الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدُّرُّ الْمُخْتَارُ) وَلَوْ بَاعَ بَعْدَ الزَّرْعِ بِلَا عُذْرٍ تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَةِ الْمُزَارِعِ فَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ لَمْ تُفْسَخْ حَتَّى يُسْتَحْصَدَ أَوْ تَمْضِيَ الْمُدَّةُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) السَّبَبُ الرَّابِعُ - إذَا مَرِضَ الْمُزَارِعُ أَوْ أَرَادَ السَّفَرَ أَوْ الِاشْتِغَالَ فِي صَنْعَةٍ أُخْرَى فَتُفْسَخُ الْمُزَارَعَةُ أَيْضًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) السَّبَبُ الْخَامِسُ - إذَا كَانَ الْمُزَارِعُ خَائِنًا وَخِيفَ مِنْ سَرِقَةِ الْحَاصِلَاتِ فَلِلطَّرَفِ الْآخَرِ فَسْخُهَا وَتَنْفَسِخُ بِالْفَسْخِ.
[
(الْفَصْلُ الثَّانِي) فِي بَيَانِ الْمُسَاقَاةِ وَيَحْتَوِي عَلَى ثَلَاثَةِ مَبَاحِثَ]
[الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ تَعْرِيفِ الْمُسَاقَاةِ وَرُكْنِهَا]
الْفَصْلُ الثَّانِي (فِي بَيَانِ الْمُسَاقَاةِ وَيَحْتَوِي عَلَى ثَلَاثَةِ مَبَاحِثَ)
الْمَبْحَثُ الْأَوَّلُ
(فِي بَيَانِ تَعْرِيفِ الْمُسَاقَاةِ وَرُكْنِهَا) مَعْنَى الْمُسَاقَاةِ لُغَةً وَشَرْعًا وَاحِدٌ وَهُوَ الْمُبَيَّنُ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ وَتُسَمَّى بِلُغَةِ الْمَدِينَةِ مُعَامَلَةً وَإِنَّمَا أُوثِرَ عَلَى الْمُعَامَلَةِ؛ لِأَنَّهَا أَوْفَقُ بِحَسَبِ الِاشْتِقَاقِ لِمَا فِيهَا مِنْ السَّقْيِ وَالْمُفَاعَلَةِ عَلَى غَيْرِ بَابِهَا (الطَّحَاوِيَّ) وَقَدْ جُوِّزَتْ الْمُسَاقَاةُ بِالسُّنَّةِ الشَّرِيفَةِ
وَلِلِاحْتِيَاجِ
إلَيْهَا السُّنَّةُ - قَدْ سَاقَى النَّبِيُّ الْكَرِيمُ عليه السلام أَهْلَ خَيْبَرَ احْتِيَاجُ النَّاسِ إلَيْهَا - وَالنَّاسُ مُحْتَاجُونَ إلَى الْمُسَاقَاةِ (الطُّورِيُّ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) وَذَلِكَ أَنَّ لِبَعْضِ النَّاسِ أَشْجَارًا وَلَا يَكُونُ مُقْتَدِرًا عَلَى الْعَمَلِ وَيَكُونُ بَعْضُهُمْ مُقْتَدِرًا عَلَى الْعَمَلِ وَلَا يَكُونُ لَهُ أَشْجَارٌ وَلِأَجْلِ تَنْظِيمِ مَصَالِحِ هَذَيْنِ الصِّنْفَيْنِ وَتَأْمِينِ مَنْفَعَتِهِمْ قَدْ مَسَّتْ الْحَاجَةُ لِلْمُسَاقَاةِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (17)(الْمَادَّةُ 441 1) - (الْمُسَاقَاةُ هِيَ نَوْعُ شَرِكَةٍ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْأَشْجَارُ مِنْ طَرَفٍ وَالتَّرْبِيَةُ مِنْ طَرَفٍ آخَرَ وَأَنْ يُقْسَمَ الثَّمَرُ الْحَاصِلُ بَيْنَهُمَا) إيضَاحُ الْقُيُودِ:
1 -
عَلَى أَنْ تَكُونَ الْأَشْجَارُ مِنْ طَرَفٍ، وَيَخْرُجُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ عِبَارَةٌ عَنْ تَمْلِيكِ الْعَيْنِ (1) وَرَدَ فِي الْأَحَادِيثِ فِي مُعَامَلَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ خَيْبَرَ وَهِيَ كَالْمُزَارَعَةِ حُكْمًا وَخِلَافًا وَهُوَ الصِّحَّةُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ " الطَّحْطَاوِيُّ "
وَالْأَشْجَارُ جَمْعُ شَجَرٍ وَالْمُرَادُ مِنْ الشَّجَرِ هُنَا النَّبَاتُ الَّذِي يَبْقَى فِي الْأَرْضِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ فَلِذَلِكَ يَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي الْبِرْسِيمِ وَالصِّبْغَةِ الْحَمْرَاءِ وَبَصَلِ الزَّعْفَرَانِ وَالرُّطَابِ وَأُصُولِ الْبَاذِنْجَانِ وَالْكُرَّاثِ وَالرُّمَّانِ وَالْعِنَبِ وَالسَّفَرْجَلِ وَشَجَرَةِ الْجَوْزِ الْمُحْتَاجَةِ لِلسَّقْيِ وَالْحِفْظِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْخَانِيَّةُ) كَمَا أَنَّهُ تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي قِثَّاءِ الْبِطِّيخِ مَثَلًا لَوْ سَاقَى أَحَدٌ آخَرَ عَلَى أُصُولِ الرَّطْبَةِ فَإِذَا عُرِفَ وَقْتُ أَوَّلِ جِزَّةٍ فَتَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ وَإِذَا كَانَتْ غَيْرَ مَعْلُومَةٍ فَتَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ لَا نِهَايَةَ لِلرُّطَبَةِ فَهِيَ تَتَزَايَدُ سَاعَةً فَسَاعَةً عَلَى مُرُورِ الزَّمَانِ مَا دَامَتْ فِي الْأَرْضِ (الْخَانِيَّةُ) .
كَذَلِكَ لَوْ سَاقَى عَلَى الرَّطْبَةِ الَّتِي حَلَّ جِذَاذُهَا عَلَى شَرْطِ أَنْ يَقُومَ الْعَامِلُ لِحِينِ خُرُوجِ الْبَذْرِ وَعَلَى أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ عِنْدَ خُرُوجِهِ مُشْتَرَكًا مُنَاصَفَةً بَيْنَهُمَا فَتَصِحُّ هَذِهِ الْمُسَاقَاةُ بِلَا بَيَانِ الْمُدَّةِ أَمَّا إذَا شُرِطَتْ الشَّرِكَةُ فِي نَفْسِ الرَّطْبَةِ فَتَكُونُ فَاسِدَةً؛ لِأَنَّهُ قَدْ شُرِطَتْ الشَّرِكَةُ فِي شَيْءٍ لَمْ يَنْمُ بِعَمَلِ الْعَامِلِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَسَيُفَصَّلُ هَذَا قَرِيبًا وَيُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ الْأَشْجَارِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَنَّهُ تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ سَوَاءٌ فِي الْأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ كَالنَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ أَوْ الْغَيْرِ الْمُثْمِرَةِ فَلِذَلِكَ تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي الْحُورِ وَالصَّفْصَافِ (شَجَرُ الْخِلَافِ) وَالْغَيْضَةِ اللَّاتِي لَا ثَمَرَ لَهَا وَلَوْ لَمْ تُسَمَّ الْمُدَّةُ فَتَنْصَرِفُ إلَى جِزَّةٍ وَقَدْ أُشِيرَ بِعِبَارَةِ (أَشْجَارٍ) إلَى عَدَمِ جَوَازِ الْمُسَاقَاةِ فِي الْأَغْنَامِ وَالدَّجَاجِ وَبَذْرِ الْفَيْلَقِ أَيْ دُودِ الْحَرِيرِ وَفِي النَّخْلِ مَثَلًا لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ بَذْرَ الْفَيْلَقِ لِآخَرَ لِإِعْلَاقِهِ بِوَرَقِ التُّوتِ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْحَاصِلَاتُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا فَلَا يَصِحُّ وَتَكُونُ الْحَاصِلَاتُ لِرَبِّ الْبَذْرِ وَيَأْخُذُ الْآخَرُ قِيمَةَ أَوْرَاقِهِ وَأَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) 2 - وَالتَّرْبِيَةُ مِنْ طَرَفٍ آخَرَ، وَيَخْرُجُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّ الْمَأْجُورَ فِي الْإِجَارَةِ هُوَ انْتِفَاعُ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَا يُسَلَّمُ الْمَأْجُورُ لِلْمُسْتَأْجِرِ لِيَعْلَمَ فِيهِ 3 - الثَّمَرُ، وَيَخْرُجُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ الْمُزَارَعَةُ (الطُّورِيُّ) وَالْمَقْصُودُ مِنْ الثَّمَرِ مَحْصُولُ الْأَشْجَارِ وَالشَّيْءُ الْمَقْصُودُ مِنْ الْأَشْجَارِ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الثَّمَرِ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ فَيَتَنَاوَلُ الرَّطِيبَ وَغَيْرَهَا وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الشَّجَرُ الْمُسَاقَى عَلَيْهِ يَتَوَلَّدُ مِنْهُ شَيْءٌ (الطَّحْطَاوِيُّ) فَلِذَلِكَ يَجُوزُ إعْطَاءُ شَجَرِ الصَّفْصَافِ مُسَاقَاةً لِلِاحْتِطَابِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَفِيهِ أَنَّ التَّعْرِيفَ مُصَرِّحٌ بِالثَّمَرِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ ذِكْرَهُ بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ
وَيُفْهَمُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (436 1) أَنَّ الزَّرْعَ إذَا نَبَتَ وَلَمْ يُدْرِكْ تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ عَلَيْهِ
4 -
التَّرْبِيَةُ، وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا التَّعْبِيرِ أَنَّهُ يَجِبُ لِصِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ أَنْ يَكُونَ الشَّجَرُ فِي حَالَةٍ إذَا لَمْ يُحَافَظْ عَلَيْهِ وَيُرَبَّى يَتْلَفُ الثَّمَرُ أَوْ فِي حَالَةٍ لَا يَظْهَرُ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُرَدَّ الْعَقْدُ عَلَى شَيْءٍ فِي حَدِّ النُّمُوِّ حَتَّى يَتَزَايَدَ فِي نَفْسِهِ بَعْدَ الْعَمَلِ، لَوْ كَانَتْ شَجَرَةً تُعْطِي ثَمَرَهَا بِدُونِ حَاجَةٍ لِحَافِظٍ أَوْ مُرَبٍّ فَلَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْحَاصِلَاتِ بِعَمَلِهِ وَلَا أَثَرَ لِلْعَمَلِ بَعْدَ التَّنَاهِي وَالْإِدْرَاكِ، وَلَوْ جَازَتْ الْمُسَاقَاةُ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَيُوجِبُ ذَلِكَ اسْتِحْقَاقَ الْعَامِلِ لِلْحَاصِلَاتِ بِلَا عَمَلٍ وَلَمْ يُجِزْ الشَّرْعُ ذَلِكَ (الطُّورِيُّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي الْأَثْمَارِ الْمُدْرَكَةِ أَيْ الَّتِي هِيَ فِي حَالَةٍ لَا تَزِيدُ بِالْعَمَلِ وَلَا يَكُونُ لِلْعَامِلِ حِصَّةٌ فِيهَا، فَلِذَلِكَ لَوْ سَبَقَ لِلْعَامِلِ خِدْمَةٌ فِي تِلْكَ الْأَشْجَارِ حَسَبَ الْمُسَاقَاةِ فَيَأْخُذُ الْعَامِلُ أَجْرَ مِثْلِهِ فَقَطْ (الْخَانِيَّةُ) وَمِنْ الشُّرُوطِ أَنْ يَكُونَ الْمَدْفُوعُ مِنْ الشَّجَرِ الَّذِي فِيهِ ثَمَرُ مُعَامَلَةٍ مَا يَزِيدُ ثَمَرَتُهُ بِالْعَمَلِ فَإِنْ كَانَ الْمَدْفُوعُ بِخِلَافِهِ طَلْعٌ أَوْ بُسْرٌ قَدْ احْمَرَّ أَوْ اخْضَرَّ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَتَنَاهَ عِظَمُهُ جَازَتْ الْمُعَامَلَةُ وَإِنْ كَانَ قَدْ تَنَاهَى عِظَمُهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُرَطِّبْ فَالْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةٌ وَيَكُونُ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ النَّخْلَةِ " الطَّحْطَاوِيُّ " التَّرْبِيَةُ، وَمَعْنَاهَا الْعَمَلُ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْعَمَلِ الشَّامِلُ لِلْحِفْظِ فَلِذَلِكَ إذَا سَاقَى أَحَدٌ عَلَى كَرْمِهِ شَخْصًا فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الْكَرْمُ غَيْرَ مُحْتَاجٍ لِلْعَمَلِ غَيْرِ الْحِفْظِ فَيُنْظَرُ: فَإِذَا كَانَ فِي حَالَةٍ يَتْلَفُ فِيهَا إذَا لَمْ يُحَافَظْ عَلَيْهِ فَتَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ وَيُعَدُّ الْحِفْظُ زِيَادَةً فِي الثَّمَرِ وَإِذَا كَانَ غَيْرَ مُحْتَاجٍ لِلْحِفْظِ فَلَا يَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ وَلَا يَكُونُ لِلْعَامِلِ حِصَّةٌ فِي الثَّمَرِ وَالْأَصْلُ أَنَّ الثَّمَرَ وَالزَّرْعَ مَتَى كَانَ فِي حَدِّ الزِّيَادَةِ تَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ وَإِلَّا فَلَا (الطَّحْطَاوِيُّ) .
فَكَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ نَخِيلَهُ مُسَاقَاةً لِآخَرَ فَيُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ الثَّمَرُ فِي حَالِ الِازْدِهَارِ أَوْ اخْضَرَّ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِذَا احْمَرَّ الْبَلَحُ وَلَمْ يَتَنَاهَ عِظَمُهُ فَيَجُوزُ أَيْضًا وَإِذَا تَنَاهَى عِظَمُهُ وَكَانَ فِي حَالَةٍ لَا يَتَضَخَّمُ فَتَفْسُدُ الْمُسَاقَاةُ وَلَوْ لَمْ يَحْلُ وَيَكُونُ كُلُّ الثَّمَرِ لِصَاحِبِ النَّخْلِ وَيَأْخُذُ الْآخَرُ أَجْرَ مِثْلِهِ وَالْحُكْمُ فِي الْعِنَبِ وَالْفَوَاكِهِ الْأُخْرَى وَالزَّرْعِ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ فَتَجُوزُ فِي الزَّرْعِ قَبْلَ إدْرَاكِهِ وَقْتَ الْحَصَادِ وَلَا تَجُوزُ بَعْدَ إدْرَاكِهِ الْحَصَادَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَالتَّرْبِيَةُ كَالسَّقْيِ وَالتَّلْقِيحِ وَالْحِفْظِ وَيُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْأَعْمَالَ تَجِبُ عَلَى الْعَامِلِ وَتُقْسَمُ الْأَعْمَالُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الْأَعْمَالُ الَّتِي يُقَامُ بِهَا حَتَّى إدْرَاكِ الْأَثْمَارِ فَهَذِهِ الْأَعْمَالُ تَجِبُ عَلَى الْعَامِلِ خَاصَّةً وَإِذَا شُرِطَ الْعَمَلُ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ فَتَفْسُدُ الْمُسَاقَاةُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ كِتَابِ الْمُعَامَلَةِ وَرَدِّ الْمُحْتَارِ) وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مِنْ عَمَلِ الْمُعَامَلَةِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الشَّجَرُ وَالْكَرْمُ وَالرُّطَبُ وَأُصُولُ الْبَاذِنْجَانِ مِنْ السَّقْيِ وَإِصْلَاحِ النَّهْرِ وَالْحِفْظِ وَتَلْقِيحِ النَّخِيلِ فَعَلَى الْعَامِلِ " الطَّحْطَاوِيُّ "
الْقِسْمُ الثَّانِي - الْأَعْمَالُ الَّتِي تَكُونُ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ وَقَبْلَ الْقِسْمَةِ كَالْجِذَاذِ وَالْحِفْظِ وَهَذِهِ الْأَعْمَالُ تَلْزَمُ الِاثْنَيْنِ بِالِاشْتِرَاكِ. وَالْأُصُولُ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مِنْ بَابِ النَّفَقَةِ عَلَى الشَّجَرِ وَالْكَرْمِ وَالْأَرْضِ مِنْ السِّرْقِينِ وَتَقْلِيبِ الْأَرْضِ الَّتِي فِيهَا الْكَرْمُ وَالشَّجَرُ وَالرُّطَابِ وَنَصْبِ الْغِرَاسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِمَا وَكَذَلِكَ الْجِذَاذُ وَالْقِطَافُ (الطَّحْطَاوِيُّ) .
الْقِسْمُ الثَّالِثُ - الْأَعْمَالُ الَّتِي تَكُونُ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ وَبَعْدَ الْقِسْمَةِ فَيَدْفَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَفَقَةَ حِصَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذَا الْحَالِ قَدْ تَمَيَّزَ مِلْكُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ مِلْكِ الْآخَرِ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَلَمَّا كَانَ الْحِفْظُ لَازِمًا عَلَى الْعَامِلِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ فَلَوْ تَرَكَ الْعَامِلُ حِفْظَ الْكَرْمِ أَخَذَهُ مُسَاقَاةً يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَقْضِي بِذَلِكَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَإِذَا عَمِلَ الْعَامِلُ مُدَّةً ثُمَّ تَرَكَ الْعَمَلَ وَأَدْرَكَ الثَّمَرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَجَاءَ وَطَلَبَ حِصَّتَهُ مِنْ الْحَاصِلَاتِ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ لِلثَّمَرِ قِيمَةٌ وَقْتَ تَرْكِهِ الْعَمَلَ فَلَهُ طَلَبُ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَرِ عَنْ ذَلِكَ الزَّمَنِ، أَمَّا إذَا كَانَ لَا قِيمَةَ لِلثَّمَرِ عِنْدَ تَرْكِهِ الْعَمَلَ فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ شَيْءٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) 5 - الْأَشْجَارُ مِنْ طَرَفٍ وَالتَّرْبِيَةُ مِنْ طَرَفٍ آخَرَ وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ حِصَّتَهُ مِنْ الشَّجَرِ لِشَرِيكِهِ مُسَاقَاةً وَشَرَطَ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ أَكْثَرَ مِنْ حِصَّةِ الشَّرِيكِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ فَيَقَعُ الْعَمَلُ لِنَفْسِهِ أَصَالَةً وَلِغَيْرِهِ تَبَعًا
وَإِذَا فَسَدَتْ هَذِهِ الْمُسَاقَاةُ تَكُونُ الْحَاصِلَاتُ بَيْنَهُمَا بِحَسَبِ مِلْكِهِمَا مَثَلًا لَوْ كَانَ كَرْمٌ مُشْجِرًا مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ مُنَاصَفَةً وَأَعْطَى أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ لِلْآخَرِ مُسَاقَاةً وَشَرَطَ أَنْ يَكُونَ ثُلُثَا الْحَاصِلَاتِ لِلْعَامِلِ وَالثُّلُثُ لِلسَّاكِتِ فَتَكُونُ الْمُسَاقَاةُ فَاسِدَةً وَتُقْسَمُ الْحَاصِلَاتُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ وَلَا أَجْرَ لِلْعَامِلِ عَلَى شَرِيكِهِ أَمَّا إذَا لَمْ يُشْرَطْ إعْطَاءُ حِصَّةٍ زَائِدَةٍ لِأَحَدِهِمَا بَلْ شُرِطَ الِاشْتِرَاكُ فِي الثَّمَرِ بِنِسْبَةِ مِلْكِهِمَا فَيَصِحُّ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ كِتَابِ الْمُعَامَلَةِ) أَسْئِلَةٌ وَأَجْوِبَةٌ: س (1) - يُوجَدُ بَعْضٌ يَقُولُ: الْإِسْفِنَاخُ وَالْكُرَّاثُ لَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ نِصْفَ سَنَةٍ مَعَ كَوْنِهِمَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِيهِمَا فَيَخْرُجُ هَذَانِ عَنْ تَعْرِيفِ الشَّجَرِ الَّذِي عُرِّفَ آنِفًا؟ الْجَوَابُ - قَدْ وَرَدَتْ الْمُسَاقَاةُ فِي الْأَثَرِ عَنْ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ فَكَانَ هَذَا التَّعْرِيفُ مَبْنِيًّا عَلَى ظَاهِرِ الْأَثَرِ س (2) - لَوْ أَعْطَى أَحَدٌ أَرْضَهُ لِآخَرَ لِيَغْرِسَهَا فَسَائِلَ أَشْجَارٍ عَلَى أَنْ تَكُونَ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا جَازَ وَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ عِنْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ هَذِهِ الْمُعَامَلَةِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ الْعَامِلِ قَلْعَ أَشْجَارِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْأَشْجَارَ بِدُونِ رِضَا الْعَامِلِ إذَا لَمْ يَضُرَّ الْقَلْعُ بِالْأَرْضِ فَإِذَا كَانَ يَضُرُّهَا ضَرَرًا فَاحِشًا فَلَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا بِغَيْرِ رِضَاهُ (الطُّورِيُّ) وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا تُوجَدُ أَشْجَارٌ مِنْ طَرَفٍ بَلْ تُوجَدُ أَرْضٌ؟