الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ فَصْلُ الْحُكْمِ عَنْ السَّبَبِ فِي ذَلِكَ، فَلِذَلِكَ لَزِمَ أَنْ يُقَارِنَ الْحُكْمَ فِيهَا السَّبَبُ. بِنَاءً عَلَيْهِ لَا يَتَضَرَّرُ صُدُورُ السَّبَبِ مِنْ شَخْصٍ أَصَالَةً أَيْ مِنْ الْوَكِيلِ وَثُبُوتُ وَوُقُوعُ الْحُكْمِ لِشَخْصٍ آخَرَ غَيْرِ مُتَصَوَّرٍ؛ لِأَنَّهُ بِهَذَا التَّقْدِيرِ يَلْزَمُ انْفِصَالُ الْحُكْمِ عَنْ السَّبَبِ. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَلْزَمُ أَنْ يُضِيفَ الْوَكِيلُ الْعَقْدَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ إلَى الْمُوَكِّلِ، حَتَّى يَكُونَ الْحُكْمُ مُقَارِنًا لِلسَّبَبِ. أَمَّا فِي التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ قَبِيلِ الْإِسْقَاطَاتِ كَالْبَيْعِ فَلَا يَجُوزُ فَصْلُ الْحُكْمِ عَنْ السَّبَبِ. كَمَا فِي الْبَيْعِ بِالْخِيَارِ. بِنَاءً عَلَيْهِ يَجُوزُ فِي هَذِهِ صُدُورُ السَّبَبِ مِنْ شَخْصٍ وَثُبُوتُ الْحُكْمِ مِنْ شَخْصٍ آخَرَ. مَثَلًا النِّكَاحُ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الْإِسْقَاطَاتِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبُضْعِ وَالنِّكَاحِ مُسْقِطٌ لِتِلْكَ الْحُرْمَةِ وَلَمَّا كَانَ السَّاقِطُ يُتَلَاشَى وَلَا يُتَصَوَّرُ صُدُورُ السَّبَبِ مِنْ شَخْصٍ أَصَالَةً وَوُقُوعُ الْحُكْمِ لِشَخْصٍ آخَرَ فَقَدْ جُعِلَ الشَّخْصُ الْوَكِيلُ سَفِيرًا لِيَكُونَ الْحُكْمُ مُقَارِنًا لِلسَّبَبِ. وَعَلَيْهِ لَوْ أَضَافَ وَكِيلُ الزَّوْجِ عَقْدَ النِّكَاحِ إلَى نَفْسِهِ وَقَعَ النِّكَاحُ لَهُ وَتَكُونُ الزَّوْجَةُ الْمَنْكُوحَةُ زَوْجَةَ الْوَكِيلِ، هَذَا إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ مَحِلًّا لِنِكَاحِ الْوَكِيلِ. أَمَّا لَوْ قَالَ وَكِيلُ الزَّوْجَةِ: زَوَّجْتُ. لَيْسَ كَمَا لَوْ قَالَ الزَّوْجُ: تَزَوَّجْتُ مُوَكِّلَتَكَ فَقَالَ لَهُ وَكِيلُ الزَّوْجَةِ: زَوَّجْتُ أَنَا أَيْضًا كَانَ صَحِيحًا، حَتَّى لَوْ كَانَ وَكِيلًا بِالنِّكَاحِ مِنْ جَانِبِهَا وَأَخْرَجَ الْكَلَامَ مَخْرَجَ الْوَكَالَةِ لَا يَصِيرُ مُخَالِفًا لِإِضَافَتِهِ إلَى الْمَرْأَةِ مَعْنًى؛ لِأَنَّ صِحَّةَ النِّكَاحِ بِمِلْكِ الْبُضْعِ وَهُوَ لَهَا فَكَأَنَّهُ قَالَ: مَلَّكْتُكَ بُضْعَ مُوَكِّلَتِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَالصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ أَيْضًا إسْقَاطٌ مَحْضٌ. وَلَيْسَ فِيهِ مُعَاوَضَةٌ أَصْلًا وَقَدْ رُئِيَ أَنَّ هَذَا الصُّلْحَ يَتَضَمَّنُ إسْقَاطَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَالْمُنَازَعَةُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَادَّةِ (1550) . وَالصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ إسْقَاطٌ مَحْضٌ أَيْضًا، وَلَمَّا كَانَ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ أَجْنَبِيًّا وَسَفِيرًا لَزِمَ أَنْ يُضِيفَ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ أَيْضًا. وَالْحَالُ فِي الْبَوَاقِي عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ أَيْضًا (ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ بِزِيَادَةٍ) . وَعِبَارَةُ الْمَجَلَّةِ (لَا يَصِحُّ) قَدْ شُرِحَتْ بِكَوْنِهِ لَا يَصِحُّ لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْعُقُودِ الْمَذْكُورَةِ يَنْفُذُ عَلَى الْوَكِيلِ وَيَصِحُّ، كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالِاسْتِقْرَاضِ.
كَذَلِكَ قَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْفِقْرَةِ الْأُولَى. وَلَا يَصِحُّ بَعْضُ الْعُقُودِ الْمَذْكُورَةِ أَصْلًا يَعْنِي لَا تَصِحُّ لِلْوَكِيلِ أَصْلًا كَالْإِبْرَاءِ، مَثَلًا لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِالْإِبْرَاءِ فِي الدَّعَاوَى وَالْخُصُومَاتِ الَّتِي مَعَ آخَرَ وَلَمْ يُضِفْ الْوَكِيلُ الْإِبْرَاءَ إلَى مُوَكِّلِهِ بَلْ إبْرَاءٌ مُضِيفًا الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ فَلَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ الْمَذْكُورُ أَصْلًا، (هَامِشُ الْبَهْجَةِ، الْأَشْبَاهُ) . .
[الْمَادَّةُ (1461) لَا يُشْتَرَطُ إضَافَةُ الْعَقْدِ إلَى الْمُوَكِّلِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ]
الْمَادَّةُ (1461) (لَا يُشْتَرَطُ إضَافَةُ الْعَقْدِ إلَى الْمُوَكِّلِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ وَالصُّلْحِ عَنْ إقْرَارٍ، فَإِنْ لَمْ يُضِفْهُ إلَى مُوَكِّلِهِ وَاكْتَفَى بِإِضَافَتِهِ إلَى نَفْسِهِ صَحَّ أَيْضًا، وَعَلَى كِلْتَا الصُّورَتَيْنِ لَا تَثْبُتُ الْمِلْكِيَّةُ إلَّا لِمُوَكِّلِهِ، وَلَكِنْ إنْ لَمْ يُضِفْ الْعَقْدَ إلَى الْمُوَكِّلِ تَعُودُ حُقُوقُ الْعَقْدِ إلَى الْعَاقِدِ يَعْنِي الْوَكِيلَ، وَإِنْ أُضِيفَ إلَى
الْمُوَكِّلِ وَيَكُونُ الْوَكِيلُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ كَالرَّسُولِ، مَثَلًا لَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مَالَ الْمُوَكِّلِ وَاكْتَفَى بِإِضَافَتِهِ إلَى نَفْسِهِ وَلَمْ يُضِفْهُ إلَى مُوَكِّلِهِ، يَكُونُ مَجْبُورًا عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ إلَى الْمُشْتَرِي وَلَهُ أَنْ يَطْلُبَ وَيَقْبِضَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَإِذَا خَرَجَ لِلْمَالِ الْمُشْتَرَى مُسْتَحِقٌّ وَضَبَطَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ، يَعْنِي يَطْلُبُ الثَّمَنَ الَّذِي أَعْطَاهُ إيَّاهُ مِنْهُ وَالْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا لَمْ يُضِفْ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَقْبِضُ الْمَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ وَيُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ ثَمَنِهِ لِلْبَائِعِ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَسَلَّمْ الثَّمَنَ مِنْ مُوَكِّلِهِ، وَإِذَا ظَهَرَ عَيْبٌ قَدِيمٌ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَى، فَلِلْوَكِيلِ حَقُّ الْمُخَاصَمَةِ لِأَجْلِ رَدِّهِ وَلَكِنْ إذَا كَانَ رَدُّ الْوَكِيلِ قَدْ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ بِأَنْ عَقَدَ الْبَيْعَ بِقَوْلِهِ بِعْتُ بِالْوَكَالَةِ عَنْ فُلَانٍ وَاشْتَرَيْتُ لِفُلَانٍ: فَعَلَى هَذَا الْحَالِ تَعُودُ الْحُقُوقُ الْمُبَيَّنَةُ آنِفًا كُلُّهَا إلَى الْمُوَكِّلِ وَيَبْقَى الْوَكِيلُ فِي حُكْمِ الرَّسُولِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ) . الْإِجَارَةُ أَعَمُّ مِنْ الْإِيجَارِ وَالِاسْتِئْجَارِ: لِذَلِكَ فَالْوَكِيلُ مُخَيَّرٌ فِي غَيْرِ الْوَكَالَةِ بِالشِّرَاءِ بِالِاتِّفَاقِ وَفِي الْوَكَالَةِ بِالشِّرَاءِ عَلَى قَوْلٍ إنْ شَاءَ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ وَإِنْ شَاءَ إلَى مُوَكِّلِهِ.
وَلْنُبَادِرْ إلَى إيضَاحِ الِاخْتِلَافِ فِي الْوَكَالَةِ بِالشِّرَاءِ: إذَا كَانَ الْمُوَكِّلُ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ حِينَ عَقَدَ الْوَكِيلُ الْعَقْدَ تَعُودُ حُقُوقُ الْعَقْدِ إلَى الْمُوَكِّلِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ، وَحُضُورُ الْمُوَكِّلِ حِينَ عَقْدِ الْوَكِيلِ الْعَقْدَ وَعَدَمُ حُضُورِهِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ الْآخَرِينَ، وَتَعُودُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ حُقُوقُ الْعَقْدِ إلَى الْوَكِيلِ عَلَى الْحَالَيْنِ (التَّنْوِيرُ، الْبَحْرُ، تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) وَيُسْتَدَلُّ مِنْ ذِكْرِ الْمَجَلَّةُ كَوْنَ حُقُوقِ الْعَقْدِ عَائِدَةً إلَى الْوَكِيلِ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَنَّهَا اخْتَارَتْ الْقَوْلَ الثَّانِيَ.
بِنَاءً عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُضِفْ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ وَاكْتَفَى بِالْإِضَافَةِ إلَى نَفْسِهِ يَصِحُّ أَيْضًا وَتَثْبُتُ الْمِلْكِيَّةُ عَلَى الصُّورَتَيْنِ لِلْمُوَكِّلِ، يَعْنِي سَوَاءٌ أَضَافَ الْوَكِيلُ الْعَقْدَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْأَرْبَعَةِ إلَى نَفْسِهِ أَمْ إلَى مُوَكِّلِهِ لَكِنْ عَلَى قَوْلٍ تَثْبُتُ إلَى الْمُوَكِّلِ ابْتِدَاءً وَلَا تَنْتَقِلُ إلَى الْمُوَكِّلِ بَعْدَ ثُبُوتِهَا لِلْوَكِيلِ. وَعَلَى قَوْلٍ آخَرَ تَثْبُتُ لِلْوَكِيلِ ابْتِدَاءً وَتَنْتَقِلُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الْمُوَكِّلِ، وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ إذَا اشْتَرَى قَرِيبَهُ أَنْ يَعْتِقَهُ وَعَدَمُ الْعِتْقِ ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَهُوَ الْحَالُ الْمُوجِبُ لِلْعِتْقِ هُوَ الْمِلْكُ الْمُسْتَقِرُّ (الْبَحْرُ) . وَعَلَى هَذَا تَظْهَرُ ثَمَرَةُ الِاخْتِلَافِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ الْوَكِيلُ أَنَّ الْمَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِالْوَكَالَةِ لَمْ يَدْخُلْ مِلْكَهُ، فَيَكُونُ صَادِقًا فِي يَمِينِهِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَكَاذِبًا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي.
لَكِنْ إذَا لَمْ يُضِفْ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ وَلَمْ يَكُنْ الْوَكِيلُ مَحْجُورًا، تَعُودُ حُقُوقُ الْعَقْدِ إلَى الْعَاقِدِ أَصَالَةً أَيْ إلَى الْوَكِيلِ، وَالْوَكِيلُ وَإِنْ كَانَ نَائِبًا فِي أَصْلِ الْعَقْدِ فَهُوَ أَصِيلٌ فِي الْحُقُوقِ وَيَكُونُ الْمُوَكِّلُ فِي الْحُقُوقِ الْمَذْكُورَةِ أَجْنَبِيًّا. وَسَوَاءٌ ذُكِرَ حِينَ التَّوْكِيلِ كَوْنُ الْحُقُوقِ الْمَذْكُورَةِ عَائِدَةً لِلْوَكِيلِ أَوْ لَمْ يُذْكَرْ وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَكِيلُ غَائِبًا أَوْ حَاضِرًا (التَّنْوِيرُ) .
قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو الْمَعَالِي: إنَّ الْعُهْدَةَ عَلَى الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ حَاضِرًا كَانَ كَالْمُبَاشِرِ بِنَفْسِهِ فَعَلَيْهِ الْعُهْدَةُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . حَتَّى أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ التَّوْكِيلُ بِشَرْطِ عَدَمِ عَوْدَةِ الْحُقُوقِ الْمَذْكُورَةِ إلَى الْوَكِيلِ كَانَتْ الْوَكَالَةُ صَحِيحَةً وَلَا حُكْمَ لِلشَّرْطِ (الْبَحْرُ، وَتَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَيْهِ) الْوَكِيلُ أَصْلٌ فِي الْعَقْدِ بِدَلِيلِ اسْتِغْنَائِهِ عَنْ إضَافَتِهِ إلَى الْمُوَكِّلِ وَلَوْ كَانَ سَفِيرًا لَمَا اسْتَغْنَى، وَإِنَّمَا جُعِلَ نَائِبًا فِي الْحُكْمِ لِلضَّرُورَةِ كَيْ لَا يَبْطُلَ مَعْقُودُ الْمُوَكِّلِ وَلَا ضَرُورَةَ فِي حَقِّ الْحُقُوقِ؛ وَلِأَنَّ الْعَاقِدَ الْآخَرَ اعْتَمَدَ رُجُوعَ الْحَقِّ إلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يَرْجِعْ لَتَضَرَّرَ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِ الْمُوَكِّلِ مُفْلِسًا أَوْ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى مُطَالَبَتِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . تَتَفَرَّعُ الْمَسْأَلَتَانِ الْآتِيَتَانِ بِنَاءً عَلَى كَوْنِ الْوَكِيلِ أَصِيلًا فِي حُقُوقِ الْعَقْدِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - لَوْ وَكَّلَ الْقَاضِي أَحَدًا بِبَيْعِ مَالِهِ وَأَضَافَ الْوَكِيلُ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ وَوَقَعَتْ مُحَاكَمَةٌ بِطَلَبِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْبَيْعِ رُدَّ الْبَيْعُ إلَى الْوَكِيلِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ، كَانَ لِلْقَاضِي الْمُومَى إلَيْهِ أَنْ يَسْتَمِعَ هَذِهِ الدَّعْوَى وَيَحْكُمَ عَلَى وَكِيلِهِ (الْبَحْرُ) وَالْحَالُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَكِيلُ أَصِيلًا وَكَانَ الْأَصِيلُ هُوَ الْمُوَكِّلُ أَيْ الْقَاضِي لَمَا كَانَ صَحِيحًا حُكْمُ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ، إذَا تُوُفِّيَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ بَعْدَ أَنْ اشْتَرَى نَسِيئَةً تَحَوَّلَ ثَمَنُ الْمَبِيعِ فِي حَقِّ الْوَكِيلِ إلَى مُعَجَّلٍ، أَمَّا فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ فَيَبْقَى الْأَجَلُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . إذَا تُوُفِّيَ الْوَكِيلُ تَنْتَقِلُ الْحُقُوقُ الْمَذْكُورَةُ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ إلَى وَصِيِّ الْوَكِيلِ. وَلَيْسَ إلَى الْمُوَكِّلِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ وَصِيٌّ تُرْفَعُ الْكَيْفِيَّةُ إلَى الْقَاضِي فَيُعَيِّنُ لَهُ وَكِيلًا، وَهَذَا يَقُومُ بِحُقُوقِ الْعَقْدِ وَالْمَعْقُولُ هُوَ هَذَا، وَعِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ تَنْتَقِلُ حُقُوقُ الْعَقْدِ بَعْدَ مَوْتِ الْوَكِيلِ إلَى مُوَكِّلِهِ (التَّكْمِلَةُ، الطَّحْطَاوِيُّ، الدُّرُّ الْمُخْتَارُ، الْبَهْجَةُ، الْبَحْرُ) .
قِيلَ إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَكِيلُ مَحْجُورًا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْوَكِيلُ مَحْجُورًا عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1458) فَلَا تَعُودُ حُقُوقُ الْعَقْدِ إلَيْهِ (الدُّرَرُ) . فَلَوْ كَانَ وَكِيلٌ صَبِيًّا مُمَيِّزًا غَيْرَ مَأْذُونٍ، يَرُدُّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ إذَا وَجَدَ فِيهِ عَيْبًا إلَى الْمُوَكِّلِ. وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ الْوَكِيلُ الْمَذْكُورُ (الْبَحْرُ) .
وَالْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِي وَكِيلِ الْوَكِيلِ وَتَعُودُ حُقُوقُ الْعَقْدِ إلَى الْوَكِيلِ الثَّانِي (الْبَحْرُ) . الْحُقُوقُ الْعَائِدَةُ إلَى الْوَكِيلِ قِسْمَانِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الْحُقُوقُ الَّتِي لِلْوَكِيلِ: كَقَبْضِ الْمَبِيعِ وَمُطَالَبَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ، وَالْمُخَاصَمَةِ فِي الْعَيْبِ وَالرُّجُوعِ بِثَمَنِ الْمُسْتَحَقِّ.
إنَّ إيفَاءَ هَذِهِ الْحُقُوقِ لَيْسَ وَاجِبًا عَلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ. لَكِنْ يَجِبُ أَنْ يُوَكَّلَ الْوَكِيلُ لِأَجْلِ هَذِهِ الْحُقُوقِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1504) وَاسْتِعْمَالُ الْمَجَلَّةِ فِي بَعْضِ الْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ أَلْفَاظًا تُشْعِرُ بِكَوْنِ الْوَكِيلِ غَيْرَ مُجْبَرٍ عَلَى مُبَاشَرَةِ هَذِهِ الْحُقُوقِ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا.
الْقِسْمُ الثَّانِي - الْحُقُوقُ الثَّابِتَةُ عَلَى الْوَكِيلِ، كَتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ الْوَكِيلُ يُجْبَرُ عَلَى إيفَاءِ هَذِهِ الْحُقُوقِ كَذَلِكَ وَالْفِقْرَةُ الْأُولَى مِنْ الْمِثَالِ الْآتِي الذِّكْرِ مِنْ الْحُقُوقِ الْعَائِدَةِ إلَى الْقِسْمِ الثَّانِي هَذَا وَالْفِقْرَةُ الثَّانِيَةُ عَائِدَةٌ إلَى الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ الْحُقُوقِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَإِذَا أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ كَانَتْ حُقُوقُ الْعَقْدِ عَائِدَةً إلَى مُوَكِّلِهِ أَيْضًا، وَيَكُونُ الْوَكِيلُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَالرَّسُولِ يَعْنِي كَمَا تَعُودُ حُقُوقُ الْعَقْدِ فِي الرِّسَالَةِ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1462) إلَى الْمُرْسِلِ، فَلَوْ أَضَافَ الْوَكِيلُ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ كَانَتْ حُقُوقُ الْعَقْدِ عَائِدَةً إلَى الْمُوَكِّلِ أَيْضًا، وَقَدْ ذُكِرَتْ صُوَرُ إضَافَةِ الْعَقْدِ إلَى الْمُوَكِّلِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1453) وَالْوَكِيلُ وَإِنْ كَانَ مُخَيَّرًا فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالصُّلْحِ عَنْ إقْرَارٍ فِي إضَافَةِ الْعَقْدِ إلَى نَفْسِهِ أَوْ إلَى مُوَكِّلِهِ وَلَكِنْ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي الشِّرَاءِ فَقَطْ فَقَدْ جَاءَ فِي التَّنْوِيرِ يَلْزَمُ أَنْ يُضِيفَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ، فَلَوْ اشْتَرَى بِالْإِضَافَةِ إلَى مُوَكِّلِهِ فَلَا يَنْفُذُ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَمْ يَرْضَ فِي الصُّورَةِ الَّتِي تَرْجِعُ حُقُوقُ الْعَقْدِ فِيهَا إلَى الْوَكِيلِ بِرُجُوعِ حُقُوقِ الْعَقْدِ إلَيْهِ وَأَقَامَ وَكِيلًا بِعَقْدِ الشِّرَاءِ.
وَالْوَكِيلُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فُضُولِيٌّ فِي هَذَا الشِّرَاءِ، وَيَكُونُ الْعَقْدُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ مُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ أَوْجَبَ الْبَيْعَ لِلْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلُ قَبِلَ ذَلِكَ الْإِيجَابَ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ: قَبِلْتُ لِفُلَانٍ الْمُوَكِّلِ، فَكَأَنَّهُ قَبُولٌ لِغَيْرِهِ وَيَتَعَذَّرُ تَنْفِيذُهُ عَلَيْهِ فَيُتَوَقَّفُ (الْبَحْرُ) . وَيَنْفُذُ عِنْدَ الزَّيْلَعِيّ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ بِالشِّرَاءِ لَمَّا كَانَتْ مُطْلَقَةً وَغَيْرَ مُقَيَّدَةٍ بِالْإِضَافَةِ إلَى أَحَدٍ، فَكَمَا أَنَّ لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ أَنْ يُضِيفَهَا إلَى نَفْسِهِ فَلَهُ أَنْ يُضِيفَهَا إلَى مُوَكِّلِهِ وَيُسْتَدَلُّ مِنْ ذِكْرِ الْمَجَلَّةِ الْمَسْأَلَةَ مُطْلَقَةً كَوْنُهَا قَدْ قَبِلَتْ بَيَانَ الزَّيْلَعِيّ (أَبُو السُّعُودِ) . حُقُوقُ الْعَقْدِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ - كَتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ، قَبْضِ الثَّمَنِ، الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ، الْخُصُومَةِ بِالْعَيْبِ فِي الْإِجَارَةِ، فَسْخِ الْإِجَارَةِ بَعْدَ الْإِجَارَةِ وَقَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ قَبْضِ الْأُجْرَةِ، وَإِعْطَاءِ الْأُجْرَةِ فِي الِاسْتِئْجَارِ وَمَا إلَى ذَلِكَ مِنْ الْأَشْيَاءِ. كَذَلِكَ يُسْتَفَادُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ الْآتِيَةِ: حُقُوقُ الْعَقْدِ فِي الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ: أَوَّلًا - مَثَلًا إذَا لَمْ يُكِفْ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ وَاكْتَفَى بِإِضَافَتِهِ إلَى نَفْسِهِ، مَثَلًا لَوْ بَاعَ مَالًا لِمُوَكِّلِهِ بِقَوْلِهِ لِشَخْصٍ بِعْتُ لَكَ هَذَا الْمَالَ. كَانَ مَجْبُورًا عَلَى تَسْلِيمِ الْبَيْعِ لِلْمُشْتَرِي وَيُطَالِبُ الْمُشْتَرِي الْوَكِيلَ بِأَنْ يُسَلِّمَ الْمَبِيعَ لَهُ. وَلَا يُطَالِبُ الْمُوَكِّلَ. فَهَا قَدْ رُئِيَ أَنَّ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ هُوَ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ وَأَنَّهُ عَائِدٌ إلَى الْوَكِيلِ. وَيُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ مُطْلَقًا أَنَّ لِلْوَكِيلِ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ قَبْلَ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَلَوْ نَهَى الْمُوَكِّلُ
وَكِيلَهُ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ، وَلَا حُكْمَ لَهُ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ كَانَ بَعْدَ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ قَدْ نَهَى الْوَكِيلَ عَنْ حَقٍّ عَائِدٍ إلَيْهِ وَهَذَا النَّهْيُ لَيْسَ مِنْ صَلَاحِيَّةِ الْمُوَكِّلِ (الْبَحْرُ بِزِيَادَةٍ أَبُو السُّعُودِ) وَإِنْ سَلَّمَ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ ثُمَّ نَوَى الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ (الْخَانِيَّةُ) . وَبُطْلَانُ نَهْيِهِ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ بِتَمَسُّكِ الْمَجَلَّةِ بِالْمَادَّةِ (278)(تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) ، وَقَدْ مَرَّ فِي الْمَسَائِلِ الِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ الْمُتَفَرِّعَةِ عَنْ الضَّابِطِ الْأَوَّلِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1456) حُكْمٌ مُنَاسِبٌ لِهَذَا. لَكِنْ إذَا كَانَ الْمَالُ الَّذِي بَاعَهُ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ لَا يَزَالُ فِي يَدِ الْمُوَكِّلِ وَلَمْ يَكُنْ الْبَيْعُ نَسِيئَةً، فَلِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ، أَمَّا إذَا كَانَ الْبَيْعُ نَسِيئَةً، فَيُجْبَرُ الْمُوَكِّلُ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الْمَالَ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ نَسِيئَةً أَيْ مُعَجَّلًا وَأَخَذَ الْمُوَكِّلُ بَعْدَ ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ الْوَكِيلِ وَأَرَادَ عَدَمَ تَسْلِيمِهِ، فَأَخَذَهُ الْوَكِيلُ مِنْ دَارِ الْمُوَكِّلِ بِلَا إذْنِهِ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ يُنْظَرُ. فَإِذَا كَانَ الْأَخْذُ الْمَذْكُورُ بَعْدَ الْبَيْعِ فَلَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ ضَمَانٌ، أَمَّا إذَا كَانَ الْأَخْذُ الْمَذْكُورُ قَبْلَ الْبَيْعِ وَبَعْدَ نَهْيِ الْمُوَكِّلِ عَنْ الْقَبْضِ، فَيَلْزَمُ الْوَكِيلَ الضَّمَانُ، وَإِذَا لَمْ يَتْلَفْ الْمَبِيعُ وَبَاعَهُ الْوَكِيلُ جَازَ (الْبَحْرُ) . ثَانِيًا - وَلَهُ أَنْ يَطْلُبَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيَقْبِضَهُ، وَيَجْبُرَ الْمُشْتَرِي عَلَى إعْطَاءِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ لِلْوَكِيلِ حَتَّى أَنَّ السَّنَدَ الَّذِي أَخَذَهُ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ فِي مُقَابِلِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ بِاسْمِ مُوَكِّلِهِ، يَعْنِي لَوْ أَعْطَى الْمُشْتَرِي سَنَدًا مُبَيِّنًا فِيهِ أَنَّ لِلْمُوَكِّلِ كَذَا دِرْهَمًا دَيْنًا عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ يَكُونُ حَقُّ الْقَبْضِ لِلْوَكِيلِ أَيْضًا وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ بِالْكِتَابَةِ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ كَوْنِهِ وَكِيلًا، مَا لَمْ يَكُنْ الْمُوَكِّلُ قَدْ قَبَضَ الثَّمَنَ الْمَذْكُورَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ فِي هَذِهِ الْحَالِ أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ تَكْرَارًا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ الْوَاحِدَ لَا يُسْتَوْفَى مَرَّتَيْنِ. ثَالِثًا - لَا يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى دَفْعِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَتَسْلِيمِهِ إلَى الْمُوَكِّلِ وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ إعْطَاءِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ عَائِدَةٌ إلَى الْوَكِيلِ أَصَالَةً، وَالْمُوَكِّلُ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُ (الْبَحْرُ، الطَّحْطَاوِيُّ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) حَتَّى أَنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ لَوْ غَابَ بَعْدَ أَنْ بَاعَ مَالَ مُوَكِّلِهِ فَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَطْلُبَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُشْتَرِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . لَكِنْ إذَا أَعْطَى الْمُشْتَرِي ثَمَنَ الْمَبِيعِ إلَى الْمُوَكِّلِ بِرِضَاهُ جَازَ وَبَرِئَ مِنْ الدَّيْنِ اسْتِحْسَانًا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1053) ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ الْمَقْبُوضَ حَقُّ الْمُوَكِّلِ، وَقَدْ وَصَلَ إلَيْهِ وَلَا فَائِدَةَ مِنْ أَخْذِهِ مِنْهُ ثُمَّ الدَّفْعِ إلَيْهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . رَابِعًا - وَيُقِيمُ ادِّعَاءَ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ فِي مُوَاجَهَةِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ، وَإِذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ أَعْطَى ثَمَنَ الْمَبِيعِ إلَى الْوَكِيلِ وَأَنْكَرَ الْوَكِيلُ تَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الْوَكِيلِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ. وَإِذَا نَكَلَ عَنْ
الْيَمِينِ ثَبَتَ الْقَبْضُ وَكَانَ الْوَكِيلُ مَحْكُومًا؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ الْمَرْقُومَ إمَّا بَاذِلٌ أَوْ مُقِرٌّ فِي نُكُولِهِ وَيَضْمَنُ الثَّمَنَ إلَى مُوَكِّلِهِ عَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ (ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) .
خَامِسًا - يَصِحُّ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ لِوَكِيلِ الْبَيْعِ إذَا بَاعَ مَالًا فِي مُقَابِلِ دَيْنٍ ثَابِتٍ فِي ذِمَّتِهِ وَلَمْ يَكُنْ قَدْ قَبَضَ الثَّمَنَ أَنْ يُبَرِّأَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ يَحُطَّ مِقْدَارًا مِنْهُ أَوْ يَهَبَهُ إيَّاهُ أَوْ يَقْبَلَ الثَّمَنَ حَوَالَةً عَلَى مَلِيٍّ أَوْ مُمَاثِلٍ أَوْ دُونٍ وَيَكُونُ ضَامِنًا لِمُوَكِّلِهِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ رَاجِعَةٌ إلَى الْعَاقِدِ، وَهَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ مِنْ حُقُوقِهِ فَيَمْلِكُهَا وَدَفْعُ الضَّرَرِ عَنْ الْمُوَكِّلِ حَاصِلٌ بِتَضْمِينِ الْوَكِيلِ كُلَّ الثَّمَنِ لِلْمُوَكِّلِ فِي الْحَالِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . إلَّا أَنَّهُ إذَا أَبْرَأَ الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ الْمُشْتَرِيَ مَعًا، وَتَحْصُلُ الْبَرَاءَةُ بِإِبْرَاءِ الْمُوَكِّلِ فَهُوَ يَرْجِعُ عَلَى وَكِيلِهِ (الْبَحْرُ) أَمَّا الْوَكِيلُ فَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُبَرِّئَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الثَّمَنِ بَعْدَ قَبْضِهِ إيَّاهُ أَوْ يَحُطَّ مِنْهُ أَوْ يَهَبَهُ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَنُ الْمَبِيعِ دَيْنًا وَكَانَ عَيْنًا، فَوَهَبَهُ الْوَكِيلُ ذَلِكَ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي لَيْسَ صَحِيحًا اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (857)(الْهِنْدِيَّةُ، الْأَنْقِرْوِيُّ) أَمَّا بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَلَا يَمْلِكُ الْحَطَّ وَالْإِبْرَاءَ وَالْإِقَالَةَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . سَادِسًا - لِلْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ تَأْجِيلُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَإِقَالَةُ الْبَيْعِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1505) سَابِعًا - إذَا كَانَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ كَفِيلًا بِثَمَنِ الْمَبِيعِ فَلَا يَصِحُّ، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (630) ثَامِنًا - لَوْ حَوَّلَ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِ الْمَبِيعِ الْمُوَكِّلَ عَلَى الْوَكِيلِ عَلَى أَنْ يَكُونَ بَرِيئًا مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ فَلَا تَصِحُّ، فَإِنْ أَدَّى بِحُكْمِ الضَّمَانِ رَجَعَ لِبُطْلَانِهِ وَبِدُونِهِ لَا لِتَبَرُّعِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . تَاسِعًا، لَوْ حَوَّلَ الْوَكِيلُ مُوَكِّلَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي عَلَى أَنْ يَأْخُذَ ثَمَنَ الْمَبِيعِ تَصِحُّ وَتَكُونُ هَذِهِ الْحَوَالَةُ وَكَالَةً بِقَبْضِ الثَّمَنِ وَلَيْسَتْ حَوَالَةً فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْمُوَكِّلِ عَلَى وَكِيلِهِ، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (673) . عَاشِرًا - إذَا وَكَّلَ وَكِيلُ الْبَيْعِ مُوَكِّلَهُ بِقَبْضِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُشْتَرِي كَانَ صَحِيحًا، وَلَهُ أَنْ يَعْزِلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ الْوَكِيلُ قَدْ امْتَنَعَ عَنْ قَبْضِ الثَّمَنِ وَحُكِمَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى شَكْوَى مُوَكِّلِهِ بِتَوْكِيلِهِ مُوَكِّلَهُ بِقَبْضِ الثَّمَنِ وَوَكَّلَ الْوَكِيلُ مُوَكِّلَهُ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ، وَلَا يُمْكِنُهُ عَزْلُهُ حِينَئِذٍ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1504)(تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) الْحَادِيَ عَشَرَ - لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِبَيْعِ مَالِهِ عَلَى أَلَا يَكُونَ لِلْوَكِيلِ حَتَّى قَبْضِ ثَمَنِهِ فَالْوَكَالَةُ صَحِيحَةٌ. وَهَذَا الشَّرْطُ وَالنَّهْيُ بَاطِلَانِ. الثَّانِيَ عَشَرَ - إذَا تُوُفِّيَ أَوْ جُنَّ الْمُوَكِّلُ بَعْدَ أَنْ بَاعَ الْوَكِيلُ الْمَالَ، فَلِلْوَكِيلِ الْمَرْقُومِ قَبْضُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ أَيْضًا.
الثَّالِثَ عَشَرَ - إذَا كَانَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مَدِينًا لِلْمُشْتَرِي بِشَيْءٍ مِنْ جِنْسِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَقَعَ التَّقَاصُّ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ، وَيَضْمَنُ الْوَكِيلُ إلَى مُوَكِّلِهِ مِقْدَارَ مَا وَقَعَ التَّقَاصُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنَهُ بِمَالِ الْمُوَكِّلِ وَهَذَا عِنْدَهُمَا.
قَالَ الْإِمَامُ أَبُو يُوسُفَ: لَا تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بِدَيْنِ الْوَكِيلِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ إبْرَاءِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ مِنْ الثَّمَنِ، فَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ إبْرَاؤُهُ فَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ، وَعِنْدَهُ لَا يَجُوزُ فَلَا تَقَعُ، وَوَجْهُ الْبِنَاءِ أَنَّ الْمُقَاصَّةَ إبْرَاءٌ بِعِوَضٍ، فَيُعْتَبَرُ بِالْإِبْرَاءِ بِغَيْرِ عِوَضٍ. أَمَّا إذَا كَانَ الْمُوَكِّلُ فَقَطْ مَدِينًا لِلْمُشْتَرِي، فَكَمَا أَنَّهُ يَقَعُ التَّقَاصُّ بِدَيْنِهِ: فَإِذَا كَانَ الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ مَدِينَيْنِ مَعًا فَيَقَعُ التَّقَاصُّ أَيْضًا وَإِنْ هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ بَطَلَتْ الْمُقَاصَّةُ، وَلَا ضَمَانَ لِلْمُوَكِّلِ عَلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ بِالْهَلَاكِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ مِنْ أَصْلِهِ.
الرَّابِعَ عَشَرَ - إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الْمَأْمُورَ بِبَيْعِهِ إلَى دَائِنِهِ فِي مُقَابِلِ مَا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ يَصِحُّ وَيَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ وَيَضْمَنُ الثَّمَنَ لِمُوَكِّلِهِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .
الْخَامِسَ عَشَرَ - إذَا ظَهَرَ لِلْمَالِ الْمُشْتَرَى أَيْ الْمَالِ الَّذِي بَاعَهُ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ مُسْتَحِقٌّ وَضُبِطَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ بَعْدُ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ بَعْدَ الدَّعْوَى وَالْحَلِفِ وَالْحُكْمِ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ يَعْنِي يَطْلُبُ الثَّمَنَ الَّذِي أَعْطَاهُ لَهُ وَيَرْجِعُ الْوَكِيلُ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِالثَّمَنِ فِيمَا إذَا سَلَّمَ الْوَكِيلُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ إلَى مُوَكِّلِهِ (الْبَحْرُ) . كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ أَحَدٌ مَالَ آخَرَ بِالْوَكَالَةِ لِشَخْصٍ بِأَلْفِ قِرْشٍ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَبَاعَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ لِلْوَكِيلِ بِتِسْعِمِائَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ وَضُبِطَ بَعْدَ ذَلِكَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ مِنْ يَدِ الْوَكِيلِ بِالِاسْتِحْقَاقِ، يَرْجِعُ الْوَكِيلُ بِتِسْعِمِائَةِ قِرْشٍ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ، وَيَرْجِعُ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ بِأَلْفِ قِرْشٍ عَلَى الْوَكِيلِ وَالْوَكِيلُ أَيْضًا يَرْجِعُ بِأَلْفِ قِرْشٍ عَلَى الْمُوَكِّلِ. وَفَائِدَةُ الرُّجُوعِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ تَظْهَرُ فِي اخْتِلَافِ الثَّمَنِ كَمَا فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ (الْبَحْرُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
السَّادِسَ عَشَرَ - الرَّدُّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ أَيْضًا. وَعَلَيْهِ لَوْ اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ أَنْ بَاعَ مَالَ مُوَكِّلِهِ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فِي الْمَالِ. فَلَهُ رَدُّهُ إلَى الْوَكِيلِ بِالْعَيْبِ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ إلَى الْمُوَكِّلِ، وَإِذَا رَدَّهُ إلَى الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ فَإِذَا أَعْطَى الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ إلَى الْوَكِيلِ يَأْخُذُهُ مِنْ الْوَكِيلِ سَوَاءٌ أَعْطَى الْوَكِيلُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ إلَى مُوَكِّلِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ قَدْ أَعْطَاهُ وَحَفِظَهُ فِي يَدِهِ.
فَإِذَا أَعْطَى الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ إلَى الْمُوَكِّلِ يَسْتَرِدُّهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ (أَيْ بِرِضَاهُ) كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي عَيْبًا قَدِيمًا وَأَقَرَّ الْمُوَكِّلُ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ مَعَ أَنَّ الْوَكِيلَ قَدْ أَنْكَرَهُ فَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ بِهَذَا الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ الْخُصُومَةَ بِالْعَيْبِ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ. أَمَّا الْمُوَكِّلُ فَهُوَ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُ (الْبَحْرُ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، الطَّحْطَاوِيُّ) وَبِالْعَكْسِ إذَا أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَأَنْكَرَهُ الْمُوَكِّلُ يُرَدُّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ. وَيَكُونُ إقْرَارُ الْوَكِيلِ هَذَا صَحِيحٌ فِي حَقِّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ. لَكِنَّهُ يَكُونُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ صَحِيحًا وَفِي بَعْضِهَا غَيْرَ صَحِيحٍ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ حُدُوثُ ذَلِكَ الْعَيْبِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي مُمْكِنًا فِي الْمُدَّةِ الَّتِي بَعْدَ أَنْ اشْتَرَى الْمُشْتَرِي مِنْ الْوَكِيلِ. فَيَحْكُمُ الْحَاكِمُ سَوَاءٌ أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِالْعَيْبِ أَمْ أَنْكَرَهُ بِرَدِّ
ذَلِكَ الْمَالِ إلَى الْوَكِيلِ بِلَا إثْبَاتٍ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَرُدُّهُ الْوَكِيلُ عَلَى رِوَايَةٍ إلَى مُوَكِّلِهِ أَيْضًا، الْوَكِيلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْخُصُومَةِ مَعَ الْمُوَكِّلِ (التَّكْمِلَةُ مُلَخَّصًا) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَبِيعُ فِي هَذِهِ الْحَالِ فِي يَدِ الْمُوَكِّلِ وَوُجُودُ الْعَيْبِ فِيهِ مُتَيَقَّنًا عِنْدَ الْقَاضِي، فَحُكْمُ الْحَاكِمِ لَيْسَ مُسْتَنِدًا إلَى إقْرَارِ الْوَكِيلِ أَوْ إلَى النُّكُولِ (الْبَحْرُ) قَالَ فِي الْمَوَاهِبِ: لَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِمَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ بِالْإِقْرَارِ، يَلْزَمُ الْوَكِيلَ وَلُزُومُ الْمُوَكِّلِ رِوَايَةً (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَإِذَا كَانَ حُدُوثُ الْعَيْبِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ مُمْكِنًا وَأَنْكَرَ الْوَكِيلُ قِدَمَ الْعَيْبِ، فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى قِدَمِهِ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ ثَابِتٌ فِي حَقِّ الْكَافَّةِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ مُطْلَقَةٌ مُتَعَدِّيَةٌ، فَيَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ كَمَا لَزِمَ الْوَكِيلَ.
وَإِذَا نَكَلَ الْوَكِيلُ لَدَى الِاسْتِحْلَافِ يُحْكَمُ بِرَدِّ ذَلِكَ الْمَالِ إلَى الْوَكِيلِ. وَيَرُدُّهُ الْوَكِيلُ أَيْضًا فِي هَذِهِ الْحَالِ إلَى مُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ فَكَمَا أَنَّهَا حُجَّةٌ مُطْلَقَةٌ وَالْعَيْبُ بَعِيدٌ عَنْ عِلْمِ الْوَكِيلِ لِعَدَمِ مُمَارَسَتِهِ الْمَبِيعَ فَالْوَكِيلُ مُضْطَرٌّ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ فِي النُّكُولِ. أَمَّا النُّكُولُ فَهُوَ بَذْلٌ أَوْ إقْرَارٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا حَقُّهُ أَنْ لَا يَنْفُذَ عَلَى الْمُوَكِّلِ، لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ النُّكُولُ مُضْطَرًّا إلَيْهِ يَنْفُذُ الْعَيْبُ عَنْ عِلْمِهِ بِاعْتِبَارِ عَدَمِ مُمَارَسَتِهِ الْمَبِيعَ لَزِمَ الْآمِرَ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْوَكِيلِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . أَمَّا إذَا أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِعَيْبٍ كَهَذَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِالرَّدِّ إلَى الْوَكِيلِ، وَالْوَكِيلُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُمْكِنُهُ رَدُّهُ إلَى مُوَكِّلِهِ وَيَبْقَى ذَلِكَ لِلْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ الْمَذْكُورَ.
وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي حَقِّ الْوَكِيلِ، فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ وَكَالَةَ الْوَكِيلِ تَنْتَهِي بِتَسْلِيمِهِ الْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي وَإِقْرَارُهُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ غَيْرُ لَازِمٍ (الْبَحْرُ) ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ وَهُوَ غَيْرُ مُضْطَرٍّ إلَيْهِ لِإِمْكَانِهِ السُّكُوتَ وَالنُّكُولَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . لَكِنْ لِلْوَكِيلِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى الْمُوَكِّلِ بَيَانَ كَوْنِهِ يُوجَدُ عَيْبٌ قَدِيمٌ فِي ذَلِكَ الْمَالِ إذَا أَثْبَتَ الْوَكِيلُ أَوْ نَكَلَ الْمُوَكِّلُ عَنْ الْيَمِينِ الْمُكَلَّفِ بِهَا فَيَرُدُّهُ الْوَكِيلُ أَيْضًا إلَى مُوَكِّلِهِ وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ الْوَكِيلُ الْإِثْبَاتَ أَوْ حَلَفَ الْيَمِينَ أَيْضًا كَانَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ عَائِدًا إلَى الْوَكِيلِ (الْبَحْرُ) .
فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَرُدُّهُ وَيُخَاصِمُ الْمُوَكِّلَ وَالْإِقْرَارُ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَبَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ؟ قُلْنَا الرَّدُّ مَا حَصَلَ بِإِقْرَارِهِ بَلْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي بِكُرْهٍ مِنْهُ فَجُعِلَ فَسْخًا لَكِنْ اسْتَنَدَ لِدَلِيلٍ قَاصِرٍ فَمَعْنَى الْفَسْخِ عِنْدَ الْبُرْهَانِ وَلُزُومِ الْوَكِيلِ عِنْدَ عَدَمِهِ عَمَلًا بِقُصُورِ الْمُسْتَنَدِ وَهُوَ الْإِقْرَارُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . مَعَ ذَلِكَ إذَا أَقَرَّ الْوَكِيلُ بِالْعَيْبِ الَّذِي لَا يُتَصَوَّرُ حُدُوثُهُ فِي مُدَّةٍ كَهَذِهِ. لَكِنْ إذَا قَبِلَ بِرِضَاهُ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَأَخَذَهُ، فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى الْمُوَكِّلِ كَوْنَ ذَلِكَ الْمَالِ مَعِيبًا وَيَبْقَى فِي يَدِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ بِالرِّضَا فِي حَقِّ الثَّالِثِ بَيْعٌ جَدِيدٌ، أَمَّا الْمُوَكَّلُ فَقَدْ كَانَ ثُلُثًا. أَمَّا بِالْقَضَاءِ فَفَسْخٌ؛ لِأَنَّ لِلْحَاكِمِ وِلَايَةً عَامَّةً، وَلَمَّا كَانَ الْإِقْرَارُ حُجَّةً قَاصِرَةً وَحَيْثُ إنَّ الرَّدَّ بِالْقَضَاءِ فَسْخٌ، فَلِلْوَكِيلِ حَقٌّ فِي الْمُخَاصَمَةِ وَحَيْثُ إنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ، فَلَا تَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ بِلَا حُجَّةٍ (الْبَحْرُ مَعَ التَّعْلِيقَاتِ عَلَيْهِ، تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ)
كَذَلِكَ إذَا وَجَدَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ عَيْبًا قَدِيمًا بَعْدَ أَنْ تُوُفِّيَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ يَرُدُّهُ إلَى وَصِيِّ الْوَكِيلِ أَوْ إلَى وَارِثِهِ. وَإِلَّا فَيَرُدُّ مُوَكِّلَهُ (الْبَحْرُ) . وَسَتَأْتِي بَعْضُ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِرَدِّ الْعَيْبِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1505) .
حُقُوقُ الْعَقْدِ فِي الْوَكَالَةِ بِالشِّرَاءِ: أَوَّلًا - وَإِذَا لَمْ يُضِفْ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ الْعَقْدَ إلَى مُوَكِّلِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِقَوْلِهِ اشْتَرَيْتُ هَذَا الْمَالَ مِنْكَ بِكَذَا قِرْشًا مَثَلًا: يَقْبِضُ الْمَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ وَيُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ. وَلَا يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ لِلْمُوَكِّلِ. ثَانِيًا - يُجْبَرُ الْوَكِيلُ عَلَى إعْطَاءِ ثَمَنِ الْمَالِ الْمُشْتَرَى مِنْ مَالِهِ وَلَوْ لَمْ يَأْخُذْهُ مِنْ مُوَكِّلِهِ (الْبَحْرُ) وَيَرْجِعُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ عَلَى مُوَكِّلِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1491) .
وَلَوْ أَعْطَى الْمُوَكِّلُ الثَّمَنَ إلَى الْمُوَكَّلِ وَلَمْ يُعْطِهِ الْوَكِيلُ إلَى الْبَائِعِ وَاسْتَهْلَكَهُ، فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَحْبِسَ الْمَبِيعَ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ. وَلَوْ دَفَعَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ الثَّمَنَ إلَى الْوَكِيلِ فَاسْتَهْلَكَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ، كَانَ لِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ، وَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ إلَى الْبَائِعِ بَاعَ الْقَاضِي الْمَبِيعَ بِالثَّمَنِ إذَا رَضِيَا وَإِلَّا فَلَا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ بِتَغْيِيرٍ) . ثَالِثًا - لَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُطَالِبَ بِالثَّمَنِ مُوَكَّلَ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ (الْبَحْرُ) . رَابِعًا - إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِلْمَالِ الْمُشْتَرَى وَهُوَ لَمْ يَزَلْ فِي يَدِ الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ. فَادَّعَاهُ وَأَثْبَتَهُ وَضَبَطَهُ مِنْ يَدِهِ بَعْدَ الْحَلِفِ، يَرْجِعُ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ عَلَى بَائِعِهِ وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ مِنْهُ. وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَطَلَبِ الثَّمَنِ الَّذِي أَعْطَاهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ، التَّكْمِلَةُ) . خَامِسًا - وَإِذَا ظَهَرَ عَيْبٌ قَدِيمٌ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَى كَانَ لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ حَقُّ الرَّدِّ وَسَنَأْتِي بِتَفْصِيلَاتِ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (1489) لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ أَنْ يُبَرِّئَ بَائِعَهُ مِنْ الْعَيْبِ وَإِنْ كَانَ لَهُ حَقُّ الْمُخَاصَمَةِ مَعَ الْبَائِعِ لِأَجْلِ الْعَيْبِ وَاخْتَلَفُوا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ (الْبَحْرُ) . سَادِسًا - لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ أَنْ يَرْضَى بِالْعَيْبِ وَلِلْوَكِيلِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَقْبَلَ الْمَبِيعَ وَإِنْ شَاءَ أَلْزَمَ الْوَكِيلَ. وَإِذَا تَلِفَ الْمَالُ الْمُشْتَرَى فِي يَدِ الْوَكِيلِ قَبْلَ إلْزَامِ الْوَكِيلِ تَلِفَ عَلَى الْمُوَكِّلِ (التَّكْمِلَةُ) . يَجُوزُ الرِّضَاءُ بِالْعَيْبِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْإِبْرَاءُ فِي الْفَرْقِ. سَابِعًا - لِلشَّفِيعِ أَنْ يُخَاصِمَ وَكِيلَ الْمُشْتَرِي الَّذِي لَمْ يَزَلْ فِي يَدِهِ الْمَالُ الْمُشْتَرَى (الْمُلْتَقَى) . ثَامِنًا - إذَا وَجَدَ الْمُوَكِّلُ فِي الْمُشْتَرَى عَيْبًا قَدِيمًا بَعْدَ أَنْ تُوُفِّيَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ يَرُدُّهُ وَصِيُّ الْوَكِيلِ أَوْ وَارِثُهُ. وَإِذَا لَمْ يُوجَدْ هَؤُلَاءِ يَرُدُّهُ الْمُوَكِّلُ (الْبَحْرُ، وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . حُقُوقُ الْعَقْدِ فِي الْإِجَارَةِ: