الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا قبل فرض رمضان وفرض الحج على من فرضه الله عليه فكان من جاء بغيرهما مستحقا للوعد المذكور فلما فرضا عاد الوعد إلى من أدى جميع الفرائض التي منها صوم رمضان والحج.
النور
عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ينكح الزاني إلا مجلودا مثله" وهذا في مجلود في الزنا مقيم عليه لا على النازع عنه لأن وصفه إياه بالجلد وصف له بحال هو فيها مذموم لأن الجلد كفارة فذمه بذلك بعد الجلد يدفع أن يكون كفارة له إذ كان مقيما على ما يوجب مثله وروي مرفوعا الزاني لا ينكح إلا زانية مثله والمجلود لا ينكح إلا مجلودة مثله فيه زيادة على الأول وهو لا يتزوج الزاني إلا زانية ومعناه أيضا على الزانيين المقيمين على الأحوال المذمومة لا على زانيين جلد كل واحد منهما في زناه جلدا يكون كفارة له بنزوعه عنه وتوبته منه والمعقول من قصده إلى ذمه بالجلد ذمه بالزنا الذي كان جلد فيه وروي أن مرثدا لما أراد نكاح عناق استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك وكانت بغيا فسكت حتى نزلت: {الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً} الآية فنهاه عن ذلك.
وعن ابن عمر كن نساء بغايا كان الرجل يتزوج المرأة منهن لتنفق عليه منهن أم مهزول1 فاحتمل أن يكون ما في آثار الأول هو على الرجل ينكح لهذا المعنى الذي يطلق لها الزنا لما يصل إليه بذلك من النفع فسمى زانيا لما كان سببا كنحو ما روي مرفوعا أيما امرأة استعطرت ومرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية وكل عين زانية.
1 هكذا في سنن البيهقي 7/153 وغيره ووقع في الأصل "أم مهرور" كذا- ح.
الفرقان
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنزل القرآن على سبعة أحرف أيها
قرأت أصبت أو قال: اقرأوا ولا حرج غير أن لا تجمعوا بين ذكر رحمة بعذاب ولا ذكر عذاب برحمة وقال فلا تماروا في القرآن فإن المراء فيه كفر وقال: {فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} " ذهب قوم إلى أن السبعة الأحرف هي سبعة أنحاء كل نحو منها جزء من القرآن كقوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ} فإنه صنف من الأصناف التي يعبد الله عليها فمنها ما هو محمود ومنها ما هو على خلافه فمن ذلك الأحرف حرف زاجر وأمرو وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال قيل هذا فاسد لأنه روي عن أبي بن كعب أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: اقرأ على حرف واحد فاستزاده فقال: اقرأ على حرفين، فقد علمنا أن الحرف الذي أمره أن يقرأ عليه محال أن يكون حراما لا سواه أو يكون حلالا لا سواه.
وعن ابن مسعود كان الكتاب الأول نزل من باب واحد على حرف واحد ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف زاجر وأمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال فأحلوا حلاله وحرموا حرامه وافعلوا ما أمرتم وانتهوا عما نهيتم عنه واعتبروا بأمثاله واعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وقولوا آمنا به كل من عند ربنا وقيل: سبعة أحرف سبع لغات لأن منه المعرب مثل طور سيناء.
قال الطحاوي: تأملنا فوجدنا قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} وهم قريش وكان صلى الله عليه وسلم يقرأ: ما ينزل عليه على أهل ذلك اللسان وعلى غيرهم من أهل الألسن كالفارسي وغيره وكان يشق عليهم حفظ ما يقرأه عليهم بحروفه التي يقرأها بها عليهم ولا يتهيأ لهم كتابة ذلك وتحفظهم إياه لما عليهم من المشقة في ذلك مع أنهم أهل لسانه وكانوا محتاجين إلى حفظ ما قد تلى عليهم ليقرؤه في صلاتهم وليتعلموا به شرائع دينهم فوسع عليهم ذلك أن يتلوه بمعانيه وإن خالفت ألفاظهم التي يتلونه بها ألفاظ نبيهم دل عليه اختلاف عمر مع هشام بن حكيم وهما قرشيان لسانهما واحد في قراءة آية من سورة الفرقان فقرأها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "هكذا أنزلت
هكذا أنزلت أن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف {فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} .
واختلافها إنما كان في ألفاظه لا في الحلال والحرام والأمر والنهي كقول الرجل أقبل وتعال وأدن وشبهه يؤكده ما روي أن أبي بن كعب قال: ماحك في نفسي منذ أسلمت شيء إلا أني قرأت آية وقرأها غيري فقال: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيناه فقلت: يا رسول الله اقرأتني آية كذا كذا قال: "نعم" وقال صاحبي: اقرأتنيها كذا قال: "نعم أتاني جبريل وميكائيل فجلس جبريل عن يميني وجلس ميكائيل عن يساري فقال: اقرأ القرآن على حرف وقال: ميكائيل استزده فقال: اقرأ القرآن على حرفين حتى بلغ سبعة أحرف كل كاف شاف".
وفي رواية ليس منها إلا شاف كاف قلت غفورا رحيما أو قلت سميعا حليما أو عليما حكيما أوعزيزا حكيما أي ذلك قلت فإنه كذلك ما لم تختم عذابا برحمة أو رحمة بعذاب فبان أن ذلك توسعة من الله لضرورتهم إلى ذلك وحاجتهم إليه حتى كثر من يكتب وعادت لغاتهم إلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم فحفظوا القرآن بألفاظه التي نزل بها فلم يسعهم حينئذ أن يقرؤه بخلافها إذ كانت التوسعة في السبعة الأحرف في وقت خاص لضرورة دعت إلى ذلك فارتفع حكم هذه السبعة الأحرف بارتفاع تلك الضرورة وعاد ما يقرأ به القرآن إلى حرف واحد ومما يدل على عود التلاوة إلى حرف واحد بعد ما كانت على الأحرف السبعة ما كان من أبي بكر في جمعه القرآن واكتتابه بمشورة عمر ومن حضر من الصحابة ومن متابعة عثمان إياهما على ذلك ثم تابعهم على ذلك زيد بن ثابت كاتب الوحي وجميع الصحابة فصارا إجماعا والنقل بالإجماع هو الحجة التي بمثلها نقل الإسلام إلينا حتى علمنا شرائعه وعاد ذلك إلى أن من كفر بحرف منه كان كافرا حلال الدم إلى أن يرجع إلى ما عليه الجماعة بخلاف حكم الأخبار التي يرويها الآحاد مما يخالف شيئا مما في المصحف الذي ذكرنا في أنه لا يكون كافرا من كفر بما جاءت به.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم: أنزل القرآن على سبعة أحرف لكل
آية منها ظهر وبطن. ظهر الآية ما يظهر من معناها وبطنها هو ما يبطن من معناها فعلى الناس طلب باطنها كما عليهم طلب ظاهرها ليقفوا بذلك على ما تعبدهم الله تعالى من حلال أو حرام.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنزل القرآن على ثلاثة أحرف" قيل: هو قول: يقال ويقين يوقن به وعمل يعمل به والأولى أن يقال: لما قال له جبريل: اقرأ علي حرف وقال له ميكائيل: استزده فقال: اقرأ على حرفين فاستزاده حتى بلغ ثلاثة أحرف أعلم الناس بذلك فسمعه من حدث عنه ولم يسمع الزيادة وسمع ذلك غيره إلى سبعة أحرف فحدث به فكان من سمع حجة على من لم يسمع.
عن أبي ظبيان قال لي ابن عباس: على أي القراءتين تقرأ؟ قلت: على القراءة الأولى قراءة ابن مسعود قال: بل قراءة ابن مسعود هي الآخرة أن جبريل كان يعرض على نبي الله القرآن في كل رمضان فلما كان العام الذي قبض فيه عرضه مرتين فشهد عبد الله ما نسخ منه وما بدل والقراءة التي لا يختلف خطها باختلافها مثل: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} فتثبتوا {إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا} {كَيْفَ نُنْشِزُهَا} {لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ} ولنثوبنهم وما أشبه ذلك مما في القرآن كثير فإنه قراءة الرسول صلى الله عليه وسلم على الناس كما أنزل ثم نزل عند عرض القرآن على جبريل فقرأه أيضا على ما أنزل فحضر الثانية من غاب عن القراءة الأولى وغاب عن الثانية من حضر الأولى فلزم كل فريق منهم قراءته التي سمع من النبي صلى الله عليه وسلم وكان محمودا على ذلك إذ هي كلها من عند الله إذ ليس في المصحف شكل ولا نقط لأنهم تركوا ذلك مخافة أن يخلطوا بكتاب الله غيره حتى كره كثير منهم كتابة فواتح السور والتعشير والتخميس واروهم1 حجة وهذا كمثل ما كان في الأحكام مما نسخه الله تعالى على لسان نبيه بعد ذلك بما نسخه فوقف بعض الصحابة على الحكم الأول وغاب عن الثاني ووقف بعضهم عن الثاني وغاب عن الأول فكان فرض كل فريق منهم الذي تعبد به ما وقف عليه لما لم يسمع خلافه.
1 كذا.
عن أنس أن رجلا كان يكتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قرأ البقرة وآل عمران وكان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جد فينا وكان النبي صلى الله عليه وسلم يملي عليه غفورا رحيما فكتب عليما حكيما فيقول للنبي صلى الله عليه وسلم: أكتب كذا وكذا؟ فيقول: "نعم اكتب كيف شئت" ويملي عليه عليما حكيما فيقول: سميعا بصيرا فيقول له النبي: "اكتب كيف شئت" فهو كذلك فارتد عن الإسلام ولحق بالمشركين وقال: أنا أعلمكم بمحمد إن كان ليكل الأمر إلي حتى اكتب ما شئت فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أن الأرض لن تقبله" فأخبرني أبو طلحة: أنه رأى الأرض التي مات بها فوجده منبوذا قال أبو طلحة: ما شأن هذا؟ قالوا: إنا دفناه مرارا فلم تقبله الأرض.
ليس في الحديث خلاف لما قلنا من أن السبعة الأحرف إنما أطلقت للناس للضرورة إلى ذلك والعجز منهم عن حفظ الحروف بعينها وأنه لا يسع لنا أن نقرأ شيئا من القرآن بخلاف الألفاظ التي فيها وإن كان معناها معنى ما فيها لأنه يحتمل أن يكون ذلك الكتاب الذي أمره بالكتابة إنما هو كتابه إلى الناس في دعائهم إلى التوحيد وتعليم الشرائع ولم يكن الرجل من قريش ولا من الأنصار وإنما كان نصرانيا أسلم وكان يقول ما يقرأ محمد إلا ما كتبت له وليس في قوله ما يقرأ دليل على أنه قرآن وليس كل مقروء {قرآنا اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ، فَأُولَئِكَ يَقْرَأُونَ كِتَابَهُمْ- فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ} الآية وكذا لا يلزم أنه كان يقرأ بنفسه ولكن كان يأمر به فيقرأ عليه ليعلم الناس فيعلموا ما فيه قبل أن ينفذه إلى من يريد إنفاذه إليه.
عن عطية العوفي قال: قرأت على عبد الله بن عمر {خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً} فرد على {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً} ثم قال قرأت على رسول الله صلى الله عيه وسلم كما قرأت علي فرد علي كما رددت عليك