الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقَاضِي أَنْ يُبَاشِرَ الْقِسْمَةَ بِنَفْسِهِ فَإِنْ شَاءَ بَاشَرَهَا بِنَفْسِهِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَمَسْأَلَةُ أَخْذِ الْقَاضِي أُجْرَةً مُقَابِلَ عَمَلِ التَّقْسِيمِ قَدْ بُيِّنَتْ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1122) . وَإِنْ شَاءَ لَا يُبَاشِرُ التَّقْسِيمَ بِنَفْسِهِ وَيُحِيلُهُ إلَى قَسَّامٍ (الطُّورِيُّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .
إنَّ شَرْطَ كَوْنِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ هُوَ فِي قِسْمَةِ الْقَضَاءِ أَمَّا فِي قِسْمَةِ الرِّضَاءِ أَيْ فِي تَقْسِيمِ جَمِيعِ الشُّرَكَاءِ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ بِالتَّرَاضِي وَبِالذَّاتِ فَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ، فَلِذَلِكَ إذَا رَضِيَ جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ بِتَقْسِيمِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ غَيْرِ الْقَابِلِ لِلْقِسْمَةِ وَقَسَمُوهُ فَالْقِسْمَةُ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّ التَّقْسِيمَ حَقُّهُمْ كَمَا بُيِّنَ فِي الْمَادَّةِ (1141) .
[
(الْمَادَّةُ 1131) قَابِلُ الْقِسْمَةِ هُوَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ الصَّالِحُ لِلتَّقْسِيمِ]
الْمَادَّةُ (1131) - (قَابِلُ الْقِسْمَةِ هُوَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ الصَّالِحُ لِلتَّقْسِيمِ بِحَيْثُ لَا تَفُوتُ الْمَنْفَعَةُ الْمَقْصُودَةُ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ بِالْقِسْمَةِ) .
قَابِلُ الْقِسْمَةِ هُوَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ الصَّالِحُ لِلتَّقْسِيمِ بِحَيْثُ لَا تَفُوتُ الْمَنْفَعَةُ الْمَقْصُودَةُ مِنْهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ بِهَا فِي حَقِّ جَمِيعِ الشُّرَكَاءِ أَوْ فِي حَقِّ بَعْضِهِمْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَالْمَنْفَعَةُ الْمَقْصُودَةُ هِيَ الْمَنْفَعَةُ الْمَوْجُودَةُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، أَيْ أَنَّ كُلَّ مَالٍ مُشْتَرَكٍ يَنْتَفِعُ بِهِ جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ كَانْتِفَاعِهِمْ بِحِصَصِهِمْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ هُوَ قَابِلٌ لِلْقِسْمَةِ، فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَالُ الْمُشْتَرَكُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إلَّا أَنَّهُ يَنْتَفِعُ بَعْضُهُمْ لِزِيَادَةِ حِصَّتِهِ فَالْمَالُ الْمَذْكُورُ قَابِلٌ لِلْقِسْمَةِ أَيْضًا. اُنْظُرْ مَادَّتَيْ (1139 و 1140) .
مَثَلًا الْحَمَّامُ غَيْرُ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ اُنْتُفِعَ بَعْدَ تَقْسِيمِهِ بِاسْتِعْمَالِهِ إصْطَبْلًا أَوْ مَخْزَنًا إلَّا أَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمَقْصُودَةَ مِنْهُ قَبْلَ التَّقْسِيمِ قَدْ فَاتَتْ.
كَذَلِكَ لَوْ طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ تَقْسِيمَ الْحَانُوتِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا الَّذِي كَانَا يَشْتَغِلَانِ ضِمْنَهُ فَيُقَسَّمُ الْحَانُوتُ الْمَذْكُورُ إذَا كَانَ الشَّرِيكَانِ يَسْتَطِيعَانِ الْقِيَامَ بِالْعَمَلِ الَّذِي كَانَا يَقُومَانِ بِهِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ بِزِيَادَةٍ) .
إذَا طَلَبَ شَرِيكٌ تَقْسِيمَ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ وَكَانَ لَا يَنْتَفِعُ مُطْلَقًا بِإِحْدَى الْحِصَصِ الْمُفْرَزَةِ وَكَانَ لِذَلِكَ الشَّرِيكِ مِلْكٌ مُتَّصِلٌ بِالْمَالِ الْمَقْسُومِ وَضُمِّنَتْ حِصَّتُهُ إلَى ذَلِكَ الْمِلْكِ أَوْ كَانَ فِي جِوَارِ ذَلِكَ مَوَاتٌ فَإِذَا أُحْيِيَ تُصْبِحُ الْحِصَّةُ الْمَذْكُورَةُ صَالِحَةً لِلِانْتِفَاعِ فَيُعَدُّ ذَلِكَ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ وَتَجْرِي فِي هَذَا الْمِلْكِ الْقِسْمَةُ الْجَبْرِيَّةُ كَمَا ذُكِرَ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ (الْبَاجُورِيُّ فِي أَحْكَامِ الْقِسْمَةِ) .
إنَّ هَذِهِ الْمَادَّةَ هِيَ أَصْلٌ وَضَابِطٌ فِي حَقٍّ قَابِلِ الْقِسْمَةِ وَتَعْيِينُ قَابِلِيَّةِ الْحَمَّامِ وَالْخَانِ وَالدَّارِ تَجْرِي حَسَبَ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ، وَذَلِكَ لَوْ كَانَ قِسْمٌ مِنْ الْحَمَّامِ مَخْصُوصًا بِالرِّجَالِ وَالْقِسْمُ الْآخَرُ مَخْصُوصًا بِالنِّسَاءِ وَكَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ فَهُوَ قَابِلٌ لِلْقِسْمَةِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الدَّارُ قَابِلَةً لِلِانْتِفَاعِ بِهَا كَالِانْتِفَاعِ مِنْهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَهِيَ قَابِلَةٌ لِلْقِسْمَةِ وَإِلَّا فَلَا تُقَسَّمُ.
وَلِإِيضَاحِ هَذِهِ الْمَادَّةِ يَلْزَمُنَا بَيَانُ ثَلَاثِ مَسَائِلَ: -
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - أَنْ يَنْتَفِعَ جَمِيعُ الْمُتَقَاسِمِينَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ بِالنَّفْعِ الَّذِي يَنْتَفِعُونَ بِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ.
فَلَوْ كَانَتْ دَارٌ كَبِيرَةٌ تَحْتَوِي عَلَى دَائِرَتَيْنِ إحْدَاهُمَا لِلْحَرِيمِ وَالْأُخْرَى لِلرِّجَالِ وَكَانَتْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ وَقُسِمَتْ بَيْنَهُمَا بِأَنْ أَخَذَ أَحَدُهُمَا قِسْمَ الْحَرِيمِ وَالْآخَرُ قِسْمَ الرِّجَالِ فَيَنْتَفِعُ كِلَاهُمَا بِالْمَنْفَعَةِ الَّتِي كَانَ يَنْتَفِعُ بِهَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَعَلَيْهِ فَتَكُونُ هَذِهِ الدَّارُ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - أَنْ تَكُونَ الْقِسْمَةُ نَافِعَةً لِأَحَدِ الْمُتَقَاسِمِينَ وَضَارَّةً بِالْآخَرِ.
مَثَلًا لَوْ كَانَ عُشْرُ دَارٍ لِأَحَدٍ وَبَاقِيهَا لِلْآخَرِ فَقُسِمَتْ بَيْنَهُمَا وَحُرِمَ صَاحِبُ الْعُشْرِ مِنْ الِانْتِفَاعِ الَّذِي كَانَ يَنْتَفِعُهُ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ لِقِلَّةِ نَصِيبِهِ وَكَانَ الْآخَرُ يَنْتَفِعُ لِوَفْرَةِ حِصَّتِهِ فَتُقْسَمُ هَذِهِ الدَّارُ لِطَلَبِ صَاحِبِ الْحِصَّةِ الْكَبِيرَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ - أَنْ يَتَضَرَّرَ كِلَا الْمُتَقَاسِمِينَ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا تُقْسَمُ بِحُكْمِ الْقَاضِي.
قَدْ بَقِيَتْ مَسْأَلَةٌ هُنَا تَحْتَاجُ لِلتَّدْقِيقِ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي مَالٍ شُرَكَاءُ مُتَعَدِّدُونَ وَكَانَ ذَلِكَ الْمَالُ غَيْرَ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ بِنِسْبَةِ حِصَصِ الشُّرَكَاءِ وَلَكِنَّهُ قَابِلٌ لَهَا عَنْ طَائِفَةٍ كَأَنْ تَكُونَ الْعَرْصَةُ الْمُشْتَرَكَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ عَشْرَةِ أَشْخَاصٍ وَقَابِلَةً لِلتَّقْسِيمِ إلَى قِسْمَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ وَاجْتَمَعَ خَمْسَةُ شُرَكَاءَ مَعًا وَطَلَبُوا الْخَمْسَ الْحِصَصَ الْعَائِدَةَ إلَيْهِمْ فِي قِسْمٍ فَهَلْ يَجُوزُ الْإِجْبَارُ عَلَى التَّقْسِيمِ إذَا امْتَنَعَ الشُّرَكَاءُ الْآخَرُونَ؟ لَمْ يُوجَدْ فِي كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ صَرَاحَةٌ عَنْ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ قَدْ ذُكِرَ فِي تُحْفَةِ الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْقِسْمَةِ الَّتِي بِهَذِهِ الصُّورَةِ، وَالْعِبَارَةُ الْأَصْلِيَّةُ الْوَارِدَةُ فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ هِيَ:(وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَغَيْرِهَا: لَوْ كَانَ نِصْفُ الدَّارِ لِوَاحِدٍ وَالْآخَرُ لِخَمْسَةٍ أُجِيبَ الْأَوَّلُ وَحِينَئِذٍ فَلِكُلٍّ مِنْ الْخَمْسَةِ مُشَاعًا لَمْ يُجَبْ أَحَدُهُمْ لِلْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهَا تَضُرُّ الْجَمِيعَ وَإِنْ طَلَبَ أَوَّلًا الْخَمْسَةُ إفْرَازَ نَصِيبِهِمْ مُشَاعًا أَوْ كَانَتْ الدَّارُ لِعَشْرَةٍ وَطَلَبَ خَمْسَةٌ مِنْهُمْ إفْرَازَ نَصِيبِهِمْ مُشَاعًا أُجِيبُوا؛ لِأَنَّهُمْ يَنْتَفِعُونَ بِنَصِيبِهِمْ كَمَا كَانُوا يَنْتَفِعُونَ بِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ) وَإِنَّ النَّقْلَ الْوَارِدَ فِي كِتَابِ الْبَدَائِعِ مِنْ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ مُؤَيِّدٌ لِذَلِكَ وَلْنُورِدْهُ هُنَا: (وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُضَمَّ نَصِيبُ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ إلَى بَعْضٍ إلَّا إذَا رَضُوا بِالضَّمِّ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى الْقِسْمَةِ ثَانِيًا) .
وَإِذَا طَلَبَ بَعْدَ ذَلِكَ بَعْضُ أَصْحَابِ تِلْكَ الْحِصَصِ الْخَمْسِ تَقْسِيمَ حِصَصِهِمْ بَيْنَهُمْ فَلَا تُقْسَمُ قَضَاءً وَحُكْمًا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي الْمَادَّةِ (1140) .
وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْآنِفَةِ إذَا طَلَبَ أَصْحَابُ الْحِصَصِ الْخَمْسِ الْقِسْمَةَ وَجَمْعَ حِصَصِهِمْ فِي حِصَّةٍ وَاحِدَةٍ فَتُقْسَمُ وَتُفْرَزُ الْحِصَصُ الْخَمْسُ وَتُعْطَى لِأَصْحَابِهَا مُشَاعًا.
وَإِذَا كَانَتْ تِلْكَ الدَّارُ الْكَبِيرَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ عَشْرَةِ أَشْخَاصٍ عَلَى السَّوِيَّةِ وَغَيْرَ قَابِلَةٍ قِسْمَتَهَا إلَى عَشَرَةِ أَقْسَامٍ فَاجْتَمَعَ خَمْسَةُ شُرَكَاءَ مِنْهُمْ مَعًا وَطَلَبُوا جَمْعَ الْخَمْسِ الْحِصَصِ الْعَائِدَةِ إلَيْهِمْ فِي حِصَّةٍ وَاحِدَةٍ وَامْتَنَعَ الْآخَرُونَ فَتُقْسَمُ الدَّارُ بَيْنَهُمْ جَبْرًا وَحُكْمًا، أَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ لَوْ طَلَبَ وَاحِدٌ مِنْ الْخَمْسَةِ أَوْ اثْنَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ مِنْهُمْ إفْرَازَ حِصَّتِهِمْ وَتَقْسِيمَهَا وَامْتَنَعَ الْآخَرُونَ فَلَا تُقَسَّمُ جَبْرًا وَحُكْمًا وَهَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ لَمْ تُوجَدَا فِي كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ.