الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَذَلِكَ إذَا قَبَضَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الدَّيْنِ مَالَ الْمَدِينِ غَصْبًا أَوْ قَبَضَهُ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ وَبَاعَهُ لِآخَرَ أَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ فَالْحُكْمُ حَسَبُ الْمِنْوَالِ الْمَشْرُوحِ. لَكِنْ إذَا كَانَ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ مَدِينًا لِلْمَدِينِ بِسَبَبٍ مُقَدَّمٍ عَنْ ثُبُوتِ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَحَصَلَ التَّقَاصُّ بِحِصَّتِهِ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ فَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ حِصَّتَهُ حَتَّى لَوْ ثَبَتَ هَذَا الدَّيْنُ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِ الشَّرِيكِ الدَّائِنِ؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَ الدَّائِنَ، فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَكُونُ قَاضِيًا دَيْنَهُ إذْ يُعْتَبَرُ فِي الدِّينَيْنِ أَنَّ الْآخَرَ قَضَى الْأَوَّلَ.
وَلَا يُعْتَبَرُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّ الشَّرِيكَ الدَّائِنَ قَدْ اسْتَوْفَى دَيْنَهُ (الْهِنْدِيَّةُ وَالْكِفَايَةُ) . يُوجَدُ فَرْقٌ ظَاهِرٌ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ الْوَارِدَةِ إحْدَاهُمَا فِي الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ، وَالْأُخْرَى فِي الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْهَا. وَذَلِكَ أَنَّ بَدَلَ الضَّمَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى قَدْ وَجَبَ وَثَبَتَ فِي ذِمَّةِ الشَّرِيكِ الْمُتْلِفِ بَعْدَ ثُبُوتِ، وَوُجُوبِ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ فَيَكُونُ الْمُتْلِفُ قَدْ اسْتَوْفَى مَطْلُوبَهُ بِبَدَلِ الضَّمَانِ، أَيْ كَأَنَّهُ أَخَذَ مَطْلُوبَهُ نَقْدًا وَيَكُونُ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ حَقٌّ فِي أَخْذِ حِصَّتِهِ مِنْ الْمُتْلِفِ.
أَمَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ فَدَيْنُ الْمَدِينِ ثَابِتٌ وَوَاجِبٌ قَبْلَ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَقَدْ ثَبَتَ الدَّيْنُ الْمُشْتَرَكُ بَعْدَهُ وَبِمَا أَنَّ الدَّيْنَ الْمُتَأَخِّرَ هُوَ قَضَاءٌ عَنْ الدَّيْنِ الْمُتَقَدِّمِ فَيَكُونُ الشَّرِيكُ الْمُتْلِفُ قَاضِيًا دَيْنَهُ وَلَا يَكُونُ مُسْتَوْفِيًا لَهُ. كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الدَّائِنَيْنِ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِلْمَدِينِ بِدَيْنٍ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ قَبْلَ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَحَصَلَ التَّقَاصُّ بِالْمُقِرِّ بِهِ بِالدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَبَرِئَ الْمَدِينُ مِنْ الْحِصَّةِ الْمُقِرِّ بِهَا فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ أَنْ يُضَمِّنَهُ حِصَّتَهُ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ هِيَ قَضَاءٌ لِلدَّيْنِ وَلَيْسَ اقْتِضَاءً وَقَبْضًا لَهُ إذْ إنَّ الضَّمَانَ وَالْمُشَارَكَةَ تَلْزَمُ بِالِاقْتِضَاءِ وَالْقَبْضِ وَلَا تَلْزَمُ بِالْقَضَاءِ (أَبُو السُّعُودِ وَالْهِنْدِيَّةُ) كَمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1 1 1) .
وَذَكَرَ (بِحِصَّتِهِ) بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ يُفِيدُ الْعُمُومَ فِي صُورَتَيْ حُصُولِ التَّقَاصِّ لِكُلِّ الْحِصَّةِ، وَفِي بَعْضِهَا وَذَلِكَ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ الْمُشْتَرَكُ خَمْسِينَ دِينَارًا وَكَانَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مَدِينًا لِلْمَدِينِ بِالدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَوَقَعَ التَّقَاصُّ فِي الْعَشَرَةِ الدَّنَانِيرِ فَلَيْسَ لِلدَّائِنِ الْآخَرِ أَنْ يُضَمِّنَ شَرِيكَهُ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ وَفِي هَذَا الْحَالِ يَكُونُ خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا مِنْ الْأَرْبَعِينَ دِينَارًا الْبَاقِيَةِ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ لِلشَّرِيكِ الْمُقَاصِّ وَالْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ دِينَارًا لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ. .
[الْمَادَّةُ (2 1 1 1) لَيْسَ لِأَحَدِ الدَّائِنَيْنِ أَنْ يُؤَجِّلَ وَيُؤَخِّرَ الدَّيْنَ الْمُشْتَرَكَ بِلَا إذْنِ الْآخَرِ]
الْمَادَّةُ (2 1 1 1) - (لَيْسَ لِأَحَدِ الدَّائِنَيْنِ أَنْ يُؤَجِّلَ وَيُؤَخِّرَ الدَّيْنَ الْمُشْتَرَكَ بِلَا إذْنِ الْآخَرِ) لَيْسَ لِأَحَدِ الدَّائِنَيْنِ أَنْ يُؤَجِّلَ وَيُؤَخِّرَ الدَّيْنَ الْمُشْتَرَكَ الَّذِي لَمْ يَتَرَتَّبْ بِقَصْدٍ مِنْ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَصِحُّ هَذَا التَّأْجِيلُ لَا فِي حِصَّةِ نَفْسِهِ وَلَا فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ، حَتَّى أَنَّهُ لَوْ قَبَضَ الدَّائِنُ الْآخَرُ مِقْدَارًا مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ فَلِلدَّائِنِ الْمُؤَجَّلِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي الْحَالِ وَلَا يَلْزَمُ تَأْخِيرُ قَبْضِ حِصَّتِهِ مِنْ شَرِيكِهِ لِحِينِ حُلُولِ الْأَجَلِ بِدَاعِي أَنَّ التَّأْجِيلَ الْوَاقِعَ صَحِيحٌ. وَيُسْتَفَادُ مِنْ إطْلَاقِ عَدَمِ التَّأْجِيلِ عَدَمُ جَوَازِ تَأْجِيلِ كُلِّ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَعَدَمُ جَوَازِ تَأْجِيلِ حِصَّةِ الشَّرِيكِ الْمُؤَجَّلِ إذْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّلَ كُلَّ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ لِأَنَّ هَذَا التَّأْجِيلَ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي حَقِّ
الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ، كَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ تَأْجِيلُ بَعْضِ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ أَيْ تَأْجِيلُ حِصَّتِهِ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ هَذَا التَّأْجِيلُ لَلَزِمَ تَقْسِيمُ الدَّيْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ مَعَ كَوْنِهِ غَيْرَ جَائِزٍ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ هِيَ تَمْيِيزٌ وَلَا يُتَصَوَّرُ التَّمْيِيزُ فِي الشَّيْءِ الثَّابِتِ فِي الذِّمَّةِ وَلِأَنَّ كُلَّ شَرِيكٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْقِسْمَةِ يَمْلِكُ شَرِيكَهُ الْآخَرَ حِصَّتَهُ مُقَابِلَ الْحِصَّةِ الَّتِي تَمَلَّكَهَا مِنْ شَرِيكِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَمْلِيكُ الدَّيْنِ لِغَيْرِ الْمَدِينِ وَلِذَلِكَ كَانَ هَذَا التَّمْلِيكُ نَقْلُ وَصْفٍ مِنْ مَحَلٍّ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ وَانْتِقَالُ الْأَوْصَافِ مُحَالٌ، لِأَنَّ الدَّيْنَ لَيْسَ إلَّا وَصْفًا شَرْعِيًّا وَيَظْهَرُ أَثَرُهُ عِنْدَ الْمُطَالَبَةِ، وَقَدْ قُلْنَا إنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ أَيْ التَّأْجِيلَ تُؤَدِّي إلَى قِسْمَةِ حِصَّةِ الدَّيْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ التَّأْجِيلُ لَكَانَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ مُخَالِفًا لِحِصَّةِ الْآخَرِ فِي الْوَصْفِ وَالْحُكْمِ لِأَنَّ لِلشَّرِيكِ السَّاكِتِ أَيْ الَّذِي لَمْ يُؤَجِّلْ حِصَّتَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِحِصَّتِهِ فِي الْحَالِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْمُؤَجِّلِ أَنْ يُطَالِبَ بِحِصَّتِهِ فِي الْحَالِ بَلْ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِهَا عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ كَمَا أَنَّهُ يَكُونُ مُخَالِفًا فِي الْوَصْفِ إذْ إنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى أَحَدِ النَّصِيبَيْنِ: حَالٌّ، وَعَلَى النَّصِيبِ الْآخَرِ: مُؤَجَّلٌ، وَالْقِسْمَةُ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ مُخَالَفَةِ حِصَّةٍ لِحِصَّةٍ أُخْرَى. وَهَذَا الرَّأْيُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ فَالتَّأْجِيلُ صَحِيحٌ وَجَائِزٌ لِأَنَّ التَّأْجِيلَ هُوَ إبْرَاءٌ مُقَيَّدٌ وَمَا دَامَ أَنَّ الْإِبْرَاءَ الْمُطْلَقَ جَائِزٌ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (0 1 1 1) فَيَجُوزُ الْإِبْرَاءُ الْمُقَيَّدُ (الْهِنْدِيَّةُ) . اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (1377) وَقَدْ قَالَ الشَّيْخَانِ إنَّ بَيْنَ الْإِبْرَاءِ الْمُؤَقَّتِ أَيْ التَّأْجِيلِ وَبَيْنَ الْإِبْرَاءِ الْمُطْلَقِ الْوَارِدِ فِي الْمَادَّةِ (1 1 1) فَرْقًا عَلَى وَجْهَيْنِ، وَلِذَلِكَ فَالْإِبْرَاءُ الْمُطْلَقُ صَحِيحٌ وَالْإِبْرَاءُ الْمُقَيَّدُ غَيْرُ صَحِيحٍ. الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - هُوَ أَنَّهُ فِي الْإِبْرَاءِ الْمُطْلَقِ لَا يَبْقَى بَعْدَ الْإِبْرَاءِ حِصَّةٌ لِلْمُبْرِئِ فَلَا يَلْزَمُ بِهِ قِسْمَةُ الدَّيْنِ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ تَكُونُ بِبَقَاءِ كُلِّ حِصَّةٍ مِنْ حِصَصِ الشَّرِيكَيْنِ. أَمَّا فِي الْإِبْرَاءِ الْمُقَيَّدِ فَتَبْقَى حِصَّةُ الشَّرِيكِ الْمُبْرِئِ عَلَى حَالِهَا وَلَا يَسْقُطُ مِنْهَا إلَّا التَّعْجِيلُ فَيَكُونُ ذَلِكَ قِسْمَةً لِلدَّيْنِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي - هُوَ أَنَّ فِي الْإِبْرَاءِ الْمُقَيَّدِ إضْرَارًا بِالشَّرِيكِ وَحَيْثُ إنَّهُ إذَا تَصَرَّفَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ بِوَجْهٍ يُوجِبُ لُحُوقَ الضَّرَرِ بِالشَّرِيكِ الْآخَرِ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِي حَقِّ شَرِيكِهِ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (83 0 1)، وَيُوَضَّحُ الْأَضْرَارُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي: وَهُوَ أَنَّ التَّأْجِيلَ يُحَمِّلُ الشَّرِيكَ الْآخَرَ مُؤْنَةَ الْمُطَالَبَةِ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ إذْ إنَّهُ لَوْ جَازَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ تَأْجِيلُ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ الْبَالِغِ عِشْرِينَ دِينَارًا فَيَكُونُ لِلشَّرِيكِ الْمُؤَجِّلِ مُشَارَكَةُ الشَّرِيكِ الْآخَرِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ فِي نِصْفِ الدَّيْنِ الَّذِي قَبَضَهُ مِنْ الْمَدِينِ حَسَبَ الْمَادَّةِ (8 0 1 1) وَبِذَلِكَ تَكُونُ الدَّنَانِيرُ الْعَشَرَةُ الْبَاقِيَةُ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ مُشْتَرَكَةً مُنَاصَفَةً أَيْضًا بَيْنَهُمَا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ لِلشَّرِيكِ الْمُؤَجِّلِ أَنْ يُؤَجِّلَ حِصَّةَ الدَّنَانِيرِ الْخَمْسَةِ مَرَّةً أُخْرَى فَإِذَا قَبَضَ الشَّرِيكُ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّنَانِيرِ الْعَشَرَةِ يَرْجِعُ الشَّرِيكُ الْمُؤَجِّلُ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ عَلَى الشَّرِيكِ الْقَابِضِ وَيُشَارِكُهُ فِيمَا قَبَضَهُ ثُمَّ يَتَكَرَّرُ التَّأْجِيلُ وَالْمُشَارَكَةُ عَلَى الْوَجْهِ السَّالِفِ وَبِذَلِكَ يَحْمِلُ مُؤْنَةَ الْمُطَالَبَةَ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ لِلشَّرِيكِ فَيَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ.
أَمَّا فِي الْإِبْرَاءِ الْمُؤَبَّدِ فَحَيْثُ لَا يَحِقُّ لِلشَّرِيكِ الْمُبْرِئِ أَنْ يَشْتَرِكَ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ فِيمَا يَقْبِضُهُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ فَلَيْسَ فِي هَذَا الْإِبْرَاءِ إضْرَارٌ بِالشَّرِيكِ (الْكِفَايَةُ)
إنَّ الِاخْتِلَافَ الْوَاقِعَ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ وَبَيْنَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ هُوَ وَاقِعٌ فِي إنْشَاءِ التَّأْخِيرِ أَيْ التَّأْجِيلِ أَمَّا إذَا أَقَرَّ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَنَّ الدَّيْنَ الْمُشْتَرَكَ مُؤَجَّلٌ لِمُدَّةِ كَذَا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ فَإِقْرَارُ الْمُقِرِّ فِي حِصَّتِهِ صَحِيحٌ بِالْإِجْمَاعِ (النِّهَايَةُ) . قِيلَ (الدَّيْنُ الَّذِي لَمْ يَتَرَتَّبْ بِعَقْدٍ مِنْ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ) كَأَنْ يَرِثَ الشَّرِيكَانِ الدَّيْنَ الْمُعَجَّلَ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ الدَّيْنُ الْمُشْتَرَكُ بِإِقْرَاضِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَإِذَا كَانَا شَرِيكَيْنِ عَنَانًا وَأَجَّلَ الشَّرِيكُ الَّذِي بَاشَرَ الْإِقْرَاضَ الدَّيْنَ فَالتَّأْجِيلُ صَحِيحٌ فِي جَمِيعِ الدَّيْنِ كَتَأْجِيلِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ ثَمَنَ الْمَبِيعِ (الْبَحْرُ قُبَيْلَ فَصْلِ صُلْحِ الْوَرَثَةِ) .
لَاحِقَةٌ صُورَةُ طَلَبِ الدَّيْنِ مِنْ مَدِينِينَ مُتَعَدِّدِينَ لَاحِقَةٌ.
وَلَفْظُ (لَاحِقَةٍ) اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ اللِّحَاقِ، وَبِمَا أَنَّ عِنْوَانَ الْبَحْثِ مُتَعَلِّقٌ بِالدُّيُونِ الْمُشْتَرَكَةِ وَكَانَتْ الْمَادَّةُ الْآتِيَةُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْقَبِيلِ فَقَدْ رُئِيَ لُزُومًا تَفْرِيقُهَا بِعِنْوَانٍ مَخْصُوصٍ. إنَّ الْأَكْثَرَ فِي الدُّيُونِ الْمُشْتَرَكَةِ أَنْ يَكُونَ الدَّائِنُونَ مُتَعَدِّدِينَ وَالْمَدِينُ وَاحِدٌ، أَمَّا هَذِهِ الْمَادَّةُ فَهِيَ بِالْعَكْسِ فَالْمَدِينُونَ مُتَعَدِّدُونَ وَالدَّائِنُ وَاحِدٌ، فَلِهَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ قَدْ ذَكَرْتُ هَذِهِ الْمَادَّةَ فِي هَذَا الْفَصْلِ. الْمَادَّةُ (13 1 1) - (إذَا بَاعَ أَحَدٌ مَالًا لِاثْنَيْنِ يُطَالِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِحِصَّتِهِ عَلَى حِدَةٍ وَلَا يَطْلُبُ دَيْنَ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِيَانِ كَفِيلَيْ بَعْضِهِمَا) لَوْ تَرَتَّبَ لِأَحَدٍ فِي ذِمَّةِ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ دَيْنٌ فَلِلدَّائِنِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِقْدَارَ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ فَقَطْ حَتَّى لَوْ كَانَ هَذَا الدَّيْنُ نَاشِئًا عَنْ سَبَبٍ وَاحِدٍ، وَتَتَفَرَّعُ مَسَائِلُ عَدِيدَةٌ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَهِيَ: مِنْ الْبَيْعِ: إذَا بَاعَ أَحَدٌ مَالًا لِاثْنَيْنِ يُطَالِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى حِدَةٍ، وَلَا يَطْلُبُ دَيْنَ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِيَانِ كَفِيلَيْ بَعْضِهِمَا. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (97)، مَثَلًا لَوْ بَاعَ أَحَدٌ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو مَالًا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ بِثَمَنٍ قَدْرُهُ خَمْسُونَ دِينَارًا فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ زَيْدًا بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا وَعَمْرًا بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا وَلَيْسَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِزِيَادَةٍ عَنْ ذَلِكَ مِنْ أَحَدِهِمَا كَأَنْ يَطْلُبَ مِنْ زَيْدٍ جَمِيعَ الثَّمَنِ أَوْ أَنْ يَطْلُبَ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا مِنْ الْإِجَارَةِ: لَوْ أَجَّرَ أَحَدٌ مَالًا لِاثْنَيْنِ فَيَطْلُبُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا حِصَّةً عَلَى حِدَةٍ وَلَا يَطْلُبُ دَيْنَ أَحَدِهِمَا مِنْ بَدَلِ الْإِيجَارِ مِنْ الْآخَرِ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّ كَفِيلَيْ بَعْضِهِمَا فِي بَدَلِ الْإِيجَارِ الْمُتَرَتِّبِ فِي ذِمَّتِهِمَا. مِنْ الْقَرْضِ: لَوْ أَقْرَضَ أَحَدٌ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ لِاثْنَيْنِ فَلَهُ أَنْ يَطْلُبَ حِصَّتَهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ أَحَدِهِمَا دَيْنَ الْآخَرِ مَا لَمْ يَكُونَا كَفِيلَيْ بَعْضِهِمَا.
أَمَّا إذَا كَانَ الْمَدِينَانِ كَفِيلَيْ بَعْضِهِمَا فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْقَرْضِ أَيْ أَنَّهُ ضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الدَّيْنَ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ فَيُطَالِبُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ مِنْ جِهَةِ الْأَصَالَةِ وَالْكَفَالَةِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَفَلَ أَحَدُهُمَا دَيْنَ الْآخَرِ وَلَمْ يَكْفُلْ الْآخَرُ الْأَوَّلَ فَيَطْلُبُ