الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِوُجُودِ الصَّغِيرِ (لِسَانُ الْحُكَّامِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .
لَا يُوجَدُ مُنَافَاةٌ وَفَرْقٌ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الصَّغِيرُ الْغَائِبُ غَيْرَ مُقِيمٍ فِي مَحِلٍّ تَحْتَ وِلَايَةِ الْقَاضِي فَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُنَصِّبَ وَصِيًّا عَنْهُ حَيْثُ لَا تُقَامُ الدَّعْوَى عَلَى الصَّغِيرِ أَمَامَ ذَلِكَ الْقَاضِي. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1801) وَلَا يَكُونُ لِذَلِكَ الْقَاضِي أَيُّ وِلَايَةٍ عَلَى ذَلِكَ الصَّغِيرِ أَمَّا إذَا كَانَ الصَّغِيرُ الْمَذْكُورُ تَحْتَ وِلَايَةِ ذَلِكَ الْقَاضِي إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُقِيمًا فِي الْمَدِينَةِ الَّتِي يَسْكُنُهَا الْقَاضِي بَلْ كَانَ سَاكِنًا فِي قَرْيَةٍ تَابِعَةٍ لِوِلَايَةِ الْقَاضِي وَلَوْ كَانَتْ بَعِيدَةً مُدَّةُ السَّفَرِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يُنَصِّبَ وَصِيًّا عَنْهُ.
مَثَلًا لَوْ تُوُفِّيَ أَحَدٌ وَكَانَ أَحَدُ وَرَثَتِهِ عَاقِلًا بَالِغًا وَالثَّانِي صَغِيرًا وَالثَّالِثُ مَجْنُونًا فَطَلَبَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الْقِسْمَةَ فَالْقَاضِي يُنَصِّبُ عَنْ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَصِيًّا وَيَقْسِمُ التَّرِكَةَ الْقَابِلَةَ لِلْقِسْمَةِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .
كَذَلِكَ لَوْ تُوُفِّيَ أَحَدٌ فِي غَيْرِ بَلْدَتِهِ وَتَرَكَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ صِغَارًا وَكِبَارًا فَإِذَا لَمْ يَكُنْ هَؤُلَاءِ أَوْصِيَاءَ عَنْ الْمُتَوَفَّى فَلَيْسَ لَهُمْ تَقْسِيمُ التَّرِكَةِ بَلْ لَهُمْ مُرَاجَعَةُ الْقَاضِي وَبَعْدَ أَنْ يُنَصَّبَ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي وَصِيٌّ عَنْ الصِّغَارِ وَوَكِيلٌ عَنْ الْكِبَارِ الْغَائِبِينَ يَجْرِي التَّقْسِيمُ كَمَا سَيُوَضَّحُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ (جَامِعُ أَحْكَامِ الصِّغَارِ) .
[
(الْمَادَّةُ 1129) يُشْتَرَطُ الطَّلَبُ فِي قِسْمَةِ الْقَضَاءِ]
الْمَادَّةُ (1129) - (يُشْتَرَطُ الطَّلَبُ فِي قِسْمَةِ الْقَضَاءِ، فَلِذَلِكَ لَا تَصِحُّ الْقِسْمَةُ مِنْ الْقَاضِي جَبْرًا مَا لَمْ يَقَعْ طَلَبٌ وَلَوْ مِنْ أَحَدِ أَصْحَابِ الْحِصَصِ) .
يُشْتَرَطُ الطَّلَبُ فِي قِسْمَةِ الْقَضَاءِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1829) وَهَذَا الطَّلَبُ سَبَبٌ لِقِسْمَةِ الْقَضَاءِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1114) .
فَلِذَلِكَ لَا تَصِحُّ الْقِسْمَةُ مِنْ الْقَاضِي جَبْرًا أَيْ حُكْمًا مَا لَمْ يَقَعْ طَلَبٌ وَلَوْ مِنْ أَحَدِ أَصْحَابِ الْحِصَصِ أَيْ مَا لَمْ يَقَعْ فِي حُضُورِ الْقَاضِي مِنْ الشَّرِيكِ النَّافِعِ لَهُ التَّقْسِيمُ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1140) .
وَقَدْ ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَحَدُ أَصْحَابِ الْحِصَصِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ إلَّا أَنَّ هَذَا الْإِطْلَاقَ قَدْ قُيِّدَ فِي الْمَادَّةِ (1140) .
فَلِذَلِكَ إذَا رَاجَعَ الشُّرَكَاءُ الْقَاضِيَ وَادَّعَوْا أَنَّ هَذَا الْمَالَ مِلْكُهُمْ الْمُشْتَرَكُ وَطَلَبُوا تَقْسِيمَهُ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ الْمَقْسُومُ مَنْقُولًا يُقْسَمُ عَلَى كُلِّ حَالٍ يَعْنِي سَوَاءٌ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ أَنَّ الِاشْتِرَاكَ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ أَوْ بِطَرِيقِ الشِّرَاءِ أَوْ الْهِبَةِ أَوْ لَمْ يُبَيِّنُوا سَبَبَ الِاشْتِرَاكِ، أَمَّا الْبِنَاءُ وَالْأَشْجَارُ فَقَطْ فَبِمَا أَنَّهَا مِنْ الْمَنْقُولَاتِ فَتُقْسَمُ جَبْرًا أَيْضًا مَا لَمْ تَتَبَدَّلْ الْمَنْفَعَةُ. أَمَّا إذَا تَبَدَّلَتْ فَلَا جَبْرَ عَلَى الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْسُومَ إذَا كَانَ مَنْقُولًا لَا يُخَافُ عَلَيْهِ مِنْ التَّلَفِ إذَا بَقِيَ عَلَى حَالٍ فَإِذَا قُسِّمَ وَسُلِّمَ إلَى أَصْحَابِ الْحِصَصِ فَيَكُونُ قَدْ جُعِلَ مَضْمُونًا عَلَيْهِمْ وَعَلَيْهِ فَفِي التَّقْسِيمِ فَائِدَةٌ (أَبُو السُّعُودِ) .
وَإِذَا كَانَ الْمَقْسُومُ عَقَارًا فَإِذَا بَيَّنَ الشُّرَكَاءُ الشِّرَاءَ أَوْ ادَّعَوْا الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ أَيْ إذَا قَالُوا: إنَّ هَذَا الْعَقَارَ مِلْكُنَا وَلَمْ يُبَيِّنُوا لِمَاذَا هُوَ مِلْكُهُمْ وَبِأَيِّ صُورَةٍ انْتَقَلَ إلَيْهِمْ فَيُقْسَمُ أَيْضًا، وَلَا يَحْتَاجُ هَذَا التَّقْسِيمُ إلَى
إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى كَوْنِ الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ مِلْكَهُمْ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ بِالشِّرَاءِ يَزُولُ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ فَلَا يَكُونُ فِي الْقِسْمَةِ الْمَذْكُورَةِ حُكْمٌ عَلَى الْغَيْرِ، كَمَا أَنَّهُمْ لَوْ ادَّعَوْا الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ يُقْسَمُ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ لَمْ يُقِرُّوا فِي هَذَا الْعَقَارِ مِلْكًا لِلْغَيْرِ فَلَا يُوجَدُ حَالٌ مَانِعٌ لِلْقِسْمَةِ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْكِفَايَةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا بَيَّنَ الشُّرَكَاءُ أَنَّ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ مَوْرُوثٌ لَهُمْ عَنْ فُلَانٍ فَيُقْسَمُ الْعَقَارُ الْمَذْكُورُ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ إذَا أَقَامُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى وَفَاةِ مُوَرِّثِهِمْ وَعَلَى عَدَدِ الْوَرَثَةِ وَإِلَّا فَلَا يُقْسَمُ؛ لِأَنَّ التَّرِكَةَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ هِيَ بَاقِيَةٌ مِلْكًا لِلْمُتَوَفَّى وَتَقْسِيمُ التَّرِكَةِ يَكُونُ حُكْمًا عَلَى الْمُتَوَفَّى بِمُجَرَّدِ إقْرَارِ الْوَرَثَةِ وَبِمَا أَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ فَلَا يُحْكَمُ عَلَى الْمُتَوَفَّى بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْ التَّرِكَةِ الْبَاقِيَةِ مِلْكِيَّةِ الْمُتَوَفَّى فِيهَا بَلْ يَحْتَاجُ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى وَفَاةِ الْمُوَرِّثِ وَعَلَى عَدَدِ الْوَرَثَةِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى بَقَاءِ التَّرِكَةِ مِلْكًا لِلْمُتَوَفَّى قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَنَّهُ يَثْبُتُ حَقُّ الْمُتَوَفَّى فِي زَوَائِدِ التَّرِكَةِ كَالنِّتَاجِ وَالْأَرْبَاحِ إذْ إنَّهُ تُقْضَى دُيُونُ الْمُتَوَفَّى وَتَنْفُذُ وَصَايَاهُ مِنْ الزَّوَائِدِ الْحَاصِلَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَمَّا بَعْدَ التَّقْسِيمِ فَلَا يَبْقَى حَقٌّ لِلْمُتَوَفَّى وَلَا تُقْضَى دُيُونُهُ وَلَا تَنْفُذُ وَصَايَاهُ مِنْ الزَّوَائِدِ الْحَاصِلَةِ بَعْدَ ذَلِكَ.
وَبَعْدَ تَقْرِيرِ دَلِيلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ آنِفًا نُبَيِّنُ الْأَسْئِلَةَ وَالْأَجْوِبَةَ الْوَارِدَةَ عَلَى الدَّلِيلِ الْمَذْكُورِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: س (1) - كَمَا أَنَّهُ يَلْزَمُ خَصْمٌ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أَيْ مُدَّعٍ يَلْزَمُ أَيْضًا مُدَّعًى عَلَيْهِ كَمَا يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ الْمَادَّةِ (1684) فَمَنْ هُوَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُنَا؟ .
ج - يَكُونُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ خَصْمًا عَنْ الْمَيِّتِ أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَيَكُونُ الْوَرَثَةُ الْآخَرُونَ أَخْصَامًا عَنْ أَنْفُسِهِمْ أَيْ مُدَّعِينَ، فَيَتَشَكَّلُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ وَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ. س (2) - لَا يُوجَدُ أَوْلَوِيَّةٌ وَرُجْحَانٌ فِي اعْتِبَارِ فُلَانٍ مِنْ الْوَرَثَةِ نَائِبًا عَنْ الْمَيِّتِ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ وَاعْتِبَارُهُ أَصِيلًا عَنْ نَفْسِهِ وَمُدَّعِيًا فَيُصْبِحُ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَجْهُولًا وَالْحُكْمُ غَيْرُ صَحِيحٍ مَعَ الْجَهَالَةِ؟ ج - لِلْقَاضِي الْحُصُولُ عَلَى الْمَقْصُودِ أَنْ يُنَصِّبَ أَحَدَ الْوَرَثَةِ مُدَّعِيًا وَأَنْ يُنَصِّبَ آخَرَ عَنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِحَسَبِ وِلَايَتِهِ وَبِنَصْبِ الْقَاضِي تَرْتَفِعُ الْجَهَالَةُ.
س (3) - قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1117) أَنَّ الْبَيِّنَةَ تُقَامُ عَلَى الْمُنْكِرِ وَبِمَا أَنَّ الْوَرَثَةَ مُقِرُّونَ بِوَفَاةِ مُوَرِّثِهِمْ فَيَجِبُ أَنْ لَا تُقَامَ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْوَفَاةِ؟ .
ج - إذَا أَقَرَّ الْخَصْمُ وَكَانَ يُوجَدُ فَائِدَةٌ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَلَا يَكُونُ الْإِقْرَارُ الْمَذْكُورُ مَانِعًا مِنْ قَبُولِ الْبَيِّنَةِ وَلِهَذَا نَظِيرَانِ: أَوَّلُهُمَا إذَا أَقَرَّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ بِدَيْنِ الْمُتَوَفَّى فَلِلْمُدَّعِي لِلتَّعْدِيَةِ أَيْ لِيَسْرِي الْحُكْمُ عَلَى الْوَرَثَةِ الْآخَرِينَ غَيْرِ الْمُقِرِّينَ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ؛ فِي إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَائِدَةُ التَّعْدِيَةِ، كَمَا أَنَّهُ يُوجَدُ فَائِدَةٌ أُخْرَى وَهِيَ مُزَاحَمَةُ الْغُرَمَاءِ.
ثَانِيهِمَا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الدَّيْنَ فِي مُوَاجَهَةِ وَصِيِّ الْمُتَوَفَّى وَأَقَرَّ الْوَصِيُّ فَلِلْمُدَّعِي أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ وَيُثْبِتَ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْوَصِيِّ عَلَى الْغَيْرِ بَاطِلٌ (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ وَالطُّورِيُّ) .
أَمَّا إذَا كَانَ الْوَارِثُ حِينَ تَقْسِيمِ التَّرِكَةِ حَمْلًا فَصُورَةُ تَقْسِيمِ التَّرِكَةِ قَدْ وَرَدَ ذِكْرُهَا فِي تَأْلِيفِنَا الْمُسَمَّى بِتَسْهِيلِ الْفَرَائِضِ فَيَجِبُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ.
أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَيُقَسَّمُ الْعَقَارُ وَلَوْ بَيْنَ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ مِيرَاثٌ بِدُونِ حَاجَةٍ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَفَاةِ وَعَلَى عَدَدِ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ وُجُودَهُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ وَعَدَمَ وُجُودِ مُنَازَعَةٍ عَلَيْهِ دَلِيلٌ عَلَى مِلْكِيَّتِهِمْ كَمَا بُيِّنَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (68) إلَّا أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُبَيَّنَ فِي جِهَةِ التَّقْسِيمِ أَنَّ الْمَقْسُومَ لَهُ قَدْ قُسِّمَ بِنَاءً عَلَى إقْرَارِ الْوَرَثَةِ حَتَّى أَنَّ التَّقْسِيمَ الْمَذْكُورَ مَقْصُورٌ عَلَى الْوَرَثَةِ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِمْ فَعَلَيْهِ لَا يَثْبُتُ الْمَوْتُ بِذَلِكَ لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادِ الْمُتَوَفَّى وَمُدَبَّرِيهِ وَلَا يُعْتَقُونَ.
كَذَلِكَ إذَا حَضَرَ اثْنَانِ وَقَالَا: إنَّ هَذَا الْعَقَارَ فِي يَدِنَا وَنَطْلُبُ تَقْسِيمَهُ وَلَمْ يَقُولَا: إنَّهُ مِلْكُنَا فَلَا يُقَسَّمُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي يَدِهِمَا بِطَرِيقِ الْإِجَارَةِ أَوْ الْإِعَارَةِ وَتَكُونُ الْقِسْمَةُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قِسْمَةَ حِفْظٍ مَعَ أَنَّ الْعَقَارَ مَحْفُوظٌ بِنَفْسِهِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْكِفَايَةُ وَالْهِدَايَةُ) .
قِسْمَةُ الْقَضَاءِ فِي غَيْبَةِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ.:
تَصِحُّ قِسْمَةُ الْقَضَاءِ تَارَةً وَلَوْ غَابَ الشُّرَكَاءُ إلَّا أَنَّهُ يَلْزَمُ فِي ذَلِكَ وُجُودُ شُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ - أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمُرَادُ تَقْسِيمُهُ مَوْرُوثًا وَمُشْتَرَكًا مِنْ جِهَةِ التَّرِكَةِ، فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ مُشْتَرَكًا مِنْ جِهَةِ الْإِرْثِ وَالتَّرِكَةِ فَيُقَسَّمُ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْوَرَثَةِ الْحَاضِرِينَ مُدَّعِيًا أَصَالَةً وَالْوَارِثُ الْآخَرُ الْحَاضِرُ يَكُونُ مُدَّعًى عَلَيْهِ أَصَالَةً عَنْ نَفْسِهِ وَنِيَابَةً عَنْ الْمَيِّتِ أَيْ يُعْتَبَرُ الْمُدَّعِي الْخَارِجَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَا الْيَدِ، وَالتَّقْسِيمُ الَّذِي يَقَعُ فِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ وَاقِعًا فِي حُضُورِ الْمُتَقَاسِمِينَ وَحُكْمًا فِي مُوَاجَهَتِهِمْ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ الَّذِي يَثْبُتُ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ يَثْبُتُ بِطَرِيقِ الْخَلْفِيَّةِ، أَمَّا إذَا كَانَ الْمَالُ غَيْرَ مُشْتَرَكٍ مِنْ جِهَةِ الْإِرْثِ بَلْ كَانَ مُشْتَرَكًا بِسَبَبٍ آخَرَ كَاشْتِرَاءِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي تَقْسِيمُهُ وَلَوْ كَانَ الْغَائِبُ شَرِيكًا وَاحِدًا سَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ عُرُوضًا أَوْ عَقَارًا وَسَوَاءٌ أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ أَوْ لَمْ تُقَمْ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ الثَّابِتَ بِالشِّرَاءِ هُوَ مِلْكٌ جَدِيدٌ وَلَيْسَ بِطَرِيقِ الْخَلْفِيَّةِ كَالْإِرْثِ.
مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى خَمْسَةُ أَشْخَاصٍ بِالِاشْتِرَاكِ عَقَارًا وَقَبَضُوهُ ثُمَّ طَلَبَ بَعْدَ ذَلِكَ الشُّرَكَاءُ الْحُضُورُ فِي غَيْبَةِ أَحَدِهِمْ مِنْ الْقَاضِي تَقْسِيمَ الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ وَتَسْلِيمَ حِصَّةِ الْغَائِبِ إلَى يَدِ عَدْلٍ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي إجْرَاءُ التَّقْسِيمِ كَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَصْلُ الشَّرِكَةِ شِرَاءٌ وَعَرَضٌ مُؤَخَّرًا فِيهَا إرْثٌ فَلَا تَصِحُّ الْقِسْمَةُ فِي غَيْبَةِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ.
مَثَلًا لَوْ اشْتَرَى خَمْسَةُ أَشْخَاصٍ عَقَارًا بِالِاشْتِرَاكِ ثُمَّ تُوُفِّيَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ وَبَقِيَتْ حِصَّةٌ لِوَلَدَيْهِ فَلَا تَصِحُّ الْقِسْمَةُ فِي غَيْبَةِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ شَرِكَتَيْنِ: (أُولَاهُمَا) الشَّرِكَةُ الْأُولَى الْحَاصِلَةُ بِالشِّرَاءِ.
(الثَّانِيَةُ) الشَّرِكَةُ الْأُخْرَى وَهِيَ اشْتِرَاكُ الْأَخَوَيْنِ الْوَارِثَيْنِ فِي خَمْسٍ، وَبِمَا أَنَّ النَّظَرَ وَالِاعْتِبَارَ هُوَ لِلشَّرِكَةِ الْأُولَى فَلَا يَقُومُ الْوَارِثُ فِي الشَّرِكَةِ الْمَذْكُورَةِ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ. أَمَّا لَوْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ بِأَنْ كَانَتْ الشَّرِكَةُ الْأُولَى إرْثًا وَالشَّرِكَةُ الثَّانِيَةُ بِسَبَبِ الشِّرَاءِ فَيَصِحُّ التَّقْسِيمُ فِي غَيْبَةِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ.
مَثَلًا لَوْ كَانَ مَالًا مُشْتَرَكًا بَيْنَ خَمْسَةِ إخْوَةٍ إرْثًا وَكَانَ أَحَدُ الْإِخْوَةِ صَغِيرًا وَاثْنَانِ مِنْهُمْ حَاضِرَيْنِ وَاثْنَانِ مِنْهُمْ غَائِبَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُ الْحَاضِرَيْنِ حِصَّتَهُ لِزَيْدٍ فَرَاجَعَ زَيْدٌ الْقَاضِي وَطَلَبَ التَّقْسِيمَ فَيُجْبِرُ الْقَاضِي الشَّرِيكَ الْحَاضِرَ عَلَى
الْقِسْمَةِ وَيُعَيِّنُ نَائِبًا عَنْ الْغَائِبَيْنِ وَالصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي الْمَذْكُورَ قَامَ مَقَامَ الْبَائِعِ وَكَمَا أَنَّ لِلْبَائِعِ الْحَقَّ فِي إجْرَاءِ التَّقْسِيمِ مَعَ شَرِيكِهِ فَلِلْمُشْتَرِي الَّذِي قَامَ مَقَامَهُ حَقٌّ فِي ذَلِكَ (الطُّورِيُّ) .
وَيَتَفَرَّعُ بَعْضُ مَسَائِلَ عَلَى كَوْنِ الْمِلْكِ الثَّابِتِ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ هُوَ بِطَرِيقِ الْخَلْفِيَّةِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - لِلْوَارِثِ أَنْ يَرُدَّ الْمَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مُوَرِّثِهِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - يَثْبُتُ لِلْوَارِثِ ضَمَانُ الْغُرُورِ الْوَارِدِ ذِكْرُهُ فِي الْمَادَّةِ (1658) .
وَتَتَفَرَّعُ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ عَلَى كَوْنِ الْمِلْكِ الثَّابِتِ بِالشِّرَاءِ مِلْكًا جَدِيدًا: وَهِيَ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّ الْمَبِيعِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ إلَى بَائِعِ الْبَائِعِ.
الشَّرْطُ الثَّانِي - أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ مَنْقُولًا أَوْ عَقَارًا فَتُقَامُ الْبَيِّنَةُ عَلَى مَوْتِ الْمُوَرِّثِ وَعَلَى عَدَدِ الْوَرَثَةِ وَإِذَا كَانَ الْخَصْمُ الْمُوصَى لَهُ فَتُقَامُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْوَصِيَّةِ.
فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ عَقَارًا وَقُسِمَ بِدُونِ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ عَلَى مَوْتِ الْمُوَرِّثِ وَعَلَى عَدَدِ الْوَرَثَةِ فَلَا يَصِحُّ التَّقْسِيمُ عِنْدَ الْإِمَامِ كَمَا بُيِّنَ آنِفًا.
الشَّرْطُ الثَّالِثُ - يُشْتَرَطُ حُضُورُ لَا أَقَلَّ مِنْ وَارِثَيْنِ مِنْ الشُّرَكَاءِ أَوْ حُضُورُ وَارِثٍ وَمُوصًى لَهُ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا صَغِيرًا؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ يَصِيرُ مُشْتَرَكًا بِمَنْزِلَةِ الْوَارِثِ فَكَأَنَّهُ حَضَرَ وَارِثَانِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
فَلِذَلِكَ إذَا حَضَرَ اثْنَانِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَيُعْتَبَرُ أَحَدُهُمَا مُدَّعِيًا وَالْآخَرُ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَيَصِحُّ التَّقْسِيمُ قَضَاءً وَتُودَعُ حِصَّةُ الْغَائِبِ إلَى يَدِ عَدْلٍ لِفَائِدَةِ الْغَائِبِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
أَمَّا إذَا حَضَرَ وَارِثٌ وَاحِدٌ أَوْ مُوصًى لَهُ وَاحِدٌ فَلَا يَصِحُّ التَّقْسِيمُ وَلَوْ أُقِيمَتْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ إذَا فُرِضَ الْحَاضِرُ مُدَّعِيًا لَا يُوجَدُ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَإِذَا اُعْتُبِرَ الْحَاضِرُ مُدَّعًى عَلَيْهِ فَلَا يُوجَدُ مُدَّعٍ وَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ الْقَضَاءُ وَالْحُكْمُ (الطُّورِيُّ) .
وَكَذَلِكَ لَا يَصِحُّ التَّقْسِيمُ عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فِي حُضُورِ وَارِثٍ وَاحِدٍ أَوْ مُوصًى لَهُ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ الْوَاحِدَ لَا يَكُونُ مُقَاسِمًا وَمُقَاسَمًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
أَنَّهُ وَإِنْ شُرِطَ لُزُومُ حُضُورِ لَا أَقَلَّ مِنْ اثْنَيْنِ مِنْ الشُّرَكَاءِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُمَا، فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ غَائِبًا وَكَانَ الْحُضُورُ بَالِغًا وَصَغِيرًا وَكَانَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ فِي يَدِ الْبَالِغِ الْحَاضِرِ فَالْقَاضِي يُنَصِّبُ وَكِيلًا عَنْ الْغَائِبِ وَوَصِيًّا عَنْ الصَّغِيرِ وَيُقَسَّمُ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ. أَمَّا إذَا كَانَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ فِي يَدِ الصَّغِيرِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا أَوْ كَانَ فِي يَدِ أُمِّ الصَّغِيرِ وَكَانَتْ غَائِبَةً فَلَا يُقْسَمُ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ (الْخَانِيَّةُ فِي الْقِسْمَةِ وَعَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالْبَهْجَةُ) ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُنْزَعُ الْمَالُ الَّذِي فِي يَدِ الصَّغِيرِ مَعَ عَدَمِ وُجُودِ خَصْمٍ عَنْ الصَّغِيرِ وَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
الشَّرْطُ الرَّابِعُ - يَجِبُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ الْمَالِ الْمَقْسُومِ فِي يَدِ الْحَاضِرِينَ الْبَالِغِينَ فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ كُلُّ الْمَالِ الْمَقْسُومِ أَوْ بَعْضُهُ فِي يَدِ الْغَائِبِ أَوْ فِي يَدِ مُسْتَوْدِعِهِ أَوْ مُسْتَعِيرِهِ فَلَا يُقْسَمُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْقِسْمَةُ حُكْمًا وَقَضَاءً