الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ الْعُمُومِيَّةِ] [
(الْمَادَّةُ 1460) يَلْزَمُ أَنْ يُضِيفَ الْوَكِيلُ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ فِي الْهِبَةِ وَالْإِعَارَةِ وَالْإِيدَاعِ]
الْمَادَّةُ (1460) - (يَلْزَمُ أَنْ يُضِيفَ الْوَكِيلُ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ فِي الْهِبَةِ وَالْإِعَارَةِ وَالْإِيدَاعِ وَالرَّهْنِ وَالْإِقْرَاضِ وَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالصُّلْحِ عَنْ إنْكَارٍ، وَإِنْ لَمْ يُضِفْهُ إلَى مُوَكِّلِهِ فَلَا يَصِحُّ) . يَلْزَمُ أَنْ يُضِيفَ الْوَكِيلُ الْمُعَيَّنُ مِنْ طَرَفِ مَنْ سَيَثْبُتُ لَهُ الْمِلْكُ، أَيْ الْمُعَيَّنُ مِنْ طَرَفِ الْمُمَلِّكِ لَهُ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ، فِي الْهِبَةِ أَيْ فِي الِاتِّهَابِ، وَقَبُولِ الصَّدَقَةِ وَالْإِعَارَةِ أَيْ الِاسْتِعَارَةِ، وَالرَّهْنِ أَيْ الِارْتِهَانِ، وَالْإِبْرَاءِ وَالْإِيدَاعِ يَعْنِي الِاسْتِيدَاعَ، وَالْإِقْرَاضِ يَعْنِي الِاسْتِقْرَاضَ، وَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ. وَالصُّلْحِ عَنْ إنْكَارٍ، وَمِثْلُهُ السُّكُوتُ، وَإِذَا كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ فَهُوَ فِدَاءُ يَمِينٍ فِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالْوَكِيلُ سَفِيرٌ مَحْضٌ فَلَا تَرْجِعُ إلَيْهِ الْحُقُوقُ، وَفِي الطَّلَاقِ، وَالنِّكَاحِ، وَقَبْضِ الْمَهْرِ لَهَا لَا لِلْوَكِيلِ، وَلَا يَكُونُ الْوَكِيلُ كَمَا فِي الْمُعَامَلَاتِ الَّتِي فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ مُخَيَّرًا بَيْنَ الْإِضَافَةِ إلَى نَفْسِهِ وَالْإِضَافَةِ إلَى مُوَكِّلِهِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا أُضِيفَ الْعَقْدُ إلَى الْمُوَكِّلِ كَانَتْ حُقُوقُ الْعَقْدِ عَائِدَةً إلَى الْمُوَكِّلِ، وَالْوَكِيلُ سَفِيرٌ مَحْضٌ، (الْبَحْرُ) وَقَدْ فُهِمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ قَوْلِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ (وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الْوَكِيلُ سَفِيرًا مَحْضًا) . اُنْظُرْ مَا حُقُوقُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمُوَكِّلِ لَعَلَّهَا الرُّجُوعُ فِي الْهِبَةِ، أَمَّا فِي الصَّدَقَةِ فَلَا رُجُوعَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ بِزِيَادَةٍ وَتَغْيِيرٍ) . وَالْوَكِيلُ الْمَقْصُودُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ، هُوَ مَنْ يَكُونُ وَكِيلًا مِنْ قِبَلِ مَنْ يَثْبُتُ لَهُ الْمِلْكُ كَمَا أُشِيرَ إلَى ذَلِكَ شَرْحًا، وَلَيْسَ مَنْ كَانَ وَكِيلًا مِنْ طَرَفِ الْمُمَلِّكِ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ يَلْزَمُ إضَافَةُ وَكِيلٍ لَهُ الْعَقْدَ إلَى وَكِيلِهِ فِي الْمُعَامَلَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ، أَمَّا وَكِيلُ الْمُمَلِّكِ فَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُضِيفَ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ. الْهِبَةُ - فَكَمَا أَنَّهُ تَجُوزُ وَكَالَةُ الْمُمَلِّكِ (الْوَاهِبِ) فِيهَا، فَالْوَكَالَةُ مِنْ قِبَلِ الْمُمَلَّكِ لَهُ (الْمَوْهُوبِ لَهُ) جَائِزَةٌ أَيْضًا.
وَلِوَكِيلِ الْمُمَلِّكِ أَيْ الْوَاهِبِ أَنْ يُضِيفَ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ أَوْ إلَى مُوَكِّلِهِ. مَثَلًا لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ مَالًا لِزَيْدٍ وَقَالَ لَهُ (هَبْهُ لِعَمْرٍو) فَقَالَ زَيْدٌ خِطَابًا لِعَمْرٍو: قَدْ وَهَبْتُكَ هَذَا الْمَالَ وَلَيْسَ مِنْ اللَّازِمِ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ إنَّهُ مَالُ فُلَانٍ وَقَدْ وَهَبْتُكَ إيَّاهُ مِنْ طَرَفِهِ، أَمَّا الْوَكِيلُ مِنْ طَرَفِ الْمُمَلَّكِ لَهُ فَيَلْزَمُ أَنْ يُضِيفَ عَقْدَ الْهِبَةِ إلَى مُوَكِّلِهِ، وَإِذَا اتَّهَبَ بِالْإِضَافَةِ إلَى نَفْسِهِ كَانَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ لِلْوَكِيلِ وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ.
مَثَلًا لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ بِالِاتِّهَابِ لِآخَرَ: إنَّ مُوَكِّلِي فُلَانًا يَطْلُبُ هَذَا الْمَالَ مِنْك بِالْهِبَةِ: وَوَهَبَ الْوَاهِبُ أَيْضًا الْمَالَ لِلْمُوَكِّلِ وَسَلَّمَهُ إلَى وَكِيلِهِ كَانَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ لِلْمُوَكِّلِ. أَمَّا لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ بِالِاتِّهَابِ: (هَبْ لِي هَذَا الْمَالَ) وَهَبَهُ الْوَاهِبُ إيَّاهُ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَقَبَضَهُ الْآخَرُ كَانَ هَذَا الْمَالُ لِلْوَكِيلِ. الصَّدَقَةُ - لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ مِنْ طَرَفِ مَنْ يَثْبُتُ لَهُ الْمِلْكُ يَعْنِي الْمُتَصَدَّقَ لَهُ: أَخَذْتُ هَذَا الْمَالَ
مِنْكَ بِاسْمِ مُوَكِّلِي فُلَانٍ صَدَقَةً، وَتَصَدَّقَ الْمُتَصَدِّقُ بِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ كَانَتْ صَحِيحَةً، وَيُثْبِتُ الْمِلْكَ الْمُتَصَدِّقَ لَهُ الْمُوَكِّلُ.
أَمَّا لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ: أَعْطِنِي إيَّاهُ صَدَقَةً: وَأَعْطَاهُ الْمُخَاطَبُ إيَّاهُ كَانَ هَذَا الْمَالُ مِلْكًا لِلْوَكِيلِ وَلَا يَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ لَكِنْ لِلْوَكِيلِ مِنْ طَرَفِ الْمُمَلِّكِ بِإِعْطَاءِ الصَّدَقَةِ أَنْ يُضِيفَ الْعَقْدَ لِنَفْسِهِ بِأَنْ يَقُولَ أَعْطَيْتُكَ هَذَا الْمَالَ صَدَقَةً وَلَا يُجْبَرُ عَلَى إضَافَتِهِ لِمُوَكِّلِهِ. الْإِعَارَةُ - كَمَا تَجُوزُ الْوَكَالَةُ مِنْ طَرَفِ الْمُمَلِّكِ (الْمُعِيرِ) تَجُوزُ أَيْضًا مِنْ طَرَفِ مَنْ يُثْبِتُ لَهُ الْمُمَلِّكُ أَيْ الْمُمَلَّكِ لَهُ الْمُسْتَعِيرَ - وَلِوَكِيلِ الْمُمَلِّكِ أَنْ يُضِيفَ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ أَوْ إلَى مُوَكِّلِهِ.
مَثَلًا لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ لِزَيْدٍ مَالًا وَقَالَ لَهُ: أَعْطِهِ لِعَمْرٍو عَلَى سَبِيلِ الْعَارِيَّةِ: فَلِزَيْدٍ أَنْ يُعِيرَ لِعَمْرٍو بِقَوْلِهِ أَعْطَيْتُكَ هَذَا الْمَالَ عَارِيَّةً: وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَقُولَ إنَّهُ يُعْطِيهِ إيَّاهُ بِطَرِيقِ الرِّسَالَةِ مِنْ طَرَفِ ذَلِكَ الشَّخْصِ. أَمَّا وَكِيلُ الْمُمَلَّكِ لَهُ فَيَلْزَمُ أَنْ يُضِيفَ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ، فَإِنْ أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ لَهُ مَثَلًا لَوْ رَاجَعَ وَكِيلُ الْمُسْتَعِيرِ صَاحِبَ الْمَالِ وَقَالَ لَهُ: أَعْطِنِي هَذَا الْمَالَ عَارِيَّةً وَأَعْطَاهُ إيَّاهُ أَيْضًا فَيَكُونُ قَدْ أَعَارَ الْمَالَ لِلْوَكِيلِ بِنَاءً عَلَيْهِ لَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَطْلُبَهُ مِنْ الْوَكِيلِ. يُفْهَمُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ السَّالِفَةِ أَنَّهُ كَانَ يَجِبُ أَنْ تَسْتَعْمِلَ الْمَجَلَّةُ لَفْظَ الِاسْتِعَارَةِ فِي لَفْظِ الْإِعَارَةِ. الْقَرْضُ - وَكَمَا تَجُوزُ الْوَكَالَةُ مِنْ طَرَفِ الْمُمَلِّكِ (الْمُقْرِضِ) تَجُوزُ الْوَكَالَةُ مِنْ طَرَفِ الْمُسْتَقْرِضِ وَالْوَكَالَةُ مِنْ طَرَفِ الْمُسْتَقْرِضِ بِمَعْنَى الرِّسَالَةِ. لَكِنَّ وَكِيلَ الْمُمَلِّكِ (الْمُقْرِضِ) إذَا أَضَافَ الْعَقْدَ لِنَفْسِهِ جَازَ، أَمَّا وَكِيلُ الْمُسْتَقْرِضِ فَيَلْزَمُ أَنْ يُضِيفَ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ، وَإِذَا اسْتَقْرَضَ بِالْإِضَافَةِ إلَى نَفْسِهِ كَانَ الْمَقْرُوضُ مِلْكًا لِلْوَكِيلِ، وَيَنْفُذُ عَقْدُ الْقَرْضِ عَلَى الْوَكِيلِ مَثَلًا لَوْ قَصَدَ الْوَكِيلُ بِالِاسْتِقْرَاضِ (الرَّسُولُ) إلَى الْمُقْرِضِ وَقَالَ لَهُ: أَعْطِنِي كَذَا قَرْضًا وَأَعْطَاهُ الْمُقْرِضُ مَا طَلَب، كَانَ الْمَبْلَغُ الْمَقْرُوضُ لِلْوَكِيلِ، وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ الْمُدَاخَلَةُ فِيهِ. (الْهِنْدِيَّةُ الْبَحْرُ تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ بِزِيَادَةٍ وَإِيضَاحٍ) .
وَقِسْ عَلَيْهَا الْبَوَاقِيَ وَإِذَا لَمْ يُضِفْ الْوَكِيلُ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ الْعَقْدُ لِأَجْلِ مُوَكِّلِهِ، وَالسِّرُّ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ التَّصَرُّفَاتِ تَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْإِسْقَاطَاتِ كَالْإِبْرَاءِ وَالنِّكَاحِ، وَالصُّلْحِ عَنْ إنْكَارٍ، وَكَذَا الصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ. وَبَعْضُهَا لَا تَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْإِسْقَاطَاتِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَمَا إلَيْهَا مِمَّا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ. وَبِمَا أَنَّ الْوَكِيلَ فِي التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي مِنْ قَبِيلِ الْإِسْقَاطَاتِ أَجْنَبِيٌّ مِنْ حُكْمِ تِلْكَ التَّصَرُّفَاتِ