الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْكِتَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ الْوَكَالَةُ]
ُ الْوَكَالَةُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْجَمِيلِ، وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْجَلِيلُ
الْكِتَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْوَكَالَةِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى مُقَدِّمَةٍ وَثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ
مَشْرُوعِيَّةُ الْوَكَالَةِ ثَابِتَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَبِالْعَقْلِ. الْكِتَابُ: قَوْله تَعَالَى {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ} [الكهف: 19] وَالْآيَةُ الْكَرِيمَةُ قَدْ ذُكِرَتْ حِكَايَةً عَنْ أَصْحَابِ الْكَهْفِ، وَهَذَا الْبَعْثُ كَانَ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ، وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا لَنَا إذَا قَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ مِنْ غَيْرِ إنْكَارٍ وَلَمْ يَظْهَرْ نَسْخُهُ، وَالْوَرِقُ - بِكَسْرِ الرَّاءِ - هِيَ الْفِضَّةُ الْمَضْرُوبَةُ. السُّنَّةُ السَّنِيَّةُ: هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ فِعْلِ الرَّسُولِ فَقَدْ وَكَّلَ الرَّسُولُ الْأَكْرَمُ صلى الله عليه وسلم حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ لِشِرَاءِ أُضْحِيَّةٍ. الْإِجْمَاعُ: قَدْ انْعَقَدَ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَى جَوَازِ الْوَكَالَةِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . الْعَقْلُ: لَمَّا كَانَ الْإِنْسَانُ يَعْجِزُ عَنْ مُبَاشَرَةِ أُمُورِهِ أَحْيَانًا، فَيَحْتَاجُ إلَى الْوَكِيلِ (الْجَوْهَرَةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (7 1) مَثَلًا: لَوْ كَانَتْ الْوَكَالَةُ غَيْرَ مَشْرُوعَةٍ وَكَانَ كُلٌّ مُجْبَرًا عَلَى الْقِيَامِ بِأُمُورِهِ بِالذَّاتِ فَيَلْزَمُ مَثَلًا أَنْ يَذْهَبَ الدَّائِنُ لِاسْتِيفَاءِ دَيْنِهِ إلَى مَحَلِّ مَدِينِهِ الْبَعِيدِ عَنْهُ مَسَافَةَ السَّفَرِ، وَبِهَذَا التَّقْدِيرِ قَدْ يُنْفِقُ نَفَقَاتِ سَفَرٍ أَكْثَرَ مِمَّا يَسْعَى لِاسْتِيفَائِهِ مِنْ الْحَقِّ وَلَمَّا خُلِقَ الْإِنْسَانُ مَدَنِيًّا بِالطَّبْعِ، فَهُوَ مُحْتَاجٌ فِي تَدَارُكِ مَعَاشِهِ إلَى مَنْ يَعْضُدُهُ وَيُنَاصِرُهُ. وَالْوَكَالَةُ هِيَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ الْوَكَالَةُ، بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا، اسْمٌ لِلتَّوْكِيلِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ)
مُقَدِّمَةٌ فِي بَعْضِ الِاصْطِلَاحَاتِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْوَكَالَةِ مَادَّةُ (1449) - (الْوَكَالَةُ هِيَ تَفْوِيضُ أَحَدٍ فِي شُغْلٍ لِآخَرَ وَإِقَامَتُهُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ الشُّغْلِ وَيُقَالُ لِذَلِكَ الشَّخْصِ مُوَكِّلٌ وَلِمَنْ أَقَامَهُ وَكِيلٌ وَلِذَلِكَ الْأَمْرِ مُوَكَّلٌ بِهِ) الْوَكَالَةُ لُغَةً بِمَعْنَى الْحِفْظِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: قَدْ وَكَّلْتُكَ فِي مَالِي، فَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي وَكَّلَهُ بِهَا، فَلِذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يُحَافِظَ عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ فَقَطْ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِنَوْعٍ آخَرَ (الدُّرَرُ) كَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ (إنَّكَ وَكِيلِي بِكُلِّ شَيْءٍ) فَيَكُونُ قَدْ فَوَّضَ ذَلِكَ الشَّخْصَ بِالْمُحَافَظَةِ (الْبَحْرُ) وَالْوَكَالَةُ شَرْعًا تَفْوِيضُ أَحَدٍ فِي شُغْلٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ مَعَ بَقَاءِ حَقِّ التَّصَرُّفِ فِي يَدِهِ وَذَلِكَ مِمَّا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِنَفْسِهِ وَيَكُونُ فِيهِ مَالِكًا لِلتَّصَرُّفِ وَمُقْتَدِرًا عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَهْلِيَّةِ نَفْسِهِ وَأَصْلُ التَّصَرُّفِ وَإِقَامَتُهُ فِي ذَلِكَ الشُّغْلِ مَقَامَ نَفْسِهِ يَعْنِي أَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ يَقْدِرُ الشَّخْصُ وَيَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ بِأَهْلِيَّةِ نَفْسِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَصْلِ التَّصَرُّفِ - وَلَوْ كَانَ التَّصَرُّفُ فِيهِ مُمْتَنِعًا بِسَبَبِ عُرُوضِ النَّهْيِ - فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ آخَرَ لِإِجْرَاءِ ذَلِكَ التَّصَرُّفِ. إيضَاحُ الْقُيُودِ وَالسَّبَبِ:
1 -
مَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ إلَخْ مَثَلًا كَمَا أَنَّ لِلشَّخْصِ أَنْ يَبِيعَ مَالَهُ بِالذَّاتِ فَلَهُ أَيْضًا أَنْ يُوَكِّلَ آخَرَ بِبَيْعِهِ وَكَذَلِكَ كَمَا أَنَّ لِلشَّخْصِ أَنْ يَبِيعَ مَالَ وَلَدِهِ مِنْ آخَرَ بِقِيمَتِهِ الْحَقِيقِيَّةِ فَلَهُ أَيْضًا أَنْ يُوَكِّلَ آخَرَ بِبَيْعِ ذَلِكَ الْمَالِ، يَعْنِي أَنَّ لِلْوَلِيِّ وَالْوَصِيِّ أَنْ يُوَكِّلَا آخَرَ فِي الْأُمُورِ الَّتِي يَجُوزُ لَهُمَا التَّصَرُّفُ فِيهَا، أَيْ فِي مَالِ الصَّغِيرِ وَالْمَعْتُوهِ (التَّنْقِيحُ الطَّحْطَاوِيُّ) . لَكِنْ لَوْ بَلَغَ الصَّغِيرُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ الْوَكِيلُ مَا وُكِّلَ بِهِ فَلَا تَبْقَى لِلْوَكِيلِ وَكَالَةٌ (الْوَاقِعَاتُ) أَمَّا التَّصَرُّفُ الَّذِي لَا يَقْتَدِرُ عَلَى عَمَلِهِ بِالذَّاتِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِعَمَلِهِ.
مَثَلًا فَكَمَا أَنَّ الصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ لَا يَقْتَدِرُ عَلَى هِبَةِ مَالِهِ لِآخَرَ فَلَا يَقْتَدِرُ أَيْضًا عَلَى تَوْكِيلِ بَالِغٍ لِهِبَتِهِ اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (859، 967) . 2 - أَهْلِيَّةُ نَفْسِهِ: يَخْرُجُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ الْوَكِيلُ. وَقَدْ جِيءَ بِهَذَا الْقَيْدِ فِي التَّعْرِيفِ لِإِخْرَاجِ
الْوَكِيلِ مِنْ الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَوْكِيلُ آخَرَ بِالتَّصَرُّفِ الَّذِي يَقْتَدِرُ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْوَكَالَةِ، كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْمَادَّةِ (الـ 466 1) . فَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ مُقْتَدِرًا عَلَى التَّصَرُّفِ فَاقْتِدَارُهُ هَذَا لَيْسَ لِأَهْلِيَّةِ نَفْسِهِ وَإِنَّمَا هُوَ لِتَفْوِيضِ الْمُوَكِّلِ (الْجَوْهَرَةُ بِإِيضَاحِ) . 3 - نَظَرًا إلَى أَصْلِ التَّصَرُّفِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْعَوَارِضِ: وَيَكُونُ عَدَمُ الِاقْتِدَارِ عَلَى التَّصَرُّفِ بِسَبَبِ النَّهْيِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُقْتَدِرًا عَلَى عَمَلِ التَّصَرُّفِ بِسَبَبِ النَّهْيِ الشَّرْعِيِّ. فَيُعَدُّ الْمُوَكَّلُ بِالنَّظَرِ إلَى أَصْلِ التَّصَرُّفِ مُقْتَدِرًا عَلَى عَمَلِ ذَلِكَ الشَّيْءِ، وَيَكُونُ مُقْتَدِرًا عَلَى تَوْكِيلِ آخَرَ بِالتَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ، مَثَلًا لَا يَقْتَدِرُ الْمُسْلِمُ عَلَى بَيْعِ الْخِنْزِيرِ بِسَبَبِ النَّهْيِ الْعَارِضِ وَلَكِنْ لَهُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَ الْمُسْلِمِ بِبَيْعِهِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) . 4 - مِنْ الْمُعَامَلَاتِ: بِهَذَا التَّعْبِيرِ يَخْرُجُ التَّوْكِيلُ بِاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ، مَثَلًا لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ حَقَّ الْقِصَاصِ الثَّابِتِ لَهُ وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ آخَرَ وَهُوَ غَائِبٌ لِاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ (الْجَوْهَرَةُ بِتَغْيِيرٍ وَإِيضَاحٍ) كَذَلِكَ قَدْ وُضِّحَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (459 1)
5 -
عَلَى أَنْ يَبْقَى لَهُ حَقُّ التَّصَرُّفِ: يَخْرُجُ الْإِيصَاءُ مِنْ هَذَا التَّعْرِيفِ بِهَذَا الْقَيْدِ؛ وَلِأَنَّ وِلَايَةَ التَّصَرُّفِ فِي الْإِيصَاءِ تَنْتَقِلُ إلَى الْوَصِيِّ عَلَى أَنْ لَا تَبْقَى لِلْمُوصِي وَالْحَالُ أَنَّ حَقَّ التَّصَرُّفِ فِي الْوَكَالَةِ ثَابِتٌ لِلْوَكِيلِ فَلَمْ يَزُلْ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَيَبْقَى لَهُ الِاقْتِدَارُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِيهَا (الْقُهُسْتَانِيُّ) مَثَلًا قَالَ زَيْدٌ: لِيَكُنْ عَمْرٌو وَصِيِّي بَعْدَ وَفَاتِي لِيَنْظُرَ فِي أُمُورِ صِغَارِي وَتَرِكَتِي فَيَثْبُتُ حَقُّ التَّصَرُّفِ لِعَمْرٍو بَعْدَ وَفَاةِ زَيْدٍ وَعَدَمُ بَقَاءِ حَقِّ التَّصَرُّفِ لِزَيْدٍ الْمَذْكُورِ، أَمَّا لَوْ وَكَّلَ زَيْدٌ عَمْرًا لِبَيْعِ مَالِهِ الْمَعْلُومِ فَكَمَا يَثْبُتُ لِعَمْرٍو حَقُّ التَّصَرُّفِ يَكُونُ ثَابِتًا لِزَيْدٍ أَيْضًا فَكِلَاهُمَا مُقْتَدِرٌ عَلَى الْبَيْعِ 6 - غَيْرُهُ يَدُلُّ هَذَا التَّعْبِيرُ عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ عَامِلًا لِغَيْرِهِ. وَعَلَيْهِ فَإِذَا عَمِلَ الْوَكِيلُ لِنَفْسِهِ فِي وَقْتٍ مَا تَبْطُلُ الْوَكَالَةُ. مَثَلًا لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ مَدِينَهُ بِقَبْضِ مَالٍ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ كَانَتْ هَذِهِ الْوَكَالَةُ بَاطِلَةً. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (459 1) . لَكِنْ تُسْتَثْنَى مَسْأَلَةٌ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَهِيَ لَوْ وَكَّلَ الدَّائِنُ مَدِينَهُ لِإِبْرَاءِ نَفْسِهِ كَانَ تَوْكِيلُهُ صَحِيحًا وَلَهُ أَنْ يَعْزِلَ الْإِبْرَاءَ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (459 1) . وَيُقَالُ لِمَنْ وَكَّلَ (مُوَكِّلٌ) بِكَسْرِ الْكَافِّ الْمُشَدَّدَةِ، وَلِمَنْ مَقَامُهُ (وَكِيلٌ) وَلِلشَّيْءِ الَّذِي وَقَعَ التَّوْكِيلُ بِهِ (مُوَكَّلٌ بِهِ) بِفَتْحِ الْكَافِّ الْمُشَدَّدَةِ الْوَكِيلُ عَلَى وَزْنِ فَعِيلٍ هُوَ الْمُوَكَّلُ إلَيْهِ الْأَمْرُ، يَعْنِي هُوَ مَنْ فُوِّضَ إلَيْهِ الْأَمْرُ وَيَكُونُ الْوَكِيلُ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ إذَا قُصِدَ بِهِ الْحَافِظُ، كَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ. وَمِنْهُ الْوَكِيلُ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى يَعْنِي إذَا كَانَ الْوَكِيلُ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ فَيَكُونُ هُوَ الشَّخْصُ الْمُعَرَّفِ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ، أَمَّا بِمَعْنَى الْفَاعِلِ فَهُوَ الْحَافِظُ وَالْوَكِيلُ يُطْلَقُ عَلَى الْمُفْرَدِ، وَالْجَمْعِ، وَالْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ (الْقُهُسْتَانِيُّ وَالْبَحْرُ مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ بِإِيضَاحِ)