الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في الاستئذان
عن أبي سعيد الخدري كنا في مجلس عند أبي بن كعب فأتى أبو موسى الأشعري مغضبا حتى وقف فقال: أنشدكم الله هل سمع أحد منكم رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الاستئذان ثلاث فإن أذن لك فأدخل وإلا فارجع قال: أبي وماذاك؟ قال: استأذنت على عمر بن الخطاب ثلاث مرات فلم يؤذن لي فرجعت ثم جئته اليوم فدخلت عليه فأخبرته أني جئته أمس فسلمت عليه ثلاثا وانصرفت فقال: سمعتك ونحن حينئذ على شغل فلو ما استأذنت حتى يؤذن لك قال: استأذنت كما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فقال: والله لأوجعن ظهرك وبطنك أو لتأيني بمن يشهد لك على هذا فقال أبي بن كعب: فوالله لا يقوم معك إلا أحدثنا سنا الذي بجنبك قم يا أبا سعيد فقمت حتى أتيت عمر فقلت قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا.
فيه أن أبا موسى بدأ بالسلام على عمر قبل الاستئذان وإنما ترك فعله للعلم عندهم بأنها السنة وقد قال تعالى: {لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا} ولكن هذا على التقديم والتأخير مثل قوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} و {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي} فالتقدير حتى تسلموا على أهلها وتستأنسوا والاستئناس هو الاستئذان بلغة اليمن وعن ابن عباس أخطأ الكاتب إنما هي حتى تستأذنوا وتسلموا.
وعن كلدة أنه قال: بعثني صفوان بن أمية عام الفتح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بلبن وجداية وضغابيس وهو بأعلى الوادي فدخلت ولم استأذن ولم اسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أخرج وارجع وقل السلام عليكم ادخل". لما كان دخوله بغير سلام ولا استئذان كان مكروها فجلوسه يصير مذموما مكروها فأمر بقطع أسباب المذمة والرجوع ثم السلام
والاستئذان حتى يكون دخوله محمودا فيكون جلوسه محمودا.
وقوله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن مسعود: "إذنك على أن ترفع الحجاب وإن تستمع لسوادي حتى أنهاك". فاطلاقه رفع الحجاب ليكون إذنا له يغنيه عن الاستئذان عند الدخول لا ينافي أن يكون قبل ذلك يسلم كما يسلم من يستأذن.
وعنه صلى الله عليه وسلم: رسول الرجل إلى الرجل إذنه وإذا دعى أحدكم فجاء مع الرسول فذلك إذن له وعن أبي هريرة بعثني صلى الله عليه وسلم إلى أهل الصفة فدعوتهم فجاؤوا فاستأذنوا فأذن لهم لا يعارض ما روينا لأن في الحديث الأول المرسل إليه أي مع الرسول فأغناه سلام الرسول واستئذانه وأهل الصفة قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم دون أبي هريرة فلم يكن لهم بد من السلام والاستئذان لأنه قال: فجاؤوا ولم يقل: فجئنا.
عن علقمة أنه كان مع مسروق وابن مسعود بينهما فجاء أعرابي فقال: السلام عليك يا ابن أم عبد فضحك ابن مسعود فقال: مم تضحك؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أن من أشراط الساعة السلام بالمعرفة وأن يمر الرجل بالمسجد ثم لا يصلي فيه".
وفي رواية: ما بين يدي الساعة تسليم الخاصة، ولا يعارض هذا ما روى في حديث إسلام أبي ذر فانتهيت إليه يعني: رسول الله صلى الله عليه وسلم هو وصاحبه يعني: أبا بكر فكنت أول من حياه بتحية الإسلام فقال: "وعليك ورحمة الله" إذ يحتمل أن يكون أبو ذر مع أبي بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم متشاغل بصلاة أو طواف فلم يحتج إلى السلام على أبي بكر وكانت الحاجة إلى السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقصد بسلامه إليه فلم ينكر عليه واختصاص رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا ذر بالرد عليه وحده دون غيره من الناس دليل على أن الرد بخلاف السلام لأن السلام على الواحد من الجماعة ظلم لبقيتهم إذ من