الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خاتما من فضة نقشه محمد رسول الله لحاجته إليه وفيه أن من احتاج إلى مكاتبة الناس جاز له ذلك وكذا من احتاج إليه للختم على أمواله إتباعا له صلى الله عليه وسلم يؤكده ما روي أنه صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما من ذهب وجعل فصه مما يلي كفه فاتخذه الناس فرمى به واتخذ خاتما من ورق أو فضة.
في المشي بنعل واحد
روي مرفوعا: النهي عن المشي في النعل الواحد والخف الواحد وذلك لأن من يلبس كذلك يستهزئ به الناس لأنه ليس بمستحسن عندهم فلو لم يرد فيه نهي لوجب أن ينتهي عنه ولا يعارض بما روي عن عائشة ربما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمشي في نعل واحد لأنه من حديث مندل وليس بثبت في الرواية لا سيما وهو إنما رواه عن ليث بن أبي سليم وهو وإن كان من أهل الفضل ليست روايته عند أهل العلم بالأسانيد قوية.
في الدجال
روي أن امرأة يهودية بالمدينة ولدت غلاما ممسوحة عينه طافية ناتئة فأشفق رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون الدجال فوجده تحت قطيفة يهمهم فآذنته أمه فقالت: يا عبد الله هذا أبو القاسم جاء فأخرج إليه فخرج من القطيفة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما لها قاتلها الله لو تركته لبين" ثم قال: "يا ابن صياد ما ترى"؟ قال: أرى حقا وأرى باطلا وأرى عرشا على الماء فقال: "أتشهد أني رسول الله"؟ فقال هو: أتشهد أني رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "آمنت بالله ورسله" فلبس عليه ثم خرج وتركه ثم جاء في الثالثة والرابعة ومعه أبو بكر في نفر من المهاجرين والأنصار فبادر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجاء أن يسمع من كلامه شيئا فسبقته أمه إليه فقالت: يا عبد الله هذا أبو القاسم قد جاء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما لها قاتلها الله لو تركته لبين" فقال: "يا ابن صياد ما ترى"؟ فقال: أرى حقا وباطلا وأرى عرشا
على الماء فقال رسول الله: "آمنت بالله عز وجل ورسله" فلبس عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا ابن صياد أنا قد خبأنا لك خبيئا فما هو"؟ قال: الدخ فقال رسول الله: "أخس أخس" فقال عمر: ائذن لي فأقتله يا رسول الله فقال: "أن يكن هو فلست صاحبه إنما صاحبه عيسى بن مريم وإن لا يكن هو فليس لك أن تقتل رجلا من أهل العهد"، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم مشفقا أن يكون هو الدجال.
لما راى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى من عينه وسمع من همهمته ما سمع ووقف على ما في الحديث من الشواهد قال فيه ما قال بغير تحقيق منه أنه هو إذ لم يأته وحي ولم يجزم ما يقوله فيه.
وما روي عن جابر أنه حلف بالله أن ابن صياد هو الدجال وما استثنى فقيل له: تحلف ولا تستثنى فقال: سمعت عمر بن الخطاب يحلف على ذلك عند النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه.
لا دليل فيه إذ كان محتملا أن يكون هو وفيه نظر إذ لا يصح الحلف إلا على ما يستيقنه المرء ولكنه إنما حلف على غالب ظنه لما رأى به من العلامات واستثنى متصلا بها في غالب ظني أو نوى ذلك وإن لم يحرك به لسانه على القول بجواز الإستثناء بالنية وهو من قبيل ما يكون الاستثناء بغير أداته على ما عرف وقيل يجوز الحلف فيما لا يستيقنه الحالف وهو فاسد لا يلتفت إليه يؤيده قول الأنصار في قتيلهم الذي قتل بخيبر كيف نحلف ولم نشهد ولم نحضر فوداه صلى الله عليه وسلم من عنده ولم يقل لهم أن الحلف سائغ لهم وكذا ما روى عن ابن مسعود والله لأن أحلف تسعا أن ابن صياد هو الدجال أحب إلي من أن أحلف واحدة أنه ليس هو وما روي عن أبي ذر لأن أحلف أن ابن صياد هو الدجال عشرا أحب إلي من أن أحلف مرة واحدة أنه ليس به هو على ما بينا في حلف عمر.
ثم وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما حدثه به تميم الداري أن قوما من بني عم له ركبوا سفينة في البحر فانتهت بهم سفينتهم إلى جزيرة لا يعرفونها فخرجوا ينظرون فإذا هم بإنسان لا يدرون ذكر هو أو أنثى من كثرة الشعر فقالوا: من أنت؟ قالت: أنا الجساسة قالوا: فحدثينا قال: أئتوا الدير فإن فيه رجلا بالأشواق إلى أن تحدثوه فدخلوا الدير فإذا هم برجل موثق بالحديد يتأوه شديدا فقال لهم: من أنتم؟ قالوا: من أهل فلسطين من جزيرة العرب قال: فخرج نبيهم بعد؟ فقالوا: نعم قال: فما صنع؟ قالوا: اتبعه قوم وفارقه قوم فقاتل بمن تبعه من فارقه حتى أعطوه أهل الحجر قال: فما فعلت بحيرة الطبرية؟ قالوا: هي مملوءة تدفق قال: فما فعلت عين الزغر؟ قالوا: تدفق حافتها قال: فما فعل نخل بين عمان وبيسان؟ قالوا: قد أطعم قال: لو أفلت من وثاقي لوطئت البلدان كلها إلا طيبة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إلى هذا انتهى فرح نبيكم" ثم قال: "هي طيبة هي طيبة المدينة ما فيها طريق ولا موضع عرق ضيق ولا واسع ولا ضعيف إلا عليه ملك شاهر سيفه لو أراد أن يدخله ضرب وجهه بالسيف". وعن محرر بن أبي هريرة عن أبيه أنه حدثه بهذا وزاد فيه ثم قال: نحو الشام ما هو نحو العراق ما هو ثم أهوى بيده نحو المشرق عن زمره قال: فلقيت عبد الرحمن ابن أبي بكر فحدثته يقال: هل زاد فيه شيئا؟ قال: لا قال: صدق أشهد على عائشة أن عائشة حدثتني بهذا غير أنها زادت فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ومكة مثلها".
سرور النبي صلى الله عليه وسلم بما في هذا الحديث دليل على أنه تحقق الأمر عنده بطريقه ولولا ذلك ما قام في المسلمين خطيبا به فرحانا وابن صياد يومئذ بالمدينة وبقاء ابن مسعود وأبي ذر وجابر على ما كانوا عليه يحتمل أنهم لم يعلموا ما كان من النبي صلى الله عليه وسلم فيما حدثه به تميم الداري ولأجله كان يدفع عن نفسه ابن الصياد أن يكون دجالا.
عن أبي سعيد الخدري قال: لحقني ابن صياد صادرين من مكة فقال: أن الناس يزعمون أني أنا الدجال وهو لا يولد له وقد ولد لي وهو لا يدخل الحرمين وقد دخلتهما والله إني لأعلم مكانه فما ارتبت أنه هو إلا حينئذ.
وعن أبي بكرة قال: أكثر الناس في شأن مسيلمة الكذاب قبل أن يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه شيئا ثم قام رسول الله في الناس فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: "أما بعد في شأن هذا الرجل الذي قد أكثرتم في شأنه فإنه كذاب من ثلاثين كذابا يخرجون قبل الدجال وأنه ليس بلد إلا يدخله رعب الدجال إلا المدينة على كل نقب من أنقابها يومئذ ملكان يذبان عنها رعب المسيح".
وعن سمرة يرفعه: "لن تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون دجالا كذابا كلهم يكذبون على الله ورسوله آخرهم الأعور الدجال ممسوح العين اليمنى كأنها عين ابن أبي تحيا1" يحتمل أن يكون الكذابون في الحديثين صنفا واحدا ويحتمل أن يكونوا غيرهم فيكونون كذابين ليسوا بدجالين قبل أنما سمى الكذاب دجالا لأنه في كذبه معروف كالدجال وفيه نظر لأن الكذابين في المستأنف لا يحصرون بعدد ثلاثين فالحق أنهم دجالون خلاف الدجال الأعور وأنه غير مشتق لأنه لو اشتق من الدجل وهو السرعة في السير كما ذكره بعض لوجب أن يكون كل مسرع في مشيه دجالا فوجب أن يكون من الأسماء التي ليست مشتقة من شيء فكان العدد الذي ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم صنفا له وكان يحتمل لما قد ذكرنا احتماله إياه.
وعن حذيفة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأنا أعلم بما مع الدجال منه معه نار تحرق ونهر بارد فمن أدركه منكم فلا يهلكن ليغمض عينيه وليقع في
1 كان في الأصل عين ابن أبي يحي وهو خطأ وفي المشكل 4/105 عين بن أبي تحيا والمشهور في كتب الحديث عين أبي تحيا ولأبي تحيا ترجمة في الإصابة ذكر فيها هذا الحديث- ح.
التي يراها نارا فإنها ماء بارد".
وعن جنادة بن أبي أمية عن رجل من الصحابة قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أنذركم المسيح قالها ثلاثا ألا وأنه لم يكن نبي قبل إلا قد أنذره أمته وخافه عليها إلا فإنه فيكم أيتها الأمة ألا وأنه آدم جعد ممسوح عين اليسار ألا أن معه جنة ونار ألا وأن جنته نار وناره جنة وأن معه جبلا من خبز ونهرا من ماء الا وأنه يمطر ولا ينبت الأرض ألا وأنه يسلط على نفس فيقتلها ثم يحييها ولا يسلط على غيرها ألا وأنه يمكث فيكم أربعين صباحا يبلغ سلطانه كل منهل لا يأتي أربعة مساجد المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجد الطور ومسجد الرسول".
وهذا كمثل ما وقع عن سحرة فرعون قال تعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} يؤيده ما روي عن المغيرة قال: ما سأل أحد عن الدجال أكثر مما سألته عنه فقال: ما يصيبك منه أنه لا يضرك قلت أنهم يزعمون أن معه الطعام والماء قال: هو أهون على الله من ذلك.
وعن جابر يخرج الدجال في خفقة من الدين وأدبار من العلم وله أربعون ليلة يسيحها في الأرض اليوم منها كالسنة واليوم منها كالشهر واليوم منها كالجمعة ثم سائر أيامه كأيامهم هذه وله حمار يركبه عرض ما بين أذنيه أربعون ذراعا فيقول للناس: أنا ربكم وهو أعور وإن ربكم ليس بأعور مكتوب بين عينيه كافر يقرأه كل مؤمن كاتب وغير كاتب يرد كل ماء ومنهل إلا المدينة ومكة حرمهما الله عليه وقامت الملائكة بأبوابها ومعه جبال من خبز وخضرة يسيل1 بها في الناس والناس في جهد إلا من أتبعه وله نهران أنا أعلم بهما معه نهر يقول: الجنة ونهر يقول: النار من أدخل الذي يسميه الجنة فهو النار ومن أدخل الذي يسميه النار فهو الجنة وتبعث معه شياطين تكلم الناس ومعه فتنة عظيمة يأمر السماء فتمطر فيما يرى الناس ويقتل نفسا فيحييها فيما يرى الناس فيقول للناس: هل يفعل هذا إلا الرب؟ فيفر المسلمون
1 هكذا ولعله يسير- ح.