الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قنوته من لعن من القبائل وكان ذلك سببا لقتلهم حتى لم يبق منهم أحد وإن كان الملعون بخلاف ذلك كان لاعنه ممن قد سبه فاستحق العقوبة على سبه إياه وهي بعود اللعنة إليه.
في من سرته حسنته وساءته سيئته
…
في من سرته حسنته وساءته سيئة
روي مرفوعا: "من سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن" يعني: فيرجو ثوابه من الله ويخاف عقابه فهو مؤمن لأن الرجاء والخوف من الأحوال المحمودة في قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} .
وعن أبي هريرة مرفوعا أن رجلا أذنب ذنبا فقال: أي رب أذنبت ذنبا أو عملت ذنبا فاغفره فقال عز وجل: عبدي عمل ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي ثم عمل ذنبا آخرا وقال: أذنبت ذنبا آخر فقال: أي رب إني عملت ذنبا فاغفره فقال تبارك وتعالى: علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي ثم عمل ذنبا آخر أو أذنب ذنبا آخر فقال: رب إني عملت ذنبا فاغفره فقال: عبدي علم أن له ربا يغفر الذين ويأخذ به أشهدكم إني قد غفرت لعبدي فليعمل ما شاء.
وذلك لأن علم العبد بذنبه وعقابه عليه إن شاء وبمغفرته له إن شاء إيمان منه به وسبب لرجائه وخوفه فلذلك يسره حسناته ويسوءه سيئاته بخلاف من ظن أن الله يخفي عليه خافية فإنه كافر قال تعالى: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ} الآية فاستحق النار مع الأشرار.
في الدخول على أهل الحجر
عن محمد بن أبي كبشة عن أبيه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
في غزوة تبوك فتسارع الناس إلى أهل الحجر يدخلون عليهم فنودي في الناس الصلاة جامعة، فانتهينا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ممسك بعيره فقال:"علام تدخلون على قوم غضب الله عليهم" فناداه رجل تعجبا منهم يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بأعجب رجل من أنفسكم يخبركم بما كان قبلكم وبما هو كائن بعدكم فاستقيموا وسددو فإن الله لا يعبأ بعذابكم شيئا ثم يأتي قوم لا يدفعون عن أنفسهم شيئا". لما كشف صلى الله عليه وسلم المعنى الذي لأجله منعهم من الدخول دل على أنه لو دخلوا عليهم لغير ذلك جاز لهم، يؤيده ما روي عن عبد الله بن عمر قال: مررنا مع النبي صلى الله عليه وسلم على الحجر فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا إلا أن تكونوا باكين حذرا أن يصيبكم ما أصابهم" ثم زجر فأسرع حتى خلفها، فقوله:"باكين حذرا" أي: من أن يخالفوا أمر الله فينزل بهم عند ذلك ما نزل بهم ففي ذلك الاعتبار منهم.
وعن أبي ذر أنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتوا على واد فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس إنكم بواد ملعون فأسرعوا" فركب فرسه يدفع ودفع الناس ثم قال: "من كان اعتجن عجينه فليطعمها بعيره ومن كان طبخ قدرا فليكفأها" - لما غضب الله على أهل ذلك الوادي جعل ماءهم ماء يضرهم ويضر أمثالهم من المكلفين فأمروا فيما عجنوا بذلك الماء أن لا يأكلوه وأباح لهم أن يطعموه إبلهم التي لا تعبد عليها ولا ذنوب لها وكان إسراعه صلى الله عليه وسلم ليقتدي الناس به خوفا منه عليهم أن يؤاخذوا بذنوبهم هناك كما أخذ من تقدمهم من أهل الوادي هناك والمراد بلعن الوادي لعن أهله المغضوب عليهم كقوله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً} والمراد: أهلها بدليل قوله: {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ} وقوله: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} .