الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
17 - باب الأمر والنهي
4336 -
حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمَّد النُّفيليُّ، حدَّثنا يونسُ بن راشد، عن عليٍّ بن بَذِيمة، عن أبي عُبيدة
عن عبدِ الله بن مسعودٍ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إن أول ما دخل النَّقصُ على بني إسرائيل كان الرجل يَلقَى الرَّجلَ فيقول: يا هذا اتَّقِ اللهَ ودَعْ ما تصنعُ، فإنّه لا يحلُّ لك، ثم يلقاهُ من الغدِ، فلا يمنعُهُ ذلك أن يكون أكِيلَهُ وشَرِيبَهُ وقَعِيدَهُ، فلما فعلوا ذلك ضَرَبَ الله قلوبَ بعضهم ببعض" ثم قال: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} إلى قوله: {فَاسِقُونَ} [المائدة:78 - 81] ثم قال: كلا والله، لتأمرنَّ بالمعروف ولتنهَوُنَ عن المنكَر، ولتأخُذُنَّ على يدَي الظَّالم، ولتأطِرُنَّه على الحق أطراً، ولتقصُرُنَّه على الحقِّ قصراً
(1)
"
(2)
.
= على الحَسَن بن علي بن أبي طالب في المدائن، ثم صار مع ابن الزبير بمكة فولاه الكوفة، فغلب عليها، ثم خلعَ ابنَ الزبير، ودعا على الطلب بدم الحسين، فالتفت عليه الشيعة، وكان يُظهر لهم الأعاجيب، ثم جهز عسكراً مع إبراهيم بن الأشتر إلى عُبيد الله بن زياد وقتله سنة خمس وستين، ثم توجه بعد ذلك مصعب بن الزبير إلى الكوفة فقاتله، فقتل المختارَ وأصحابَه،
…
وكان قتل المختار سنة سبع وستين، ويقال: أنه الكذاب الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "يخرج من ثقيف كذاب ومُبير" والحديث في "صحيح مسلم".
قلنا: وقد جزم الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 3/ 539 بهذا، فقال: كان الكذاب هذا، وادعى أن الوحي يأتيه، وأنه يعلم الغيب، وكان المبير الحجاج، قبحهما اللهُ.
(1)
في (هـ): أو تَقْصُرنّه على الحق قَصْراً، وفي رواية ابن العبد: أو تَقْهَرنَّه على الحق قَهْراً.
(2)
إسناده ضعيف لانقطاعه. أبو عبيدة -وهو ابن عبد الله بن مسعود- لم يسمع من أبيه. =
4337 -
حدَّثنا خلفُ بن هشام، حدَّثنا أبو شهاب الحنَّاطُ، عن العلاء بن المسيِّب، عن عمرو بن مُرة، عن سالمٍ، عن أبي عُبيدة
عن ابن مسعود عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم بنحوه، زاد:"أو ليضربَنَّ الله بقلوبِ بعضكُم على بعض، ثم لَيَلعنَنَّكم كما لعنَهم"
(1)
.
= وأخرجه ابن ماجه (4006 م)، والترمذي (3297) و (3299) من طريقين عن علي بن بذيمة، به. وقال الترمذي: حسن غريب.
وأخرجه ابن ماجه (4006)، والترمذي (3298) من طريق سفيان الثوري، عن علي بن بذيمة، عن أبي عبيدة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.
وهو في "مسند أحمد"(3713).
وانظر ما بعده.
قال الخطابي: "لتأطُرنه" معناه لتردُّنَّه عن الجور، وأصل الأطْر: العطف أو الثْنيُ، ومنه تأطُّر العصا وهو تثّيها، وقال عمر بن أبي ربيعة:
خرجَتْ تأطَّرُ في الثياب كأنها
…
أيْمٌ يَسيبُ على كثيبٍ أَهيَلَا
قلنا: الأَيْم: الأبيض اللطيف من الحيات، ويسيب أصله من ساب الماء يسيب سيباً، قال الزمخشري في "أساس البلاغة": ومن المجاز: الحية تسيب وتنساب.
والكثيب هو الرمل، والأهيل: المُنهال الذي لا يثبُتُ.
(1)
إسناده ضعيف لانقطاعه كسابقه، على اختلاف في هذا الطريق. سالم: هو ابن عجلان الأفطس، وأبو شهاب الحفاظ: هو عبد ربه بن نانع، وخلف بن هشام: هو البزار البغدادي، صاحب أحد القراءات العشر الصحيحة.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في "العقوبات"(12)، والطبراني في "الكبير"(10268) من طريق خلف بن هشام البزار، بهذا الإسناد. لكن وقع خطأ في إسناد ابن أبي الدنيا، حيث سمى سالماً: ابن أبي الجعد، وإنما هو ابنُ عجلان الأفطس، كما في مصادر الحديث.
وأخرجه البيهقي في "شعب الايمان"(7545) من طريق عُبيد الله بن أبي زياد، عن سالم بن عجلان الأفطس، به. =
قال أبو داود: رواه المحاربيُّ عن العلاء بن المسيَّب، عن عبدِ الله بن عمرو ابن مُرة، عن سالمٍ الأفطس، عن أبي عُبيدة، عن عبدِ الله. ورواه خالد الطحان عن العلاء، عن عمرو بن مرة، عن أبي عُبيدة.
4338 -
حدَّثنا وهبُ بنُ بقية، عن خالدٍ. وحدَّثنا عمرو بن عون، أخبرنا هُشَيم -المعنى- عن إسماعيل، عن قيسٍ، قال:
قال أبو بكر بعد أن حمد الله، وأثنى عليه: يا أيها الناسُ، إنكم تقرؤون هذه الآية وتضعونها على غير مواضعها:{عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة:105]-قال عن خالد-، وإنا سمعنا النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: "إنّ الناس إذا رأوا الظالمَ فلم يأخذوا على
= وأخرجه أبو يعلى (5035)، والطبري في "تفسيره" 6/ 318 من طريق عبد الرحمن ابن محمَّد المحاربي، عن العلاء بن المسيب، عن عبد الله بن عمرو بن مرة، عن سالم الأفطس، به. فجعله عن عبد الله بن عمرو بن مرة، وليس عن أبيه عمرو بن مرة.
وعبد الله بن عمرو بن مرة صدوق.
وأخرجه أبو يعلى (5094)، ومن طريقه البغوي في "تفسيره " 2/ 55 - 56 من طريق خالد بن عبد الله الطحان الواسطي، عن العلاء بن المسيب، عن عمرو بن مرة، عن أبي عُبيدة، عن أبيه. فلم يذكر في إسناده سالما الأفطس. وهذا هو الوجه الذي صححه الدارقطني في "العلل" 5/ 288 من سائر وجوه هذا الطريق.
وكذلك رواه خالد بن عمرو القرشي، عن العلاء بن المسيب عند الخطيب في "تاريخه" 8/ 299، ومن طريقه ابن الجوزي في "العلل المتناهية"(1316). لكن خالداً هذا متروك في أحسن أحواله.
وكذلك روى الشطر الأخير منه جعفر بن زياد الأحمر عن العلاء بن المسيب عند الطبراني في "الكبير"(10267)، وجعفر صدوق، والإسناد إليه صحيح. وعليه فما صححه الدارقطني صحيح، والله تعالى أعلم.
وبأية حال يبقى إسناد الحديث ضحيفا لانقطاعه.
يدَيه أوشك أن يعُمَّهم الله بعقاب". وقال عمرو، عن هُشَيم: وإني سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما مِن قومٍ يُعمَلُ فيهم بالمعاصي، ثم يَقدِرُونَ على أن يُغيِّروا، ثم لا يُغيَّروا إلا يوشِكُ أن يعمَّهُمُ الله منه بعقاب"
(1)
.
(1)
إسناده صحيح. قيس: هو ابنُ أبي حازم، وإسماعيل: هو ابن أبي خالد، وهشيم: هو ابنُ بَشير -وهو متابع فلا تضر عنعنته-، وخالد: هو ابن عبد الله الواسطي الطحان.
وأخرجه ابن ماجه (4005)، والترمذي (2307) و (3309) من طريق إسماعيل ابن أبي خالد، به. وقال الترمذي: حسن صحيح.
وهو في "مسند أحمد"(1) و (19) و (29)، و"صحيح ابن حبان"(304).
ذكر الإِمام ابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص 315: أن للعلماء في هذه الآية قولان: أحدهما: أنها منسوخة بآية السيف.
والثاني: أنها محكمة وهو الصحيح، ويدل على إحكامها أربعة أشياء وهي:
1 -
أن قوله: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} تقتضي إغراء الإنسان بمصالح نفسه، ويتضمن الأخبار بأنه لا يُعاقب بضلال غيره، وليس من مقتضى ذلك أن لا ينكر على غيره، وإنما غاية الأمر أن يكون مسكوتاً عنه، فيقف على الدليل.
2 -
أن الآية تدل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأن قوله تعالى:{عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} أمر بإصلاحها وأداء ما عليها، وقد ثبت وجوب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فصار من جملة ما على الإنسان في نفسه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بدليل قوله عز وجل فيها:{إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} .
3 -
أن الآية حملها قوم على أهل الكتاب إذا أدوا الجزية، فحينئذ لا يلزمون بغيرها.
4 -
أنه لما عابهم في تقليد آبائهم بالآية المتقدمة، أعلمهم بهذه الآية أن المكلف إنما يلزمه حكم نفسه، وأنه لا يضره ضلال غيره إذا كان مهتدياً حتى يعلموا أنهم لا يلزمهم من ضلال آبائهم شيء من الذم والعقاب، قال: وإذا تلمحت هذه المناسبة بين الآيتين لم يكن للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ها هنا مدخل، وهذا أحسن الوجوه في الآية.
قال أبو داود: ورواه كما قال خالد: أبو أسامة وجماعة، وقال شعبةُ فيه:"ما مِنْ قومٍ يعملُ فيهم بالمعاصي هم أكثرُ ممن يعمَلُه".
4339 -
حدَّثنا مسَّددٌ، حدَّثنا أبو الأحوص، حدَّثنا أبو إسحاق، -أظنُّه- عن ابن جرير
عن جرير قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من رجلٍ يكونُ في قومٍ يُعمَلُ فيهم بالمعاصي يقدرُون على أن يُغيِّروا عليه، فلا يُغيِّروا إلا أصابَهم الله بعذابٍ من قبلِ أن يموتوا"
(1)
.
4340 -
حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء وهنَّاد بنُ السَّريِّ، قالا: حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن أبيه، عن أبي سعيد. وعن قيس بن مسلمٍ، عن طارق بن شهابٍ
عن أبي سعيدٍ الخدريِّ، قال: سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ رأى منكراً فاستطاعَ أن يُغيِّره بيده، فليغيِّره بيده -وقطع هنَّاد بقية الحديث، ومَرَّ فيه ابنُ العلاء- فإنْ لم يستطعْ فبلسانه، فإن لم يستطعْ بلسانه فبقلبه، وذلك أضعفُ الإيمان"
(2)
.
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل ابنِ جرير -وهو عُبيد الله- على الصحيح كما بيناه في "مسند أحمد"(19192). وعُبيد الله هذا روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات"، فمثله يكون حسن الحديث. أبو إسحاق: هو عمرو بن عَبد الله السبيعي الهمْداني.
وأخرجه ابن ماجه (4009) من طريق إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، عن جده، عن عُبيد الله بن جرير، عن أبيه.
وهو في "مسند أحمد"(19192) و (19230)، و"صحيح ابن حبان"(300) و (302).
وفي الباب عن أبي بكر الصديق في الحديث الذي قبله.
(2)
إسناده صحيح، وهو مكرر الحديث السالف برقم (1140).
4341 -
حدَّثنا أبو الرَّبيع سليمانُ بن داود العتكيُّ، حدَّثنا ابنُ المبارك، عن عُتبة بن أبي حكيم، حدَّثني عمرو بن جارية اللخميُّ، -وقال غيرُ أبي الربيع: عن أبي المُصَبِّح-
(1)
، حدَّثني أبو أميَّة الشَّعبانيُّ، قال:
سألتُ أبا ثعلبة الخُشنيَّ فقلت: يا أبا ثعلبة، كيف تقول في هذه الآية:{عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} ؟ [المائدة: 105]، قال: أما والله لقد سألت عنها خبيراً، سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "بل ائتَمِروا بالمعروف، وتناهَوْا عن المنكَر، حتى إذا رأيتَ شُحّاً مُطاعاً، وهوىً متبعاً، ودنيا مُؤْثَرَةً، وإعجابَ كلِّ ذي رأي برأيه، فعليكَ -يعني بنفسك- وَدع عنك العَوامَّ، فإنَّ من ورائِكم أيامَ الصبر، الصبرُ فيه
(2)
مثلُ قبضٍ على الجَمْر، للعامل فيهم مثلُ أجر خمسينَ رجلاً يعملون مثلَ عمله" وزادني غيره: قال: يا رسول الله: أجرُ خمسين منهم؟ قال: "أجرُ خمسين منكم"
(3)
.
(1)
ما بين المعترضتين أثبتناه من هامش (هـ)، وأشار إلى أنه في رواية الرملي، وجاء في (أ) نحوه، غير أنه قال: وقال غيره: عن أبي المصبّح. ولم نجد أحداً ممن روى هذا الحديث عن ابن المبارك ذكر أبا المصبّح.
(2)
كذا في عامة أصولنا الخطية: "الصبر فيه"، وكذلك في رواية ابن داسه وابن الأعرابي كما في هامش (هـ) التي عندنا برواية ابن داسه، وقد روى أبو بكر الجصاص هذا الحديث عن ابن داسه في "أحكام القرآن" 2/ 31 كما هو مثبت أيضاً، وفي نسخةٍ أشار إليها أبو الطيب في "عون المعبود":"الصبر فيهن"، وهي الجادّة، قال أبو الطيب: وأما تذكير الضمير كما في عامة النسخ فلا يستقيم إلا أن يأول أيام الصبر بوقت الصبر. قلنا: ولذلك وضع عليها في (هـ) إشارة التضبيب، والله أعلم. وقد رواه بتأنيث الضمير على الجادة ابن ماجه والترمذي وابن حبان، ورواه المنذري في "المختصر" بلفظ:"فيها".
(3)
حسن. عتبة بن أبي حكيم مختلف فيه، ورجحنا في "تحرير التقريب" أنه صدوق حسن الحديث، وعمرو بن جارية اللخمي روى عنه اثنان وذكره ابن حبان في =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= "الثقات"، وحسَّن الترمذيُّ حديثه هذا، وأبو أمية الشعباني روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات".
وأخرجه ابن ماجه (4014)، والترمذي (3310) من طريق عتبة بن أبي حكيم، بهذا الإسناد. وزاد البغوي: يقول ابن المبارك: وزادني غيره: قيل: الشح المطاع: هو أن يطيعه صاحبه في منع الحقوق التي أوجبها الله عليه.
وهو في "صحيح ابن حبان"(385).
وأخرج ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(2629) من طريق صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، قال: جلس أبو ثعلبة رضي الله عنه يحدث القوم ويتعاونون الحديث بينهم يذكرون ما يتخوفون من الزمان على دينهم، قال: قلت: غفراً، يقول الله عز وجل:{أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} إلى آخر الآية [المائدة:105]، قال: فزَجَرني أبو ثعلبة رضي الله عنه زجرة حتى قلت: ليت أن أمي لم تلدني وشقّ علىّ ذلك الأمر شديداً، وأردتُ القيام، فأخذ بيدي، فحبسني، حتى تفرق القوم، فلم يبق إلا أنا وهو، فقال لي أبو ثعلبة: شق عليك ما صنعتُ بك؟ فقلت: إي والله. قال: كنا في حديث نتخوف فيه على ديننا، فجئتَ بهذه الآية، فلم تجئ بتأويلها بعدُ، إنا نَعرِفُ ونأمر بالمعروف، وننهى عن المنكر، فسيأتي زمان لا يؤمر فيه بمعروف، ولا يُنهى فيه عن منكر. وإسناده قوي. وهو يعضد رواية الشعباني.
ويشهد له حديث عبد الله بن عمرو بن العاص الآتي بعده.
وحديث أبي هريرة عند ابن حبان (5950) و (5951).
ويشهد له كذلك أثر عبد الله بن مسعود موقوفاً عليه عند أبي عبيد في "الناسخ والمنسوخ"(526)، والطبري 7/ 96، والجصاص في "أحكام القرآن" 2/ 488 والبيهقي في "شعب الإيمان"(7552)، وفي "السنن الكبرى" 10/ 92 من طريق أبي العالية الرياحي، وعبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 199، وسعيد بن منصور في "السنن - قسم التفسير"(843) والطبري 7/ 95، والطبراني (9072) من طريق الحسن البصري، كلاهما عن ابن مسعود. =
4342 -
حدَّثنا القعنبيُّ، أن عبدَ العزيز بنَ أبي حازمٍ حدَّثهم، عن أبيه، عن عُمارةَ بنِ عمرو
عن عبدِ الله بن عمرو بن العاص، أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "كيف بكم وبزمانٍ -أو يوشك أن يأتي زمان- يُغَرْبَلُ الناسُ فيه غربلةَ، تبقى
= ولقوله: "إن من ورائكم أيام الصبر
…
" شاهد من حديث عتبة بن غزوان أخي مازن بن صعصعة، وكان من الصحابة - أخرجه محمَّد بن نصر المروزي في "السنة" (32)، والطبراني في "الكبير" 17 (289) ورجاله ثقات لكنه منقطع.
ومن حديث عبد الله بن مسعود عند البزار (3370 - كشف الأستار)، والطبراني في "الكبير"(10394) وإسناده ضعيف.
وقال شيخ الإِسلام في "فتاواه" 14/ 479 تعليقاً على حديث أبي ثعلبة هذا: وهذا يفسره حديث أبي سعيد في "مسلم"[(49) (78)]"من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" فإذا قوي أهل الفجور حتى لا يبقى لهم إصغاء إلى البر، بل يؤذون الناهي لغلبة الشح والهوى والعجب سقط التغيير باللسان في هذه الحال وبقي بالقلب، والشح هو شدة الحرص التي توجب البخل والظلم، وهو منع الخير وكراهته، والهوى المتبع في إرادة الشرِّ ومحبته، والإعجاب بالرأي في العقل والعلم، فذكر فساد القوى الثلاث التي هي العلم والحب والبغض كما في الحديث الآخر "ثلاث مهلكات: شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه" وبإزائها الثلاث المنجيات:"خشية الله في السر والعلانية، والقصد في الفقر والغنى، وكلمة الحق في الغضب والرضا" وهي التي سألها في الحديث الآخر: "اللهم إني أسألك خشيتك في السر والعلانية، وأسألك كلمة الحق في الغضب والرضا، وأسألك القصد في الفقر والغنى". فخشية الله بإزاء اتباع الهوى، فإن الخشية تمنع ذلك، والقصد في الفقر والغنى بإزاء الشح المطاع، والقصد في الفقر والغنى بإزاء إعجاب المرء بنفسه.
وقوله: "أجر خمسين منكم" قال في "فتح الودود": هذا في الأعمال التي يشقُّ فعلها في تلك الأيام، لا مطلقاً. انظر "عون المعبود" 11/ 496.
حثالةٌ من الناس قد مَرِجَت عهودُهم وأماناتُهم، واختلفوا فكانوا هكذا" وشَبَّك بين أصابعه، فقالوا: كيف بنا يا رسول الله، قال: "تأخذون ما تعرفون، وتذرُون ما تُنكرون، وتُقبِلون على أمرِ خاصتكم، وتذرون أمر عامَّتكم"
(1)
.
قال أبو داود: هكذا رُويَ عن عبدِ الله بن عمرو عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم من غير وجه.
(1)
إسناده صحيح. عمارة بن عمرو: هو ابن حزم، وأبو حازم: هو سلمة بن دينار، والقعنبي: هو عبد الله بن مَسْلَمة.
وأخرجه ابن ماجه (3957) من طريق عبد العزيز بن أبي حازم، بهذا الإسناد.
وهو في "مسند أحمد"(7063).
وانظر ما بعده.
وفي الباب عن أبي هريرة عند ابن حبان (5950) أدرجه تحت قوله: ذكر ما يجب على المرء من لزومه خاصة نفسه وإصلاح عمله عند تغيير الأمر ووقوع الفتن.
وإسناده صحيح على شرط مسلم.
قوله: "حُثالة" قال ابن الأثير في "النهاية": هو الرديء من كل شيء، ومنه حثالة الشعير والأرُز والتمر وكل ذي قشر.
وقوله: "مرجت عهودهم وأماناتهم" قال ملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" 5/ 146: المعنى: لا يكون أمرهم مستقيماً، بل يكون كل واحد في كل لحظة على طبع وعلى عهد، ينقضون العهود ويخونون الأمانات، قال التُّورِبشتي رحمه الله: أي اختلطت وفسدت، فقَلِقَتْ فيها أسباب الديانات.
قال الطيبي تعليقاً على قوله: قد مرجت عهودهم: أي: اختلطت وفسدت وشبّك بين أصابعه، أي: يمرج بعضهم ببعض، وتلبس أمر دينهم، فلا يُعرف الأمين من الخائن، ولا البر من الفاجر، وتقبلون على خاصتكم: رخصة في ترك أمر المعروف إذا كثر الأشرار وضعف الأخيار.
4343 -
حدَّثنا هارون بن عبد الله، حدَّثنا الفضلُ بن دُكَينٍ، حدَّثنا يونُسُ ابن أبي إسحاقَ، عن هلال بن خَبَّاب أبي العلاء، حدَّثني عكرمة
حدَّثني عبدُ الله بن عمرو بن العاص، قال: بينما نحنُ حولَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ ذَكَرَ الفتنة، فقال:"إذا رأيتُم الناسَ قد مَرِجَتْ عُهودُهم، وخَفَّت أماناتهم، فكانوا هكذا" وشَبَّك بين أصابعه، قال: فقمتُ إليه فقلت: كيف أفعلُ عند ذلك -جعلني الله فداك-؟ قال: "الزَم بيتك، واملِك عليكَ لسانكَ، وخذ بما تعرِفُ، ودَع ما تنكِرُ، وعليك بأمر خاصَّة نفسِكَ، ودع عنك أمرَ العامَّة
(1)
.
4344 -
حدَّثنا محمدُ بنُ عبادة الواسطيُّ، حدَّثنا يزيدُ بن هارون، أخبرنا إسرائيلُ، حدَّثنا محمدُ بنُ جُحادة، عن عطية العوفىِّ
عن أبي سعيدٍ الخدريِّ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أفضَلُ الجهادِ كلمةُ عدلٍ عندَ سلطانٍ جائرٍ -أو أمبرٍ جائرٍ-"
(2)
.
(1)
حديث صحيح. وهذا إسناد حسن من أجل يونس بن أبي إسحاق السبيعي، لكن الحديث صحيح بالأسناد السابق. عكرمة: هو أبو عبد الله البَرْبري مولى عبد الله ابن عباس.
وأخرجه النسائي في "الكبرى"(9962) من طريق يونس بن أبي إسحاق، بهذا الإسناد.
وهو في "مسند أحمد"(6987).
وانظر ما قبله.
(2)
صحح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف عطية العوفي -وهو ابن سعْد- إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي.
وأخرجه ابن ماجه (4011)، والترمذي (2315) من طريق إسرائيل بن يونس، بهذا الإسناد. =
4345 -
حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، حدَّثنا أبو بكير، حدَّثنا مغيرةُ بنُ زياد المَوصِليُّ، عن عدي بن عديّ
عن العُرْسِ ابن عَمِيرَةَ الكِندي، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"إذا عُمِلَت الخطيئةُ في الأرض كان من شَهدها فكَرهَها -وقال مرة: فأنكرها- كان كمن غابَ عنها، ومن غابَ عنها فَرضيها كان كمن شَهدها"
(1)
.
= وهو في "مسند أحمد"(11143) ومسند الحميدي (752) ومستدرك الحاكم 4/ 505 - 506 من طريق آخر، وفيه علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف ولكنه يصلح للمتابعة، فيتقوَّى به حديث عطية العوفي فهو حسن إن شاء الله.
وله شاهد من حديث طارق بن شهاب عند النسائي في "الكبرى"(7786). وإسناده صحيح، فإن طارق بن شهاب قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه، ومراسيل الصحابة حجة.
وآخر من حديث أبي أمامة الباهلي عند ابن ماجه (4012) وأحمد (22158) بإسناده حسن في الشواهد.
قال الخطابي: إنما صار ذلك أفضل الجهاد، لأن من جاهد العدو، وكان متردداً بين رجاء وخوف، لا يدري هل يَغْلِب أو يُغلَب؟ وصاحب السلطان مقهور في يده، فهو إذا قال الحق وأمره بالمعروف فقد تعرض للتلف وأهدف نفسه للهلاك، فصار ذلك أفضل أنواع الجهاد من أجل غلبة الخوف، والله أعلم.
(1)
إسناده حسن من أجل أبي بكر - وهو ابن عياش وشيخه مغيرة بن زياد الموصلي. وأخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 309، والطبراني في "الكبير" 17/ (345)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 1/ 333 من طريق أبي بكر بن عياش، بهذا الإسناد.
وانظر ما بعده.
ويشهد له حديث عبد الله بن مسعود عند البيهقي 7/ 266، والخطيب في "تالي تلخيص المتشابه"(297) وفي إسناده عبد الله بن عمير اللخمي أخو عبد الملك بن عمير -وهو كما قال الحافظ في "اللسان"- مجهول.