الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حِلُّ أَكْلِ الصَّيْدِ، فِي الصَّيْدِ اعْتِبَارَانِ:
الِاعْتِبَارُ الْأَوَّلُ - عِبَارَةٌ عَنْ حِلِّ أَكْلِ وَتَنَاوُلِ الصَّيْدِ، وَيَجِبُ وُجُودُ خَمْسَةَ عَشَرَ شَرْطًا لِحِلِّ الْأَكْلِ، وَقَدْ بَحَثَتْ الْمَادَّةُ (1296) مِنْ هَذَا الْفَصْلِ عَنْ ذَلِكَ، فَلِذَلِكَ سَتُبَيَّنُ التَّفْصِيلَاتُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْمَذْكُورَةِ.
الِاعْتِبَارُ الثَّانِي - عِبَارَةٌ عَنْ أَنَّ صَيْدَ الصَّيْدِ مُبَاحٌ، وَأَكْثَرُ أَحْكَامِ هَذَا الْفَصْلِ مُتَعَلِّقٌ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ.
[
(الْمَادَّةُ 1292) صَيْدُ الصَّيْدِ]
الْمَادَّةُ (1292) - (صَيْدُ الصَّيْدِ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ بِالْآلَاتِ كَالرُّمْحِ وَالْبُنْدُقِيَّةِ، أَوْ بِالْحَيَوَانَاتِ كَالْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ، أَوْ بِالْجَوَارِحِ مِنْ الطَّيْرِ كَالْبَازِي الْمُعَلَّمِ) .
آلَاتُ الصَّيْدِ نَوْعَانِ:
النَّوْعُ الْأَوَّلُ - جَمَادٌ كَالْمِزْرَاقِ، وَالنَّوْعُ الثَّانِي - حَيَوَانٌ كَالْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ.
بِنَاءً عَلَيْهِ فَصَيْدُ الصَّيْدِ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ بِالْآلَاتِ كَالرُّمْحِ وَالْبُنْدُقِيَّةِ وَالسَّيْفِ وَالسِّكِّينِ أَوْ بِالْحَيَوَانَاتِ ذَاتِ النَّابِ كَالْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ وَالْفَهْدِ، أَوْ بِالْجَوَارِحِ مِنْ الطَّيْرِ كَالْبَازِي الْمُعَلَّمِ وَالْعُقَابِ وَالصَّقْرِ وَالْبَاشِقِ (الْهِدَايَةُ وَالْهِنْدِيَّةُ) إيضَاحَاتٌ فِي حَقِّ الْآلَاتِ الَّتِي مِنْ الْجَمَادِ: الْأَصْلُ وَالْقَاعِدَةُ هُوَ إذَا كَانَ مَوْتُ الصَّيْدِ مُضَافًا يَقِينًا إلَى الْجُرْحِ فَأَكْلُهُ حَلَالٌ، وَإِذَا كَانَ مُضَافًا يَقِينًا إلَى ثِقَلِ آلَةِ الصَّيْدِ فَأَكْلُهُ حَرَامٌ، إذَا حَصَلَ شَكٌّ فِي مَوْتِ الصَّيْدِ بِالْجُرْحِ أَوْ الثِّقَلِ أَيْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا مَعْلُومًا فَتُرَجَّحُ جِهَةُ الْحُرْمَةِ وَيَحْرُمُ أَكْلُهُ لِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ الْمُحَرِّمُ وَالْمُبِيحُ يُرَجَّحُ طَرَفُ الْمُحَرِّمِ (الْهِدَايَةُ) ، كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ مُسْلِمٌ عَاجِزًا عَنْ مَدِّ الْقَوْسِ فَأَعَانَهُ مَجُوسِيٌّ فِي مَدِّهِ فَقَتَلَ صَيْدًا فَلَا يَحِلُّ أَكْلُ هَذَا الصَّيْدِ، كَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي يَدِ مُسْلِمٍ سِكِّينٌ وَأَمْسَكَ الْمَجُوسِيُّ يَدَ الْمُسْلِمِ وَذَبَحَ الذَّبِيحَةَ فَلَا تُؤْكَلُ حَيْثُ إنَّ الْمُحَرِّمَ وَالْمُحَلِّلَ اجْتَمَعَا فَرَجَحَتْ جِهَةُ التَّحْرِيمِ (الْهِنْدِيَّةُ قُبَيْلَ كِتَابِ الرَّهْنِ بِتَغْيِيرٍ مَا) .
الْآلَاتُ الْجَارِحَةُ: هِيَ الْآلَاتُ الَّتِي تَجْرَحُ، وَيُحْتَرَزُ بِهَا مِنْ الْآلَاتِ الدَّاقَّةِ وَيُفِيدُ ذَلِكَ عَدَمَ جَوَازِ الصَّيْدِ بِالْآلَاتِ الدَّاقَّةِ الَّتِي لَا تَجْرَحُ بَلْ تَدُقُّ وَتَطْحَنُ الصَّيْدَ، أَيْ أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ الصَّيْدُ الَّذِي يُصْطَادُ بِتِلْكَ الْآلَاتِ الدَّاقَّةِ.
فَلِذَلِكَ لَوْ رَمَى أَحَدٌ حَجَرًا جَسِيمًا عَلَى صَيْدٍ وَلَمْ يَجْرَحْهُ لِثِقَلِهِ بَلْ دَقَّهُ فَلَا يُؤْكَلُ الصَّيْدُ، كَذَلِكَ لَوْ رَمَى أَحَدٌ الْقَوْسَ عَلَى طَيْرٍ فَلَمْ يُصِبْهُ رَأْسُ النَّبْلِ أَصَابَهُ جَانِبُهُ وَقَتَلَ الصَّيْدَ بِلَا جُرْحٍ فَلَا يَحِلُّ أَكْلُ الطَّيْرِ. كَذَلِكَ لَوْ رَمَى الطَّيْرَ بِالسَّيْفِ أَوْ بِالسِّكِّينِ وَأَصَابَتْ شَبَاةُ السَّيْفِ أَوْ رَأْسُ السِّكِّينِ ذَلِكَ الطَّيْرَ وَجَرَحَتْهُ فَيُؤْكَلُ الطَّيْرُ، أَمَّا إذَا أَصَابَتْهُ قَبْضَةُ السَّيْفِ أَوْ قَبْضَةُ السِّكِّينِ فَقَتَلَ الصَّيْدَ بِالدَّقِّ فَلَا يُؤْكَلُ " الْهِدَايَةُ "
إيضَاحَاتٌ فِي آلَاتِ الصَّيْدِ الَّتِي مِنْ الْحَيَوَانَاتِ:
يُطْلَقُ الْكَلْبُ لُغَةً عَلَى كُلِّ سَبُعٍ " بِالْفَتْحِ وَضَمِّ الْبَاءِ " أَيْ عَلَى الْحَيَوَانِ الْجَارِحِ، وَيَخْرُجُ بِقَوْلِهِ الْحَيَوَانُ الْجَارِحُ - الْحَيَوَانَاتُ الْغَيْرُ الْجَارِحَةِ كَالْجِمَالِ وَالْبَقَرِ إذْ لَا يَجُوزُ الِاصْطِيَادُ بِهَا، وَلَكِنْ يُوجَدُ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ الْجَارِحَةِ مُسْتَثْنَاةٌ فَلَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهَا آلَاتِ صَيْدٍ وَلَا يُؤْكَلُ صَيْدُهَا:
1 -
الْأَسَدُ، لِأَنَّ الْأَسَدَ غَيْرُ قَابِلٍ لِلتَّعْلِيمِ إذْ لَا يَشْتَغِلُ الْأَسَدُ لِعُلُوِّ هِمَّتِهِ لِلْغَيْرِ أَيْ لِلصَّائِدِ.
2 -
الدُّبُّ، لِأَنَّ الدُّبَّ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ إذْ أَنَّهُ لِخَسَاسَتِهِ لَا يَشْتَغِلُ لِلْغَيْرِ أَمَّا إذَا تُصُوِّرَ أَنَّ هَذَيْنِ الْحَيَوَانَيْنِ يُمْكِنُ أَنْ يَتَعَلَّمَا الصَّيْدَ وَتَحَقَّقَ تَعَلُّمُهُمَا فَيَجُوزُ الِاصْطِيَادُ بِهِمَا أَيْضًا (الشُّرُنْبُلَالِيُّ) .
3 -
الْحَدَأَةُ، وَهَذِهِ أَيْضًا غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلتَّعْلِيمِ إذْ أَنَّهَا لَا تَشْتَغِلُ لِلْغَيْرِ لِخَسَاسَتِهَا.
4 -
الْخِنْزِيرُ، وَهُوَ أَيْضًا غَيْرُ قَابِلٍ لِلتَّعْلِيمِ لِأَنَّهُ نَجِسٌ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَشَرْحُهُ) .
الْمُعَلَّمُ: اسْمُ مَفْعُولٍ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّعْلِيمِ. وَلُزُومُ التَّعْلِيمِ ثَابِتٌ بِالْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ} [المائدة: 4] وَقَوْلِ النَّبِيِّ الْكَرِيمِ لِأَبِي ثَعْلَبَةَ «مَا صِدْتَ بِكَلْبِك الْمُعَلَّمِ فَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ غَيْرِ الْمُعَلَّمِ فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْ» كَمَا أَنَّ الْحَيَوَانَ إذَا لَمْ يَكُنْ مُعَلَّمًا فَلَا يَكُونُ آلَةً لِلصَّيَّادِ كَمَا يَكُونُ صَيْدُهُ لِنَفْسِهِ لَا لِلصَّيَّادِ وَتَعْلِيمُ الْكَلْبِ يَحْصُلُ بِتَرْكِهِ أَكْلَ الصَّيْدِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ فَلِذَلِكَ إذَا أَكَلَ الْكَلْبُ الصَّيْدَ نَادِرًا أَوْ مُعْتَادًا فَلَا يُؤْكَلُ صَيْدُ ذَلِكَ الْكَلْبِ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْكَلْبُ أَكْلَ الصَّيْدِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ وَعُرِفَ أَنَّهُ مُعَلَّمٌ ثُمَّ أَكَلَ الصَّيْدَ فَبِمَا أَنَّهُ عَلَامَةٌ لِلْجَهْلِ فَلَا يُؤْكَلُ ذَلِكَ الصَّيْدُ، كَمَا أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ مَا يَصِيدُهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا لَمْ يَتْرُكْ الْأَكْلَ بَعْدَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ عَلَى التَّوَالِي وَيُتَحَقَّقُ تَعَلُّمُهُ.
أَمَّا الصَّيْدُ الَّذِي يُصْطَادُ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ فِي مِلْكِ الصَّائِدِ فَلَا يُؤْكَلُ أَمَّا إذَا أَتْلَفَهُ فَلَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ فِيهِ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّ مَحَلَّ الْحُرْمَةِ قَدْ فَاتَ (التَّنْوِيرُ وَشَرْحُهُ) .
وَتَعْلِيمُ الْبَازِي هُوَ بِرُجُوعِهِ عِنْدَ دَعْوَةِ صَاحِبِهِ لَهُ، فَلِذَلِكَ لَوْ أَكَلَ الْبَازِي صَيْدًا فَيُؤْكَلُ الصَّيْدُ لِأَنَّ تَعْلِيمَ الْبَازِي لَيْسَ بِتَرْكِهِ الْأَكْلَ (شَرْحُ الْمَجْمَعِ وَالْهِنْدِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .
الشُّرُوطُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ فِي حَقِّ حِلِّ الْأَكْلِ:
إنَّ حِلَّ أَكْلِ الصَّيْدِ مَشْرُوطٌ بِخَمْسَةَ عَشَرَ شَرْطًا وَهَذِهِ تَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الشُّرُوطُ الْعَائِدَةُ لِلصَّائِدِ وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ:
1 -
أَنْ يَكُونَ الصَّائِدُ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ وَكَوْنُ الصَّائِدِ مِنْ أَهْلِ الذَّكَاةِ أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا لِلتَّسْمِيَةِ وَالذَّبْحِ وَمُوَحِّدًا دَعْوَى وَاعْتِقَادًا أَوْ دَعْوَى فَقَطْ أَيْ يَكُونُ مُسْلِمًا أَوْ كِتَابِيًّا وَقَدْ وَرَدَ فِي الْكِتَابِ الْكَرِيمِ {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5] فَلِذَلِكَ فَصَيْدُ غَيْرِ الْعَاقِلِ لِلتَّسْمِيَةِ وَالذَّبْحِ كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ وَالْمُرْتَدِّ الَّذِينَ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الصَّيْدِ) .
أَنْ يَكُونَ الصَّائِدُ مُرْسِلًا لِلْكَلْبِ فَلِذَلِكَ إذَا لَمْ يُرْسِلْ الصَّائِدُ الْكَلْبَ بَلْ تَخَلَّصَ الْكَلْبُ مِنْ يَدِ صَائِدِهِ أَوْ انْطَلَقَ بِنَفْسِهِ وَأَخَذَ الصَّيْدَ وَقَتَلَهُ فَلَا يُؤْكَلُ هَذَا الصَّيْدُ كَمَا أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ صَيْدُ الْكَلْبِ الَّذِي لَمْ يُعَلَّمْ بِإِرْسَالٍ مِنْ الصَّائِدِ حَسَبَ الْأُصُولِ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَكُونُ مَقْطُوعًا وَمَجْزُومًا وُجُودُ الشَّرْطِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
3 -
أَنْ لَا يُشَارِكَ مَنْ لَا يَحِلُّ صَيْدُهُ مُرْسِلَ الْكَلْبِ، فَلِذَلِكَ لَوْ أَرْسَلَ مُسْلِمٌ أَوْ كِتَابِيٌّ كَلْبَهُ الْمُعَلَّمَ كَمَا أَنَّ مَجُوسِيًّا أَرْسَلَ أَيْضًا كَلْبَهُ الْمُعَلَّمَ فَاصْطَادَ الْكَلْبَانِ الصَّيْدَ وَجَرَحَاهُ وَقَتَلَاهُ فَلَا يَحِلُّ أَكْلُ ذَلِكَ الصَّيْدِ.
4 -
أَنْ لَا يَتَعَمَّدَ الصَّائِدُ تَرْكَ التَّسْمِيَةِ حِينَ الْإِرْسَالِ أَيْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الصَّائِدِ حِينَ إرْسَالِ كَلْبِهِ لِلصَّيْدِ أَنْ يَقُولَ " بِسْمِ اللَّهِ " فَلِذَلِكَ إذَا تَرَكَ الصَّائِدُ حِينَ الْإِرْسَالِ التَّسْمِيَةَ عَمْدًا فَلَا يُؤْكَلُ ذَلِكَ الصَّيْدُ وَيُشْتَرَطُ حُصُولُ التَّسْمِيَةِ حِينَ الْإِرْسَالِ فَلِذَلِكَ لَوْ تَرَكَ الصَّائِدُ التَّسْمِيَةَ حِينَ الْإِرْسَالِ عَمْدًا ثُمَّ زَجَرَهُ مَعَ التَّسْمِيَةِ فَانْزَجَرَ وَأَصَابَ الصَّيْدَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يُؤْكَلُ الصَّيْدُ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا تُعْتَبَرُ التَّسْمِيَةُ وَقْتَ الْإِصَابَةِ فِي الذَّكَاةِ الِاضْطِرَارِيَّةِ أَمَّا التَّسْمِيَةُ فِي الذَّكَاةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ فَخِلَافُ ذَلِكَ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ فِي الذَّكَاةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ وَاقِعَةٌ عَلَى الْمَذْبُوحِ وَلَيْسَ عَلَى الْآلَةِ.
فَلِذَلِكَ لَوْ سَمَّى أَحَدٌ عَلَى الشَّاةِ الْمُضْجَعَةِ عَلَى الْأَرْضِ لِلذَّبْحِ ثُمَّ أَفْلَتَهَا وَذَبَحَ شَاةً أُخْرَى بِتِلْكَ التَّسْمِيَةِ فَتَكُونُ الشَّاةُ الثَّانِيَةُ مَذْبُوحَةً بِلَا تَسْمِيَةٍ مَعَ أَنَّهُ لَوْ أَطْلَقَ الصَّائِدُ بُنْدُقِيَّتَهُ عَلَى صَيْدٍ أَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ إلَى صَيْدٍ وَسَمَّى فَأَصَابَ صَيْدًا وَقَتَلَهُ فَيُؤْكَلُ ذَلِكَ الصَّيْدُ.
كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَضْجَعَ أَحَدٌ شَاةً لِلذَّبْحِ وَسَمَّى فَتَرَكَ السِّكِّينَ الَّذِي فِي يَدِهِ وَذَبَحَ الشَّاةَ بِسِكِّينٍ آخَرَ جَازَ وَحَلَّ أَكْلُ الْمَذْبُوحِ مَعَ أَنَّهُ لَوْ سَمَّى أَحَدٌ عَلَى الصَّيْدِ وَأَطْلَقَ بُنْدُقِيَّتَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ تَرَكَ تِلْكَ الْبُنْدُقِيَّةُ وَأَطْلَقَ بُنْدُقِيَّةً أُخْرَى عَلَى الصَّيْدِ بِالتَّسْمِيَةِ الْأُولَى وَقَتَلَهُ فَلَا يَحِلُّ أَكْلُ الصَّيْدِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
قِيلَ: إذَا تَرَكَ التَّسْمِيَةَ عَمْدًا؛ لِأَنَّهُ إذَا تَرَكَ التَّسْمِيَةَ نِسْيَانًا فَيُعْتَبَرُ أَنَّهُ سَمَّى حُكْمًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
5 -
أَنْ لَا يَشْتَغِلَ الصَّائِدُ بِعَمَلٍ آخَرَ فِي الْفَتْرَةِ الْكَائِنَةِ بَيْنَ إرْسَالِ كَلْبِهِ لِلصَّيْدِ وَبَيْنَ أَخْذِ الصَّيْدِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
الْقِسْمُ الثَّانِي - الشُّرُوطُ الْعَائِدَةُ لِلْكَلْبِ وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ أَيْضًا:
1 -
أَنْ يَكُونَ الْكَلْبُ مُعَلَّمًا وَقَدْ وُضِّحَ آنِفًا.
2 -
أَنْ يَذْهَبَ الْكَلْبُ لِلصَّيْدِ عَلَى سُنَنِ الْإِرْسَالِ حَتَّى يَكُونَ الِاصْطِيَادُ مُضَافًا لِلْإِرْسَالِ فَلِذَلِكَ إذَا اشْتَغَلَ الْكَلْبُ بَعْدَ الْإِرْسَالِ بِعَمَلٍ آخَرَ مَثَلًا كَأَنْ أَكَلَ الصَّيْدَ بَعْدَ الْإِرْسَالِ أَوْ تَوَقَّفَ لِلرَّوْثِ أَوْ عَدَلَ عَنْ الصَّيْدِ وَذَهَبَ يَمِينًا أَوْ يَسَارًا أَوْ تَوَقَّفَ مُدَّةً طَوِيلَةً لِلِاسْتِرَاحَةِ ثُمَّ أَتْبَعَ الصَّيْدَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَخَذَهُ وَقَتَلَهُ فَلَا يُؤْكَلُ مَا لَمْ يُسَمِّ الصَّائِدُ تَسْمِيَةً جَدِيدَةً بَعْدَ زَجْرِهِ وَيُرْسِلُهُ ثَانِيَةً إلَى الصَّيْدِ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ رَدَّ الْحَائِطُ وَالشَّجَرُ أَوْ الرِّيحُ السَّهْمَ إلَى الْوَرَاءِ أَوْ إلَى الْيَمِينِ أَوْ الشِّمَالِ وَأَصَابَ صَيْدًا وَقَتَلَهُ
فَلَا يُؤْكَلُ أَمَّا إذَا لَمْ يَتَوَقَّفْ الْكَلْبُ لِلرَّاحَةِ بَلْ تَوَقَّفَ لِلِاسْتِخْفَاءِ عَلَى وَجْهِ الْحِيلَةِ فَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ اشْتِغَالًا بِعَمَلٍ آخَرَ وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ حِلَّ أَكْلِ الصَّيْدِ (التَّنْوِيرُ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . 3 - أَنْ لَا يُشَارِكَ فِي الِاصْطِيَادِ كَلْبٌ آخَرُ لَا يَحِلُّ صَيْدُهُ، فَلِذَلِكَ إذَا اشْتَرَكَ فِي أَخْذِ وَجَرْحِ الصَّيْدِ كَلْبٌ آخَرُ غَيْرُ مُعَلَّمٍ أَوْ كَلْبُ مَجُوسِيٍّ أَوْ كَلْبٌ غَيْرُ مُرْسَلٍ أَوْ كَلْبٌ لَمْ يُسَمِّ حِينَ إرْسَالِهِ فَلَا يَحِلُّ أَكْلُ الصَّيْدِ، أَمَّا إذَا شَارَكَ الْكَلْبُ الثَّانِي فِي الْأَخْذِ فَقَطْ كَأَنْ يَفِرَّ الصَّيْدُ مِنْ الْكَلْبِ الْأَوَّلِ فَيَرُدَّهُ الْكَلْبُ الثَّانِي إلَى الْكَلْبِ الْأَوَّلِ دُونَ أَنْ يَجْرَحَهُ وَجَرَحَهُ الْكَلْبُ الْأَوَّلُ وَقَتَلَهُ فَأَكْلُ هَذَا الصَّيْدِ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ مَكْرُوهٌ تَحْرِيمًا وَالْبَعْضُ قَالَ: بِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا.
كَذَلِكَ إذَا رَدَّ الصَّيْدَ لِلْكَلْبِ الْأَوَّلِ سَبُعٌ أَوْ حَيَوَانٌ آخَرُ قَابِلٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالِاصْطِيَادِ فَيَكُونُ كَالرَّدِّ مِنْ الْكَلْبِ الثَّانِي لِوُجُودِ الْمُجَانَسَةِ أَمَّا إذَا لَمْ يَرُدَّ الْكَلْبُ الثَّانِي الصَّيْدَ لِلْكَلْبِ الْأَوَّلِ بَلْ جَعَلَ الْكَلْبُ الثَّانِي الْكَلْبَ الْأَوَّلَ يَثِبُ لِلصَّيْدِ فَوَثَبَ وَقَتَلَ الصَّيْدَ بِالْوُثُوبِ فَلَا بَأْسَ مِنْ أَكْلِهِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ رَدَّ الْحَيَوَانُ الَّذِي لَا يَجُوزُ اصْطِيَادُهُ كَالْجَمَلِ وَالْبَقَرِ الصَّيْدَ لِلْكَلْبِ وَقَتَلَ الْكَلْبُ الصَّيْدَ فَيَحِلُّ أَكْلُهُ، وَحُكْمُ الْبَازِي فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ كَالْكَلْبِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
4 -
أَنْ يَقْتُلَ الْكَلْبُ الصَّيْدَ بَعْدَ جَرْحِهِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ مَعْنَى الذَّكَاةِ بِالتَّطْهِيرِ بِإِخْرَاجِ الدَّمِ وَقَدْ أُقِيمَ الْجَرْحُ مَقَامَ الذَّكَاةِ سَوَاءٌ خَرَجَ مِنْ هَذَا الْجُرْحِ دَمٌ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ وَسَوَاءٌ كَانَ الْجُرْحُ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا لِأَنَّ الدَّمَ لَا يَخْرُجُ أَحْيَانًا بِسَبَبِ ضِيقِ الْمَنْفَذِ أَوْ بِسَبَبِ كَثَافَةِ الدَّمِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . فَلِذَلِكَ لَوْ دَقَّ السَّهْمُ الصَّيْدَ وَقَتَلَهُ فَلَا يُؤْكَلُ مِنْ جِهَةِ الذَّكَاةِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .
كَذَلِكَ إذَا لَمْ يَجْرَحْ الْكَلْبُ الصَّيْدَ بَلْ خَنَقَهُ فَلَا يُؤْكَلُ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ (الدُّرَرُ) .
5 -
أَنْ لَا يَأْكُلَ الْكَلْبُ شَيْئًا مِنْ الصَّيْدِ فَإِذَا أَكَلَ الْكَلْبُ أَوْ أَحَدُ الْحَيَوَانَاتِ الْأُخْرَى الَّتِي يَجُوزُ الِاصْطِيَادُ بِهَا مَعَ الْكَلْبِ شَيْئًا مِنْ الصَّيْدِ فَلَا يُؤْكَلُ ذَلِكَ الصَّيْدُ مُطْلَقًا، كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَكَلَ الْكَلْبُ مِنْ الصَّيْدِ بَعْدَ أَنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ كَلْبٌ مُعَلَّمٌ بِتَرْكِ الْأَكْلِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَا يُؤْكَلُ هَذَا الصَّيْدُ لِكَوْنِهِ عَلَامَةً عَلَى جَهْلِ الْكَلْبِ (التَّنْوِيرُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .
الْقِسْمُ الثَّالِثُ - الشُّرُوطُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالصَّيْدِ وَهِيَ خَمْسَةٌ:
1 -
أَنْ لَا يَكُونَ الصَّيْدُ مِنْ الْحَشَرَاتِ وَالْحَشَرَاتُ (بِالْفَتَحَاتِ) تُطْلَقُ عَلَى الْهَوَامِّ كَالْعَقْرَبِ وَالْحَيَّةِ وَالذُّبَابِ وَالْفَرَاشَةِ وَالْعَلَقِ وَالْخُنْفُسَاءِ لِأَنَّهَا مِنْ الْخَبَائِثِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157](الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مَعَ ضَمٍّ مِنْ اللُّغَةِ) .
2 -
أَنْ لَا يَكُونَ الصَّيْدُ مِنْ نَبَاتِ الْمَاءِ مَا لَمْ يَكُنْ سَمَكًا أَوْ سَمَكَ الثُّعْبَانِ أَوْ جِرِّيثًا (بِكَسْرِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ)(شَرْحُ الْمَجْمَعِ) .
3 -
أَنْ يَكُونَ الصَّيْدُ مُقْتَدِرًا عَلَى الْفِرَارِ بِجَنَاحَيْهِ أَوْ قَوَائِمِهِ كَمَا بَيَّنَ فِي الْمَادَّةِ (1295) .