الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَبْضُ الدَّيْنِ، لَوْ قَبَضَ شَخْصٌ ثَالِثٌ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ دَيْنًا لِأَحَدٍ عَلَى آخَرَ فُضُولًا وَأَجَازَ الدَّائِنُ بَعْدَ ذَلِكَ وَالْمَقْبُوضُ مَوْجُودٌ عَيْنًا فِي يَدِ الْقَابِضِ الْفُضُولِيِّ، الْقَبْضُ - جَازَ وَكَانَ فِي حُكْمِ الْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ لُحُوقُ الْإِجَازَةِ الْأَقْوَالَ وَالْأَفْعَالَ مَعًا: إنَّ الْإِجَازَةَ كَمَا تَلْحَقُ الْأَقْوَالَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ آنِفًا تَلْحَقُ الْأَفْعَالَ أَيْضًا كَمَا ذُكِرَ فِي الْعَارِيَّةِ.
وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ أَرْسَلَ أَحَدٌ دَيْنَهُ إلَى دَائِنِهِ عَلَى يَدِ آخَرَ فَأَخْبَرَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الدَّائِنَ وَرَضِيَ الدَّائِنُ أَيْضًا لَكِنْ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ دَيْنَهُ مِنْ يَدِ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ مَالًا وَتَلِفَ الْمَبْلَغُ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِ الْمَأْمُورِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا أُمِرَ بِشِرَائِهِ تَلِفَ عَلَى الدَّائِنِ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ انْتِهَاءٌ بِقَبْضِ ذَلِكَ الشَّخْصِ كَالْإِذْنِ ابْتِدَاءً وَيُرَى فِي هَذَا أَنَّ إجَازَةَ الْقَبْضِ قَدْ لَحِقَتْ الْفِعْلَ وَهُوَ الْقَبْضُ كَذَلِكَ لَوْ أَفْسَدَ الْخَيَّاطُ الثَّوْبَ وَأَخَذَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ عَالِمٌ بِفَسَادِهِ وَلَبِسَهُ فَلَيْسَ لَهُ تَضْمِينُ الْخَيَّاطِ. فَهُنَا أَنَّ إفْسَادَ الثَّوْبِ قَدْ لَحِقَتْهُ الْإِجَازَةُ مَعَ أَنَّهُ فِعْلٌ. اسْتِثْنَاءٌ: لَكِنَّ فِعْلَ الْإِتْلَافِ مُسْتَثْنًى مِنْ هَذِهِ الْأَفْعَالِ فَلَا تَلْحَقُ الْإِجَازَةُ الْإِتْلَافَ.
بِنَاءً عَلَيْهِ لَوْ أَتْلَفَ أَحَدٌ مَالَ آخَرَ تَعَدِّيًا وَقَالَ صَاحِبُ الْمَالِ بَعْدَ ذَلِكَ: رَضِيت بِالْإِتْلَافِ أَوْ أَجَزْتُهُ فَلَا حُكْمَ لِلْإِجَازَةِ وَلِصَاحِبِ الْمَالِ تَضْمِينُ الْمُتْلِفِ، وَقَدْ ذُكِرَ بَعْضُ الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (2 1 9) إلَّا أَنَّ إتْلَافَ الْمُلْتَقِطِ اللُّقَطَةَ بِتَصْدِيقِهِ بِهَا مُسْتَثْنًى مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ الْمَذْكُورِ فَتَلْحَقُ الْإِجَازَةُ فِي هَذَا الْإِتْلَافِ، اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (77) رَدُّ الْمُحْتَارِ
[
(الْمَادَّةُ 1454) الرِّسَالَةُ لَيْسَتْ مِنْ قَبِيلِ الْوَكَالَةِ]
الْمَادَّةُ (1454) - (الرِّسَالَةُ لَيْسَتْ مِنْ قَبِيلِ الْوَكَالَةِ مَثَلًا لَوْ أَرَادَ الصَّيْرَفِيُّ إقْرَاضَ أَحَدٍ دَرَاهِمَ وَأَرْسَلَ خَادِمَهُ لِلْإِتْيَانِ بِهَا يَكُونُ الْخَادِمُ رَسُولَ ذَلِكَ الْمُسْتَقْرِضِ وَلَا يَكُونُ وَكِيلَهُ بِالِاسْتِقْرَاضِ كَذَلِكَ الشَّخْصُ الَّذِي أَرْسَلَهُ أَحَدٌ إلَى السِّمْسَارِ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ فَرَسًا إذَا قَالَ لَهُ: إنَّ فُلَانًا يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْك الْفَرَسَ الْفُلَانِيَّ، وَقَالَ السِّمْسَارُ: بِعْته إيَّاهُ بِكَذَا، اذْهَبْ وَقُلْ لَهُ وَسَلِّمْ هَذِهِ الْفَرَسَ إلَيْهِ فَإِذَا أَتَى الشَّخْصُ وَسَلَّمَ الْفَرَسَ إلَيْهِ وَقَبِلَ ذَلِكَ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بَيْنَ السِّمْسَارِ وَبَيْنَ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الشَّخْصُ إلَّا وَاسِطَةً وَرَسُولًا وَلَيْسَ بِوَكِيلٍ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِلْجَزَّارِ: أَعْطِ لِأَجْلِي كُلَّ يَوْمٍ مِقْدَارَ كَذَا لَحْمًا إلَى خَادِمِي فُلَانٍ الَّذِي يَذْهَبُ وَيَأْتِي إلَى السُّوقِ وَأَعْطَاهُ ذَلِكَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ ذَلِكَ الْخَادِمُ رَسُولَ سَيِّدِهِ وَلَا يَكُونُ وَكِيلَهُ)
يَعْنِي أَنَّ الْوَكَالَةَ وَالرِّسَالَةَ لَيْسَ اثْنَتَاهُمَا شَيْئًا وَاحِدًا بَلْ يُوجَدُ بَيْنَهُمَا فُرُوقٌ عَلَى أَوْجُهٍ خَمْسَةٍ عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1450) وَاحِدُ هَذِهِ الْفُرُوقِ هُوَ أَنَّهُ يَلْزَمُ فِي الرِّسَالَةِ أَنْ يُضِيفَ الرَّسُولُ الْعَقْدَ إلَى مُرْسِلِهِ؛ فَلِذَلِكَ إذَا أَضَافَ الرَّسُولُ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ لَا يَنْفُذُ الْعَقْدُ فِي حَقِّ مُرْسِلِهِ أَمَّا فِي الْوَكَالَةِ فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يُضَافَ الْعَقْدُ إلَى الْمُوَكِّلِ، وَلَهُ أَنْ يُضِيفَهُ إلَى مُوَكِّلِهِ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ، وَسَيُوَضَّحُ فِي الْمَادَّةِ (0 46 1) أَيْضًا مَثَلًا لَوْ أَرَادَ الصَّيْرَفِيُّ إقْرَاضَ أَحَدٍ دَرَاهِمَ وَأَرْسَلَ الْمُسْتَقْرِضُ خَادِمَهُ لِلصَّيْرَفِيِّ لِلْإِتْيَانِ بِهَا يَكُونُ الْخَادِمُ رَسُولَ ذَلِكَ الْمُسْتَقْرِضِ وَلَا يَكُونُ وَكِيلَهُ بِالِاسْتِقْرَاضِ، حَتَّى أَنَّهُ قَدْ جَازَتْ الرِّسَالَةُ بِالِاسْتِقْرَاضِ مَعَ عَدَمِ جَوَازِ الْوَكَالَةِ بِالِاسْتِقْرَاضِ، كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (59 4 1) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ قَالَ الصَّيْرَفِيُّ: إنِّي قَدْ سَلَّمْتُ النُّقُودَ الْمَذْكُورَةَ لِذَلِكَ الرَّسُولِ وَقَالَ الرَّسُولُ أَيْضًا: قَدْ اسْتَلَمْتُهَا وَسَلَّمْتُهَا إلَى الْمُسْتَقْرِضِ وَأَقَرَّ الْمُسْتَقْرِضُ بِأَخْذِ النُّقُودِ مِنْ الصَّيْرَفِيِّ لَزِمَ الْمُسْتَقْرِضَ الضَّمَانُ وَلَوْ لَمْ يُسَلِّمْهُ إيَّاهَا، أَمَّا إذَا أَنْكَرَ الْمُسْتَقْرِضُ أَخْذَ الْخَادِمِ النُّقُودَ مِنْ الصَّيْرَفِيِّ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَقْرِضَ شَيْءٌ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الصَّيْرَفِيِّ وَالرَّسُولِ هَذَا الْقَوْلَ؛ لِأَنَّ الصَّيْرَفِيَّ مُدَّعٍ وَلَا يَثْبُتُ شَيْءٌ بِمُجَرَّدِ دَعْوَى الْمُدَّعِي، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (26) وَلَمْ يَثْبُتُ شَيْءٌ أَيْضًا بِكَلَامِ الرَّسُولِ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الرَّسُولِ إقْرَارٌ وَالْإِقْرَارُ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (78) وَكَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُسْتَقْرِضَ شَيْءٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَلَا يَلْزَمُ الرَّسُولَ شَيْءٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ أَمِينٌ، وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْأَمِينِ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مَعَ الْيَمِينِ، وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى الْغَيْرِ (وَالْغَيْرُ هُنَا هُوَ الْمُسْتَقْرِضُ) .
كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى الرَّسُولُ - فِي صُورَةِ إرْسَالِ الْمَدِينِ دَيْنَهُ مَعَ رَسُولٍ إلَى الدَّائِنِ - إيصَالَهُ الدَّيْنَ، وَأَنْكَرَ الدَّائِنُ وُصُولَ الدَّيْنِ لَهُ فَإِنْ قُبِلَ قَوْلُ الرَّسُولِ بِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ فَلَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ اسْتِيفَاءُ الدَّائِنِ حَقَّهُ (تَعْلِيقَاتُ ابْنِ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ، الْكَفَوِيُّ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ 1774) . لَكِنْ ظَاهِرُ مِثَالِ الْمَجَلَّةِ هَذَا هُوَ أَنَّ الْقَرْضَ قَدْ عُقِدَ بَيْنَ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَالصَّيْرَفِيِّ قَبْلًا وَكَانَ الْخَادِمُ مَأْمُورًا بِقَبْضِ الْقَرْضِ وَإِيصَالِهِ إلَى الْمُسْتَقْرِضِ.
وَلَمَّا كَانَ ظَاهِرُ الْمِثَالِ لَيْسَ رِسَالَةً بِالِاسْتِقْرَاضِ بَلْ عِبَارَةٌ عَنْ وَكَالَةٍ بِقَبْضِ الْقَرْضِ لِلْمُسْتَقْرِضِ، فَلْنُصَوِّرْ لَكَ الِاسْتِقْرَاضَ بِالرِّسَالَةِ بِمِثَالٍ آخَرَ كَمَا يَأْتِي: لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِخَادِمِهِ: اذْهَبْ إلَى الصَّيْرَفِيِّ الْفُلَانِيِّ وَاسْتَقْرِضْ لِي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَدِمَ الْخَادِمُ عَلَى الصَّيْرَفِيِّ وَعَقَدَ الْقَرْضَ مَعَهُ بِالْإِضَافَةِ إلَى مُوَكِّلِهِ بِقَوْلِهِ إنَّ فُلَانًا يُرِيدُ أَنْ يَسْتَقْرِضَ مِنْك أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَيَكُونُ فِي هَذَا رَسُولًا وَلَيْسَ بِوَكِيلٍ. وَيَكُونُ الْقَرْضُ مِلْكًا لِذَلِكَ الشَّخْصِ (الطَّحْطَاوِيُّ، الْفَيْضِيَّةُ) . كَذَلِكَ الشَّخْصُ الَّذِي أَرْسَلَهُ أَحَدٌ إلَى السِّمْسَارِ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ فَرَسًا إذَا قَالَ لَهُ: إنَّ فُلَانًا