الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْأُجْرَةَ، وَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ وَلَمْ يَكُنْ الْوَكِيلُ مِمَّنْ يَخْدُمُ بِالْأُجْرَةِ كَانَ مُتَبَرِّعًا. فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِالْأُجْرَةِ) يَسْتَحِقُّ فِي الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ الْأُجْرَةَ الْمُسَمَّى. وَفِي الْفَاسِدَةِ أَجْرَ الْمِثْلِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (562) .
يَتَفَرَّعُ عَلَى هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ: أَوَّلًا - لَوْ وَكَّلَ أَهْلُ قَرْيَةٍ مَعْلُومُونَ وَكِيلًا لِأَجْلِ تَسْوِيَةِ أُمُورِ قَرْيَتِهِمْ وَمَصَالِحِهَا فِي مُقَابِلِ حِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ مَعْلُومَيْ مِقْدَارِ الثَّمَنِ وَقَامَ الْوَكِيلُ بِتَسْوِيَةِ الْمَصَالِحِ الْمَذْكُورَةِ؛ أَخَذَ الْوَكِيلُ الْأُجْرَةَ الْمُسَمَّى مِنْ الْأَهَالِي (التَّنْقِيحُ) ثَانِيًا - لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ وَكِيلًا بِقَبْضِ وَدِيعَتِهِ الَّتِي عِنْدَ فُلَانٍ وَشَرَطَ فِي مُقَابِلِهَا أُجْرَةً جَازَ، وَيَسْتَحِقُّ الْوَكِيلُ الْأُجْرَةَ إذَا قَبَضَ الْوَدِيعَةَ. ثَالِثًا - لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِالْمُحَاكَمَةِ وَالْمُخَاصَمَةِ مَعَ آخَرَ وَبَيَّنَ وَوَقَّتَ مُدَّةً مُعَيَّنَةً لِلْخُصُومَةِ وَالْمُرَافَعَةِ وَقَوْلُهُ عَلَى أُجْرَةٍ كَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةٌ وَلَزِمَ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى. أَمَّا إذَا بَقِيَتْ مُدَّةُ الْخُصُومَةِ وَالْمُرَافَعَةِ مَجْهُولَةً فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ، اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (452) . رَابِعًا - إذَا وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَشَرَطَ لَهُ أُجْرَةً وَذَكَرَ وَقْتًا مُعَيَّنًا أَيْضًا جَازَ، وَاسْتَحَقَّ الْوَكِيلُ الْأَجْرَ الْمُسَمَّى، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ وَقْتًا مُعَيَّنًا فَلَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . لَكِنْ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ فِي الْوَكَالَةِ أُجْرَةً وَلَمْ يَكُنْ الْوَكِيلُ مِمَّنْ يَخْدُمُ بِالْأُجْرَةِ كَانَ مُتَبَرِّعًا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ أُجْرَةً. أَمَّا إذَا كَانَ مِمَّنْ يَخْدُمُ بِالْأُجْرَةِ يَأْخُذُ أَجْرَ الْمِثْلِ وَلَوْ لَمْ تُشْتَرَطْ لَهُ أُجْرَةٌ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (563) .
[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي بَيَانِ الْوَكَالَةِ بِالشِّرَاءِ]
إنَّ الْوَكَالَةَ مَعَ أَنَّهَا جَارِيَةٌ فِي خُصُوصَاتٍ كَالْإِيجَارَةِ، وَالِاسْتِئْجَارِ، وَالْإِعَارَةِ، وَالِاسْتِعَارَةِ، وَالرَّهْنِ وَالْقَرْضِ، فَلَمْ تُبَيِّنْ الْمَجَلَّةُ بَلْ بَيَّنَتْ الْوَكَالَةَ بِالْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ، وَالْخُصُومَةِ فَقَطْ لِكَثْرَةِ احْتِيَاجِ النَّاسِ إلَيْهَا وَكَثْرَةِ مَا تَحْتَوِي عَلَيْهِ مِنْ الْأَحْكَامِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) وَقَدْ وَضَّحْنَا الْآخَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1459) . الْمَادَّةُ (1468) - (يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمُوَكَّلُ بِهِ مَعْلُومًا عِلْمًا يُمْكِنُ مَعَهُ إيفَاءُ الْوَكَالَةِ عَلَى مُوجِبِ الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمَادَّةِ (1459) وَذَلِكَ بِأَنْ يُبَيِّنَ الْمُوَكِّلُ جِنْسَ مَا يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ لِجِنْسِهِ أَنْوَاعٌ مُتَفَاوِتَةٌ فَلَا يَكْفِي بَيَانُ
الْجِنْسِ فَقَطْ. بَلْ يَلْزَمُ أَنْ يُبَيِّنَ أَيْضًا نَوْعَهُ أَوْ ثَمَنَهُ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ جِنْسَهُ أَوْ بَيَّنَهُ لَكِنْ كَانَتْ لَهُ أَنْوَاعٌ مُتَفَاوِتَةٌ وَلَمْ يُعَيِّنْ نَوْعَهُ أَوْ ثَمَنَهُ فَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ إلَّا أَنْ يُوَكِّلَ تَوْكِيلًا عَامًّا. مَثَلًا لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ غَيْرَهُ بِقَوْلِهِ اشْتَرِ لِي فَرَسًا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُوَكِّلَهُ لِشِرَاءِ قُمَاشٍ لِلُّبْسِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُبَيِّنَ جِنْسَهُ بِأَنْ يَقُولَ: حَرِيرٌ أَوْ قُمَاشُ قُطْنٍ وَنَوْعَهُ بِقَوْلِهِ: هِنْدِيٌّ أَوْ شَامِيٌّ، أَوْ ثَمَنَهُ، بِقَوْلِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ مِنْهُ بِكَذَا فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ جِنْسَهُ بِأَنْ قَالَ: اشْتَرِ لِي دَابَّةً، أَوْ قُمَاشًا، أَوْ حَرِيرًا، وَلَمْ يُبَيِّنْ نَوْعَهُ فَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ. لَكِنْ لَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي قُمَاشًا لِلُّبْسِ أَوْ حَرِيرًا مِنْ أَيِّ جِنْسٍ وَنَوْعٍ كَانَ. فَذَلِكَ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِك أَنْتَ الْوَكَالَةُ عَامَّةٌ وَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ وَجِنْسٍ شَاءَ) .
الْجَهَالَةُ فِي الْوَكَالَةِ بِاعْتِبَارِ الْمُتَعَلِّقِ عَلَى قِسْمَيْنِ:
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - تَكُونُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ. يَعْنِي فِي الْمُشْتَرَى وَالْمَبِيعِ.
الْقِسْمُ الثَّانِي - تَكُونُ فِي الْمَعْقُودِ بِهِ يَعْنِي فِي الثَّمَنِ.
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ:
النَّوْعُ الْأَوَّلُ - الْجَهَالَةُ الْفَاحِشَةُ: يَعْنِي جَهَالَةَ الْجِنْسِ.
النَّوْعُ الثَّانِي - الْجَهَالَةُ الْيَسِيرَةُ يَعْنِي جَهَالَةَ النَّوْعِ.
النَّوْعُ الثَّالِثُ - الْجَهَالَةُ الْمُتَوَسِّطَةُ يَعْنِي الْجَهَالَةَ الَّتِي بَيْنَ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ. وَالْأَصْلُ فِي الْوَكَالَةِ بِالشِّرَاءِ كَمَا يَأْتِي: الْوَكَالَةُ إمَّا أَنْ تَكُونَ عَامَّةً، أَوْ يَكُونَ الْمُوَكَّلُ بِهِ مَعْلُومًا أَيْ بِالشَّخْصِ كَأَنْ قَالَ: هَذَا الشَّيْءُ الْمُعَيَّنُ أَوْ يَكُونُ الْمُوَكَّلُ بِهِ مَجْهُولًا جَهَالَةً يَسِيرَةً كَالتَّوْكِيلِ بِشِرَاءِ الشَّاةِ؛ وَالْبَقَرِ، وَالْحِمَارِ، وَالْبَغْلِ، وَالْفَرَسِ وَالْوَكَالَةُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ صَحِيحَةٌ وَجَهَالَةُ النَّوْعِ غَيْرُ مَانِعَةٍ لِصِحَّةِ التَّوْكِيلِ وَلَوْ لَمْ يُسَمِّ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ لَمَّا كَانَ اسْتِعَانَةً وَلَمَّا كَانَ فِي اشْتِرَاطِ عَدَمِ الْجَهَالَةِ الْيَسِيرَةِ فَبِمَا هُوَ قَائِمٌ عَلَى التَّوَسُّعَةِ حَرَجٌ فَاشْتِرَاطُ ذَلِكَ فِي هَذَا الشَّيْءِ الَّذِي قَدْ جُعِلَ تَوْسِعَةً ضِيقٌ وَحَرِجٌ بَاطِلٌ أَيْضًا كَمَا يَظْهَرُ ذَلِكَ جَلِيَّا. وَإِذَا كَانَ مَجْهُولًا جَهَالَةً فَاحِشَةً. فَلَا تَكُونُ هَذِهِ الْوَكَالَةُ صَحِيحَةً وَلَوْ بَيَّنَ الثَّمَنَ. كَالتَّوْكِيلِ فِي اشْتِرَاءِ الثَّوْبِ وَالدَّابَّةِ.
وَكَمَا أَنَّهُ يُقْصَدُ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ الْمَالِيَّةُ فَيُقْصَدُ فِي الدَّابَّةِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُرَافِقًا لِلسِّنِّ وَالرُّكُوبِ وَيَخْتَلِفُ الْجِنْسُ بِاعْتِبَارِ هَذَا الْمُرَافِقِ فَلَيْسَتْ الْوَكَالَةُ جَائِزَةً مَعَ جَهَالَةِ الْجِنْسِ. وَيَكُونُ مَجْهُولًا جَهَالَةً مُتَوَسِّطَةً، فَإِذَا ثَمَّنَ الْمَبِيعَ أَوْ وَصَفَهُ كَانَتْ الْوَكَالَةُ صَحِيحَةً؛ لِأَنَّ النَّوْعَ قَدْ عُلِمَ بِتَقْدِيرِ الثَّمَنِ. وَسَوَاءٌ خَصَّصَ نَوْعًا لِذَلِكَ الثَّمَنِ أَوْ لَمْ يُخَصِّصْ. وَيَنْصَرِفُ هَذَا النَّوْعُ إلَى مَا
يُنَاسِبُ حَالَ الْمُوَكِّلِ. كَالتَّوْكِيلِ بِشِرَاءِ قَصْرٍ أَوْ لُؤْلُؤٍ. وَعَلَيْهِ لَوْ بَيَّنَ الْمُوَكِّلُ ثَمَنَ الْقَصْرِ الَّذِي سَيَشْتَرِي؛ أَوْ نَوْعَهُ، أَوْ صِفَتَهُ، كَانَتْ هَذِهِ الْجَهَالَةُ مُلْحَقَةً بِجَهَالَةِ النَّوْعِ وَكَانَتْ هَذِهِ الْوَكَالَةُ صَحِيحَةً. لَكِنْ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ؛ أَوْ الصِّفَةَ مَعَ كَوْنِهِ مَجْهُولًا جَهَالَةً مُتَوَسِّطَةً كَانَتْ هَذِهِ الْجَهَالَةُ مُلْحَقَةً بِجَهَالَةِ الْجِنْسِ فَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ، فَكَانَ جِنْسًا وَاحِدًا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَأَلْحَقْنَاهُ بِالْجِنْسِ الْوَاحِدِ عِنْدَ بَيَانِ الثَّمَنِ، أَوْ الصِّفَةِ وَالْجِنْسِ الْمُخْتَلَفِ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ أَحَدَهُمَا عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ، رَدُّ الْمُحْتَارِ، ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ) . يَلْزَم أَنْ يَكُونَ الْمُوَكَّلُ بِهِ مَعْلُومًا بِحَيْثُ يَكُونُ إيفَاءُ الْوَكَالَةِ قَابِلًا عَلَى حُكْمِ الْفِقْرَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ مَادَّةِ (1459) . لِأَنَّ الْمُوَكَّلَ بِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَنْ يَصْدَعَ بِأُمُورِ مُوَكِّلِهِ وَيَقُومَ بِالْمُوَكَّلِ بِهِ، وَقَوْلُهُ هُنَا: الْمُوَكَّلُ بِهِ احْتِرَازٌ عَنْ الثَّمَنِ كَمَا سَيُوَضَّحُ ذَلِكَ قَرِيبًا.
اسْتِيفَاءٌ - لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ جِنْسِ وَنَوْعِ الْمُوَكَّلِ بِهِ فِي الْمُضَارَبَةِ وَالْبِضَاعَةِ وَسَائِرِ الشَّرِكَاتِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (54) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِيهَا هُوَ اكْتِسَابُ الْمَالِيَّةِ. أَمَّا الْأَجْنَاسُ وَالْأَنْوَاعُ فَهُمَا مُتَسَاوِيَانِ فِي الِاعْتِبَارِ الْمَالِيِّ (التَّكْمِلَةُ) . وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِآخَرَ: خُذْ هَذَا الْمَبْلَغَ بِضَاعَةً أَوْ مُضَارَبَةً وَاشْتَرِ بِهِ شَيْئًا صَحَّ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) وَلِذَلِكَ عَلَى الْمُوَكِّلِ أَنْ يُبَيِّنَ لِلْوَكِيلِ مَا يَشْتَرِيهِ لَهُ. وَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ إذَا بَيَّنَ الثَّمَنَ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْجِنْسَ عَلَى مَا بُيِّنَ فِي الْفِقْرَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَعَلَيْهِ لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ قُمَاشًا أَوْ دَابَّةً أَوْ شَيْئًا آخَرَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ بِكَذَا دِرْهَمًا فَلَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْقُمَاشَ جَامِعٌ لِأَجْنَاسٍ مُخْتَلِفَةٍ كَالْجُوخِ، وَالْقَازْمِيرِ (وَهُوَ جُوخٌ رَقِيقٌ سُمِّيَ بِاسْمِ صَانِعِهِ) وَمَا مَاثَلَ ذَلِكَ، وَمَعْنَى الدَّابَّةِ لُغَةً: يَشْمَلُ كُلَّ حَيَوَانٍ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ، وَعُرْفًا: الْفَرَسُ وَالْبَغْلُ، وَالْحِمَارُ وَيَعُودُ مَا يَشْتَرِيه الْوَكِيلُ بِهَذَا التَّوْكِيلِ إلَى نَفْسِهِ. وَالْمُرَادُ بِالْجِنْسِ هُوَ الْجِنْسُ الْفِقْهِيُّ وَلَيْسَ الْجِنْسَ فِي اصْطِلَاحِ أَهْلِ الْمَنْطِقِ وَذَلِكَ كَمَا صَارَ إيضَاحُهُ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (740)(التَّكْمِلَةُ، وَالْبَحْرُ) وَإِذَا كَانَ تَحْتَ الْجِنْسِ أَنْوَاعٌ مُتَغَايِرَةٌ، فَلَا يَكْفِي بَيَانُ الْجِنْسِ وَيَلْزَمُ بَيَانُ نَوْعِهِ أَوْ ثَمَنِهِ. وَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ جِنْسَ مَا يَشْتَرِي وَبَيَّنَ ثَمَنَهُ أَوْ بَيَّنَ جِنْسَهُ وَكَانَ تَحْتَهُ أَنْوَاعٌ مُتَغَايِرَةٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ نَوْعَهُ فَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ بِسَبَبِ الْجَهَالَةِ بِالْمُوَكَّلِ بِهِ، وَيَتَفَرَّعُ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنْ هَذِهِ الْفِقْرَةِ مِنْ الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ لِهَذِهِ الْمَادَّةِ، وَالْقِسْمُ الثَّانِي مِنْهَا مِنْ الْفِقْرَةِ الثَّالِثَةِ، وَإِذَا كَانَتْ الْوَكَالَةُ بَاطِلَةً عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَانَ مَا يَشْتَرِيه الْوَكِيلُ لِلْوَكِيلِ نَفْسِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1470) وَشَرْحَهَا وَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: قَدْ وَكَّلْتُك بِشِرَاءِ مِلْكٍ لِي بِنُقُودِي، وَعَلَى ذَلِكَ اشْتَرَى الْوَكِيلُ أَرْضًا لِمُوَكِّلِهِ وَجَعَلَ حُجَّةَ الشِّرَاءِ بِاسْمِ الْمُوَكِّلِ أَيْضًا كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ صَحِيحٍ. وَكَانَتْ الْأَرْضُ لِلْوَكِيلِ.
الْأَنْقِرْوِيُّ، التَّكْمِلَةُ، ابْنُ عَابِدِينَ عَلَى الْبَحْرِ، الطَّحْطَاوِيُّ) إلَّا إذَا وَكَّلَهُ الْمُوَكِّلُ وَكَالَةً عَامَّةً كَأَنْ يَقُولَ لَهُ اشْتَرِ مِنْ أَيِّ جِنْسٍ وَنَوْعٍ صَحَّ حِينَئِذٍ، وَيَكُونُ تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ لِلْمُوَكِّلِ أَيْضًا. مِثَالٌ لِلْوَكَالَةِ الْعَامَّةِ: قَدْ ذُكِرَتْ الْوَكَالَةُ الْعَامَّةُ فِقْرَةً، لَكِنْ لَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي قُمَاشَ ثِيَابٍ إلَخْ.
وَتَصِحُّ الْوَكَالَةُ الْعَامَّةُ أَيْضًا بِصُورَةٍ أُخْرَى مُبَيَّنَةٍ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1456) وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ فِيهَا لِمُوَكِّلِهِ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُوَكَّلُ بِهِ مَعْلُومًا. مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ وَكَّلْتُك وَكَالَةً عَامَّةٌ وَاشْتَرَى الْوَكِيلُ لِمُوَكِّلِهِ فَرَسًا نَفَذَ الشِّرَاءُ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْمُوَكَّلَ بِهِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا فَهُوَ لِلْوَكِيلِ.
مَثَلًا لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِآخَرَ: اشْتَرِ لِي أَفْرَاسًا أَوْ بِغَالًا أَوْ بَقَرًا وَوَكَّلَهُ بِذَلِكَ صَحَّتْ الْوَكَالَةُ وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ ثَمَنَهَا، أَوْ وَصْفَهَا، أَوْ كَوْنَهَا ذُكُورًا، أَوْ إنَاثًا، وَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ وَصْفُ الْمُوَكَّلَ بِهِ مُوَافِقًا لِحَالِ الْمُوَكِّلِ. (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَهَذَا مِثَالٌ لِبَيَانِ الْجِنْسِ. لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ آخَرَ بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ قُمَاشَ ثِيَابٍ، يَلْزَمُ أَنْ يُبَيِّنَ جِنْسَهُ، يَعْنِي قُمَاشَ حَرِيرٍ، أَوْ قُمَاشَ قُطْنٍ مَعَ بَيَانِ نَوْعِهِ بِقَوْلِهِ: هِنْدِيٌّ أَوْ شَامِيٌّ إذَا كَانَ لِجِنْسِهِ أَنْوَاعٌ مُغَايِرَةٌ بَعْضُهَا بَعْضًا، أَوْ ثَمَنَهُ بِقَوْلِهِ بِأَنْ تَكُونَ خَاصَّةً بِكَذَا دَرَاهِمَ. وَإِلَى هُنَا مِثَالٌ لِلْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ. وَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ جِنْسَهُ بِأَنْ قَالَ: اشْتَرِ لِي دَابَّةً بَدَلًا مِنْ اشْتَرِ لِي فَرَسًا وَاشْتَرِ لِي قُمَاشًا بَدَلًا مِنْ ثِيَابًا، فَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ وَلَوْ بَيَّنَ الثَّمَنَ: حَتَّى وَلَوْ سَلَّمَهُ إلَى الْوَكِيلِ وَإِلَى هُنَا مِثَالٌ لِلْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ الْفِقْرَةِ الرَّابِعَةِ بِهَذِهِ الْمَادَّةِ، وَالْجِنْسُ عِنْدَ الْفُقَهَاءَ هُوَ الْمَقُولُ عَلَى كَثِيرِينَ مُخْتَلِفِينَ فِي الْأَحْكَامِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الدَّابَّةَ فِي اللُّغَةِ، هِيَ كُلُّ مَا يَدِبُّ عَلَى الْأَرْضِ، تَشْمَلُ الْمُكَلَّفَ وَالطَّاهِرَ وَنَجِسَ الْعَيْنِ وَنَجِسَ السُّؤْرِ وَمَا فِيهِ الزَّكَاةُ وَمَا يَحِلُّ بَيْعُهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَفِي الْعُرْفِ ذَوَاتُ الْأَرْبَعِ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْهُ وَإِذَا جَرَى الْعُرْفُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ اُتُّبِعَ؛ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ يَقْصِدُ الْمُتَعَارَفَ عِنْدَهُ، فَالْمَدَنِيُّ إذَا قَالَ: وَكَّلْتُك بِشِرَاءِ دَابَّةٍ لَا يَقْصِدُ مِنْهَا إلَّا الْحِمَارَ، فَهُوَ كَمَا لَوْ سَمَّاهُ فِي بَعْضِ الْجِهَاتِ يُرِيدُونَ بِالْحَيَوَانِ الْحِمَارِ وَلَا يَعْرِفُونَ لِلْحَيَوَانِ مَعْنًى سِوَاهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . أَوْ قَالَ: اشْتَرِ حَرِيرًا وَلَمْ يُبَيِّنْ ثَمَنَهُ أَوْ نَوْعَهُ فَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ، وَهَذَا أَيْضًا مِثَالٌ لِلْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْفِقْرَةِ الرَّابِعَةِ الْمَذْكُورَةِ.
وَالْقُمَاشُ سَوَاءٌ ذُكِرَ مُفْرَدًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ أَمْ ذُكِرَ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ فَقِيلَ أَقْمِشَةٌ. وَلَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ أَيْضًا عَلَى الصُّورَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْقُمَاشَ يُطْلَقُ عَلَى أَجْنَاسٍ مُخْتَلِفَةٍ وَبِمَا أَنَّهُ تُوجَدُ أَجْنَاسٌ كَثِيرَةٌ مِنْ الْأَقْمِشَةِ مُتَّحِدَةٌ فِي الثَّمَنِ فَلَا تَزُولُ جَهَالَةُ الْجِنْسِ بِتَسْمِيَةِ الثَّمَنِ، وَعَلَيْهِ لَا يَكُونُ الْوَكِيلُ مُقْتَدِرًا عَلَى تَحْصِيلِ مَقْصُودِ مُوَكِّلِهِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ) . لَكِنْ لَوْ قَالَ: اشْتَرِ لِي قُمَاشَ ثَوْبٍ، أَوْ حَرِيرٍ؛ أَوْ دَابَّةً مِنْ أَيِّ جِنْسٍ وَنَوْعٍ كَانَ، فَذَلِكَ مُفَوَّضٌ لِرَأْيِك كَانَتْ وَكَالَةً عَامَّةً وَيُمَكَّنُ الْوَكِيلُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ وَجِنْسٍ شَاءَ (الْهِنْدِيَّةُ) وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ الثِّيَابَ وَنَحْوَهَا مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ يَصِحُّ التَّفْوِيضُ إلَى الْوَكِيلِ بِخِلَافِ ثَوْبٍ أَوْ