الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جموع ما جاء في فضل جماعات الصحابة
1 - باب ما جاء في فضل أهل البيت
• عن أبي حميد الساعدي، أنهم قالوا: يا رسول الله! كيف نصلي عليك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قولوا: اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد".
متفق عليه: رواه البخاري في أحاديث الأنبياء (3369)، ومسلم في الصلاة (407 - 69) كلاهما من طريق مالك بن أنس، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن عمرو بن سليم الزرقي، أخبرني أبو حميد الساعدي قال: فذكره.
قلت: وقد ورد عند الشيخين وغيرهما -كما سبق في الصلاة في موضعه- "وعلى آل محمد". مكان "أزواجه، وذريته" فدل على أن الآل يشملهم.
• عن زيد بن أرقم قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى خمًا بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكر، ثم قال:"أما بعد، ألا أيها الناس! فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به". فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال:"وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي. أذكركم الله في أهل بيتي. أذكركم الله في أهل بيتي". فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده، قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل عباس، قال: كل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال: نعم.
صحيح: رواه مسلم في فضائل الصحابة (2408) من طرق عن إسماعيل بن إبراهيم، حدثني أبو حيان، حدثني يزيد بن حيان قال: انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم، فلما جلسنا إليه قال له حصين: لقد لقيت يا زيد! خيرًا كثيرًا، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسمعت
حديثه، وغزوت معه، وصليت خلفه، لقد لقيت يا زيد! خيرًا كثيرًا، حدثنا يا زيد! ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: يا ابن أخي، والله! لقد كبرت سني، وقدم عهدي، ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما حدثتكم فاقبلوا، ومالا فلا تكلِّفونيه، ثم قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا فذكره.
وليس في هذا الحديث الأمر بالتمسك بهدي أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وإنما فيه وجوب مراعاتهم ومحبتهم واجتناب ما يسوءهم إذا كانوا متمسكين بالكتاب والسنة، وهذا الذي فهمه الصحابة فقال أبو بكرالصديق رضي الله عنه: والذي نفسي بيده! لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قربتى. رواه البخاري (3712).
وأما الأخذ بأقوالهم والاعتصام بأعمالهم مع كتاب الله فلم يثبت فيه شيء.
• عن علي بن ربيعة الأسدي الوالبي قال: لقيت زيد بن أرقم -وهو يريد الدخول على المختار- فقلت له: بلغني عنك حديث. قال: ما هو؟ قلت: أسمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول: "إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله عز وجل، وعترتي". قال: نعم.
صحيح: رواه يعقوب الفسوي في المعرفة والتاريخ (1/ 537) عن عبيد الله بن موسى، والطحاوي في شرح المشكل (3463)، والطّبراني في الكبير (5/ 210) من طرق، عن أبي غسان مالك بن إسماعيل النهدي - كلاهما عن إسرائيل بن يونس، عن عثمان بن المغيرة، عن علي بن ربيعة قال: فذكره.
والحديث رواه أسود بن عامر، عن إسرائيل به، فلم يذكر فيه:"كتاب الله وعترتي". أخرج حديثه أحمد في مسنده (19313)، والبزار (4326) عن الفضل بن سهل، عن أسود بن عامر فيه.
وأسود بن عامر ثقة، فما رواه صحيح، ولكن الذين زادوا تلك الزيادة هم أوثق منه، وهم: عبيد الله موسى العبسي ثقة، قال أبو حاتم: كان أثبت في إسرائيل من أبي نعيم كما في التقريب.
ومنهم أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي، ثقة متقن صحيح الكتاب.
كلاهما روياه عن إسرائيل بن يونس بتلك الزيادة وهي مقبولة.
وقوله: "عترتي" أي أهل بيتي.
• عن يزيد بن حيان، عن زيد بن أرقم قال: دخلنا عليه فقلنا له: لقد رأيت خيرًا، لقد صاحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصليت خلفه، وساق الحديث بنحو حديث أبي حيان، غير أنه قال:"ألا وإني تارك فيكم ثقلين: أحدهما كتاب الله عز وجل، هو حبل الله من اتبعه كان على الهدى، ومن تركه كان على ضلالة". وفيه فقلنا: من أهل بيته؟ نساؤه؟ قال: لا وأيم الله، إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر. ثم يطلِّقها فترجع إلى أبيها وقومها. أهل بيته أصله وعصبته الذين حُرموا الصدقة بعده.
صحيح: رواه مسلم (2407): حدثنا محمد بن بكار بن الريان، حدثنا حسان (يعني بن إبراهيم)، عن سعيد (وهو ابن مسروق)، عن يزيد بن حيان، عن زيد بن أرقم قال: فذكر الحديث.
قوله: "هو حبل الله" أي السبب الموصل إلى رضاه ورحمته
…
وقيل: هو نوره الذي يهدي به. وقيل: عهده.
وفي الباب أيضًا ما روي عن جابر قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب فسمعته يقول: "يا أيها الناس! إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي".
رواه الترمذي (3786) عن نصر بن عبد الرحمن الكوفي، حدثنا زيد بن الحسن، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله فذكره.
قال الترمذي: حسن غريب من هذا الوجه.
وزيد بن الحسن هو القرشي صاحب الأنماط قال أبو حاتم: منكر الحديث. وأطلق عليه الحافظ في التقريب بأنه "ضعيف".
وفي الباب أيضًا عن زيد بن ثابت، وحذيفة بن أسيد، وعلي بن أبي طالب، وغيرهم، ولا يصح منه شيء. إنما الصحيح بدون لفظ التمسك بعترتي كما صحّ عن زيد بن أرقم.
• عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم حضر الشجرة بخم، فخرج آخذًا بيد علي فقال:"يا أيها الناس! ألستم تشهدون أن الله عز وجل ربكم؟ " قالوا: بلى، قال:"ألستم تشهدون أن الله ورسوله أولى بكم من أنفسكم، وأن الله عز وجل ورسوله مولياكم؟ ". قالوا: بلى. قال: "فمن كنت مولاه، فإن هذا مولاه". أو قال: "فإن عليا مولاه -شك ابن مرزوق- إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به، لن تضلوا: كتاب الله سببه بأيديكم، وأهل بيتي".
حسن: رواه ابن أبي عاصم في السنة (1602)، والطحاوي في شرح المشكل (1760) كلاهما من طريق أبي عامر العقدي (وهو عبد الملك بن عمرو)، حدثنا كثير بن زيد، عن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه، عن علي قال: فذكره.
وإسناده حسن من أجل كثير بن زيد فإنه حسن الحديث.
وصحّح إسناده ابن حجر في المطالب العالية (3972).
وأما ما روي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض. وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما". فضعيف.
رواه الترمذي (3788)، وأحمد (11131)، وأبو يعلى (1021) كلهم من طرق عن الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد قال: فذكره.
وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب".
وفي سنده: عطية بن سعد العوفي، وهو ضعيف شيعي، والحديث في فضائل أهل البيت، ثم هو مدلس ولم يصرح بالسماع عن شيخه في شيء من طرقه.
وكذلك لا يصح ما روي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ألا إن عيبتي التي آوي إليها أهل بيتي، وإن كرشي الأنصار، فاعفوا عن مسيئتهم، واقبلوا من محسنهم". فضعيف.
رواه الترمذي (3904)، وأبو بكر بن أبي شيبة (33024)، وأحمد (11842) كلهم من طرق، عن عطية العوفي قال: قال أبو سعيد فذكره.
وقال الترمذي: "هذا حديث حسن".
وفي سنده عطية العوفي ضعيف شيعي. وقد تفرد بذكر "أهل البيت" في هذا الحديث، ولم يتابعه أحد فهو منكر. والله أعلم.
وكذلك لا يصح ما روي عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحبوا الله لما يغذوكم من نعمه، وأحبوني بحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي". فهو ضعيف.
رواه الترمذي (3789)، والبخاري في التاريخ الكبير (1/ 183)، والحاكم في المستدرك (3/ 150) من طريق هشام بن يوسف، عن عبد الله بن سليمان النوفلي، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب" إنما نعرفه من هذا الوجه.
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه".
قلت: عبد الله بن سليمان النوفلي لم يرو عنه سوى هشام بن يوسف الصنعاني ولم يوثّقه أحد فهو مجهول. انظر: الميزان (2/ 432).
وكذلك لا يصح ما روي عن جبير بن مطعم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألست مولاكم؟ ألست خيركم؟ " قالوا: بلى يا رسول الله. قال: "فإني فرط لكم على الحوض يوم القيامة، والله سائلكم عن اثنين، عن القرآن وعترتي".
رواه ابن أبي عاصم في السنة من وجهين (740، 1465) كلاهما عن إبراهيم بن محمد بن ثابت، حدثنا عمرو بن أبي عمرو، عن المطلب، عن جبير بن مطعم، فذكر الحديث. واللفظ للموضع الأول، وفي الموضع الثاني اختصره.
وفيه إبراهيم بن محمد بن ثابت الأنصاري ترجمه ابن عدي في "الكامل"(1/ 260/ 261) وقال: "مدني روى عنه عمرو بن أبي سلمة وغيره مناكير، وذكر من طريق عمرو بن أبي سلمة أربعة
أحاديث، وليس منها هذا الحديث، وقال: لإبراهيم بن محمد بن ثابت هذا غير ما ذكرته من الأحاديث، وأحاديثه صالحة محتملة ولعله أتي ممن قد رواه عنه". انتهى.
ولكن علته الإرسال، فإن المطلب وهو ابن عبد الله بن حنطب قال فيه أبو حاتم: عامة روايته مرسل ولم يذكر أحد أنه سمع جبير بن مطعم. بل قال البخاري: لا أعرف للمطلب بن حنطب عن أحد من الصحابة سماعًا إلا قوله: حدثني من شهد خطبة النبي صلى الله عليه وسلم.
فأخشى أن يكون هذا الحديث أيضا مما أرسله المطلب بن حنطب لأني لم أقف على طريقه.
وفي الباب أيضا عن زيد بن ثابت مرفوعا: "إني تارك فيكم الخليفتين من بعدي: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا الحوض".
إسناده ضعيف. رواه أبو بكر بن أبي شيبة (11/ 452)، وعنه ابن أبي عاصم في السنة (754)، كما رواه أيضا أحمد (21578)، والطبراني في الكبير (4921) كلهم من طريق شريك، عن الركين، عن القاسم بن حسان، عن زيد بن ثابت فذكر الحديث.
وشريك هو ابن عبد الله النخعي ضعيف لسوء حفظه. والقاسم بن حسان مجهول.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "عترتي" هو بمعنى أهل بيتي. وأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم: هم زوجاته وكل مسلم ومسلمة من نسل عبد المطلب بن هاشم الذين لا تحل لهم الصدقة وإنما خص أهل البيت لاطلاعهم على كثير من أموره صلى الله عليه وسلم.
وكانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أكثر الناس معرفة بالأمور المتعلقة ببيت النبوة كما هو معلوم لدى جميع من يشتغل بالحديث الشريف.
وكذا ابن عمه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قد روى الكثير من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذا غير أهل البيت رووا كثيرا من سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
ولذا كان أهل السنة والجماعة هم على الحق لأنهم تمسكوا بالكتاب، وبكل ما صح من سنة النبي صلى الله عليه وسلم سواء من طريق أهل البيت أو طريق من غيرهم.
هذا اختصار من كلام شيخنا عبد المحسن العباد (7/ 261) وتخصيص أهل البيت في الآية الكريمة بعلي وفاطمة والحسن والحسين دون نسائه تحريف لكتاب الله عز وجل، والله تعالى يقول:{يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} [الأحزاب: 32 - 34].
وحديث "الكساء" وما في معناه غاية ما فيه دخول علي وفاطمة وأولادهما دخولًا أوليًا، وهذا لا ينفي العموم الذي تدل عليه الآية الكريمة.