الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْحِيطَانِ وَالْجِيرَانِ] [
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ بَعْضِ الْقَوَاعِدِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِأَحْكَامِ الْأَمْلَاكِ]
(وَيَحْتَوِي عَلَى أَرْبَعَةِ فُصُولٍ) الْحِيطَانُ جَمْعُ حَائِطٍ كَمَا بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (1047) . وَالْجِيرَانُ جَمْعُ جَارٍ. الْفَصْلُ الْأَوَّلُ.
(فِي بَيَانِ بَعْضِ الْقَوَاعِدِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِأَحْكَامِ الْأَمْلَاكِ) .
الْمَادَّةُ (1192) - (كُلٌّ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِهِ كَيْفَمَا شَاءَ. لَكِنْ إذَا تَعَلَّقَ حَقُّ الْغَيْرِ بِهِ فَيُمْنَعُ الْمَالِكُ مِنْ تَصَرُّفِهِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِقْلَالِ. مَثَلًا: الْأَبْنِيَةُ الَّتِي فَوْقَانِيِّهَا مِلْكٌ لِأَحَدٍ وَتَحْتَانِيِّهَا لِآخَرَ فَبِمَا أَنَّ لِصَاحِبِ الْفَوْقَانِيِّ حَقُّ الْقَرَارِ فِي التَّحْتَانِيِّ وَلِصَاحِبِ التَّحْتَانِيِّ حَقُّ السَّقْفِ فِي الْفَوْقَانِيِّ أَيْ حَقُّ التَّسَتُّرِ وَالتَّحَفُّظِ مِنْ الشَّمْسِ وَالْمَطَرِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَعْمَلَ عَمَلًا مُضِرًّا بِالْآخَرِ بِدُونِ إذْنِهِ وَلَا أَنْ يَهْدِمَ بِنَاءَ نَفْسِهِ) .
كُلٌّ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِهِ الْمُسْتَقِلِّ كَيْفَمَا شَاءَ أَيْ أَنَّهُ يَتَصَرَّفُ كَمَا يُرِيدُ بِاخْتِيَارِهِ أَيْ لَا يَجُوزُ مَنْعُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ مِنْ قِبَلِ أَيِّ أَحَدٍ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ فَاحِشٌ لِلْغَيْرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1197) .
كَمَا أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ مِنْ أَحَدٍ عَلَى التَّصَرُّفِ أَيْ لَا يُؤْمَرُ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ بِأَنْ يُقَالَ لَهُ: أَعْمِرْ مِلْكَكَ وَأَصْلِحْهُ وَلَا تُخَرِّبْهُ مَا لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةٌ لِلْإِجْبَارِ عَلَى التَّصَرُّفِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَوَادِّ (1317 و 1318 و 131 و 1320) .
إيضَاحُ الْقُيُودِ:
1 -
مُسْتَقِلٌّ، أَمَّا إذَا كَانَ الْمِلْكُ مُشْتَرَكًا فَقَدْ وَرَدَ حُكْمُهُ فِي الْمَادَّةِ (1096) وَمَا يَتْلُوهَا مِنْ الْمَوَادِّ.
2 -
فِي مِلْكِهِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْمِلْكِ مِلْكُ الرِّقْبَةِ وَمِلْكُ الْمَنْفَعَةِ وَهُوَ عَامٌّ وَشَامِلٌ لَهُمَا فَلِذَلِكَ تَشْمَلُ الْمَوْقُوفَ لِلسُّكْنَى وَالِاسْتِغْلَالَ وَالْأَرَاضِي الْأَمِيرِيَّةَ وَسَتُذْكَرُ التَّعْرِيفَاتُ وَنُوَضِّحُ الْمَسْأَلَةَ قَرِيبًا.
وَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِدُونِ إذْنِهِ سَوَاءٌ كَانَ هَذَا التَّصَرُّفُ مُضِرًّا بِصَاحِبِ الْمِلْكِ أَوْ
غَيْرَ مُضِرٍّ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) . مَا لَمْ يُوجَدْ ضَرُورَةٌ فِي التَّصَرُّفِ بِمِلْكِ الْغَيْرِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (1315) وَكَمَا سَيُوضِحُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ.
مَسَائِلُ مُتَفَرِّعَةٌ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ:
الْبُيُوعُ - قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (378) أَنَّ بَيْعَ الْفُضُولِيِّ غَيْرُ نَافِذٍ اُنْظُرْ مَادَّتَيْ (366 و 398) وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (397) أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَبِيعَ الْمَبِيعَ وَفَاءً لِآخَرَ كَمَا أَنَّهُ إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ وَفَاءً فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بِتَعَدِّيهِ يَكُونُ الْمُشْتَرِي ضَامِنًا كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (401) الْإِجَارَةُ -.
لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجَرِ التَّصَرُّفُ فِي الْمَأْجُورِ بِطَرِيقِ التَّجَاوُزِ عَلَى مَا فَوْقَ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا فِي الْمَأْجُورِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (426) كَمَا لَا يَجُوزُ إرْكَابُ الدَّابَّةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِرُكُوبِ أَحَدٍ لِآخَرَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (426) كَمَا أَنَّ إيجَارَ الْفُضُولِيِّ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْمُتَصَرِّفِ. وَإِذَا كَانَ الْمُتَصَرِّفُ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ أَوْ وَصِيِّهِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (447) كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ تَخْرِيبُ الْمَأْجُورِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (533) .
كَذَلِكَ لَيْسَ لِمَنْ اسْتَأْجَرَ ثِيَابًا أَوْ حُلِيًّا لِاسْتِعْمَالِهَا بِنَفْسِهِ أَنْ يَسْمَحَ لِغَيْرِهِ بِأَنْ يَسْتَعْمِلَهَا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي مَادَّتَيْ (536 و 537) .
كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَتَجَاوَزَ الْمَحِلُّ الْمُعَيَّنُ بِالْحَيَوَانِ الْمَأْجُورِ أَوْ أَنْ يَذْهَبَ إلَى مَحِلٍّ غَيْرِهِ.
وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتِعْمَالُ الْمَأْجُورِ زِيَادَةً عَنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ الْمُعَيَّنَةِ. اُنْظُرْ الْمَوَادَّ (548 و 550 و 551 و 556 و 592 و 605) .
الرَّهْنُ - لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ تَعْيِيبُ أَوْ إتْلَافُ الرَّهْنِ، وَلَيْسَ لِآخَرَ أَيْضًا إتْلَافُ الرَّهْنِ. اُنْظُرْ مَادَّتَيْ (741 و 742) .
وَكَذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ بَيْعُ الْمَرْهُونِ بِلَا إذْنِ الرَّاهِنِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (746) . وَكَذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ رَهْنُ الْمَرْهُونِ لِآخَرَ بِلَا إذْنِ الرَّاهِنِ. وَكَذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ الِانْتِفَاعُ بِالْمَرْهُونِ بِلَا إذْنِ الرَّاهِنِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (750) .
الْأَمَانَاتُ - إذَا عَثَرَ أَحَدٌ عَلَى شَيْءٍ فِي الطَّرِيقِ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ مِلْكًا لَهُ، وَكَذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُسْتَوْدَعِ صَرْفُ نُقُودِ الْوَدِيعَةِ عَلَى أُمُورِهِ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ رُكُوبُ حَيَوَانِ الْوَدِيعَةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (787) . وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ خَلْطُ الْوَدِيعَةِ بِمَالِ آخَرَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (788) وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ إيدَاعُ الْوَدِيعَةِ أَوْ إيجَارُهَا أَوْ إعَارَتُهَا أَوْ رَهْنُهَا لِآخَرَ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ اسْتِعْمَالُهَا. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (790 و 792) .
الْإِعَارَةُ - وَكَذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَتَجَاوَزَ إلَى مَا فَوْقَ الِانْتِفَاعِ الْمَأْذُونِ بِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (818) وَكَذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ إيجَارُ الْعَارِيَّةِ أَوْ رَهْنُهَا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (823) .
الْهِبَةُ - لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَهَبَ مَالَ الْغَيْرِ عَنْ الْغَيْرِ.
الْغَصْبُ - إذَا تَصَرَّفَ أَحَدٌ بِمَالِ الْغَيْرِ كَأَخْذِهِ بِلَا إذْنِهِ يَكُونُ غَاصِبًا وَضَامِنًا كَمَا بُيِّنَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ
الشَّرِكَةُ - لَيْسَ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ اسْتِعْمَالُ الْحَيَوَانِ الْمُشْتَرَكِ بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ فِي أُمُورِهِ كَالرُّكُوبِ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1075 و 1080) . وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ زِرَاعَةُ الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ إذَا كَانَتْ الزِّرَاعَةُ مُضِرَّةً بِالْأَرْضِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1085) .
لَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ أَنْ يَفْتَحَ بِلَا إذْنِ الْآخَرِ كَوَّةً أَوْ بَابًا كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَرْقِيعُ الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ مُضِرٍّ بِالشَّرِيكِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْأَنْقِرْوِيُّ فِي الشَّرِكَةِ) .
لَيْسَ لِأَحَدٍ اسْتِعْمَالُ حَائِطِ جَارِهِ وَوَضْعُ الْجُذُوعِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ إذَا كَانَ الْحَائِطُ بَيْنَ دَارَيْنِ وَكَانَ مِلْكًا لِأَحَدِ صَاحِبَيْ الدَّارَيْنِ فَلَيْسَ لِجَارِهِ صَاحِبِ الدَّارِ الثَّانِيَةِ اسْتِعْمَالُ الْحَائِطِ فَإِذَا اسْتَعْمَلَهُ يُمْنَعُ. وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّارِ الَّتِي لَهَا بَابٌ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَتْحُ بَابٍ عَلَى الطَّرِيقِ الْخَاصِّ الَّتِي تَقَعُ خَلْفَ مَنْزِلِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بَابٌ قَدِيمٌ عَلَيْهَا فَإِذَا فَتَحَ فَلِأَصْحَابِ الطَّرِيقِ الْخَاصِّ مَنْعُهُ.
الْهَدْمُ - إذَا هَدَمَ أَحَدٌ الْعَقَارَ الْمَوْقُوفَ الَّذِي يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِطَرِيقِ الْإِجَارَتَيْنِ وَاسْتَهْلَكَ الْأَنْقَاضَ بِبَيْعِهَا وَتَسْلِيمِهَا لِآخَرَ فَيُضَمِّنَهُ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ قِيمَةَ ذَلِكَ الْبِنَاءِ مَبْنِيًّا لِأَنَّ الْمُتَصَرِّفَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْعَقَارِ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا إلَّا الْمَنْفَعَةَ وَلَمْ يَكُنْ مَالِكًا لِلرِّقْبَةِ (أَحْكَامُ الْأَوْقَافِ) .
3 -
يَتَصَرَّفُ كَيْفَمَا شَاءَ، سَوَاءٌ كَانَ هَذَا التَّصَرُّفُ مُضِرًّا بِصَاحِبِ الْمِلْكِ أَوْ نَافِعًا لَهُ. وَيَتَفَرَّعُ عَنْ ذَلِكَ مَسَائِلُ وَهِيَ:
الْبُيُوعُ - لِكُلِّ بَيْعٍ مَا لَهُ لِأَيٍّ شَاءَ بِالثَّمَنِ الَّذِي يُرِيدُهُ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا أَنَّ تَصَرُّفَهُ هَذَا غَيْرُ مَوْقُوفٍ عَلَى إذْنِ أَحَدٍ كَمَا بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (167) وَشَرْحِهَا.
مَثَلًا - لَوْ بَاعَ أَحَدٌ وَهُوَ فِي كَمَالِ عَقْلِهِ وَصِحَّتِهِ جَمِيعَ أَوْ بَعْضَ مَالِهِ لِأَحَدِ أَوْلَادِهِ بِثَمَنٍ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَيْسَ لِأَوْلَادِهِ الْمُدَاخَلَةُ حَالًا أَوْ الْمُدَاخَلَةُ بَعْدَ وَفَاتِهِ أَمَّا بَيْعُ الْمَرِيضِ لِوَرَثَتِهِ أَوْ لِلْأَجْنَبِيِّ فَهُوَ مُسْتَثْنَى كَمَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ.
الْفَرَاغُ - لِلْمُتَصَرِّفِينَ بِالْمُسَقَّفَاتِ والمُسْتَغَلَّاتِ الْمَوْقُوفَةِ بِطَرِيقِ الْإِجَارَتَيْنِ فَرَاغُ الْعَقَارَاتِ الْمَذْكُورَةِ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي لِآخَرَ بِبَدَلٍ أَوْ بِلَا بَدَلٍ وَفَرَاغُهَا لِأَحَدِ الْوَرَثَةِ فِي حَالِ الصِّحَّةِ وَحَالِ الْمَرَضِ، وَلَكِنْ فِي فَرَاغِ الْمَرِيضِ يُوجَدُ بَعْضُ قُيُودٍ وَذَلِكَ إذَا فَرَّغَ الْمَرِيضُ الْعَقَارَاتِ الْمَوْقُوفَةَ لِآخَرَ ثُمَّ تُوُفِّيَ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ لِلْفَارِغِ وَرَثَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الِانْتِقَالِ فَالْفَرَاغُ صَحِيحٌ وَقْتَئِذٍ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَثَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الِانْتِقَالِ فَلَا يَكُونُ الْفَرَاغُ صَحِيحًا وَمُعْتَبَرًا، وَيُعْتَبَرُ الْعَقَارُ الْمَفْرُوغُ بِهِ مَحْلُولًا وَيَعُودُ لِلْوَقْفِ وَحَتَّى فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا أَدَّى الْمَفْرُوغُ لَهُ لِلْفَارِغِ بَدَلًا يَسْتَوْفِي الْمَفْرُوغُ لَهُ الْبَدَلَ مِنْ تَرِكَةِ الْفَارِغِ.
كَذَلِكَ لِلْمُتَصَرِّفِ مُسْتَقِلًّا بِأَرْضٍ أَمِيرِيَّةٍ أَنْ يُفْرِغَهَا فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَحَالِ مَرَضِهِ لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مَنْعُهُ وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ الْفَرَاغُ لِشَخْصَيْنِ.
إذَا بَاعَ الْبُسْتَانُ الَّذِي أَشْجَارُهُ مِلْكٌ وَأَرْضُهُ أَمِيرِيَّةٌ لِآخَرَ فَلَهُ أَنْ يُفْرِغَ الْأَرْضَ الْأَمِيرِيَّةَ لِشَرِيكِهِ فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ فَرَاغُهَا لِأَجْنَبِيٍّ.
2 -
لَيْسَ لَهُ أَنْ يُفْرِغَ لِشَخْصٍ مِنْ رَعَايَا دَوْلَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ غَيْرِ مَأْذُونٍ رَعَايَاهَا بِالِاسْتِمْسَاكِ.
الْإِجَارَةُ - لِكُلِّ إيجَارٍ مَالُهُ وَمِلْكُهُ لِأَيِّ شَخْصٍ أَرَادَ بِأَيِّ بَدَلٍ وَمُدَّةٍ شَاءَ أَمَّا فِي إجَارَةِ الْوَقْفِ فَيُوجَدُ بَعْضُ تَقْيِيدٍ كَمَا وَضَحَ فِي شَرْحِ الْإِجَارَةِ.
الْإِعَارَةُ - لِكُلٍّ أَنْ يُعِيرَ مَالَهُ لِأَيِّ شَخْصٍ أَرَادَ مُطْلَقًا أَوْ مُقَيَّدًا.
الْهِبَةُ - لِكُلِّ شَخْصٍ أَنْ يَهَبَ مَالَهُ لِمَنْ شَاءَ أَوْ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ وَأَنْ يُسَلِّمَهُ. أَمَّا هِبَةُ الْمَرِيضِ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ أَوْ لِلْأَجْنَبِيِّ فَفِيهَا بَعْضُ تَقْيِيدٍ كَمَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ.
الرَّهْنُ - لِكُلٍّ أَنْ يَرْهَنَ مَالَهُ وَيُسَلِّمَهُ مُقَابِلَ دَيْنِهِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مَنْعُهُ، كَمَا أَنَّ لِكُلٍّ أَنْ يُعِيرَ مَالَهُ لِآخَرَ لِيَرْهَنَهُ مُقَابِلَ دَيْنِهِ.
الْإِقْرَارُ - لِكُلٍّ أَنْ يُقِرَّ بِالْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ لِآخَرَ كَمَا سَيُبَيَّنُ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْآخَرُ أَجْنَبِيًّا أَوْ مِنْ وَرَثَتِهِ. وَلَكِنَّ إقْرَارَ الْمَحْجُورِ وَالْمَرِيضِ مُسْتَثْنَى وَفِي إقْرَارِهِمَا بَعْضُ تَقْيِيدٍ. وَالْحُكْمُ فِي الْعُقُودِ وَالْمُعَامَلَاتِ الْأُخْرَى عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَالْإِيدَاعِ.
الْبِنَاءُ - لِكُلٍّ أَنْ يَبْنِيَ فِي مِلْكِهِ مَا أَرَادَ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مَنْعُهُ، وَذَلِكَ لَوْ أَرَادَ أَحَدٌ مَثَلًا أَنْ يَبْنِيَ فِي عَرْصَتِهِ بِنَاءً أَوْ حَائِطًا فِي مَوْضِعٍ مُتَّصِلٍ بِجِدَارِ دَارِهِ وَأَرَادَ جَارُهُ مَنْعَهُ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ صَاحِبُ الْعَرْصَةِ سَيَبْنِي حَائِطَهُ بِصُورَةٍ إذَا هُدِمَ حَائِطُ صَاحِبِ الدَّارِ فَلَا يَنْهَدِمُ حَائِطُ صَاحِبِ الْعَرْصَةِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّارِ مُمَانَعَتُهُ. أَمَّا إذَا كَانَ بِصُورَةٍ إذَا هُدِمَ حَائِطُ صَاحِبِ الدَّارِ سَيَنْهَدِمُ حَائِطُ صَاحِبِ الْعَرْصَةِ فَلِصَاحِبِ الدَّارِ مَنْعُهُ لِأَنَّ الْحَائِطَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى لَا يَسْتَنِدُ عَلَى الْحَائِطِ الْأَوَّلِ. أَمَّا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فَيَسْتَنِدُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الْحَائِطِ ذِرَاعَيْنِ وَأَعْلَاهُ شِبْرًا لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَبْنِيَ وَيُلْصِقَهُ بِالدَّارِ (الْخَانِيَّةُ فِي بَابِ دَعْوَى الْحَائِطِ وَالطَّرِيقِ بِزِيَادَةٍ) .
كَذَلِكَ لَوْ بَنَى أَحَدٌ حَانُوتًا فِي عَرْصَةٍ بِتَصَرُّفِهِ بِمُوجِبِ قُيُودِ الطَّابُو وَاقِعَةً قُرْبَ حَرِيمِ مَسْجِدٍ فِي قَرْيَةٍ بِإِذْنٍ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ لِلْمَسْجِدِ فَلَيْسَ لِأَهَالِي الْقَرْيَةِ طَلَبُ هَدْمِ الْحَانُوتِ بِدَاعِي عَدَمِ رِضَائِهِمْ عَنْ وُجُودِ حَانُوتٍ قُرْبَ الْمَسْجِدِ (الْمَجْمُوعَةُ الْجَدِيدَةُ) .
هَدْمُ الْبِنَاءِ - لِكُلٍّ أَنْ يَهْدِمَ بَعْضَ أَوْ كُلَّ الْحَائِطِ الْمَمْلُوكِ لَهُ مُسْتَقِلًّا وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مَنْعُهُ.
مَثَلًا: لَوْ أَرَادَ أَحَدٌ هَدْمَ بُسْتَانِهِ فَلَيْسَ لِجَارِهِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ بِدَاعِي أَنَّ دَارِهِ أَوْ بُسْتَانَهُ تُصْبِحُ مَكْشُوفَةً.
غَرْسُ الْأَشْجَارِ - لَوْ كَانَ نَهْرُ قَوْمٍ يَجْرِي مِنْ بُسْتَانِ أَحَدٍ وَأَرَادَ صَاحِبُ الْبُسْتَانِ أَنْ يَغْرِسَ
أَشْجَارًا فِي أَطْرَافِ النَّهْرِ بِصُورَةٍ لَا تُضَيِّقُ عُرُوقُ الشَّجَرِ مَجْرَى النَّهْرِ وَلَا تُوجِبُ ضَرَرًا بَيِّنًا جَازَ. (الْفَتَاوَى الْجَدِيدَةُ) .
فَتْحُ الْكَوَّةِ وَالْبَابِ - لِكُلٍّ أَنْ يَفْتَحَ كَوَّةً فِي حَائِطِهِ لِلِاسْتِفَادَةِ مِنْ الْهَوَاءِ وَالضِّيَاءِ وَلَيْسَ لِجَارِهِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ بِدَاعِي أَنَّ الْكَوَّةَ مُشْرِفَةٌ عَلَى بُسْتَانِهِ أَوْ مَزْرَعَتِهِ لِأَنَّ فَتْحَ الْبَابِ وَالْكَوَّةَ هُوَ تَصَرُّفٌ فِي حَائِطِ الْمِلْكِ.
كَذَلِكَ لَوْ أَرَادَ أَحَدٌ فَتْحَ بَابٍ ثَانٍ لِدَارِهِ الْوَاقِعَةِ عَلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَلَيْسَ لِأَحَدِ الْأَهَالِي مَنْعُهُ كَذَلِكَ لَوْ بَنَى أَحَدٌ حَانُوتًا لِنَفْسِهِ فِي عَرْصَتِهِ وُقِفَ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ لِصَاحِبِ الدَّارِ الْمُقَابِلَةِ لِلْحَانُوتِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ تِلْكَ الدَّارِ مَنْعُهُ بِقَوْلِهِ: لَا أَرْضَى بِفَتْحِ حَانُوتٍ مُقَابِلَ دَارِي (الْأَنْقِرْوِيُّ وَفَتَاوَى عَلِيُّ أَفَنْدِي) .
اتِّخَاذُ الدَّارِ بُسْتَانًا - إذَا أَرَادَ أَحَدٌ هَدْمَ دَارِهِ وَاِتِّخَاذَ عَرْصَتِهَا بُسْتَانًا لِزَرْعِ الْأَخْضَارِ وَغَيْرِهَا فَإِذَا كَانَتْ أَرْضُهَا مِنْ الْأَرَاضِي الصُّلْبَةِ وَلَا يَحْصُلُ ضَرَرٌ مِنْ الْمَاءِ حِينَ سَقْيِهَا فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مَنْعُهُ وَإِذَا كَانَتْ أَرْضُهَا رَخْوَةً وَيَتَضَرَّرُ الْجِيرَانُ مِنْ مَائِهَا عِنْدَ السَّقْيِ فَلِلْمُتَضَرِّرِ مَنْعُهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (19)(الْمَجْمُوعَةُ الْجَدِيدَةُ) .
وَكَذَلِكَ لَوْ جَعَلَ دُكَّانَهُ طَاحُونًا أَوْ مَعْصَرَةً أَوْ حَمَّامًا أَوْ إصْطَبْلًا (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي مَسَائِلِ الْحِيطَانِ) .
هَدْمُ الدَّارِ - لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ دَارٌ فِي مَحَلَّةٍ مَعْمُورَةٌ وَأَرَادَ هَدْمَهَا وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ أَيُّ ضَرَرٍ لِجِيرَانِهِ فَلَيْسَ لِلْجِيرَانِ مَنْعُهُ مِنْ هَدْمِ دَارِهِ بِدَاعِي أَنَّهُمْ لَا يُرِيدُونَ وُجُودَ سَاحَةٍ مَكْشُوفَةٍ فِي مَحَلَّتِهِمْ، وَإِذَا هَدَمَهَا فَلَيْسَ لَهُمْ جَبْرُهُ عَلَى بِنَائِهَا لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ الْإِنْسَانُ عَلَى بِنَاءِ مِلْكِهِ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ وَالْأَنْقِرْوِيُّ فِي الْحِيطَانِ) .
3 -
يَتَصَرَّفُ بِاخْتِيَارِهِ، أَيْ لَا يُجْبَرُ مِنْ قِبَلِ أَحَدٍ عَلَى التَّصَرُّفِ، وَذَلِكَ لَوْ احْتَرَقَتْ مَحَلَّةٌ وَبَنَى أَصْحَابُ الدُّورِ الْمُحْتَرِقَةِ دُورَهُمْ مُجَدَّدًا وَبَقِيَتْ عَرْصَةٌ لِأَحَدِهِمْ فَلَيْسَ لِأَصْحَابِ الدُّورِ جَبْرُ صَاحِبِ الْعَرْصَةِ عَلَى بِنَائِهَا بِدَاعِي أَنَّهُمْ لَا يَرْضَوْنَ بِوُجُودِ دَارٍ خَرِبَةٍ بَيْنَ دُورِهِمْ (الْبَهْجَةُ) مَا لَمْ يَكُنْ ضَرُورَةٌ لِلْإِجْبَارِ عَلَى التَّصَرُّفِ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الْمَوَادِّ (1317 و 1318 و 1319 و 1320) .
4 -
إذَا لَمْ يَكُنْ ضَرَرٌ فَاحِشٌ لِلْغَيْرِ، أَمَّا إذَا كَانَ فِي تَصَرُّفِهِ ضَرَرٌ فَاحِشٌ لِلْغَيْرِ فَيُمْنَعُ فِي ذَلِكَ الْحَالِ. وَقَدْ عُرِّفَ الضَّرَرُ الْفَاحِشُ فِي الْمَادَّةِ (1199) وَسَيُوَضَّحُ هُنَاكَ. لَكِنْ إذَا تَعَلَّقَ حَقُّ الْغَيْرِ فِي مِلْكِهِ أَيْ حَقُّ شَخْصٍ غَيْرِ الْمَالِكِ فَذَلِكَ يَمْنَعُ الْمَالِكُ مِنْ تَصَرُّفِهِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِقْلَالِ يَعْنِي لَيْسَ لِلْمَالِكِ أَنْ يَتَصَرَّفَ تَصَرُّفًا مُضِرًّا بِذَلِكَ الْآخَرِ مَا لَمْ يَرْضَ الْآخَرُ بِذَلِكَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (46) وَنَظِيرُ ذَلِكَ الْمَرْهُونُ وَالْمَأْجُورُ مَعَ أَنَّ الْمَرْهُونَ هُوَ مِلْكُ الرَّاهِنِ فَيُمْنَعُ الرَّاهِنُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِدُونِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (743 و 744) كَمَا يُمْنَعُ الْمَالِكُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمَأْجُورِ بِدُونِ إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (589 و 590) . (الْبَحْرُ وَالْهِنْدِيَّةُ) .
مَثَلًا: الْأَبْنِيَةُ الَّتِي فَوْقَانِيِّهَا مِلْكٌ لِوَاحِدٍ وَتَحْتَانِيِّهَا مِلْكٌ لِآخَرَ فَبِمَا أَنَّ لِصَاحِبِ الْفَوْقَانِيِّ حَقُّ
الْقَرَارِ فِي التَّحْتَانِيِّ وَلِصَاحِبِ التَّحْتَانِيِّ حَقُّ السَّقْفِ فِي الْفَوْقَانِيِّ أَيْ حَقُّ التَّسَتُّرِ وَالتَّحَفُّظِ مِنْ الشَّمْسِ وَالْمَطَرِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَعْمَلَ عَمَلًا مُضِرًّا بِالْآخَرِ بِدُونِ إذْنِهِ (الْبَحْرُ) . وَكَوْنُ الْفَوْقَانِيِّ مِلْكًا لِصَاحِبِ الْفَوْقَانِيِّ وَالتَّحْتَانِيِّ مِلْكًا لِصَاحِبِ التَّحْتَانِيِّ مِمَّا يَجُوزُ تَصَرُّفُ أَصْحَابِهِمَا وَلَكِنْ تَعَلَّقَ حَقُّ الْغَيْرِ مِمَّا يَمْنَعُ هَذَا التَّصَرُّفَ فَإِذَا اجْتَمَعَ الْمَانِعُ وَالْمُقْتَضَى فَقَدْ جُمِعَ بَيْنَهُمَا أَيْ عُمِلَ بِهِمَا مَعًا وَذَلِكَ لِصَاحِبِ الْفَوْقَانِيِّ أَنْ يَتَصَرَّفَ تَصَرُّفًا غَيْرَ مُضِرٍّ لِأَنَّ الْفَوْقَانِيَّ مِلْكٌ لَهُ وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ تَصَرُّفًا مُضِرًّا لِأَنَّ لِصَاحِبِ التَّحْتَانِيِّ حَقًّا فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لِصَاحِبِ التَّحْتَانِيِّ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي التَّحْتَانِيِّ تَصَرُّفًا غَيْرَ مُضِرٍّ لِأَنَّ التَّحْتَانِيَّ مِلْكٌ لَهُ وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ تَصَرُّفًا مُضِرًّا لِأَنَّ لِصَاحِبِ الْفَوْقَانِيِّ حَقًّا فِي ذَلِكَ فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِصَاحِبِ التَّحْتَانِيِّ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا وَكَوَّةً مُجَدَّدًا إذَا كَانَ ذَلِكَ مُضِرًّا بِصَاحِبِ الْفَوْقَانِيِّ الْبَحْرُ وَالطَّحْطَاوِيُّ.
قَدْ قِيلَ فِي هَذَا الْمِثَالِ: إذَا كَانَ مُضِرًّا، لِأَنَّهُ يُوجَدُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ فِي التَّصَرُّفِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ:
الْحَالُ الْأَوَّلُ - أَنْ يَكُون مُضِرًّا حَتْمًا فَفِي هَذَا الْحَالِ يُمْنَعُ صَاحِبُ الْمَالِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ وَذَلِكَ أَنْ يَتَصَرَّفَ صَاحِبُ التَّحْتَانِيِّ فِي التَّحْتَانِيِّ بِشَيْءٍ يَكُونُ ضَرَرُهُ مُتَيَقَّنًا لِلْآخَرِ كَدَقِّ مِسْمَارٍ فِي الْحَائِطِ مِنْ الْخَشَبِ أَوْ الْحَدِيدِ لِتَعْلِيقِ، أَوْ رَبْطِ شَيْءٍ وَفَتْحِ كَوَّةٍ وَبَابٍ وَإِحْدَاثِ صَاحِبِ الْفَوْقَانِيِّ بِنَاءَ طَابَقٍ آخَرَ مُضِرًّا بِصَاحِبِ التَّحْتَانِيِّ وَإِحْدَاثِ كَنِيفٍ أَوْ وَضْعِ جُذُوعٍ فَلَيْسَ لَهُمَا التَّصَرُّفُ بِذَلِكَ وَهَذَا هُوَ الْمَقْصُودُ فِي مِثَالِ الْمَجَلَّةِ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِصَاحِبِ التَّحْتَانِيِّ حَفْرُ بِئْرٍ أَوْ مَخْزَنٍ فِي سَاحَةِ الدَّارِ إذَا كَانَ ذَلِكَ مُضِرًّا بِصَاحِبِ الْفَوْقَانِيِّ.
الْحَالُ الثَّانِي - أَنْ لَا يَكُونَ مُضِرًّا حَتْمًا فَفِي هَذَا الْحَالِ لَا يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ كَدَقِّ الْمِسْمَارِ الصَّغِيرِ وَالْوَسَطِ. وَمَعْرِفَةُ الضَّرَرِ مِنْ عَدَمِهِ يُعْلَمُ بِإِخْبَارِ شَخْصَيْنِ لَهُمَا حَذَاقَةٌ وَبَصَرٌ فِي الْبِنَاءِ قَالَ تَعَالَى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] .
الْحَالُ الثَّالِثُ - أَنْ لَا يَكُونَ مَعْلُومًا ضَرَرُهُ مِنْ عَدَمِهِ وَفِي هَذَا الْحَالِ لَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَجَائِزٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالطَّحْطَاوِيُّ وَالْهِنْدِيَّةُ وَالتَّنْقِيحُ) . وَلَا أَنْ يَهْدِمَ بِنَاءَ نَفْسِهِ، أَيْ لَيْسَ لِصَاحِبِ الْفَوْقَانِيِّ هَدْمُ فَوْقَانِيِّهِ بِدُونِ رِضَاءِ صَاحِبِ التَّحْتَانِيِّ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِصَاحِبِ التَّحْتَانِيِّ هَدْمُ تَحْتَانِيِّهِ بِدُونِ رِضَاءِ صَاحِبِ الْفَوْقَانِيِّ.
فَإِذَا هَدَمَ صَاحِبُ الْفَوْقَانِيِّ فَوْقَانِيَّهُ بِلَا رِضَاءِ الْآخَرِ وَطَلَبَ صَاحِبُ التَّحْتَانِيِّ إعَادَةَ الْبِنَاءِ فَالظَّاهِرُ هُوَ عَدَمُ إجْبَارِ صَاحِبِ الْفَوْقَانِيِّ عَلَى الْبِنَاءِ لِأَنَّ سَقْفَ التَّحْتَانِيِّ هُوَ لِصَاحِبِ التَّحْتَانِيِّ فَلَا يَتَرَتَّبُ ضَرَرٌ لِصَاحِبِ التَّحْتَانِيِّ فَلِذَلِكَ لَا يُجْبَرُ صَاحِبُ الْفَوْقَانِيِّ عَلَى الْبِنَاءِ (التَّنْقِيحُ) .
أَمَّا إذَا هَدَمَ صَاحِبُ التَّحْتَانِيِّ تَحْتَانِيَّهُ بِلَا رِضَاءِ الْآخَرِ فَيُجْبَرُ صَاحِبُ التَّحْتَانِيِّ عَلَى الْبِنَاءِ لِأَنَّ الْهَدْمَ قَدْ أَتْلَفَ حَقَّ الْغَيْرِ الْمُلْحَقَ بِمِلْكِهِ فَيَلْزَمُهُ الضَّمَانُ كَمَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ فِي حَالِ إتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (912) فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِالْبِنَاءِ لِتَفْوِيتِهِ حَقًّا اسْتَحَقَّهُ وَلِيَصِلَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ لِنِصْفِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْوَاقِعَاتُ