الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
262 - باب القراءَة في صلاة الكسوف
1187 -
حدثنا عُبَيدُ الله بنُ سعد، حدثنا عَمي، حدثنا أبي، عن محمد بنِ إسحاق، حدثني هشامُ بنُ عروة. وعبدُ الله بن أبي سلمة، عن سليمانَ بنِ يسار، كلهم قد حدثني عن عُروة عن عائشة قالت: كَسَفَت الشمسُ على عهدِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فخرجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى بالناسِ، فَقَامَ فَحزَرْتُ قِرَاءَته، فرأيتُ أنه قرأ بسورة البقرة، وساقَ الحديثَ، ثم سَجَدَ سجدتينِ، ثم قام، فأطال القراءَة فحزرت قراءَته، فرأيتُ أنه قرأ بسورة آل عمران
(1)
.
= وأخرجه الطبراني في "الكبير" 18/ (958)، والبيهقي 3/ 334، والمزي في ترجمة هلال بن عامر من "تهذيب الكمال" 30/ 341 - 342 من طريق عباد بن منصور، والطبراني 18/ (957)، والمزي 30/ 341 من طريق أنيس بن سوار الجرمي، كلاهما عن أيوب، عن أبي قلابه، عن هلال بن عامر، أن قبيصة حدثه. أنيس بن سوار روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات".
وانظر ما قبله،
(1)
إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق، وقد صرح بالسماع فانتفت شُبهةُ تدليسه. عُبيد الله بن سعد: هو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وعمه هو يعقوب.
وأخرجه الحاكم 1/ 333 - 334، والبيهقي 3/ 335 من طريق عُبيد الله بن سعد، بهذا الإسناد.
وانظر ما بعده.
قلنا: دلالة هذا الحديث على الإسرار بصلاة الكسوف بمفهوم قول عائشة:
فَحَزَرتُ قراءته، فرأيت أنه قرأ بسورة البقرة
…
، لأن هذا يفهم منه أنها لم تسمع النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يعني أنه أسرَّ. لكن جاء عن عائشة بإسناد أصح من هذا، وهو الحديث الآتي عند المصنف بعد هذا الحديث صرحت فيه عائشة بجهره صلى الله عليه وسلم، فيقدم ما صرحت فيه لأمرين: الأمر الأول: أنه أصح إسناداً، والأمر الثاني: أن ما صرحت فيه بالجهر =
1188 -
حدثنا العباسُ بنُ الوليد بنِ مَزيدِ، أخبرني أبي، حدثنا الأوزاعيُّ، أخبرنى الزهري، أخبرنى عروةُ بنُ الزبير
عن عائشة أن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قرأ قراءة طويلة فجهَرَ بها، يعني في صلاةِ الكُسوف
(1)
.
= يقدم على ما لم تصرح فيه، لأنه كما يقول الحافظ في "الفتح" 2/ 550: مثبت الجهر معه قدر زائد، فالأخذ به أولى.
وقد ذكر الحافظ في"الفتح" أن ممن يقول بالجهر في صلاة الكسوف صاحبي أبي حنيفة وأحمد وإسحاق وابن خزيمة وابن المنذر وغيرهما من محدثى الشافعية، وابن العربي من المالكية.
وذكر ابن المنذر في "الأوسط" 5/ 296 - 297 أن علي بن أبي طالب جهر بالقراءة، وفعل ذلك عبد الله بن يزيد الخطمي وبحضرته البراء بن عازب وزيد بن أرقم.
قلنا: ومن أدلة من يقول بالإسرار في صلاة الكسوف حديث ابن عباس الذي أخرجه البخاري (1052)، ومسلم (907)، وسيأتى عند المصنف برقم (1189) حيث قال فيه ابن عباس: صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس معه، فقام قياماً طويلاً بنحو من سورة البقرة، فقد قال الشافعي ومالك: لو كان النبي صلى الله عليه وسلم جهر بالقراءة لخبر بالذي قرأ، ولم يقدر ذلك بغيره. نقله عنهما ابنُ المنذر في"الأوسط" 5/ 297.
ونقل ابن المنذر في الرد عليهما أن عائشة تخبر أنه جهر بالقراءة، فإن قبول خبرها أولى، لأنها في معنى شاهد، فقبول شهادتها يجب، والذي لم يحك الجهر في معنى نافي، وليس بشاهد، وقد يجوز أن يكون ابن عباس من الصفوف بحيث لم يسمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقدر ذلك بغيره، وتكون عائشة سمعت الجهر فأدت ما سمعت.
قلنا: وممن ذهب إلى الإسرار وترك الجهر غير مالك والشافعي: أبو حنيفة، نقله عنه محمد بن الحسن الشيباني في "الأصل" 1/ 445، وخالفه هو وأبو يوسف فقالا بالجهر لورود ذلك عن علي بن أي طالب.
(1)
إسناده صحيح. وما أعله به ابنُ عبد البر في "التمهيد" 3/ 311 من أن راويه عن الزهري سفيان بن حسين وعبد الرحمن بن نمر وسليمان بن كثير، وكلهم لين الحديث عن الزهري، فمنقوض بمتابعة الأوزاعي عند المصنف هنا. قال الحافظ في "الفتح" =
1189 -
حدثنا القعنبي، عن مالك، عن زيدِ بنِ أسلَم، عن عطاء بن يسارِ عن ابن عباس: قال: خَسَفَتِ الشمسُ فصلَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم والناسُ معه، فقام قياماً طويلاً بنحو من سورة البقرة ثم ركع، وساقَ الحديثَ
(1)
.
= 2/ 550: لو لم يرد في ذلك إلا رواية الأوزاعي لكانت كافية، قلنا: وقال البخاري: حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر بالقراءة في صلاة الكسوف أصح عندي من حديث سمرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أسر القراءة فيها.
وتعليل ابن أبى داود فيما نقله عنه الدارقطني بإثر الحديث (1790) بأن هذه سنة
تفرد بها أهل المدينة الجهر، وكذلك إعلال البيهقي 3/ 336 بأن الزهري ينفرد بهذا
الحديث، فتعليل لا ينتهض، لأن مثل الزهري إذا انفرد بحديث لا يسعُ ردّه البتة إن لم
يخالف حديثه حديثا أعلى منه، ويكفي إخراج البخاري ومسلم لحديثه هذا، فما بالك
وقد عرفت أن ما استدل به من يقول بالإسرار مستفاد من دلالة المفهوم كما بيناه عند الحديث السالف قبله، وحديث عائشة صريح في الجهر، والنص الصريح مقدم على المفهوم عند علماء الأصول، إضافة إلى أن قول عائشة مثبت والمثبت مقدم على النافي إن كلان النافي صريحاَ، فكيف به وهو مفهوم؟!
وأخرجه البخاري (1065)، ومسلم (901)، والنسائى في "الكبرى"(1892)
من طريق عبد الرحمن بن نمر، والترمذي (571) من طريق سفيان بن حسين، كلاهما
عن الزهري، به.
وهو في "مسند أحمد"(24473)، و"صحيح ابن حبان"(2849) و (2850).
وانظر ما قبله.
(1)
إسناده صحيح. القعبي: هو عبد الله بن مسلمة بن قَعنَب.
وهو في "موطأ مالك" 1/ 186، ومن طريقه أخرجه البخاري (1052) و (5197)، ومسلم (907)، والنسائي في "الكبرى"(1891)، وأخرجه مسلم (907) من طريق حفص بن ميسرة، كلاهما (مالك وحفص) عن زيد بن أسلم.
وهو في "مسند أحمد"(2711)، و"صحيح ابن حبان"(2832) و (2853).
وانظر ما سلف برقم (1181).