار ورجالهما رجال الصحيح".
57 - باب قصة إسلام سلمان الفارسي
• عن عبد الله بن عباس قال: حدَّثني سلمان الفارسي حديثه من فيه، قال: كنت رجلا فارسيا من أهل أصبهان من أهل قرية منها يقال لها: جَيُّ، وكان أبي دهقان قريته، وكنت أحب خلق الله إليه، فلم يزل به حبه إياي حتى حبسني في بيته كما تحبس الجارية، واجتهدت في المجوسية حتى كنت قَطَنَ النار الذي يوقدها لا يتركها تخبو ساعة، قال: وكانت لأبي ضيعة عظيمة، قال: فشُغِلَ في بنيان له يوما، فقال لي: يا بني! إني قد شغلت في بنيانٍ هذا اليوم عن ضيعتي، فاذهب فاطلعها، وأمرني فيها ببعض ما يريد، فخرجت أريد ضيعته، فمررت بكنيسة من كنائس النصارى، فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون، وكنت لا أدري ما أمر الناس لحبس أبي إياي في بيته، فلما مررت بهم وسمعت أصواتهم دخلت عليهم انظر ما يصنعون. قال: فلما رأيتهم أعجبني صلاتهم، ورغبت في أمرهم، وقلت: هذا والله! خير من الدين الذي نحن عليه، فوالله ما تركتهم حتى غربت الشمس، وتركت ضيعة أبي، ولم آتها. فقلت لهم: أين أصل هذا الدين؟ قالوا: بالشام. قال: ثم رجعت إلى أبي، وقد بعث في طلبي، وشغلته عن عمله كله، قال: فلما جئته قال: أي بنيّ! أين كنت؟ ألم أكن عهدت إليك ما عهدت؟ قال: قلت: يا أبت مررت بناس يصلون في كنيسة لهم فأعجبني ما رأيت من دينهم، فوالله! ما زلت عندهم حتى غربت الشمس. قال: أي بنيّ! ليس في ذلك الدين خير، دينك ودين آبائك خير منه. قال: قلت: كلا والله! إنه خير من ديننا. قال: فخافني، فجعل في رجلي قيدا، ثم حبسني في بيته.
قال: وبعثت إلى النصارى، فقلت لهم: إذا قدم عليكم ركب من الشام تجار من
النصارى فأخبِروني بهم. قال: فقدم عليهم ركب من الشام تجار من النصارى، قال: فأخبَروني بهم. قال: فقلت لهم: إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الرجعة إلى بلادهم فاذنوني بهم. قال: فلما أرادوا الرجعة إلى بلادهم أخبروني بهم، فألقيت الحديد من رجلي، ثم خرجت معهم حتى قدمت الشام، فلما قدمتها قلت: مَنْ أفضل أهل هذا الدين؟ قالوا: الأسقف في الكنيسة. قال: فجئته، فقلت: إني قد رغبت في هذا الدين، وأحببت ان أكون معك أخدمك في كنيستك، وأتعلم منك وأصلي معك. قال: فادخل. فدخلت معه، قال: فكان رجل سوء، يأمرهم بالصدقة، ويرغبهم فيها، فإذا جمعوا إليه منها أشياء، اكتنزه لنفسه، ولم يعطه المساكين، حتى جمع سبع قلال من ذهب وورق، قال: وأبغضته بغضا شديدا لما رأيته يصنع، ثم مات، فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه، فقلت لهم: إن هذا كان رجل سوء، يأمركم بالصدقة، ويرغبكم فيها، فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه، ولم يعط المساكين منها شيئا. قالوا: وما علمك بذلك؟ قال: قلت: أنا أدلكم على كنزه. قالوا: فَدُلَّنا عليه. قال: فأريتهم موضعه. قال: فاستخرجوا منه سبع قلال مملوءة ذهبا وورقا، قال: فلما رأوها قالوا: والله لا ندفنه أبدا. فصلبوه، ثم رجموه بالحجارة.
ثم جاؤوا برجل آخر، فجعلوه بمكانه، قال: يقول سلمان: فما رأيت رجلا لا يصلي الخمس، أرى أنه أفضل منه، أزهد في الدنيا ولا أرغب في الآخرة ولا أدأب ليلا ونهارا منه، قال: فأحببته حبا لم أحبه من قبله، فأقمت معه زمانا، ثم حضرته الوفاة، فقلت له: يا فلان إني كنت معك وأحببتك حبا لم أحبه من قبلك، وقد حضرك ما ترى من أمر الله، فإلى من توصي بي، وما تأمرني؟ قال: أي بنيّ! والله، ما أعلم أحدا اليوم على ما كنت عليه، لقد هلك الناس وبدلوا وتركوا أكثر ما كانوا عليه، إلا رجلا بالموصل، وهو فلان، فهو على ما كنت عليه، فالحق به. قال: فلما مات وغُيِّبَ لحقت بصاحب الموصل، فقلت له: يا فلان، إن فلانا أوصاني عند موته أن ألحق بك، وأخبرني أنك على أمره. قال: فقال لي: أقم عندي. فأقمت عنده، فوجدته خير رجل على أمر صاحبه، فلم يلبث أن مات، فلما حضرته الوفاة، قلت له: يا فلان، إن فلانا أوصى بي إليك، وأمرني باللحوق بك، وقد حضرك من الله عز وجل ما ترى، فإلى من توصي بي وما تأمرني؟ قال: أي بنيّ! والله، ما أعلم رجلا على مثل ما كنا عليه الا رجلا بنصيبين، وهو فلان، فالحق به. قال: فلما مات وغُيبَ
لحقت بصاحب نصيبين، فجئته فأخبرته بخبري وما أمرني به صاحبي. قال: فأقم عندي، فأقمت عنده، فوجدته على أمر صاحبيه، فأقمت مع خير رجل، فوالله ما لبث أن نزل به الموت. فلما حُضِرَ قلت له: يا فلان، إن فلانا كان أوصى بي إلى فلان، ثم أوصى بي فلان إليك، فإلى من توصي بي وما تأمرني؟ قال: أي بنيّ! والله، ما نعلم أحدا بقي على أمرنا آمرك أن تأتيه إلا رجلا بعمورية، فإنه على مثل ما نحن عليه، فإن أحببت فأته، قال: فإنه على أمرنا.
قال: فلما مات وغُيِّبَ لحقت بصاحب عمورية، وأخبرته خبري، فقال: أقم عندي، فأقمت مع رجل على هدي أصحابه وأمرهم، قال: واكتسبت حتى كان لي بقرات وغنيمة. قال: ثم نزل به أمر الله، فلما حُضِر قلت له: يا فلان إني كنت مع فلان، فأوصى بي فلان إلى فلان، وأوصى بي فلان إلى فلان، ثم أوصى بي فلان إليك، فإلى من توصي بي وما تأمرني؟ قال: أي بنيّ! والله، ما أعلمه أصبح على ما كنا عليه أحد من الناس امرك أن تأتيه ولكنه قد أظلك زمان نبي هو مبعوث بدين إبراهيم يخرج بأرض العرب، مهاجرا إلى أرض بين حرتين بينهما نخل، به علامات لا تخفى، يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة، بين كتفيه خاتم النبوة، فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل.
قال: ثم مات وغُيِّبَ، فمكثت بعمورية ما شاء الله أن أمكث، ثم مرَّ بي نفر من كلبٍ تجارا، فقلت لهم: تحملوني إلى أرض العرب، وأعطيكم بقراتي هذه وغنيمتي هذه؟ قالوا: نعم. فأعطيتهموها وحملوني، حتى إذا قدموا بي وادي القرى، ظلموني فباعوني من رجل من يهود عبدا، فكنت عنده، ورأيت النخل، ورجوت أن تكون البلد الذي وصف لي صاحبي، ولم يحق لي في نفسي، فبينما أنا عنده، قدم عليه ابن عم له من المدينة من بني قريظة، فابتاعني منه، فاحتملني إلى المدينة، فوالله، ما هو الا أن رأيتها، فعرفتها بصفة صاحبي، فأقمت بها وبعث الله رسوله، فأقام بمكة ما أقام، لا أسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرق. ثم هاجر إلى المدينة، فوالله، إني لفي رأس عَذْقٍ لسيدي أعمل فيه بعض العمل، وسيدي جالس، إذ أقبل ابن عم له حتى وقف عليه، فقال: فلان، قاتل الله بني قيلة، والله، إنهم الآن لمجتمعون بقباء على رجل قدم عليهم من مكة اليوم، يزعمون أنه نبي. قال: فلما سمعتها أخذتني العرواء، حتى ظننت سأسقط على سيدي، قال: ونزلت عن النخلة، فجعلت أقول لابن عمه
ذلك: ماذا تقول؟ ماذا تقول؟ قال: فغضب سيدي فلكمني لكمة شديدة. ثم قال: ما لَك ولهذا! أقبل على عملك. قال: قلت: لا شيء، إنما أردت أن استثبته عما قال.
وقد كان عندي شيء قد جمعته، فلما أمسيت أخذته، ثم ذهبت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقباء، فدخلت عليه، فقلت له: إنه قد بلغني أنك رجل صالح، ومعك أصحاب لك غرباء ذوو حاجة، وهذا شيء كان عندي للصدقة، فرأيتكم أحق به من غيركم. قال: فقرَّبْته إليه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "كلوا" وأمسك يده فلم يأكل. قال: فقلت في نفسي: هذه واحدة ثم انصرفت عنه فجمعت شيئا، وتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ثم جئته به فقلت: إني رأيتك لا تأكل الصدقة، وهذه هدية أكرمتك بها. قال: فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، وأمر أصحابه، فأكلوا معه، قال: فقلت في نفسي: هاتان اثنتان، ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ببقيع الغرقد. قال: وقد تبع جنازة من أصحابه، عليه شملتان له، وهو جالس في أصحابه، فسلمت عليه، ثم استدرت أنظر إلى ظهره، هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي؟ فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم استدبرته عرف أني استثبت في شيء وُصِفَ لي، قال: فألقى رداءه عن ظهره، فنظرت إلى الخاتم فعرفته، فانكببت عليه أقبِّله وأبكي، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"تحوَّل" فتحولت، فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا ابن عباس، قال: فأعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسمع ذلك أصحابه.
ثم شغَل سلمانَ الرِّقُّ حتى فاته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدر وأحد، قال: ثم قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كاتِبْ يا سلمان" فكاتبت صاحبي على ثلاثمائة نخلة أحييها له بالفَقِير وبأربعين أوقية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "أعينوا أخاكم" فأعانوني بالنخل: الرجل بثلاثين وَدِيَّةً، والرجل بعشرين، والرجل بخمس عشرة، والرجل بعشر - يعني: الرجل بقدر ما عنده - حتى اجتمعت لي ثلاثمائة ودية، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اذهب يا سلمان، ففَقِّرْ لها، فإذا فرغت فائتني، أكون أنا أضعها بيدي" ففقَّرْتُ لها، وأعانني أصحابي، حتى إذا فرغت منها جئته، فأخبرته، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معي إليها، فجعلنا نقرب له الودي ويضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، فوالذي نفس سلمان بيده، ما ماتت منها ودية واحدة، فأدَّيتُ النخل، وبقي عليَّ المال، فأُتِيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل بيضة الدجاجة من ذهب من بعض المغازي، فقال:"ما فعل الفارسي المكاتب؟ "
قال: فدُعِيْتُ له، فقال:"خذ هذه فأدِّ بها ما عليك يا سلمان" فقلت: وأين تقع هذه يا رسول الله مما عليَّ؟ ! قال: "خذها، فإن الله سيؤدي بها عنك" قال: فأخذتها، فوزنت لهم منها - والذي نفس سلمان بيده - أربعين أوقية، فأوفيتهم حقهم، وعتقت، فشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق، ثم لم يفتني معه مشهد.
حسن: رواه أحمد (23737)، والبزار في مسنده (2499، 2500)، والطبراني في الكبير (6/ 276 - 272)، وابن سعد في الطبقات (4/ 75 - 80) كلهم من طرق، عن محمد بن إسحاق، حدثني عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري، عن محمود بن لبيد، عن عبد الله بن عباس فذكره.
وإسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق.
ومن أخباره:
• عن أنس بن مالك قال: اشتكى سلمان فعاده سعد، فرآه يبكي، فقال له سعد: ما يبكيك يا أخي؟ أليس قد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، أليس؟ أليس؟ قال سلمان: ما أبكي واحدة من اثنتين، ما أبكي حبا للدنيا، ولا كراهية للآخرة، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلي عهدا، فما أراني إلا قد تعديت، قال: وما عهد إليك؟ قال: عهد إلي: "أنه يكفي أحدكم مثل زاد الراكب، ولا أُراني إلا قد تعديتُ، وأما أنت يا سعد فاتق الله عند حُكْمك إذا حكمت، وعند قَسْمك إذا قسمت، وعند هَمِّك إذا هممتَ" قال ثابت: "فبلغني أنه ما ترك إلا بضعة وعشرين درهما، من نُفَيْقةٍ كانت عنده".
حسن: رواه ابن ماجه (4104)، والطبراني في الكبير (6/ 279)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 197) كلهم من طريق الحسن بن أبي الربيع، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس فذكره.
وإسناده حسن من أجل الحسن بن أبي الربيع - وهو الحسن بن يحيى بن الجعد العبدي الجرجاني -، وجعفر بن سليمان الضبعي فإنهما حسنا الحديث.
وتوفي سلمان سنة خمس وثلاثين، وقيل: سنة ست وثلاثين.
وأما عمره فقيل: إنه تجاوز المئتين وخمسين، وقيل: ثلاثمائة وخمسين، وهذه الأقوال ذكرت بدون مستند معتمد، ولم يذكره ابن قانع ولا ابن عبد البر، وإنما ذكره ابن مندة في "معرفة الصحابة" وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" بدون مستند بل وقد قالا: إنه أدرك وصي عيسى عليه السلام، هذا كله بعيد، فإنه لو قُدِّر أنه عاش ثلاثمائة وخمسين فبينه وبين وصي عيسى عليه السلام ثلاثمائة. ولذا قال الذهبي: إنه ما زاد على الثمانين. ولو صح هذا القول لتواترت النقول من الصحابة والتابعين، وعد ذلك من خوارق العادات.