الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَيُعْتَبَرُ مِقْدَارُ الزِّيَادَةِ فَقَطْ وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ الَّتِي سَبَقَ بَيَانُهَا كَاسْتِحْقَاقِ مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ مِنْ حِصَّةِ أَحَدِهِمَا فَلِذَلِكَ يَكُونُ صَاحِبُ الْحِصَّةِ الَّذِي ضُبِطَ مِنْهُ زِيَادَةَ مُخَيَّرًا عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَيَّنِ فِي الصُّورَةِ الرَّابِعَةِ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْقِسْمَةَ فَتُضَمُّ الْحِصَّةُ الْبَاقِيَةُ فِي يَدِهِ إلَى الْحِصَّةِ الْمَوْجُودَةِ فِي يَدِ شَرِيكِهِ وَيُقْسَمُ الْمِقْدَارُ الْبَاقِي الْمَذْكُورُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ الطَّلَبِ وَإِنْ شَاءَ لَا يَفْسَخُ الْقِسْمَةَ وَيَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِمِقْدَارِ النُّقْصَانِ. مَثَلًا: لَوْ ضُبِطَ مِنْ أَحَدِهِمَا أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ وَضُبِطَ مِنْ الْآخَرِ سِتَّةُ أَذْرُعٍ فَلَا يَكُونُ الشَّرِيكُ الَّذِي ضُبِطَ مِنْهُ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ مُخَيَّرًا بَلْ يَكُونُ الشَّرِيكُ الَّذِي ضُبِطَ مِنْهُ سِتَّةُ أَذْرُعٍ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ فَسَخَ الْقِسْمَةَ وَتُضَمُّ الْحِصَّةُ الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ حِصَّتِهِ إلَى حِصَّةِ الْآخَرِ وَتُقْسَمُ ثَانِيَةً إذَا كَانَتْ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى شَرِيكِهِ بِذِرَاعٍ وَاحِدٍ أَيْ أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْهُ مَحِلَّ ذِرَاعٍ (أَبُو السُّعُودِ) .
ضَمَانُ الْغُرُورِ فِي حَالَةِ ضَبْطِ بَعْضِ حِصَّةٍ بِالِاسْتِحْقَاقِ مِنْ الْمَقْسُومِ: وَإِنْ يَكُنْ ضَبْطُ الْحِصَّةِ الْمَقْسُومَةِ بِالِاسْتِحْقَاقِ يُثْبِتُ لِلشَّرِيكِ حَقَّ الرُّجُوعِ إلَّا أَنَّهُ يُوجَدُ تَفْصِيلٌ فِي الضَّرَرِ الْمُبَيَّنِ فِي الْمَادَّةِ (658) وَفِي حَقِّ الرُّجُوعِ، فَإِذَا وَقَعَتْ الْقِسْمَةُ فِي أَمْوَالٍ إذَا امْتَنَعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِيهَا عَنْ الْقِسْمَةِ يُجْبَرُ عَلَى الْقِسْمَةِ بِطَلَبِ الْآخَرِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1132) فَلَا رُجُوعَ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ بِالضَّرَرِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْقِسْمَةُ رِضَاءً أَوْ كَانَتْ قَضَاءً؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَ الَّذِي غُرِّرَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَمْ يَكُنْ غُرِّرَ مِنْ طَرَفِ شَرِيكِهِ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1118) .
مَثَلًا: لَوْ قَسَّمَ الشَّرِيكَانِ الدَّارَ الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَهُمَا وَأَنْشَأَ أَحَدُهُمَا عَلَى حِصَّتِهِ الْمَقْسُومَةِ بِنَاءً فَضُبِطَتْ بَعْدَ ذَلِكَ حِصَّتُهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ الَّذِي بَنَاهُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَنْشَأَ كِلَاهُمَا أَبْنِيَةً عَلَى حِصَصِهِمَا الْمُتَسَاوِيَةِ وَضُبِطَتْ حِصَصُهُمَا بِالِاسْتِحْقَاقِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الرُّجُوعُ عَلَى الْآخَرِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ.
أَمَّا إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ وَقَعَتْ فِي أَمْوَالٍ إذَا امْتَنَعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَنْ إجْرَاءِ الْقِسْمَةِ فِيهَا لَا يُجْبَرُ عَلَى الْقِسْمَةِ إذَا طَلَبهَا الشَّرِيكُ الْآخَرُ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1153) فَيَثْبُتُ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ حَقُّ الرُّجُوعِ بِالضَّرَرِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَرِيكٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ ضَامِنٌ لِسَلَامَةِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ غُرِّرَ مِنْ جَانِبِ شَرِيكِهِ.
مَثَلًا: إذَا كَانَتْ دَارَانِ مُشْتَرَكَتَيْنِ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَتَقَاسَمَا مَعَ بَعْضِهِمَا رِضَاءً وَأَخَذَ كُلٌّ مِنْهُمَا دَارًا مِنْ تَيْنِكَ الدَّارَيْنِ فَأَنْشَأَ أَحَدُهُمَا بِنَاءً فِي قِسْمَتِهِ ثُمَّ ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ وَضَبَطَهَا بِالِاسْتِحْقَاقِ فَلِلشَّرِيكِ الْمَذْكُورِ الرُّجُوعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (658) . (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْكَفَوِيُّ وَالطُّورِيُّ) .
[الْمَادَّةُ (1126) قِسْمَةُ الْفُضُولِيِّ]
الْمَادَّةُ (1126) - (قِسْمَةُ الْفُضُولِيِّ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْإِجَازَةِ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا. مَثَلًا إذَا قَسَّمَ أَحَدٌ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ فَلَا تَكُونُ الْقِسْمَةُ جَائِزَةً وَنَافِذَةً لَكِنْ لَوْ أَجَازَ أَصْحَابُهُ قَوْلًا بِأَنْ قَالُوا: أَحْسَنْتَ أَوْ تَصَرَّفُوا بِحِصَصِهِمْ الْمُفْرَزَةِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ يَعْنِي بِوَجْهٍ مِنْ لَوَازِمِ التَّمَلُّكِ كَالْبَيْعِ وَالْإِيجَارِ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ صَحِيحَةً وَنَافِذَةً) .
قِسْمَةُ الْفُضُولِيِّ مَوْقُوفَةٌ عَلَى إجَازَةِ الْمَقْسُومِ لَهُمْ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّ عَقْدٍ يَصِحُّ فِيهِ
التَّوْكِيلُ يَتَوَقَّفُ عَقْدُ الْفُضُولِيِّ فِيهِ عَلَى الْإِجَازَةِ، وَالْقِسْمَةُ هِيَ مِنْ الْعُقُودِ الَّتِي يَصِحُّ فِيهَا التَّوْكِيلُ (الْخَيْرِيَّةُ) .
وَحَقُّ الْإِجَازَةِ فِي قِسْمَةِ الْفُضُولِيِّ هِيَ لِلْمَقْسُومِ لَهُمْ أَوْ لِوَكِيلِهِمْ أَوْ لِوَرَثَتِهِمْ بَعْدَ وَفَاتِهِمْ أَوْ وَصِيِّهِمْ أَوْ لِلْوَصِيِّ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَإِذَا أَجَازَ هَؤُلَاءِ قِسْمَةَ الْفُضُولِيِّ تَكُونُ نَافِذَةً وَلَا يَصِحُّ لَهُمْ رَدُّهَا بَعْدَ الْإِجَازَةِ وَإِذَا لَمْ يُجِيزُوا تَنْفَسِخُ الْقِسْمَةُ وَلَا تَنْفُذُ بِالْإِجَازَةِ بَعْدَ انْفِسَاخِهَا؛ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ حَقُّ الْفَسْخِ بِالْإِجَازَةِ، وَيَسْقُطُ حَقُّ الْإِجَازَةِ بِالْفَسْخِ وَلَا يَعُودُ هَذَا الْحَقُّ بَعْدَ وُقُوعِ ذَلِكَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (51) . مَثَلًا لَوْ تَقَاسَمَ الشُّرَكَاءُ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ وَكَانَ أَحَدُهُمْ غَائِبًا حِينَ الْقِسْمَةِ وَعِنْدَمَا عَلِمَ الْغَائِبُ بِإِجْرَاءِ الْقِسْمَةِ وَإِفْرَازِ حِصَّتِهِ قَالَ: لَا أَرْضَى بِهَذِهِ الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّ فِيهَا غَبْنًا فَاحِشًا، فَإِذَا زَرَعَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ حِصَّتِهِ فَلَا يَكُونُ مُجِيزًا لِلْقِسْمَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
وَيُشْتَرَطُ فِي الْإِجَازَةِ أَنْ يَكُونَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْقِسْمَةُ أَيْ الْمَالُ الْمَقْسُومُ قَائِمًا فَلِذَلِكَ إذَا تَلِفَ الْمَالُ الْمَقْسُومُ لَا تَصِحُّ الْقِسْمَةُ كَمَا يُشْتَرَطُ قِيَامُ الْمَبِيعِ فِي صِحَّةِ إجَازَةِ الْبَيْعِ الْفُضُولِيِّ (جَامِعُ أَحْكَامِ الصِّغَارِ) .
فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَتْ فَرَسَانِ مُشْتَرَكَيْنِ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَكَانَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ غَائِبًا فَقَسَّمَ أَحَدُ الْأَجَانِبِ الْفَرَسَيْنِ مَعَ الْحَاضِرِ وَأُخِذَتْ إحْدَاهُمَا حِصَّةً لِلْغَائِبِ ثُمَّ جَاءَ الْغَائِبُ فَأَجَازَ الْقِسْمَةَ وَبَعْدَ ذَلِكَ تَلِفَتْ الْفَرَسُ فِي يَدِ الْأَجْنَبِيِّ فَلَا يَلْزَمُ أَحَدًا ضَمَانٌ. أَمَّا إذَا تَلِفَتْ الْفَرَسُ فِي يَدِ الْأَجْنَبِيِّ قَبْلَ الْإِجَازَةِ فَتَبْطُلُ الْقِسْمَةُ وَتَبْقَى الْفَرَسُ الَّتِي فِي يَدِ الشَّرِيكِ الْحَاضِرِ مُشْتَرَكَةً وَيَكُونُ الشَّرِيكُ الْغَائِبُ مُخَيَّرًا فِي حَقِّ الْفَرَسِ التَّالِفِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ - حِصَّتَهُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا لِشَرِيكِهِ الْحَاضِرِ (الطُّورِيُّ) . لِأَنَّ حِصَّةَ الْغَائِبِ هِيَ وَدِيعَةٌ فِي يَدِ الشَّرِيكِ الْحَاضِرِ بِحُكْمِ الْمَادَّةِ (1087) فَبِإِيدَاعِهِ الْفَرَسَ لِآخَرَ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ.
تَقْسِيمُ الْإِجَازَةِ إلَى قِسْمَيْنِ: يُفْهَمُ مِنْ الْمَجَلَّةِ أَنَّ الْإِجَازَةَ عَلَى قِسْمَيْنِ: (1) الْإِجَازَةُ قَوْلًا، وَيُقَالُ لَهَا: الْإِجَازَةُ صَرَاحَةً.
(2)
الْإِجَازَةُ فِعْلًا، وَيُقَالُ لَهَا: الْإِجَازَةُ دَلَالَةً.
مَثَلًا لَوْ قَسَّمَ أَحَدٌ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ أَيْ بِدُونِ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا أَوْ وَلِيًّا أَوْ وَصِيًّا عَلَى الشُّرَكَاءِ فَلَا تَجُوزُ الْقِسْمَةُ وَلَا تَنْفُذُ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي الْبَيْعِ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (365 و 368) .
وَعَطْفُ عِبَارَةِ (نَافِذَةً) عَلَى (جَائِزَةً) هُوَ عَطْفٌ تَفْسِيرِيٌّ إذْ إنَّ مَعْنَى " لَا يَجُوزُ "، " لَا يَنْفُذُ "، لَكِنْ لَوْ أَجَازَ أَصْحَابُ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي أُجْرِيَتْ قِسْمَتُهُ مِنْ طَرَفِ الْفُضُولِيِّ قَوْلًا أَيْ صَرَاحَةً بِنَحْوِ أَحْسَنْتَ أَوْ أَجَزْنَا هَذِهِ الْقِسْمَةَ، أَوْ تَصَرَّفُوا بِحِصَصِهِمْ الْمُفْرَزَةِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ يَعْنِي بِوَجْهٍ مِنْ لَوَازِمِ التَّمَلُّكِ كَالْبَيْعِ وَالْإِيجَارِ فَالْقِسْمَةُ صَحِيحَةٌ وَنَافِذَةٌ، وَقَدْ فُسِّرَ بِذَلِكَ تَصَرُّفُ الْمُلَّاكِ وَقَدْ اُسْتُعْمِلَ تَعْبِيرُ تَصَرُّفِ الْمُلَّاكِ فِي الْمَوَادِّ (304، 312، 335، 344، 359) .
كَذَلِكَ لَوْ اقْتَسَمَ بَالِغٌ مِنْ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ غَيْرِ مَأْذُونٍ مَالًا مُشْتَرَكًا فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ مَوْقُوفَةً عَلَى الْإِجَازَةِ فَإِذَا بَلَغَ الصَّغِيرُ الْمَذْكُورُ وَتَصَرَّفَ فِي حِصَّتِهِ الْمُفْرَزَةِ كَأَنْ بَاعَ مَثَلًا بَعْضَهَا فَيَكُونُ قَدْ أَجَازَ الْقِسْمَةَ الْمَذْكُورَةَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
الْمَادَّةُ (1127) - (يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ الْقِسْمَةُ عَادِلَةً أَيْ أَنْ تُعْدَلَ الْحِصَصُ بِحَسَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَأَنْ لَا تَكُونُ بِإِحْدَاهَا نُقْصَانٌ فَاحِشٌ فَلِذَلِكَ تُسْمَعُ دَعْوَى الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فِي الْقِسْمَةِ. وَلَكِنْ إذَا ادَّعَى الْمَقْسُومُ لَهُمْ الْغَبْنَ الْفَاحِشَ بَعْدَ إقْرَارِهِمْ بِاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُمْ) .
يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ الْقِسْمَةُ عَادِلَةً سَوَاءٌ كَانَتْ الْقِسْمَةُ رِضَاءً أَوْ قَضَاءً أَوْ كَانَ الْمَقْسُومُ مَالَ شَرِكَةٍ أَوْ مَالًا آخَرَ أَيْ أَنْ تُعْدَلَ الْحِصَصُ بِحَسَبِ الِاسْتِحْقَاقِ وَأَنْ لَا يَكُونَ بِإِحْدَاهَا نُقْصَانٌ فَاحِشٌ فَلِذَلِكَ تُسْمَعُ فِي الْقِسْمَةِ دَعْوَى الْغَبْنِ الْفَاحِشِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (165) وَشَرْحَهَا كَمَا تُسْمَعُ أَيْضًا دَعْوَى الْغَلَطِ فِي الْقِسْمَةِ وَتَسْلِيمِ الْحِصَّةِ وَدَعْوَى الْحُدُودِ وَلَكِنْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى: أَنَّ كَذَا مَالًا مِنْ الْمَقْسُومِ كَانَ مَالًا لِي قَبْلَ الْقِسْمَةِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ تَقَعُ خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ مِنْ الدَّعْوَى، أَرْبَعَةٌ مِنْهَا مَسْمُوعَةٌ وَوَاحِدَةٌ غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ، وَيُوَضَّحُ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي:
1 -
إيضَاحُ دَعْوَى الْغَبْنِ الْفَاحِشِ، وَيُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ الْغَبْنِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَنَّ الْغَبْنَ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْقِيمَةِ كَمَا هُوَ فِي الْقِيَمِيَّاتِ، وَيُطْلَقُ عَلَى دَعْوَى الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فِي الْقِيَمِيَّاتِ دَعْوَى الْغَلَطِ فِي الْقِيمَةِ وَهِيَ أَنْ يُقَدَّرَ بَدَلُ حِصَّةِ أَحَدِهِمَا أَلْفَ دِرْهَمٍ فَيَظْهَرُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ بَدَلَهَا وَقِيمَتَهَا خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَطْ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ، أَوْ كَانَتْ عَيْنُ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ أَكْثَرَ مِنْ عَيْنِ الْآخَرِ مِنْ جِهَةِ الزَّرْعِ أَوْ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدَدِ وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي الْمَزْرُوعَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَالْمَعْدُودَاتِ أَيْ أَنَّهُ يَشْمَلُ جَمِيعَ هَؤُلَاءِ (عَبْدُ الْحَلِيمِ) .
فَلِذَلِكَ إذَا تَبَيَّنَ وُجُودُ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فِي الْقِسْمَةِ بِالْحُجَّةِ فَتُفْسَخُ الْقِسْمَةُ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1160) وَتُقْسَمُ ثَانِيَةً قِسْمَةً عَادِلَةً أَيْ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُثْبَتَ وُجُودُ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فِي الْقِسْمَةِ بِالْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُقُوعُ الْقِسْمَةِ عَلَى وَجْهِ الْمُبَادَلَةِ فَلَا تُنْقَضُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَإِذَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ يَحْلِفُ الْمُنْكِرُ الْيَمِينَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ، وَيَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الشَّرِيكِ أَيْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَى الْقَاضِي الَّذِي قَسَّمَ أَوْ عَلَى الْقَسَّامِ الَّذِي نَصَّبَهُ الْقَاضِي (الْبَاجُورِيُّ) .
مَثَلًا إذَا ادَّعَى أَحَدُ الْوَرَثَةِ بَعْدَ اقْتِسَامِ التَّرِكَةِ وُجُودَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فِي الْقِسْمَةِ وَأَثْبَتَ الْغَبْنَ الْفَاحِشَ فَلَهُ طَلَبُ تَقْسِيمِ التَّرِكَةِ قِسْمَةً عَادِلَةً (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) .
اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ: قَدْ اُتُّفِقَ عَلَى إبْطَالِ الْقِسْمَةِ الْقَضَائِيَّةِ الَّتِي يَتَحَقَّقُ فِيهَا وُقُوعُ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْقَاضِي مُقَيَّدٌ وَمَشْرُوطٌ بِمُوَافَقَتِهِ لِلْعَدْلِ فَإِذَا لَمْ تَكُنْ عَدَالَةٌ فِي الْقِسْمَةِ فَيَجِبُ فَسْخُهَا، أَمَّا إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْغَبْنُ الْفَاحِشُ رِضَائِيَّةً فَإِذَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِعَدَمِ جَوَازِ فَسْخِهَا فَفِي ذَلِكَ وَجْهٌ؛ لِأَنَّهُمْ
قَالُوا: كَمَا لَا تَصِحُّ دَعْوَى الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فِي الْبَيْعِ بِدُونِ تَغْرِيرٍ فَيَجِبُ أَنْ لَا تُعْتَبَرَ أَيْضًا الْقِسْمَةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ التَّرَاضِي بَيْنَ الْمُتَقَاسِمِينَ (الطُّورِيُّ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَأَصْحَابُ الْمُتُونِ بِأَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَى الْغَلَطِ وَالْغَبْنِ الْفَاحِشِ الرِّضَائِيَّةُ أَيْضًا وَأَنَّهُ يَجُوزُ إبْطَالُهَا عِنْدَ الثُّبُوتِ؛ لِأَنَّ جَوَازَ شَرْطِ الْقِسْمَةِ وُجُودُ الْمُعَامَلَةِ فِيهَا وَقَدْ عُدَّ هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْقَوْلُ الصَّحِيحُ.
فَلِذَلِكَ قَدْ ذُكِرَتْ الْقِسْمَةُ فِي الْمَجَلَّةِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ وَحَيْثُ إنَّ الْمُطْلَقَ يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (64) فَيُفْهَمُ أَنَّ الْمَجَلَّةَ قَدْ اخْتَارَتْ الْقَوْلَ الثَّانِي (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَنَتِيجَةُ الْفَتَاوَى بِزِيَادَةٍ) .
وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْإِيضَاحَاتِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي دَعْوَى الْغَبْنِ الْفَاحِشِ فِي الْقِسْمَةِ وُجُودُ التَّغْرِيرِ كَمَا فِي الْبَيْعِ.
وَيُحْتَرَزُ بِقَوْلِهِ (الْغَبْنِ الْفَاحِشِ) مِنْ الْغَبْنِ الْيَسِيرِ، فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى أَحَدُ الْمَقْسُومِ لَهُمْ وُجُودَ غَبْنٍ يَسِيرٍ فِي الْقِسْمَةِ فَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى سَوَاءٌ كَانَتْ الْقِسْمَةُ رِضَاءً أَوْ قَضَاءً؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْ الْغَبْنِ الْيَسِيرِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (17) فَلِذَلِكَ لَوْ أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا تُقْبَلُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالطُّورِيُّ) .
2 -
إيضَاحُ الْغَلَطِ، يُطْلَقُ عَلَى الِادِّعَاءِ بِوُقُوعِ الْغَلَطِ فِي تَسْلِيمِ الْمِقْدَارِ الْوَاجِبِ تَسْلِيمُهُ بِمُوجِبِ الْقِسْمَةِ دَعْوَى الْغَلَطِ، وَذَلِكَ أَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُ الْمَقْسُومِ لَهُمْ بِأَنَّ الْحِصَّةَ الْفُلَانِيَّةَ قَدْ أَصَابَتْهُ حِينَ الْقِسْمَةِ وَقَدْ سُلِّمَتْ سَهْوًا إلَى الشَّرِيكِ الْآخَرِ وَهَذِهِ الدَّعْوَى صَحِيحَةٌ فَإِذَا ادَّعَى أَحَدُ الْمُتَقَاسِمِينَ دَعْوَى الْغَلَطِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ وَأَقَرَّ الْخَصْمُ بِهَا أَوْ أَنْكَرَ الْخَصْمُ وَأَثْبَتَهَا الْمُدَّعِي يُحْكَمُ لِلْمُدَّعِي، وَإِذَا أَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي بِاعْتِبَارِهِ خَارِجًا، وَإِذَا عَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ الْإِثْبَاتِ فَالْقَوْلُ مَعَ الْيَمِينِ لِلْمُنْكِرِ؛ لِأَنَّهَا دَعْوَى الْأَخْذِ غَلَطًا مِنْ أَحَدٍ عَلَى آخَرَ بَعْدَ تَمَامِ الْقِسْمَةِ، وَعَلَى ذَلِكَ إذَا وُجِّهَ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فَأَيٌّ مِنْهُمْ يَنْكُلُ عَنْ الْيَمِينِ تُقْسَمُ حِصَّتُهُ وَحِصَّةُ الْمُدَّعِي مَرَّةً ثَانِيَةً؛ لِأَنَّ النُّكُولَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ عَلَى النَّاكِلِ فَقَطْ. اُنْظُرْ الْمَادَّتَيْنِ (1742 و 1820) . (وَالطُّورِيَّ وَالْكَفَوِيَّ وَرَدَّ الْمُحْتَارِ) وَيَجْرِي فِي ذَلِكَ التَّحَالُفِ قَسَمًا كَمَا بُيِّنَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1160) .
3 -
إيضَاحُ دَعْوَى تَسْلِيمِ الْحِصَّةِ، تَجُوزُ دَعْوَى تَسْلِيمِ الْحِصَّةِ الْمَقْسُومَةِ، وَذَلِكَ أَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُ الْمَقْسُومِ لَهُمْ أَنَّهُ أَصَابَهُ مِنْ الْمَقْسُومِ مِنْ مَحِلِّ كَذَا إلَى مَحِلِّ كَذَا وَأَنَّ شَرِيكَهُ لَمْ يُسَلِّمْهُ ذَلِكَ فَإِذَا كَذَّبَهُ شَرِيكُهُ تَحَالَفَا؛ لِأَنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ هُوَ اخْتِلَافٌ عَلَى مَا حَصَلَ بِالْقِسْمَةِ وَهُوَ نَظِيرُ الِاخْتِلَافِ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ الْوَارِدِ ذِكْرُهُ فِي الْمَادَّةِ (1778) .
4 -
إيضَاحُ دَعْوَى الْحُدُودِ: إذَا ادَّعَى زَيْدٌ الْمَقْسُومُ لَهُ قَائِلًا: إنَّ حُدُودَ حِصَّتِي هِيَ كَذَا مُدَّعِيًا عَلَى جُزْءٍ مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي تَحْتَ يَدِ عَمْرٍو، وَادَّعَى عَمْرٌو بِأَنَّ حُدُودَ حِصَّتِهِ هِيَ إلَى مَحِلِّ كَذَا مُدَّعِيًا قِسْمًا مِنْ الَّذِي تَحْتَ يَدِ زَيْدٍ فَأَيٌّ مِنْهُمَا يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ يُحْكَمُ لَهُ، وَإِذَا أَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ يُحْكَمُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِالْجُزْءِ الَّذِي تَحْتَ يَدِ الْآخَرِ، وَإِذَا لَمْ يُقِيمَا الْبَيِّنَةَ يَجْرِي التَّحَالُفُ كَمَا فِي الْبَيْعِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
كَذَلِكَ إذَا اقْتَسَمَ شَرِيكَانِ دَارًا وَبَعْدَ أَنْ أَفْرَزَ كُلٌّ مِنْهُمَا حِصَّتَهُ فِي الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ الْغُرْفَةَ الَّتِي فِي يَدِ الْآخَرِ هِيَ مِنْ حِصَّتِهِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ، تُطْلَبُ الْبَيِّنَةُ مِنْ الْمُدَّعِي فَإِذَا أَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ تُرَجَّحُ
بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي الْخَارِجِ.
5 -
إيضَاحُ دَعْوَى أَنَّ الْمَالَ الْفُلَانِيَّ مِنْ الْأَعْيَانِ الْمَقْسُومَةِ هُوَ لِي، قَدْ ذُكِرَ فِي الْمَادَّةِ (1658) أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ.
وَيُفْهَمُ مِنْ التَّفْصِيلَاتِ الْآنِفَةِ أَنَّهُ يُمْكِنُ إقَامَةُ خَمْسِ دَعَاوَى فِي الْقِسْمَةِ أَرْبَعٌ مِنْهَا مَسْمُوعَةٌ وَالْخَامِسَةُ غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ.
أَمَّا إذَا ادَّعَى الْمَقْسُومُ لَهُمْ دَعْوَى الْغَبْنِ الْفَاحِشِ بَعْدَ إقْرَارِهِمْ بِاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَوْ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ أَوْ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَالتَّصَرُّفِ بِالْحِصَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (359) تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى (رَدُّ الْمُحْتَارِ) وَلَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ هُوَ اعْتِرَافٌ بِالْقَبْضِ كَامِلًا فَالِادِّعَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ قَدْ بَقِيَ عِنْدَ الشَّرِيكِ كَذَا مَالًا مُنَاقِضٌ لِلْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ وَالتَّنَاقُضُ مُبْطِلٌ لِلدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ (مُنْلَا مِسْكِينٍ) . اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1647) سَوَاءٌ كَانَتْ الْقِسْمَةُ رِضَاءً أَوْ قَضَاءً.
مَثَلًا لَوْ اقْتَسَمَ الشُّرَكَاءُ الْأَمْوَالَ الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَهُمْ مِنْ عُرُوضٍ وَعَقَارَاتٍ بَعْضِهَا قِسْمَةُ رِضَاءٍ وَبَعْضِهَا قِسْمَةُ قَضَاءٍ ثُمَّ أَقَرُّوا بَعْدَ التَّقْسِيمِ بِاسْتِيفَائِهِمْ حُقُوقَهُمْ فَلَا تُسْمَعُ مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ دَعْوَى الْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَلَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ (الْبَهْجَةُ) وَإِذَا كَانَتْ الدَّعْوَى غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ فَلَا يُقَامُ شَاهِدٌ عَلَيْهَا حَيْثُ يُشْتَرَطُ فِي اسْتِمَاعِ الشَّهَادَةِ صِحَّةُ الدَّعْوَى.
اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي اسْتِمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ الْإِبْرَاءِ: يُوجَدُ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي حَقِّ اسْتِمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ إقْرَارِ الْمَقْسُومِ لَهُمْ بِاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ الْوَارِدِ ذِكْرُهُ فِي هَذِهِ الْفِقْرَةِ. وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمُتُونِ الْفِقْهِيَّةِ كَالْغُرَرِ وَالْكَنْزِ وَالْمُلْتَقَى أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى تُسْمَعُ وَفِي صُورَةِ ثُبُوتِهَا بِالْبَيِّنَةِ تُفْسَخُ الْقِسْمَةُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْمَقْسُومِ لَهُمْ بِاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ مَبْنِيٌّ عَلَى اعْتِمَادِهِمْ عَلَى فِعْلِ الْقَاسِمِ فَإِذَا ظَهَرَ الْحَقُّ بِالتَّأَمُّلِ بَعْدَ ذَلِكَ وَظَهَرَ الْغَبْنُ الْفَاحِشُ فَلَا يُؤَاخَذُ الْمَقْسُومُ لَهُمْ بِإِقْرَارِهِمْ. وَقَدْ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ كَالْخَانِيَّةِ وَالْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَنَقْدِ الْفَتَاوَى وَالتَّنْوِيرِ أَنَّ الدَّعْوَى الْمَذْكُورَةَ لَا تُسْمَعُ (الْهِنْدِيَّةُ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ وَالتَّنْقِيحُ) وَقَدْ اُخْتِيرَ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ الْقَوْلُ الثَّانِي وَصَدَرَتْ الْإِرَادَةُ السَّنِيَّةُ بِهِ وَعَلَيْهِ فَالرِّوَايَةُ الْمَذْكُورَةُ هِيَ الْمُفْتَى بِهَا وَالْمَعْمُولُ بِهَا فِي جَمِيعِ الْمَحَاكِمِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (1801) .
مُسْتَثْنَيَاتٌ: تُسْمَعُ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ مِنْ الدَّعَاوَى بَعْدَ الْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ:
1 -
إذَا أَقَرَّ الْمَقْسُومُ لَهُمْ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي تُسْمَعُ دَعْوَى الْغَبْنِ الْفَاحِشِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ اسْتِمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ الْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى وُقُوعِ التَّنَاقُضِ،؛ لِأَنَّ ادِّعَاءَ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ بَعْدَ قَوْلِهِ: قَدْ اسْتَوْفَيْتُ، مَعْنَاهُ: لَمْ اسْتَوْفِ حَقِّي وَأَنَّ حَقِّي بَاقٍ عِنْدَكَ، وَهُوَ مُنَاقِضٌ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ، إلَّا أَنَّ التَّنَاقُضَ يَرْتَفِعُ بِتَصْدِيقِ الْخَصْمِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَادَّةِ (1653) فَلِذَلِكَ تُسْمَعُ الدَّعْوَى لِارْتِفَاعِ التَّنَاقُضِ.