الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هُوَ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَقْسُومُ شَيْئًا وَاحِدًا أَوْ أَشْيَاءَ مُتَعَدِّدَةً فَإِذَا كَانَ شَيْئًا وَاحِدًا فَالْقِسْمَةُ فِي ذَلِكَ قِسْمَةُ فَرْدٍ وَإِذَا كَانَ أَشْيَاءَ مُتَعَدِّدَةً فَالْقِسْمَةُ فِي ذَلِكَ قِسْمَةُ جَمْعٍ وَذَلِكَ: إمَّا أَنْ تُقَسِّمَ الْأَعْيَانَ الْمُشْتَرَكَةَ أَيْ الْأَشْيَاءَ الْمُتَعَدِّدَةَ الْمُشْتَرَكَةَ إلَى أَقْسَامٍ بِنِسْبَةِ حِصَصِ الشُّرَكَاءِ وَبِذَلِكَ تَكُونُ قَدْ جَمَعْتَ الْحِصَصَ الْمُشْتَرَكَةَ فِي كُلِّ فَرْدٍ مِنْ الْمَقْسُومِ فِي كُلِّ قِسْمَةٍ مِنْ الْقَسْمِ. وَالْجَمْعُ لُغَةً: هُوَ ضَمُّ شَيْءٍ إلَى شَيْءٍ وَيَحْصُلُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ عَلَى الْأَقَلِّ.
كَتَقْسِيمِ ثَلَاثِينَ شَاةً مُشْتَرَكَةً أَثْلَاثًا بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْخَاصٍ كُلُّ قِسْمَةٍ عَشْرُ شِيَاهٍ وَقَدْ كَانَ لِكُلِّ شَرِيكٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ فِي الثَّلَاثِينَ شَاةٍ ثُلُثٌ شَائِعٌ مِنْهَا وَقَدْ جُمِعَتْ هَذِهِ الْحِصَصُ فِي أَحَدِ أَقْسَامِهَا أَيْ فِي عَشَرَةٍ مِنْهَا وَأَصْبَحَتْ الْعَشَرَةُ مِلْكًا مُسْتَقِلًّا لِهَذَا الشَّرِيكِ وَقَدْ اجْتَمَعَتْ حِصَصُهُ فِي الشِّيَاهِ الْأُخْرَى فِي هَذِهِ الشِّيَاهِ وَقَدْ انْقَطَعَتْ عَلَاقَةُ الشُّرَكَاءِ الْآخَرِينَ مِنْ هَذِهِ الْعَشْرِ الشِّيَاهِ.
وَقَيْدُ (عَشْرِ شِيَاهٍ) لَيْسَ بِاحْتِرَازِيٍّ إذْ يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا ثَمَانِي شِيَاهٍ وَالْآخَرُ تِسْعَ شِيَاهٍ وَالثَّالِثُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ شَاةٍ إذْ يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ قِيمَةُ الشِّيَاهِ وَلَيْسَ عَدَدُهَا. وَتُسَمَّى هَذِهِ الْقِسْمَةُ أَيْ قِسْمَةُ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ قِسْمَةَ جَمْعٍ. وَالتَّفْصِيلَاتُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِذَلِكَ سَتَجِيءُ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ الَّذِي سَيَبْتَدِئُ مِنْ الْمَادَّةِ (1132) .
وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّ تَعْرِيفَ قِسْمَةِ الْجَمْعِ هُوَ تَقْسِيمُ الْأَعْيَانِ الْمُتَعَدِّدَةِ الْمُشْتَرَكَةِ إلَى أَقْسَامٍ وَجَمْعُ الْحِصَصِ الشَّائِعَةِ فِي كُلِّ فَرْدٍ مِنْهَا فِي أَحَدِ أَقْسَامِهَا.
وَالْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ الْقِسْمَةِ أَنْ تُقَسَّمَ الْعَيْنُ الْمُشْتَرَكَةُ بِنِسْبَةِ حِصَصِ الشُّرَكَاءِ فَتَتَعَيَّنُ الْحِصَصُ الشَّائِعَةُ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا فِي أَحَدِ أَقْسَامِهَا كَتَقْسِيمِ عَرْصَةٍ مُشْتَرَكَةٍ إلَى قِسْمَيْنِ، فَلِذَلِكَ إذَا قُسِّمَتْ عَرْصَةٌ مَمْلُوكَةٌ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو بِالِاشْتِرَاكِ إلَى قِسْمَيْنِ فَقَدْ كَانَتْ حِصَّةُ زَيْدٍ قَبْلَ الْقِسْمَةِ شَائِعَةً فِي كُلِّ قِسْمٍ مِنْهَا أَمَّا بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَقَدْ تَعَيَّنَتْ فِي قِسْمٍ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ عَلَاقَةٌ فِي الْحِصَّةِ الْأُخْرَى كَمَا أَنَّ حِصَّةَ عَمْرٍو قَدْ كَانَتْ شَائِعَةً فِي كُلِّ قِسْمَةٍ وَقَدْ تَعَيَّنَتْ بِالْقِسْمَةِ فِي قِسْمٍ وَانْقَطَعَتْ عَلَاقَتُهُ مِنْ حِصَّةِ زَيْدٍ. وَتُسَمَّى هَذِهِ الْقِسْمَةُ أَيْ تَقْسِيمُ الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ إلَى حِصَصٍ قِسْمَةَ تَفْرِيقٍ وَقِسْمَةَ فَرْدٍ، وَسَيَأْتِي التَّفْصِيلُ عَنْ ذَلِكَ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ الَّذِي يَبْتَدِئُ مِنْ الْمَادَّةِ (1139) .
وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّ تَعْرِيفَ قِسْمَةِ الْفَرْدِ هُوَ تَعْيِينُ الْحِصَصِ الشَّائِعَةِ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ فِي كُلِّ حِصَّةٍ مِنْ أَقْسَامِهَا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
وَهَذِهِ الْمَادَّةُ لَا تَحْتَوِي عَلَى حُكْمٍ بَلْ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ تَقْسِيمِ الْقِسْمَةِ وَتَعْرِيفِ الْأَقْسَامِ.
[الْمَادَّةُ (1116) الْقِسْمَةُ مِنْ جِهَةِ إفْرَازٍ وَمِنْ جِهَةِ مُبَادَلَةٍ]
مَثَلًا إذَا كَانَتْ كَيْلَةُ حِنْطَةٍ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ مُنَاصَفَةً فَيَكُونُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا النِّصْفُ فِي كُلِّ حَبَّةٍ مِنْهَا، فَإِذَا قُسِمَتْ جَمِيعُهَا إلَى قِسْمَيْنِ مِنْ قَبِيلِ قِسْمَةِ الْجَمْعِ وَأُعْطِيَ أَحَدُ أَقْسَامِهَا إلَى وَاحِدٍ وَالثَّانِي إلَى الْآخَرِ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَفْرَزَ نِصْفَ حِصَّتِهِ وَبَادَلَ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ
شَرِيكَهُ بِنِصْفِ حِصَّتِهِ. كَذَلِكَ إذَا كَانَتْ عَرْصَةٌ مُشْتَرَكَةٌ مُنَاصَفَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ فَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ حِصَّةٍ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا فَإِذَا قُسِمَتْ قِسْمَيْنِ قِسْمَةَ تَفْرِيقٍ وَأُعْطِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِسْمَةً يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ أَفْرَزَ نِصْفَ حِصَّتِهِ وَبَادَلَ شَرِيكَهُ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ بِنِصْفِ حِصَّتِهِ) .
الْقِسْمَةُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ فِي الْمِثْلِيَّاتِ أَوْ فِي الْقِيَمِيَّاتِ مِنْ جِهَةِ إفْرَازٍ أَيْ تَمْيِيزٍ وَمِنْ جِهَةِ مُبَادَلَةٍ أَيْ أَخْذِ عِوَضٍ، أَيْ أَنَّ الْقِسْمَةَ سَوَاءٌ فِي الْمِثْلِيَّاتِ أَوْ فِي الْقِيَمِيَّاتِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى مَعْنَيَيْنِ فَهِيَ إفْرَازٌ بِأَحَدِ مَعْنَيَيْهَا أَيْ أَخْذُ عَيْنِ الْحَقِّ وَمُبَادَلَةٌ بِالْمَعْنَى الثَّانِي أَيْ مُبَادَلَةُ حِصَّةِ شَرِيكٍ بِحِصَّةِ شَرِيكِهِ الْآخَرِ وَأَخْذُ عِوَضِ حَقِّهِ، مَثَلًا إذَا كَانَ مَالٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ فَيَكُونُ كُلُّ جُزْءٍ مُعَيَّنٍ مِنْ ذَلِكَ مُحْتَوِيًا عَلَى حِصَّتَيْنِ فَإِذَا قُسِمَ إلَى حِصَّتَيْنِ فَنِصْفُ كُلِّ حِصَّةٍ هُوَ مِلْكٌ فِي الْأَصْلِ لِصَاحِبِ الْحِصَّةِ وَلَمْ تُسْتَفَدْ مِنْ الشَّرِيكِ الْآخَرِ وَنِصْفُهَا الْآخَرُ مِلْكُ الشَّرِيكِ الْآخَرِ وَحَصَلَتْ بَدَلًا وَعِوَضًا عَنْ حِصَّتِهِ الَّتِي تُرِكَتْ لِشَرِيكِهِ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي. وَالْقِسْمَةُ بِاعْتِبَارِ أَخْذِ الْمَالِكِ لِحِصَّتِهِ الْمَمْلُوكَةِ هِيَ إفْرَازٌ وَبِاعْتِبَارِ أَخْذِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ مُقَابِلَ حِصَّتِهِ الَّتِي تَرَكَهَا لِلشَّرِيكِ مُبَادَلَةٌ وَالْمُبَادَلَةُ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِعْطَاءِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَالدُّرَرُ) .
وَالْإِفْرَازُ يَتَحَقَّقُ فِيمَا إذَا بَقِيَ الْمُفْرَزُ مَعَ مَنَافِعِهِ عَلَى الْحَالِ الْأَصْلِيِّ الَّذِي كَانَ قَبْلَ الْإِفْرَازِ، وَذَلِكَ إذَا قُسِمَتْ الدَّارُ الْكَبِيرَةُ إلَى قِسْمَيْنِ وَكَانَ كُلُّ قِسْمٍ مِنْهَا صَالِحًا لَأَنْ يُتَّخَذَ دَارًا وَمَسْكَنًا فَيَكُونُ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ مَعْنَى الْإِفْرَازِ. أَمَّا إذَا تَبَدَّلَ بِالْقِسْمَةِ الْأَصْلُ وَالْمَنَافِعُ فَلَا يَبْقَى فِيهَا مَعْنَى الْإِفْرَازِ بَلْ يَكُونُ تَبْدِيلًا، فَلِذَلِكَ قَدْ اُعْتُبِرَ الْحَائِطُ وَالْحَمَّامُ وَالْبِئْرُ وَأَمْثَالُهَا غَيْرَ قَابِلَةٍ لِلْقِسْمَةِ حَيْثُ لَا يُوجَدُ فِي تَقْسِيمِهَا مَعْنَى الْإِفْرَازِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قُسِمَ الْحَمَّامُ إلَى قِسْمَيْنِ يَخْرُجُ عَنْ أَنْ يَكُونَ حَمَّامًا وَلَا يُمْكِنُ الِاسْتِفَادَةُ مِنْ مَنَافِعِهِ الَّتِي هِيَ الِاسْتِحْمَامُ بَلْ يَصْلُحُ لَأَنْ يَكُونَ إصْطَبْلًا مَثَلًا (الدُّرَرُ) . وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ عِنْوَانِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ.
وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ (مُبَادَلَةً) وَعَدَمُ قَوْلِهِ: بَيْعًا، هُوَ لِكَيْ يَشْمَلَ قِسْمَةَ الْمَنَافِعِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1178) ؛ لِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ مِنْ جِهَةِ إفْرَازٍ وَمِنْ جِهَةِ مُبَادَلَةٍ أَيْضًا، وَقَدْ وَضَّحْتُ كَيْفِيَّةَ تَحَقُّقِ جِهَةِ الْإِفْرَازِ فِي الْقِسْمَةِ وَكَيْفِيَّةَ حُصُولِ الْمُبَادَلَةِ بِمِثَالَيْنِ أَحَدُهُمَا بِالْمِثْلِيَّاتِ وَالْآخَرُ بِالْقِيَمِيَّاتِ.
مَثَلًا إذَا كَانَتْ كَيْلَةُ حِنْطَةٍ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ مُنَاصَفَةً بِغَيْرِ صُورَةِ خَلْطِ وَاخْتِلَاطِ الْأَمْوَالِ كَمَا وُضِّحَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1088) فَيَكُونُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا النِّصْفُ فِي كُلِّ حَبَّةٍ مِنْهَا أَيْ أَنَّهُ يَكُونُ نِصْفُ كُلِّ حَبَّةٍ لِأَحَدِهِمَا وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِلْآخَرِ فَإِذَا قُسِمَتْ جَمِيعُهَا إلَى قِسْمَيْنِ أَيْ قُسِمَتْ تِلْكَ الْكَيْلَةُ إلَى قِسْمَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ مِنْ قَبِيلِ قِسْمَةِ الْجَمْعِ أَيْ إلَى نِصْفَيْ كَيْلَةٍ وَأُعْطِيَ أَحَدُ قِسْمَيْهَا إلَى أَحَدِهِمَا وَالْقِسْمُ الْآخَرُ لِلْآخَرِ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَفْرَزَ نِصْفَ حِصَّتِهِ أَيْ أَنَّهُ يَكُونُ قَدْ أَفْرَزَ رُبْعَ الْحِصَّةِ بِنِسْبَةِ مَجْمُوعِ الْمَالِ. وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ، يَكُونُ قَدْ أَفْرَزَ نِصْفَ الْحِصَّةِ الَّتِي تُصِيبُهُ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا غَيْرُ مَأْخُوذَةٍ مِنْ شَرِيكِهِ وَيَكُونُ قَدْ بَادَلَ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ أَيْ بِالرُّبْعِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَجْمُوعِ الْمَالِ بِنَصِيبِ شَرِيكِهِ الْبَاقِي