الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في القمار
روى مرفوعا: "من قال لأخيه تعال أقامرك فليتصدق" أي: فليتصدق بالقمار وذلك أن القمار حرام وسبيل المتقامرين إخراج كل من ماله ما يقامر به فأمر أن يصرف ما أخرجه للمعصية في الطاعة التي هي قربة إلى الله تعالى ووسيلة لديه ليكون ذلك كفارة لما حاول أن يصرف فيه مما هو حرام لا أن يتصدق من الحاصل بالقمار فإنه حرام غير مقبول له حكم الغلول وتسميته بالقمار تسمية الشيء باسم ما قرب منه كتسميتهم ابن إبراهيم ذبيحا ومثله كثير وحكم ما قامر به الرد إلى صاحبه وإلى ورثته فإن لم يقدر يتصدق به عنه لا عن نفسه والله أعلم.
في كراهة الوقف قبل تمام الكلام
عن عدي بن حاتم جاء رجلان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتشهد أحدهما فقال: من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصمها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بئس الخطيب أنت قم" - الإنكار راجع إلى معنى التقديم والتأخير فيكون التقدير من يطع الله ورسوله ومن يعصهما فقد رشد وذلك كفر وكان ينبغي الوقف على فقد رشد ثم يبتدئ ومن يعصهما فقد غوى مثل قوله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ} {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} وإذا كان هذا مكروها في كلام الناس ففي كتاب الله أشد كراهة والمنع أوكد.
في التمثل بالشعر والرجز
عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتمثل بشعر ابن رواحة
ويأتيك بالأخبار ما لم تزود
وروى مرفوعا: أنه نزل يوم حنين فاستنصر فقال:
أنا النبي لا كذب
…
أنا ابن عبد المطلب
وروى أنه صلى الله عليه وسلم خرج في غداة باردة والمهاجرون والأنصار يحفرون الخندق بأيديهم فقال:
اللهم لا خير إلا خير الآخرة
…
فاغفر للأنصار والمهاجرة
فأجابوه
نحن الذين بايعوا محمدا
…
على الجهاد ما بقينا أبدا
وعن البراء بن عازب قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل التراب يوم الخندق حتى وارى التراب شعر صدره وهو يرتجز بكلمة عبد الله بن رواحة يقول:
اللهم لولا أنت ما اهتدينا
…
ولا تصدقنا ولا صلينا
فانزلن سكينة علينا
…
وثبت الأقدام ان لاقينا
ان الأولى قد بغوا علينا
…
وإن أرادوا فتنة أبينا
يمد بها صوته. وعن أبي هريرة مرفوعا: أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد.
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
وكاد ابن أبي الصلت يسلم، وعن جندب قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة فشكت أصبعه فقال:
هل أنت إلا أصبع دميت
…
وفي سبيل الله ما لقيت
قد أنكر منكر هذه الآثار كلها متمسكا بقوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} وليس في الآية ما يدفعها لأنها نزلت ردا على المشركين قولهم: {بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ} يعني: أن المنزلة التي أنزله الله تعالى إياها من نبوته وكرامته تجل عن أحوال الشعراء من المدح والهجاء والغلو وإن يقولوا ما لا يفعلون وفي كل واد يهيمون ونفي النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه الشعر في قوله: "اللهم إن فلان بن فلان هجاني وهو يعلم أني لست بشاعر فأهجوه فألعنه عدد ما هجاني"، ثم لما كان في الشعر حكما وما ذكرنا في الآثار كلها من حكم الشعر أجرى الله تعالى الحكمة على لسانه لا أنه شعر إرادة وقصدا إليه دل عليه أنه لم يأت منه إلا بما فيه حاجة من هذا الجنس وقد يتكلم الرجل بكلام موزون
مما لو شاء أن يبني عليه ما يكون شعرا فعل وليس بشعر ولا قائله شاعر وقد يحكى عن الفقيه من ليس بفقيه ولا يصير بذلك فقيها ولقد زعم الخليل وموضعه من العربية موضعه إن الأراجيز ليست بشعر فبان جهل المنكر الذي نفى عن النبي صلى الله عليه وسلم ما ليس منفيا عنه إذ ما تكلم به مما في الآثار كلها حكمة علق بلسانه من الشعر فنطق به ولم يكن به شاعرا.
قيل في قوله صلى الله عليه وسلم: "وهو يعلم إني لست بشاعر فأهجوه" إنه لو كان شاعر لهجا الهاجي وهذا لا يناسب خلقه العظيم فإنه صح أنه قال لأبي جرى الهجيمي: "يا أبا جرى لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تصب من دلوك في دلو المستقى وإن تلقى أخاك ووجهك إليه منبسط وإياك وإسبال الإزار فإنه من المخيلة والله لا يحب الخيلاء" قال: يا رسول الله الرجل يسبني بما في أسبه بما فيه قال: "لا فإن أجر ذلك لك وإثمه ووباله عليه".
قلت: لا دليل فيه على ما توهمه لأن المقصود أعلام الناس بذلك لأنه ليس بشاعر مثله كقوله: فيهجوه إذا التهاجي إنما يكون من الأكفاء ولا كفء له من الناس وكانوا يرفعون أنفسهم عن أن يهاجوا من ليس لهم بكفء أو في ذلك يقول حسان بن ثابت مخاطبا لأبي سفيان بن حرب1:
هجوت محمدا أفأجبت عنه
…
وعند الله في ذاك الجزاء
فإن أبي ووالدتي وعرضي
…
لعرض محمد منكم وقاء
أتهجوه ولست له بكفء
…
فشركما لخير كما الفداء
1 هذا سهو وإنما هو أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب- ح.
في مراتب الخلفاء
عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أرى الليلة رجل صالح" أن أبا بكر نيط برسول الله ونيط عمر بأبي بكر ونيط عثمان بعمر فلما قمنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا: أما الرجل الصالح