الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قاتلها على جرم قاتل الهدهد والصرد وأما النملة فلا منفعة معها ولا مضرة وورد أن نملة قرصت نبيا من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأحرقت فأوحى الله إليه أن قرصتك نملة أحرقت أمة من الأمم تسبح.
وروى مرفوعا خرج نبي من الأنبياء بالناس يستسقون الله تعالى فإذا هم بنملة رافعة بعض قوائمها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ارجعوا فقد استجيب لكم من أجل هذه النملة". فمن قتل ما هذا سبيله فقد قطع المعنى المحمود منه ودخل تحت الوعيد المذكور، وروي في النملة إباحة قتلها إذا آذت لما روي نزل نبي من الأنبياء تحت شجرة فلدغته نملة فأمر بجهازه فخرج من تحتها فأوحى هلا1 أخذت نملة واحدة، وفي قوله:"أربع لا يقتلن" دليل على أن غيرهن ليس في معناهن للحصر في العدد وقوله: نهى عن قتل أربع وإن لم يكن فيه حصر لكن المقصود بالنهي قتلهن فقط حيث لم يعطف عليهن غيرهن.
1 في المشكل ج- 1-373 من تحتها ثم أمر بها فاحرقت في النار فأوحى الله تعالى إليه فهلا- ح.
في الكبائر
قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ} الآية من فضل الله ونهاية كرمه تكفير السيئات باجتناب الكبائر والوعد بإدخالهم مدخلا كريما بلا عمل كان منهم فوجب ذلك لهم بوعده وجوده فمن الكبائر ما روي عن ابن مسعود قلت: يا رسول الله أي الذنب أكبر؟ قال: "أن تجعل لخالقك ندا وقد خلقك" قلت: ثم أي؟ قال: "أن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك" قلت: ثم أي؟ قال: "أن تزاني حليلة جارك"، ثم نزل القرآن تصديقا له صلى الله عليه وسلم {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ} فظهر أن الثلاثة من الكبائر وأكبرها الشرك ثم قتل الولد ثم المزاناة بحليلة الجار.
وروي عن عبد الله بن عمرو قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه
وسلم فقال: يا رسول الله ما الكبائر؟ قال: "الإشراك بالله" قال: ثم ماذا؟ قال: "عقوق الوالدين" قال: ثم ماذا؟ قال: "اليمين الغموس"، فكان جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص أن الشرك أكبر الكبائر ثم العقوق ثم الغموس فاحتمل أن يكون قتل الولد وعقوق الوالدين في درجة والغموس ومزاناة حليلة الجار في درجة تتلوها توفيقا بين الحديثين ويكون أجاب النبي صلى الله عليه وسلم ابن مسعود بأحدهما واجبا عبد الله بن عمرو بن العاص بالآخر منهما ومثل هذا من صحيح الكلام يقال: فلان من أشجع الناس فيقال: ثم من؟ فيقول: فلان لآخر ثم هناك آخر مثله قد سكت عنه فلم يذكره فلا تضاد.
وروى عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر"؟ قالوا: بلى قال: "الإشراك بالله وعقوق الوالدين قال: وكان متكئا فجلس فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور" - شك الجريري أحد رواة الحديث- فما زال يقولها حتى قلنا ليته سكت، فكان الذي في هذا الحديث في الدرجة الأولى من الكبائر كالذي فيها في الحديثين كما يقال: من أشجع الناس؟ فيقول: فلان وفلان وأحدهما في الشجاعة فوق الآخر.
وروى أبو أمامة عن عبيد الله بن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن من أكبر الكبائر الشرك بالله وعقوق الوالدين واليمين الغموس وما حلف حالف بالله يمين صبر فادخل فيها مثل جناح بعوضة إلا كانت نكتة في قلبه يوم القيامة".
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجتنبوا السبع الموبقات" قيل: وما هي يا رسول الله؟ قال: "الشرك بالله والسحر وقتل النفس المحرمة إلا بالحق وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف الغافلات المؤمنات"، ولم يذكر غير هذه الستة وسقط فيه السابع وليس في حديث أبي هريرة تغليظ بعضها على بعض فهي مرتبة على حديث ابن مسعود وابن عمر
وروى أبو أيوب الأنصاري أنه قال: من مات يعبد الله ولا يشرك به شيئا ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويصوم رمضان ويجتنب الكبائر فله الجنة فسأله رجل ما الكبائر؟ فقال: الإشراك بالله وقتل النفس التي حرم الله والفرار يوم الزحف.
وسأل رجل من الصحابة يا رسول الله ما الكبائر؟ قال: "تسع أعظمهن الإشراك بالله وقتل المؤمن بغير حق وفرار يوم الزحف والسحر وأكل مال اليتيم وأكل الربا وقذف المحصنة وعقوق الوالدين واستحلال بيت الله الحرام قبلتكم أمواتا وأحياء" ثم قال: "لا يموت رجل لم يعمل هذه الكبائر ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة إلا وافق محمدا صلى الله عليه وسلم في دار محبوبة مصاريعها من ذهب".
وروى عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من الكبائر شتم الرجل والديه" قالوا: يا رسول الله وهل يشتم الرجل والديه؟ قال: "نعم يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه"، وموضعه موضع العقوق فيما تقدم.
وقد روى أن الكبائر من أول سورة النساء إلى قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ} الآية وفي هذا زيادة على ما ذكرنا ويحتمل أن لا تكون كبائر سواها ويحتمل أن تكون سواها لم يطلع الله تعالى عباده عليها ليكونوا على حذر من الوقع فيها بالاحتراز عن السيئات كلها خوفا من الوقوع في الكبائر وذلك من نحو ما روى مرفوعا الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات فلم يبينها ليجتنب الشبهات كلها ومن هذا المعنى إبهام ليلة القدر ليجتهدوا في العمل رجاء موافقتها.
وعن ابن العاص قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أن أكبر الذنب- وفي رواية أن أكبر الكبائر- أن يسب الرجل والديه" قيل: يا رسول الله وكيف يسب والديه؟ قال: "يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه"، وهذا يبعد أن يكون من أكبر الكبائر لأن الشرك أكبر من ذلك.