الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله؟ كنت أريد على أقل من هذا فتأبى علي، فدفعت إليه يا رب من مخافتك وابتغاء مرضاتك فإن كنت تعلم ذلك ففرج عنا فانصدع الجبل عنهم ولم يستطيعوا أن يخرجوا.
وقال الثالث: يا رب! إنه كان لي أبوان كبيران فقيران، ليس لهما خادم ولا راع ولا وال غيري، أرعي لهما بالنهار، وآوي إليهما بالليل، وإن الكلاء تباعد فتباعدت بالماشية، فأتيتهما يعني ليلة بعد ما ذهب من الليل، وناما فحلبت يعني في الإناء، ثم جلست عند رؤوسهما بالإناء كراهية أن أوقظهما حتى يستيقظا من قبل أنفسهما، اللهم! إن كنت تعلم أني فعلت ذلك، من مخافتك وابتغاء مرضاتك ففرج عنا، فانصدع الجبل وخرجوا.
حسن: رواه البزار (906)، وأبو عوانة في مسنده (5582) كلاهما من طريق عبد الصمد بن النعمان قال: حدثنا حنش بن الحارث، عن أبيه، عن علي فذكره.
وقال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن علي إلا بهذا الإسناد، وقد رواه غير واحد عن حنش عن أبيه، عن علي موقوفا وأسنده عبد الصمد بن النعمان وأشعث بن شعبة عن حنش، عن أبيه، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم".
قلت: أشعث بن شعبة أخرج حديثه أبو عوانة (5581)، والطبراني في الدعاء (187). وأشعث هذا وثقه أبو داود والطبراني، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو زرعة: لين.
وتابعه عبد الصمد بن النعمان وهو مختلف فيه أيضا، وثقه ابن معين وغيره. وقال النسائي والدارقطني: ليس بالقوي.
ورواه غيرهما عن حنش به موقوفا، والحكم للرفع.
ومدار الإسناد على حنش وهو حسن الحديث.
قال أبو حاتم: صالح الحديث لا بأس به.
وقال ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث.
وأبوه الحارث وهو ابن لقيط النخعي الكوفي ثقة مخضرم.
3 - باب التوسل إلى الله تعالى بدعاء الرجل الصالح الحي
• عن أنس بن مالك قال: أصاب الناسَ سَنَةٌ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر يوم الجمعة، قام أعرابي فقال: يا رسول الله، هلك المالُ، وجاعَ العِيَالُ، فادْعُ الله لنا أنْ يَسْقينا، قال: فرفع رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَدَيه، وما في السماء قزَعَةٌ، قال: فثار سحابٌ أمثالُ الجِبال، ثم لم يَنْزِلْ عن مِنْبَرِه حتَّى رأيتُ المَطَرَ
يتحادَرُ على لِحْيَتِه، قال: فمُطرْنا يومَنا ذلك، وفي الغَد، ومن بعدِ الغدِ، والذي يليه إلى الجمعةِ الأخرى، فقام ذلك الأعرابي، أو رَجُلٌ غَيرُه، فقال: يا رسولَ الله! تَهَدَّمَ البناءُ، وغَرقَ المالُ، فادْعُ الله لنا، فرفع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَدَيْه وقال:"اللهمَّ! حَوَالَيْنَا ولا علينا" فما جعل يُشيرُ بيده إلى ناحيةٍ من السماء إلا تفرَّجتْ، حتى صارتِ المدينةُ في مثل الجَوْبة، حتى سالَ الوَادي - وادي قناةَ - شهرًا قال: فلم يجئْ أحد من ناحيةٍ إلا حدَّث بالجَود.
متفق عليه: رواه البخاري في الاستسقاء (1033)، ومسلم في الاستسقاء (897/ 9) كلاهما من طريق الأوزاعي قال: حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري، قال: حدثني أنس بن مالك فذكره واللفظ للبخاري.
• عن أنس: أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب، فقال: اللهم! إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا قال فيسقون.
صحيح: رواه البخاري في الاستسقاء (1010) عن الحسن بن محمد، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، حدثني أبي عبد الله بن المثنى، عن ثمامة بن عبد الله بن أنس، عن أنس فذكره.
وقوله: "إنا كنا نتوسل إليك بنبينا" أي بدعاء نبينا.
وعلى هذا جرى العمل فيما بعد أيضا، فقد قال ابن حجر في ترجمة يزيد بن الأسود الجرشي من الإصابة (9434/ القسم الثالث):"أخرج أبو زرعة الدمشقي ويعقوب بن سفيان في تاريخيهما بسند صحيح عن سليم بن عامر أن الناس قحطوا بدمشق فخرج معاوية يستسقي بيزيد بن الأسود فسقوا".
• عن عثمان بن حنيف أن رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ادَع الله أن يعافيني قال: إن شئت دعوت لك وإن شئت أخرت ذاك فهو خير. فقال: ادعه فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء: اللهم! إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد! إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضي لي، اللهم! شفعه فيّ.
صحيح: رواه الترمذي (3578)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (659)، وابن ماجه (1385)، وأحمد (17240)، وصحّحه ابن خزيمة (1219)، والحاكم (1/ 519) كلهم من طريق شعبة، عن أبي جعفر المدني، عن عمارة بن خزيمة بن ثابت، عن عثمان بن حنيف فذكره. وإسناده صحيح.
وأبو جعفر المدني هو عمير بن يزيد بن عمير الخطمي. وقد اختلف عليه، والصحيح حديث شعبة كما قال أبو زرعة. انظر: علل ابن أبي حاتم (2064).
وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي جعفر وهو الخطمي".
وقال ابن ماجه: "قال أبو إسحاق: هذا حديث صحيح".
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد".
قلت: وهو كما قالوا؛ فإن أبا جعفر المدني ثقة وثقه ابن معين والنسائي وابن مهدي وغيرهم.
ليس في هذا الحديث ما يدل على جواز التوسل في الدعاء بجاه النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره من الصالحين، إذ فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم علّم الأعمى أن يتوسل به في دعائه، وقد فعل الأعمى ذلك فعاد بصيرا وفيه دليل على النوع الثالث من أنواع التوسل المشروع - وهو التوسل بدعاء رجل صالح -.
فقول الأعمى: اللهم! إني أتوجه إليك بنبيك - أي بدعاء نبيك بحذف المضاف - وهو أمر معروف في اللغة العربية كقوله تعالى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا} [سورة يوسف: 82] أي أهل القرية وأصحاب العير.
وأما ما اشتهر عند بعض الناس: "إذا سألتم الله فاسألوه بجاهي، فإن جاهي عند الله العظيم".
فهذا باطل، لم يرد في كتب الحديث البتة كما نبه على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (ص 252).
فهذه هي ثلاثة أنواع للتوسل الشرعي دل الكتاب والسنة على مشروعيتها وهي:
1 -
التوسل بأسماء الله الحسنى وصفاته العلى.
2 -
التوسل بالأعمال الصالحة.
3 -
التوسل بدعاء الرجل الصالح الحي. وبالله التوفيق.