الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن مسعود، فذكره.
والكلام عليه مبسوط في كتاب الإيمان.
وفي التوسل إلى الله بأسمائه وصفاته أحاديث كثيرة مخرجة في مواضعها.
2 - باب التوسل إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة
قال الله تعالى: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ} [سورة آل عمران: 193].
• عن عبد الله بن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "بينا ثلاثة نفر يتمشون أخذهم المطر، فأووا إلى غار في جبل فانحطت على فم غارهم صخرة من الجبل، فانطبقت عليهم، فقال بعضهم لبعض: انظروا أعمالًا عملتموها صالحة لله، فادعوا الله تعالى بها، لعل الله يفرجها عنكم، فقال أحدهم: اللهم! إنه كان لي والدان شيخان كبيران، وامرأتي، ولي صبية صغار أرعي عليهم، فإذا أرحت عليهم، حلبت فبدأت بوالدي، فسقيتهما قبل بنيّ، وأنه نأى بي ذات يوم الشجر، فلم آت حتى أمسيت فوجدتهما قد ناما، فحلبت كما كنت أحلب، فجئت بالحلاب، فقمت عند رؤوسهما، أكره أن أوقظهما من نومهما، وأكره أن أسقي الصبية قبلهما، والصبية يتضاغون عند قدمي، فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر، فإن كنتَ تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج لنا منها فرجة، نرى منها السماء، ففرج الله منها فرجة، فرأوا منها السماء.
وقال الآخر: اللهم! إنه كانت لي ابنة عم أحببتها كأشد ما يحب الرجال النساء، وطلبت إليها نفسها، فأبت حتى آتيها بمائة دينار، فتعبت حتى جمعت مائة دينار، فجئتها بها، فلما وقعت بين رجليها، قالت: يا عبد الله! اتق الله، ولا تفتح الخاتم إلا بحقه، فقمت عنها، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج لنا منها فرجة، ففرج لهم.
وقال الآخر: اللهم! إني كنت استأجرت أجيرًا بفرق أرزّ، فلما قضى عمله قال: أعطني حقي، فعرضت عليه فرقه فرغب عنه، فلم أزل أزرعه حتى جمعت منه بقرًا ورعاءها، فجاءني فقال: اتق الله ولا تظلمني حقي، قلت: اذهب إلى تلك البقر ورعائها فخذها، فقال: اتق الله ولا تستهزئ بي فقلت: إني لا أستهزئ بك، خذ ذلك البقر ورعاءها، فأخذه فذهب به، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج لنا ما بقي، ففرج الله ما بقي".
متفق عليه: رواه البخاري في البيوع (2215) ومسلم في الذكر (2743) كلاهما من حديث موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر فذكره.
وقوله: "نأى" أي بعُدَ.
وقوله: "الحِلاب" هو الإناء الذي يُحلب فيه يسع حلبة ناقة.
وقوله: "يتضاغون" أي يصيحون ويستغيثون من الجوع.
وقوله: "فرق" هو إناء يسع ثلاثة آصع.
• عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أن ثلاثة نفر فيما سلف من الناس، انطلقوا يرتادون لأهلهم، فأخذتهم السماء، فدخلوا غارا، فسقط عليهم حجر متجاف حتى ما يرون منه خصاصة، فقال بعضهم لبعض: قد وقع الحجر، وعفا الأثر، ولا يعلم بمكانكم إلا الله، فادعوا الله بأوثق أعمالكم،
قال: فقال رجل منهم: اللهم! إن كنت تعلم أنه قد كان لي والدان، فكنت أحلب لهما في إنائهما، فآتيهما، فإذا وجدتهما راقدين قمت على رءوسهما كراهية أن أرد سنتهما في رءوسهما، حتى يستيقظا متى استيقظا، اللهم! إن كنت تعلم أني إنما فعلت ذلك رجاء رحمتك، ومخافة عذابك، ففرج عنا، قال: فزال ثلث الحجر.
وقال الآخر: اللهم! إن كنت تعلم أني استأجرت أجيرا على عمل يعمله، فأتاني يطلب أجره، وأنا غضبان فزبرته، فانطلق فترك أجره ذلك، فجمعته وثمرته حتى كان منه كل المال، فأتاني يطلب أجره، فدفعت إليه ذلك كله، ولو شئت لم أعطه، إلا أجره الأول، اللهم! إن كنت تعلم أني إنما فعلت ذلك رجاء رحمتك، ومخافة عذابك، ففرج عنا، قال: فزال ثلثا الحجر.
وقال الثالث: اللهم! إن كنت تعلم أنه أعجبته امرأة، فجعل لها جعلا، فلما قدر عليها وقر لها نفسها وسلم لها جعلها، اللهم! إن كنت تعلم أني إنما فعلت ذلك رجاء رحمتك، ومخافة عذابك، ففرج عنا، فزال الحجر، وخرجوا معانيق يتماشون".
صحيح: رواه أحمد (12454)، وأبو يعلى (2938)، والبزار (7189) كلهم من طرق عن أبي عوانة، عن قتادة، عن أنس فذكره.
وقال البزار: "لا نعلم أحدا حدث به إلا أبو عوانة، عن قتادة، عن أنس".
قلت: هؤلاء كلهم ثقات، ثبت سماع بعضهم عن بعض، ولا يعرف له علة إلا أنه روي عن أبي عوانة موقوفا عند أحمد (12456) بإسناد صحيح، ولعل أبو عوانة حدث به على الوجهين،
والحكم للرفع.
ورواه عمران القطان عن قتادة، عن سعيد بن أبي الحسن، عن أبي هريرة مرفوعا وهو الحديث
الآتي، وكلاهما صحيحان (أي محفوظان) كما قال أبو حاتم في العلل (2832).
• عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خرج ثلاثة فيمن كان قبلكم يرتادون لأهليهم، فأصابتهم السماء فلجؤوا إلى جبل، فوقع عليهم صخرة، فقال بعضهم لبعض: عفا الأثر، ووقع الحجر، ولا يعلم مكانكم إلا الله، ادعوا الله بأوثق أعمالكم.
فقال أحدهم: اللهم! إن كنت تعلم أنه كانت امرأة تعجبني، فطلبتُها فأبت عليَّ، فجعلت لها جعلا، فلما قرّبتْ نفسها، تركتُها، فإن كنت تعلم أني إنما فعلت ذلك رجاء رحمتك وخشية عذابك، فافرج عنا، فزال ثلث الجبل.
فقال الآخر: اللهم! إن كنت تعلم أنه كان لي والدان، وكنت أحلب لهما في إنائهما، فإذا أتيتهما، وهما نائمان، قمت قائما حتى يستيقظا فإذا استيقظا، شربا، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك رجاء رحمتك وخشية عذابك، فافرج عنا قال: فزال ثلث الحجر.
فقال الثالث: اللهم! إن كنت تعلم أني استأجرت أجيرا يوما، فعمل لي نصف النهار، فأعطيته أجره فتسخطه ولم يأخذه، فوفرتها عليه حتى صار من كل المال، ثم جاء يطلب أجره، فقلت: خذ هذا كله، ولو شئت لم أعطه إلا أجره، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك رجاء رحمتك وخشية عذابك، فافرج عنا قال: فزال الحجر، وخرجوا يتماشون".
حسن: رواه الطيالسي (2126)، والبزار (9556)، وصحّحه ابن حبان (971)، كلهم من طريق عمران القطان، عن قتادة، عن سعيد بن أبي الحسن، عن أبي هريرة فذكره. وإسناده حسن من أجل عمران القطان وهو ابن داور فإنه حسن الحديث ما لم يتبين العكس.
وللحديث طرق أخرى عن أبي هريرة فيها مقال منها ما رواه البزار (9498) عن يحيى بن حبيب بن عربي، حدثنا المعتمر بن سليمان قال: سمعت عوفا قال: سمعت خلاسا يقول: قال أبو هريرة فذكر نحوه.
وخلاس لم يسمع من أبي هريرة.
• عن النعمان بن بشير أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الرقيم فقال: "إن ثلاثة نفر كانوا في كهف، فوقع الجبل على باب الكهف، فأوصد عليهم، قال قائل منهم:
تذاكروا أيكم عمل حسنة، لعل الله عز وجل برحمته يرحمنا.
فقال رجل منهم: قد عملت حسنة مرة: كان لي أجراء يعملون، فجاءني عمال لي، استأجرت كل رجل منهم بأجر معلوم، فجاءني رجل ذات يوم وسط النهار، فاستأجرته بشرط أصحابه، فعمل في بقية نهاره، كما عمل كل رجل منهم في نهاره كله، فرأيت علي في الذمام أن لا أنقصه مما استأجرت به أصحابه، لما جهد في عمله، فقال رجل منهم: أتعطي هذا مثل ما أعطيتني، ولم يعمل إلا نصف نهار؟ فقلت: يا عبد الله، لم أبخسك شيئا من شرطك، وإنما هو مالي أحكم فيه ما شئت، قال: فغضب، وذهب، وترك أجره، قال: فوضعت حقه في جانب من البيت ما شاء الله، ثم مرت بي بعد ذلك بقر، فاشتريت به فصيلة من البقر، فبلغت ما شاء الله، فمر بي بعد حين شيخا ضعيفا لا أعرفه، فقال: إن لي عندك حقا فذكرنيه حتى عرفته، فقلت: إياك أبغي، هذا حقك، فعرضتها عليه جميعها، فقال: يا عبد الله، لا تسخر بي، إن لم تصدق علي، فأعطني حقي، قال: والله ما أسخر بك: إنها لحقك، ما لي منها شيء، فدفعتها إليه جميعا. اللهم! إن كنت فعلت ذلك لوجهك، فافرج عنا. قال: فانصدع الجبل حتى رأوا منه، وأبصروا.
قال الآخر: قد عملت حسنة مرة كان لي فضل، فأصابت الناس شدة، فجاءتني امرأة تطلب مني معروفا، قال: فقلت: والله! ما هو دون نفسك، فأبت علي، فذهبت، ثم رجعت، فذكرتني بالله، فأبيت عليها وقلت: لا والله! ما هو دون نفسك، فأبت علي، وذهبت، فذكرت لزوجها، فقال لها: أعطيه نفسك، وأغني عيالك، فرجعت إلي، فناشدتني بالله، فأبيت عليها، وقلت: والله! ما هو دون نفسك، فلما رأت ذلك أسلمت إليَّ نفسها، فلما تكشفتها، وهممت بها، ارتعدت من تحتي، فقلت لها: ما شأنك؟ قالت: أخاف الله رب العالمين، قلت: لها خفتيه في الشدة، ولم أخفه في الرخاء. فتركتها وأعطيتها ما يحق علي بما تكشفتها. اللهم! إن كنت فعلت ذلك لوجهك، فافرج عنا. قال: فانصدع حتى عرفوا وتبين لهم.
قال الآخر: عملت حسنة مرة، كان لي أبوان شيخان كبيران، وكانت لي غنم، فكنت أطعم أبوي وأسقيهما، ثم رجعت إلى غنمي، قال: فأصابني يوما غيث حبسني، فلم أبرح حتى أمسيت، فأتيت أهلي وأخذت محلبي، فحلبت وغنمي قائمة، فمضيت إلى أبوي، فوجدتهما قد ناما، فشق علي أن أوقظهما، وشق علي أن أترك
غنمي، فما برحت جالسا، ومحلبي على يدي حتى أيقظهما الصبح، فسقيتهما.
اللهم! إن كنت فعلت ذلك لوجهك، فافرج عنا.
قال النعمان: لكأني أسمع هذه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: الجبل طاق، ففرج الله عنهم، فخرجوا".
حسن: رواه أحمد (18417)، والطبراني في الدعاء (190) كلاهما من حديث إسماعيل بن عبد الكريم بن معقل بن منبه، حدثني عبد الصمد - يعني ابن معقل - قال: سمعت وهبا يقول: حدثني النعمان بن بشير فذكره.
وإسناده حسن من أجل إسماعيل بن عبد الكريم وعبد الصمد بن معقل فإنهما صدوقان.
وقد حسنه ابن حجر في الفتح (6/ 506)،
وللحديث طرق أخرى عن النعمان بن بشير والذي ذكرتها هو أصح.
وقوله: "أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الرقيم". الرقيم المذكور هنا ليس هو أصحاب الكهف الذي جاء ذكرهم في قوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا} [سورة الكهف: 9].
لأن المراد به هو لوح من الحجارة الذي كُتبت فيها قصص أصحاب الكهف، ثم وُضِع على باب الكهف، وأما في الحديث المذكور فهو اسم الوادي الذي فيه الغار.
• عن علي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن ثلاثة نفر انطلقوا إلى حاجة لهم فآووا إلى جبل فسقط عليهم فقالوا: يا هؤلاء يعني بعضهم لبعض تفكروا في أحسن أعمالكم فادعوا الله بها لعل الله أن يفرج عنكم.
فقال أحدهم: اللهم! إنه كانت له امرأة صديقة أطيل الاختلاف إليها حتى أدركت حاجتي منها، فقالت: أذكرك الله أن تركب مني ما حرم الله عليك فقلت: أنا أحق أن أخاف فتركتها من مخافتك وابتغاء مرضاتك، فإن كنت تعلم ذلك ففرج عنا قال: فانصدع الجبل عنهم حتى طمعوا في الخروج ولم يستطيعوا الخروج.
وقال الثاني: اللهم! إنه كان أجراء يعملون عملا أحسبه قال: فأخذ كل واحد منهم أجره، وترك واحد أجره، وزعم أن أجره أكثر من أجور أصحابه فعزلت أجره من مالي حتى كان خيرا وماشية فأتاني بعد ما افتقر وكبر، فقال: أذكرك الله في أجرتي فإني أحوج ما كنت إليه فانطلقت فوق بيت فأريته ما أنمى الله من أجره في المال، والماشية في الغائط يعني في الصحارى، فقلت: هذا لك فقال: لم تسخر بي أصلحك