الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقَلِيلِ وَسَهْلًا فِي الْكَثِيرِ فَلِذَلِكَ اُعْتُبِرَ أَصْلُ التَّمْيِيزِ، وَبِمَا أَنَّ جَمِيعَ الشُّرَكَاءِ قَدْ اسْتَفَادُوا مِنْ أَصْلِ التَّمْيِيزِ مُتَسَاوِينَ فَلَزِمَ عَلَيْهِمْ دَفْعُ الْأُجْرَةِ بِالسَّوِيَّةِ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَتَكُونُ الْأُجْرَةُ بِنِسْبَةِ الْأَنْصِبَاءِ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ هِيَ مَئُونَة الْمَالِكِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ مَالٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ ثُلُثُهُ لِأَحَدِهِمَا وَثُلُثَاهُ لِلْآخَرِ فَتُؤْخَذُ أُجْرَةُ الْقِسْمَةِ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ مُنَاصَفَةً عِنْدَ الْإِمَامِ وَأَثْلَاثًا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ (مُنْلَا مِسْكِينٍ) وَيُعْمَلُ الْيَوْمَ فِي الْمَحَاكِمِ الشَّرْعِيَّةِ بِقَوْلِ الْإِمَامَيْنِ.
مَصَارِفُ الْأَمْلَاكِ: قَدْ اُخْتُلِفَ فِي أُجْرَةِ الْقَاسِمِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ. أَمَّا أُجْرَةُ الْكَيَّالِ وَالْوَزَّانِ وَالرَّاعِي وَالْحَمَّالِ وَالْحَارِسِ وَبَانِي الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ وَمُشَيِّدِهِ وَكِرَى النَّهْرِ وَإِصْلَاحِ الْقَنَاةِ فَيَدْفَعُهَا الشُّرَكَاءُ بِنِسْبَةِ أَنْصِبَائِهِمْ بِالْإِجْمَاعِ.
مَثَلًا لَوْ كَانَ قَطِيعُ غَنَمٍ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ أَثْلَاثًا فَأُجْرَةُ الرَّاعِي وَكَذَلِكَ أُجْرَةُ حِفْظِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ أَثْلَاثًا يَدْفَعُهَا الشَّرِيكَانِ لِلرَّاعِي وَلِلْحَافِظِ أَثْلَاثًا. كَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى اثْنَانِ صُبْرَةَ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ وَأَمَرَ أَحَدًا بِكَيْلِهَا لِيَعْلَمَا مِقْدَارَهَا فَالْأُجْرَةُ تُدْفَعُ مِنْهُمَا بِقَدْرِ حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْمِلْكِ، أَمَّا إذَا كَانَ هَذَا الْكَيْلُ أَوْ الْوَزْنُ لِعَمَلِ الْقِسْمَةِ فَيَجْرِي فِي ذَلِكَ الِاخْتِلَافُ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي الْمُلْتَقَى. أَمَّا صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فَيَقُولُ: إنَّهُ لَا يَجْرِي فِي ذَلِكَ اخْتِلَافٌ سَوَاءٌ كَانَ الْكَيْلُ أَوْ الْوَزْنُ لِلْقِسْمَةِ أَوْ لِأَيِّ نَوْعٍ آخَرَ وَأَنَّ الْأُجْرَةَ تَلْزَمُ بِنِسْبَةِ عَدَدِ الْأَنْصِبَاءِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .
[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ شَرَائِطِ الْقِسْمَةِ]
[الْمَادَّةُ (1123) يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَقْسُومُ عَيْنًا]
الْمَادَّةُ (1123) - (يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَقْسُومُ عَيْنًا، فَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ تَقْسِيمُ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ قَبْلَ الْقَبْضِ.
مَثَلًا إذَا كَانَ لِلْمُتَوَفَّى دُيُونٌ فِي ذِمَمِ أَشْخَاصٍ مُتَعَدِّدِينَ وَاقْتَسَمَهَا الْوَرَثَةُ عَلَى أَنَّ مَا فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ مِنْ الدَّيْنِ لِفُلَانٍ الْوَارِثِ وَمَا فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ مِنْهُ لِفُلَانٍ الْوَارِثِ لَا يَصِحُّ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ كُلُّ مَا يُحَصِّلُهُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ يُشَارِكُهُ فِيهِ الْوَارِثُ الْآخَرُ. اُنْظُرْ الْفَصْلَ الثَّالِثَ مِنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ) .
يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْقِسْمَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَقْسُومُ عَيْنًا وَقَدْ مَرَّ تَعْرِيفُ الْعَيْنِ فِي الْمَادَّةِ (159) .
فَلِذَلِكَ لَا يَصِحُّ تَقْسِيمُ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ قَبْلَ الْقَبْضِ سَوَاءٌ قُسِّمَ الدَّيْنُ فَقَطْ أَوْ قُسِّمَ الدَّيْنُ مَعَ الْعَيْنِ وَسَيُوَضَّحُ ذَلِكَ قَرِيبًا.
وَيَثْبُتُ عَدَمُ الصِّحَّةِ بِالْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ الْآتِيَةِ: - أَوَّلًا - إنَّ الْقِسْمَةَ إفْرَازٌ وَبِمَا أَنَّ الدَّيْنَ هُوَ أَمْرٌ ثَابِتٌ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ وَمُجْتَمِعٌ فِي مَكَان وَاحِدٍ فَلَا يَتَحَقَّقُ الْإِفْرَازُ فِيهِ (الْكَفَوِيُّ) .
ثَانِيًا - بِمَا أَنَّهُ يُوجَدُ فِي التَّقْسِيمِ مَعْنَى الْمُبَادَلَةِ فَإِذَا قُسِمَ الدَّيْنُ فَيَلْزَمُ تَمْلِيكُ الدَّيْنِ لِغَيْرِ الْمَدِينِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ.
ثَالِثًا - بِمَا أَنَّ الدَّيْنَ مَعْدُومٌ حَقِيقَةً وَقَدْ أُعْطِيَ لَهُ حُكْمُ الْوُجُودِ لِحَاجَةِ النَّاسِ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ (32) لِكَيْ يَتَمَكَّنَ النَّاسُ مِنْ شِرَاءِ الْمَالِ فِي مُقَابِلِهِ وَبِمَا أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ فِي الْقِسْمَةِ فَقَدْ اُعْتُبِرَ فِيهَا مَعْدُومًا كَمَا كَانَ.
رَابِعًا - بِمَا أَنَّ الْقِسْمَةَ قَدْ شُرِعَتْ لِتَكْمِيلِ الْمَنْفَعَةِ، وَبِمَا أَنَّ الْمَنْفَعَةَ فِي الدَّيْنِ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ فَقَدْ بَطَلَ تَقْسِيمُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ (الْأَنْقِرْوِيُّ بِزِيَادَةٍ) .
أَمَّا تَقْسِيمُ الدَّيْنِ بَعْدَ الْقَبْضِ فَجَائِزٌ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا يَبْقَى فِي حَالِ الدَّيْنِ بَلْ يُصْبِحُ عَيْنًا مُنْتَفَعًا بِهَا، وَلِذَلِكَ لَوْ قَبَضَ اثْنَانِ الْعِشْرِينَ دِينَارًا الَّتِي لَهُمَا فِي ذِمَّةِ زَيْدٍ ثُمَّ اقْتَسَمَاهُمَا بَعْدَ الْقَبْضِ حَسَبَ حِصَصِهِمَا صَحَّتْ الْقِسْمَةُ؛ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ الْمَذْكُورَ أَصْبَحَ عَيْنًا. وَحُكْمُ هَذِهِ الْمَادَّةِ عَامٌّ وَشَامِلٌ لِلصُّوَرِ الثَّلَاثِ الْآتِيَةِ: الصُّورَةُ الْأُولَى - أَنْ يَكُونَ الْمَقْسُومُ دَيْنًا فَقَطْ وَثَابِتًا فِي ذِمَمِ أَشْخَاصٍ مُتَعَدِّدِينَ. مَثَلًا إذَا كَانَ لِلْمُتَوَفَّى دُيُونٌ فِي ذِمَمِ أَشْخَاصٍ مُتَعَدِّدِينَ وَاقْتَسَمَهَا الْوَرَثَةُ عَلَى أَنَّ مَا فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ مِنْ الدَّيْنِ لِفُلَانٍ الْوَارِثِ وَمَا فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ مِنْهُ لِفُلَانٍ الْوَارِثِ لَا يَصِحُّ.
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ - أَنْ يَكُونَ الْمَقْسُومُ عَيْنًا وَدَيْنًا يَعْنِي إذَا كَانَ الْمَقْسُومُ عَيْنًا وَدَيْنًا وَقُسِمَ قِسْمَةً وَاحِدَةً فَلَا يَصِحُّ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (46) وَلِذَلِكَ إذَا جَرَى التَّقْسِيمُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ الْفُلَانِيُّ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ مَعَ هَذِهِ الْعَيْنِ لِهَذَا الْوَارِثِ وَالدَّيْنُ الْمَطْلُوبُ مِنْ فُلَانٍ مَعَ هَذِهِ الْعَيْنِ لِلْوَارِثِ الْآخَرِ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ بَاطِلَةً فِي الْعَيْنِ وَفِي الدَّيْنِ مَعًا كَذَلِكَ لَوْ جَرَى التَّقْسِيمُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لِفُلَانٍ الْوَارِثِ وَالْعَيْنُ لِفُلَانٍ الْوَارِثِ كَانَ التَّقْسِيمُ بَاطِلًا (الطُّورِيُّ وَالنَّتِيجَةُ) .
أَمَّا إذَا اقْتَسَمَ الشُّرَكَاءُ الْأَعْيَانَ أَوَّلًا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ اقْتَسَمُوا الدُّيُونَ صَحَّتْ قِسْمَةُ الْأَعْيَانِ وَبَطَلَتْ قِسْمَةُ الدُّيُونِ (الْأَنْقِرْوِيُّ) .
الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ - أَنْ يَكُونَ الْمَقْسُومُ دَيْنًا فَقَطْ ثَابِتًا فِي ذِمَّةِ شَخْصٍ وَاحِدٍ. وَعَلَيْهِ فَعِبَارَةُ مُتَعَدِّدِينَ الْوَارِدَةُ فِي الْمِثَالِ لَيْسَتْ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا. مَثَلًا لَوْ كَانَ لِاثْنَيْنِ فِي ذِمَّةِ شَخْصٍ وَاحِدٍ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَخَمْسُونَ رِيَالًا وَاقْتَسَمَ الشَّرِيكَانِ الدَّيْنَ الْمَذْكُورَ فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا الْعَشَرَةَ الدَّنَانِيرَ وَأَخَذَ الْآخَرُ الْخَمْسِينَ رِيَالًا وَأَخَذَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ الْمَدِينِ سَنَدًا بِالْمَقْسُومِ فَلَا يَصِحُّ.
وَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ الْمُبَيَّنَةِ فِي الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ كُلُّ مَا يُحَصِّلُهُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ أَوْ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ يُشَارِكُهُ فِيهِ الْوَارِثُ أَوْ الدَّائِنُ الْآخَرُ إذَا أَرَادَ وَإِنْ شَاءَ طَلَبَ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَدِينِ. اُنْظُرْ الْفَصْلَ الثَّالِثَ مِنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ، أَيْ الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْكِتَابِ الْعَاشِرِ.