الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
26 - باب في رجم اليهوديَّين
4446 -
حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ، قال: قرأت على مالكِ بنِ أنس، عن نافع
عن ابنِ عمر، أنه قال: إن اليهود جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكروا له أن رجلاً منهم وامرأةً زَنَيا، فقال لهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"ما تَجِدونَ في التَّوراةِ في شأنِ الزِّنى؟ " فقالوا: نَفضَحُهم ويُجلَدُون، فقال عبد الله ابن سَلَام: كذبتُم إن فيها الرجمَ، فأَتَوا بالتوراةِ فنشَرُوها، فجعل أحدُهم يدَه على آيةِ الرجْم، ثم جعلَ يقرأ ما قبلَها وما بعدَها، فقال له عبدُ الله بن سَلَام: ارفعْ يدَكَ، فرفَعها، فإذا فيها آيةُ الرجمِ، فقالوا:
= وفيه أنه لم ينكر عليه قوله: فسألتُ أهلَ العلم، ولم يعِبِ الفتوى عليهم في زمانه وهو مقيم بين ظهرانيهم.
وفيه إثبات النفي على الزاني والتغريب له سنة، وهو قول عامة العلماء من السلف، وأكثر الخلف، وإنما لم ير التغريب منهم أبو حنيفة ومحمد بن الحسن.
وفيه أنه لم يجمع على المحصن الرجم والجلد.
وفيه أنه لما جاء رسولَ الله صلى الله عليه وسلم مُستفتياً عن ابنه مخبراً عنه أنه زنى بامرأته لم يجعله قاذفاً لها.
وفيه أنه لم يوقع الفرقة بالزنى بينها وبين زوجها.
وفيه أنه لم يشترط عليها في الاعتراف بالزنى التكرار، وإنما علَّق الحكمَ بوجود الاعتراف حسب.
وفيه دليل على جواز الوكالة في إقامة الحدود، وقد اختلف العلماء فيها.
وفيه دليل على أنه لا يجب على الإِمام حضور المرجوم بنفسه.
وفيه إثبات الإجارة والحديث فيها قليل. وقد أبطلها قوم لأنها -زعموا- ليست بعين مرئية ولا صفة معلومة.
وفي الحديث دليل على قبرل خبر الواحد.
وقوله في الحديث: والعسيف: الأجير. قال الحافظ: وهذا التفسير مدرج، وكأنه من قول الزهري، لما عرف من عادته أنه كان يدخل كثيراً من التفسير في أثناء الحديث.
صَدَق يا محمَّد، فيها آيةُ الرجمِ، فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرُجِما، قال عبدُ اللهِ بنُ عُمر: فرأيتُ الرجلَ يحْنِي
(1)
على المرأة يَقيها الحِجَارة
(2)
.
(1)
كذا جاء في (ب): يحني، بالحاء المهملة وكسر النون وهو الموافق لـ"موطأ مالك" برواية: أبى مصعب الزهري (1755) ورواية الليثي 2/ 819، وكذلك جاء في رواية البخاري (3635) من طريق أبي ذر، عن الحموي والمستملي كما أشار إليه القسطلاني 6/ 74، وذكر الخطابي أنه المحفوظ في رواية السنن. وفي (أ) و (هـ) رُسِمَتْ: يجنى، وكذلك هي عند الخطابي في رواية ابن داسه، وفي (ج): يَجنأ، وهو الموافق لرواية البخاري (3635) من غير طريق أبي ذر عن الحمُّويِّ والمستملي، كما في "إرشاد الساري" 6/ 74.
(2)
إسناده صحيح.
وهو في "الموطأ" 2/ 819.
وأخرجه البخاري (1329) و (3635)، ومسلم (1699)، وابن ماجه (2556)، والترمذي (1501)، والنسائي في "الكبرى"(7175 - 7178) و (7294) و (11002) من طرق عن نافع، به. وروايات بعضهم مخصرة.
وأخرجه النسائي في "الكبرى"(7179) من طريق يحيى بن وثاب، عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم يهودياً ويهودية.
وهو في "مسند أحمد"(4498)، و"صحيح ابن حبان"(4431) و (4432)
و (4434) و (4435).
وانظر ما سيأتي برقم (4449).
قال الخطابي: فيه من الفقه ثبوت أنكحة أهل الكتاب، وإن ثبتت أنكحتهم ثبت طلاقهم وظهارهم وإيلاؤهم.
وفيه دليل على أن نكاح أهل الكتاب يوجب التحصين، إذ لا رجم إلا على المحصن. ولو أن مسلماً تزوج يهودية أو نصرانية ودخل بها ثم زنى كان عليه الرجم، وهو قول الزهري، وإليه ذهب الشافعي.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: الكتابيه لا تُحصن المسلم، وتأول بعضهم معنى الحديث على أنه إنما رجمهما بحكم التوراة، ولم يحملهما على أحكام الإسلام وشرائطه. =
4447 -
حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الواحد بن زيادِ، عن الأعمشِ، عن عبد الله ابن مُرةَ
عن البراء بن عازب، قال: مَرُّوا على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بيهودي قد حُمِّمَ وجهُهُ، وهو يُطافُ به، فناشَدَهُم ما حدُّ الزاني في كتابهم؟ قال: فأحالُوه على رجلٍ منهم، فنَشَدَهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ما حَدُّ الزاني في كتابكم؟ فقال: الرجْمُ، ولكن ظَهَر الزنى في أشرافنا، فكرهنا أن يُتْركَ الشريفُ، ويقامَ على مَنْ دونَه، فوضَعْنا هذا عنا، فأمر به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فرُجِمَ، ثم قال:"اللَّهُم إنِّي أوَّلُ من أحيا ما أماتُوا مِنْ كِتابِكَ"
(1)
.
= قلت [القائل الخطابي]: وهذا تأويل غير صحيح؛ لأن الله سبحانه يقول: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة:49]، وإنما جاءه القوم مستفتين طمعاً في أن يرخص لهم في ترك الرجم، ليعطلوا به حكم التوراة، فأشار عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما كتموه من حكم التوراة، ثم حكم عليهم بحكم الإِسلام على شرائطه الواجبة فيه.
وليس يخلو الأمر فيما صنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك أن يكون موافقاً لحكم الإسلام أو مخالفاً له، فإن كان مخالفاً فلا يجوز أن يحكم بالمنسوخ ويترك الناسخ.
وإن كان موافقا له فهو شريعته، والحكم الموافق لشريعته لا يجوز أن يكون مضافاً إلى غيره ولا أن يكون فيه تابعاً لمن سواه.
وفيه دليل على أن المرجوم لا يُشَدُّ ولا يُربط، ولو كان مربوطاً لم يمكنه أن يحنى عليها ويقيها الحجارة.
(1)
إسناده صحيح. الأعمش: هو سليمان بن مِهران.
وأخرجه مسلم (1700) من طريق وكيع بن الجراح، عن الأعمش، به.
وهو في "مسند أحمد"(18525) و (18663).
وانظر ما بعده.
قوله: حُمِّم وجهه، قال في "النهاية": أي: مسوَّد الوجه من الحُممة: الفحمة، وجمعها حُمَم. =
4448 -
حدَّثنا محمدُ بنُ العلاءِ حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمشِ، عن عبدِ الله بن مُرَّة
عن البراء بنِ عازب، قال: مُرَّ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بيهودي مُحمَّمٍ مجلُودٍ، فدعاهم، فقال:"هكذا تجدون حدَّ الزاني؟ " فقالوا: نعم، فدعا رجلاً من علمائهم فقال:"نَشَدتُكَ بالله الذي أنزل التوراةَ على موسى، أهكذا تجِدُون حدَّ الزاني في كِتابِكُم؟ " فقال: اللهُمَّ لا، ولولا أنَّك نَشَدتني بهذا لم أُخبِرْكَ، نجدُ حدَّ الزاني في كتابنا الرجمَ، ولكنَّه كَثُرَ في أشرافِنا، فكُنَّا إذا أخذنا الرجلَ الشريفَ تركناه، وإذا أخذنا الرجلَ الضعيفَ أقمنا عليه الحَدَّ، فقلنا: تعالوا فلنجتمِعْ على شيء نقيمُه على الشريف والوَضيعِ، فاجتمعنا على التَّحميم والجلْدِ، وتركنا الرجمَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اللهمَّ إني أوَّلُ من أحيا أمرَكَ إذ أماتوه" فأمَرَ به فَرُجِمَ، فأنزلَ اللهُ عز وجل:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} إلى قوله: {يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا} إلى قوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} في اليهود، إلى قوله:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} في اليهود، إلى قوله:{لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة:42 - 47]، قال: هي في الكفارِ كلها، يعني هذه الآية
(1)
.
= تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من هامشي (ب) و (هـ)، وأشار في هامش (هـ) إلى أنه في رواية ابن الأعرابي. وقد ذكر المزي هذا الحديث أيضاً في "التحفة"(1771) ونسبه إلى روايتي ابن الأعرابي وابن داسه.
(1)
إسناده صحيح سابقه. =
4449 -
حدَّثنا أحمدُ بنُ سعيدِ الهَمْدانيُّ، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، حدَّثني هشامُ ابنُ سعْد، أن زيدَ بنَ أسلم حدَّثه
عن ابنِ عُمَرَ قال: أتى نَفَرٌ من اليهود، فدعوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم إلى القُفِّ، فأتاهم في بيت المِدْرَاسِ، فقالوا: يا أبا القاسم، إن رجلاً منَّا زنى بامرأة، فاحكم بينهم، فوضَعُوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وسادةً فجلس عليها، ثم قال:"ائتُوني بالتَّوراةِ" فأتي بها، فنزع الوسادة مِن تحته وضع التوراةَ عليها، ثم قال:"آمنتُ بِكِ وبِمَنْ أنزَلَكِ" ثم قال: "ائتُوني بأعلمِكم" فأتي بفتًى شابٍّ، ثم ذكر قصةَ الرجمِ نحو حديث مالك، عن نافع
(1)
.
4450 -
حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، حدَّثنا رجلٌ من مُزَينة. وحدَّثنا أحمد بن صالح، حدَّثنا عنبسةُ، حدَّثنا يونسُ، قال: قال محمدُ بنُ مُسلمِ: سمعتُ رجلاً من مُزينةَ -ممن يَتَّبعُ العلم ويَعِيه، ثم اتفقا:- ونحن عند سعيد بن المسيّب، فحدّثنا
= وأخرجه مسلم (1700)، وابن ماجه (2327) و (2558)، والنسائي في "الكبرى"(7180) و (11079) من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد. ورواية ابن ماجه الأولى مختصرة بتحليف النبي صلى الله عليه وسلم لأحد علماء اليهود.
وهو في "مسند أحمد"(18525).
وانظر ما قبله.
(1)
ضعيف بهذه السياقة، فقد تفرد بها هشام بن سعد، ولا يعتد بما انفرد به، كيف وقد خالفه ابن شهاب الزهري في الصحيحين وغيرهما، فرواه بسياقة أخرى عن نافع عن ابن عمر، وقد سلفت روايته برقم (4446).
وأخرجه ابن عبد البر في "المهيد" 14/ 397 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.
والقُفّ: اسم واد بالمدينة، والمدراس: قال في "النهاية": هو البيت الذي يدرسون فيه، ومفعال غريب في المكان.
وانظر ما سلف برقم (4446).
عن أبي هريرة -وهذا حديث معمر وهو أتمُّ- قال: زنى رجُلٌ من
اليهود وامرأة، فقال بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى هذا النبيِّ، فإنه نبيٌّ
بُعِثَ بالتخفيف، فإن أفتانا بِفُتيا دُونَ الرجمِ قبلناها واحتججنا بها عندَ الله، قلنا: فُتيا نبيٍّ مِن أنبيائِك، قال: فأتوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو جالسٌ في المسجد في أصحابه، فقالوا: يا أبا القاسم، ما ترى في رجلٍ وامرأةٍ منهم زنيا؟ فلم يُكلِّمهم كلمةً حتى أتى بيت مِدْرَاسِهم، فقام على البابِ، فقال:"أنْشُدُكم باللهِ الذي أنْزَلَ التوراةَ على موسى ما تجدونَ في التوراةِ على من زنَى إذا أحصن؟ " قالوا: يُحمَّمُ ويُجبَّهُ ويُجلَدُ، والتجبيهُ: أن يُحملَ الزانيانِ على حِمارٍ، وتُقابلَ أقفيتُهما، ويُطاف بهما، قال: وسكَتَ شابٌّ منهم، فلما رآه النبيَّ صلى الله عليه وسلم سكت ألظَّ به النِّشدَة، فقال: اللهم إذ نشدْتَنَا فإنا نجِدُ في التَّوراةِ الرجمَ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"فما أوَّلُ ما ارتخصتم أمرَ الله؟ " قال: زَنَى ذو قرابةٍ من ملك مِن مُلوكنا، فأُخِّر عنه الرجمُ، ثم زَنَى رجلٌ في أسرةٍ مِن النَّاسِ، فأراد رجمه، فحالَ قومُه دونه، وقالوا: لا يُرجَمُ صاحبُنا حتى تجيءَ بصاحبِك فترجمَه، فاصطلحوا على هذه العقوبةِ بينَهم، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"فإني أحكُمُ بما في التوراة" فأمَرَ بهما فَرُجِما
(1)
.
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد محتمل للتحسين، والرجل المُزَنِي -وإن كان مبهماً- وصفه محمَّد بن مسلم الزهري بأنه ممن يتبع العلم ويَعِيه، وجاء في رواية ابن المبارك عن معمر عن الزهري -وستأتي في التخريج- أن سعيد بن المسيب كان يُوقِّره، وأن أباه كان صحابياً ممن شهد صلح الحديبية. فمثله يُحتمل حديثه إن شاء الله تعالى. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وهو في "مصنف عبد الرزاق"(13330)، وفي "تفسيره" 1/ 189 - 190، ومن طريقه أخرجه الطبري في "تفسيره" 6/ 249، والبيهقي 2/ 444 - 445. ورواية هذا الأخير مختصرة.
وأخرجه الطبري 6/ 233، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 269 - 270 من طريق عبد الله بن المبارك، عن معمر، عن الزهري، قال: كنت جالساً عند سعيد بن المسيب وعند سعيد رجل يُوقره، فإذا هو رجل من مزينة كان أبوه شهد الحديبية وكان من أصحاب أبي هريرة قال
…
ثم ذكر الحديث.
وأخرجه الطبري 6/ 233، وابن عبد البر في "التمهيد" 14/ 398 من طريق عُقيل ابن خالد عن ابن شهاب الزهري، به.
وسيأتي بعده من طريق محمَّد بن إسحاق عن الزهري.
وقد سلف مختصراً برقم (488) و (3624).
ويشهد له حديث ابن عمر السالف برقم (4446)، وحديث البراء السالف أيضاً برقم (4447)، وحديث جابر الآتي برقم (4452).
والتجبيه ورد ذكره في حديث البراء، وفي حديث ابن عمر عند البخاري (6819) قال الخطابي: التحميم: تسويد الوجه بالحميم، والتجبيه مفسَّر في الحديث، ويشبه أن يكون أصله الهمز، وهو يجبأ من التجبئة: وهو الردع والزجر، يقال: جبأته فجبأ، أي: ارتدع، فقلبت الهمزة هاء، والتجبية أيضاً: أن تنكسَ رأسَه، فيحتمل أن يكون المحمول على الحمار إذا فُعل ذلك به نكس رأسُه فسُمي ذلك الفعل تجبية. وقد يحتمل أيضاً أن يكون ذلك من الجَبْه، وهو الاستقبال بالمكروه، وأصل الجَبه إصابة الجبهة، يقال: جبهتُ الرجل إذا أصبتَ جبهته، كما تقول رأستُه أصبتُ رأسه.
وقوله: ألَظّ به النشدة، معناه: القسم، وألح عليه في ذلك. ومنه قوله:"ألِظوا بياذا الجلال والإكرام" أي: سلُوا الله بهذه الكلمة وواظبوا على المسألة بها.
والأسرة: عشيرة الرجل وأهل بيته.
وفي قوله: "فإني أحكم بما في التوراة" حجة لمن قال بقول أبي حنيفة. إلا أن الحديث عن رجل لا يُعرف، وقد يحتمل أن يكون معناه أحكم بما في التوراة احتجاجاً به عليهم، وإنما حكم بما كان في دينه وشريعة فذكره التوراة لا يكون علة للحكم.
قال الزُّهري: فبلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا} [المائدة: 44]، كان النبيَّ صلى الله عليه وسلم منهم.
4451 -
حدَّثنا عبدُ العزيز بنُ يحيى أبو الأصبغ الحرَّانىُّ حدَّثني محمَّد -يعني ابنَ سَلَمة- عن محمَّد بنِ إسحاقَ، عن الزُّهريِّ، قال: سمعتُ رجلاً من مزينة يُحدث سعيدَ بنَ المسيِّب
عن أبي هُريرة، قال: زنَى رجل وامرأةٌ مِن اليهود وقد أَحصَنا حين قَدِمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المدينةَ، وقد كان الرجمُ مكتوباً عليهم في التوراةِ، فتركوه وأخذوا بالتجبِيْهِ، يُضرب مئةً بحبلٍ مَطليٍّ بقارٍ، ويُحمل على حمار وجهُهُ مِمَّا يلي دُبُرَ الحمارِ، فاجتمع أحبارٌ مِن أحبارهم، فبعثوا قوماً آخرِينَ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: سلوهُ عن حَدِّ الزاني، وساقَ الحديث فقال فيه: قال: ولم يكونوا مِنْ أهلِ دينهِ، فيحكمَ بينهم، فخُيِّر في ذلك، قال:{فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} ٌ [المائدة:42]
(1)
.
4452 -
حدَّثنا يحيى بنُ موسى البَلخيُّ، حدَّثنا أبو أسامةَ، قال: مجالدٌ أخبرنا، عن عامرٍ الشَّعبىِّ
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد محتمل لتحسين كسابقه. وقد صرح محمَّد بن إسحاق بسماعه في "سيرة ابن هشام" 2/ 213.
وأخرجه الطبري في "تفسيره" 6/ 232، والبيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 215 و246 - 247 و247، وفي "الدلائل" 6/ 271، وابن عبد البر في "التمهيد" 14/ 400، وابن بشكوال في "غوامض الأسماء المبهمة" 2/ 728 - 729 من طريق محمَّد بن إسحاق، بهذا الإسناد.
وقد سلف مختصراً برقم (3625)، وانظر ما قبله.
عن جابر بنِ عبدِ الله، قال: جاءتِ اليهودُ برجل وامرأةِ منهم زَنَيا، فقال:"ائْتُوني بأعلمِ رَجُلَينِ منكم"، فأتوهُ بابني صُورِيا، قال: فنَشَدَهما كيف تجدانِ أمرَ هذين في التوراةِ؟ قالا: نَجِدُ في التوراة إذا شهد أربعةٌ أنهم رأوا ذكَرَهُ في فرجها مِثلَ المِيلِ في المُكْحُلَةِ رُجِمَا، قال:"فما يمنعُكُما أن ترجمُوهما؟ " قالا: ذهبَ سلطانُنا، فكَرهنا القَتْلَ، فدعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالشُهودِ، فجاؤوا أربعةٌ فَشَهِدُوا أنهم رأوا ذكرهُ في فَرجِها مثلَ المِيلِ في المُكْحُلَةِ، فأمر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم برجْمِهما
(1)
.
(1)
ضعيف بهذه السياقة، فقد تفرد بها مجالد -وهو ابن سعيد- وتفرد أيضاً بوصله، وخالفه غيره كما في الطريقين الآتيين فارسلوه، وهو أشبه، ثم إن الصحيح في قصة اليهوديين اللذين رجمهما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ما رواه ابن عمر فيما سلف برقم (4446) وما رواه البراء السالف حديثه برقم (4447) و (4448). وقد قال الدارقطني بإثر الحديث (4350): تفرد به مجالد عن الشعبي، وليس بالقوي. وكذلك قال ابن عبد اللهادي في القيح 3/ 551.
وأخرجه ابن المبارك في "مسنده"(154)، والحميدي (1294)، وابن ماجه (2328)، والبزار (1558 - كشف الأستار)، وأبو يعلى (2136)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"(4539)، و (4545)، والدارقطني (4350)، والبيهقي 8/ 231، وابن عبد البر في "التمهيد" 14/ 401، وفي "الاستذكار"(35167)، وابن الجوزي في "التحقيق (2055) من طريق مجالد بن سعيد، به. ورواية ابن ماجه مختصرة بتحليف النبي صلى الله عليه وسلم لليهود.
وأخرج ابن ماجه (2374)، والبيهقي 10/ 165، وابن الجوزي في "التحقيق"(2054) من طريق أبي خالد الأحمر، عن مجالد، عن الشعبي، عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة أهل الكتاب بعضهم على بعض. لكن قال البيهقي: هكذا رواه أبو خالد الأحمر عن مجالد، وهو مما أخطأ فيه، وإنما رواه غيره عن مجالد عن الشعبي عن شريح من قوله وحكمه، غير مرفوع. =
4453 -
حدَّثنا وهبُ بنُ بقيةَ، عن هُشيمٍ، عن مُغيرةَ
عن إبراهيمَ والشعبىِّ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه، لم يذكُر: فدعا بالشهودِ فَشَهِدُوا
(1)
.
4454 -
حدَّثنا وهبُ بنُ بقيَّة، عن هشيمٍ، عن ابنِ شُبرمةَ، عن الشعبي، بنحو منه
(2)
.
4455 -
حدَّثنا إبراهيمُ بنُ الحَسن المِصَّيصيُّ، حدَّثنا حجاجُ بن محمَّد، قال ابنُ جُريج: إنه سمع أبا الزبير
سمع جابرَ بنَ عبدِ الله يقولُ: رَجَمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم رجلاً من أسلم ورجلاً مِن اليهودِ وامرأةً
(3)
.
= وقد صحَّ عن جابر مختصراً: أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم رجلاً من اليهود وامرأة زنيا.
وسيأتي عند المُصنف برقم (4455).
وانظر تالييه.
(1)
إسناده ضعيف لإرساله وعنعنة هشيم، ثم إن الصحيح في قصة اليهوديين اللذين رجمهما رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ما رواه ابن عمر والبراء، وقد سلفت روايتاهما عند المصنف بالأرقام (4446) و (4447) و (4448). إبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، ومغيرة: هو ابن مِقسَم الضبّي، وهُشيم: هو ابن بشير الواسطي.
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 93 - 94 عن هشيم بن بشير، عن مغيرة، عن الشعبي وحده أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ما حدُّ ذلك؟ - يعنُون الرجم -، قال:"إذا شهدوا أربعة أنهم رأوه يدخل كما يدخل الميل في المكحلة، فقد وجب الرجم".
وانظر ما بعده، وما قبله.
(2)
إسناده ضعيف لإرساله وعنعنة هشيم -وهو ابن بشير الواسطي-. ابن شُبرمة: هو عبد الله.
وانظر سابقيه.
(3)
إسناده صحيح. وقد صرح كل من ابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز- وأبي الزبير -وهو محمَّد بن مسلم بن تدرُس- بالسماع فانتفت شبهة تدليسهما. =