الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَمَّا بِالْعَكْسِ أَيْ إذَا امْتَنَعَ عَنْ تَسْلِيمِ الْوَدِيعَةِ إلَى مَنْ أَتَى بِتِلْكَ الْعَلَامَةِ وَتَلِفَتْ الْوَدِيعَةُ فِي يَدِهِ، فَلَا ضَمَانَ. لِجَوَازِ أَنَّ غَيْرَ رَسُولِ الْمُودِعِ يَأْتِي بِتِلْكَ الْعَلَامَةِ (التَّكْمِلَةُ) . أَمَّا الْجَهْلُ بِالْوَكِيلِ جَهَالَةً فَاحِشَةً فَلَا تَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ أَحَدٌ لِاثْنَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ خِطَابًا لَهُمَا:" وَكَّلْتُ أَحَدَكُمَا بِبَيْعِ فَرَسِي هَذَا "، جَازَتْ، وَأَيُّهُمَا بَاعَهُ كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا نَافِذًا (التَّكْمِلَةُ) . وَكَّلَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ إنْسَانًا لِيَسْتَوْفِيَ نَصِيبَهُ مِنْ دُيُونِ مُوَرِّثِهِ عَلَى النَّاسِ، وَلَا يَعْلَمُ الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ بَعْضَ مَنْ عَلَيْهِمْ الدُّيُونَ يَصِحُّ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ قَالَ لِرَجُلَيْنِ: وَكَّلْتُ أَحَدَكُمَا بِشِرَاءِ فَرَسٍ لِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ. فَاشْتَرَى أَحَدُهُمَا ثُمَّ اشْتَرَى الْآخَرُ فَإِنَّ الْآخَرَ يَكُونُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ، وَلَوْ اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَرَسًا وَدُفِعَ شِرَاؤُهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ كَانَ الْفَرَسَانِ لِلْمُوَكِّلِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
[
(الْمَادَّةُ 1459) يَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَ أَحَدٌ غَيْرَهُ فِي الْأُمُورِ الَّتِي يَقْدِرُ عَلَى إجْرَائِهَا بِالذَّاتِ]
الْمَادَّةُ (1459) - (يَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَ أَحَدٌ غَيْرَهُ فِي الْأُمُورِ الَّتِي يَقْدِرُ عَلَى إجْرَائِهَا بِالذَّاتِ وَبِإِيفَاءِ وَاسْتِيفَاءِ كُلِّ حَقٍّ مُتَعَلِّقٍ بِالْمُعَامَلَاتِ. مَثَلًا: لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ غَيْرَهُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِيجَارِ وَالِاسْتِئْجَارِ وَالرَّهْنِ وَالِارْتِهَانِ وَالْإِيدَاعِ وَالِاسْتِيدَاعِ وَالْهِبَةِ وَالِاتِّهَابِ وَالصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ وَالْإِقْرَارِ وَالدَّعْوَى وَطَلَبِ الشُّفْعَةِ وَالْقِسْمَةِ وَإِيفَاءِ الدُّيُونِ وَاسْتِيفَائِهَا وَقَبْضِ الْمَالِ، يَجُوزُ وَلَكِنْ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمُوَكَّلُ بِهِ مَعْلُومًا) يَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَ أَحَدٌ غَيْرَهُ فِي الْأُمُورِ الَّتِي يَقْدِرُ عَلَى إجْرَائِهَا بِالذَّاتِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ بِحَسَبِ الْوِلَايَةِ وَبِإِيفَاءِ وَاسْتِيفَاءِ كُلِّ حَقٍّ مُتَعَلِّقٍ بِالْمُعَامَلَاتِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَمَّا كَانَ يَعْجِزُ أَحْيَانًا عَنْ مُبَاشَرَةِ ذَلِكَ وَيَحْتَاجُ إلَى مَنْ يُوَكِّلَهُ فَقَدْ مَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى جَوَازِ التَّوْكِيلِ لِدَفْعِ الْحَاجَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (17)(رَدُّ الْمُحْتَارِ)، وَقَدْ بُيِّنَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ هَذَا الْكِتَابِ. إيضَاحُ. الْقُيُودِ:
1 -
الَّتِي يَقْدِرُ عَلَى إجْرَائِهَا بِالذَّاتِ إلَخْ: يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَوْكِيلُ غَيْرِهِ بِالْأُمُورِ الَّتِي لَا يَسْتَطِيعُ عَمَلَهَا بِالذَّاتِ. كَذَلِكَ قَدْ وُضِّحَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (49 4 1) . وَقَدْ أَخْرَجَ بِقَوْلِهِ (إجْرَائِهَا بِالذَّاتِ) تَوْكِيلَ الْوَكِيلِ مِنْ الضَّابِطِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِمَنْ وَكَّلَ بِخُصُوصٍ أَوْ يُوَكِّلُ آخَرَ بِهِ بِلَا إذْنٍ أَوْ تَعْمِيمٍ. كَمَا قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1466) . مَثَلًا لَوْ كَانَ أَحَدٌ وَكِيلًا بِبَيْعِ مَالٍ فَمَعَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ الْمَالَ لَيْسَ لَهُ تَوْكِيلُ آخَرَ بِبَيْعِهِ، وَلَا يُقَالُ إنَّ طَرْدَ هَذِهِ الْمَادَّةِ قَدْ نُقِضَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصِدَ هُوَ أَنْ يَعْمَلَهُ بِالذَّاتِ لِنَفْسِهِ. فَإِنْ قُلْتَ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُوَكِّلَهُ بِإِذْنِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ التَّعْرِيفُ فَيُجَابُ بِأَنَّهُ إذَا وَكَّلَ بِإِذْنٍ صَارَ الْوَكِيلُ الثَّانِي وَكِيلًا عَنْ الْمُوَكَّلِ الْأَوَّلِ وَالْمُوَكَّلُ الْأَوَّلُ يُبَاشِرُهُ لِنَفْسِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
كَذَلِكَ قَدْ قِيلَ فِي الشَّرْحِ لِغَيْرِهِ بِحَسَبِ الْوِلَايَةِ، فَقَدْ شَمِلَ ذَلِكَ تَصَرُّفَ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ فِي مَالِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ تَعْيِينَ هَؤُلَاءِ وُكَلَاءَ فِي الْأُمُورِ الَّتِي يَجُوزُ لَهُمْ التَّصَرُّفُ فِيهَا فِي مَالِ الصَّغِيرِ صَحِيحٌ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) .
2 -
فِي الْأُمُورِ: فَالْأُمُورُ الْمَذْكُورَةُ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِنْ الْعُقُودِ كَالْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ، وَالْإِجَارَةِ، وَالرَّهْنِ، وَالْهِبَةِ أَوْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ الْعُقُودِ كَالْخُصُومَةِ وَالْمُرَافَعَةِ. لِلرَّجُلِ أَنْ يُوَكِّلَ امْرَأَةً كَمَا لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُوَكِّلَ رَجُلًا (الْعِنَايَةُ) وَفِي هَذِهِ الْحَالِ فَكَمَا أَنَّ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَبِيعَ مَالَهُ بِالذَّاتِ فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ آخَرَ بِبَيْعِهِ أَيْضًا. وَكَمَا أَنَّ لَهُ حَقَّ الْمُخَاصَمَةِ بِالذَّاتِ، يَعْنِي كَمَا أَنَّ لَهُ حَقَّ أَنْ يَكُونَ مُدَّعِيًا أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ آخَرَ بِالْخُصُومَةِ عَنْهُ. 3 - بِخُصُوصِ الْمُعَامَلَاتِ: يُحْتَرَزُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ عَنْ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ فَالْوَكَالَةُ بِاسْتِيفَاءِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ لَا تَجُوزُ فِي حَالِ غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ عَنْ مَجْلِسِ الِاسْتِيفَاءِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ تَنْدَفِعُ بِالشُّبُهَاتِ (الدُّرَرُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْبَحْرُ) وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ هُوَ أَنَّهُ وَإِنْ جَازَ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ تَوْكِيلُ آخَرَ لِلْمُحَاكَمَةِ مَعَ الْقَاتِلِ فِي دَعْوَى الْقِصَاصِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ آخَرَ لِإِجْرَاءِ الْقِصَاصِ وَاسْتِيفَائِهِ فِي مَحَلٍّ لَيْسَ حَاضِرًا فِيهِ أَيْ فِي غِيَابِهِ وَلَوْ كَانَ وَلِيُّ الْقَتِيلِ حَاضِرًا بِالذَّاتِ فِي مَحَلِّ الْقِصَاصِ وَوَكَّلَ آخَرَ فِي حُضُورِهِ بِأَنْ يَقْتُلَ الْقَاتِلَ قِصَاصًا جَازَ (مِعْيَارُ الْعَدَالَةِ) أَمَّا الْوَكَالَةُ بِإِيفَاءِ الْقِصَاصِ (الْإِيفَاءُ تَسْلِيمُ نَفْسِ الْجَانِي) فَهِيَ بَاطِلَةٌ، اُنْظُرْ الْمَادَّةِ (632) (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) 4 - فِي إيفَائِهِ وَاسْتِيفَائِهِ: فَالْإِيفَاءُ هُوَ إعْطَاءُ أَحَدٍ لِآخَرَ الشَّيْءَ الَّذِي يَلْزَمُهُ إعْطَاؤُهُ إلَيْهِ، وَالِاسْتِيفَاءُ أَيْضًا هُوَ أَنْ يَأْخُذَ الشَّيْءَ الَّذِي يَلْزَمُ آخَرَ إعْطَاؤُهُ إلَيْهِ. وَبِهَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِإِيفَاءِ دَيْنِهِ الَّذِي لِآخَرَ فَكَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ، فَلَوْ وَكَّلَ آخَرَ بِقَبْضِ مَالِهِ مِنْ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ آخَرَ جَازَ أَيْضًا. إيضَاحُ الْإِيفَاءِ - الْإِيفَاءُ يَكُونُ عَلَى نَوْعَيْنِ: أَحَدُهُمَا، يَكُونُ فِي الْأَعْيَانِ. كَالْوَكَالَةِ بِرَدِّ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي، وَالْمَرْهُونِ لِلْمُرْتَهِنِ وَالْمَأْجُورِ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَوْ لِلْمُؤَجِّرِ، الْوَدِيعَةِ لِلْمُودِعِ. ثَانِيهِمَا، يَكُونُ فِي الدُّيُونِ كَالْوَكَالَةِ بِإِيفَاءِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَبَدَلِ الْإِجَارَةِ وَبَدَلِ الْقَرْضِ.
وَالْوَكَالَةُ بِإِيفَاءِ الدُّيُونِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ أَيْضًا: النَّوْعُ الْأَوَّلُ - يَكُونُ بِقَوْلِ الْمُوَكِّلِ لِمَنْ سَيَكُونُ وَكِيلًا، أَعْطِ مِنْ مَالِكَ لِفُلَانٍ مَالَهُ بِذِمَّتِي مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي هُوَ كَذَا دِرْهَمًا، وَعَلَيْهِ فَإِذَا أَوْفَى الْمَأْمُورُ إلَى دَائِنِ ذَلِكَ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ الدَّيْنَ مِنْ مَالِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمَدِينِ الَّذِي هُوَ آمِرُهُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (6 15) .
وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا صَدَّقَ الْمَدِينُ كَلَامَ الْمَأْمُورِ بِإِيفَائِهِ الدَّيْنَ لَزِمَ الْمَدِينَ أَدَاؤُهُ إلَيْهِ. وَلَيْسَ لِلْمَدِينِ أَنْ يَقُولَ لِلْمَأْمُورِ إنِّي أَعْرِفُ أَنَّكَ قَدْ أَوْفَيْتَ الدَّيْنَ لِدَائِنِي، لَكِنْ قَدْ يُنْكِرُ الدَّائِنُ الْقَبْضَ مِنْكَ وَيَأْخُذُ الدَّيْنَ مِنِّي ثَانِيَةً وَيَمْتَنِعُ عَنْ إيفَائِهِ مَا أَعْطَى اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (74) لَكِنْ لَوْ حَضَرَ الدَّائِنُ مُؤَخَّرًا وَأَنْكَرَ اسْتِيفَائَهُ الدَّيْنَ مِنْ الْوَكِيلِ وَحَلَفَ الْيَمِينَ لَدَى عَدَمِ الْإِثْبَاتِ وَأَخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ دَيْنَهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ فَلِلْمُوَكِّلِ أَيْضًا أَنْ يَأْخُذَ مَا أَعْطَاهُ مِنْ الْوَكِيلِ. وَلَا يَمْنَعُ الْمُوَكِّلَ مِنْ الرُّجُوعِ تَصْدِيقُهُ قَوْلَ الْوَكِيلِ (أَعْطَيْتُهُ لِلدَّائِنِ) قَبْلًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَأْمُورُ وَكِيلًا بِشِرَاءِ الدَّيْنِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْآمِرِ بِمِثْلِهِ وَبِإِعْطَاءِ الثَّمَنِ مِنْ مَالِهِ فَيَسْتَطِيعُ الْمَأْمُورُ الرُّجُوعَ عَلَى الْآمِرِ فِي حَالَةِ بَقَاءِ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَى الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْآمِرِ سَالِمًا لِنَفْسِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (491 1) . أَمَّا إذَا لَمْ يَبْقَ سَالِمًا فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ، وَإِذَا بَقِيَ الْمَبِيعُ كَالْمُشْتَرَى سَالِمًا لَهُ يُؤْمَرُ حِينَئِذٍ بِتَأْدِيَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَبْقَ سَالِمًا لِضَبْطِ الْمَبِيعِ بِالِاسْتِحْقَاقِ أَوْ لِتَلَفِهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى تَأْدِيَةِ الثَّمَنِ (الْبَحْرُ بِزِيَادَةٍ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَثَلًا لَوْ أَمَرَ أَحَدٌ آخَرَ قَائِلًا أَوْفِ لِفُلَانٍ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ هِيَ بِذِمَّتِي، وَأَخْبَرَهُ الْمَأْمُورُ بِأَنَّهُ أَوْفَاهَا، وَصَدَّقَهُ الْآمِرُ بَعْدَ أَخْذِ الدَّائِنِ مِنْ الْآمِرِ بَعْدَ أَنْ عَجَزَ الْمَدِينُ عَنْ إثْبَاتِ دَفْعِ الْوَكِيلِ وَبَعْدَ حَلِفِ الْمَدِينِ الْيَمِينَ، فَلَيْسَ لِلْمَأْمُورِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى آمِرِهِ بِمَا أَوْفَاهُ. النَّوْعُ الثَّانِي: أَنْ يُعْطِيَ الْمُوَكِّلُ الشَّخْصَ الَّذِي سَيَكُونُ وَكِيلًا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَأَنْ يَأْمُرَهُ بِدَفْعِهَا لِشَخْصٍ لَهُ بِذِمَّتِهِ هَذَا الْمَبْلَغُ.
وَفِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ احْتِمَالَاتٍ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ - هُوَ أَنْ يُقِرَّ الدَّائِنُ بِأَخْذِهِ دَيْنَهُ مِنْ الْوَكِيلِ بِالْإِيفَاءِ، أَوْ يُثْبِتُ بِالشُّهُودِ الْعَادِلَةِ، أَوْ بِنُكُولِ الدَّائِنِ عَنْ الْيَمِينِ، وَفِي هَذَا الْحَالِ فَكَمَا أَنَّ الْمَدِينَ يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ يَبْرَأُ الْوَكِيلُ أَيْضًا، وَلَا تَلْزَمُ الْيَمِينُ الْوَكِيلَ الْمَذْكُورَ. الِاحْتِمَالُ الثَّانِي - هُوَ أَنْ يَدَّعِيَ الْوَكِيلُ إيفَاءَهُ الدَّيْنَ، وَمَعَ تَصْدِيقِ الْمَدِينِ الَّذِي هُوَ مُوَكِّلُهُ دَعْوَاهُ كَمُنْكِرِ الدَّائِنِ ذَلِكَ وَأَنْ يَحْلِفَ الدَّائِنُ لَدَى التَّكْلِيفِ عَلَى عَدَمِ اسْتِيفَائِهِ إيَّاهُ عِنْدَ عَدَمِ إثْبَاتِ أَخْذِ الدَّائِنِ وَقَبْضِهِ بِالْبَيِّنَةِ وَالْقَوْلُ لِلدَّائِنِ بِكَوْنِهِ لَمْ يَقْبِضْ الدَّيْنَ مَعَ الْيَمِينِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (8) . وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ الْمَدِينُ الْمُوَكِّلُ مُلْزَمًا بِأَدَاءِ دَيْنِهِ لِلدَّائِنِ. وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ يَعْنِي الْمَدِينَ الْمَذْكُورَ أَنْ يَقُولَ لِوَكِيلِهِ:(بِمَا أَنَّهُ فَهِمَ أَنَّكَ لَمْ تُعْطِ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ لِدَائِنِي فَأُرِيدُ أَنْ تُرْجِعَهُ إلَيَّ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ أَمِينٍ يَدَّعِي إيصَالَ الْأَمَانَةِ إلَى أَهْلِهَا وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ مَعَ الْيَمِينِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1774) ، وَعَلَيْهِ فَبِمَا أَنَّ الْمَدِينَ يَعْتَقِدُ بِإِنْكَارِ الدَّائِنِ الْقَبْضَ وَاسْتِيفَاءَهُ الدَّيْنَ ثَانِيَةً أَنَّهُ ظَالِمٌ وَهُوَ مَظْلُومٌ وَلَيْسَ لِلْمَظْلُومِ أَنْ يَظْلِمَ آخَرَ، أَيْ يَظْلِمَ وَكِيلَهُ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (921) . وَإِذَا اُخْتُلِفَ فِي تَعْيِينِ الشَّخْصِ فَسَيَأْتِي حُكْمُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (463 1)
الِاحْتِمَالُ الثَّالِثُ، أَنْ يَدَّعِيَ الْوَكِيلُ أَنَّهُ أَعْطَى النُّقُودَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ الْمُوَكِّلِ إلَى الدَّائِنِ، وَأَنْ يُكَذِّبَ الْمَدِينُ وَالدَّائِنُ الْوَكِيلَ الْمَذْكُورَ يَعْنِي كَمَا أَنَّ الْمَدِينَ الْمُوَكِّلَ يَقُولُ لِوَكِيلِهِ أَنْتَ لَمْ تُعْطِ النُّقُودَ لِدَائِنِي، يَقُولُ الدَّائِنُ أَيْضًا لَمْ آخُذْ دَيْنِي مِنْ الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ. وَفِي هَذَا الْحَالِ فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ بِبَرَاءَةِ نَفْسِهِ مَعَ الْيَمِينِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1774) يَعْنِي لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْوَكِيلَ تِلْكَ النُّقُودَ. وَيَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ أَيْ الْمَدِينَ أَدَاءُ دَيْنِهِ، وَتَكُونُ خَسَارَةُ النُّقُودِ الْمُعْطَاةِ لِلْوَكِيلِ عَائِدَةً عَلَى الْمَدِينِ الْمُوَكِّلِ، لَكِنْ لَا تَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الدَّائِنِ وَالْمَأْمُورِ أَيْ الْوَكِيلِ كِلَاهُمَا مَعًا، وَإِنَّمَا يُصَدِّقُ الْمَدِينُ أَوْ وَكِيلُهُ الَّذِي هُوَ الْمَأْمُورُ أَوْ دَائِنُهُ. وَعَلَيْهِ فَإِذَا صَدَّقَ ادِّعَاءَ الْمَأْمُورِ قَوْلَهُ (أَعْطَيْتُ لِلدَّائِنِ) وَكَذَّبَ قَوْلَ دَائِنِهِ بِقَوْلِهِ لَمْ أَقْبِضْ، وَلَمْ يُمْكِنْ إثْبَاتُ قَبْضِ الدَّائِنِ بِالْبَيِّنَةِ، فَيَحْلِفُ الدَّائِنُ الْيَمِينَ عَلَى كَوْنِهِ لَمْ يَقْبِضْ وَإِذَا نَكَلَ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ اسْتَوْفَى دَيْنَهُ مِنْ الْمَأْمُورِ، لِذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ ذَلِكَ تَكْرَارًا مِنْ الْمَدِينِ.
وَإِذَا صَدَّقَ ادِّعَاءَ دَائِنِهِ (لَمْ أَقْبِضْ) وَكَذَّبَ مَأْمُورَهُ فِي قَوْلِهِ (أَعْطَيْتُ الدَّائِنَ) فَيَسْتَحْلِفُ الْمَأْمُورَ عَلَى كَوْنِهِ دَفَعَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ لِلدَّائِنِ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ. فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ الْمَأْمُورُ تِجَاهَ مُوَكِّلِهِ مِنْ الْمُطَالَبَةِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (1774) . لَكِنْ يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ إعْطَاءُ دَيْنِهِ لِدَائِنِهِ. وَإِنْ نَكَلَ ضَمِنَ الْمَأْمُورُ الْمَبْلَغَ الْمَأْخُوذَ لِمُوَكِّلِهِ الَّذِي هُوَ آمِرُهُ (الْهِنْدِيَّةُ، الْبَحْرُ) . النَّوْعُ الثَّالِثُ - أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ وَكِيلًا بِأَدَاءِ الدَّيْنِ مِنْ الْمَالِ الْمَضْمُونِ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ أَوْ يَدِهِ، وَبِهَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ كَانَ الْمَالُ الَّذِي فِي يَدِ الْمَأْمُورِ مَضْمُونًا وَلَيْسَ بِمَالِ أَمَانَةٍ وَلَمْ يَصْدُقْ الْمَأْمُورُ تِجَاهَ آمِرِهِ قَوْلَهُ (قَدْ أَعْطَيْتُهُ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي أَمَرْتُ) فَيَلْزَمُهُ إثْبَاتُ ذَلِكَ بِحُجَّةٍ. مَثَلًا: لَوْ أَمَرَ الدَّائِنُ مَدِينَهُ قَائِلًا أَعْطِ دَيْنِي الَّذِي عَلَيْك لِدَائِنِي فُلَانٍ، وَادَّعَى الْمَدِينُ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّنِي أَعْطَيْتُ أَلْفَ دِرْهَمٍ الَّذِي هُوَ دَيْنِي بِنَاءً عَلَى أَمْرِكَ إلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ، وَقَالَ ذَلِكَ الشَّخْصُ: لَمْ آخُذْهُ فَيُجْبَرُ عَلَى إثْبَاتِ إعْطَائِهِ ذَلِكَ الشَّخْصَ بِالْبَيِّنَةِ، وَمَا لَمْ يُثْبِتْ لَا يَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ. إلَّا إذَا صَدَّقَ الْآمِرُ يَعْنِي الدَّائِنَ أَنَّ الْمَدِينَ قَدْ أَعْطَى ذَلِكَ الشَّخْصَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَقَرَّ بِهِ، وَيَبْرَأُ الْمَدِينُ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ مِنْ الدَّيْنِ، لَكِنْ لَا يَثْبُتُ الْقَبْضُ فِي حَقِّ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ بِتَصْدِيقِ الدَّائِنِ مَدِينَهُ بِادِّعَائِهِ ادِّعَاءَ ذَلِكَ الْمَبْلَغِ لِلشَّخْصِ الْمَذْكُورِ وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ إثْبَاتُ اسْتِيفَاءِ ذَلِكَ الشَّخْصِ بِالْبَيِّنَةِ، فَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْقَبْضِ مَعَ الْيَمِينِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ، وَيَسْتَوْفِي ذَلِكَ الشَّخْصُ دَيْنَهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ. وَإِذَا كَذَّبَ الْآمِرُ الْمَأْمُورَ فِي ادِّعَائِهِ إعْطَاءَ ذَلِكَ الشَّخْصِ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ، وَلَمْ يَسْتَطِعْ الْمَأْمُورُ الْإِثْبَاتَ أَيْضًا فَلَهُ طَلَبُ يَمِينِ الْآمِرِ. يَحْلِفُ الْآمِرُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِإِعْطَاءِ الْمَأْمُورِ الْمَبْلَغَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ فَإِنْ حَلَفَ الْآمِرُ أَخَذَ دَيْنَهُ مِنْ الْمَأْمُورِ، وَإِنْ نَكَلَ سَقَطَ الدَّيْنُ عَنْ الْمَأْمُورِ (الْهِنْدِيَّةُ) .
إيضَاحُ الِاسْتِيفَاءِ - وَالْوَكَالَةُ بِالِاسْتِيفَاءِ أَيْضًا عَلَى نَوْعَيْنِ:
يَكُونُ فِي الْأَعْيَانِ، كَالْوَكَالَةِ بِقَبْضِ الْمَبِيعِ وَالْمَأْجُورِ وَالْمُسْتَعَارِ وَالْمَرْهُونِ الْوَدِيعَةِ وَسَائِرِ الْأَمَانَاتِ. وَالْوَكَالَةُ بِالْغَصْبِ. 2 - يَكُونُ فِي الدُّيُونِ، كَالْوَكَالَةِ بِقَبْضِ وَأَخْذِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ، وَبَدَلِ الْإِجَارَةِ، وَبَدَلِ الْمَغْصُوبِ وَبَدَلِ الْمُتْلَفِ وَبَدَلِ الْمَقْرُوضِ. وَعَلَيْهِ لَوْ ادَّعَى الشَّخْصُ الَّذِي هُوَ وَكِيلٌ بِالْقَبْضِ عَلَى الْوَجْهِ السَّالِفِ أَنَّهُ قَبَضَ الدَّيْنَ وَأَعْطَاهُ لِمُوَكِّلِهِ، أَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ يُنْظَرُ. فَإِذَا كَانَ مُوَكِّلُهُ فِي زَمَنِ هَذَا الِادِّعَاءِ حَيًّا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ هَذَا بِدَفْعِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ وَيَكُونُ الْمَدِينُ بَرِيئًا أَيْضًا. وَلَوْ كَانَ الْمَدِينُ مِمَّنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ لِلْوَكِيلِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (0 170) لَكِنْ فِي حَقِّ بَرَاءَةِ الْمَدِينِ لَا فِي حَقِّ الرُّجُوعِ عَلَى الْمُوَكِّلِ، عَلَى تَقْدِيرِ الِاسْتِحْقَاقِ، حَتَّى لَوْ اسْتَحَقَّ إنْسَانٌ مَا أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِقَبْضِهِ وَضَمِنَ الْمُسْتَحَقَّ الْوَكِيلُ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى مُوَكِّلِهِ، (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا كَانَ الْمُوَكِّلُ قَدْ تُوُفِّيَ، فَيُقْبَلُ فِي حَقِّ بَرَاءَةِ نَفْسِهِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ كُلَّ أَمِينٍ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِإِيصَالِهِ الْأَمَانَةَ إلَى مُسْتَحِقِّهَا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (4631) . كَالْمُسْتَوْدَعِ وَالْوَكِيلِ وَالنَّاظِرِ. لَكِنَّ قَوْلَ هَذَا لَا يَسْرِي عَلَى الدَّائِنِ الَّذِي هُوَ مُوَكِّلُهُ، وَلَا يُحْكَمُ بِكَوْنِ الدَّائِنِ قَدْ أَخَذَ دَيْنَهُ إلَّا إذَا ثَبَتَ بِتَصْدِيقِ وَرَثَةِ الْمُوَكِّلِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ قَبْضُ الْوَكِيلِ فِي حَيَاةِ الْمُوَكِّلِ. وَاخْتِلَافُ الْأَحْكَامِ الْوَاقِعِ بَيْنَ حَيَاةِ الْمُوَكِّلِ وَمَمَاتِهِ نَشَأَ عَنْ الْقَاعِدَتَيْنِ الْآتِيَتَيْنِ: الْقَاعِدَةُ الْأُولَى، كُلُّ مَنْ حَكَى أَمْرًا أَوْ أَخْبَرَ بِهِ وَكَانَ غَيْرَ مُقْتَدِرٍ عَلَى إنْشَاءِ وَاسْتِئْنَافِ ذَلِكَ الْأَمْرِ فِي وَقْتِ الْإِخْبَارِ أَيْ لَمْ يَكُنْ مُقْتَدِرًا عَلَى إيجَادِهِ تَكْرَارًا فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْحِكَايَةُ مُتَضَمِّنَةً إيجَابَ ضَمَانِ الْغَيْرِ فَلَا يُصَدَّقُ. وَإِذَا كَانَتْ مُتَضَمِّنَةً دَفْعَ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ يُصَدَّقُ.
الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ - كُلُّ مَنْ حَكَى أَمْرًا وَكَانَ مُقْتَدِرًا عَلَى اسْتِئْنَافِهِ فِي حَالِ حِكَايَتِهِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَوْ وَجَبَ الضَّمَانُ عَلَى الْغَيْرِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ: قَبَضْت الدَّيْنَ مِنْ الْمَدْيُونِ وَأَعْطَيْتُهُ لِلْمُوَكِّلِ وَمُوَكِّلُهُ عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ وَالْوَكَالَةُ بَاقِيَةٌ فِي عُهْدَتِهِ فَيَكُونُ قَدْ حَكَى وَأَخْبَرَ بِشَيْءٍ مُقْتَدِرٍ عَلَى عَمَلِهِ فِي حَالِ حِكَايَتِهِ وَعَلَى هَذَا فَبِمَا أَنَّ الْوَكَالَةَ بَاقِيَةٌ فَلَهُ الْقَبْضُ أَيْضًا فِي حَالِ حِكَايَتِهِ إلَى مُوَكِّلِهِ وَتَسْلِيمِهِ. وَمَعَ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحِكَايَةِ إيجَابٌ لِضَمَانِ الْغَيْرِ أَيْ الْمُوَكِّلِ، (اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ 158) وَمَعَ أَنَّهُ قَدْ قَبِلَ الْقَوْلَ وَسَرَى عَلَى الْغَيْرِ أَيْضًا أَيْ عَلَى الْمُوَكِّلِ. أَمَّا إذَا تُوُفِّيَ مُوَكِّلُهُ فَبِمَا أَنَّهُ لَا تَبْقَى وَكَالَةُ الْوَكِيلِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (1527) . فَلَوْ قَالَ الْوَكِيلُ بَعْدَ ذَلِكَ: إنَّنِي قَبَضْتُ الدَّيْنَ وَأَعْطَيْتُهُ لِمُوَكَّلِي فَلَمَّا كَانَ غَيْرَ مُقْتَدِرٍ عَلَى عَمَلِ الشَّيْءِ الَّذِي أَخْبَرَ بِهِ حَالَ حِكَايَتِهِ إيَّاهُ فَقَدْ قُسِّمَ حُكْمُ هَذَا الْإِخْبَارِ إلَى قِسْمَيْنِ: أَوَّلُهُمَا، بَرَاءَةُ نَفْسِ الْوَكِيلِ، وَيُصَدَّقُ الْوَكِيلُ فِي هَذَا الْخُصُوصِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (463 1) أَمِينٌ وَلَا تَبْطُلُ الْأَمَانَةُ وَإِنْ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ لِوَفَاةِ الْمُوَكِّلِ؛ فَلِذَلِكَ لَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ الْمَذْكُورَ ضَمَانُ الْمَقْبُوضِ.
وَلَيْسَ لِلْمَدِينِ مُرَاجَعَةُ هَذَا الْوَكِيلِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ وَرَثَةَ الدَّائِنِ تَكُونُ قَدْ ظَلَمَتْ الْمَدِينَ لِأَخْذِهَا الدَّيْنَ مَرَّةً ثَانِيَةً حَالَ كَوْنِ مُوَرِّثِهِمْ الدَّائِنِ قَدْ اسْتَوْفِي ذَلِكَ الدَّيْنَ بِوَاسِطَةِ وَكِيلِهِ؛ فَلِذَلِكَ لَيْسَ لِلْمَظْلُومِ وَهُوَ الْمَدِينُ أَنْ يَظْلِمَ غَيْرَهُ أَيْ يَظْلِمَ الْوَكِيلَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (921) ثَانِيهَا، وَإِيجَابُ الضَّمَانِ لِلْغَيْرِ يَعْنِي لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ:(أَخَذْت الدَّيْنَ وَسَلَّمْته إلَى مُوَكَّلِي الدَّائِنِ) فَفِي حِكَايَتِهِ هَذِهِ إلْزَامُ الْمُوَكِّلِ الْمُتَوَفَّى بِالضَّمَانِ؛ وَلِأَنَّ الدُّيُونَ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا، إذْ يَثْبُتُ لِلْمَدِينِ فِي ذِمَّةِ الدَّائِنِ مِثْلُ مَطْلُوبِ الدَّائِنِ وَيَكُونُ تَقَاصَّا بَيْنَ الدَّيْنَيْنِ بِنَاءً عَلَيْهِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ هَذَا عَلَى الْمُوَكِّلِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَيَلْزَمُ وَرَثَةَ الْمَدِينِ إثْبَاتُ دَفْعِهِ إلَى الدَّائِنِ وَتَسْلِيمِهِ إلَيْهِ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ، وَالطَّحْطَاوِيُّ، وَالْأَنْقِرْوِيُّ، وَالْبَهْجَةُ، الْبَحْرُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْخَيْرِيَّةُ فِي أَوَّلِ الْوَكَالَةِ بِزِيَادَةٍ وَإِيضَاحٍ) وَسَنَذْكُرُ بَعْضَ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْوَكَالَةِ بِقَبْضٍ فِي شَرْحِ مِثَالِ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَهَذِهِ الْمَادَّةُ ضَابِطٌ لِلْمُوَكَّلِ بِهِ لَيْسَ بِتَعْرِيفٍ لَهُ بِنَاءً عَلَيْهِ لَا يُنْتَقَضُ هَذِهِ بِتَوْكِيلِ أَحَدٍ آخَرَ بِمَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَعْمَلَهُ بِالذَّاتِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1449) ؛ لِأَنَّ إبْطَالَ الْقَوَاعِدِ يَكُونُ بِإِبْطَالِ الطَّرْدِ أَيْ بِإِبْطَالِ التَّلَازُمِ فِي الثُّبُوتِ وَلَيْسَ بِإِبْطَالِ الْعَكْسِ أَيْ إبْطَالِ التَّلَازُمِ فِي الِانْتِفَاءِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) الطَّرْدُ: هُوَ مَا يُوجِبُ الْحُكْمَ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ وَهُوَ التَّلَازُمُ فِي الثُّبُوتِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) الْعَكْسُ: هُوَ التَّلَازُمُ فِي الِانْتِفَاءِ بِمَعْنَى كُلَّمَا لَمْ يَصْدُقْ الْحَدُّ لَمْ يَصْدُقْ الْمَحْدُودُ، وَقِيلَ الْعَكْسُ عَدَمُ الْحُكْمِ لِعَدَمِ الْعِلَّةِ (تَعْرِيفَاتُ السَّيِّدِ) مَثَلًا: إبْطَالُ قَاعِدَةِ (كُلُّ إنْسَانٍ نَاطِقٌ) يَكُونُ بِأَدَاةِ بَعْضِ مَنْ لَمْ يَكُنْ نَاطِقًا مِنْ بَنِي الْإِنْسَانِ وَلَا يَحْصُلُ بِأَدَاةِ بَعْضِ الْحَيَوَانَاتِ النَّاطِقَةِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ بَنِي الْإِنْسَانِ يَرُدُّ عَلَى قَوْلِهِمْ يُوَكِّلُ مَا يُبَاشِرُهُ بِنَفْسِهِ مِمَّا يَمْلِكُهُ أَنَّهُ عَلَى غَيْرِ مُطَّرِدٍ وَلَا مُنْعَكِسٍ، وَمَعَ أَنَّ الَّذِي يَمْلِكُ بَيْعَ الْخَمْرِ وَلَا يَمْلِكُ تَوْكِيلَ الْمُسْلِمِ فِيهِ وَالْمُسْلِمُ لَا يَمْلِكُ بَيْعَ الْخَمْرِ وَيُوَكِّلُ الذِّمِّيَّ فِيهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الذِّمِّيَّ وَإِنْ مَلَكَ التَّصَرُّفَ لَا يَمْلِكُ تَوْكِيلَ الْمُسْلِمَ؛ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَالْمُسْلِمُ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي الْخَمْرِ لِعَارِضِ النَّهْيِ، وَأَمَّا أَصْلُ التَّصَرُّفِ وَهُوَ الْبَيْعُ فَجَائِزٌ، وَلِذَلِكَ ' صَحَّ تَوْكِيلُ الذِّمِّيِّ بَيْعَهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) مُسْتَثْنَيَاتُ هَذَا الضَّابِطِ: يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الضَّابِطِ ثَلَاثَةُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى الْمُبَاحَاتُ، وَيَعْنِي: التَّوْكِيلُ فِي الْمُبَاحَاتِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَلَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِالِاحْتِطَابِ يَعْنِي بِجَمْعِ الْحَطَبِ مِنْ الْجَبَلِ الْمُبَاحَةِ وَبِالِاحْتِشَاشِ أَيْ يَجْمَعُ الْحَشِيشَ وَإِخْرَاجِ الْجَوَاهِرِ وَالْمَعَادِنِ مِنْ الْأَرْضِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ حَتَّى إنَّ مَا يُحَصِّلُهُ الْوَكِيلُ يُعَدُّ مَالًا لَهُ لَيْسَ لِمُوَكَّلِهِ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1333)(الْهِنْدِيَّةُ وَتَكْمِلَهُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) فَهَا هُوَ لَمْ يُجِزْ أَنْ يُوَكِّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِالِاحْتِطَابِ مَعَ أَنَّ لَهُ الْحَقَّ فِي أَنْ يَحْتَطِبَ بِنَفْسِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ، الِاسْتِقْرَاضُ، يَعْنِي أَنَّ الْوَكَالَةَ بِالِاسْتِقْرَاضِ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ الْمِلْكِيَّةَ فِي الْقَرْضِ لَيْسَتْ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، وَتَثْبُتُ بِالْقَبْضِ فَقَطْ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَصِحُّ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَأْمُرَ وَكِيلَهُ بِحَقِّ قَبْضِ الْمَقْرُوضِ؛ لِأَنَّ الْمَقْرُوضَ مِلْكٌ لِلْغَيْرِ، وَالْأَمْرُ الَّذِي عَلَى سَبِيلِ الْقَبْضِ وَالتَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بَاطِلٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ فِيهِ لَا يَجِبُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْمُسْتَقْرِضِ بِالْعَقْدِ بَلْ بِالْقَبْضِ وَالْأَمْرُ بِالْقَبْضِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُ الْغَيْرِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ حُكْمَهُ يَثْبُتُ بِالْعَقْدِ فَيَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ فِيهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَوْ كَانَ أَحَدٌ وَكِيلًا بِالِاسْتِقْرَاضِ وَأَضَافَ الْقَرْضَ إلَى نَفْسِهِ نَفَذَ هَذَا الْعَقْدُ عَلَى الْوَكِيلِ وَكَانَ الْقَرْضُ عَائِدًا عَلَى الْوَكِيلِ. وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْوَكِيلِ جَبْرًا (الْبَحْرُ) . مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ (اذْهَبْ إلَى الشَّخْصِ الْفُلَانِيِّ وَاسْتَقْرَضَ لِي مِنْهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ) وَذَهَبَ ذَلِكَ الشَّخْصُ إلَى الْمُسْتَقْرَضِ مِنْهُ وَقَالَ لَهُ: أَقْرِضْنِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ. وَاسْتَقْرَضَ بِإِضَافَةِ الْقَرْضِ إلَى نَفْسِهِ كَانَ هَذَا الْمَبْلَغُ مِلْكًا لِلْوَكِيلِ. وَإِذَا هَلَكَ فِي يَدِهِ عَادَتْ الْخَسَارَةُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ، وَلَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ إلَى مُوَكِّلِهِ، (الطَّحْطَاوِيُّ الْهِنْدِيَّةُ) لَكِنَّ الرِّسَالَةَ بِالِاسْتِقْرَاضِ صَحِيحَةٌ يَعْنِي لَوْ كَانَ أَحَدٌ وَكِيلًا بِالِاسْتِقْرَاضِ وَأَضَافَ ذَلِكَ الْوَكِيلُ الْعَقْدَ حِينَ الِاسْتِقْرَاضِ إلَى مُوَكِّلِهِ صَحَّ وَكَانَ الْقَرْضُ لِمُوَكِّلِهِ (الْبَحْرُ) . فَلَوْ أَعْطَى أَحَدٌ آخَرَ كِتَابًا قِيمَتُهٌ أَلْفَ قِرْشٍ وَقَالَ: اقْصِدْ إلَى فُلَانٍ أَعْطِهِ هَذَا الْكِتَابَ وَاسْتَقْرِضْ مِنْهُ لِأَجْلِي أَلْفَ قِرْشٍ وَارْهَنْ هَذَا الْكِتَابَ فِي مُقَابِلِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ وَبَعْد أَنْ وَكَّلَ ذَلِكَ الشَّخْصَ بِالِاسْتِقْرَاضِ وَالرَّهْنِ، أَيْ بَعْدَ أَنْ عَيَّنَهُ رَسُولًا فَقَصَدَ إلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ وَقَالَ لَهُ: إنَّ فُلَانًا يَطْلُبُ مِنْك أَنْ تُقْرِضَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَيُرْهِنَ عِنْدَك هَذَا الْكِتَابَ فِي مُقَابِلِ ذَلِكَ. وَأَقْرَضَ ذَلِكَ الشَّخْصُ، كَانَ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ مِلْكًا لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَيْ الْمُسْتَقْرِضِ. وَيَكُونُ الْكِتَابُ مَرْهُونًا مِنْ قِبَلِهِ، وَيَكُونُ تَخْلِيصُ ذَلِكَ الرَّهْنِ وَظِيفَةُ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَلَيْسَ وَظِيفَةُ الرَّسُولِ. لَكِنْ لَوْ أَضَافَ الرَّسُولُ الْقَرْضَ وَكَذَا الرَّهْنَ إلَى نَفْسِهِ، يَعْنِي لَوْ قَصَدَ إلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ وَقَالَ لَهُ: أَقْرِضْنِي أَلْفَ قِرْشٍ وَخُذْ فِي مُقَابِلِ الْمَبْلَغِ هَذَا الْكِتَابَ رَهْنًا، وَقَبِلَ ذَلِكَ الشَّخْصُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَانَ الْأَلْفُ قِرْشٍ مِلْكًا لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَلَيْسَ لِلْمُرْسِلِ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ.
وَيَضْمَنُ الرَّسُولُ ذَلِكَ الْكِتَابَ، فَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ كَانَ الْمُرْسِلُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمِنَ قِيمَةَ الْكِتَابِ الْحَقِيقِيَّةَ لِلرَّسُولِ الرَّاهِنِ، وَإِنْ شَاءَ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ الْمُرْتَهِنِ فَإِذَا ضَمِنَ الْأَوَّلُ جَازَ الرَّهْنُ وَسَقَطَ الدَّيْنُ، وَإِنْ ضَمِنَ الثَّانِي أَخَذَ دَيْنَهُ، وَقِيمَةَ الْكِتَابِ مِنْ ذَلِكَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (658)(الْهِنْدِيَّةُ) . لَوْ بَيَّنَ الشَّخْصُ الَّذِي هُوَ رَسُولٌ لِلِاسْتِقْرَاضِ أَنَّهُ أَخَذَ النُّقُودَ مِنْ الْمُقْرِضِ، وَصَدَّقَهُ الْمُقْرِضُ أَيْضًا لَكِنْ أَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ يَعْنِي الْمُرْسِلَ قَبْضَ الرَّسُولِ، كَانَ الْقَوْلُ لِلْمُرْسِلِ، (الْأَنْقِرْوِيُّ) وَلَا يَلْزَمُ الْمُرْسِلَ الضَّمَانُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الرَّسُولِ قَبَضْتُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ، الْيَمِينُ، يَعْنِي لِمَنْ تَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ بِهَا. لَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِإِجْرَاءِ هَذَا الْيَمِينِ يَعْنِي لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: قَدْ وَكَّلْتُكَ عَلَى أَنْ تَحْلِفَ الْيَمِينَ مِنْ طَرَفِي فَلَا يَجُوزُ.
اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1745) وَيُرَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الشَّخْصَ مَعَ أَنَّ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ الْيَمِينَ بِالذَّاتِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِأَدَائِهَا (الْبَحْرُ) مَثَلًا يَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالسَّلَمِ وَالْفَرَاغِ وَالتَّفَرُّغِ وَتَأْجِيلِ الثَّمَنِ وَالْإِيجَارِ وَالِاسْتِئْجَارِ وَالرَّهْنِ وَالِارْتِهَانِ وَالْإِيدَاعِ وَالِاسْتِيدَاعِ وَالْهِبَةِ وَالِاتِّهَابِ وَالصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ وَالْإِقْرَارِ وَالدَّعْوَى وَطَلَبِ الشُّفْعَةِ وَإِيفَاءِ الدُّيُونِ وَاسْتِيفَائِهَا وَقَبْضِ مَالِهِ وَبِالْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْإِعَارَةِ وَالِاسْتِعَارَةِ وَالرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَةِ وَإِعْطَاءِ الصَّدَقَةِ وَالْإِقْرَاضِ، وَأَنْ يُوَكِّلَ آخَرَ بِأَنْ يُوَكِّلَ مِنْ طَرَفِهِ الشَّخْصَ الْفُلَانِيَّ بِالْخُصُوصِ الْفُلَانِيِّ وَبِالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالتَّقْسِيمِ كَانَ جَائِزًا. حَتَّى إنَّ الْمُوَكِّلَ لَوْ نَدِمَ عَلَى تَوْكِيلِهِ الْوَكِيلَ بَعْدَ أَنْ قَامَ بِالْمُوَكَّلِ بِهِ فَلَا يَسْتَفِيدُ، وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ عَلَى الْمُوَكِّلِ. مَثَلًا لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ الْمُرَافَعَةَ وَالْخُصُومَةَ فَنَدِمَ الْمُوَكِّلُ بَعْدَ أَنْ لَحِقَ الْوَكِيلَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ لَدَى الْمُرَافَعَةِ فَقَالَ: لَسْتُ رَاضِيًا عَنْ هَذِهِ الْمُرَافَعَةِ فَلْتُجْرَ الْمُرَافَعَةُ مَعِي فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى كَلَامِهِ (الْبَهْجَةُ) كَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِإِبْرَاءِ أَحَدٍ مِنْ دَعْوَاهُ الْمُتَعَلِّقَةِ بِخُصُوصٍ مَا، وَبَعْدَ أَنْ أَبْرَأَ الْوَكِيلُ الشَّخْصَ الْمَذْكُورَ مِنْ الْخُصُوصِ الْمَذْكُورِ بِالْإِضَافَةِ إلَى مُوَكِّلِهِ نَدِمَ الْمُوَكِّلُ عَلَى تَوْكِيلِهِ ذَلِكَ الشَّخْصَ فَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ الِادِّعَاءَ بِالْخُصُوصِ الْمَذْكُورِ بَعْدُ، (هَامِشُ الْبَهْجَةِ) كَذَلِكَ لَوْ نَدِمَ الْمُوَكِّلُ بَعْدَ أَنْ بَاعَ وَكِيلُهُ بِالْبَيْعِ مَالَهُ بِحَسَبِ الْوَكَالَةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ (الْبَهْجَةُ) كَذَلِكَ لَوْ أَقْرَضَ الْوَكِيلُ بِالْإِقْرَاضِ الْمَبْلَغَ الْمَأْمُورَ بِإِقْرَاضِهِ لِلْمُسْتَقْرِضِ وَفَرَّ الْمُسْتَقْرِضُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ فَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يُضَمِّنَ الْوَكِيلَ الْمَبْلَغَ الْمَقْرُوضَ (التَّنْقِيحُ) .
لَكِنْ يَلْزَمُ لِصِحَّةِ الْوَكَالَةِ أَيْ لِعَدَمِ بُطْلَانِهَا أَنْ يَكُونَ الْمُوَكَّلُ بِهِ مَعْلُومًا وَغَيْرَ مَجْهُولٍ جَهَالَةً فَاحِشَةً، عَلَى مَا سَيُبَيَّنُ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ، بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا كَانَ الْمُوَكَّلُ بِهِ مَجْهُولًا جَهَالَةً فَاحِشَةً لَا تَجُوزُ الْوَكَالَةُ، أَوْ رَدَّ عَلَيْهِ التَّوْكِيلَ بِالْعَامِّ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مَعْلُومٌ فِي الْمَجَلَّةِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا كَمَنْ كَثُرَتْ مُعَامَلَاتُهُ بَطَلَ التَّوْكِيلُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ آخَرَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، وَقَالَ لَهُ: خُذْ لِأَجْلِي شَيْئًا بِهَا لَا تَكُونُ الْوَكَالَةُ هَذِهِ جَائِزَةً؛ لِأَنَّ الْمَالَ لِلْمُوَكَّلِ بِهِ الَّذِي سَيَشْتَرِي مَجْهُولًا (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) فَلَوْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ فَرَسًا بِإِضَافَتِهِ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِ الْمُوَكَّلِ إلَيْهِ بَقِيَ الْفَرَسُ مَالًا لِلْوَكِيلِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1453) .
أَمَّا الْجَهْلُ بِالْمُوَكَّلِ بِهِ جَهَالَةً يَسِيرَةً لَا يَضُرُّ بِالْوَكَالَةِ، فَلَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: بِعْ فَرَسِي هَذَا أَوْ ذَاكَ، وَبَاعَ الْآخَرُ أَحَدَهُمَا جَازَ. كَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ عَلَيْهِ لِكُلٍّ مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو عَشَرَةَ دَنَانِيرَ إلَى بَكْرٍ وَقَالَ: أَعْطِهَا إلَى زَيْدٍ أَوْ عَمْرٍو، وَأَعْطَاهَا الْآخَرُ إلَى أَحَدِهِمَا جَازَ
(تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَقَدْ صَارَ تَعْدَادُ الْأُمُورِ الَّتِي يَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِهَا مَتْنًا وَشَرْحًا، فَبَلَغَتْ سَبْعَةً وَثَلَاثِينَ، عَلَى أَنَّ الْأُمُورَ الَّتِي يَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِهَا لَا تَنْحَصِرُ فِيمَا ذُكِرَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلْنُبَادِرْ الْآنَ إلَى إيضَاحِ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ فِيمَا يَلِي. الْبَيْعُ - سَيُوَضَّحُ فِي الْمَادَّةِ (1494) وَمَا يَتْلُوهَا مِنْ الْمَوَادِّ. الشِّرَاءُ - سَيُفَصَّلُ فِي الْمَادَّةِ (1468) وَمَا يَتْبَعُهَا.
السَّلَمُ - يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِالسَّلَمِ. مَثَلًا لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ آخَرَ عِشْرِينَ دِينَارًا وَقَالَ لَهُ: أَعْطِنِي بِهَذِهِ الْعِشْرِينَ دِينَارًا مِائَةَ صَاعٍ مِنْ الْحِنْطَةِ سَالِمًا وَأَعْطَاهُ جَازَ. أَمَّا التَّوْكِيلُ بِقَبُولِ عَقْدِ السَّلَمِ فَلَا يَجُوزُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
الْفَرَاغُ وَالتَّفَرُّغُ - يَجُوزُ تَوْكِيلُ آخَرَ بِالْفَرَاغِ سَوَاءٌ أَكَانَ بِالْأَرَاضِيِ الْأَمِيرِيَّةِ أَمْ الْمُسْتَغَلَّاتِ الْمَوْقُوفَةِ الَّتِي يُتَصَرَّفُ بِهَا بِالْإِجَارَتَيْنِ. فَرَاغُ الْأَرَاضِي - يُعْتَبَرُ فَرَاغُ الْوَكِيلِ بِالْفَرَاغِ الْوَاقِعِ بِإِذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ، فَلَوْ نَدِمَ الْمُوَكِّلُ بَعْدَ الْفَرَاغِ فَلَيْسَ لَهُ نَقْضُ الْفَرَاغِ. وَإِذَا تَفَرَّغَ الْوَكِيلُ بِالْفَرَاغِ بِالْأَرَاضِيِ لِأَحَدٍ، وَتَفَرَّغَ الْمُوَكِّلُ لِآخَرَ بِتِلْكَ الْأَرَاضِي فَأَيُّ الْفَرَاغَيْنِ كَانَ الْمُقَدَّمَ كَانَ هُوَ الْمُعْتَبَرَ. فَإِذَا تَفَرَّغَ الْوَكِيلُ بَعْدَ أَنْ تَفَرَّغَ الْمُوَكِّلُ يُعْتَبَرُ فَرَاغُ الْوَكِيلِ. وَمَتَى تَفَرَّغَ الْمُوَكِّلُ يُصْبِحُ الْوَكِيلُ عَاجِزًا عَجْزًا مُسْتَمِرًّا عَنْ الْقِيَامِ بِلَوَازِمِ الْوَكَالَةِ وَبِنَاءً عَلَيْهِ يَكُونُ مُنْعَزِلًا مِنْ الْوَكَالَةِ.
كَذَلِكَ لَوْ تَفَرَّغَ الْوَكِيلُ أَوَّلًا وَالْمُوَكِّلُ بَعْدَهُ فَلَا يُعْتَبَرُ فَرَاغُ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الْأَرَاضِيَ قَدْ خَرَجَتْ مِنْ تَصَرُّفِ الْمُوَكِّلِ بِالْفَرَاغِ الْأَوَّلِ وَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ أَيُّ الْفَرَاغَيْنِ كَانَ الْمُقَدَّمُ مِنْهُمَا، اُعْتُبِرَ فَرَاغُ الْمُوَكِّلِ هُوَ الْمُقَدَّمُ وَالْوَكِيلُ بِالْفَرَاغِ عَلَى الْإِطْلَاقِ لَهُ أَنْ يَتَفَرَّغَ بِالْأَرَاضِيِ بِالثَّمَنِ الَّذِي يَرَاهُ مُنَاسِبًا كَثِيرًا كَانَ أَمْ قَلِيلًا، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1494) وَلَيْسَ لِمُوَكِّلِهِ أَنْ يَقُولَ لَا أَقْبَلُ هَذَا الْفَرَاغَ، لَكِنْ لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: تَفَرَّغْ بِكَذَا فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ التَّفَرُّغُ بِأَنْقَصَ، وَإِنْ فَعَلَ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ مُوَكِّلِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1495) كَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنْ يَتَفَرَّغَ مَجَّانًا. وَإِنْ فَعَلَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْسِكَ مُوَكِّلَهُ، وَلِلْمُوَكِّلِ أَنْ يُعْطِيَهَا بِطَابُو الْمَصْلِ لِآخَرَ.
وَإِذَا كَانَ الْوَكِيلُ بِالْفَرَاغِ شَخْصَيْنِ وَتَفَرَّغَ أَحَدُهُمَا فَلَا يُعْتَبَرُ الْفَرَاغُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 1465) لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالْفَرَاغِ أَنْ يَتَفَرَّغَ بِأَرَاضِي مُوَكِّلِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِمَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ إلَيْهِمْ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1700) إلَّا أَنْ يَتَفَرَّغَ لِآخَرَ بِزِيَادَةٍ فِي الثَّمَنِ أَوْ أَنْ يَقُولَ الْمُوَكِّلُ (تَفَرَّغْ لِمَنْ شِئْت) وَحِينَئِذٍ يَجُوزُ التَّفَرُّغُ لِمَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ إلَيْهِمْ. أَمَّا لِشَخْصِهِ أَيْ لِنَفْسِهِ فَلَا يَجُوزُ التَّفَرُّغُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ شَخْصٌ وَاحِدٌ. وَلِوَكِيلٍ التَّفَرُّغُ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَنْ يَتَفَرَّغَ بِأَرَاضِي مُوَكِّلِهِ بِثَمَنٍ مُعَجَّلٍ، أَوْ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ إلَى أَجَلٍ مَعْرُوفٍ بَيْنَ النَّاسِ، وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَتَفَرَّغَ بِالْأَرَاضِيِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ إلَى مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ مُخَالَفَةً لِلْعُرْفِ وَالْعَادَةِ كَعِشْرِينَ سَنَةٍ مَثَلًا كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ إذَا كَانَ مُوَكَّلًا بِالتَّفَرُّغِ بِثَمَنٍ مُعَجَّلٍ سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً أَنْ يَتَفَرَّغَ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ. لَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ بِالتَّفَرُّغِ عَلَى أَدَاءِ بَدَلِ التَّفَرُّغِ مِنْ مَالِهِ فِي حَالِ عَدَمِ قَبْضِهِ إيَّاهُ مِنْ الْمُتَفَرَّغِ لَهُ اُنْظُرْ الْمَوَادَّ (الـ 1494، 1495، 1496، 1497، 1498، 1502) .
لَوْ تَفَرَّغَ الْوَكِيلُ بِالْفَرَاغِ بَعْدَ زَوَالٍ فَلَا يَنْفُذُ فَرَاغُهُ، إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْعَزْلُ قَدْ لَحِقَ بِعِلْمِ الْوَكِيلِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ تَفَرَّغَ الْوَكِيلُ بَعْدَ عِلْمِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ أَمَّا لَوْ تَفَرَّغَ بَعْدَ الْعَزْلِ وَقَبْلَ لُحُوقِ الْعِلْمِ كَانَ مُعْتَبَرًا. لَوْ تَفَرَّغَ الْوَكِيلُ بِالتَّفَرُّغِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ فَلَا يُعْتَبَرُ سَوَاءٌ أَلَحِقَ عِلْمَهُ وَفَاةُ الْمُوَكِّلِ أَمْ لَا. تَفَرُّغُ الْأَرَاضِي: لِلشَّخْصِ الَّذِي وُكِّلَ بِالتَّفَرُّغِ بِالْأَرَاضِيَ مِنْ دُونِ تَعْيِينِ بَدَلٍ مِنْ طَرَفِ الْمُوَكِّلِ التَّفَرُّغُ بِبَدَلِ مِثْلِهِ وَبِالْغَبْنِ الْيَسِيرِ: أَمَّا إذَا تَفَرَّغَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1482) . لَيْسَ لِمَنْ وُكِّلَ بِالتَّفَرُّغِ أَوْ تَفْوِيضِ أَرْضٍ مُعَيَّنَةٍ فَرَاغُهَا لِنَفْسِهِ.
وَإِنْ فَعَلَ فَلَا تَكُونُ لَهُ وَتَكُونُ لِمُوَكِّلِهِ يَعْنِي يَنْزِعُ الْمُوَكِّلُ بِرَأْيِ صَاحِبِ الْأَرْضِ تِلْكَ الْأَرْضَ مِنْ عُهْدَةِ الْوَكِيلِ وَيَأْخُذُ سَنَدَ طَابُو عَلَى اسْمِهِ، إلَّا أَنَّ الْوَكِيلَ الْمَذْكُورَ إذَا تَفَرَّغَ بِالْأَرْضِ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي عَيَّنَهُ لَهُ الْمُوَكِّلُ فَكَمَا تَبْقَى فِي عُهْدَةِ الْوَكِيلِ فَإِذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْمُوَكِّلُ بَدَلًا وَفَرَّغَهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ بَقِيَتْ أَيْضًا فِي عُهْدَةِ الْوَكِيلِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1485) فَرَاغُ الْمُسْتَغَلَّاتِ: يُعْتَبَرُ فَرَاغُ الْوَكِيلِ بِالْفَرَاغِ الْوَاقِعِ بِرَأْيِ الْمُتَوَلِّي. وَإِذَا نَدِمَ الْمُوَكِّلُ بَعْدَ الْفَرَاغِ فَلَيْسَ لَهُ نَقْضُ الْفَرَاغِ. وَلِمَنْ وُكِّلَ بِالْفَرَاغِ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَرَاغُ مُسْتَغَلِّ مُوَكِّلِهِ بِالْبَدَلِ الَّذِي يَرَاهُ مُنَاسِبًا كَثِيرًا كَانَ أَوْ قَلِيلًا. وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَقُولَ لَا أَقْبَلُ.
أَمَّا لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: تَفَرَّغْ بِكَذَا فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ التَّفَرُّغُ بِأَنْقَصَ مِنْهُ. وَإِنْ فَعَلَ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ مُوَكِّلِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1495) . أَمَّا بِأَكْثَرَ مِنْهُ فَلَهُ التَّفَرُّغُ. لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالتَّفَرُّغِ فَرَاغُ الْمُسْتَغَلِّ الَّذِي وُكِّلَ بِالتَّفَرُّغِ بِهِ لِنَفْسِهِ كَذَلِكَ لَهُ أَنْ يَتَفَرَّغَ لِمَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ إلَيْهِمْ كَالْأَوْلَادِ وَالْأَبَوَيْنِ وَالزَّوْجَةِ. لَكِنْ لَوْ وَكَّلَهُ الْمُوَكِّلُ بِأَنْ يَتَفَرَّغَ لِأَحَدِهِمَا وَعَمَّمَ الْوَكَالَةَ بِقَوْلِهِ لَهُ أَفْرِغْهُ لِمَنْ شِئْت، فَلَهُ أَنْ يَتَفَرَّغَ لَهُمْ. لَوْ تَفَرَّغَ الْوَكِيلُ بِالتَّفَرُّغِ بَعْدَ الْعَزْلِ فَلَا يُعْتَبَرُ لَكِنْ يُشْتَرَطُ لُحُوقُ خَبَرِ الْعَزْلِ عِلْمَ الْوَكِيلِ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ تَفَرَّغَ بَعْدَ الْعَزْلِ وَقَبْلَ الْعِلْمِ بِالْعَزْلِ كَانَ التَّفَرُّغُ صَحِيحًا وَمُعْتَبَرًا. وَإِذَا تَفَرَّغَ الْوَكِيلُ بِالتَّفَرُّغِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ فَلَا يُعْتَبَرُ سَوَاءٌ أَلَحِقَ عِلْمَهُ وَفَاةُ الْمُوَكِّلِ أَمْ لَمْ يَلْحَقْهُ. فَرَاغُ الْمُسْتَغَلَّاتِ: وَإِذَا تَفَرَّغَ الْوَكِيلُ بِالتَّفَرُّغِ بِعَقَارِ وَقْفٍ ذِي إجَارَتَيْنِ بِدُونِ تَعْيِينِ بَدَلٍ لَهُ مِنْ طَرَفِ الْمُوَكِّلِ فِي مُقَابِلِ بَدَلٍ زَائِدٍ زِيَادَةً فَاحِشَةً عَنْ بَدَلِ مِثْلِ ذَلِكَ الْعَقَارِ لِأَجْلِ الْمُوَكِّلِ فَلَا يَنْفُذُ هَذَا الْفَرَاغُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1482) . لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِفَرَاغِ عَقَارِ وَقْفٍ مُعَيَّنٍ ذِي إجَارَتَيْنِ فِي مُقَابِلِ بَدَلٍ كَذَا دِرْهَمًا، وَبَعْدَ ذَلِكَ
فَرَّغَ الْوَكِيلُ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي الْعَقَارَ فِي مُقَابِلِ بَدَلٍ بِذَلِكَ الْمِقْدَارِ مِنْ الدَّرَاهِمِ، وَاسْتَحْصَلَ عَلَى سَنَدٍ بِاسْمِهِ، فَلِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَنْزِعَ ذَلِكَ الْعَقَارَ مِنْ عُهْدَةِ الْوَكِيلِ بِرَأْيِ الْمُتَوَلِّي وَيُبْطِلَ السَّنَدَ وَيَحْصُلَ عَلَى سَنَدٍ بِاسْمِهِ.
تَأْجِيلُ الثَّمَنِ - التَّوْكِيلُ بِتَأْجِيلِ الثَّمَنِ عَلَى الْإِطْلَاقِ صَحِيحٌ، بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ أَجَّلَ الْوَكِيلُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ شَهْرًا أَوْ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ صَحَّ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ.
وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَيُصْرَفُ هَذَا الْإِطْلَاقُ إلَى الْمُتَعَارَفِ (الْبَحْرُ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (43) .
الْإِيجَارُ - لِمَنْ وُكِّلَ بِالْإِيجَارِ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَنْ يُؤَجِّرَ الْمُوَكَّلَ بِإِيجَارِهِ بِقَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ مِنْ النَّقْدِ أَوْ الْعُرُوضِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1494) أَمَّا لَوْ قَيَّدَ الْمُوَكِّلُ الْإِيجَارَ بِقَيْدٍ مُفِيدٍ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ مُخَالَفَتُهُ جِنْسًا أَوْ شَرًّا. مَثَلًا لَوْ أَجَّرَ بِذَهَبٍ مَنْ وُكِّلَ بِالْإِيجَارِ بِفِضَّةٍ، فَكَمَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْمُخَالَفَةُ جِنْسًا، فَلَوْ أَجَّرَ بِثَمَانِيَةِ دَنَانِيرَ الْمَالَ الَّذِي وُكِّلَ بِإِيجَارِهِ بِعَشَرَةٍ فَلَا يَنْفُذُ لِلْمُخَالَفَةِ إلَى شَرٍّ. لَكِنْ لِلْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ مُخَالَفَةُ مُوَكِّلِهِ إلَى خَيْرٍ، يَعْنِي لَوْ أَجَّرَ الْوَكِيلُ بِالْإِجَارَةِ بِزِيَادَةٍ عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ الْمُوَكِّلُ، يَعْنِي لَوْ أَجَّرَهُ فِي الْمِثَالِ الْأَخِيرِ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا كَانَ صَحِيحًا (الْهِنْدِيَّةُ بِزِيَادَةٍ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1456) وَشَرْحَهَا لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالْإِجَارَةِ إيجَارُ مَالِ مُوَكِّلِهِ لِمَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُمْ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1700) كَمَا فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1497) وَشَرْحَهَا لَوْ أَجَّرَ الْوَكِيلُ بِإِيجَارِ حِصَّةٍ شَائِعَةٍ مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ حِصَّةَ مُوَكِّلِهِ كُلَّهَا لِصَاحِبِ الْحِصَّةِ الْأُخْرَى، كَانَ صَحِيحًا، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (429) وَشَرْحَهَا لَوْ أَبْرَأَ الْوَكِيلُ بِالْإِجَارَةِ الْمُسْتَأْجِرَ مِنْ بَدَلِ الْإِيجَارِ أَوْ وَهَبَهُ إيَّاهُ يُنْظَرُ، فَإِذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ عَيْنًا فَلَيْسَ إبْرَاؤُهُ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ مِنْ الْعَيْنِ لَيْسَ جَائِزًا. وَإِذَا كَانَ دَيْنًا فَيَصِحُّ إبْرَاؤُهُ سَوَاءٌ كَانَ بَعْدَ لُزُومِ الْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ الْمُسْتَأْجِرَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّتَيْنِ (468 و 469) أَوْ قَبْلَ لُزُومِهَا لَكِنْ يَضْمَنُ الْوَكِيلُ مِثْلَ الْأُجْرَةِ لِمُوَكِّلِهِ (الْهِنْدِيَّةُ، الْبَحْرُ) إذَا أَضَافَ الْوَكِيلُ بِالْإِجَارَةِ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ فَخَاصَمَ الْمُسْتَأْجِرُ لِأَجْلِ إثْبَاتِ الْإِجَارَةِ، وَقَبَضَ الْأُجْرَةَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ، وَامْتَنَعَ الْمُسْتَأْجِرُ عَنْ إعْطَاءِ الْوَكِيلِ الْأُجْرَةَ، فَلِلْوَكِيلِ بِالْإِجَارَةِ حَبْسُ الْمَأْجُورَ، (الطَّحْطَاوِيُّ، الْبَحْرُ) اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (468 وَ 1461) . لِلْمُوَكِّلِ وَالْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَفْسَخَا عَقْدَ الْإِجَارَةِ، لَكِنْ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْوَكِيلِ بِالْإِجَارَةِ بَدَلَ الْإِجَارَةِ الَّذِي أَعْطَاهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْفَسْخَ غَيْرُ الْفَسْخِ فِي حَقِّ الْوَكِيلِ بِالْإِجَارَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) كَذَلِكَ إذَا فَسَخَ الْوَكِيلُ بِالْإِجَارَةٍ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمُسْتَأْجِرِ الْمَنْفَعَةَ كَانَ الْفَسْخُ الْمَذْكُورُ صَحِيحًا إذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ سَلَّمَ بَدَلَ الْإِيجَارِ إلَى الْمُوَكِّلِ، وَيَبْرَأُ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ بَدَلِ الْإِيجَارِ سَوَاءٌ كَانَ الْبَدَلُ الْمَذْكُورُ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا.
وَإِذَا كَانَ قَدْ سَلَّمَهُ بَدَلَ الْإِيجَارِ فَلَيْسَ الْفَسْخُ صَحِيحًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1505)(الْهِنْدِيَّةُ، الْبَحْرُ) . الِاسْتِئْجَارُ - لِلشَّخْصِ الَّذِي وُكِّلَ بِالِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْإِطْلَاقِ الِاسْتِئْجَارُ بِمَا لَا يُعَيَّنُ بِالذَّهَبِ
وَالْفِضَّةِ يَعْنِي بِالدَّيْنِ وَبِالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ الثَّابِتَةِ الذِّمَّةَ. أَمَّا فَلَيْسَ لَهُ الِاسْتِئْجَارُ بِالْعَرْصَةِ مَثَلًا أَوْ بِالْمَكِيلَاتِ وَبِالْمَوْزُونَاتِ (الـ 1483) عَلَى الْوَكِيلِ بِالِاسْتِئْجَارِ اتِّبَاعُ قَيْدِ وَشَرْطِ مُوَكِّلِهِ الْمُفِيدَيْنِ. وَإِنْ خَالَفَ إلَى شَرٍّ فَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَيَبْقَى الْمَأْجُورُ عَلَى الْوَكِيلِ أَمَا فَلَهُ الْمُخَالَفَةُ إلَى خَيْرٍ. وَعَلَيْهِ إذَا اسْتَأْجَرَ الْوَكِيلُ بِالِاسْتِئْجَارِ بِالثَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ مُوَكِّلُهُ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ صَحَّ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 1479) أَمَّا لَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ: اسْتَأْجِرْ فَرَسًا لِلرُّكُوبِ إلَى الْقُدْسِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَاسْتَأْجَرَهَا الْوَكِيلُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَرَكِبَهَا الْمُوَكِّلُ دُونَ أَنْ يَعْلَمَ ذَلِكَ وَوَصَلَ بِهَا الْقُدْسَ لَزِمَتْ الْأُجْرَةُ الْوَكِيلَ كَامِلَةً وَلَا يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ شَيْءٌ (الْهِنْدِيَّةُ بِزِيَادَةٍ) . كَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ الْوَكِيلُ بِاسْتِئْجَارِ دَارِ مُعَيَّنَةٍ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَاسْتَأْجَرَ الدَّارَ بِثَلَاثِمِائَةٍ وَقَالَ لِمُوَكِّلِهِ: قَدْ اسْتَأْجَرْتُهَا بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ فَلَا تَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ الْأُجْرَةُ وَتَلْزَمُ الْوَكِيلَ، (الْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ الْمُوَكِّلُ بِاسْتِئْجَارِهَا لِمُدَّةِ سَنَةٍ وَاسْتَأْجَرَهَا لِسَنَتَيْنِ تَنْفُذُ سَنَةٌ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَالسَّنَةُ الثَّانِيَةُ فِي حَقِّ الْمُوَكَّلِ (الْهِنْدِيَّةُ) . لِلْوَكِيلِ بِالِاسْتِئْجَارِ أَنْ يَطْلُبَ الْأُجْرَةَ مِنْ مُوَكِّلِهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَدْ أَعْطَى الْمُؤَجِّرَ الْأُجْرَةَ وَلَمْ يَطْلُبْ مِنْ الْمُؤَجِّرِ الْأُجْرَةَ بَعْدُ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1491) وَيَطْلُبُ الْمُؤَجِّرُ الْأُجْرَةَ مِنْ الْوَكِيلِ بِالِاسْتِئْجَارِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1461) ، (الْهِنْدِيَّةُ وَالتَّنْقِيحُ) إذَا اسْتَأْجَرَ الْوَكِيلُ عَلَى أَنْ يَكُونَ بَدَلُ الْإِيجَارِ مُعَجَّلًا وَقَبْضُ الْمَأْجُورِ لِاسْتِيفَاءِ الْأُجْرَةِ، فَلِلْوَكِيلِ حَبْسُ الْمَأْجُورِ لِاسْتِيفَاءِ الْأُجْرَةِ سَوَاءٌ دَفَعَ الْوَكِيلُ الْأُجْرَةَ الْمُؤَجِّرَ مِنْ مَالِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ قَدْ دَفَعَهَا بَعْدُ، وَلَوْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَالْمَأْجُورُ مَحْبُوسٌ فِي يَدِ الْوَكِيلِ بَدَلَ الْإِيجَارِ، وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ الرُّجُوعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِالْأُجْرَةِ لَكِنْ إذَا بَقِيَ الْمَأْجُورُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ لِعَدَمِ طَلَبِ الْمُوَكِّلِ قَبْضَهُ وَلَيْسَ لِحَبْسِ الْوَكِيلِ إيَّاهُ عَنْ الْمُوَكِّلِ لِأَجْلِ اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ وَبَدَلِ الْإِجَارَةِ لَزِمَتْ أُجْرَةُ الْمَأْجُورِ عَلَى الْوَكِيلِ بِنَاءً عَلَى الْمَادَّةِ (1461) وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ.
كَذَلِكَ إذَا بَقِيَ الْمَأْجُورُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ لِعَدَمِ طَلَبِ الْمُوَكِّلِ الْقَبْضَ وَبَعْدَ ذَلِكَ طَلَبَ الْمُوَكِّلُ الْقَبْضَ فَحَبَسَهُ الْوَكِيلُ عَنْهُ لِاسْتِيفَاءِ الْبَدَلِ فَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ الَّتِي هِيَ سَنَةٌ يَلْزَمُ تَمَامُ أُجْرَةِ الْمَأْجُورِ الْوَكِيلَ وَلِلْوَكِيلِ أَيْضًا الرُّجُوعُ بِنِصْفِ الْأُجْرَةِ عَلَى الْمُوَكِّلِ يَعْنِي أُجْرَةَ الْمُدَّةِ الَّتِي بَقِيَ فِيهَا لِعَدَمِ طَلَبِ الْمُوَكِّلِ قَبْضَهُ مِنْهُ (الْهِنْدِيَّةُ) . إلَّا أَنَّهُ إذَا وُجِدَ زَمَانٌ مُعَيَّنٌ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ يَعْنِي كَمَا لَوْ كَانَ وَكِيلًا بِاسْتِئْجَارِ دَارِ مِنْ مُحْرِمٍ لِغَايَةِ ذِي الْحِجَّةِ مُدَّةَ عَشْرِ سَنَوَاتٍ وَاسْتَأْجَرَ إجَارَةً مُطْلَقَةً بِدُونِ ذِكْرِ شَرْطِ تَأْجِيلِ الْأُجْرَةِ أَوْ تَعْجِيلِهَا فَيُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ تِلْكَ الدَّارِ لِلْمُوَكِّلِ حَالًا. وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْمَأْجُورِ فِي يَدِهِ لِأَجْلِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ. وَإِنْ حَبَسَهُ وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ لَزِمَتْ الْأُجْرَةُ الْوَكِيلَ وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِهَا. لَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ بِالِاسْتِئْجَارِ ضَمَانٌ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَتَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ. لَوْ أَجَّلَ الْمُؤَجِّرُ بَدَلَ الْإِيجَارِ لِلْوَكِيلِ أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ، كَانَ التَّأْجِيلُ وَالْإِبْرَاءُ صَحِيحَيْنِ فِي حَقِّ الْوَكِيلِ، وَلِلْوَكِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِتِلْكَ الْأُجْرَةِ (الْهِنْدِيَّةُ) .
لِلْوَكِيلِ بِالِاسْتِئْجَارِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمَأْجُورَ مِنْ الْمُؤَجِّرِ أَنْ يَفْسَخَ هُوَ وَالْمُؤَجِّرُ عَقْدَ الْإِجَارَةِ. أَمَّا بَعْدَ قَبْضِهِ سَوَاءٌ أَسَلَّمَهُ لِمُوَكِّلِهِ أَوْ لَمْ يُسَلِّمْهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ مِنْ دُونِ أَمْرِ مُوَكِّلِهِ (التَّنْقِيحُ، الْهِنْدِيَّةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 1526) يُطَالِبُ الْوَكِيلُ بِالِاسْتِئْجَارِ بَدَلَ الْإِجَارَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (الـ 1461) . مَثَلًا لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِاسْتِئْجَارِ الشَّخْصِ الْفُلَانِيِّ لِلْخِدْمَةِ وَاسْتَأْجَرَ الْوَكِيلُ بِإِضَافَتِهِ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ ذَلِكَ الشَّخْصَ مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَخَدَمَ الْأَجِيرُ ذَلِكَ الشَّخْصَ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ يَطْلُبُ الْأَجِيرُ أُجْرَتَهُ مِنْ الْوَكِيلِ وَيُرَاجِعُ الْوَكِيلُ مُوَكِّلَهُ الْأُجْرَةَ (الْبَهْجَةُ) . إذَا انْهَدَمَ بَعْضُ مَحَالِّ الدَّارِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا الْوَكِيلُ بِالِاسْتِئْجَارِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا مِنْ الْمُؤَجِّرِ أَوْ بَعْدَ قَبْضِهِ إيَّاهَا وَقَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهَا إلَى الْمُوَكِّلِ أَوْ حَدَثَتْ أَحْوَالٌ تُخِلُّ بِالسُّكْنَى، فَلِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ قَبُولِهَا وَيَتْرُكَهَا لِلْوَكِيلِ (الْهِنْدِيَّةُ) .
الرَّهْنُ - الْوَكِيلُ بِالرَّهْنِ فِي مُقَابِلِ مَبْلَغٍ مُعَيَّنٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْهَنَهُ فِي مُقَابِلِ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ. فَلَوْ أَمَرَ آخَرَ بِأَنْ يَسْتَقْرِضَ لَهُ مِنْ فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَيَرْهَنَ عِنْدَهُ فِي مُقَابِلِ ذَلِكَ هَذَا الْمَالَ فَقَصَدَ الْوَكِيلُ إلَى الْمُقْرِضِ الْمَذْكُورِ وَقَالَ لَهُ: إنَّ فُلَانًا يَسْتَقْرِضُ مِنْك أَلْفَ وَخَمْسمِائَةِ دِرْهَمٍ وَيَرْهَنُ عِنْدَك هَذَا الْمَالَ فِي مُقَابِلِ ذَلِكَ وَأَضَافَ الْقَرْضَ وَالرَّهْنَ إلَى آمِرِهِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ كَانَ الْمَبْلَغُ الْمُسْتَقْرَضُ لِلْوَكِيلِ وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ أَخْذُهُ مِنْ الْوَكِيلِ.
وَيَسْتَرِدُّ الْمُوَكِّلُ الْمَرْهُونَ إذَا كَانَ مَوْجُودًا وَإِنْ تَلِفَ كَانَ الْمُوَكِّلُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْوَكِيلَ أَوْ الْمُرْتَهِنَ قِيمَةَ الرَّهْنِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ.
فَإِنْ ضَمِنَ الْوَكِيلُ انْقَلَبَ الرَّهْنُ إلَى الصُّحُفِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَ الْمُرْتَهِنَ بِمَا ضَمِنَ. وَإِنْ ضَمِنَ الْمُرْتَهِنُ رَجَعَ بِالدَّيْنِ وَالشَّيْءِ الَّذِي ضَمِنَهُ (الْبَهْجَةُ) . الْوَكِيلُ بِالرَّهْنِ - لَيْسَ لِلْمَرْهُونِ قَبْضُ الْمُرْتَهَنِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1526) . لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالرَّهْنِ تَوْكِيلُ غَيْرِهِ بِالرَّهْنِ وَتَسْلِيطُ الْمُرْتَهِنِ عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ. لَكِنْ إذَا قَالَ الْمُوَكِّلُ (اعْمَلْ مَا شِئْتَ) ، فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِرَهْنِ ذَلِكَ الْمَالِ وَأَنْ يُسَلِّطَ الْمُرْتَهِنَ بَعْدَ الرَّهْنِ عَلَى بَيْعِ الرَّهْنِ (الْهِنْدِيَّةُ) . لَوْ أَعْطَى الْوَكِيلُ بِالرَّهْنِ مِنْ دُونِ إذْنِ الْمُوَكِّلِ الْمُرْتَهِنَ إذْنًا لِأَجْلِ الِانْتِفَاعِ بِالرَّهْنِ وَرَكِبَ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَ إذَا كَانَ حَيَوَانًا وَتَلِفَ بِالِاسْتِعْمَالِ كَانَ ضَامِنًا (الْهِنْدِيَّةُ) .
إنَّ مَصَارِيفَ الرَّهْنِ اللَّازِمَةِ لِحِفْظِهِ كَأُجْرَةِ الْمَحَلِّ وَالْحَارِسِ عَائِدَةٌ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَعَلَفُ الْحَيَوَانِ وَأُجْرَةُ الرَّاعِي إنْ كَانَ الْمَرْهُونُ حَيَوَانًا، وَالْمَصَارِيفُ لِبَقَاءِ وَإِصْلَاحِ مَنَافِعِهِ، وَسَقْيِهِ وَتَلْقِيحِهِ عَائِدَةٌ عَلَى الْمُوَكِّلِ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (723 وَ 724) (الْهِنْدِيَّةُ) . لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ بِالرَّهْنِ لِلْمُوَكِّلِ: اسْتَقْرَضْتُ لَك أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ فُلَانٍ بِحَسَبِ أَمْرِكَ وَقَبَضْتُهُ وَرُهِنَتْ فِي مُقَابِلِهِ الْمَالَ وَقَدْ أَضَفْت عَقْدَيْ الْقَرْضِ وَالرَّهْنِ إلَيْكَ، وَتَلِفَ الْقَرْضُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي يَدِي بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ، وَكَانَ ادِّعَاؤُهُ هَذَا مُقَارِنًا لِتَصْدِيقِ الْمُرْتَهِنِ وَقَالَ الْمُوَكِّلُ: لَمْ تَقْبِضْ وَلَمْ تَرْهَنْ
لِأَجْلِي. فَالْقَوْلُ لِلْمُوَكِّلِ مَعَ الْيَمِينِ (الْهِنْدِيَّةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (76) . إذَا رَهَنَ الْوَكِيلُ بِالرَّهْنِ. الْمَالَ وَنَظَّمَ الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ مَعَ الْمُرْتَهِنِ السَّنَدَ عَلَى أَنَّهُ عَقْدُ بَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَلَكِنَّهُمَا قَدْ بَيَّنَّا كَوْنَ سَنَدِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ هُوَ مُوَاضَعَةٌ، وَأَقَرَّا وَاعْتَرَفَا بِأَنَّ الْحَقِيقَةَ هِيَ أَنَّ الْعَقْدَ الْمَذْكُورَ عَقْدُ رَهْنٍ بَقِيَ الْعَقْدُ الْمَذْكُورُ عَقْدَ رَهْنٍ (الْهِنْدِيَّةُ) . الِارْتِهَانُ - لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: بِعْ هَذَا الْمَالَ وَخُذْ فِي مُقَابِلِ ثَمَنِهِ رَهْنًا كَانَ صَحِيحًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، فَالْوَكِيلُ بِبَيْعِ الْمَالِ وَأَخْذِهِ رَهْنًا فِي مُقَابِلِ ثَمَنِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، لَهُ أَنْ يَأْخُذَ رَهْنًا يُسَاوِي قِيمَةَ الدَّيْنِ، كَمَا أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ رَهْنًا قِيمَتُهُ عَنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ. أَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ: بِعْهُ بِرَهْنِ ثِقَةٍ وَرَهَنَ الْوَكِيلُ فِي مُقَابِلِ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ مَالًا قِيمَتُهُ دُونَ الْغَبْنِ الْيَسِيرِ صَحَّ.
أَمَّا إذَا رَهَنَ مَالًا دُونَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فَلَا يَصِحُّ (الْهِنْدِيَّةُ) وَالْوَكِيلُ بِالِارْتِهَانِ أَيْ الشَّخْصُ الَّذِي أَمَرَهُ أَحَدٌ بِقَوْلِهِ بِعْ هَذَا الْمَالَ وَخُذْ فِي مُقَابِلِهِ رَهْنًا إذَا رَدَّ الرَّهْنَ بَعْدَ الْقَبْضِ إلَيَّ كَانَ صَحِيحًا لَكِنْ ضَمِنَ لِمُوَكِّلِهِ وَيَبْقَى الْبَيْعُ عَلَى حَالِهِ، كَذَلِكَ لَوْ وَضَعَ الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ الرَّهْنَ فِي يَدِ عَدْلٍ صَحَّ. وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ أَخْذُهُ مِنْ يَدِ الْعَدْلِ (الْهِنْدِيَّةُ) .
الْإِيدَاعُ - لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالْإِيدَاعِ بَعْدَ إيدَاعِهِ لِلْمَالِ الَّذِي أُمِرَ بِإِيدَاعِهِ أَنْ يَقْبِضَ الْوَدِيعَةَ مِنْ يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1526)(الْهِنْدِيَّةُ) . حَتَّى أَنَّهُ لَوْ أَعْطَاهَا الْمُسْتَوْدَعُ لِلْوَكِيلِ بِالْإِيدَاعِ وَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ كَانَ الْمُودِعُ مُخَيَّرًا، إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْوَكِيلَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُسْتَوْدَعَ (الْهِنْدِيَّةُ) .
الْهِبَةُ - لَوْ وَهَبَ الْوَكِيلُ بِالْهِبَةِ الْمَالَ لِأَحَدٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ، فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الرُّجُوعُ بِالْهِبَةِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1526)(الْهِنْدِيَّةُ) . لَوْ وَكَّلَ الْوَاهِبُ أَحَدًا بِتَسْلِيمِ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ تَصِحُّ الْوَكَالَةُ الْمَذْكُورَةُ، وَإِذَا تَعَدَّدَ الْوَكِيلُ بِالتَّسْلِيمِ فَلِأَحَدِهِمَا فَقَطْ أَنْ يُسَلِّمَ فَلَوْ وَكَّلَ الْوَاهِبُ اثْنَيْنِ بِتَسْلِيمِ الْمَالِ الْمَوْهُوبِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَسَلَّمَ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ أَحَدُهُمَا يَصِحُّ، (الْهِنْدِيَّةُ) . إذَا وَكَّلَ مَنْ وُكِّلَ بِتَسْلِيمِ الْمَوْهُوبِ آخَرَ بِذَلِكَ جَازَ (الْهِنْدِيَّةُ) . إذَا وَهَبَ الْوَكِيلُ بِالْهِبَةِ فِي مُقَابِلِ عِوَضٍ مَقْبُوضٍ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ فِي مُقَابِلِ عِوَضٍ قِيمَتُهُ دُونَ قِيمَةِ ذَلِكَ الْمَالِ جَازَ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ (الْهِنْدِيَّةُ) . لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ اثْنَيْنِ بِأَنْ يَهَبَا هَذَا الْمَالَ لِأَحَدٍ وَعَيَّنَ لَهُمَا الْمَوْهُوبَ لَهُ كَانَ لِأَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ وَحْدَهُ أَنْ يَهَبَ الْمَالَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَيُسَلِّمَهُ إيَّاهُ، أَمَّا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ لَهُمَا الْمَوْهُوبَ لَهُ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَهَبَ الْمَالَ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فَلَهُ ذَلِكَ (الْبَحْرُ) . الِاتِّهَابُ - عَلَى الْوَكِيلِ بِالِاتِّهَابِ أَنْ يُضَيِّفَ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ، يَعْنِي يَجِبُ أَنْ يَقُولَ إنَّ مُوَكِّلِي
يَرْغَبُ فِي أَنْ تَهَبَ لَهُ مَالَكَ الْفُلَانِيَّ وَلَيْسَ أَنْ يَقُولَ لِآخَرَ هَبْنِي مَالَكَ وَيَهَبُهُ إيَّاهُ وَيُسَلِّمُهُ. إلَيْهِ وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ كَانَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ مِلْكًا لِلْوَكِيلِ وَإِنْ نَوَى الْوَكِيلُ بِالِاتِّهَابِ لِأَجْلِ مُوَكِّلِهِ (الْهِنْدِيَّةُ بِزِيَادَةٍ) وَإِذَا وَكَّلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَحَدًا بِقَبْضِ وَتَسْلِيمِ الْمَالِ الَّذِي وُهِبَ إلَيْهِ جَازَ. لَكِنْ إذَا كَانَ الْوَكِيلُ بِالْقَبْضِ اثْنَيْنِ وَقَبَضَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ لَا يَجُوزُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1465)(الْهِنْدِيَّةُ) .
إذَا أَرَادَ الْوَاهِبُ الرُّجُوعَ عَنْ الْهِبَةِ فَلَيْسَ لَهُ الْمُخَاصَمَةُ مَعَ وَكِيلِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَادِّعَاءُ الرُّجُوعِ فِي مُوَاجَهَتِهِ وَلَوْ كَانَ الْمَالُ الْمَوْهُوبُ فِي يَدِ ذَلِكَ الْوَكِيلِ، (الْهِنْدِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ بِالِاتِّهَابِ رِسَالَةٌ وَلَا تَرْجِعُ حُقُوقُ الْعَقْدِ إلَى الرَّسُولِ.
الصُّلْحُ - لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالصُّلْحِ مُخَالَفَةُ جِنْسِ بَدَلِ الصُّلْحِ وَلَوْ إلَى خَيْرٍ وَإِنْ نَفَذَ الصُّلْحُ الْوَاقِعُ عَلَى الْوَكِيلِ الْمَرْقُومِ وَلَيْسَ عَلَى الْمُوَكِّلِ. وَعَلَيْهِ إذَا صَالَحَ الْمَأْمُورَ بِأَنْ يُصَالِحَ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَيَكْفُلَ بِبَدَلِ الصُّلْحِ عَلَى أَلْفَيْ دِرْهَمٍ أَوْ أَلْفِ دِينَارٍ وَأَعْطَى بَدَلَ الصُّلْحِ مِنْ مَالِهِ نَفَذَ الصُّلْحُ الْمَذْكُورُ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1456) كَذَلِكَ إذَا صَالَحَ الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ عَلَى الْعُرُوضِ أَوْ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ وَدَفَعَ بَدَلَ الصُّلْحِ مِنْ مَالِهِ نَفَذَ الصُّلْحُ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ (الْهِنْدِيَّةُ) . كَذَلِكَ لَوْ صَالَحَ عَلَى عَشْرِ كَيْلَاتِ شَعِيرٍ أَوْ عَلَى الْمِقْدَارِ الْوَكِيلَ بِأَنْ يُصَالِحَ عَلَى عَشْرِ كَيْلَاتِ حِنْطَةٍ نَفَذَ عَلَى الْوَكِيلِ وَلَيْسَ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ. كَذَلِكَ لَوْ صَالَحَ الْوَكِيلُ مِنْ طَرَفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمَدِينُ بِأَنْ يُصَالِحَ عَلَى عَشْرِ كَيْلَاتٍ مِنْ الْحِنْطَةِ الْجَيِّدَةِ عَلَى حِنْطَةٍ أَجْوَدَ جَازَ عَلَى الْوَكِيلِ وَلَيْسَ عَلَى الْمُوَكِّلِ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَلِلْوَكِيلِ بِالصُّلْحِ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ أَنْ يُخَالِفَ إلَى خَيْرِ أَمْرِ مُوَكِّلِهِ فَلَوْ صَالَحَ الْوَكِيلُ مِنْ طَرَفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنْ يُصَالِحَ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ نَفَذَ فِي حَقِّ مُوَكِّلِهِ (الْهِنْدِيَّةُ) . إذَا تَصَالَحَ وَكِيلَانِ وَكِيلٌ مِنْ طَرَفِ الدَّائِنِ وَآخَرَ مِنْ طَرَفِ الْمَدِينِ جَازَ (الْهِنْدِيَّةُ) وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالصُّلْحِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِالصُّلْحِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1466) . وَإِنْ فَعَلَ وَصَالَحَ الْوَكِيلَ الثَّانِي وَكَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ مَالًا يَرْجِعُ لِلْآمِرِ عَلَيْهِ وَإِذَا أَعْطَى الْوَكِيلُ الثَّانِي بَدَلَ الصُّلْحِ مِنْ مَالِهِ نَفَذَ هَذَا الصُّلْحُ عَلَى الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ الْمَذْكُورِ وَكَانَ الْوَكِيلُ الثَّانِي مُتَبَرِّعًا وَلَا يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ الْأَوَّلَ شَيْءٌ (الْهِنْدِيَّةُ) . إذَا وَكَّلَ شَخْصٌ وَاحِدٌ بِالصُّلْحِ شَخْصَيْنِ مَعًا وَصَالَحَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ عَلَى مَالٍ يَنْفُذُ الصُّلْحُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ وَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا بِبَدَلِ الصُّلْحِ (الْهِنْدِيَّةُ) . وَالشَّخْصُ الَّذِي يَكُونُ وَكِيلًا بِالصُّلْحِ لَا يُعَدُّ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ أَيْضًا (الْهِنْدِيَّةُ) .
لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِالصُّلْحِ مَعَ الشَّخْصِ الَّذِي يَدَّعِي عَلَيْهِ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا عَلَى أَنْ يَعْمَلَ بِرَأْيِهِ وَصَالَحَ ذَلِكَ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ جَازَ وَلَزِمَ بَدَلُ الصُّلْحِ الْمُوَكِّلَ، وَلَيْسَ الْوَكِيلَ أَيْضًا (الْهِنْدِيَّةُ) لَوْ كَفَلَ الْوَكِيلُ بِالصُّلْحِ مِنْ طَرَفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِبَدَلِ الصُّلْحِ أَوْ أَضَافَهُ إلَى مَالِهِ وَأَدَّى الْبَدَلَ الْمَذْكُورَ بِلُزُومِهِ عَلَيْهِ بِهَذَا الْوَجْهِ رَجَعَ بِبَدَلِ الصُّلْحِ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَلَوْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ وَاقِعَةً بِلَا أَمْرِ الْمُوَكِّلِ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1543) الْهِنْدِيَّةُ. لَوْ صَالَحَ الْوَكِيلُ بِالصُّلْحِ مِنْ طَرَفِ الْمَدِينِ عَلَى عَيْنٍ لِمُوَكِّلِهِ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ إذَا لَمْ يُعَيَّنْ بَدَلُ الصُّلْحِ مِنْ جَانِبِ الْمُوَكِّلِ يَصِحُّ، وَيَكُونُ الْمُوَكِّلُ الْمَدِينُ مُخَيَّرًا، وَإِنْ شَاءَ أَعْطَى الْعَيْنَ عَيْنًا وَإِنْ شَاءَ أَعْطَى قِيمَتَهَا. وَإِذَا صَالَحَ عَلَى عَيْنٍ مِنْ مِثْلِيَّاتِ الْمُوَكِّلِ يَصِحُّ أَيْضًا وَيَكُونُ الْمُوَكِّلُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ أَعْطَى ذَلِكَ الْمِثْلِيَّ عَيْنًا وَإِنْ شَاءَ أَعْطَى مِثْلَهُ (الْهِنْدِيَّةُ) . لَوْ صَالَحَ الْمَأْمُورُ بِالْكَفَالَةِ وَبِالصُّلْحِ مِنْ طَرَفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى بَدَلٍ مُؤَجَّلٍ وَكَفَلَ كَانَ الْبَدَلُ فِي حَقِّ مُوَكِّلِهِ مُؤَجَّلًا أَيْضًا وَبِالْعَكْسِ إذَا صَالَحَ عَلَى بَدَلٍ مُعَجَّلٍ كَانَ فِي حَقِّ مُوَكِّلِهِ مُعَجَّلًا، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَطْلُبَ الْبَدَلَ مِنْ مُوَكِّلِهِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (الْهِنْدِيَّةُ) . لِلشَّخْصِ الَّذِي هُوَ وَكِيلٌ بِالصُّلْحِ مِنْ طَرَفِ الدَّائِنِ قَبْضُ بَدَلِ الصُّلْحِ (الْهِنْدِيَّةُ) . لَوْ وَجَدَ أَحَدٌ عَيْبًا فِي الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَاهُ فَوَكَّلَ أَحَدًا بِالصُّلْحِ مَعَ الْبَائِعِ عَنْ الْعَيْبِ وَأَقَرَّ الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ بِرِضَا مُوَكِّلِهِ بِالْعَيْبِ فَلَا يَنْفُذُ إقْرَارُهُ عَلَى مُوَكِّلِهِ (الْهِنْدِيَّةُ) ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ فَلَا تَصِحُّ عَلَى الْغَيْرِ.
الْإِبْرَاءُ - لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِإِبْرَاءِ أَحَدٍ مِنْ دَعْوَاهُ الْمُتَعَلِّقَةِ بِخُصُوصٍ مَا كَمَا ذُكِرَ فِي أَثْنَاءِ شَرْحِ الْمَادَّةِ وَإِبْرَاءُ ذَلِكَ الْوَكِيلِ ذَلِكَ الشَّخْصَ مِنْ الْخُصُوصِ الْمَذْكُورِ بِالْإِضَافَةِ إلَى مُوَكِّلِهِ يَصِحُّ، فَلَوْ نَدِمَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى تَوْكِيلِهِ وَادَّعَى بِالْخُصُوصِ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (هَامِشُ الْبَهْجَةِ) . لَوْ وَكَّلَ الدَّائِنُ مَدِينَهُ بِأَنْ يُبَرِّئَ نَفْسَهُ مِمَّا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ تَصِحُّ الْوَكَالَةُ، وَلَا تُقْصَرُ هَذِهِ الْوَكَالَةُ عَلَى الْمَجْلِسِ، بِنَاءً عَلَيْهِ لِلْمَدِينِ أَنْ يُبَرِّأَ نَفْسَهُ بِالْوَكَالَةِ مِنْ طَرَفِ دَائِنِهِ فِي خَارِجِ مَجْلِسِ الْوَكَالَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، الْأَنْقِرْوِيُّ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1449)
الْإِقْرَارُ - التَّوْكِيلُ بِالْإِقْرَارِ صَحِيحٌ أَيْضًا. لَكِنْ لَا يَحْصُلُ الْإِقْرَارُ بِمُجَرَّدِ التَّوْكِيلِ. يَعْنِي لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِأَنْ يُقِرَّ لِفُلَانٍ بِالشَّيْءِ الْفُلَانِيِّ، فَلَا يَكُونُ قَدْ أَقَرَّ بِذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُقِرَّ بِهِ الْوَكِيلُ.
وَمَعْنَى التَّوْكِيلُ بِالْإِقْرَارِ هُوَ أَنْ يَأْمُرَ أَحَدٌ آخَرَ لَدَى تَوْكِيلِهِ إيَّاهُ بِالْخُصُومَةِ بِقَوْلِهِ (قِرْ بِالْمُدَّعَى بِهِ قَبْلَ الْمُحَاكَمَةِ إذَا رَأَيْتَ عَارًا أَوْ مُؤْنَةً تَلْحَقُنِي بِذَلِكَ)(رَدُّ الْمُحْتَارِ وَتَكْمِلَتُهُ) . الدَّعْوَى - قَدْ ذُكِرَتْ وَبُيِّنَتْ تَفْصِيلَاتُ ذَلِكَ فِي الْفَصْلِ الَّذِي يَبْدَأُ بِالْمَادَّةِ (1516) . طَلَبُ الشُّفْعَةِ - قَدْ بُيِّنَتْ بَعْضُ الْإِيضَاحَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهَذَا الشَّأْنِ فِي الْمَادَّةِ (1030) .
إيفَاءُ الدُّيُونِ - كَمَا أَنَّ لِلْوَكِيلِ بِإِيفَاءِ الدُّيُونِ أَنْ يُوفِيَهَا بِنَفْسِهِ فَلَهُ أَنْ يُوفِيَهَا بِوَاسِطَةِ أَمِينِهِ أَمَّا
غَيْرُ أَمِينِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوفِيَهَا بِوَاسِطَتِهِ. فَلَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: أَعْطِ هَذِهِ النُّقُودَ لِدَائِنِي فُلَانٍ وَأَرْسَلَ الْوَكِيلُ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ مَعَ أَحَدٍ لَيْسَ بِأَمِينٍ لَهُ وَتَلِفَ ذَلِكَ الْمَالُ فِي يَدِ ذَلِكَ الشَّخْصِ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ لَزِمَ الْوَكِيلَ الضَّمَانُ، لَكِنْ إذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّخْصُ أَمِينًا لِلْوَكِيلِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْوَكِيلَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (91) . كَذَلِكَ إذَا تَلِفَ فِي يَدِ الْوَكِيلِ قَبْلَ الْمُفَارَقَةِ فِي يَدِ ذَلِكَ الشَّخْصِ فَلَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ ضَمَانٌ، اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (780 وَ 1463)(الْأَنْقِرْوِيُّ وَهَامِشُ الْبَهْجَةِ) . إذَا أَعْطَى الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ الَّذِي عَيَّنَهُ لِإِيفَاءِ دَائِنِهِ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْهِ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ فَوَقَفَ الْوَكِيلُ الْخَمْسَةَ دَنَانِيرَ الَّتِي أَعْطَاهُ إيَّاهَا عِنْدَهُ وَأَعْطَى لِلدَّائِنِ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ غَيْرَهَا مِنْ مَالِهِ جَازَ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . يَعْنِي لَهُ أَنْ يَحْبِسَ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَمْسَةَ دَنَانِيرَ الَّتِي بَقِيَتْ فِي يَدِهِ وَدِيعَةً. لَكِنْ لَوْ صَرَفَ الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ الْخَمْسَةَ دَنَانِيرَ الْمَذْكُورَةَ فِي حَوَائِجِهِ وَأَوْفَى - بَعْدَ اسْتِهْلَاكٍ - دَيْنَ مُوَكِّلِهِ مِنْ مَالِهِ ضَمِنَ الْوَكِيلُ الْمَرْقُومُ الْخَمْسَةَ دَنَانِيرَ وَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي إيفَائِهِ الدَّيْنَ وَيَسْقُطُ الدَّيْنُ عَنْ الْمُوَكِّلِ الْمَذْكُورِ (التَّعْلِيقَاتُ عَلَى الْبَحْرِ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . اُنْظُرْ إلَى الْقَاعِدَةِ الَّتِي فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1506) . لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ لِآخَرَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَقَالَ: أَعْطِهَا لِدَائِنِي فُلَانٍ وَادَّعَى ذَلِكَ الشَّخْصُ أَنَّهُ أَعْطَاهُ إيَّاهَا وَكَذَّبَهُ الْمَدِينُ وَالدَّائِنُ فَالْقَوْلُ بِبَرَاءَتِهِ مِنْ الضَّمَانِ لِلْمَأْمُورِ لَيْسَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1774) .
وَالْقَوْلُ فِي عَدَمِ الْقَبْضِ لِلدَّائِنِ وَيَأْخُذُ الدَّائِنُ دَيْنَهُ مِنْ الْمَدِينِ. وَقَدْ مَرَّتْ التَّفْصِيلَاتُ اللَّازِمَةُ فِي حَقِّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي مِنْ قَبِيلِ هَذَا الْمِثْلِ شَرْحًا وَلَوْ وَكَّلَ الْمَدِينُ وَكِيلَ الطَّالِبِ بِالْقَبْضِ لَمْ يَصِحَّ لِاسْتِحَالَةِ كَوْنِهِ قَاضِيًا وَمُقْتَضِيًا، يَعْنِي لَوْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ عَلَى فُلَانٍ فَأَخْبَرَهُ بِهِ الْمَدِينُ فَوَكَّلَهُ بِبَيْعِ سِلْعَتِهِ وَإِيفَاءِ ثَمَنِهَا إلَى رَبِّ الدَّيْنِ فَبَاعَهَا وَأَخَذَ الثَّمَنَ وَهَلَكَ يَهْلِكُ مِنْ مَالِ الْمَدِينِ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا لِلْمَطْلُوبِ وَالطَّالِبِ فِي الْقَضَاءِ وَالِاقْتِضَاءِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ)
اسْتِيفَاءُ الدُّيُونِ - إذَا كَانَ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ دَيْنٌ ثَابِتٌ لِمَدِينِ مُوَكِّلِهِ مِنْ جِنْسِ دَيْنِ مُوَكِّلِهِ يَقَعُ التَّقَاضِي. وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ يَبْقَى الْوَكِيلُ مَدِينًا لِمُوَكِّلِهِ. لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ أَنْ يُبَرِّأَ الْمَدِينَ أَوْ يَهَبَ الدَّيْنَ لَهُ أَوْ يَأْخُذَ رَهْنًا مِنْ الْمَدِينِ فِي مُقَابِلِ الدَّيْنِ أَوْ يَقْبَلَ إحَالَتَهُ عَلَى شَخْصٍ آخَرَ لَكِنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ كَفِيلًا لَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ كَفِيلًا بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (648)(الْأَنْقِرْوِيُّ، الطَّحْطَاوِيُّ وَصُرَّةُ الْفَتَاوَى، الْبَحْرُ) . أَمَّا الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ فَلَهُ أَنْ يُبَرِّأَ الْمَدِينَ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ أَوْ يَهَبَهُ لِلْمَدِينِ وَأَنْ يَأْخُذَ رَهْنًا أَوْ كَفِيلًا، (الْبَحْرُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ فِي الشَّرِكَةِ) وَإِذَا أَخَذَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ رَهْنًا مِنْ الْمَدِينِ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَلَا يُسْقِطُ شَيْئًا مِنْ دَيْنِ مُوَكِّلِهِ، وَيَأْخُذُ الْمُوَكِّلُ دَيْنَهُ بِالتَّمَامِ مِنْ الْمَدِينِ وَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ لِوَكِيلِهِ أَيْضًا، (الْبَحْرُ) . وَتَصِحُّ الْوَكَالَةُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ عَلَى الْإِطْلَاقِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَدِينُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا أَوْ كَانَ مَرِيضًا أَمْ لَا وَإِذَا لَمْ يَنْعَزِلْ الْوَكِيلُ بِالْقَبْضِ لِوَفَاةِ الْمَدِينِ فَيَنْعَزِلُ بِوَفَاةِ الْمُوَكِّلِ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1527) .
لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِقَبْضِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ وَوَكَّلَ آخَرَ بَعْدَ ذَلِكَ بِقَبْضِ كُلِّ شَيْءٍ لَهُ أَيْضًا وَقَبَضَ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ دَيْنًا لِمُوَكِّلِهِ، فَلِلْوَكِيلِ الثَّانِي أَنْ يَقْبِضَ مَقْبُوضَ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ الْمَذْكُورِ (الْبَحْرُ) أَمَّا لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ بِقَبْضِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ وَوَكَّلَ بَعْدَ ذَلِكَ شَخْصًا آخَرَ بِقَبْضِ كُلِّ دُيُونِهِ فَلَيْسَ لِهَذَا الْوَكِيلِ أَنْ يَقْبِضَ الْمَقْبُوضَ الْمَذْكُورَ مِنْ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ بِنَاءً عَلَى وَكَالَتِهِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي قَبَضَهُ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ يَكُونُ بَعْدَ الْقَبْضِ عَيْنًا، أَمَّا وَكَالَةُ الْوَكِيلِ الثَّانِي فَهِيَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَلَيْسَ بِقَبْضِ الْعَيْنِ إذَا ادَّعَى الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ هَلَاكَ الْمَقْبُوضِ الَّذِي فِي يَدِهِ صُدِّقَ (الْبَحْرُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1774) مُسْتَثْنَيَاتٌ - لَا تَجُوزُ الْوَكَالَةُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ: أَوَّلًا، إذَا وَكَّلَ الدَّائِنُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ كَفِيلَهُ فَلَا تَصِحُّ، لِئَلَّا يَصِيرَ عَامِلًا لِنَفْسِهِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ هُوَ الَّذِي يَعْمَلُ لِغَيْرِهِ، وَلَوْ صَحَّحْنَا هَذِهِ الْوَكَالَةَ صَارَ عَامِلًا لِنَفْسِهِ سَاعِيًا فِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ فَانْعَدَمَ الرُّكْنَ فَبَطَلَ، فَإِذَا قَبَضَهُ مِنْ الْمَدِينِ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ لَمْ يَهْلِكْ عَلَى الطَّالِبِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) لَكِنْ لَوْ قَبَضَ هَذَا الْوَكِيلُ حَسَبَ الْوَكَالَةِ وَتَلِفَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ.
ثَانِيًا، لَوْ وَكَّلَ الدَّائِنُ مَدِينَهُ بِقَبْضِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ لَا تَصِحُّ وَكَالَتُهُ لِاسْتِحَالَةِ كَوْنِهِ قَاضِيًا وَمُقْتَضِيًا (تَكْمِلَتُهُ) ثَالِثًا، لَوْ وَكَّلَ الْمُحَالُ لَهُ الْمُحِيلَ بِقَبْضِ دَيْنِهِ الَّذِي عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَلَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ هُوَ الَّذِي يَعْمَلُ لِغَيْرِهِ، وَلَوْ صَحَّحْنَا هَذِهِ الْوَكَالَةَ صَارَ عَامِلًا لِنَفْسِهِ سَاعِيًا فِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ فَانْعَدَمَ الرُّكْنُ. وَعَلَيْهِ إذَا كَانَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ كَفِيلًا بِالدَّيْنِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ وَتَبْطُلُ الْوَكَالَةُ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1449) ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ أَقْوَى لِلُزُومِهَا فَتَصْلُحُ نَاسِخَةً، بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَكَذَا كُلُّ مَا صَحَّتْ كَفَالَةُ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ بَطَلَتْ وَكَالَتُهُ تَقَدَّمَتْ كَفَالَتُهُ أَوْ تَأَخَّرَتْ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، رَدُّ الْمُحْتَارِ الْأَنْقِرْوِيُّ، وَالتَّكْمِلَةُ) .
وَالْفُرُوقُ الَّتِي بَيْنَ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَبَيْنَ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ وَقَبْضِ الثَّمَنِ هِيَ كَمَا يَأْتِي: يَخْتَلِفُ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ عَنْ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ وَبِقَبْضِ الثَّمَنِ فِي عِدَّةِ مَسَائِلَ وَهِيَ:
أَوَّلًا، إذَا كَانَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الثَّمَنِ كَفِيلًا لِلْمُشْتَرِي صَحَّتْ الْكَفَالَةُ أَمَّا الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا كَانَ كَفِيلًا لِلْمُشْتَرِي فَالْكَفَالَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ.
ثَانِيًا، تَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ عَلَى الْمَدِينِ بِالدَّيْنِ الْمَذْكُورِ أَمَّا الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ فَلَا تَجُوزُ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي حَقِّ ثَمَنِ الْمَبِيعِ.
ثَالِثًا، إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَرَدَّ الْمَبِيعَ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْعَيْبِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَطْلُبَ
ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ الْوَكِيلِ وَكَانَ الْوَكِيلُ قَدْ أَعْطَى الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ لِمُوَكِّلِهِ. أَمَّا الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الثَّمَنِ فَلَا يُطَالِبُ بِالثَّمَنِ بَعْدَ الْقَبْضِ، فَلَوْ بَاعَ أَحَدٌ مَالَهُ لِشَخْصٍ آخَرَ وَوَكَّلَ بَعْدَ ذَلِكَ آخَرَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ الَّذِي نَشَأَ عَنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَقَبَضَ الْوَكِيلُ الدَّيْنَ وَرُدَّ الْمَبِيعُ بَعْدَئِذٍ بِخِيَارِ الْعَيْبِ يَطْلُبُ الْمُشْتَرِي ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَلَيْسَ مِنْ الْوَكِيلِ الْقَابِضِ. رَابِعًا، لَا يَصِحُّ إبْرَاءُ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ وَلَا حَطُّهُ وَلَا تَأْجِيلُهُ وَلَا أَخْذُهُ الرَّهْنَ وَلَا قَبُولُهُ الْحَوَالَةَ. أَمَّا تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ فِي هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ فَصَحِيحٌ (الْبَحْرُ) . تَسْلِيمُ الدَّيْنِ فِي حَالَةِ عَدَمِ ثُبُوتِ الْوَكَالَةِ بِالْقَبْضِ بِالْبَيِّنَةِ: لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ: إنَّنِي وَكِيلٌ بِقَبْضِ مَا عَلَيْكَ لِفُلَانٍ مِنْ الدَّيْنِ وَصَدَّقَ الْوَكَالَةَ الْمَذْكُورَةَ (وَيَصِحُّ إثْبَاتُ التَّوْكِيلِ بِالْبَيِّنَةِ مَعَ إقْرَارِ الْمَدِينِ بِهِ) لَزِمَ تَسْلِيمُ الدَّيْنِ لِلْوَكِيلِ الْمَرْقُومِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا وَالنُّقُودُ الَّتِي سَيُعْطِيهَا الْمَدِينُ لِلْوَكِيلِ هِيَ خَالِصُ حَقِّهِ فَتَصْدِيقُ الْمَدِينِ هَذَا إقْرَارٌ عَلَيْهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَعَلَيْهِ إذَا حَضَرَ الدَّائِنُ الْغَائِبُ بَعْدَ أَنْ أَعْطَى الْمَدِينُ دَيْنَهُ لِلْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ مِنْ الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ.
وَلَوْ ادَّعَى أَنْ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ وَكَالَةٌ مِنْ طَرَفِ الدَّائِنِ أَوْ أَنَّ الْوَكِيلَ الْمَذْكُورَ قَدْ أَقَرَّ بِعَدَمِ وَكَالَتِهِ فَكَمَا أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ ادِّعَاؤُهُ وَإِثْبَاتُهُ لَا يُكَلَّفُ بِالْيَمِينِ أَيْضًا وَإِنْ أَثْبَتَ مُدَّعَاهُ، لِسَعْيِهِ فِي نَقْضِ مَا أَوْجَبَهُ لِغَائِبٍ، نَعَمْ لَوْ بَرْهَنَ أَنَّ الطَّالِبَ جَحَدَ الْوَكَالَةَ وَأَخَذَ مِنْ الْمَالِ تُقْبَلُ. وَإِذَا حَضَرَ بَعْدَ ذَلِكَ الدَّائِنُ الْغَائِبُ وَصَدَّقَ وَكَالَةَ الْوَكِيلِ أَوْ كَذَّبَهَا وَأَثْبَتَ الْمَدِينُ كَوْنَهُ وَكِيلًا فَبِهَا، وَإِذَا لَمْ يُصَدَّقْ أَوْ يُثْبِتْ وَحَلَفَ الدَّائِنُ عَلَى كَوْنِهِ لَمْ يُوَكِّلْهُ يُؤْمَرُ الْمَدِينُ بِإِعْطَاءِ دَيْنِهِ لِدَائِنِهِ تَكْرَارًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُثْبِتْ اسْتِيفَاءَ الدَّائِنِ بِإِنْكَارِ الْوَكَالَةِ. وَيُقْبَلُ قَوْلُ الدَّائِنِ بِشَأْنِ عَدَمِ تَوْكِيلِهِ الْقَابِضَ مَعَ الْيَمِينِ وَإِنْ دَفَعَ سُكُوتٌ لَيْسَ لَهُ التَّحْلِيفُ إلَّا إذَا عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ وَإِنْ دَفَعَ عَنْ تَكْذِيبٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ وَإِنْ عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ لَكِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَيَسْتَرِدُّ الْمَدِينُ مَا أَعْطَاهُ لِلْوَكِيلِ سَوَاءٌ أَكَانَ مَا أَعْطَاهُ مَوْجُودًا فِي يَدِ الْوَكِيلِ أَمْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا بِأَنْ اسْتَهْلَكَهُ الْوَكِيلُ؛ لِأَنَّ غَرَضَ الْمَدِينِ مِنْ إعْطَائِهِ لِلْوَكِيلِ الْمَرْقُومِ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ وَلَمَّا لَمْ يَحْصُلْ هَذَا الْغَرَضُ فَلَهُ نَقْضُ قَبْضِهِ وَاسْتِرْدَادُ مَا كَانَ مَوْجُودًا فِي يَدِهِ، أَمَّا إذَا تَلِفَ الْمَقْبُوضُ الَّذِي فِي يَدِ الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَضْمَنَهُ لِلْمَدِينِ؛ لِأَنَّ الْمَدِينَ لَمَّا كَانَ مُعْتَرِفًا بِكَوْنِهِ مُحِقًّا فِي قَبْضِهِ بِتَصْدِيقِهِ وَكَالَتَهُ فِي الْأَوَّلِ فَكَانَ الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ أَمِينًا وَالْأَمِينُ لَا يَكُونُ ضَمِينًا. وَكَذَلِكَ الدَّائِنُ ظَالِمٌ بِأَخْذِهِ الدَّيْنَ ثَانِيَةً وَالْمَدِينُ مَظْلُومٌ وَالْمَظْلُومُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَظْلِمَ غَيْرَهُ وَيُصَدَّقُ فِي الْهَلَاكِ يَمِينُهُ كَمَا يُصَدَّقُ لَوْ ادَّعَى دَفْعَهُ لِمُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ يَدَّعِي إيصَالَ الْأَمَانَةِ إلَى مُسْتَحِقِّيهَا. فَإِنْ ادَّعَى الْوَكِيلُ هَلَاكَهُ أَوْ دَفْعَهُ إلَى الْمُوَكِّلِ حَلَّفَهُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ مَاتَ الْمُوَكِّلُ وَرِثَهُ غَرِيمُهُ أَوْ وَهَبَهُ وَهُوَ قَائِمٌ فِي يَدِ الْوَكِيلِ أَخَذَهُ مِنْهُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا وَلَوْ هَالِكًا ضَمِنَهُ إلَّا إذَا صَدَّقَهُ عَلَى الْوَكَالَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
لَكِنْ. إذَا تَلِفَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ الْمَرْقُومِ كَانَ الْوَكِيلُ الْمَرْقُومُ ضَامِنًا لِلْمَدِينِ فِي الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى، إذَا قَالَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لِلْمَدِينِ: إذَا جَاءَ الدَّائِنُ وَاسْتَوْفَى الدَّيْنَ مِنْكَ بِإِنْكَارِهِ الْوَكَالَةَ فَأَنَا ضَامِنٌ لِلْمَبْلَغِ الَّذِي سَيَأْخُذُهُ مِنْكَ. يَضْمَنُ الْوَكِيلُ الْمَرْقُومُ الْمِقْدَارَ الَّذِي أَخَذَهُ الدَّائِنُ بِأَنْ يَقُولَ أَنْتَ وَكِيلُهُ لَكِنْ لَا آمَنُ أَنْ تَجْحَدَ الْوَكَالَةَ وَيَأْخُذَ مِنِّي ثَانِيًا فَيَضْمَنُ ذَلِكَ الْمَأْخُوذَ فَيَصِحُّ لِإِضَافَتِهِ لِسَبَبِ الْوُجُوبِ.
وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى بَعْضِ الدَّيْنِ عِنْدَ ضَمَانِ الْوَكِيلِ وَنَحْوِهِ يَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ بِقَدْرِ الْمُصَالَحَ عَلَيْهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَإِلَّا فَلَا يَضْمَنُ الْوَكِيلُ مَا أَخَذَهُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ الْمَذْكُورَ عَلَى رَغْمِهِمْ أَمَانَةٌ وَضَمَانُ الْأَمَانَةِ بَاطِلٌ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (631)(الدُّرُّ الْمُنْتَقَى، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، التَّكْمِلَةُ) الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ، وَإِذَا أَعْطَى الْمَدِينُ إلَى الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْ دُونِ أَنْ يُصَدِّقَ ادِّعَاءَهُ فِي كَوْنِهِ وَكِيلًا مِنْ طَرَفِ الدَّائِنِ يَضْمَنُ ذَلِكَ الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ وَالْمَدِينُ سَوَاءٌ كَذَّبَ الْوَكَالَةَ أَوْ سَكَتَ؛ لِأَنَّ إعْطَاءَ الْمَدِينِ لِلْوَكِيلِ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَمَلِ أَنْ يُجِيزَهُ الدَّائِنُ وَمَتَى انْقَطَعَ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ، لَوْ قَبَضَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَقَالَ: إنَّنِي قَبْضَتُهُ عَلَى أَنْ أُبْرِئَكَ مِنْهُ فَلِلْمَدِينِ الرُّجُوعُ عَلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْوَكِيلِ هَذَا اسْتِيفَاءٌ وَاعْتُبِرَ بِقَبْضِ جَمِيعَ الدَّيْنِ، فَإِذَا أَخَذَهُ الدَّائِنُ ثَانِيًا مِنْ الْمَدِينِ لَزِمَ الْوَكِيلَ إعَادَةُ مَا أَخَذَهُ فِي مُقَابِلِ الْإِسْقَاطِ وَعَلَيْهِ لَمَّا كَانَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ فَقَدْ الْتَزَمَ الْوَكِيلُ سَلَامَةَ الدَّائِنِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ، الدُّرُّ الْمُنْتَقَى) .
وَتَجْرِي أَحْكَامٌ مُمَاثِلَةٌ لِهَذَا فِي خُصُوصِ إعْطَاءِ الْمُسْتَوْدَعِ الْوَدِيعَةَ لِرَسُولِ الْمُودِعِ وَقَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (الـ 794) . إذَا جَحَدَ الْمَدِينُ كَوْنَ هَذَا الشَّخْصِ وَكِيلًا بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَأَقَرَّ بِالدَّيْنِ يَحْلِفُ عَلَى كَوْنِهِ لَا يَعْلَمُ بِأَنَّ الدَّائِنَ قَدْ وَكَّلَ هَذَا الشَّخْصَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ، فَإِنْ حَلَفَ فَلَيْسَ بِمَجْبُورٍ عَلَى إعْطَاءِ الدَّيْنِ، وَإِنْ نَكَلَ يُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ الدَّيْنِ لِلْوَكِيلِ، لَكِنْ قَدْ رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَنَّ الْمَدِينَ لَا يَحْلِفُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي لِوُجُودِ حَقِّ التَّحْلِيفِ ثُبُوتُ خُصُومَةِ مَنْ يَزْعُمُ الْوَكَالَةَ وَهَذَا غَيْرُ ثَابِتٍ لِعَدَمِ وُجُودِ الْحُجَّةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . دَفْعُ الْمَدِينِ الدَّعْوَى فِي مُوَاجَهَةِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ: لَوْ ادَّعَى الْمَدِينُ أَنَّهُ قَدْ أَعْطَى دَيْنَهُ لِلدَّائِنِ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ أَوْ أَنَّ الدَّائِنَ أَبْرَأَهُ وَلَمْ تَكُنْ لَدَيْهِ بَيِّنَةٌ يُجْبَرُ عَلَى إيفَاءِ الدَّيْنِ لِلْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ وَالدَّيْنَ مَعَ أَنَّهُمَا ثَابِتَانِ فَلَمْ يَثْبُتْ الِاسْتِيفَاءُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، بِنَاءً عَلَيْهِ لَا يُؤْخَذُ الْحَقُّ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى. وَلَمَّا لَمْ يُوجَدْ لِلْمَدِينِ بَيِّنَةٌ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَلَا يُكَلَّفُ الْوَكِيلُ بِالْيَمِينِ عَلَى كَوْنِهِ لَمْ يَعْلَمْ بِاسْتِيفَاءِ الْمُوَكِّلِ الدَّيْنَ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ نَائِبٌ وَلَا تَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى النَّائِبِ، وَبَعْدَ أَنْ يُعْطِيَ الْمَدِينُ دَيْنَهُ الْمُوَكِّلَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَحْلِفُ الدَّائِنُ لَدَى
مُرَاجَعَتِهِ عَلَى كَوْنِهِ لَمْ يَأْخُذْ دَيْنَهُ. وَإِذَا حَلَفَ يَبْقَى الْحُكْمُ عَلَى حَالِهِ.
وَإِنْ نَكَلَ يَبْطُلُ وَيَسْتَرِدُّ الْمَقْبُوضَ. لَكِنْ إذَا ضَاعَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِ الْوَكِيلِ وَأَثْبَتَ بَعْدَ ذَلِكَ الْمَدِينُ الْإِيفَاءَ، فَلَا يَطْلُبُ الْمَدِينُ مِنْ الْوَكِيلِ شَيْئًا وَيَلْزَمُ أَنْ يُرَاجِعَ الْمُوَكِّلَ؛ لِأَنَّ يَدَ الْوَكِيلِ كَيَدِ الْمُوَكِّلِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . أَمَّا إذَا كَانَ لِلْمَدِينِ شُهُودٌ عَلَى دَفْعِهِ أَيْ عَلَى الْإِيفَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ فَلَا يُحْكَمُ بِهَا بِالْإِيفَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ وَإِنْ اُسْتُمِعَتْ، بَلْ يَبْقَى خُصُوصُ قَبْضِ الدَّيْنِ مَوْقُوفًا إلَى حُضُورِ الْمُوَكِّلِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1520) وَشَرْحَهَا. لِلْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ الصَّلَاحِيَّةُ فِي الْقَبْضِ فِي الصُّورَةِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ لِلْمُوَكِّلِ الِامْتِنَاعُ عَنْ الْقَبُولِ وَذَلِكَ عِبَارَةٌ عَنْ جِنْسِ حَقِّهِ فِي عَيْنِ الصِّفَةِ أَوْ أَجْوَدَ. أَمَّا لَوْ كُلِّفَ مِنْ طَرَفِ الْمَدِينِ، فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ صَلَاحِيَّةٌ فِي قَبْضِ الشَّيْءِ الَّذِي يَحِقُّ لِلْمُوَكِّلِ أَلَّا يَقْبَلَهُ كَمُبَادَلَةِ الدَّيْنِ بِجِنْسٍ آخَرَ وَاشْتِرَاءِ الْمَالِ فِي مُقَابِلِ دَيْنٍ، وَإِذَا اشْتَرَى مَالًا كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ لِلْوَكِيلِ. وَيَطْلُبُ الْمُوَكِّلُ دَيْنَهُ تَمَامًا مِنْ مَدِينِهِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . لِلْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ أَنْ يَقْبِضَ كُلَّ الدَّيْنَ أَوْ بَعْضَهُ لَكِنْ إذَا نَهَى الْمُوَكِّلُ عَنْ قَبْضِ الْبَعْضِ، فَلَيْسَ لَهُ قَبْضُ بَعْضِهِ (الْبَحْرُ، الطَّحْطَاوِيُّ) . لَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يُطَالِبَ الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ بِمُجَرَّدِ قَبُولِهِ الْوَكَالَةَ وَهُوَ لَمْ يَقْبِضْ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدِينِ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) . وَإِذَا كَانَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ شَخْصَيْنِ قَدْ وُكِّلَا مَعًا، فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَقَطْ قَبْضُ الدَّيْنِ وَإِنْ فَعَلَ، فَلَا يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1465) . (الْأَنْقِرْوِيُّ) . لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ قَبُولُ الْحَوَالَةِ. وَعَلَيْهِ لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ شَخْصًا بِقَبْضِ أَلْفِ دِرْهَمٍ لَهُ فِي ذِمَّةِ آخَرَ وَقَبَضَ الْوَكِيلُ سِتّمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْهَا وَحَوَّلَ الْمَدِينُ الْوَكِيلَ بالْأرْبَعُمِائَةِ الدِّرْهَمِ الْبَاقِيَةِ عَلَى أَحَدٍ وَقَبِلَ الْوَكِيلُ الْحَوَالَةَ بِدُونِ إذْنِ الْمُوَكِّلِ، كَانَ هَذَا الْقَبُولُ فُضُولًا، وَإِذَا لَمْ يُجِزْ الْمُوَكِّلُ الْحَوَالَةَ اسْتَوْفَى الْأَرْبَعمِائَةِ الدِّرْهَمَ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ (الْفَيْضِيَّةُ بِزِيَادَةٍ) لَا يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ بِوَفَاةِ الْمَدِينِ، بِنَاءً عَلَيْهِ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الدَّيْنَ مِنْ تَرِكَتِهِ. لَكِنْ يَنْعَزِلُ بِوَفَاةِ الْمُوَكِّلِ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ بِوَفَاةِ مُوَكِّلِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1527) وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُوَكِّلِ: إنَّنِي قَبَضْتُ الدَّيْنَ فِي حَيَاةِ مُوَكِّلِي وَأَعْطَيْتُهُ إيَّاهُ.
لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَمَّا كَانَ غَيْرَ قَادِرٍ وَقْتَ الْإِخْبَارِ عَلَى إنْشَاءِ الْأَمْرِ الَّذِي أَخَّرَهُ بِهِ فَهُوَ مُتَّهَمٌ فِي إقْرَارِهِ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ، الطَّحْطَاوِيُّ، الْأَنْقِرْوِيُّ، الْبَهْجَةُ) . لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ شَخْصٌ وَاحِدٌ وَكِيلًا بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْ طَرَفِ الدَّائِنِ وَوَكِيلًا بِأَدَاءِ الدَّيْنِ مِنْ قِبَلِ الْمَدِينِ مَعًا (الْأَنْقِرْوِيُّ) ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ الْوَاحِدَ مِنْ الْمُسْتَحِيلِ أَنْ يَكُونَ قَاضِيًا وَمُقْتَضِيًا مَعًا. بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ عَمْرًا بِقَبْضِ دَيْنِهِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ زَيْدٍ وَلَدَى إخْبَارِ عَمْرٍو زَيْدًا بِكَيْفِيَّةِ الْوَكَالَةِ قَالَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو: بِعْ مَالِي الْفُلَانِيَّ وَفِ الدَّيْنَ مِنْهُ، فَبَاعَهُ عَمْرٌو وَبَعْدَ أَنْ قَبَضَ ثَمَنَهُ تَلِفَ فِي يَدِهِ يَتْلَفُ مِنْ مَالِ الْمَدِينِ لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَكُونَ قَاضِيًا وَمُقْتَضِيًا؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا لِلْمَطْلُوبِ
وَالطَّالِبِ فِي الْقَضَاءِ وَالِاقْتِضَاءِ (التَّكْمِلَةُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَلَوْ أَمَرَ رَجُلٌ مَدِينَهُ بِالتَّصَدُّقِ بِمَا عَلَيْهِ صَحَّ أَمْرُهُ (التَّنْوِيرُ وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ) لَوْ أَرْسَلَ أَحَدٌ آخَرَ عَلَى أَنْ يَكُونَ رَسُولًا بِقَبْضِ مَالِهِ فِي ذِمَّةِ شَخْصٍ آخَرَ مِنْ الدَّيْنِ وَادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ الْمَدِينُ إنَّنِي أَعْطَيْتُ دَيْنِي لِلرَّسُولِ وَادَّعَى الرَّسُولُ إنَّنِي أَخَذْته وَأَعْطَيْتُهُ الْمُرْسِلَ وَأَقَرَّ الْمُرْسِلُ بِكَوْنِ ذَلِكَ الشَّخْصِ رَسُولًا مِنْ طَرَفِهِ وَبِأَنَّ الرَّسُولَ قَدْ قَبَضَ الدَّيْنَ لَكِنَّهُ أَنْكَرَ وُصُولَ الدَّيْنِ لَهُ، كَانَ الْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلرَّسُولِ وَيَبْرَأُ الْمَدِينُ أَيْضًا مِنْ الدَّيْنِ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى) إذَا وَكَّلَ الدَّائِنُ شَخْصًا بِقَبْضِ مَالٍ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى آخَرَ وَحَوَّلَ ذَلِكَ الْمَدِينُ دَائِنَهُ عَلَى آخَرَ بِدَيْنِهِ وَلَمَّا يَقْبِضْهُ الْوَكِيلُ، فَلَيْسَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يُطَالِبَ الْمَدِينَ بِذَلِكَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (690)
وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِهِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لَكِنْ إذَا أَفْلَسَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ قَبْلَ أَدَاءِ الدَّيْنِ وَعَادَ الدَّيْنُ عَلَى الْمُحِيلِ فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَقْبِضَ الدَّيْنَ الْمَذْكُورَ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَيْضًا. (الْأَنْقِرْوِيُّ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1526) يَعْنِي لِلْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ أَنْ يَقْبِضَ الدَّيْنَ الْمَذْكُورَ مِنْ الشَّخْصِ الْآخَرِ الَّذِي هُوَ كَفِيلٌ لِذَلِكَ الدَّيْنِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ كَفَالَةُ الْكَفِيلِ قَبْلَ الْوَكَالَةِ أَمْ بَعْدَهَا (الْبَحْرُ) الْقَبْضُ الْفُضُولِيُّ - الْقَبْضُ مِنْ دُونِ وَكَالَةٍ مِنْ قِبَلِ الدَّائِنِ يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الدَّائِنِ. لَكِنْ يُشْتَرَطُ وُجُودُ وَقِيَامُ الْمَبْلَغِ الْمَقْبُوضِ حِينَ الْإِجَازَةِ. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: أَعْطِنِي الْأَلْفَ دِينَارٍ الَّتِي عَلَيْكَ لِفُلَانٍ دَيْنًا وَهُوَ وَإِنْ كُنْتَ غَيْرَ مُوَكَّلٍ بِالْقَبْضِ يُجِيزُ قَبْضِي وَأَعْطَاهُ إيَّاهُ الْآخَرُ فَإِذَا أَجَازَ الدَّائِنُ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ الْمَبْلَغُ الْمَأْخُوذُ قَائِمًا وَقْتَ الْإِجَازَةِ كَانَتْ الْإِجَازَةُ صَحِيحَةً وَالْقَبْضُ مُعْتَبَرًا وَإِذَا كَانَ مُسْتَهْلَكًا فَلَا تَكُونُ الْإِجَازَةُ صَحِيحَةً وَيَطْلُبُ الدَّائِنُ دَيْنَهُ مِنْ مَدِينِهِ (الْبَهْجَةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1453) قَبْضُ الْمَالِ - لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِقَبْضِ دَارِهِ الْفُلَانِيَّةِ مِنْ وَاضِعِ الْيَدِ وَعَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ شَخْصًا آخَرَ وَكِيلًا بِذَلِكَ وَقَبَضَهَا بَعْدَئِذٍ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ مِنْ وَاضِعِ الْيَدِ يُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ تَوْكِيلُ الثَّانِي مُؤَخَّرًا عَنْ قَبْضِ الْأَوَّلِ، فَلِلْوَكِيلِ الثَّانِي أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ وَإِنْ كَانَ مُقَدَّمًا فَلَيْسَ لَهُ الْقَبْضُ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ مَقْبُوضَةً لِصَاحِبِهَا (الْبَحْرُ) وَلَوْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ غَلَّةِ أَرْضِهِ وَثَمَرَتِهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ ذَلِكَ كُلَّ سَنَةٍ، وَلَوْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ شَاةٍ فَوَلَدَتْ كَانَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَقْبِضَ الْوَلَدَ مَعَ الْأُمِّ وَلَوْ كَانَتْ وَلَدَتْ قَبْلَ أَنْ يُوَكِّلَهُ بِقَبْضِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ الْوَلَدَ وَكَذَلِكَ ثَمَرَةُ الْبُسْتَانِ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ (التَّكْمِلَةُ عَنْ الْكَافِي) .
لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ كَأَنْ يَكُونَ دَارِهِ صَحَّ وَالْوَكَالَةُ الَّتِي فِي الْمَادَّةِ (323) مِنْ الْمَجَلَّةِ هِيَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ. كَذَلِكَ الْوَكَالَةُ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ وَقَبْضِ الْعَارِيَّةِ صَحِيحَةٌ (وَاقِعَاتُ الْمُفْتِينَ) .
لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الْأَمَانَةِ: قَدْ وَكَّلَنِي فُلَانٌ بِقَبْضِ أَمَانَتِهِ الَّتِي عِنْدَك وَصَدَّقَهُ الْمُسْتَوْدَعُ أَيْضًا فَلَا يُؤْمَرُ الْمُسْتَوْدَعُ بِدَفْعِ وَتَسْلِيمِ الْأَمَانَةِ إلَى الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ كَذَلِكَ لَوْ صَدَّقَ اشْتِرَاءَ أَحَدٍ الْوَدِيعَةَ مِنْ صَاحِبِهَا فَلَا يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِهَا إلَى الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ هَذَا إقْرَارٌ بِمَالِ الْغَيْرِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ تَلِفَ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ بَعْدَ الْمَنْعِ الْمَذْكُورِ لَا يَضْمَنُ وَقَدْ مَرَّتْ تَفْصِيلَاتُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (794) . لَكِنْ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ قَائِلًا لِلْمُسْتَوْدَعِ: إنَّ الْمُودِعَ قَدْ تُوُفِّيَ وَقَدْ بَقِيَتْ الْوَدِيعَةُ لِي حَصْرًا إرْثًا أَوْ وَصِيَّةً وَصَدَّقَ الْمُسْتَوْدَعُ الْإِرْثَ وَالْوَصِيَّةَ يُؤْمَرُ الْمُسْتَوْدَعُ بِإِعْطَاءِ الْوَدِيعَةِ إلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ وَالْمُسْتَوْدَعَ قَدْ اتَّفَقَا عَلَى كَوْنِ هَذَا الْمَالِ مِلْكًا لِلْمُوَرِّثِ أَوْ الْمُوصِي. إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَتْ تَرِكَةُ الْمُتَوَفَّى مُسْتَغْرَقَةً بِالدُّيُونِ وَأَعْطَى الْمُسْتَوْدَعُ الْوَارِثَ إيَّاهَا بِلَا أَمْرِ الْقَاضِي كَانَ ضَامِنًا (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ، وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ)
الْمُزَارَعَةُ - لِلْوَكِيلِ بِإِعْطَاءِ أَرْضٍ مُعَيَّنَةٍ مُزَارَعَةً عَلَى الْإِطْلَاقِ أَنْ يُعْطِيَهَا مُزَارَعَةً عَلَى أَنْ تُزْرَعَ شَعِيرًا وَحِنْطَةً، وَسِمْسِمًا، وَذُرَةً وَكُلُّ نَوْعٍ مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ أَمَّا الْغَرْسُ الْأَشْجَارُ فَلَيْسَ لَهُ إعْطَاؤُهَا (الْهِنْدِيَّةُ) لِلْوَكِيلِ بِإِعْطَاءِ أَرْضٍ مُزَارَعَةً عَلَى الْإِطْلَاقِ أَنْ يُعْطِيَهَا مُزَارَعَةً بِبَدَلِ الْمِثْلِ الْمَعْرُوفِ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ. فَإِذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ مُوَكِّلِهِ كَانَ لِلْوَكِيلِ حَقُّ قَبْضِهِ خَارِجِيًّا، يَعْنِي قَبْضَ حِصَّتِهِ مِنْ حَاصِلَاتِ مُوَكِّلِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1461) وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ. وَإِنْ أَعْطَاهَا وَكَانَ الْبَذْرُ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ كَانَ غَاصِبًا أَرْضَ مُوَكِّلِهِ وَبَذْرِهِ. بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا وَقَعَ شَرْطٌ فِي الْخَارِجِ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالْمُزَارِعِ قُسِمَ بَيْنَهُمَا وَلَا يَأْخُذُ صَاحِبُ الْأَرْضِ مِنْ هَذَا حِصَّتَهُ، بَلْ يُضَمِّنُ مَنْ شَاءَ مِنْ الْمُزَارِعِ وَالْوَكِيلِ مِثْلَ بَذْرِهِ وَنُقْصَانِ أَرْضِهِ (الْهِنْدِيَّةُ) . لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالْمُزَارَعَةِ إبْرَاءُ الْمُزَارِعِ مِنْ حِصَّةِ مُوَكِّلِهِ فِي الْحَاصِلَاتِ أَوْ يَهَبُهُ تِلْكَ الْحِصَّةَ وَإِنْ فَعَلَ لَا تَكُونُ هِبَتُهُ وَإِبْرَاؤُهُ صَحِيحَيْنِ (الْهِنْدِيَّةُ) .
وَلَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِإِعْطَاءِ أَرْضِهِ مُزَارَعَةً بِدُونِ بَيَانِ وَقْتِ الْمُزَارَعَةِ فَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهَا مَرَّةً وَاحِدَةً فِي السَّنَةِ الْأُولَى أَمَّا لَوْ أَعْطَاهَا فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ أَعْطَاهَا مَرَّتَيْنِ لَا يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ بِأَخْذِ أَرْضٍ مُزَارَعَةً عَلَى أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ الْمُوَكِّلِ أَنْ يَأْخُذَ مُزَارَعَةً بِبَدَلِ الْمِثْلِ أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ. وَيُطَالِبُ صَاحِبُ الْأَرْضِ الْوَكِيلَ بِحِصَّتِهِ. وَلَيْسَ مِنْ الْمُوَكِّلِ، أَمَّا إذَا أَخَذَهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَلَا يَجُوزُ مَا لَمْ يُجِزْ الْمُوَكِّلُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1453) الْهِنْدِيَّةُ. وَإِذَا أَخَذَ الْوَكِيلُ بِأَخْذِ الْمَزْرَعَةِ الْفُلَانِيَّةِ مُزَارَعَةً عَلَى أَنْ يَعُودَ ثُلُثَا الْحَاصِلَاتِ لِلْمُزَارِعِ وَثُلُثُهَا لِصَاحِبِ الْأَرْضِ، عَلَى أَنَّ ثُلُثَ الْخَارِجِ لِلْمُوَكِّلِ وَثُلُثَيْهِ لِلْوَكِيلِ فَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ (الْهِنْدِيَّةُ) . الرَّدُّ بِالْعَيْبِ - إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَكِيلِ بِرَدِّ الْمَبِيعِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ رِضَاءَ الْمُوَكِّلِ بِالْعَيْبِ وَأَثْبَتَ مُدَّعَاهُ فَبِهَا، وَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ، فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْلِفَ عَلَى كَوْنِهِ لَمْ يَرْضَ بِالْعَيْبِ وَلَا يُؤْمَرُ