الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْأَرَاضِي الْقَرِيبَةُ مِنْ الْعُمْرَانِ أَيْ الْخَارِجَةُ عَنْ الْعُمْرَانِ أَوْ الْقَرِيبَةُ مِنْهُ تُتْرَكُ لِلْأَهَالِيِ عَلَى أَنْ تُتَّخَذَ مَرْعًى أَوْ بَيْدَرًا أَوْ مُحْتَطَبًا وَلَا يُعَدُّ انْتِفَاعُ الْأَهَالِي مُنْقَطِعًا عَنْ تِلْكَ الْأَرَاضِي (الطُّورِيُّ) . وَالْمَحِلَّاتُ الَّتِي يَصِلُ إلَيْهَا صَوْتُ جَهِيرِ الصَّوْتِ عِنْدَ صِيَاحِهِ مِنْ أَقْصَى الْعُمْرَانِ تُعَدُّ قَرِيبَةً مِنْ الْعُمْرَانِ وَحَرِيمًا لِلْعُمْرَانِ فَلَا تُعَدُّ مَوَاتًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا صَاحِبٌ، أَمَّا الْأَرَاضِي الْوَاقِعَةُ فِيمَا وَرَاءَ وُصُولِ الصَّوْتِ فَتُعَدُّ مَوَاتًا إذَا تَحَقَّقَتْ الْقُيُودُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ، كَمَا أَنَّ الْأَرَاضِيَ الْوَاقِعَةَ دَاخِلَ الْعُمْرَانِ أَيْ فِي دَاخِلِ الْقَصَبَةِ وَالْقَرْيَةِ لَا تُعَدُّ مَوَاتًا وَتُدْعَى هَذِهِ الْأَرَاضِي الْأَرَاضِيَ الْمَتْرُوكَةَ فَلَا يَجُوزُ إحْيَاءُ هَذِهِ الْأَرَاضِي وَلَا تَمْلِيكُهَا لِآخَرَ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ النَّاسُ يَسْتَعْمِلُونَهَا فِي الْحَالِ فَهُمْ مُحْتَاجُونَ إلَيْهَا تَحْقِيقًا وَإِذَا كَانُوا لَا يَسْتَعْمِلُونَهَا فَهُمْ مُحْتَاجُونَ إلَيْهَا تَقْدِيرًا وَهَذِهِ الْأَرَاضِي هِيَ كَالطَّرِيقِ وَالنَّهْرِ (الطُّورِيُّ بِزِيَادَةٍ) . مَثَلًا: لَوْ مَلَكَ وَالِي وِلَايَةِ عَرْصَةٍ مُسْتَعْمَلَةٍ مِنْ الْقَدِيمِ لِوُقُوفِ مَرْكَبَاتِ أَهْلِ قَصَبَتِهِ، وَأَحْدَثَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا بِنَاءً فَيُقْلَعُ بِنَاؤُهُ وَتَبْقَى الْعَرْصَةُ كَالْأَوَّلِ.
[الْمَادَّةُ (1272) أَحْيَا وَعَمَّرَ أَحَدٌ أَرْضًا مِنْ الْأَرَاضِي الْمَوَاتِ بِالْإِذْنِ السُّلْطَانِيِّ]
الْمَادَّةُ (1272) - (إذَا أَحْيَا وَعَمَّرَ أَحَدٌ أَرْضًا مِنْ الْأَرَاضِي الْمَوَاتِ بِالْإِذْنِ السُّلْطَانِيِّ يَصِيرُ مَالِكًا لَهَا، وَإِذَا أَذِنَ السُّلْطَانُ أَوْ وَكِيلُهُ أَحَدًا بِإِحْيَاءِ الْأَرْضِ عَلَى أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا فَقَطْ وَلَا يَتَمَلَّكَهَا فَيَتَصَرَّفَ ذَلِكَ الشَّخْصُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أُذِنَ بِهِ وَلَكِنْ لَا يَمْلِكُ تِلْكَ الْأَرْضَ) إذَا أَحْيَا وَعَمَّرَ أَحَدٌ مِنْ رَعَايَا الدَّوْلَةِ سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ غَيْرَ مُسْلِمٍ أَرْضًا مِنْ الْأَرَاضِي الْمَوَاتِ بِالذَّاتِ أَوْ بِوَاسِطَةِ وَكِيلِهِ الْمُوَكَّلِ بِذَلِكَ بِالْإِذْنِ السُّلْطَانِيِّ يَصِيرُ مَالِكًا لَهَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ لِبَيْتِ الْمَالِ الْعُشْرَ أَوْ الْخَرَاجَ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ الْمُسْلِمُ وَغَيْرُ الْمُسْلِمِ فِي سَبَبِ الْمِلْكِ، فَلِذَلِكَ إذَا أَحْيَا الْأَرْضَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ثُمَّ تَرَكَهَا بَعْدَ الْإِحْيَاءِ فَزَرَعَهَا آخَرُ فَيَكُونُ الْمُحْيِي الْأَوَّلُ أَحَقَّ بِهَا لِأَنَّهُ بِإِحْيَائِهِ لِلْأَرْضِ أَصْبَحَ مَالِكًا لَهَا وَبِتَرْكِهِ الْأَرْضَ لَا تَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ (الطُّورِيُّ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ) وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (1270) .
إيضَاحُ الْقُيُودِ:
1 -
وَكِيلُهُ وَإِحْيَاءُ الْوَكِيلِ يَكُونُ لِلْمُوَكَّلِ وَذَلِكَ إذَا أُذِنَ أَحَدٌ مِنْ طَرَفِ السُّلْطَانِ بِإِحْيَاءِ مَوَاتٍ فَلَمْ يُحْيِهِ بِالذَّاتِ وَأَحْيَاهُ وَكِيلُهُ فَيَمْلِكُ الْمُوَكِّلُ الْأَرْضَ الَّتِي أُحْيِيَتْ وَلَا يَمْلِكُهَا الْوَكِيلُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمَوَاتِ وَرَدُّ الْمُحْتَارِ) .
2 -
الْإِذْنُ السُّلْطَانِيُّ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْإِحْيَاءِ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ إذْنُ السُّلْطَانِ لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ «لَيْسَ لِلْمَرْءِ إلَّا مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُ إمَامِهِ» فَإِنْ قُلْت: إنْ اُعْتُبِرَ عُمُومُ هَذَا الْحَدِيثِ يَلْزَمُ أَنْ لَا يَمْلِكَ أَحَدٌ شَيْئًا مِنْ الْأَمْلَاكِ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ خِلَافُهُ كَالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ. قُلْت:
عُمُومُهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بَلْ هُوَ مُخْتَصٌّ بِمَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ. وَيَثْبُتُ عَقْلًا لُزُومُ إذْنِ السُّلْطَانِ وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْأَرَاضِيَ كَانَتْ قَبْلَ الِاسْتِيلَاءِ فِي يَدِ الْأَجَانِبِ وَقَدْ دَخَلَتْ إلَى حَوْزَةِ الْإِسْلَامِ بِالِاسْتِيلَاءِ، وَعَلَيْهِ فَالْأَرَاضِي فِي الْبِلَادِ الْمُسْتَوْلَى عَلَيْهَا فَيْءٌ وَغَنِيمَةٌ وَلَا يَخْتَصُّ أَحَدٌ بِالْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ إلَّا بِإِذْنِ السُّلْطَانِ كَالْغَنَائِمِ فَلِذَلِكَ إذَا أَحْيَا أَحَدٌ أَرْضًا بِلَا إذْنِ السُّلْطَانِ وَكَانَ قَدْ تَرَكَ الِاسْتِئْذَانَ جَهْلًا مِنْهُ فَيَجِبُ عَلَى السُّلْطَانِ أَنْ يَتْرُكَهَا وَيُمَلِّكَهَا لَهُ وَلَا يَسْتَرِدَّهَا مِنْهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ تَرَكَ الِاسْتِئْذَانَ تَهَاوُنًا مِنْهُ فَيَجُوزُ اسْتِرْدَادُهَا مِنْهُ زَجْرًا لَهُ (الْجَوْهَرَةُ)(وَقَدْ وَرَدَ فِي قَانُونِ الْأَرَاضِي أَنَّهُ إذَا أَحْيَا أَحَدٌ مَوَاتًا بِلَا إذْنٍ مِنْ السُّلْطَانِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ قِيمَةُ الْمِثْلِ وَتُفَوَّضُ الْأَرْضُ لَهُ إذَا كَانَ طَالِبًا لَهَا وَإِذَا لَمْ يَطْلُبْهَا بِقِيمَةِ الْمِثْلِ فَتُعْطَى لِآخَرَ بِطَرِيقِ الْمَزَادِ) . أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ فَلَا يُشْتَرَطُ إذْنُ السُّلْطَانِ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ، فَلِذَلِكَ يَجُوزُ إحْيَاءُ الْمَوَاتِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ السُّلْطَانِ وَيَمْلِكُ الْأَرْضَ مُحْيِيهَا، وَيَسْتَدِلَّانِ بِالْحَدِيثِ الشَّرِيفِ الْمَرْوِيِّ فِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا» وَلِأَنَّهُ مُبَاحٌ سَبَقَتْ إلَيْهِ يَدُهُ كَالِاحْتِطَابِ وَالِاصْطِيَادِ (الطُّورِيُّ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ) .
وَقَدْ اخْتَارَتْ الْمَجَلَّةُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ قَوْلَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ.
أَمَّا الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَبَيْنَ الْإِمَامَيْنِ فَهُوَ فِي حَالَةِ أَنَّ الْمُحْيِيَ مِنْ رَعَايَا الدَّوْلَةِ أَمَّا إذَا كَانَ الْمُحْيِي مِنْ رَعَايَا دَوْلَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ فَلَا يَمْلِكُ الْمُحْيِي الْأَرْضَ الْمُحْيَاةَ بِالِاتِّفَاقِ (أَبُو السُّعُودِ) .
3 -
إذَا أَحْيَا وَعَمَّرَ وَيُحْتَرَزُ بِهَذَا التَّعْبِيرِ مِنْ مَسْأَلَتَيْنِ:
الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى: الْإِقْطَاعُ وَذَلِكَ لَوْ أُقْطِعَتْ أَرْضُ مَوَاتٍ لِأَحَدٍ لِإِحْيَائِهَا أَيْ إذَا أُعْطِيت لَهُ فَلَا يَمْلِكُهَا بِمُطْلَقِ الْإِقْطَاعِ فَإِذَا أَحْيَا تِلْكَ الْأَرْضَ فِي ظَرْفِ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ فَبِهَا وَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُ فِي مُدَّةِ الثَّلَاثِ السَّنَوَاتِ، وَإِذَا لَمْ يُحْيِهَا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَمَرَّتْ الثَّلَاثُ السَّنَوَاتُ فَلَا يَكُونُ لِلْمُقْطَعَةِ لَهُ أَيُّ حَقٍّ فِيهَا وَتَبْقَى الْأَرْضُ مَوَاتًا كَالْأَوَّلِ وَيُمْكِنُ إعْطَاؤُهَا لِآخَرَ لِلْإِحْيَاءِ.
وَالْحُكْمُ الْمَوْجُودُ فِي قَانُونِ الْأَرَاضِي الْمُتَضَمِّنِ " إذَا لَمْ يَفْتَحْ أَحَدٌ الْأَرْضَ الَّتِي أَخَذَ إذْنًا مِنْ مَأْمُورِهَا بِفَتْحِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّرِ وَتَرَكَهَا عَلَى حَالِهَا ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ بِلَا عُذْرٍ صَحِيحٍ فَتُعْطَى لِآخَرَ " هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الشَّرْعِيَّةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ - التَّحْجِيرُ وَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي الْمَادَّةِ (1279) وَإِذَا أَذِنَ السُّلْطَانُ أَوْ وَكِيلُهُ بِإِحْيَاءِ أَرْضٍ عَلَى أَنْ يُنْتَفَعَ بِهَا فَقَطْ وَلَا يَتَمَلَّكَهَا فَالشَّرْطُ الْمَذْكُورُ صَحِيحٌ وَيَتَصَرَّفُ ذَلِكَ الشَّخْصُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أُذِنَ بِهِ وَلَكِنْ لَا يَمْلِكُ رَقَبَةَ تِلْكَ الْأَرْضِ الَّتِي أَحْيَاهَا لِأَنَّهُ يَجِبُ إذْنُ السُّلْطَانِ لِيَتَمَلَّكَ الْأَرْضَ حَسَبَ الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ فَإِذَا لَمْ يَأْذَنْ السُّلْطَانُ بِتَمَلُّكِهِ فَلَا يَمْلِكُهَا الْمُحْيِي.
وَيُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الْمَوَاتَ يُحْيَا عَلَى وَجْهَيْنِ: أَوَّلُهُمَا، أَنْ يَكُونَ مِلْكًا لِلْمُحْيِي.
الثَّانِي أَنْ