الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَذْكُورُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1493) الْمَذْكُورَةِ جَارٍ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وَعَلَيْهِ يَلْزَمُهُ إيجَادُ فَرْقٍ. فَلْيُتَأَمَّلْ فِي الْجَوَابِ، قِيلَ (قَبْلَ ثَمَنِ الْمَبِيعِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ إقَالَةُ الْبَيْعِ بَعْدَ قَبْضِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ مِنْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ صَارَ مِلْكًا لِلْمُوَكِّلِ وَلِأَنَّ وَضْعَ يَدِ الْوَكِيلِ بِالْوَكَالَةِ عَلَى الْمَقْبُوضِ تُثْبِتُ يَدَ الْمُوَكِّلِ وَعَلَيْهِ لَا يُمْكِنُ الْوَكِيلُ أَنَّ؟ الْمُوَكَّلَ بِهَذِهِ الْإِقَالَةِ (الْخَانِيَّةُ اسْتِنْبَاطًا وَالْهِنْدِيَّةُ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَقَوْلُهُ لَا تَنْفُذُ هَذِهِ الْإِقَالَةُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ. لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الرَّدِّ بِخِيَارِ الشَّرْطِ، وَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ، وَخِيَارِ الْعَيْبِ، وَفَسَادِ الْبَيْعِ. وَأَمَّا هَذِهِ فَتَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ أَيْضًا. فَعَلَيْهِ إذَا رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِخِيَارِ الشَّرْطِ أَوْ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ لِلْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ فَلِهَذَا أَنْ يَرُدَّهُ إلَى مُوَكِّلِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ رَدُّ الْمُشْتَرِي بِحُكْمِ الْحَاكِمِ أَمْ بِلَا حُكْمِ الْحَاكِمِ. كَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى الْمُشْتَرِي مِنْ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ مَالًا وَقَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ، ادَّعَى عَيْبَهُ فَأَقَرَّ الْوَكِيلُ بِكَوْنِهِ مَعِيبًا وَرَدَّهُ لِلْوَكِيلِ فَلِلْوَكِيلِ حِينَئِذٍ رَدُّهُ إلَى مُوَكِّلِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ رَدُّ الْمُشْتَرِي الْمَذْكُورُ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ أَمْ بِدُونِ حُكْمِ الْحَاكِمِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (الـ 1461)(الطَّحْطَاوِيُّ) . أَمَّا الرَّدُّ بِفَسَادِ الْبَيْعِ، كَمَا إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ بَيْعًا فَاسِدًا وَسَلَّمَ لِلْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَأَعْطَى الثَّمَنَ لِمُوَكِّلِهِ بِالْقَبْضِ؛ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَأَنْ يَسْتَرِدَّ الثَّمَنَ مِنْ مُوَكِّلِهِ. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْمُوَكِّلُ رَاضِيًا؛ لِأَنَّ هَذَا الرَّدَّ وَالْفَسْخَ حَقٌّ لِلشَّرْعِ (الْبَحْرُ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (372)(تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَتَعْبِيرُ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْوَكِيلِ بِالْإِيجَارِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْإِجَارَةِ لَوْ أَقَالَ الْإِجَارَةَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَقَبْلَ أَخْذِ الْأُجْرَةِ يَجُوزُ كَمَا مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1459) .
[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَأْمُورِ بِالْإِيفَاءِ]
قَدْ بُيِّنَ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ بَعْضُ قَوَاعِدَ لِرُجُوعِ الْمَأْمُورِ عَلَى الْآمِرِ بَعْدَ إيفَائِهِ الْمَأْمُورَ بِهِ وَصَرَفَ مِنْ مَالِهِ عَلَى إيفَائِهِ. بِمَا أَنَّهُ بَعْضُ مُسْتَثْنَيَاتٍ إذَا أُخِذَتْ الْقَوَاعِدُ الْمَذْكُورَةُ مُنْفَرِدَةً تَخِلُّ بِكُلِّيَّتِهَا فَلْنُبَادِرْ إلَى سَرْدِ وَإِيضَاحِ الْقَوَاعِدِ الْآتِيَةِ النَّاشِئَةِ عَنْ مَزْجِ الْقَوَاعِدِ الْمَذْكُورَةِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ. الْقَاعِدَةُ الْأُولَى - إذَا أَوْفَى أَحَدٌ مِنْ مَالِهِ مَا هُوَ مُطَالَبٌ بِهِ آخَرَ مَعَ الْحَبْسِ وَالْمُلَازَمَةِ أَوْ مَا هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وُجُوبًا دُنْيَوِيًّا أَوْ إذَا مَلَكَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ الشَّيْءَ الْمَدْفُوعَ فِي مُقَابِلِ الْمَالِ الْمَمْلُوكِ بِأَمْرِ ذَلِكَ الْآخَرِ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ شَرْطٌ لِلرُّجُوعِ كَنَفَقَةِ الْأَوْلَادِ وَالْعِيَالِ وَأَدَاءِ الدَّيْنِ وَإِنْشَاءِ الدَّارِ وَإِعْطَاءِ بَدَلِ الْغَصْبِ وَتَكْفِينِ الْمُتَوَفَّى وَالْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَالْأَمْرِ بِإِعْطَاءِ الْعِوَضِ.
إيضَاحُ الْقُيُودِ وَالْأَمْثِلَةِ: الْحَبْسُ وَالْمُلَازَمَةُ: يَخْرُجُ بِهَذَا الْقَيْدِ إعْطَاءُ النُّذُورِ وَالْكَفَّارَةِ وَالزَّكَاةِ، وَالْأَمْرِ بِالْإِحْجَاجِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ يُطَالَبُ بِهَا مَنْ تَكُونُ لَازِمَةً لَهُ فَلَا يَكُونُ مُطَالَبًا مَعَ الْحَبْسِ وَالْمُلَازَمَةِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْوُجُوبُ الدُّنْيَوِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ مَعَ الْحَبْسِ وَالْمُلَازَمَةِ وَقَدْ ذُكِرَتْ نَفَقَةُ الْأَوْلَادِ وَالْعِيَالِ فِي الْمَادَّةِ (1508) وَأَدَاءُ الدِّينِ فِي الْمَادَّةِ (1506) وَإِنْشَاءُ الدَّارِ فِي الْمَادَّةِ (1508) . إعْطَاءُ بَدَلِ الْغَصْبِ، إذَا لَزِمَ الْغَاصِبَ إعْطَاءُ الْبَدَلِ بِنَاءً عَلَى غَصْبِهِ مَالًا وَاسْتِهْلَاكِهِ إيَّاهُ فَقَالَ: لِآخَرَ أَعْطِ بَدَلَ الْغَصْبِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ مِنْ مَالِكَ وَأَعْطَاهُ الْآخَرُ رَجَعَ عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ الَّذِي هُوَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ يَمْلِكُ الْبَدَلَ الَّذِي أَخَذَهُ فِي مُقَابِلِ الْمَالِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ.
تَكْفِينُ الْمُتَوَفَّى: إذَا أَمَرَ أَحَدُ وَرَثَةِ الْمُتَوَفَّى أَحَدًا بِتَكْفِينِ مَيِّتِهِ وَكَفَّنَهُ رَجَعَ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ بِنَاءً عَلَى مَا وَرَدَ فِي الرِّضَى (التَّنْقِيحُ) ؛ لِأَنَّ التَّكْفِينَ وَاجِبٌ عَلَى الْوَرَثَةِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْهِبَةَ لَوْ كَانَتْ بِشَرْطِ الْعِوَضِ فَأَمَرَهُ بِالتَّعْوِيضِ عَنْهَا يَرْجِعُ بِلَا شَرْطٍ لِوُجُودِ الْمِلْكِ بِمُقَابَلَةِ مَالٍ. الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ - إذَا قَالَ: الْآمِرُ لِلْمَأْمُورِ: أَعْطِ فُلَانًا كَذَا دِرْهَمًا وَكَانَ الْمَأْمُورُ شَرِيكًا أَوْ خَلِيطًا لِلْآمِرِ أَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ فِي عِيَالِ الْآمِرِ أَوْ قَالَ الْآمِرُ أَعْطِهَا مِنِّي أَوْ كَانَ الْعُرْفُ جَارِيًا عَلَى الرُّجُوعِ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ صَيْرَفِيًّا يَرْجِعُ أَيْضًا بِلَا شَرْطِ الرُّجُوعِ. وَتَفْسِيرُ الْخَلِيطِ أَنْ يَكُون بَيْنَهُمَا أَخْذٌ وَإِعْطَاءٌ أَوْ مُوَاضَعَةٌ عَلَى أَنَّهُ مَتَى جَاءَ رَسُولُ هَذَا أَوْ وَكِيلُهُ يَبِيعُ مِنْهُ أَوْ يُقْرِضُهُ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ إجْمَاعًا إذْ الضَّمَانُ بَيْنَ الْخَلِيطَيْنِ مَشْرُوطٌ عُرْفًا إذْ الْعُرْفُ أَنَّهُ إذَا أَمَرَ شَرِيكَهُ أَوْ خَلِيطَهُ بِدَفْعِ مَالٍ إلَى غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ يَكُونُ دَيْنًا عَلَى الْآمِرِ وَالْمَعْرُوفُ كَالْمَشْرُوطِ وَأَفَادَ التَّعْلِيلُ بِالضَّمَانِ عُرْفًا أَنَّ مَا يَرَى بِهِ الْعُرْف فِي الرُّجُوعِ عَلَى الْآمِرِ يَرْجِعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَلِيطًا وَلَا فِي عِيَالٍ وَلِذَا أَثْبَتُوا الرُّجُوعَ لَلصَّيْرَفِيِّ. الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ - لَوْ قَالَ: أَحَدٌ لِآخَرَ أَعْطِ فُلَانًا مِنْ مَالِكِ كَذَا دِرْهَمًا هِبَةً أَوْ قَرْضًا أَوْ عِوَضًا لِلْهِبَةِ الَّتِي أَعْطَانِي إيَّاهَا أَوْ كَفَّارَةً عَنْ قَسَمِي أَوْ زَكَاةَ مَالِي أَوْ أَرْسِلْ فُلَانًا لِلْحَجِّ بَدَلًا عَنِّي وَشَرَطَ الرُّجُوعَ يَعْنِي قَالَ: إنَّنِي أَعْطَيْتُك إيَّاهُ بَعْدَ ذَلِكَ رَجَعَ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ رُجُوعٌ.
وَلَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ خَلِيطًا أَوْ قَالَ: الْآمِرُ أَعْطِهِ مِنِّي (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ فِي الْهِبَةِ، وَالتَّنْقِيحُ فِي الْكَفَالَةِ، وَالدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ قُبَيْلَ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ) قَدْ بَيَّنْتُ هُنَا الْإِيضَاحَاتِ الَّتِي وَعَدْنَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (868) . الْمَادَّةُ (1506) - (إذَا أَمَرَ أَحَدٌ غَيْرَهُ بِأَدَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ لِرَجُلٍ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَأَدَّاهُ الْمَأْمُورُ مِنْ مَالِهِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ شَرَطَ الْآمِرُ رُجُوعَهُ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ. يَعْنِي سَوَاءٌ شَرَطَ الْآمِرُ رُجُوعَ الْمَأْمُورِ بِأَنْ قَالَ: مَثَلًا: أَدِّ دَيْنِي عَلَى أَنْ أُؤَدِّيَهُ لَك بَعْدُ. أَوْفِ دَيْنِي وَبَعْدَهُ خُذْهُ مِنِّي أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ: فَقَطْ أَدِّ دَيْنِي) . ضَابِطٌ: يَرْجِعُ الْمَأْمُورُ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ بَعْدَ الْأَدَاءِ عَلَى آمِرِهِ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ شَرْطَ الرُّجُوعِ؛ لِأَنَّ
الْمَأْمُورَ بِأَدَاءِ الدَّيْنِ مَأْمُورٌ وَوَكِيلٌ بِشِرَاءِ الدَّيْنِ الثَّابِتِ لِلدَّائِنِ فِي ذِمَّةِ الْآمِرِ مِنْ الدَّائِنِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (471)(الْبَحْرُ) .
الشُّرُوطُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي تَقْتَضِي الرُّجُوعَ بِلَا شَرْطٍ: الشَّرْطُ الْأَوَّلُ - أَمْرُ الْمَدِينِ. وَعَلَيْهِ إذَا أَوْفَى أَحَدٌ دَيْنَ مَدِينٍ بِلَا أَمْرِهِ كَانَ مُتَبَرِّعًا وَلَا يُحْسَبُ ذَلِكَ مِمَّا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ لِذَلِكَ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى) كَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ فَرَسًا لِآخَرَ وَقَالَ: لَهُ: بِعْ هَذِهِ وَفِ بِثَمَنِهَا مَا عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ لِفُلَانٍ وَأَعْطَى الْمَأْمُورُ ذَلِكَ الدَّيْنَ مِنْ مَالِهِ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَ الْفَرَسَ كَانَ مُتَبَرِّعًا (الْهِنْدِيَّةُ) قَدْ ذَكَرَ بَعْضَ الْإِيضَاحَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (725) . الشَّرْطُ الثَّانِي - دَيْنٌ، فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ دَيْنٌ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ كَمَا فِي الْمَادَّةِ (1509) . الشَّرْطُ الثَّالِثُ - إيفَاءٌ. لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْإِيفَاءِ؛ يَعْنِي أَدَاءَ الدَّيْنِ يَثْبُتُ بِإِقْرَارِ الدَّائِنِ أَوْ نُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ وَلَا يَثْبُتُ الْأَدَاءُ فِي حَقِّ الْمَأْمُورِ أَوْ الدَّائِنِ بِإِقْرَارِ الْآمِرِ مَعَ تَصْدِيقِ الْمَأْمُورِ. وَعَلَيْهِ إذَا صَدَّقَ الْآمِرُ أَنَّ الْمَأْمُورَ أَدَّى الدَّيْنَ بِنَاءً عَلَى أَمْرِهِ وَحَلَفَ الدَّائِنُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذُهُ وَأَخَذَ دَيْنَهُ مِنْ الْآمِرِ فَلَيْسَ لِلْمَأْمُورِ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْجَامِعِ الرُّجُوعُ عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ عَلَى مَا ذُكِرَ آنِفًا لَهُ الرُّجُوعُ إذَا بَقِيَ الْمَالُ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْآمِرِ سَالِمًا لِلْآمِرِ. كَالْمُشْتَرِي إنَّمَا يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ إلَى الْآمِرِ إذَا سَلَّمَ الْآمِرُ مَا اشْتَرَى.
أَمَّا إذَا لَمْ يُسَلِّمْ (الْبَحْرُ) أَمَرَهُ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ مِنْ مَالِهِ فَادَّعَاهُ، وَكَذَّبَهُ الطَّالِبُ وَالْمُوَكِّلُ وَلَا بَيِّنَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمَا مَعَ الْيَمِينِ وَيَحْلِفُ الْمُوَكِّلُ عَلَى نَفْيِ الْمُوَكِّلِ الْعِلْمَ وَإِنْ صَدَّقَ الْمُوَكِّلُ دُونَ الطَّالِبِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا ادَّعَاهُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ أَيْضًا بِدَيْنِهِ (الْقُدُورِيُّ) وَفِي الْجَامِعِ لَا رُجُوعَ لِلْوَكِيلِ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَلَوْ صَدَّقَهُ وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . إذَا أَقَامَ الْمَأْمُورُ الْبَيِّنَةَ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَبَرِئَ الْآمِرُ مِنْ دَيْنِ الطَّالِبِ وَيَثْبُتُ لِلْمَأْمُورِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى آمِرِهِ (ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) .
وَاذَا كَانَ الدَّائِنُ غَائِبًا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمَأْمُورِ هَذِهِ أَيْضًا فِي مُوَاجَهَةِ الْمَدِينِ؛ لِأَنَّ الدَّائِنَ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا عَنْهُ لَكِنَّهُ خَصْمٌ حَاضِرٌ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ عَلَى الْغَائِبِ سَبَبٌ لِمَا يَدَّعِي عَلَى الْحَاضِرِ؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَقْضِ دَيْنَهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَبَيْنَهُمَا اتِّصَالٌ أَيْضًا وَهُوَ الْآمِرُ وَبَعْدُ السَّبَبِيَّةِ وَالِاتِّصَالُ يَنْتَصِبُ خَصْمًا. لَكِنْ إذَا صَدَّقَ الْآمِرُ كَوْنَ الْمَأْمُورِ قَدْ أَوْفَى الدَّيْنَ وَكَانَ الدَّائِنُ غَائِبًا أُجْبِرَ الْآمِرُ عَلَى إعْطَاءِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ لِلْمَأْمُورِ وَلَيْسَ لِلْآمِرِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ أَدَاءِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ لِلْمَأْمُورِ بِدَاعِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُنْكِرَ دَائِنِي الْقَبْضَ عِنْدَ حُضُورِهِ وَيَأْخُذَهُ مِنِّي اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (74) . لَكِنْ لَوْ جَاءَ الدَّائِنُ مُؤَخَّرًا وَأَنْكَرَ قَبْضَهُ مِنْ الْمَأْمُورِ وَأَخَذَهُ مِنْ الْآمِرِ يَسْتَرِدُّ الْآمِرُ مَا أَعْطَاهُ لِلْمَأْمُورِ (الْبَحْرُ، الطَّحْطَاوِيُّ، فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ) .
وَلَا يَكُونُ مَانِعًا لِلرُّجُوعِ تَصْدِيقُهُ مُقَدَّمًا.
مَثَلًا لَوْ أَمَرَ أَحَدٌ آخَرَ بِوَفَاءِ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ لِشَخْصٍ أَوْ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَأَوْفَاهُ الْآخَرُ مِنْ مَالِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى آمِرِهِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى يَأْخُذُ مَا أَعْطَاهُ مِنْ الْآمِرِ سَوَاءٌ أَشَرَطَ الْآمِرُ الرُّجُوعَ أَمْ لَمْ يَشْرُطْ. يَعْنِي سَوَاءٌ أَشَرَطَ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ لِلْمَأْمُورِ كَأَنْ يَقُولَ: أَعْطِ فُلَانًا أَوْ بَيْتَ الْمَالِ كَذَا دِرْهَمًا دَيْنًا عَنِّي عَلَى أَنْ تَأْخُذَهُ مِنِّي بَعْدَ ذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَعْطِ أَنْتَ وَبَعْدَ ذَلِكَ أَنَا أُعْطِيَك أَمْ لَمْ يَشْتَرِطْ كَأَنْ يَقُولَ: أَعْطِ دَيْنِي فَقَطْ. كَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَحَدٌ لِآخَرَ: أَعْطِ فُلَانًا عَنِّي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَعْطَاهُ الْآخَرُ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْأَمْرِ رَجَعَ الْمَأْمُورُ عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْأَمْرَ يُشْعِرُ بِأَنَّ لِلْآمِرِ دَيْنًا عَلَى الْمَأْمُورِ فَيَرْجِعُ الْمَأْمُورُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ عَلَى الْآمِرِ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى) قَاعِدَةٌ: لَوْ أَعْطَى الْمَأْمُورُ بِالْإِنْفَاقِ مَالًا مِنْ أَمْرِهِ لِأَجْلِ الْإِنْفَاقِ وَأَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ مَعَ وُجُودِ ذَلِكَ الْمَالِ الْمُعْطَى إلَيْهِ وَأَمْسَكَهُ فِي يَدِهِ وَلَمْ يُضِفْ الْعَقْدَ لِمَالِهِ وَنَوَى حِينَ إنْفَاقِهِ الرُّجُوعَ عَلَى آمِرِهِ فَلَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا وَيَقَعُ التَّقَاصُّ.
إيضَاحُ الْقُيُودِ الَّتِي فِي الْقَاعِدَةِ:
1 -
الْمَأْمُورُ بِالْإِنْفَاقِ - هُوَ الشَّخْصُ الَّذِي يَأْمُرُهُ شَخْصٌ آخَرُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى أَهْلِهِ أَوْ أَبْنَائِهِ أَوْ بِأَدَاءِ دَيْنِهِ أَوْ بِالتَّصْدِيقِ أَوْ بِشِرَاءِ مَالٍ. 2 - وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي يَدِهِ -؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَالُ الَّذِي أُعْطِيَ لِلْمَأْمُورِ قَدْ اُسْتُهْلِكَ يَكُونُ الْمَأْمُورُ مُتَبَرِّعًا فِي إنْفَاقِهِ. وَلَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ قَدْ اسْتَهْلَكَهُ فِي حَوَائِجِهِ. مَثَلًا لَوْ أُعْطِيَ أَحَدٌ عَشْرَ دَنَانِيرَ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ سَدَادَ الدَّيْنِ الَّذِي لِفُلَانٍ وَأَنْفَقَ الْآخَرُ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ فِي أُمُورِهِ وَاسْتَهْلَكَهَا وَأَعْطَى بَعْدَ ذَلِكَ عَشْرَ دَنَانِيرَ مِنْ مَالِهِ لِذَلِكَ الدَّائِنِ كَانَ بِهَذِهِ التَّأْدِيَةِ مُتَبَرِّعًا وَلِلْآمِرِ أَنْ يُضَمِّنَ مَأْمُورَهُ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ. 3 - وَلَمْ يُضِفْ الْعَقْدَ إلَى مَالِهِ - أَمَّا لَوْ أَضَافَ الْمَأْمُورُ الْعَقْدَ إلَى مَالِهِ وَكَانَ الْمَأْمُورُ بِهِ اشْتِرَاءَ مَالٍ كَانَ الْمَالُ الْمُشْتَرَى لِلْوَكِيلِ. وَيَضْمَنُ الْوَكِيلُ الْمَالَ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ مُوَكِّلِهِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1486)(تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . مَسَائِلُ أُخْرَى تُثْبِتُ حَقَّ الرُّجُوعِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - لَوْ طَلَبَ أَحَدٌ مِنْ آخَرَ مِقْدَارًا مِنْ النُّقُودِ جَبْرًا وَأَزْعَجَهُ بِذَلِكَ وَأَمَرَ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ آخَرَ أَنْ يَدْفَعَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ وَدَفَعَ الْمَأْمُورُ إلَيْهِ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ بِمُقْتَضَى هَذَا الْأَمْرِ رَجَعَ عَلَى الْآمِرِ وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ (صُرَّةُ الْفَتَاوَى) . كَذَلِكَ لَوْ صُودِرَتْ جَمَاعَةٌ، أَيْ لَوْ طَلَبَ مِنْهُمْ بَعْضُ الظَّلَمَةِ كَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ أَمْوَالًا وَقَالُوا لِأَحَدٍ اسْتَقْرِضْ وَأَدِّ لَهُمْ الْأَمْوَالَ وَاسْتَقْرَضَ ذَلِكَ بِمُقْتَضَى هَذَا الْأَمْرِ وَصَرَفَهَا عَلَى الْمُصَادَرَةِ يَأْخُذُ الْمُقْرِضُ قَرْضَهُ مِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَهَذَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا لُزُومَ لِشَرْطِ الرُّجُوعِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - لَوْ أَدَّى أَحَدُ الْوَرَثَةِ أَوْ الْوَصِيُّ دَيْنَ الْمُتَوَفَّى مِنْ مَالِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى التَّرِكَةِ. يَعْنِي يَأْخُذُ النُّقُودَ الَّتِي أَدَّاهَا مِنْ تَرِكَةِ الْمُتَوَفَّى (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَهَامِشُ الْبَهْجَةِ) .