الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أول كتاب الفتن
1 - ذكرُ الفتنِ ودلائلِها
4240 -
حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن أبي وائلٍ عن حُذيفة، قال: قامَ فينا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قائماً، فما تركَ شيئاً يكونُ في مقامِه ذلك إلى قيامِ السَّاعة إلا حدَّثَه، حَفِظَهُ من حَفِظَه ونَسِيَهُ مَنْ نَسِيَه، قد عَلِمَه أصحابي هؤلاء، وإنه ليكونُ منه الشيءُ فأذكرُه كما يذكرُ الرجلُ وجهَ الرجِل إذا غابَ عنه، ثم إذا رآه عرفه
(1)
.
4241 -
حدَّثنا هارونُ بنُ عبدِ الله، حدَّثنا أبو داودَ الحفريُّ، عن بدرِ بنِ عُثمان، عن عامِرٍ، عن رجُلٍ
عن عبد الله، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:"يكون في هذه الأُمَّةِ أربعُ فِتَنٍ في آخِرِهَا الفنَاءُ"
(2)
.
(1)
إسناده صحيح. أبو وائل: هو شقيق بن سلمة، والأعمش: هو سُليمان بن مهران، وجرير: هو ابن عبد الحميد.
وأخرجه البخاري (6604)، ومسلم (2891) من طريق سفيان الثوري، ومسلم (2891) من طريق جرير بن عبد الحميد، كلاهما عن الأعمش، به.
وأخرجه بنحوه مسلم (2891) من طريق أبي إدريس الخولاني، و (2891) من طريق عبد الله بن يزيد الخطمي، كلاهما عن حذيفة بن اليمان.
وهو في "مسند أحمد"(23274)، و "صحيح ابن حبان"(6636) و (6637). وانظر ما سيأتي برقم (4243).
(2)
إسناده ضعيف لابهام الراوي عن عبد الله -وهو ابن مسعود- أبو داود الحَفَري: هو عمر بن سعْد الكوفي.
وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 170 من طريق بدر بن عثمان، بهذا الإسناد.
4242 -
حدَّثنا يحيى بنُ عثمانَ بنِ سعيدٍ الحمصيُّ، حدَّثنا أبو المُغيرةِ، حدَّثني عبدُ الله بنُ سالمٍ، حدَّثني العلاءُ بن عُتبةَ، عن عُمير بن هانئٍ العنسيّ
سمعتُ عبدَ الله بنَ عُمر، يقولُ: كنا قُعوداً عندَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فذكر الفِتن، فأكثر في ذِكْرها حتى ذَكَرَ فِتنةَ الأحْلاسِ، فقال قائِلٌ: يا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ِ، وما فِتنةُ الأحْلاسِ؟ قال: هي هَرَبٌ وحَرَبٌ، ثم فِتنةُ السَّرَّاء دَخَنُها مِنْ تَحتِ قدَمَي رَجُلٍ مِن أهل بيتي يزعُمُ أنهُ منَّي وليسَ مني، وإنما أوليائِيَ المتقونَ، ثم يصطلحُ الناسُ على رجلٍ كورِكٍ على ضِلَعٍ، ثم فتنةُ الدُّهيماءِ لا تَدَع أحداً مِن هذه الأمةِ إلا لطمتهُ لطمةً، فإذا قيل: انقضت، تمادت، يُصبِحُ الرجلُ فيها مؤمناً ويُمسي كافراً، حتى يصيرَ الناسُ إلى فُسطاطَيْن: فُسطاطُ إيمانٍ لا نِفاقَ فيه، وفُسْطاط نِفاقٍ لا إيمان فيه، فإذا كان ذاكُم، فانتظروا الدَّجالَ من يومه أو غدِهِ"
(1)
.
(1)
رجاله ثقات، لكن قال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في "العلل" 2/ 417: روى هذا الحديث ابن جابر، عن عمير بن هانئ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً، والحديث عندي ليس بصحيح كأنه موضرع، وقال أبو نعيم: غريب من حديث عمير والعلاء، لم نكتبه مرفرعاً إلا من حديث عبد الله بن سالم. أبو المغيرة: هو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني.
وأخرجه أحمد (6168)، والطبراني في "مسند الشاميين"(2551)، والحاكم 4/ 466 - 467، وأبو نعيم في "الحلية" 5/ 158، والخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 2/ 400 - 401 والبغوي في "شرح السنة"(4226) من طريق أبي المغيرة الخولاني، بهذا الإسناد.
وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن"(93) عن الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر، عن عمير بن هانئ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسلاً. =
4243 -
حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فارسٍ، حدَّثنا ابنُ أبي مريمَ، أخبرنا ابنُ فرُّوخَ، أخبرنا أسامةُ بنُ زيدٍ، أخبرني ابن لقبيصةَ بنِ ذُؤيب، عن أبيه قال:
قال حذيِفةُ بنُ اليمانِ: والله ما أدرِي: أنَسِيَ أصحابي أم تناسَوْا؟ واللهِ ما تركَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مِن قائدِ فتنةٍ إلى أن تنقَضِيَ الدنيا يبلغُ من مَعَهُ ثلاثَ مئةٍ فصاعداً، إلا قد سماه لنا باسمِه واسمِ أبيه واسم قَبِيلتِه
(1)
.
= قال الخطابي: قوله: "فتنة الأحلاس" إنما أُضيفت الفتنة إلى الأحلاس لدوامها، وطول لبثها، يقال للرجل إذا كان يلزم بيته لا يبرح منه: هو حِلْس بيته، لأن الحِلْس يفترش فيبقى على المكان ما دام لا يُرفع، وقد يحتمل أن تكون هذه الفتنة إنما شبهت بالأحلاس لسواد لونها وظلمتها.
والحَرَب: ذهابُ المالِ والأهلِ، يقال: حَرب الرجل فهو حريب: إذا سُلب أهلُه ومالُه، والدَّخَن: الدخان يُريد أنها تثور كالدخان من تحت قدميه، وقوله:"كورك على ضلع" مثل، ومعناه الأمر الذي لا يثبت ولا يستقيم، وذلك أن الضلع لا يقوم بالورك ولا يحمله، وإنما يقال في باب الملائمة والموافقة إذا وصفوا: هو ككف في ساعد وكساعد في ذراع، أو نحو ذلك، يريد: إن هذا الرجل غير خليق للملك ولا مستقِلٍّ به.
والدُّهيماء: تصغير الدهماء، وصغرها على مذهب المذمة لها، والله أعلم. وفتنة السراء: قال القاري: والمراد بالسراء النعماء التي تسرّ الناس من الصحة والرخاء والعافية من البلاء والوباء، وأضيفت إلى السراء لأن السبب في وقوعها ارتكاب المعاصي بسبب كثرة التنعم أو لأنها تسر العدوّ.
والفسطاط: المدينة التي يجتمع فيها الناس، وكل مدينة فسطاط، ويكون الفسطاط مجتمع أهل الكورة حول جامعها، ومنه فسطاط مصر.
(1)
إسناده ضعيف لضعف ابن فزوخ -وهو عبد الله بن فزُوخ الخُراساني- وابن قبيصة بن ذؤيب إن كان إسحاق فهو صدوق، وإلا فهو مجهول لا يُعرف، وأسامة بن زيد -وهو الليثي- فيه ضعف. =
4244 -
حدَّثنا مُسَدَّدٌ وقتيبة بن سعيد
(1)
-دخل حديث أحدهما في الآخر- قالا: حدَّثنا أبو عوانةَ، عن قتادَة، عن نصرِ بنِ عاصمٍ
عن سُبَيع بنِ خالدٍ، قال: أتيتُ الكوفة في زمنِ فُتحَتْ تُسْتَرُ أجلُبُ منها بِغالاً، فدخلتُ المسجدَ، فإذا صَدَعٌ من الرِّجالِ، وإذا رَجُلٌ جالسٌ تَعْرِفُ إذا رأيته أنه مِن رجال أهلِ الحِجاز، قال: قلتُ: من هذا؟ فتجهَّمني القومُ، وقالوا: أما تَعْرِفُ هذا؟ هذا حذيفةُ صاحبُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال حُذيفة: إن الناسَ كانوا يسألون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن الخيرِ، وكنتُ أسألُه عن الشَّرِ، فأحْدَقَهُ القومُ بابصارِهم، فقال: إني قد أرَى الذي تُنْكِرُونَ، إني قلتُ: يا رسولَ الله، أرأيتَ هذا الخيرَ الذي أعطانا الله أيكونُ بعدَهُ شرٌّ كما كان قبلَه؟ قال:"نعم" قلتُ: فما العِصْمَةُ من ذلك؟ قال: "السيفُ " -قال قتيبة في حديثه- قلت: وهل للسيف يعني من بقيّةٍ؟ قال: "نعم"، قال: قلتُ: ماذا؟ قال: "هُدْنةٌ على دَخَنٍ" قال: قلتُ: يا رسول الله، ثم ماذا؟ قال: "إن كان لله خليفةٌ في الأرض، فضرَبَ ظهرَك وأخذَ مالك فأطعهُ، وإلا فمت وأنت
= وذكر الحافظ في "الفتح" 11/ 496 أن القاضي عياضاً أخرج هذا الحديث في "الشفاء" بإسناد الحديث السابق برقم (4240)، قال: ولم أر هذه الزيادة في كتاب أبي داود. قلنا: هو في "الشفا" 1/ 336 في فصل: ومن ذلك ما أُطلع عليه من الغيوب.
(1)
طريق قتيبةَ بنِ سعيدٍ هذه أثبتناها من (هـ)، وهي برواية ابن داسه، وهي في هامش (أ) منسوبة لابن داسه أيضاً، ولم تَرد في بقية أُصُولنا الخطية، ولم يذكرها المزِّيُّ في "التحفة" (3332). ولم يذكر الخطابي عند شرحه لهذا الحديث الزيادة التي زادها قتيبة في الحديث إلى قوله:"هُدنة على دَخَنٍ"، لكنه نسبَها لغير هذه الرواية، مع أن الخطابيَّ يروي "السنن" برواية ابنِ داسه، فلعلها في بعض روايات ابن داسه دون بعضٍ، والله تعالى أعلم.
عاضٌّ بجِذْل شَجَرةٍ" قلتُ: ثم ماذا؟ قال: "ثم يخرُجُ الدَّجَّالُ معه نهرٌ ونارٌ، فمن وقع في نارِه وجبَ أجرُه وحُطَّ وزرُهُ، ومَنْ وقَعَ في نهرِهِ وجَبَ وزْرُه وحُطَّ أجرُه" قال: قلتُ: ثم ماذا؟ قال:، ثم هي قيامُ الساعةِ"
(1)
.
(1)
حديث صحيح دون ذكر السيف، وهذا إسناد حسن من أجل سُبَيع بن خالد -ويقال: خالد بن سُبيع، ويقال: خالد بن خالد، اليشكري- فقد روى عنه جمع ووثقه العجلي وابن حبان، وقد توبع. وقصة السيف لم تذكر إلا في طريق قتادة، ول يذهبها حميد بن هلال عن نصر، ولا سائر الرواة عن حذيفة.
وأخرجه أحمد (23430)، الحاكم 4/ 432 - 433 من طريق أبي عوانة، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (3606) و (7084)، ومسلم (1847)، وابن ماجه (3979) من طريق بُسر بن عُبيد الله، عن أبي إدريس الخولاني، أنه سمع حذيفة بن اليمان يقول: كان الناس يسألون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسألُه عن الشر مخافة أن يُدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كما في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال:"نعم"، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: "نعم، وفيه دَخَنٌ". قلت: وما دخَنُه؟ قال: "قوم يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتُنكر".
قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: "نعم، دُعاة إلى أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها، قلت: يا رسول الله، صِفْهم لنا؟ فقال: "هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا،، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: "تلزم جماعة المسلمين وإمامَهم"، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: "فاعتزل تلك الفرق كلَّها، ولو أن تَعَضَّ بأصل شجرة، حتى يُدركك الموت وأنت على ذلك".
وأخرجه بنحو رواية أبي إدريس الخولاني مختصراً مسلم (1847) من طريق زيد ابن سلام، عن أبي سلاّم، قال: قال حذيفة، وزاد فيه:"تسمع وتطيع للأمير، وإن ضرب ظهرك، وأخذ مالك، فاسمع وأطع"، ولم يذكر فيه الاعتزال عند عدم وجود الامام. =
4245 -
حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فارس، حدَّثنا عبدُ الرزاقِ، عن مَعْمَرٍ، عن قتادةَ، عن نصرِ بنِ عاصمٍ، عن خالدِ بنِ خالدٍ اليَشْكُرِيِّ، بهذا الحديثِ، قال:
قلت: بعدَ السيف، قال:"بقيةٌ على أقذاءٍ، وهُدْنَة على دَخَنٍ" ثم ساقَ الحديثَ، قال: وكان قتادُة يَضَعُهُ على الرِّدة التي في زمنِ أبي بكر: "على أقذاء"، يقول: قذىً، و"هُدنة" يقول: صُلْحٌ "على دَخَنٍ" لما على ضغائن
(1)
.
= وأخرج منه قصة سؤال حذيفة النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن الشر وسؤال الناس له عن الخير: البزار (2794) من طريق جندب بن عبد الله البجلي، والبخاري (3607) والبزار (2939) من طريق قيس بن أبي حازم، كلاهما عن حذيفة. ولفظ البخاري: تعلم أصحابي الخير وتعلمت الشر.
وأخرج قصة الدجال منه البخاري (3450)، ومسلم (2934) من طريق ربعي بن حراش، ومسلم (2934)، وابن ماجه (4071) من طريق أبي وائل شقيق، كلاهما عن حذيفة. لفظ ربعي عند البخاري:"إن مع الدجال إذا خرج ماء وناراً، فأما الذي يرى الناس أنها النار فماء بارد، وأما الذي يرى الناسُ أنه ماء بارد فنار تحرق، فمن أدرك ذلك منكم فليقع في الذي يرى أنها نار، فإنه عذب بارد". ولفظ أبي وائل: "الدجال أعور العين اليسرى، جُفَالُ الشعر، معه جنة ونار، فناره جنة، وجنته نار". وقوله: جفال الشعر، أي: كثيره.
وستأتي قصة الدجال من طريق ربعي بن حراش عند المصنف برقم (4315).
وانظر تمام تخريجه في "مسند أحمد"(23282).
وانظر الأحاديث الثلاثة الآتية بعده.
قال الخطابي: وروى أبو داود في غير هذه الرواية أنه قال: "هدنة على دخَن، وجماعة على أقذاء".
الصدع من الرجال -مفتوحة الدال-: هو الشابّ المعتدل القناة، ومن الوعول الفتى. وقوله:"والجذل، أصل الشجرة إذا قطع أغصانها، ومنه قول القائل من الأنصار: "أنا جُذَيلها المُحكَّك".
(1)
حديث صحيح دون ذكر السيف، وهذا إسناد حسن كسابقه. =
4246 -
حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمةَ، حدَّثنا سليمانُ بن المُغيرة، عن حُميدٍ
عن نصرِ بنِ عاصم الليثيِّ قال: أتينا اليشْكُرِي في رهْطٍ مِن بني ليْثٍ، فقال: مَنِ القومُ؟ فقلنا: بنو ليث. فقُلنا: أتيناكَ نسالُك، عن حديثِ حُذَيفة، قال: أقبلْنا مع أبي موسى قافلين، وغَلَت الدوابُّ بالكوفة قال: فسألت أبا موسى أنا وصاحب لي، فأذِن لنا، فقدمنا الكوفةَ، فقلت لصاحبي: أنا داخل المسجدَ، فإذا قامتِ السوقُ خرجتُ إليك، قال: فدخلتُ المسجدَ، فإذا فيه حَلْقةٌ كأنما قُطِعت رؤوسهم لِستمعون إلى حديث رجلٍ، قال: فقمتُ عليهم، فجاء رجل فقام إلى جنبي، فقلتُ: من هذا؟ قال: أبصريٌّ أنت؟ قلتُ: نعم، قال: قد عرفتُ، لو كنت كوفياً لم تسألْ عن هذا، قال: فدنوت منه، فسمعتُ حذيفة يقول: كان الناسُ يسألون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، وعرفتُ أن الخير لن يسبقني.
= وهو في"مصنف عبد الرزاق"(20711)، ومن طريقه أخرجه أحمد (23429)، والبغوي في "شرح السنة"(4219).
وانظر ما قبله، وانظر تالييه أيضاً.
وقد زاد في حديث معمر زيادة بعد ذكر الدجال وهي: "ثم يُنتجَ المُهرُ فلا يُركب حتى تقوم الساعة"، وهذه الزيادة أيضاً مروية من طريق صخر بن بدر الآتي عند المصنف برقم (4247)، وهي زيادة لا تصح، لأنها مخالفة لحديث أبي هريرة الآتي عند المصنف برقم (4324) وهو حديث صحيح، ومخالف كذلك لحديث عائشة عند أحمد (24467) وهو حديث حسن. ولأن صخراً مجهول.
قال الخطابي: قوله: "هدنة على دخَن" معناه: صلح على بقايا من الضغن، وذلك أن الدخان أثر من النار دالٌّ على بقية منها. وقوله:"جماعة على أقذاء" يؤكد ذلك.
وقوله: "بقية على أقذاء": قال السندي: أي يبقى الناسُ بقية على فساد قلوبهم، فشبّه ذلك الفساد بالأقذاء، جمع قذى، وهو ما يقع في العين والشراب من غبار ووسخ.
قال: قلتُ: يا رسولَ الله، بعدَ هذا الخيرِ شرٌّ؟ قال:"يا حذيفة، تعلَّم كتابَ الله، واتَّبعْ ما فيه" ثلاثَ مرارٍ، قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، بعد هذا الخير شرٌّ؟ فقال:"يا حذيفةُ، تعلَّم كتابَ اللهِ، واتبع ما فيه" قلتُ: يا رسولَ الله، بعدَ هذا الخير شرٌّ؟ قال:"فِتنةٌ وشرٌّ"، قلتُ: يا رسول الله، بعد هذا الشرِّ خيرٌ؟ قال:"يا حذيفةُ، تعلَّم كتابَ اللهِ، واتَّبعْ ما فيه" ثلاث مِرارٍ، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، بَعْدَ هذا الشَّرِّ خَيْرٌ؟ قال:"هُدْنة على دَخَنٍ، وجماعةٌ على أقذاء، فيها -أو فيهم-" قلتُ: يا رسولَ الله، الهدنةُ على الدَّخَنِ ما هِيَ؟ قال:"لا ترجِعُ قلوبُ أقوامٍ على الذي كانت عليه" قال: قلتُ: يا رسولَ الله، بعدَ هذا الخيرِ شرٌّ؟ قال:"يا حذيفةُ، تعلَّم كتابَ اللهِ، واتّبعْ ما فيه" ثلاث مِرارٍ، قال: قلت: يا رسولَ الله، بعد هذا الخير شرٌّ؟ قال:"فِتنةٌ عمياءُ صمَّاءُ، عليها دُعاةٌ على أبوابِ النارِ، فإن مِتَّ يا حُذيفةُ وأنتَ عاضٌّ على جِذْلٍ، خيرٌ لكَ مِن أن تتبعَ أحداً منهم"
(1)
.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد حسن سابقيه. واليشكري: هو سُبيع الذي سبق ذكره في الإسنادين السابقين، وقد اختلف في اسمه.
وأخرجه الطيالسي (442)، وابن أبي شيبة 15/ 9 و 17، وأحمد (23282)، والنسائي في "الكبرى"(7978)، وابن حبان (5963)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 271 - 272 من طريق سليمان بن المغيرة، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(7343) من طريق أبي عامر صالح بن رستم، عن حميد بن هلال، عن نصر بن عاصم، عن عبد الرحمن بن قرط، عن حذيفة. وقد خالف أبو عامر صالحُ بنُ رستم في إسناده سليمانَ بنَ المغيرة الثقة، كما خالف رواية قتادة عن نصر بن عاصم في الطريقين السابقين، وأبو عامر لينه بعضهم، ثم إنه رواه مرة أخرى فأسقط من إسناده نصر بن عاصم، فلم يضبط الإسناد. =
4247 -
حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الوارث، حدَّثنا أبو التَّيَّاح، عن صخْر ابنِ بدرٍ العِجْليِّ، عن سُبَيع بنِ خالد، بهذا الحديثِ
عن حذيفةَ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فإن لم تَجِدْ يومئذٍ خليفةً فاهْرُبْ حتى تموتَ، فإن تَمُتْ وأنتَ عاضٌّ" وقال في آخره قال: قلتُ: فما يكون بعد ذلك؟ قال: "لو أن رجلاً نَتَجَ فرسَاً لم تُنتَجْ حتى تقوم الساعة"
(1)
.
= فقد أخرجه النسائي في "الكبرى"(7979)، والحاكم 4/ 432 من طريق أبي عامر صالح بن رستم هذا، عن حميد بن هلال، عن عبد الرحمن بن قرط، عن حذيفة.
وعبد الرحمن بن قرط مجهول.
وقد رُوي معظم الحديث من طرق أخرى صحيحة كما بيناه عند الحديث السالف برقم (4244).
وأخرج منه أمره حذيفةَ بتعلم القرآن واتباع ما فيه، ابن حبان (117)، والبيهقي في "الشعب"(1941) من طريق عبد الله بن الصامت، والبزار في "مسنده"(2799) من طريق أبي الطُّفيل، كلاهما عن حذيفة. والطريق الأول إسناده صحيح والثاني حسن.
وأخرجه دون قصة أمره صلى الله عليه وسلم حذيفةَ بتعلم القرآن: البزار (2811)، والطبراني في "الأوسط"(3531) من طريق زيد بن وهب، عن حذيفة. وإسناده حسن.
(1)
حديث صحيح دون ذكر السيف الذي في الرواية السالفة (4244) ودون قوله: "لو أن رجلاً نَتج فرساً لم تنتج حتى تقوم الساعة" وهذا إسناد ضعيف لجهالة صخر بن بدر العجلي. وقد روي الحديث دون هذين الحرفين بأسانيد أخرى صحيحة سلفت الإشارة إليها عند الحديثين (4244) و (4246). وللكلام على قوله: "لو أن رجلاً نتج
…
" انظر الحديث السالف برقم (4245).أبو التياح: هو يزيد بن حميد الضبعي، وعبد الوارث: هو ابن سدِد العنبري.
وأخرجه الطيالسي (443)، وابن أبي شيبة 15/ 8، وأحمد (23425) و (23427) و (23428) من طريق صخر بن بدر، به.
وقوله: "لو أن رجلاً نتج فرساً" أي: لو أنه سعى في تحصيل ولد فرسِه لكان قيام الساعة أقرب زمناً ووقوعاً من حمل الفرس وولادتها.
4248 -
حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عيسى بنُ يونسَ، حدَّثنا الاعمشُ، عن زيدِ ابنِ وهبٍ، عن عبدِ الرحمن بنِ عبدِ ربَّ الكعبةِ
عن عبدِ الله بن عمرو، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"من بايَعَ إماماً فأعطاهُ صَفقَة يدِهِ وثمرةَ قَلْبِه، فليطِعْهُ ما استطاعَ، فإن جاء آخرُ يُنازِعهُ فاضرِبوا رقبةَ الآخرِ". قلتُ، أنتَ سمعتَ هذا مِنْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: سمِعَتْه أُذُناي، ووسماه قلبي، قلت: هذا ابنُ عمك معاويةُ يأمرُنا أن نفعَلَ ونفعَلَ، قال: أطِعْهُ في طاعَةِ الله، واعْصِهِ في معصيةِ اللهِ
(1)
.
4249 -
حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فارسٍ، حدَّثنا عُبيد الله بنُ موسى عن شيبانَ، عن الاعمشِ، عن أبي صالح
(1)
إسناده صحيح. الأعمش: هو سليمان بن مِهران، وعيسى بن يونس: هو ابن أبي إسحاق السَّبيعي، ومُسدَّد: هو ابن مُسرهَد.
وأخرجه مسلم (1844)، وابن ماجه (3956)، والنسائي في "الكبرى"(7766) و (8676) من طريق سليمان الأعمش، بهذا الإسناد.
وهو في "مسند أحمد"(6501)، و"صحيح ابن حبان"(5961).
ويشهد للمرفوع منه حديث أبي سعيد الخدري عند مسلم (1853) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما".
قال النووي في "شرح مسلم": المقصود بهذا الكلام أن هذا القائل لما سمع كلام عبد الله بن عمرو بن العاص وذكر الحديث في تحريم منازعة الخليفة الأول، وأن الثاني يقتل، فاعتقد هذا القائل هذا الوصف في معاوية لمنازعته علياً رضي الله عنه، وكانت قد سبقت بيعةُ علي، فرأى هذا أن نفقة معاوية على أجناده وأتباعه في حرب علي ومنازعته ومقاتلته إياه من أكل المال بالباطل، ومن قتل النفس؛ لأنه قتال بغير حق فلا يستحق أحد مالاً في مقاتلته.
ثم قال: قوله: "أطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله" هذا فيه دليل لوجوب طاعة المتولِّين للإمامة بالقهر من غير إجماع ولا عهد.
عن أبي هريرة، عن النبيَّ صلى الله عليه وسلم-صلى الله عليه وسلم قال:"ويْل لِلعَربِ مِن شرٍّ قد اقتربَ، أفلحَ من كفَّ يَدَهُ"
(1)
.
(1)
إسناده صحيح. أبو صالح: هو ذكوان السمّان، والأعمش: هو سليمان بن مِهران، وشيبان: هو ابن عبد الرحمن النحوي.
وأخرجه أحمد (9691) من طريق محمَّد بن عُبيد، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(2299) والبيهقي في "شعب الإيمان"(5330) من طريق شيبان بن عبد الرحمن النحوي، وابن بشران في "أماليه"(353) من طريق عمر بن عبيد، ونعيم بن حماد في "الفتن"(344) عن حفص بن غياث، وأبو نعيم في "الحية" 8/ 265 من طريق سفيان الثوري، كلهم عن الأعمش، به. زاد الطحاوي والبيهقي في روايتيهما:"تقربوا يا بني فروخ إلى الذكر، فإن العرب قد أعرضت والله، والله إن منكم رجالاً لو كان العلم بالثريا لنالوه" وزاد عمر بن عبيد: اللهم لا تدركني إمارة الصبيان.
وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 55 عن أبي معاوية، عن الأعمش، به موقوفاً.
وأخرجه الحاكم 4/ 439 - 440، وأبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"(53) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رفعه:"ويل للعرب من شر قد اقترب، موتوا إن استطعتم" وإسناده حسن.
وأخرجه ابن حبان في "صحيحه"(6705)، ونعيم بن حماد في "الفتن"(467) من طريق عبد العزيز بن محمَّد الدراوردي، عن ثور بن زيد، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة، رفعه "ويل للعرب من شر قد اقترب، من فتنة عمياء صماء بكماء، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، ويل للساعي فيها من الله". وإسناده صحيح.
وأخرجه أحمد (9073)، وجعفر الفريابي في "صفة المنافق"(100) وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 70/ 35 من طريق أبي يونس سليم بن جبير، عن أبي هريرة رفعه:"ويل للعرب من شر قد اقترب، فتن كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً ويمسي مؤمنا ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا، المتمسك منهم يومئذ على دينه كالقابض على خبط الشوك أو جمر الغضى"، وفي إسناده عبد الله بن لهيعة، =
4250 -
قال أبو داود: حُدِّثت، عن ابنِ وهب، قال: حدَّثنا جريرُ بنُ حازم، عن عُبيد الله بنِ عمر، عن نافعٍ
= لكن الراوي عنه عند الفريابي قتيبة، وهو ممن حسَّن أهل العلم روايته عن ابن لهيعة.
ويشهد لقوله آخر الحديث: "المتمسك منهم يومئذ على دينه
…
" حديث أنس عند الترمذي (2412)، وحديث أبي ثعلبة الخشني الآتي عند المصنف برقم (4341).
وأخرجه أحمد (10926) و (10984)، والبزار (3331 - كشف الأستار)، وأبو يعلى (6645) من طريق عاصم بن بهدلة، عن زياد بن قيس، عن أبي هريرة رفعه:"ويل للعرب من شر قد اقترب، ينقص العلم، ويكثر الهرج" قلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما الهرج؟ قال:"القتل". وزياد بن قيس مجهول، لكن تابعه على الشطر الأول من الحديث من سبق ذكرهم، وأما الشطر الثاني: فتابعه عليه غير واحد كما سيأتي عند الحديث (4255).
وأخرجه الحاكم 4/ 180 من طريق عاصم بن محمَّد بن زيد، عن أبيه، عن أبي هريرة رفعه:"ويل للعرب من شر قد اقترب" ورجاله ثقات، لكن أعله الذهبي بالانقطاع.
وأخرجه عبد الرزاق (20777)، ومن طريق نعيم بن حماد (1981)، والحاكم 4/ 483 عن معمر، عن إسماعيل بن أمية، عن رجل -قال معمر: أراه سعيداً. قلنا: يعني المقبري- عن أبي هريرة موقوفاً عليه من قوله. وقد روي مرفوعاً من هذا الطريق لكن قال الدارقطني في "العلل" 10/ 371، الموقوف أشبه بالصواب. قلنا: يعني من طريق المقبري ولفظه: ويل للعرب من ثر قد اقترب على رأس ستين، تفسير الأمانة غنيمة، والصدقة غرامة، والشهادة بالمعرفة، والحكم بالهوى.
وأخرجه موقوفاً كذلك ابن أبي شيبة 15/ 49 - 50 من طريق سماك، عن أبي الربيع المدني، عن أبي هريرة. ولفظه: ويل للعرب من شر قد اقترب، إمارة الصبيان، إن أطاعوهم أدخلوهم النار، وإن عصوهم ضربوا أعناقهم.
وأخرجه موقوفاً كذلك ابن أبي شيبة 15/ 186 - 187 من طريق ابن عَون، عن عمير بن إسحاق، عن أبي هريرة، بنحو لفظ أبي الغيْث عن أبي هريرة المرفوع.
عن ابنِ عمر، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يُوشِكُ المسلِمُونَ أن يُحاصَروا إلى المدينَةِ حتى يكون أبعدَ مسالحهم سَلَاحٌ"
(1)
.
4251 -
حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، عن عنبسةَ، عن يونسَ، عن الزهريِّ، قال: وسَلَاحٌ؟: قريبٌ من خيبر.
4252 -
حدَّثنا سليمانُ بنُ حربٍ ومحمد بنُ عيسى، قالا: حدَّثنا حمادُ بنُ زيد، عن أيوبَ، عن أبي قلابة، عنَ أبي أسماء
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد فيه راوٍ لم يُسَمَّ، وقد توبع. ابن وهب: هو عبد الله.
وأخرجه ابن حبان (6771)، والطبراني في "الأوسط"(6432)، وفي "الصغير"(873)، والحاكم 4/ 511، وتمام في "فوائده"(1733) من طرق عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(6743)، وفي "الصغير"(644) من طريق هشام بن عمار، عن سعيد بن يحيى اللحْمي، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن قبيصة بن ذؤيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة. وهشام بن عمار متكلم فيه وقد خولف في إسناد هذا الحديث:
فقد أخرجه الحاكم 4/ 511 من طريق ابن وهب، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن سالم، عن أبي هريرة موقوفاً: يوشك أن يكون أقصى مسالح المسلمين سلاح، وسلاح قريب من خيبر. وإسناده صحيح.
وسيتكرر برقم (4299).
قوله: "مسالح"، قال في "النهاية": المَسْلَحة: القوم الذين يحفظون الثغور من العدو، وسُمُّوا مَسْلحة لأنهم يكونون ذوي سلاح، أو لأنهم يسكنون المسْلَحة، وهي كالثغر والمرقب يكون فيه أقوام يرقبون العدو لئلا يَطرقهم على غفلة، فإذا رأوه أعلموا أصحابهم ليتأهبوا له، وجمع المسلح مسالح.
تنبيه: هذا الحديث والأثر الذي بعده جاءا في (أ) و (ج) آخر الباب بعد الحديث (4255)، ولم يرد في (ب) و (هـ)، ونحن تركناه هنا إبقاءً على ترتيب المطبوع. وعلى أي حالي فسيتكرران برقم (4299) و (4300).
عن ثوبانَ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله زوى ليَ الأرض -أو قال: إنَّ ربِّي زوى ليَ الأرضَ- فرأيتُ مَشَارِقَها ومَغَارِبَها، وإن مُلْكَ أُمتي سيبلُغُ ما زُوِيَ لي منها، وأُعطِيتُ الكنزَين الأحمر والأبيض، وإني سألتُ ربي لأمتي أن لا يُهْلِكَها بسَنَةٍ بعافَّة، ولا يُسلِّطَ عليهم عدواً مِن سوى أنفسِهم فيستبيحَ بيضتَهم، وإن ربي قالَ: يا محمدُ، إني إذا قضيتُ قضاءً فإنه لا يُرَدُ، ولا أُهلِكُهم بسنةٍ بعامةٍ، ولا أسلِّطُ عليهم عَدُواً مِن سوى أنفسِهم فيستبيحَ بَيْضَتَهم، ولو اجتمَعَ عليهم مَنْ بين أقطارها -أو قال: بأقطارِها- حتى يكونَ بعضُهم يُهْلِكُ بعضاً، وحتى يكون بعضهم يسبي بعضاً، وإنما أخافُ على أُمَّتي الأئمةَ المُضِلَّينَ، فإذا وُضِعَ السيفُ في أُمتي لم يُرفعْ عنها إلى يومِ القيامةِ، ولا تقومُ السَّاعةُ حتى تَلْحَقَ قبائلُ مِن أُمتي بالمشركينَ، وحتى تَعبُدَ قبائلُ مِن أُمَّتي الأوثانَ، وإنه سيكونُ في أُمَّتي كذَّابون ثلاثونَ، كلُّهُمْ يزعُم أنه نبيّ، وأنا خَاتَمُ النبيين لا نَبيَّ بعدي، ولا تزالُ طائفةٌ مِنْ أمَّتي على الحق -قال ابنُ عيسى- ظاهرينَ -ثم اتفقا- لا يَضُرُّهم مَنْ خالفهُمْ حتى يأتيَ أمرُ اللهِ"
(1)
.
(1)
إسناده صحيح. أبو أسماء: هو عمرو بن مرثد الرَّحَبي، وأبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجَرمي، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني.
وأخرجه مسلم (2889)، والترمذي (2317) و (2379) من طريق أيوب السختياني، ومسلم (2889)، وابن ماجه (10) و (3952) من طريق قتادة بن دعامة، كلاهما عن أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي، به. ولم يخرج أحدٌ منهم الحديث بتمامه كما هو عند المصنف.
وهو في "مسند أحمد"(22394) بتمامه، و"صحيح ابن حبان"(6714) و (7238). =
4253 -
حدَّثنا محمدُ بنُ عوفِ الطائيُّ، حدَّثنا محمدُ بنُ -إسماعيلَ، حدَّثني
أبي- قال ابنُ عوف: وقرأتُ في أصل إسماعيلَ، قال: - حدَّثني ضمضم، عن
شُريحٍ
عن أبي مالك -يعني الأشعريَّ- قالَ: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله أجَارَكُم مِنْ ثلاثِ خلالٍ: أن لا يَدْعُوَ عليكم نبيُّكم فتهلِكُوا جميعاً، وأن لا يَظهَرَ أهلُ الباطِلِ على أهْلِ الحق، وأن لا تجتمِعُوا على ضَلالَةٍ"
(1)
.
= قال الخطابي: قوله: "زوى لي الأرض" معناه: قبضها وجمعها، ويقال: انزوى الشيء إذا انقبض وتجمع.
وقوله: "ما زوي لي منها" يتوهم بعض الناس أن حرف "مِن" ها هنا معناه التبعيض، فيقول: كيف اشترط في الكلام الاستيعاب، ورد آخره إلى التبعيض. وليس ذلك على ما يقدِّرونه، وإنما معناه التفصيل للجملة المتقدمة. والتفصيل لا يناقض الجملة، ولا يبطل شيئاً منها، لكنه يأتي عليها شيئاً شيئاً، ويستوفيها جزءاً جزءاً، والمعنى أن الأرض زُويت جملتها له مرة واحدة، فرآها، ثم يُفتح له جزء جزء منها، حتى يأتي عليها كلها، فيكون هذا معنى التبعيض فيها.
والكنزان: هما الذهب والفضه.
وقوله: "لا يهلكها بسنة بعامة" فإن السنة القحط والجدْب، وإنما جرت الدعوة بأن لا تعمهم السنة كافة، فيهلكوا عن آخرهم، فأما أن يُجدِب قوم ويُخصِب آخرون فإنه خارج عما جرت به الدعوة، وقد رأينا الجدب في كثير من البلدان، وكان عام الرمادة في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ووقع الغلاء بالبصرة أيام زياد، ووقع ببغداد في عصرنا الغلاء، فهلك خلق كثير من الجوع، إلا أن ذلك لم يكن على سبيل العموم والاستيعاب لكافة الأمة، فلم يكن في شي منها خُلْف للخبر.
قلنا: وقوله: "يستبيح بيضتهم" قال في النهاية! أي: مجتمعهم وموضع سلطانهم ومُستقر دعوتهم.
(1)
إسناده ضعيف، محمَّد بن إسماعيل -وهو ابن عياش- قال المصنف فيما سأله عنه الآجري: لم يكن بذاك، قد رأيته، ودخلت حمص غير مرة وهو حي، =
4254 -
حدَّثنا محمدُ بنُ سُليمانَ الأنباريُ، حدَّثنا عبدُ الرحمن، عن سفيانَ، عن منصورٍ، عن ربعيِّ بنِ حِرَاشٍ، عن البراءِ بن ناجيةَ
عن عبدِ الله بنِ مسعود، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: "تَدُورُ رحَى الإِسلامِ لخمسٍ وثلاثين، أو سِتٍّ وثلاثينَ، أو سبْعٍ وثلاثين، فإن يهلِكُوا فسبيلُ
= وسألت عمرو بن عثمان عنه فدفعه. وقال الحافظ في "تهذيب التهذيب": وقد أخرج أبو داود عن محمَّد بن عوف، عنه، عن أبيه عدة أحاديث، لكن يروونها بأن محمَّد بن عوف رآها في أصل إسماعيل. قلنا: ثم إنه اختُلف فيه عن إسماعيل بن عياش، فرواه يحيى بن يحيى النيسابوري الثقة الحافظ وغيره عنه، عن يحيى بن عُبيد الله بن عَبد الله ابن مَوْهَب، عن أبيه، عن أبي هريرة، ويحيى بن عُبيد الله متروك. وقال أبو حاتم الرازي عن رواية شريح -وهو ابن عُبيد الحضرمي-: حديثه عن أبي مالك الأشعري مرسل. ولهذا قال الحافظ في "التلخيص" 3/ 141: في إسناده انقطاع.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة"(92) عن محمَّد بن عوف، بهذا الإسناد. إلا أنه قال في روايته:"لا يجوعوا" بدل: "أن لا يدعو عليكم نبيكم فتهلكوا".
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(3440)، وفي "مسند الشاميين"(1663) عن هاشم ابن مرثد الطبراني، عن محمَّد بن إسماعيل بن عياش، به، وعنده زيادة في متن الحديث.
وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده"(421) عن يحيى بن يحيى النيسابوري، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده"(59 - زوائد الهيثمي) عن إسماعيل بن أبي إسماعيل المؤدب، وأبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن"(367) من طريق علي بن معبد، ثلاثتهم عن إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن عُبيد الله بن عَبد الله بن مُوهَب، عن أبيه عن أبي هريرة.
وأخرجه مختصراً ابنُ أبي عاصم في "السُّنَّة"(82) من طريق سعيد بن زُربي، عن الحسن البصري، عن أبي مالك كعب بن عاصم الأشعري، سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"إن الله قد أجار أمتي من أن تجتمع على ضلالة" وسعيد بن زُربي منكر الحديث، والحسن لم يصرح بسماعه.
قلنا: لكن لهذا القطعة شواهد كثيرة تصح بها، ذكرناها في "جامع الترمذي"(2305) بتحقيقنا، وانظر شواهدها أيضاً في "مسند أحمد"(21293).
من هلَكَ، وإن يَقُم لهم دينُهم يَقُم لهم سبعينَ عاماً" قال: قلتُ: أَمِمَّا تقِيَ أو مِمَّا مضَى؟ قال: "مِمَّا مضى"
(1)
.
(1)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة البراء بن ناجية، وقال البخاري في "تاريخه الكبير" 2/ 118: لم يذكر سماعا من ابن مسعود. ولكنه متابع. منصور:
هو ابن المعتمر، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، وعبد الرحمن: هو ابن مَهدي.
وأخرجه الطيالسي (383)، ونعيم بن حماد في "الفتن"(1963) و (1965)، وأحمد في "مسنده"(3730) و (3731) و (3758)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 3/ 355، وإبراهيم بن الحسين بن ديزيل في "سيرة علي" كما في "البداية والنهاية" لابن كثير 7/ 286، وأبو يعلى (5281)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(1609) و (1611) و (1613)، وابن الأعرابي في "معجمه"، (835) و (836) و (1469)، والخطابي في "غريب الحديث" 1/ 549، والحاكم 3/ 101 و 114، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 393، والبغوي (4225)، من طريق منصور بن المعتمر، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد (3707)، وأبو يعلى (5009) و (5298)، والبزار (1996) و (1997)، والطحاوي (1610)، وابن الأعرابي في معجمه (1470)، وابن حبان (6664)، والطبراني في "الكبير"، (10356)، والخطابي في "غريب الحديث" 1/ 549 من طريق القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، عن جده.
وإسناده صحيح، وقد ثبَّت غير واحد من أهل العلم سماع عبد الرحمن من أبيه.
وأخرجه البزار (1942)، وبإثر الحديث (1997)، وابن ديزيل كما في "البداية والنهاية" 7/ 286، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(1612)، والطبراني (10311)
من طريق شريك النخعي، عن مجالد بن سعيد، عن عامر الشعبي، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود.
وأخرجه موقوفاً الطبراني في "الكبير"، (9159) من طريق أبي الأحوص، عن عبد الله ابن مسعود. وإسناده صحيح. وقال الطبراني بإثره: هكذا رواه الأحوص موقوفاً، ورفعه مسروق وعبد الرحمن بن عبد الله والبراء بن ناجية. =
قال أبو داود: من قال خِراش، فقد أخطأ
(1)
.
4255 -
حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا عَنبَسَةُ، حدَّثني يونسُ، عن ابنِ شهابٍ، حدَّثني حُميدُ بن عبدِ الرحمن
أن أبا هريرة قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يتقَارَبُ الزَّمانُ ويَنْقُصُ العِلْمُ، وتَظْهَرُ الفِتَنُ، ويُلقى الشُّحُّ، ويكثرُ الهَرْجُ" قيلَ: يا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ِ، أيْمَ هو
(2)
؟ قال: "القَتلُ القَتلُ"
(3)
.
قال الخطابي: قوله: "تدور رحى الإسلام" دوران الرحى كناية عن الحرب والقتال، شبهها بالرحى الدوارة التي تطحن الحب لما يكون فيه من تلف الأرواح وهلاك الأنفس.
(1)
مقالة أبي داود هذه أثبتناها من هامش (هـ)، وأشار إلى أنها في رواية الرملي.
(2)
بفتح الهمزة وتخفيف الياء والميم بغير ألف بعد الميم، في (ج)، وهي رواية ابن الأعرابي كما أشار إليها في هامش (هـ) وعليها شرح الخطابي، فقال: وقوله: أيْم هو، يريد: ما هو، وأصله: أيُّما هو، فخفف الياء، وحذف الألف، كما قيل: أيش ترى؟ في: أي شيء ترى. قلنا: ورواية البخاري: أيّما هو، قال الحافظ في "الفتح" 13/ 14: بفتح الهمزة وتشديد الياء الأخيرة بعدها ميم خفيفة، وأصله: أيّ شيء هو، ووقعت للأكثر بغير ألف بعد الميم، وضبطه بعضهم بتخفيف الياء، كما قالوا: أيش، في موضع أيّ شيء، وفي رواية الأسماعيلي: وما هو؟، وفي رواية أبي بكر ابن أبي شيبة، قالوا: يا رسول الل، وما الهرج. وهذه رواية أكثر أصحاب الزهري.
وفي رواية ابن العبد: أيش هو؟ أشار إليها الحافظ في نسخته للسنن وهي التي ذكرها في "الفتح" ونسبها لأبي داود. وفي (أ) و (ب) و (هـ): أيه هو، ولم نجد أحداً نبه على هذه الرواية أو ضبطها، وهي بمعنى ما سلف.
(3)
حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف من أجل عنبسة -وهو ابن خالد بن يزيد الأموي- وقد توبع. يونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن شهاب: هو محمَّد بن مسلم الزهري.
وأخرجه البخاري (6037)، ومسلم بإثر الحديث (2672) من طريقين عن ابن شهاب الزهري، به. =