الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: "لا حلف في الإسلام وإيما حلف كان في الجاهلية فإن الإسلام لا يزيده الا شدة" وعن قيس بن عاصم أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحلف فقال: "لا حلف في الإسلام ولكن تمسكوا بحلف الجاهلية" والمراد بهذا التمسك إجراؤه في الإسلام على ما كانوا يجرونه في الجاهلية بأن تكون الحلفاء كالبطن الواحد فيما يحمله بعضهم عن بعض من عقل الجنايات وهذه مسئلة اختلف فيها قال أبو حنيفة وأصحابه هذا القول وبعضهم لا يجعل الحلف بهذه المنزلة وهو محجوج بما ذكرنا من الأمر بالتمسك به في الإسلام يحققه ما روى عن عمران بن حصين قال: أسرت ثقيف رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسر الصحابة رجلا من بني عامر بن صعصعة فمر به على النبي صلى الله عليه وسلم وهو موثق فأقبل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: على ما أحبس قال: "بجريرة حلفائك" ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فناداه فأقبل إليه فقال له الأسير: أني مسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح".
وروى أنه كانت العضباء لرجل من عقيل أسر فأخذت العضباء منه فأتى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد علام تأخذونني وتأخذون سابقة الحاج وقد أسلمت فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح" وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أخذت بجريرة حلفائك" وكانت ثقيف أسرت رجلين من الصحابة وإذا كان المحالفون يؤخذون بجرائر حلفائهم كما يؤخذون بحرائر عمومتهم فيما ذكر كانوا بالأخذ بعقول جناياتهم وكان المحالفون بأخذها منهم أولى وفيما ذكرنا دليل على أن الحلفاء يعقلون عمن حالفوهم ويعقل من حالفوه عنهم كما يعقل أهل الفخذ بعضهم عن بعض.
في دية المعاهد
عن ابن عباس لما نزلت: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ
وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} الآية قال كان إذا قتل بنوا النضير من بني قريظة قتيلا ادوا نصف الدية وإذا قتل بنو قريظة من بني النضير قتيلا أدوا إليهم الدية قال فسوى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدية وفيما روى عنه أن الآية في المائدة: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} .
إنما نزلت في الدية من بني النضير وبني قريظة وذلك لأن بني النضير لهم شرف فكانت ديتهم كاملة وقريظة على نصفهم فتحاكوا فأنزل الله عز وجل ذلك فيهم فحملهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحق فجعل الدية سواء، والله أعلم أي ذلك كان يعني من رد من كانت ديته كاملة إلى النصف أو رد من كان ديته النصف إلى جميع الدية وروى خلاف هذا عن ابن عباس قال: كانت النضير أشرف من قريظة فكان إذا قتل رجل من قريظة رجلا من النضير قتل به وإذا قتل رجل من النضير رجلا من بني قريظة أدوا مائة وسوق من التمر فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم قتل رجل من بني النضير رجلا من بني قريظة فقالوا: ادفعوه إلينا نقتله فقالوا: بيننا وبينكم النبي صلى الله عليه وسلم فأتوه فنزلت: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} وهو النفس بالنفس ثم نزلت: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} فيحتمل أن يكون القوم اختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم في هذين المعنيين فأنزل الله تعالى هذه الآية في السببين جميعا فسوى بينهم في الديات وفي القصاص وقيل: أن دية المعاهد أربعة آلاف درهم مما روى عن عثمان أنه قضى في دية المعاهد باربعة آلاف درهم ولكن يعارضه ما روى أن مسلما قتل كافرا معاهدا فقضى عليه عثمان بدية المسلم.
وهذا أولى لأن الحديث الأول رواه سعيد بن المسيب عنه وهو يقول: دية المعاهد ألف دينار وهو قول علقمة والشعبي ومجاهد وعطاء ويدل على ضعفه حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حملهم على الحق فجعل الدية سواء فذلك صريح على أنه رد الدية لهم جميعا إلى الدية الكاملة أو إلى نصف الدية وفي ذلك نفى الأربعة آلاف أن تكون دية المعاهد ثم تأملنا فوجدنا