الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإسلام على قومه، فلمّا كان يوم أحد وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد، بدا له الإسلام فأسلم، فأخذ سيفه فغدا حتَّى أتى القوم فدخل في عرض الناس، فقاتل حتَّى أثبتته الجراحة، قال: فبينما رجال بني عبد الأشهل يلتمسون قتلاهم في المعركة إذا هم به، فقالوا: إنه للأصيرم، وما جاء؟ لقد تركناه وإنه لمنكر لهذا الحديث، فاسألوه ما جاء به؟ قالوا: ما جاء بك يا عمرو، أحدبا على قومك أو رغبة في الإسلام؟ قال: بل رغبة في الإسلام، آمنت بالله ورسوله وأسلمت، ثمّ أخذت سيفي فغدوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاتل حتَّى أصابني ما أصابني، قال: ثمّ لم يلبث أن مات في أيديهم، فذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"إنَّه لمن أهل الجنّة".
حسن: رواه أحمد (23634) عن يعقوب بن إبراهيم، حَدَّثَنَا أبي، عن ابن إسحاق، حَدَّثَنِي الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد، عن أبي هريرة فذكره.
وإسناده حسن من أجل ابن إسحاق وحصين بن عبد الرحمن فإنهما حسنا الحديث. وقد حسّنه ابن حجر في الإصابة (5811).
قوله: "أَحدبًا على قومك" الحدب: العطف والحنو.
84 - باب ما جاء في عمرو بن حريث الذي دعا له النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بالرزق
• عن عمرو بن حريث قال: صليت مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الفجر فقرأ {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} [التكوير: 1]، كأني أسمع صوته يقول:{فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} [التكوير: 15، 16].
وقال: ذهبت بي أمي أو أبي إليه، فدعا لي بالرزق.
صحيح: رواه أبو يعلى (1469) عن زهير، حَدَّثَنَا محمد بن يزيد الواسطي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن مولى عمرو بن حريث (واسمه: أصبغ)، عن عمرو بن حريث فذكره. وإسناده صحيح.
ورواه أبو داود (817)، وابن ماجة (817) من طريق مولى عمرو بن حريث عنه به وليس عندهما هذه الزيادة أعني الجملة الأخيرة.
85 - باب فضائل عمرو بن العاص وأخباره
• عن ابن شماسه المهري قال: حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياقة الموت، فبكى طويلًا وحول وجهه إلى الجدار، فجعل ابنه يقول: يا أبتاه! أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا؟ أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا؟ قال: فأقبل بوجهه فقال: إن أفضل ما نعد شهادة أن لا إله إِلَّا الله وأن محمدًا رسول الله، إني قد كنت على أطباق ثلاث لقد
رأيتني وما أحد أشد بغضا لرسول الله صلى الله عليه وسلم مني، ولا أحب إلي أن أكون قد استمكنت منه فقتلته، فلو متّ على تلك الحال لكنت من أهل النّار، فلمّا جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فقلت: ابسط يمينك فلأبايعك، فبسط يمينه، قال: فقبضت يدي، قال:"ما لك يا عمرو؟ ". قال: قلت: أردت أن أشترط، قال:"تشترط بماذا؟ ". قلت: أن يغفر لي، قال:"أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحجّ يهدم ما كان قبله؟ ". وما كان أحد أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أجل في عيني منه، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالا له، ولو سئلت أن أصفه ما أطقت، لأني لم أكن أملأ عيني منه، ولو مت على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنّة، ثمّ ولينا أشياء ما أدري ما حالي فيها، فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار، فإذا دفنتموني فشنوا عليّ التراب شنا، ثمّ أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها حتَّى أستأنس بكم، وأنظر ماذا أراجع به رسل ربي.
صحيح: رواه مسلم في الإيمان (121) من طرق، عن أبي عاصم الضَّحَّاك قال: أخبرنا حيوة بن شريح قال: حَدَّثَنِي يزيد بن أبي حبيب، عن ابن شماسة فذكره.
• عن عمرو بن العاص قال: بعث إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "خذ عليك ثيابك وسلاحك، ثمّ ائتني". فأتيته وهو يتوضأ، فصعد في النظر ثمّ طأطأه فقال:"إنِّي أريد أن أبعثك على جيش فيسلمك الله ويغنمك، وأزعب لك من المال زعبة صالحة". قال: فقلت: يا رسول الله، ما أسلمت من أجل المال، ولكني أسلمت رغبة في الإسلام، وأن أكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا عمرو! نعما بالمال الصالح للرجل الصالح".
صحيح: رواه أحمد (17763)، والطَّبرانيّ في الأوسط (3213)، وصحّحه ابن حبَّان (3210)، والحاكم (2/ 632) كلّهم من طريق موسى بن علي، عن أبيه قال: سمعت عمرو بن العاص يقول: فذكره.
وإسناده صحيح، وصحّحه الحاكم.
وموسى بن عُليّ - بالتصغير - هو ابن رباح اللخمي من رجال مسلم وثَّقه ابن معين وأحمد والنسائي وابن سعد وجماعة.
قال ابن حبَّان: "سمع هذا الخبر عليّ بن رباح عن عمرو بن العاص، وسمعه من أبي القيس بدل عمرو، عن عمرو، والطريقان جميعًا محفوظان".
وقوله: "أزعب زعبة" بالزاي والعين - بمعنى الدفع، يقال: زعب له من ماله زعبة - أي دفع له
منه دفعة، والزعب قطعة من المال.
• عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ابنا العاص مؤمنان: عمرو وهشام".
حسن: رواه أحمد (8042)، والنسائي في فضائل الصّحابة (195)، وصحّحه الحاكم (3/ 452) كلّهم من طريق حمّاد بن سلمة، أخبرنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة فذكره.
وإسناده حسن من أجل محمد بن عمرو بن علقمة فإنه حسن الحديث.
• عن أبي نوفل بن أبي عقرب قال: جزع عمرو بن العاص عند الموت جزعا شديدًا، فلمّا رأى ذلك ابنه عبد الله بن عمرو قال: يا أبا عبد الله، ما هذا الجزع وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدنيك ويستعملك؟ قال: أي بني، قد كان ذلك، وسأخبرك عن ذلك: إني والله! ما أدري أحبا كان ذلك أم تألفا يتألفني، ولكني أشهد على رجلين أنه قد فارق الدُّنيا وهو يحبهما: ابن سمية، وابن أم عبد، فلمّا حدَّثه وضع يده موضع الغلال من ذقنه، وقال: اللهم! أمرتنا فتركنا، ونهيتنا فركبنا، ولا يسعنا إِلَّا مغفرتك، وكانت تلك هجيراه حتَّى مات.
صحيح: رواه أحمد (17781) عن عفّان، حَدَّثَنَا الأسود بن شيبان، حَدَّثَنَا أبو نوفل بن أبي عقرب فذكره. وإسناده صحيح.
وقوله: "هجيراه" أي دأبه وشأنه.
وفي الباب ما رُوي عن طلحة بن عبيد الله قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن عمرو بن العاص من صالحي قريش". إِلَّا أنه منقطع.
رواه الترمذيّ (3845)، وأحمد (1382) كلاهما من طرق، عن ابن أبي مليكة (وهو عبد الله بن عبد الله بن أبي مليكة) قال: قال: طلحة بن عبيد الله فذكره.
قال الترمذيّ: "هذا حديث إنّما نعرفه من حديث نافع بن عمر الجمحي، ونافع ثقة وليس إسناده بمتصل، ابن أبي مليكة لم يدرك طلحة".
وبه أعلّه ابن حجر في الإصابة.
وفي الباب عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسلم الناس، وآمن عمرو بن العاص". رواه الترمذيّ (3844)، وأحمد (17413) كلاهما من طريق ابن لهيعة، عن مشرح بن هاعان، عن عقبة بن عامر قال: فذكره.
قال الترمذيّ: "هذا حديث غريب لا نعرفه إِلَّا من حديث ابن لهيعة عن مشرح وليس إسناده بالقوي".
وهو كما قال: فإن مشرح بن هاعان يُروي عن عقبة بن عامر أحاديث مناكير لا يتابع عليها قاله ابن حبَّان.