الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلاة، فأوجز فيها، فقال له بعض القوم، لقد خفَّفتَ - أو أوجزتَ الصلاة. قال. ما عَلَيَّ ذلك، فقد دعوتُ فيها دعوات سمعتُهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قام، تبعه رجل من القوم، هو أبي (أي أبو عطاء) غير أنه كنى عن نفسه فسأله عن الدعاء، ثم جاء فأخبر به القوم، فذكر الدعاء.
وإسناده صحيح عطاء بن السائب ثقة، وثقه الأئمة إلا أنه اختلط في آخر عمره لكن رواية حماد بن زيد عنه كانت قبل الاختلاط.
• عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن جده، قال: دخلتُ على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يُصَلِّي، وقد وضع يَده اليُسرى على فخذه اليُسرى، ووضع يده اليُمنى على فخذه اليُمنى، وقبض أصابعه، وبسط السبَّابة وهو يقول:"يا مُقَلِّبَ القلوب، ثبِّتْ قَلْبي على دينك".
حسن: رواه الترمذي (3587) عن عقبة بن مُكْرَم، حدثنا سعيد بن سفيان الجحدري، حدثنا عبد الله بن مَعْدان، أخبرني عاصم بن كليب الجرميّ، عن أبيه، عن جدّه قال: فذكر الحديث وهو حديث حسن بطريقيه كما هو مذكور في كتاب الصلاة.
11 - باب الأذكار أعقاب الصلوات المفروضة وأدبارها
دُبُر جمعه أدبار، وهو خلاف القُبُل، يكنى بها عن العضوين المخصوصين للإنسان، وهو آخر جزء منه كما يطلق على الخلف مثل قولهم: عتق العبد عن دبر أي: بعد الموت.
وفي قوله صلى الله عليه وسلم: "دبر الصلوات" أطلق على المعنيين يحدّد معناه حسب القرائن.
• عن ثوبان قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته، استغفر الله ثلاثًا وقال:"اللَّهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام".
قال الوليد: فقلت للأوزاعي: كيف الاستغفار؟ قال: تقول: أستغفر الله، أستغفر الله.
صحيح: رواه مسلم في المساجد (591) عن داود بن رُشيد، حدثنا الوليد، عن الأوزاعي، عن أبي عمار شدَّاد بن عبد الله، عن أبي أسماء، عن ثوبان فذكره.
• عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سَلَّم لم يقعد إلا مقدار ما يقول: "اللَّهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام" وفي رواية: "يا ذا الجلال والإكرام".
صحيح: رواه مسلم في المساجد (592) من طريق أبي معاوية، عن عاصم، عن عبد الله بن الحارث، عن عائشة فذكرتِه.
• عن جعفر بن ربيعة، أن عون بن عبد الله بن عتبة قال: صلى رجل إلى جنب عبد الله بن عمرو بن العاص، فسمعه حين سلم يقول: أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، ثم صلى إلى جنب عبد الله بن عمر حين سلم، فسمعه يقول
مثل ذلك، فضحك الرجل، فقال له ابن عمر: ما أضحكك؟ قال: إني صليت إلى جنب عبد الله بن عمرو فسمعته يقول مثل ما قلت، قال ابن عمر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك.
حسن: رواه النسائي في الكبرى (10125)، والطبراني في الكبير (12/ 339) كلاهما من طريق سعيد بن الحكم بن أبي مريم، أخبرنا يحيى بن أيوب، حدثني جعفر بن ربيعة فذكره.
وقال النسائي عقبه: "يحيى بن أيوب عنده مناكير، وليس هو بذلك القوي في الحديث.
قلت: يحيى بن أيوب هذا هو: الغافقي المصري، وهو مختلف فيه غير أنه حسن الحديث ما لم يتبين العكس، وليس في إسناده ولا في متنه ما ينكر عليه، فقد ثبت في أحاديث أخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول عقب الصلاة:"اللَّهم! أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام".
وثبت في الصحيح من حديث ابن عباس رفع الصوت بالذكر عقب الصلاة.
وقال الهيثمي في المجمع (10/ 102): "رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
• عن وَرَّاد كاتب المغيرة بن شعبة قال: أملى عَلي المغيرةُ بن شعبة في كتاب إلى معاوية أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمدُ وهو على كل شيء قدير، اللَّهم! لا مانع لما أعطيتَ، ولا مُعطي لما منعتَ، ولا ينفع ذا الجدِّ منك الجدُّ".
متفق عليه: رواه البخاري في الأذان (844)، ومسلم في المساجد (593) كلاهما من طريق ورَّاد مولى المغيرة به مثله.
وفي رواية عند البخاريّ (6615): كتب معاوية إلى المغيرة: "اكتب إليَّ ما سمعتَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول خلف الصّلاة" قال ورّاد: فأملى عليَّ المغيرة، فذكر الحديث.
وقوله: "ولا ينفع ذا الجد منك الجد" قال النووي: المشهور الذي عليه الجمهور، أنه بفتح الجيم، ومعناه: لا ينفع ذا الغنى والحظ منك غناه. انتهى
ودبر هنا بمعنى عقب كما سيأتي في حديث ابن الزبير.
• عن معاوية بن أبي سفيان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللَّهم! لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد".
صحيح: رواه أحمد (16929)، والطبراني في الكبير (19/ 344) كلاهما من طريق أبي نعيم،
حدثنا عبد الله بن مبشر مولى أم حبيبة، عن زيد بن أبي عتاب، عن معاوية فذكره. وإسناده صحيح.
• عن أبي الزبير قال: كان ابن الزبير يقول في دُبر كل صلاة حين يُسَلِّمُ: "لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. لا حول
ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضلُ وله الثناء الحسن. لا إله إلا الله مخلصين له الدين، ولو كره الكافرون".
وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُهلل بهن دُبر كل صلاة.
صحيح: رواه مسلم في المساجد (594) عن محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا أبي، حدثنا هشام، عن أبي الزبير فذكر مثله.
ورواه من طريق الحجاج بن أبي عثمان قال: حدثني أبو الزبير قال: سمعتُ عبد الله بن الزبير يخطب على هذا المنبر وهو يقول: كان رسول الله صلى صلى الله عليه وسلم يقول إذا سلَّم في دبر الصلاة، أو الصلوات فذكر مثله.
• عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذه بيده وقال: "يا معاذ والله إني لأحبك" فقال: "أوصيك يا معاذ لا تدعنَّ في دبر كل صلاة تقول: اللَّهم! أعِني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك".
صحيح: رواه أبو داود (1522) وهذا لفظه، والنسائي (1303) كلاهما من طريق حيوة بن شريح، قال: سمعتُ عقبة بن مسلم يقول: حدثني أبو عبد الرحمن الحُبُلي، عن الصُنابحي، عن معاذ بن جبل فذكره. وزاد النسائي بعد قول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ "والله إنِّي لأحبُك": قال معاذ: وأنا أحبك يا رسول الله.
قال أبو داود: وأوصى بذلك معاذُ الصنابحيَّ، وأوصى به الصُنابحيُّ أبا عبد الرحمن، وزاد النسائي في اليوم والليلة (109) وأوصى به أبو عبد الرحمن عقبة بن مسلم. وإسناده صحيح.
وصحّحه النووي في الأذكار (201)، وجعله بعد الصلاة.
• عن أبي مروان أن كعبًا حلف له بالله الذي فلق البحر لموسى إنا لنجد في التوراة أن داود نبي الله كان إذا انصرف من صلاته قال: اللَّهم أصلح لي ديني الذي جعلته لي عصمةً، وأصلح لي دُنيايَ التي جعلت فيها معاشي، اللَّهم إني أعوذ برضاك من سَخَطِك، وأعوذ بعفوك من نِقْمَتِك، وأعوذ بك منك، لا مانع لما أعطيتَ، ولا مُعطي لما منعتَ، ولا ينفعُ ذا الجدِّ منك الجدُّ. قال: وحدثني كعب أن صهيبًا حدَّثه أن محمدًا صلى الله عليه وسلم كان يقولهن عند انصرافه من صلاته.
حسن: رواه النسائي (1346)، وصحّحه ابن خزيمة (745)، وابن حبان (2036) كلهم من طريق حفص بن ميسرة، عن موسى بن عُقبة، عن عطاء بن أبي مروان، عن أبيه فذكره.
وحسّنه ابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 335)، والكلام عليه مبسوط في الصلاة.
• عن سعد بن أبي وقاص أنه كان يُعلِّم بنيه هؤلاء الكلمات، كما يُعلِّم المعلِّمُ
الغِلمانَ الكتابةَ ويقولُ: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ منهن دُبُرَ الصلاة: "اللَّهم! أعوذُ بك من الجُبْنِ، وأعوذُ بك أن أرَدَّ إلى أَرْذَلِ العُمر، وأَعُوذُ بك من فتنة الدنيا، وأَعُوذُ بك من عذاب القبر".
وزاد في رواية: "وأعوذ بك من البخل".
صحيح: رواه البخاري في الجهاد والسير (2822) من طريق أبي عوانة، عن عبد الملك بن عمير، قال: سمعتُ عمرو بن ميمون الأوْدي قال: كان سعد فذكر الحديث.
ورواه البخاري من طريق شعبة (6365، 6370) وزائدة (6374) وعَبيدة بن حُميد (6390) كلهم عن عبد الملك بن عمير، عن مصعب بن سعد، عن أبيه ولم يذكروا أن ذلك كان دبر الصلاة. والدبر هنا بمعنى آخر الصلاة قبل التسليم.
• عن علي بن أبي طالب قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلَّم من الصلاة قال: "اللَّهم اغفر لي ما قدمتُ، وما أخرتُ، وما أسررتُ، وما أعلنت، وما أسرفتُ، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم، وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت".
صحيح: رواه أبو داود (1509) عن عبيد الله بن معاذ، قال حدثنا أبي، حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة، عن عمه الماجشون بن أبي سلمة، عن عبد الرحمن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب فذكره.
ورواه أيضًا (761) من وجه آخر عن الأعرج به في آخر حديث طويل وفيه: ويقول عند انصرافه من الصلاة: "اللَّهم اغفر لي ما قدمت
…
" فذكر نحوه.
وورد في صحيح مسلم (771: 201): أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول ذلك بين التشهد والتسليم، وفي رواية أخرى: وإذا سلّم.
فيُحمل هذا على أنه كان يقول مرة بين التشهد والتسليم، وأخرى بعد التسليم.
• عن مسلم بن أبي بكرة قال: كان أبي يقول في دبر الصلاة: "اللَّهم! إني أعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبر"، فكنت أقولهن، فقال أبي. أي بني! عمن أخذت هذا؟ قلت عنك. قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقولهن في دبر الصلاة.
حسن: رواه النسائي (1347)، وأحمد (20409، 20447)، وصحّحه ابن خزيمة (747)، والحاكم (1/ 252) كلهم من طرق عن عثمان الشحام، عن مسلم بن أبي بكرة فذكره. واللفظ للنسائي.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم فقد احتج بإسناده سواء: ستكون فتنة، القاعد فيها خير من القائم".
قلت: هو كما قال إلا أن عثمان الشحام وإن كان من رواة مسلم فإنه مختلف فيه غير أنه حسن الحديث.
ورواه الترمذي (3503)، والحاكم (1/ 533) كلاهما من طريق أبي عاصم النبيل قال: حدثنا عثمان الشحام قال: حدثني مسلم بن أبي بكرة قال: سمعني أبي وأنا أقول: "اللَّهم! إني أعوذ بك من الهم والكسل وعذاب القبر". قال: يا بني! ممن سمعت هذا؟ قال: سمعتك تقولهن. قال: الزمهن فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولهن.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب".
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم".
واللفظ الأول رواه الجماعة عن عثمان الشحام، منهم وكيع وروح بن عبادة ويحيى بن سعيد القطان.
والدبر هنا بمعنى آخر الصلاة قبل التسليم.
• عن رجل من بني كنانة قال: صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح فسمعته يقول: "اللَّهم! لا تخزني يوم القيامة".
حسن: رواه أحمد (18065) عن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، حدثنا ابن مبارك، عن يحيى بن حسان، عن رجل من بني كنانة فذكره.
وقال ابن المبارك: يحيى بن حسان من أهل بيت المقدس وكان شيخا كبيرا حسن اللَّهم.
وإسناده حسن من أجل إبراهيم الطالقاني فإنه حسن الحديث، ورجل من بني كنانة صحابي لا تضر جهالته. وقيل: إنه أبو قرصافة.
• عن أبي هريرة قال: جاء الفقراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: ذهب أهلُ الدثور من الأموال بالدرجات العُلى وَالنعيم المقيم: يُصلَّون كما نُصلِّي، ويصومونَ كما نصومُ، ولهم فَضلٌ من أموالٍ يَحُجُّون بها ويعتمِرون، ويُجاهدونَ ويتصدَّقون. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ألا أُحدِّثُكم بأمر إن أخذتُم به أدركتم من سَبقَكم، ولم يُدرِككم أحد بعدَكم، وكنتم خير من أنتم بينَ ظهرانَيه، إلا مَن عَمِلَ مِثلَه، تُسبِّحُونَ وتَحمَدونَ وتُكبِّرون خلفَ كلِّ صلاةٍ ثلاثًا وثلاثينَ"، فاختلَفْنا بَيننا: فقال بعضُنا: نُسبِّحُ ثلاثًا وثلاثين، ونحمدُ ثلاثًا وثلاثين، ونكبِّرُ أربعًا وثلاثين. فرجعتُ إليه، فقال: تقول سبحانَ الله، والحمدُ لله، واللهُ أكبر، حتى يكونَ منهنَّ كلّهنَّ ثلاثٌ وثلاثون".
متفق عليه: رواه البخاري في الأذان (843)، ومسلم في المساجد (595) كلاهما من طريق معتمر، عن عبيد الله، عن سُميٍّ، عن أبي صالح، عن أبي هريرة فذكره، واللفظ للبخاري.
زاد مسلم: قال أبو صالح: فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: سمع إخوانُنا أهلُ الأموال بما فعلنا، ففعلوا مثله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ذلك فضل الله يؤتيه من يشاءُ". وهذه الزيادة مرسلة، وقد رويت موصوله من وجه آخر، وقد حكم مسلم بإدراجها.
وقوله: "الدُثور" بضم المهملة والمثلثة، جمع دَثْر بفتح ثم سكون، وهو اليال الكثير.
وقوله: "فاختلفنا بيننا" القائل هو سمي.
وقوله: "فرجعت إليه" أي إلى أبي صالح كما يدل عليه بعض روايات مسلم.
وخلاصة القول: أن قوله "ثلاثًا وثلاثين" يحتمل أن يكون المجموع للجميع، فإذا وزع كان لكل واحد إحدى عشرة، وهو الذي فهمه سهيل بن أبي صالح كما رواه مسلم، ولكن لم يتابع سهيل على ذلك. والأظهر أن المراد أن المجموع لكل فرد فرد - يعني تُسبح الله ثلاثًا وثلاثين، وتحمد الله ثلاثًا وثلاثين، وتكبر الله أربعًا وثلاثين، تكملة لمائة. وهذا الذي تشهد له الأحاديث الأخرى.
والخلف بمعنى بعد التسليم.
• عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سبَّح لله في دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وحمِد الله ثلاثًا وثلاثين، وكبَّر الله ثلاثًا وتلاثين. فتلك تسعة وتسعون، وقال: تمامَ المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، غفرت خطاياه وإن كانت مثلَ زبدَ البحر".
صحيح: رواه مسلم في المساجد (597) عن عبد الحميد بن بيان الواسطي، أخبرنا خالد بن عبد الله، عن سُهيل، عن أبي عبيد المذحجِي، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي هريرة فذكره.
والدبر بمعنى عقب الصلاة.
• عن أبي ذر قال: يا رسول الله! ذهب أصحاب الدثور بالأجور، يُصلون كما نُصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضول أموال يتصدقون بها، وليس لنا مال نتصدق به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا أبا ذر! ألا أعلمك كلمات تدرك بهنَّ من سبقك، ولا يلحقك مَنْ خلفَك إلا من أخذ بمثل عملك"؟ قال: بلى يا رسول الله، قال:"تُكبر الله عز وجل دُبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وتحمده ثلاثًا وثلاثين، وتسبحه ثلاثًا وثلاثين، وتختمها بلا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، غفرت له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر".
صحيح: رواه أبو داود (1504)، وأحمد (7243)، وصحّحه ابن حبان (2015) كلهم من طريق الوليد بن مسلم، حدثنا الأوزاعي، حدثني حسان بن عطية، حدثني محمد بن أبي عائشة قال: حدثني أبو هريرة قال: قال أبو ذر فذكره.
وإسناده صحيح، والوليد بن مسلم مدلس، ولكنه صرّح بالتحديث.
ورواه ابن ماجه (927) عن الحسين بن الحسن المروزي، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن بشر بن عاصم، عن أبيه، عن أبي ذر قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم، وربما قال سفيان: قلت: يا رسول الله!
وجاء فيه: "ألا أُخبركم بأمر إذا فعلتموه أدركتم من قبلكم، وفُتُّمْ من بعدكم. تحمدون الله في دبر كل صلاة، وتُسبِّحونه، وتكبرونه، ثلاثًا وثلاثين، وثلاثًا وثلاثين، وأربعًا وثلاثين".
قال سفيان: لا أدري أيتهن أربع.
قلت: لقد سبق في حديث كعب بن عُجرة أن التكبير يكون أربعًا وثلاثين وهو الذي يؤيده أيضًا أحاديث الباب.
وأخرجه أيضًا ابن خزيمة في صحيحه (748) عن عبد الجبار بن العلاء، نا سفيان به مثله، وزاد في آخر الحديث مع قوله:"دبر كل صلاة". "وإذا أويت إلى فراشك".
وأما ما رُوي عن ابن عباس قال: جاء الفقراء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، إن الأغنياء يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم أموال يعتقون ويتصدقون؟ قال:"فإذا صليتم فقولوا: سبحان الله ثلاثًا وثلاثين مرة، والحمد لله ثلاثًا وثلاثين مرة، والله أكبر أربعا وثلاثين مرة، ولا إله إلا الله عشر مرات، فإنكم تدركون به من سبقكم، ولا يسبقكم من بعدكم".
رواه الترمذي (410)، والنسائي (1353) كلاهما من طريق عتاب بن بشير، عن خصيف، عن عكرمة ومجاهد، عن ابن عباس فذكره.
وقال الترمذي: "حديث حسن غريب".
قلت: في إسناده عتاب بن بشير روى عن خصيف أحاديث منكرة كما قال أحمد وغيره. وقوله: "لا إله إلا الله عشر مرات" لم ترد في الأحاديث الصحيحة.
• عن كعب بن عُجرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مُعقِّبات لا يَخِيبُ قائلُهن - أو فاعلهن - دُبر كل صلاة مكتوبة، ثلاث وثلاثون تسبيحةً، وثلاث وثلاثون تحميدة، وأربع وثلاثون تكبيرة".
صحيح: رواه مسلم في المساجد (596) عن الحسن بن عيسى، أخبرنا ابن المبارك، أخبرنا مالك بن مِغْول، قال: سمعتُ الحكم بن عتيبة، يحدث عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عُجرة فذكر مثله.
قوله: "مُعقِّبات" قال الهروي: قال سمرة: معناه تسبيحات تُفعل أعقاب الصلاة. وقال أبو الهيثم: سُميتْ معقِّبات، لأنها تُفعل مرة بعد أخرى.
وقوله تعالى: أي ملائكة يعقب بعضهم بعضا. كذا قال النوويّ.
الدبر بمعنى عقب الصلاة.
• عن زيد بن ثابت قال: أمرنا أن نُسبح دُبر كلِّ صلاة ثلاثًا وثلاثين، ونحمده ثلاثًا وثلاثين، ونُكبره أربعًا وثلاثين، قال: فرأى رجل من الأنصار في المنام فقال: أمركم
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تُسبحوا في دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وتحمدوا الله ثلاثًا وثلاثين، وتكبروا أربعًا وثلاثين؟ قال: نعم، قال: فاجعلوا خمسًا وعشرين، واجعلوا التهليل معهن، فغدا على النبي صلى الله عليه وسلم فحدَّثه فقال: افعلوا.
صحيح: رواه الترمذي (3413)، والنسائي (1350)، وأحمد (21600)، وصحّحه ابن خزيمة (752)، وابن حبان (2017) كلهم من طريق هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن كثير بن أفلح، عن زيد بن ثابت فذكر مثله.
قال الترمذي: "هذا حديث صحيح". وهو كما قال.
قوله: "فاجعلوا خمسًا وعشرين" أي التسبيح خمس وعشرون، والتحميد خمس وعشرون، والتكبير خمس وعشرون، ولا إله إلا الله خمس وعشرون فتلك مائة.
والدبر بمعنى عقب الصلاة.
• عن ابن عمر أن رجلًا رأى فيما يرى النائم، قيل له: بأي شيء أمركم نبيكم صلى الله عليه وسلم؟ قال: أمرنا أن نُسَبِّح ثلاثًا وثلاثين، ونحمد ثلاثًا وثلاثين، ونُكبِّر أربعًا وثلاثين.
فتلك مائة. قال: سَبِّحوا خمسًا وعشرين، واحمدوا خمسًا وعشرين، وكبروا خمسًا وعشرين، وهَلِّلوا خمسًا وعشرين. فتلك مائة، فلما أصبح ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"افعلوا كما قال الأنصاري".
حسن: رواه النسائي (1351) أخبرنا عبيد الله بن عبد الكريم أبو زرعة الرازي، قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، قال: حدثني علي بن الفُضَيل بن عياض، عن عبد العزيز بن أبي روَّاد، عن نافع، عن ابن عمر فذكر مثله.
وإسناده حسن من أجل عبد العزيز بن أبي رواد فإنه حسن الحديث.
• عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"خصلتان أو خلتان لا يحافظ عليهما عبد مسلم إلا دخل الجنة، هما يسير، ومن يعمل بهما قليل، يسبح في دبر كل صلاة عشرا، ويحمد عشرا، ويكبر عشرا، فذلك خمسون ومائة باللسان، وألف وخمسمائة في الميزان، ويكبر أربعا وثلاثين إذا أخذ مضجعه، ويحمد ثلاثًا وثلاثين، ويسبح ثلاثًا وثلاثين فذلك مائة باللسان، وألف في الميزان". فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدها بيده قالوا: يا رسول الله! كيف هما يسير ومن يعمل بهما قليل؟ قال: "يأتي أحدكم - يعني الشيطان - في منامه فينومه قبل أن يقوله ويأتيه في صلاته فيذكره حاجة قبل أن يقولها".
صحيح: رواه أبو داود (5065) من طريق شعبة -، والترمذي (3410) من طريق إسماعيل بن علية -، والنسائي (1348) من طريق حماد -، وابن ماجه (926) من طريق إسماعيل، ومحمد بن فضيل، وأبي يحيى التيمي، وابن الأجلح - كلهم عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو فذكره. واللفظ لأبي داود.
وقال الترمذي: "حسن صحيح، وقد روى شعبة والثوري عن عطاء بن السائب هذا الحديث، وروى الأعمش هذا الحديث عن عطاء بن السائب مختصرا".
وإسناده صحيح عطاء بن السائب ثقة، وثقه الأئمة إلا أنه اختلط في آخر عمره لكن رواية شعبة والثوري وحماد عنه قبل الاختلاط.
وقوله: "فتلك خمسون ومائة" يعني في خمس مرات في كل يوم وليلة.
والدبر بمعنى عقب الصلاة.
• عن عقبة بن عامر قال: أمرني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأَ المُعَوَّذاتِ دُبر كل صلاة.
حسن: رواه أبو داود (1523)، والنسائي (1336)، وصحّحه ابن خزيمة (755)، والحاكم (1/ 253) كلهم من طريق الليث بن سعد، أن حنين بن أبي حكيم، حدَّثه عن علي بن رباح، عن عقبة بن عامر فذكره.
وإسناده حسن من أجل حُنين بن أبي حكيم الأموي فإنه "صدوق".
وأخرجه الترمذي (2903) عن قتيبة بن سعيد، حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن علي بن رباح به مثله. وقال:"حسن غريب".
قلت: وابن لهيعة فيه كلام معروف ولكن الرواي عنه هنا قتيبة بن سعيد.
• عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاةٍ مكتوبة، لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت".
حسن: رواه النسائي في اليوم والليلة (100) عن الحسين بن بشر قال: حدثنا محمد بن حِمْيَر، قال: حدثنا محمد بن زياد، عن أبي أمامة فذكر الحديث.
ورجاله ثقات غير محمد بن حِمْيَر فقد وثَّقه ابن معين، وقال النسائي: لا بأس به، وجعله الحافظ في مرتبة "صدوق".
قال المنذري في الترغيب والترهيب (2/ 453): رواه النسائي والطبراني بأسانيد أحدها صحيح، وقال شيخنا أبو الحسن: هو على شرط البخاري، ورواه وابن حبان في كتاب الصلاة وصحّحه، وزاد الطبراني في بعض طرقه:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] وإسناده بهذه الزيادة جيدٌ أيضًا".
قلت: وله أسانيد أخرى ذكرها ابن السنّي وغيره غير أن ما ذكرته هو أصحّها.
والدبر بمعنى عقب الصلاة.
• عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال في دبر صلاة الغداة: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير مائة مرة قبل أن يثني رجليه كان يومئذ أفضل أهل الأرض إلا من قال مثل ما قال أو زاد على ما قال".
حسن: رواه الطبراني في الكبير (8/ 336)، والأوسط (4656 - مجمع البحرين)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (143) كلهم من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، عن آدم بن الحكم، حدثنا أبو غالب، عن أبي أمامة فذكره.
وإسناده حسن من أجل آدم بن الحكم - هو البصري - وأبي غالب فإنهما حسنا الحديث. وحسّنه أيضًا ابن حجر في نتائج الأفكار.
وبمعناه ما روي عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قال دبر صلاة الفجر وهو ثاني رجله قبل أن يتكلم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير عشر مرات، كُتبت له عشر حسنات، ومُحي عنه عشر سيئات، ورُفع له عشر درجات، وكان يومه ذلك كله في حرز من كل مكروه، وحرس من الشيطان، ولم ينبغ لذنب أن يدركه في ذلك اليوم إلا الشرك بالله".
رواه الترمذي (3474)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (127) كلاهما من طريق شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، عن أبي ذر فذكره.
وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح غريب"، وفي بعض النسخ:"حسن غريب".
قلت: شهر بن حوشب حسن الحديث عندي ما لم يثبت خطؤه، وقد اضطرب في هذا الحديث، فروي عنه على أوجه كثيرة ساقها الدارقطني في العلل (6/ 247 - 249) ثم قال: ويشبه أن يكون هذا الاضطراب من شهر. والله أعلم.
الدبر بمعنى عقب الصلاة.
• عن أم سلمة كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول بعد صلاة الفجر: "اللَّهم! إني أسألك رزقا طيبا، وعلما نافعا، وعملا متقبلا".
صحيح: رواه الطبراني في الصغير (1/ 260) عن عامر بن إبراهيم بن عامر الأصبهاني، حدثنا أبي، عن جدي عامر بن إبراهيم، عن النعمان بن عبد السلام، عن سفيان الثوري، عن منصور، عن الشعبي، عن أم سلمة فذكرته.
وقال الطبراني: لم يروه عن سفيان إلا النعمان، تفرد به عامر.