الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّافِذَةُ مِلْكًا أَوْ وَقْفًا كَغُرْفَةِ مَدْرَسَةٍ فَصَارَتْ مُظْلِمَةً أَوْ كَانَ لِلْغُرْفَةِ نَافِذَتَانِ فَسَدَّهُمَا بِحَيْثُ لَا يُسْتَطَاعُ قِرَاءَةُ الْكِتَابَةِ أَوْ تَحْرِيرُ كِتَابٍ مِنْ الظُّلْمَةِ فَيُدْفَعُ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ فَاحِشٌ وَلَوْ كَانَ ضِيَاءُ تِلْكَ النَّافِذَةِ آتِيًا مِنْ جِهَةِ دَارِ جَارِهِ وَلِذَلِكَ لَوْ كَانَتْ دَارُ أَحَدٍ مَبْنِيَّةً فِي عَرْصَةٍ مُنْخَفِضَةٍ وَكَانَتْ الدَّارُ الْمُتَّصِلَةُ بِهَا مُرْتَفِعَةً عَنْ سَطْحِ تِلْكَ الدَّارِ وَكَانَتْ نَافِذَةُ الطَّابَقِ الْعَلَوِيِّ مِنْ الدَّارِ الْمُنْخَفِضَةِ تَأْخُذُ ضَوْءُهَا مِنْ الْقَدِيمِ مِنْ سَطْحِ الدَّارِ الْمُرْتَفِعَةِ فَعَلَّى صَاحِبُ الدَّارِ الْمُرْتَفِعَةِ بِنَاءَهُ وَسَدَّ ضِيَاءَ الْغُرْفَةِ الْمَذْكُورَةِ بِحَيْثُ لَا يُسْتَطَاعُ قِرَاءَةُ الْكِتَابَةِ فَيُدْفَعُ الضَّرَرُ (التَّنْقِيحُ وَالْفَيْضِيَّةُ) .
وَلَا يُقَالُ: فَلْيَأْخُذْ الضِّيَاءَ مِنْ الْبَابِ لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ لِغَلْقِ بَابِ غَرْفَتِهِ مِنْ الْبَرْدِ وَلِغَيْرِهِ مِنْ الْأَسْبَابِ وَلَكِنْ إذَا كَانَ مُمْكِنًا فَتْحُ نَافِذَةٍ جَدِيدَةٍ فِي الْغُرْفَةِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَإِذَا فُتِحَتْ النَّافِذَةُ الْمَذْكُورَةُ يَحْصُلُ الضِّيَاءُ مِنْهَا فَهَلْ يُقَالُ لَهُ: افْتَحْ نَافِذَةً أُخْرَى وَأَزِلْ الضَّرَرَ عَنْ نَفْسِك؟ . قَدْ بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ أَنَّ مَنْ يُوقِعُ ضَرَرًا مَجْبُورًا أَنْ يُنْشِئَ فِي مِلْكِهِ وَيُزِيلُ الضَّرَرَ فَلِذَلِكَ لَا يُقَالُ لِصَاحِبِ الْغُرْفَةِ: افْتَحْ نَافِذَةً فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَمَعَ ذَلِكَ إذَا كَانَ بِنَاءُ مَنْ أَحْدَثَ الْبِنَاءَ هُوَ لِقَطْعِ نَظَّارَةِ النَّافِذَةِ - الَّتِي أَحْدَثَهَا الْجَارُ - الْمُطِلَّةِ عَلَى مَقَرِّ النِّسَاءِ فَلَا يُمْنَعُ وَذَلِكَ لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ نَافِذَةً مُطِلَّةً عَلَى مَقَرِّ نِسَاءِ أَحَدٍ فَأَنْشَأَ الْجَارُ بَعْدَ مُدَّةٍ حَائِطًا مُرْتَفِعًا فِي عَرْصَتِهِ فَقَطَعَ نَظَّارَةَ جَارِهِ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ بِدَاعِي أَنَّهُ مَنَعَ ضِيَاءَ نَافِذَةِ الْجَارِ (الْبَهْجَةُ) .
وَإِذَا كَانَ لِلْغُرْفَةِ نَافِذَتَانِ وَسُدَّتْ إحْدَاهُمَا بِإِحْدَاثِ الْبِنَاءِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ وَكَانَ يَحْصُلُ ضِيَاءٌ مِنْ النَّافِذَةِ الْأُخْرَى بِدَرَجَةٍ يُسْتَطَاعُ مَعَهَا قِرَاءَةُ الْكِتَابَةِ فَلَا يُعَدُّ ضَرَرًا فَاحِشًا (التَّنْقِيحُ) .
وَيَجِبُ أَنْ لَا يُفْهَمَ مِنْ لَفْظَةِ (الْإِحْدَاثِ) الْوَارِدَةِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ وُجُوبُ الْمَنْعِ بَعْدَ الْإِحْدَاثِ وَالْإِنْشَاءِ إذْ أَنَّهُ إذَا كَانَ مِثْلُ هَذَا الضَّرَرِ مُتَعَيَّنًا قَبْلَ الْإِحْدَاثِ فَيُمْنَعُ وَيُؤْمَرُ بِعَدَمِ إحْدَاثِهِ وَذَلِكَ لَوْ أَرَادَ أَحَدٌ بِنَاءَ طَابَقٍ عُلْوِيٍّ عَلَى دَارٍ وَكَانَ مُتَعَيَّنًا بِإِنْشَاءِ الطَّابَقِ الْمَذْكُورِ حُصُولُ ضَرَرٍ لِجَارِهِ بِحُصُولِ ظُلْمَةٍ عَظِيمَةٍ فِيهِ فَلِجَارِهِ مَنْعُ صَاحِبِ الدَّارِ مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ (الْبَهْجَةُ) .
[
(الْمَادَّةُ 1202) رُؤْيَةُ الْمَحِلِّ الَّذِي هُوَ مَقَرُّ النِّسَاءِ]
الْمَادَّةُ (1202) - (رُؤْيَةُ الْمَحِلِّ الَّذِي هُوَ مَقَرُّ النِّسَاءِ كَالْمَطْبَخِ وَبَابِ الْبِئْرِ وَصَحْنِ الدَّارِ يُعَدُّ ضَرَرًا فَاحِشًا، فَإِذَا أَحْدَثَ أَحَدٌ فِي دَارِهِ نَافِذَةً أَوْ بَنَى مُجَدِّدًا بِنَاءً وَفَتَحَ فِيهِ نَافِذَةً عَلَى الْمَحِلِّ الَّذِي هُوَ مَقَرُّ نِسَاءِ جَارِهِ الْمُلَاصِقِ أَوْ جَارِهِ الْمُقَابِلِ الَّذِي يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ وَكَانَ يَرَى مَقَرَّ نِسَاءِ الْآخَرِ مِنْهُ فَيُؤْمَرُ بِرَفْعِ الضَّرَرِ وَيَكُونُ مَجْبُورًا عَلَى دَفْعِ هَذَا الضَّرَرِ بِصُورَةٍ تَمْنَعُ وُقُوعَ النَّظَرِ إمَّا بِبِنَاءِ حَائِطٍ أَوْ وَضْعِ سِتَارٍ مِنْ الْخَشَبِ لَكِنْ لَا يُجْبَرُ عَلَى سَدِّ النَّافِذَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَمَا إذَا عَمِلَ حَائِطًا مِنْ الْأَغْصَانِ الَّتِي يَرَى مِنْ بَيْنِهَا مَقَرَّ نِسَاءِ جَارِهِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِسَدِّ مَحَلَّاتِ النَّظَرِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى هَدْمِهِ وَبِنَاءِ حَائِطٍ مَحِلَّهُ) . اُنْظُرْ (مَادَّة 22)
رُؤْيَةُ الْمَحِلِّ الَّذِي هُوَ مَقَرُّ النِّسَاءِ أَيْ الْمَحِلِّ الَّذِي يَجْلِسُ وَيُوجَدُ فِيهِ النِّسَاءُ فِي الدَّارِ كَالْمَطْبَخِ وَبَابِ الْبِئْرِ وَصَحْنِ الدَّارِ يُعَدُّ ضَرَرًا فَاحِشًا وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَطْبَخُ وَالْبِئْرُ فِي بُسْتَانِ الدَّارِ فَيُعَدَّانِ أَيْضًا مَقَرَّ النِّسَاءِ مَعَ أَنَّ بُسْتَانِ الدَّارِ لَا يُعَدُّ بِمُوجِبِ الْمَادَّةِ (1204) مَقَرَّ نِسَاءٍ، فَلِذَلِكَ إذَا وُجِدَ الْمَطْبَخُ فِي بُسْتَانِ الدَّار وَكَانَ مُخَصَّصًا لِلنِّسَاءِ فَهُوَ مَقَرُّ النِّسَاءِ وَكَذَلِكَ الْبِئْرُ إذَا كَانَتْ فِي الْبُسْتَانِ وَمُخَصَّصَةً لِاسْتِقَاءِ النِّسَاءِ مِنْهَا وَلَمْ يُوجَدْ بِئْرٌ غَيْرَهَا فِي الدَّارِ فَتُعَدُّ مَقَرُّ نِسَاءٍ أَيْضًا.
أَمَّا إذَا وُجِدَتْ بِئْرٌ أُخْرَى فِي الدَّارِ غَيْرَ تِلْكَ الْبِئْرِ كَوُجُودِ بِئْرٍ فِي الْمَطْبَخِ فَهَلْ يُعَدُّ بَابُ الْبِئْرِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْبُسْتَانِ مَقَرُّ نِسَاءٍ أَمْ لَا؟ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ يُوجَدُ احْتِيَاجٌ لِلْبِئْرِ الْمَذْكُورَةِ وَتُسْتَعْمَلُ تِلْكَ الْبِئْرُ مِنْ طَرَفِ النِّسَاءِ فَيُعَدُّ مُقَرًّا لِلنِّسَاءِ.
وَيُزَالُ هَذَا الضَّرَرُ سَوَاءٌ كَانَ ضَرَرًا دَائِمِيًّا أَوْ غَيْرَ دَائِمِيٍّ حَيْثُ إنَّهُ فَاحِشٌ وَذَلِكَ إذَا بَاشَرَ أَحَدٌ بِنَاءَ دَارِهِ وَكَانَ أَثْنَاءَ الْبِنَاءِ مُطِلًّا عَلَى مَقَرِّ نِسَاءِ جَارِهِ فَعَلَيْهِ مَنْعُ النَّظَرِ عَنْ مَقَرِّ النِّسَاءِ بِوَضْعِ خَيْمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَلَوْ كَانَتْ الرُّؤْيَةُ تَنْتَهِي فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ.
أَمَّا إذَا كَانَ الضَّرَرُ الْغَيْرُ الدَّائِمِ مِنْ شَعَائِرِ الدِّينِ كَالْآذَانِ وَيَزُولُ بِوَقْتٍ جُزْئِيٍّ فَلَا يُدْفَعُ وَلَا تَخْرُجُ النِّسَاءُ الْمُجَاوِرَةُ أَثْنَاءَ الْآذَانِ وَيَخْرُجْنَ بَعْدَهُ فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ.
إذَا كَانَ مَحِلُّ مَقَرِّ نِسَاءٍ دَائِمًا فَرُؤْيَتُهُ ضَرَرٌ فَاحِشٌ، لَكِنْ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمَحِلُّ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ مَقَرَّ نِسَاءٍ وَفِي بَعْضِهَا لَمْ يَكُنْ مَقَرَّ نِسَاءٍ كَأَنْ يَكُونَ مَحِلًّا تَسْكُنُهُ النِّسَاءُ فِي الصَّيْفِ وَلَا يَسْكُنُهُ فِي الشِّتَاءِ أَوْ كَانَ يَسْكُنُهُ فِي اللَّيْلِ وَلَا يَسْكُنُهُ فِي النَّهَارِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ رُؤْيَةَ هَاتِهِ الْمَحِلَّاتِ ضَرَرٌ فَاحِشٌ. تَأَمَّلْ (التَّنْقِيحُ) .
فَإِذَا أَحْدَثَ أَحَدٌ فِي دَارِهِ نَافِذَةً أَوْ بَنَى مُجَدِّدًا بِنَاءً وَفَتَحَ فِيهِ نَافِذَةً عَلَى الْمَحِلِّ الَّذِي هُوَ مَقَرُّ نِسَاءِ جَارِهِ الْمُلَاصِقِ أَوْ جَارِهِ الْمُقَابِلِ الَّذِي يَفْصِلُ طَرِيقٌ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ كَانَ الْجَارُ غَيْرَ مُسْلِمٍ، وَكَانَ يَرَى مَقَرَّ نِسَاءِ الْآخَرِ مِنْهُ فَيُؤْمَرُ بِرَفْعِ الضَّرَرِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْبِنَاءُ دَارًا أَوْ طَاحُونًا أَوْ حَمَّامًا أَوْ كَانَ بِنَاءً خَيْرِيًّا كَالزَّاوِيَةِ.
مَثَلًا لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ طَاحُونًا قُرْبَ دَارِ آخَرَ فَأَنْشَأَ مَجْرَى الطَّاحُونِ مُرْتَفِعًا وَكَانَ يَرَى مِنْهُ نِسَاءَ الْجَارِ وَكَانَ مِنْ الْمُقْتَضَى أَنْ يَصِلَ صَاحِبُ الطَّاحُونِ فِي كُلِّ بِضْعَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ الْمَحِلَّ وَيَرَى حِينَئِذٍ مَقَرَّ نِسَاءِ الْجَارِ فَبِمَا أَنَّ ذَلِكَ ضَرَرٌ فَاحِشٌ فَيُؤْمَرُ صَاحِبُ الطَّاحُونِ بِرَفْعِ هَذَا الضَّرَرِ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الطَّاحُونِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ دَفْعِ الضَّرَرِ بِدَاعِي أَنَّ مَقَرَّ نِسَاءِ تِلْكَ الدَّارِ يُرَى مِنْ جِهَةِ السُّوقِ.
وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ يَرَى مِنْ النَّافِذَةِ الَّتِي أَحْدَثَهَا مَسِيحِيٌّ مَقَرَّ نِسَاءِ مُوسَوِيِّ فَيُؤْمَرُ الْمَسِيحِيُّ بِرَفْعِ الضَّرَرِ وَلَا يُقَالُ أَنَّ الْمَسِيحِيَّ أَوْ الْمُوسَوِيَّ لَا يَتَسَتَّرُ وَأَنَّ رُؤْيَةَ مَقَرِّ نِسَائِهِمَا لَيْسَ ضَرَرًا فَاحِشًا لِأَنَّ الْمِلَلَ الْغَيْرَ الْمُسْلِمَةِ كَالْمُسْلِمِينَ فِي الْمُعَامَلَاتِ.
وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَجَلَّةِ (جَارُهُ الْمُقَابِلُ الَّذِي يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ) أَنَّ الطَّرِيقَ لَوْ لَمْ تَكُنْ فَاصِلَةً فَيُمْنَعُ وَإِذَا كَانَتْ فَاصِلَةً أَيْضًا يُمْنَعُ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .
وَيَكُونُ مَجْبُورًا عَلَى دَفْعِ هَذَا الضَّرَرِ بِصُورَةٍ تَمْنَعُ وُقُوعَ النَّظَرِ إمَّا بِبِنَاءِ حَائِطٍ أَوْ وَضْعِ سِتَارٍ
خَشَبِيٍّ فِي مِلْكِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (200) . وَإِذَا أَرَادَ دَفْعَ الضَّرَرِ بِوَضْعِ سِتَارٍ مِنْ الْخَشَبِ فَلَيْسَ لِلْجَارِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ أَنْ يَبْنِيَ حَائِطًا مِنْ حَجَرٍ أَوْ آجُرٍّ بِدَاعِي احْتِمَالِ تَفَسُّخِ السِّتَارِ الْخَشَبِيِّ وَرُؤْيَةِ مَقَرِّ النِّسَاءِ، وَلَيْسَ لِصَاحِبِ النَّافِذَةِ الْمُطِلَّةِ عَلَى مَقَرِّ النِّسَاءِ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ دَفْعِ الضَّرَرِ بِقَوْلِهِ لِلْجَارِ إذَا وَضَعْتَ قَفَصًا لِنَوَافِذِكَ فَلَا يُرَى مَقَرُّ النِّسَاءِ أَوْ أَنَّهُ كَانَ لَكَ حَائِطٌ قَبْلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً مُرْتَفِعًا فَأَعْلِ حَائِطَكَ (عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَالْبَهْجَةُ وَفَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ) .
وَحَسْبَ هَذِهِ الْفَتْوَى مِنْ مَشَايِخِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ قِطْعَةُ أَرْضٍ مُنْقَسِمَةٍ إلَى عَرَصَاتٍ لِخَمْسَ عَشْرَةَ دَارًا أَوْ عِشْرِينَ دَارًا فَأَنْشَأَ أَحَدٌ دَارًا فِي إحْدَى عَرَصَاتِهَا ثُمَّ أَحْدَثَ آخَرُ فِي الْعَرْصَةِ الْمُقَابِلَةِ أَوْ فِي الْعَرْصَةِ الْوَاقِعَةِ عَلَى الْيَمِينِ أَوْ عَلَى الْيَسَارِ دَارًا وَكَانَتْ وَاجِهَتُهَا مُقَابِلَةً لِلدَّارِ الْأُولَى وَيَرَى مِنْهَا مَقَرَّ النِّسَاءِ فِي تِلْكَ الدَّارِ فَيُمْنَعُ وَلَا يُقَالُ لِصَاحِبِ الدَّارِ الْأُولَى: ضَعْ قَفَصًا (شعايريا) عَلَى مَنَافِذِكَ وَلَكِنْ فِي هَذَا الْحَالِ يُصْبِحُ مِنْ الصَّعْبِ إنْشَاءُ دُورٍ فِي الْعَرَصَاتِ الْأُخْرَى وَتَسْقُطُ قِيمَتُهَا وَلِذَلِكَ فَالْعُرْفُ الْجَارِي فِي بَلْدَتِنَا أَنْ يَضَعَ كُلُّ صَاحِبِ دَارٍ قَفَصًا عَلَى نَوَافِذِ بَيْتِهِ وَيَمْنَعُ النَّظَرَ وَأَنْ لَا يَتَعَارَضَ وَجَارُهُ فِي ذَلِكَ. وَلَكِنْ إذَا تَعَارَضَ مَعَ جَارِهِ فَمَا الْحُكْمُ؟ وَيُظَنُّ أَنَّ الْمُنَاسِبَ أَنْ يُقَالَ بِمَا أَنَّ الْعُرْفَ وَالْعَادَةَ مُحَكَّمَةٌ فَعَلَى الْمُتَضَرِّرِ أَنْ يَضَعَ قَفَصًا عَلَى نَوَافِذِهِ حَسْبَ عُرْفِ الْبَلَدِ وَيُزِيلَ ضَرَرَهُ بِنَفْسِهِ.
قِيلَ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْفِقْرَةِ (فِي مِلْكِهِ) وَقَدْ اُحْتُرِزَ بِذَلِكَ عَنْ مِلْكِ الْمُتَضَرِّرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْجَارِ أَنْ يَبْنِيَ بِنَاءً فِي مِلْكِ جَارِهِ قَائِلًا: إنِّي أَبْنِي فِي مِلْكَكَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْكَ فَإِذَا بَنَى وَدَفَعَ الضَّرَرَ عَنْ جَارِهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَتُهْدَمُ أَبْنِيَتُهُ وَيُكَلَّفُ أَنْ يَدْفَعَ ضَرَرَ جَارِهِ بِإِنْشَاءِ بِنَاءٍ فِي مِلْكِهِ (التَّنْقِيحُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (96) .
وَكَمَا أَنَّ لِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يَضَعَ سِتَارَةً فِي مِلْكِهِ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ عَنْ جَارِهِ فَلَهُ أَيْضًا أَنْ يَضَعَ سِتَارَةً فِي مِلْكِ غَيْرِهِ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ. مَثَلًا لَوْ أَحْدَثَ أَحَدٌ دَارًا وَكَانَتْ نَافِذَةُ دَارِهِ مُطِلَّةً عَلَى مَقَرِّ نِسَاءِ دَارِ جَارِهِ وَأَرَادَ دَفْعَ الضَّرَرِ عَنْ جَارِهِ بِأَنْ وَضَعَ سِتَارَةً فِي مِلْكِ غَيْرِهِ الْوَاقِعِ بَيْنَ دَارِهِ وَدَارِ جَارِهِ فَلَيْسَ لِلْجَارِ أَنْ يَقُولَهُ لَهُ: يَجِبُ وَضْعُ السِّتَارَةِ فِي طَرَفِ نَافِذَتِكَ. فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ: اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (96) لَكِنْ لَا يُجْبَرُ عَلَى سَدِّ النَّافِذَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ بِحَائِطٍ.
وَالْخُلَاصَةُ أَنَّهُ يُزَالُ الضَّرَرُ الْفَاحِشُ فِي ذَلِكَ بِأَحَدِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ:
1 -
سَدُّ النَّافِذَةِ.
2 -
إنْشَاءُ حَائِطٍ أَمَامَ النَّافِذَةِ مِنْ الْحِجَارَةِ أَوْ الْآجُرِّ.
3 -
أَنْ تُوضَعَ سِتَارَةٌ وَبِمَا أَنَّ الصُّورَةَ الثَّالِثَةَ كَافِيَةٌ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ الضَّرَرِ بِالصُّورَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ (الْفَيْضِيَّةُ بِإِيضَاحٍ) .
كَمَا أَنَّهُ إذَا عَمِلَ حَائِطًا مِنْ الْأَغْصَانِ الَّتِي يُرَى مِنْ بَيْنِهَا مَقَرُّ نِسَاءِ جَارِهِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِسَدِّ مَحِلَّاتِ النَّظَرِ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي وَلَا يُجْبَرُ عَلَى هَدْمِ الْحَائِطِ الْمَعْمُولِ مِنْ الْأَغْصَانِ وَبِنَاءِ حَائِطٍ مَحِلَّهُ. اُنْظُرْ