الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال أبو داود: هذا كانَ للنبي صلى الله عليه وسلم خاصةً، وقد رَخَّصَ فيه قومٌ، يعني التِّرياقَ.
11 - باب في الأدوية المكروهة
3870 -
حدَّثنا هارونُ بنُ عبدِ الله، حدَّثنا محمدُ بنُ بشرٍ، حدَّثنا يونسُ بنُ أبي إسحاقَ، عن مجاهدٍ
عن أبي هُريرة قال: نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ِ عنِ الدَّواءِ الخَبيثِ
(1)
.
= قال ابن الأثير في "النهاية": الترياق: ما يستعمل لدفع السّم من الأدوية والمعاجين، وهو معرّب، ويقال بالدال أيضاً.
وقال الخطابي: شرب الترياق مكروه من أجل ما يقع فيه من لحوم الأفاعي، وهي محرمة، وهو أنواع، فإذا لم يكن فيه لحوم الأفاعي فلا بأس بتناوله، والله أعلم.
وقال المناوي في "فيض القدير" 5/ 458: فإن اضطر إليه ولم يقم غيره مقامه جاز، قال بعض المحدثين: النفع به محسوس والبرء به موجود، وذلك مما يبعد صحة الحديث، والكلام في الترياق المعمول بلحم الحيات لا غيره،
…
، فإن هذا استعماله جائز مطلقاً.
وقال الخطابي: والتميمة يقال: إنها خرزة كانوا يتعلقونها يرون أنها تدفع عنهم الآفات، واعتقاد هذا الرأي جهل وضلال، إذ لا مانع ولا دافع غير الله سبحانه، ولا يدخل في هذا التعوّذ بالقرآن والتبرك والاستشفاء به، لأنه كلام الله، والاستعاذة به ترجع إلى الاستعاذة بالله سبحانه، ويقال: بل التميمة قلادة تُعلّق به العُوَذ،
…
، وقد قيل: إن المكروه من العُوَذ هو ما كان بغير لسان العرب، فلا يُفهم معناه، ولعله قد يونس فيه سحر أو نحوه من المحظور، والله أعلم.
(1)
إسناده حسن من أجل يونس بن أبي إسحاق، فهو صدوق حسن الحديث. وأخرجه ابن ماجه (3459)، والترمذي (2168) من طريق يونس بن أبي إسحاق، به. ووقع تفسير الدواء الخبيث عند الترمذي: أنه السُّم.
وهو في "مسند أحمد"(9756). =
3871 -
حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، عن ابنِ أبي ذئبٍ، عن سعيدِ بنِ خالدٍ، عن سعيدِ بنِ المُسيَّب
عن عبدِ الرحمن بنِ عثمانَ: أن طَبيباً سألَ النبي صلى الله عليه وسلم عَنْ ضِفْدعٍ يجعَلُها في دَوَاءٍ، فنهاه النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن قَتْلِها
(1)
.
3872 -
حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا أبو معاويةَ، حدَّثنا الأعمشُ، عن أبي صالح
= قال الخطابي: الدواء الخبيث قد يكون خبثه من وجهين، أحدهما: خبث النجاسة وهو أن يدخله المحرم، كالخمر ونحوها من لحوم الحيوان غير مأكولة اللحم، وقد يصف الأطباء بعض الأبوال وعذرة بعض الحيوان لبعض العلل، وهي كلها خبيثة نجسة وتناولها محرّم إلا ما خصته السنة من أبوال الإبل، فقد رخص فيها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لنفر من عُرينة وعُكْل.
وسبيل السنن أن يقر كل شيء منها في موضعه، وأن لا يُضرب بعضها ببعض، وقد يكون خبث الدواء أيضاً من جهة الطعم والمذاق، ولا ينكر أن يكون كره ذلك لما فيه من المشقة على الطباع، ولتكرَّه النفس إياه، والغالب أن طعوم الأدوية كريهة، ولكن بعضها أيسر احتمالاً وأقل كراهة.
(1)
إسناده صحيح. سعيد بن خالد: هو القارظي، وابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة، وسفيان: هو الثوري.
وأخرجه النسائي (4355) من طريق ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد.
وهو في "مسند أحمد"(15757).
قال الخطابي: في هذا دليل على أن الضفدع محرم الأكل وأنه غير داخل فيما أُبيح من دوابّ الماء، فكل منهي عن قتله من الحيوان، فإنما هو لأحد أمرين: إما لحرمته في نفسه كالآدمي، وإما لتحريم لحمه كالصُّرَد والهدهد ونحوهما.
وإذا كان الضفدع ليس بمحترم كالآدمي كان النهي فيه منصرفاً إلى الوجه الآخر، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذبح الحيوان إلا لمأكلة.
عن أبي هريرة، قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن حَسا سُمّاً، فَسُمُّهُ في يده يَتَحَسَّاه في نارِ جهنم خالداً مُخَلَّداً فيها أبداً"
(1)
.
(1)
إسناده صحيح. أبو صالح: هو ذكوان السمّان، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير.
وأخرجه البخاري (5778)، ومسلم (109)، وابن ماجه (3460)، والترمذي (2165 - 2167)، والنسائي (1965) من طريق سليمان الأعمش، به.
وهو في "مسند أحمد"(7448)، و"صحيح ابن حبان"(5986).
وقوله: "في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً" تمسّك به من قال بتخليد أصحاب المعاصي في النار، قال الحافظ في "الفتح" 3/ 227: وأجاب أهل السنة عن ذلك بأجوبة: منها توهيم هذه الزيادة، قال الترمذي بعد أن أخرجه: رواه محمد بن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، فلم يذكر "خالداً مخلداً"، وكذا رواه أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة
…
قال الترمذي: وهو أصح، لأن الروايات إنما تجيء بأن أهل التوحيد يُعذّبون ثم يخرجون منها ولا يُخلَّدون.
قال الحافظ: وأجاب غيره يحمل ذلك على من استحله، فإنه يصير باستحلاله كافراً، والكافر مخلد بلا ريب.
وقيل: ورد مورد الزجر والتغليظ، وحقيقه غير مُرادة.
وقيل: المعنى: أن هذا جزاؤه، لكن قد تكرم الله على الموحدين فأخرجهم من النار بتوحيدهم.
وقيل: التقدير: مخلداً فيها إلى أن يشاء الله.
وقيل: المراد بالخلود طول المدة، لا حقيقة الدوام، كأنه يقول: يخلد مدة معينة وهذا أبعدها.
وقال الحافظ في موضع آخر من "الفتح" 10/ 248: وأولى ما حُمل عليه هذا الحديث ونحوه من أحاديث الوعيد: أن المعنى المذكور جزاء فاعل ذلك، إلا أن يتجاوز الله عنه. =
3873 -
حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا شُعبةُ، عن سِماكٍ، عن عَلْقَمَةَ بنِ وائلٍ
عن أبيه، ذكر طارقَ بنَ سويد، أو سويدَ بنَ طارق سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم، عن الخمر فنهاهُ، ثم سأله فَنَهَاه، فقال له: يا نبيَّ الله، إنها دَوَاءٌ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"ولكِنَّها دَاءٌ"
(1)
.
= قلنا: وما يشهد لعدم تخليد قاتل نفسه من الموحدين بالنار ما أخرجه أحمد (14982)، ومسلم (116) من حديث جابر أن الطُّفيل بن عمرو الدوسي أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، هل لك في حصن حصين ومنعة؟ قال: حصن كان لدوس في الجاهلية فأبى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، للذي ذخر الله للأنصار، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، هاجر إليه الطُّفيل بن عمرو، وهاجر معه رجل من قومه، فاجتووا المدينة، فمرض فجزع، فأخذ مشاقص له، فقطع بها براجمه، فشَخَبَت يداه حتى مات، فرآه الطُّفيل بن عمرو في منامه، فرآه وهيئته حسنة، ورآه مغطياً يديه، فقال له: ما صنع بك ربك؟ فقال: غفر لي بهجرتي إلى نبيّه صلى الله عليه وسلم، فقال: مالي أراك مغطياً يديك؟ قال: قيل لي: لن نُصلح منك ما أفسدتَ، فقصها الطُّفيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اللهم وليديه فاغفِر".
قال الإِمام النووي في، "شرح مسلم": في هذا الحديث حجة لقاعدة عظيمة لأهل السنة أن من قتل نفسه أو ارتكب معصية غيرها ومات من غير توبة، فليس بكافر، ولا يقطع له بالنار، بل هو في حكم المشيئة
…
وهذا الحديث شرح للأحاديث التي قبله المُوهم ظاهرها تخليد قاتل النفس وغيره من أصحاب الكبائر في النار، والله تعالى أعلم.
(1)
إسناده حسن من أجل سماك -وهو ابن حرب- فهو صدوق حسن الحديث.
وأخرجه مسلم (1984)، والترمذي (2169) من طريق شعبة، بهذا الإسناد.
وهو في "مسند أحمد"(18788)، و"صحيح ابن حبان"(1390).
وخالف شعبةَ في هذا الحديث حمادُ بنُ سلمة، فرواه عن سماك، عن علقمة بن وائل، عن طارق بن سويد الحضرمي، فجعله من مسند طارق بن سويد لا وائل بن حُجْر. أخرجه من طريقه ابن ماجه (3500).
وهو في "مسند أحمد"(18787). وقد صحح ابنُ عبد البر في "الاستيعاب" في ترجمة طارق بن سويد إسناد حماد بن سلمة. =
3874 -
حدَّثنا محمدُ بنُ عَبَادةَ الواسطيُّ، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارون، أخبرنا إسماعيلُ بنُ عَيَّاشٍ، عن ثعلبةَ بنِ مُسلم، عن أبي عِمْرَانَ الأنصاريِّ، عن أُمِّ الدرداء
عن أبي الدرداء قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله عز وجل أنْزَلَ الدَّاءَ والدَّواء، وجَعَلَ لِكُل داءٍ دَوَاءً، فَتَداووا، ولا تَدَاووا بحرَام"
(1)
.
= قال الخطابي: تسمية الخمر داء إنما هو في حق الدين وحرمة الشريعة، لما يلحق شاربها من الإثم، وان لم يكن داء في البدن ولا سقماً في الجسم.
قال: وقد تستعمل لفظة الداء في الآفات والعيوب، ومساوئ الأخلاق.
قال: وفي الحديث بيان أنه لا يجوز التداوي بالخمر، وهو قول أكثر الفقهاء، وقد أباح التداوي بها عند الضرورة بعضهم، واحتج في ذلك بإباحة رسول الله صلى الله عليه وسلم للعُرنيين التداوي بأبوال الإبل، وهي محرمة، إلا أنها لما كانت مما يُستشفى بها في بعض العلل رخص لهم في تناولها.
قلت [القائل الخطابي]: وقد فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الأمرين اللذين جمعهما هذا القائل، فنص على أحدهما بالحظر، وهو الخمر، وعلى الآخر بالإباحة، وهو بول الإبل، والجمع بين ما فرّقه النص غير جائز.
وأيضاً: فإن الناس كانوا يشربون الخمر قبل تحريمها ويشغفون بها، ويبتغون لذتها، فلما حرمت صعب عليهم تركها والنزوع عنها، فغلظ الأمر فيها بإيجاب العقوبة على متناوليها، ليرتدعوا عنها، وليكفوا. عن شربها، وحَسَم الباب في تحريمها على الوجوه كلها شرباً وتداوياً لئلا يستبيحوها بعلة التساقم والتمارض، وهذا المعنى مأمون في أبوال الإبل لانحسام الدواعي، ولما في الطباع من المؤنة في تناولها، ولما في النفوس من استقذارها والتكره لها، فقياس أحدهما على الآخر لا يصح ولا يستقيم، والله تعالى أعلم.
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد اختُلف فيه على إسماعيل بن عياش، فقد رواه عنه يزيد بن هارون كما في رواية المصنف، وخالفه علي بن عياش وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، فروياه عن إسماعيل بن عياش عن ثعلبة، عن أبي عمران الأنصاري، عن أبي الدرداء، وفي رواية أخرى لعلي بن عياش قال: عن أم الدرداء بدل أبي الدرداء، فأسقطا =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= من الإسناد راوياً، فإن كان الساقط أم الدرداء، فالإسناد منقطع، وإن كان أبا الدرداء فهو مرسل، لأن أم الدرداء تابعية، والله تعالى أعلم.
وأخرجه الدولابي في "الكنى" 2/ 38 من طريق علي بن عياش، وابن عبد البر في "التمهيد" 5/ 282 من طريق سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، كلاهما عن إسماعيل بن عياش، عن ثعلبة بن مسلم الخثعمي، عن أبي عمران الأنصاري، عن أبي الدرداء.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 24/ (649) من طريق علي بن عياش، عن إسماعيل ابن عياش، عن ثعلبة بن مسلم، عن أبى عمران سليمان بن عبد الله، عن أم الدرداء.
ويشهد له دون قوله: "ولا تداووا بحرام" حديث أسامة بن شريك السالف عند المصنف برقم (3855). وإسناده صحيح.
وحديث عبد الله بن مسعود عند أحمد (3578) و (3922)، وابن حبان (6062) وغيرهما. وإسناده صحيح.
وحديث أبي هريرة عند البخاري (5678)، وابن ماجه (3439)، والنسائي في "الكبرى"(7513).
وحديث أنس عند أحمد (12596) وغيره. وإسناده صحيح.
وحديث جابر بن عبد الله عند أحمد (14597)، ومسلم (2204)، والنسائي في "الكبرى"(7514).
وحديث رجل من الأنصار عند أحمد (23156). وإسناده صحيح.
ويشهد لقوله: "ولا تداووا بحرام" حديث أبي هريرة السالف عند المصنف برقم (3870)، ولفظه: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدواء الخبيث.
وحديث أم سلمة عند أحمد في "الأشربة"(159)، وابن أبي الدنيا في "ذم المسكر"(12)، وأبي يعلى (6966) وابن حبان (1391)، والطبراني في "الكبير" 23/ (749). وإسناده حسن في الشواهد.
وحديث عبد الله بن مسعود موقوفاً عند عبد الرزاق (17097) و (17102)، وابن أبي شيبة 8/ 23 و130، وأحمد في "الأشربة"(130) و (133)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 108، وأبي القاسم البغوي في "الجعديات"(190)، والطبراني في "الكبير"(9714) - (9717) وعلقه البخاري في "صحيحه" قبل الحديث (5614) بصيغة الجزم، وإسناده صحيح.