الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[
(الْفَصْلُ الثَّالِثُ) فِي بَيَانِ قِسْمَةِ الْجَمْعِ]
تَقْسِيمُ الْقِسْمَةِ بِاعْتِبَارِ الْجَبْرِ وَعَدَمِهِ: يُفْهَمُ مِنْ الْإِيضَاحَاتِ الْآتِيَةِ أَنَّ الْقِسْمَةَ عَلَى قِسْمَيْنِ بِاعْتِبَارِ جَوَازِ الْجَبْرِ فِيهَا مِنْ عَدَمِهِ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ - الْقِسْمَةُ الَّتِي يَجُوزُ الْجَبْرُ فِيهَا، أَيْ الْقِسْمَةُ الَّتِي يُجْبِرُ الْقَاضِي الشَّرِيكَ الْمُمْتَنِعَ عَنْ الْقِسْمَةِ عَلَى الْقِسْمَةِ بِطَلَبِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ كَتَقْسِيمِ الْمِثْلِيَّاتِ وَالْقِيَمِيَّاتِ الْمُتَّحِدَةِ الْجِنْسِ.
الْقِسْمُ الثَّانِي - الْقِسْمَةُ الَّتِي لَا يَجُوزُ الْجَبْرُ فِيهَا أَيْ الَّتِي لَا يُجْبِرُ الْقَاضِي الشَّرِيكَ الْمُمْتَنِعَ عَنْ الْقِسْمَةِ عَلَى الْقِسْمَةِ كَتَقْسِيمِ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُخْتَلِفَةِ الْجِنْسِ.
الْمَادَّةُ (1132)(تَجْرِي قِسْمَةُ الْقَضَاءِ فِي الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُتَّحِدَةِ الْجِنْسِ، يَعْنِي أَنَّ الْقَاضِي يُقَسِّمُ ذَلِكَ حُكْمًا بِطَلَبِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ أَوْ مِنْ الْقِيَمِيَّاتِ) تَجْرِي قِسْمَةُ الْقَضَاءِ قِسْمَةَ جَمْعٍ فِي الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُتَّحِدَةِ الْجِنْسِ بِانْفِرَادٍ يَعْنِي بِدُونِ أَنْ تَتَدَاخَلَ، أَيْ إنَّ الْقَاضِيَ يُقَسِّمُ ذَلِكَ حُكْمًا وَجَبْرًا بِطَلَبِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ - وَلَوْ بِطَلَبِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ - حَسَبَ الْمَادَّةِ (1129) ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ الَّتِي هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ تَمْيِيزِ الْحُقُوقِ قَابِلَةٌ فِي صِنْفٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ تُمْكِنُ فِيهَا الْمُعَادَلَةُ بِاعْتِبَارِ الْمَالِيَّةِ وَالْمَنْفَعَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَفَتْحُ الْقَدِيرِ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) سَوَاءٌ كَانَتْ الْأَعْيَانُ الْمُشْتَرَكَةُ الْمُتَّحِدَةُ الْجِنْسِ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ أَوْ الْقِيَمِيَّاتِ. وَإِنْ يَكُنْ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ لَا يُجْبَرَ عَلَى الْقِسْمَةِ فِي الْقِيَمِيَّاتِ كَالْحَيَوَانَاتِ وَالْعُرُوضِ؛ لِأَنَّ جِهَةَ الْمُبَادَلَةِ فِيهَا رَاجِحَةٌ وَغَالِبَةٌ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1118) وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ تَرَاضِي الطَّرَفَيْنِ فِي الْمُبَادَلَةِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ جِهَةُ إفْرَازٍ فَقَدْ جَازَ الْإِجْبَارُ عَلَى الْقِسْمَةِ بِالنِّسْبَةِ لِجِهَةِ الْإِفْرَازِ (الدُّرَرُ) .
فَلِذَلِكَ تُقَسَّمُ الْمِثْلِيَّاتُ كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالسَّمْنِ وَالْقِيَمِيَّاتُ كَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَجَمِيعِ أَصْنَافِ الدَّوَابِّ عَلَى حِدَةٍ وَانْفِرَادِ قَضَاءِ قِسْمَةِ جَمْعٍ (رَدُّ الْمُحْتَارِ وَالْهِنْدِيَّةُ) .
وَقَوْلُهُ: (عَلَى حِدَةٍ) أَيْ بِدُونِ تَدَاخُلٍ كَأَنْ تُقَسَّمَ أَيْ تُفْرَزُ الْحِنْطَةُ مَثَلًا إلَى قِسْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ وَكَذَا الشَّعِيرُ الْمُشْتَرَكُ وَلَا تُقَسَّمُ هَذِهِ بِالتَّدَاخُلِ يَعْنِي لَوْ كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ حِنْطَةٌ وَشَعِيرٌ مُشْتَرَكٌ فَأُعْطِيَ أَحَدُهُمَا حِنْطَةً وَأُعْطِيَ الْآخَرُ مُقَابِلَ ذَلِكَ شَعِيرًا، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ غَنَمٌ وَخَيْلٌ مُشْتَرَكَةٌ فَأُعْطِيَ أَحَدُهُمَا الْغَنَمَ وَأُعْطِيَ الْآخَرُ مُقَابِلَ ذَلِكَ الْخَيْلِ فَلَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الْقَضَاءِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ (أَبُو السُّعُودِ) .
فَإِذَا كَانَتْ الْأَعْيَانُ الْمُتَّحِدَةُ الْجِنْسِ حَيَوَانَاتٍ فَتُعَدُّ مُتَّحِدَةَ الْجِنْسِ وَلَوْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً مِنْ جِهَةِ
الْأُنُوثَةِ وَالذُّكُورَةِ، وَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ مِائَةٌ مِنْ الْغَنَمِ ذُكُورًا وَمِائَةٌ أُخْرَى إنَاثًا وَكَانَ يُوجَدُ تَسَاوٍ بَيْنَهُمَا مِنْ جِهَةِ الْقِيمَةِ فَيَصِحُّ تَقْسِيمُهَا قِسْمَةَ قَضَاءٍ بِأَنْ تُعْتَبَرُ الذُّكُورُ قِسْمًا وَالْإِنَاثُ قِسْمًا آخَرَ كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ قِسْمَتُهُمَا قِسْمَةَ قَضَاءٍ بِأَنْ يُجْعَلَ فِي كُلِّ قِسْمَةٍ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ مَا عَدَا الْإِنْسَانَ هُوَ جِنْسٌ وَاحِدٌ. اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (140) .
إنَّ الْمَادَّتَيْنِ (1133 و 1134) يُبَيَّنُ بِهِمَا أَسْبَابُ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَلَا تَحْتَوِيَانِ عَلَى حُكْمٍ أَصْلِيٍّ وَمَعَ أَنَّ بَيَانَ الْعِلَلِ وَالْأَسْبَابِ هُوَ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ الشُّرُوحِ إلَّا أَنَّهَا قَدْ ذُكِرَتْ فِي الْمَجَلَّةِ لِمَزِيدِ الْإِيضَاحِ.
الْمَادَّةُ (1133) - (بِمَا أَنَّهُ لَا يُوجَدُ فَرْقٌ وَتَفَاوُتٌ بَيْنَ أَفْرَادِ الْمِثْلِيَّاتِ الْمُتَّحِدَةِ الْجِنْسِ فَقِسْمَتُهَا، عَدَا أَنَّهَا غَيْرُ مُضِرَّةٍ بِأَيِّ شَرِيكٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ، يَكُونُ قَدْ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَقَّهُ وَحَصَلَ عَلَى تَمَامِيَّةِ مِلْكِهِ بِهَا، فَعَلَيْهِ لَوْ كَانَ مِقْدَارٌ مِنْ حِنْطَةٍ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ فَإِذَا قُسِّمَ بَيْنَهُمَا عَلَى حَسَبِ حِصَصِهِمَا فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اسْتَوْفَى حَقَّهُ وَأَصْبَحَ مَالِكًا لِلْحِنْطَةِ الَّتِي أَصَابَتْ حِصَّتَهُ. وَكَذَا دِرْهَمًا مِنْ سَبِيكَةِ الذَّهَبِ، وَكَذَا أُقَّةً مِنْ الْفِضَّةِ أَوْ مِنْ النُّحَاسِ أَوْ سَبِيكَةَ حَدِيدٍ، وَكَذَا ثَوْبًا مِنْ الْجُوخِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، وَكَذَا ثَوْبًا مِنْ الْبَزِّ، وَكَذَا عَدَدًا مِنْ الْبَيْضِ هِيَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَيْضًا) .
بِمَا أَنَّهُ لَا يُوجَدُ فَرْقٌ وَتَفَاوُتٌ مُعْتَدٌّ بِهِ بَيْنَ أَفْرَادِ الْمِثْلِيَّاتِ الْمُتَّحِدَةِ الْجِنْسِ فَقِسْمَتُهَا قِسْمَةُ جَمْعٍ عَدَا أَنَّهَا غَيْرُ مُضِرَّةٍ بِأَيِّ شَرِيكٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ، يَكُونُ كُلُّ شَرِيكٍ قَدْ أَخَذَ صُورَةَ عَيْنِ حَقِّهِ وَحَصَلَ عَلَى تَمَامِيَّةِ مِلْكِهِ بِهَا فَهِيَ نَافِعَةٌ لِكُلٍّ مِنْهُمْ فَتَكُونُ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ جَبْرًا وَحُكْمًا. فَلِذَلِكَ يَجُوزُ تَقْسِيمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ خَمْسِينَ كَيْلَةَ شَعِيرٍ وَمِائَةِ أُقَّةٍ جَوْزٍ وَثَوْبٍ مِنْ الْجُوخِ قِسْمَةَ جَمْعٍ، يَعْنِي لَوْ كَانَتْ خَمْسُونَ كَيْلَةَ شَعِيرٍ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ فَيَجُوزُ تَقْسِيمُهَا بَيْنَهُمَا بِإِعْطَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسًا وَعِشْرِينَ كَيْلَةً كَمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ خَمْسُونَ كَيْلَةَ شَعِيرٍ وَخَمْسُونَ كَيْلَةَ حِنْطَةٍ أَيْضًا مُشْتَرَكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ فَيُقْسَمُ الشَّعِيرُ بَيْنَهُمَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسٌ وَعِشْرُونَ كَيْلَةً، وَتُقْسَمُ الْحِنْطَةُ أَيْضًا بِأَنْ يَأْخُذَ كُلٌّ مِنْهُمَا خَمْسًا وَعِشْرِينَ كَيْلَةً.
فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ مِقْدَارٌ مِنْ الْحِنْطَةِ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ فَإِذَا قُسِمَ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ حِصَصِهِمَا يَعْنِي إذَا كَانَتْ مُشْتَرَكَةً مُنَاصَفَةً وَأَخَذَ أَحَدُهُمَا النِّصْفَ وَالْآخَرُ النِّصْفَ الْآخَرَ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ أَخَذَ عَيْنَ حَقِّهِ صُورَةً وَمَعْنًى كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (1117) وَأَصْبَحَ مَالِكًا مُسْتَقِلًّا لِلْحِنْطَةِ الَّتِي أَصَابَتْ حِصَّتَهُ. وَقَوْلُ الْمَجَلَّةِ هُنَا (بِنِسْبَةِ حِصَصِهِمَا) هُوَ لِلسَّبَبِ الْمُبَيَّنِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1124) .
وَكَذَا دِرْهَمًا مِنْ سَبِيكَةِ ذَهَبٍ وَكَذَا أُقَّةً مِنْ سَبِيكَةِ فِضَّةٍ أَوْ سَبِيكَةِ نُحَاسٍ أَوْ سَبِيكَةِ حَدِيدٍ (مِثَالٌ لِلْمَوْزُونَاتِ) ، وَكَذَا ثَوْبًا مِنْ الْجُوخِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَكَذَا ثَوْبًا مِنْ الْبَزِّ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ (مِثَالٌ لِلْمَزْرُوعَاتِ وَالْمِثْلِيَّاتِ) ، وَكَذَا عَدَدًا مِنْ الْبَيْضِ أَوْ الْجُوخِ (مِثَالٌ لِلْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةِ) هِيَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ أَيْضًا أَيْ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْمِثْلِيَّاتِ الْمُتَّحِدَةِ الْجِنْسِ فَلِذَلِكَ تُقْسَمُ قِسْمَةَ جَمْعٍ.