المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌3).3 -باب الأمام يأمر بالعفو في الدم - سنن أبي داود - ت الأرنؤوط - جـ ٦

[أبو داود]

فهرس الكتاب

- ‌أول كتاب الطب

- ‌1 - باب الرجل يتداوى

- ‌2 - باب في الحِميَةِ

- ‌3 - باب في الأمر بالحِجامة

- ‌4 - باب في موضع الحجامة

- ‌5 - باب، متى تستحب الحجامة

- ‌6 - باب في قطع العرق

- ‌7 - باب في الكَيِّ

- ‌8 - باب في السَّعُوط

- ‌9 - باب في النُّشْرَةِ

- ‌1).10 -باب في شرب الترياق

- ‌11 - باب في الأدوية المكروهة

- ‌12 - باب في تمرِ العجوةِ

- ‌1).13 -باب في العِلاق

- ‌14 - باب في الأمرِ بالكُحل

- ‌1).15 -باب في الاتقاء من العين

- ‌16 - باب في الغَيْل

- ‌17 - باب تعليق التمائم

- ‌18 - باب ما جاء في الرقى

- ‌19 - باب، كيف الرُّقَى

- ‌20 - باب في السُّمْنَةِ

- ‌21 - باب في الكاهن

- ‌22 - باب النظر في النجوم

- ‌23 - باب في الخَط وزجْر الطَّير

- ‌24 - باب في الطِّيَرةِ

- ‌أول كتاب العتاق

- ‌1 - باب في المكاتب يُؤَدِّي بعض كتابته فيعجِز أو يموت

- ‌2 - باب بَيع المكاتب إذا فُسخت المكاتبة

- ‌3 - باب في العَتق على الشرط

- ‌4 - باب من أعتقَ نصيباً في مَملوكٍ له

- ‌5 - باب من أعتقَ نصيباً له من مملوك بينه وبين آخر

- ‌6 - باب من ذكر السِّعاية في هذا الحديث

- ‌7 - باب من روى إن لم يكن له مال لم يُسْتَسعَ

- ‌8 - باب فيمن ملك ذا رَحِمٍ مَخْرَمٍ

- ‌9 - باب في عَتْق أمهات الأولاد

- ‌1).10 -باب في بيع المدبر

- ‌1).11 -باب فيمن أعتق عَبيداً له لم يبلُغْهم الثلُثُ

- ‌1).12 -باب فيمن أعتق عَبْداً وله مالٌ

- ‌1).13 -باب في عتق ولد الزنى

- ‌14 - باب في ثواب العتق

- ‌15 - باب، أي الرقاب أفضل

- ‌16 - باب في فضل العتق في الصحة

- ‌أول كتاب الحروف

- ‌أول كتاب الحمّام

- ‌باب النهي عن التَّعرِّي

- ‌أول كتاب اللّباس

- ‌1 - باب ما جاء في اللباس

- ‌2 - باب فيما يُدْعى لمن لبس ثوباً جديداً

- ‌3 - باب ما جاء في القميص

- ‌4 - باب ما جاء في لبس الأقبية

- ‌5 - باب في لبس الشُّهْرَة

- ‌6 - باب في لبس الشعر والصُّوف

- ‌7 - باب لبس المرتفع من الثياب

- ‌8 - باب لباس الغليظ

- ‌9 - باب ما جاء في الخَزِّ

- ‌1).10 -باب ما جاء في لبس الحرير

- ‌11 - باب من كرِهَه

- ‌1).12 -بابُ الرخصةِ في العَلَم وخيطِ الحرير

- ‌13 - باب في لبس الحرير لعُذْرٍ

- ‌1).14 -باب في الحرير للنساء

- ‌1).15 -باب في لُبس الحِبَرة

- ‌16 - باب في البَياض

- ‌1).17 -باب في غَسْلِ الثوب وفي الخُلْقانِ

- ‌1).18 -باب في المصبوغ بالصُّفْرة

- ‌19 - باب في الخُضْرةِ

- ‌20 - باب في الحُمرة

- ‌21 - باب في الرخصة في ذلك

- ‌22 - باب في السَّوادِ

- ‌2).23 -باب في الهُدْبِ

- ‌24 - باب في العمائم

- ‌25 - باب في لِبْسَةِ الصَّمَّاء

- ‌26 - باب في حَلِّ الأزرار

- ‌27 - باب في التَّقَنُّع

- ‌28 - باب ما جاء في إسبال الإزار

- ‌29 - باب ما جاءَ في الكبر

- ‌30 - باب في قَدْر موضع الإزار

- ‌31 - باب في لِباسِ النساء

- ‌32 - باب في قوله تعالى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} [الأحزاب:59]

- ‌33 - باب في قوله: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31]4102

- ‌34 - باب فيما تُبدي المرأةُ من زِينَتِها

- ‌35 - باب في العبد ينظُر إلى شَعرِ مولاته

- ‌36 - باب في قوله عز وجل: {غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ} [النور:31]4107

- ‌37 - باب في قوله: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور:31]4111

- ‌38 - باب في الاختِمار

- ‌39 - باب في لبس القَبَاطيِّ لِلنِّساءِ

- ‌40 - باب في قَدْر الذَّيل

- ‌41 - باب في أُهُبِ الميتةِ

- ‌42 - باب من روى أن لا يُنتفَعَ بإهابِ الميتةِ

- ‌43 - باب في جلود النُّمور والسِّباع

- ‌44 - باب في النِّعال

- ‌45 - باب في الفُرُش

- ‌46 - باب في اتخاذ السُّتورِ

- ‌47 - باب الصَّليب في الثوب

- ‌48 - باب في الصُّور

- ‌أول كتاب الترجّل

- ‌1 - باب ما جاء في استحباب الطِّيب

- ‌2 - باب في إصلاح الشَّعَر

- ‌3 - باب في الخضاب للنساء

- ‌4 - باب في صِلَةِ الشعر

- ‌5 - باب في رَدِّ الطِّيب

- ‌6 - باب في المرأة تَطَّيَّبُ للخروج

- ‌7 - باب في الخَلُوق(1)للرجال

- ‌8 - باب ماجاء في الشَّعْر

- ‌9 - باب ما جاء في الفَرْقِ

- ‌10 - باب في تطويل الجُمَّةِ

- ‌1).11 -باب في الرجل يعقِص شعره

- ‌1).12 -باب في حَلْق الرأس

- ‌13 - باب في الذُّؤابة

- ‌14 - باب في الرخصة

- ‌15 - باب في أخذِ الشارب

- ‌16 - باب في نَتف الشيب

- ‌1).17 -باب في الخضاب

- ‌18 - باب ما جاء في خِضاب الصُّفرةِ

- ‌1).19 -باب ما جاء في خِضَابِ السواد

- ‌20 - باب الانتفاع بمَداهِنِ العاج

- ‌أول كتاب الخاتم

- ‌1 - باب ما جاء في اتخاذ الخاتِم

- ‌2 - باب ما جاء في ترك الخاتِم

- ‌3 - باب في خاتم الذهب

- ‌4 - باب في خاتِم الحديد

- ‌5 - باب في التختُّم في اليمين أو اليسار

- ‌6 - باب في الجَلاجِل

- ‌7 - باب في ربطِ الأسنان بالذهب

- ‌8 - باب في الذهب للنساء

- ‌أول كتاب الفتن

- ‌1 - ذكرُ الفتنِ ودلائلِها

- ‌2 - باب النهي عن السعي في الفتنة

- ‌3 - باب في كَفِّ اللسانِ

- ‌4 - باب ما يُرَخَّصُ فيه من البِدَاوة في الفِتنةِ

- ‌5 - باب في النهي عن القتال في الفتنة

- ‌6 - باب في تعظيم قتلِ المؤمن

- ‌7 - باب ما يُرْجى في القتل

- ‌أول كتب المهدي

- ‌أول كتاب الملاحم

- ‌1)1 -باب ما يُذكَرُ في قَرْنِ المِئَة

- ‌2 - باب ما يُذكر من ملاحم الروم

- ‌3 - باب في أمارات الملاحم

- ‌4 - باب في تَواتُر المَلاحِم

- ‌5 - باب في تداعي الأمم على الإسلام

- ‌6 - باب في المَعْقِل(1)من الملاحم

- ‌7 - باب ارتفاع الفتنة في الملاحم

- ‌8 - باب في النهي عن تهييج التُّرك والحبشة

- ‌9 - باب في قتال الترك

- ‌10 - باب في ذكر البَصْرَةِ

- ‌11 - باب النهي عن تهييج الحبشة

- ‌12 - باب أمارات الساعةِ

- ‌ 158](1).13 -باب حسر الفرات عن كنز من ذهب

- ‌14 - باب خروج الدجَّال

- ‌15 - باب في خبرِ الجَسَّاسَةِ

- ‌16 - باب في خبر ابن صائِد

- ‌17 - باب الأمر والنهي

- ‌18 - باب قيام الساعة

- ‌أول كتاب الحدود

- ‌1 - باب الحكم فيمن ارتد

- ‌2 - باب الحكم فيمن سبَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم

- ‌3 - باب ما جاء في المحاربة

- ‌4 - باب في الحدِّ يُشفعُ فيه

- ‌5 - باب العفو عن الحدودِ ما لم تبلغ السُّلطانَ

- ‌6 - باب في الستر على أهل الحدود

- ‌7 - باب في صاحِبِ الحَدِّ يجيء فيُقِرُّ

- ‌8 - باب في التلقِينِ في الحَدِّ

- ‌9 - باب في الرجل يعترفُ بِحدٍّ ولا يُسمِّيه

- ‌1).10 -باب في الامتحانِ بالضرْب

- ‌1).11 -باب ما يُقطَعُ فيه السارقُ

- ‌12 - باب ما لا قَطْعَ فيه

- ‌13 - باب القطْع في الخِلْسةِ والخِيانَةِ

- ‌14 - باب مَن سرق من حِرْزٍ

- ‌15 - باب في القطع في العَاريّة إذا جُحِدَتْ

- ‌16 - باب في المجنون يَسرقُ أو يُصيبُ حدَّاً

- ‌1).17 -باب في الغُلام يُصيبُ الحَدَّ

- ‌18 - باب الرجل يَسرِقُ في الغزو، أيُقطَعُ

- ‌19 - باب في قَطْع النبَّاش

- ‌20 - باب في السارق يَسرقُ مراراً

- ‌21 - بابٌ في تعليق يد السارق في عُنُقِهِ

- ‌22 - باب بيع المملوكِ إذا سَرَقَ

- ‌23 - باب في الرَّجْم

- ‌24 - باب رجم ماعز بن مالك

- ‌25 - باب المرأة التي أمر النبيَّ صلى الله عليه وسلم برجمْها من جُهينةَ

- ‌26 - باب في رجم اليهوديَّين

- ‌27 - باب في الرجل يزني بحَريمِه

- ‌28 - باب في الرجل يزني بجاريةِ امرأتِه

- ‌29 - باب فيمن عمل عمل قوم لوط

- ‌30 - باب فيمن أتى بهيمةً

- ‌31 - باب إذا أقرَّ الرجلُ بالزِّنى ولم تُقِرَّ المرأه

- ‌32 - باب في الرجل يُصيبُ من المرأةِ دونَ الجِماع فيتوبُ قبل أن يأخذَه الإمامُ

- ‌33 - باب في الأمةِ تزني ولم تُحْصَنْ

- ‌34 - باب في إقامة الحدِّ على المريض

- ‌35 - باب في حدّ القذف

- ‌36 - بابُ الحدِّ في الخَمْر

- ‌37 - باب إذا تتايَعَ في شرب الخمر

- ‌38 - باب في إقامة الحد في المسجد

- ‌39 - باب في التعزير

- ‌40 - باب ضربِ الوجهِ في الحدِّ

- ‌أول كتاب الديات

- ‌1 - باب النفسِ بالنفسِ

- ‌2 - باب لا يُؤخذُ أحدٌ بجَرِيرةِ أحَدٍ

- ‌3).3 -بابُ الأمامِ يأمرُ بالعفو في الدمِ

- ‌4 - باب وليّ العمدِ يَرْضَى بالدية

- ‌5 - باب مَن قَتل بعد أخذِ الديةِ

- ‌6 - باب فيمن سَقَى رجلاً سمَّاً أو أطعمه فمات، أيُقاد منه

- ‌7 - باب مَن قَتَلَ عبده أو مَثَّل به، أيُقاد منه

- ‌8 - باب القتل بالقَسَامةِ

- ‌9 - باب في ترك القَوَد بالقَسَامة

- ‌10 - باب يُقَادُ مِن القاتل أو يُقتَل بحجرٍ بمثل ما قَتَل

- ‌1).11 -باب، أيقاد المسلمُ بالكافرِ

- ‌1).12 -باب من وجد مع أهله رجلاً فقتلَه

- ‌13 - باب العامل يُصَاب على يدِه خطأً

- ‌14 - باب القَوَد بغير حديدٍ

- ‌1).15 -باب القود من الضربة، وقصِّ الأمير من نفسه

- ‌16 - باب عَفْو النساء

- ‌17 - باب من قُتِلَ في عِمِّيَّا بين قَومٍ

- ‌18 - باب الديةِ، كم هي

- ‌19 - باب ديات الأعضاء

- ‌20 - باب دية الجَنيِنِ

- ‌21 - باب في دية المكاتَبْ

- ‌22 - باب في دية الذمي

- ‌23 - باب في الرجل يُقَاتِلُ الرجلَ فيدفَعُه عن نفسه

- ‌2).24 -باب فيمن تَطَبَّبَ بغير علم فأعْنَتَ

- ‌25 - باب في دية الخطأ شبه العمد

- ‌2).26 -باب في جِناية العبد يكونُ للفقراء

- ‌27 - باب فيمن قُتِل في عِمِّيَّا بين قوم

- ‌28 - باب في الدابة تَنْفَحُ برِجْلِها

- ‌29 - باب العَجماء والمعدن والبئر جُبَارٌ

- ‌30 - باب في النار تَعَدَّى

- ‌31 - باب القصاص من السن

الفصل: ‌3).3 -باب الأمام يأمر بالعفو في الدم

قال أبو داود: قريظةُ والنضيرُ جميعاً مِنْ ولَدِ هارون النبي عليه السلام

(1)

.

‌2 - باب لا يُؤخذُ أحدٌ بجَرِيرةِ أحَدٍ

(2)

4495 -

حدَّثنا أحمدُ ابنُ يونُسَ، حدَّثنا عُبيدُ الله -يعني ابنَ إياد- حدَّثنا إيادٌ

عن أبي رِمْثةَ، قال: انطلقتُ مع أبي نحو النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي:"ابنُكَ هذا؟ " قال: إي ورَبِّ الكعبةِ، قال:"حقاً؟ " قال: أشهدُ بِهِ، قال: فتبسَّم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ضاحِكاً مِنْ ثَبْت شبهي في أبي، ومن حَلِف أبي علىَّ، ثم قال:"أما إنَّه لا يَجني عليكَ ولا تَجنِي عليهِ" وقرأ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164، والإسراء: 15] (‌

‌3).

3 -

بابُ الأمامِ يأمرُ بالعفو في الدمِ

4496 -

حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا محمَّد بن إسحاقَ، عن الحارثِ بنِ فُضَيلٍ، عن سفيانَ بنِ أبي العوجاء

(1)

مقالة أبي داود هذه. أثبتناها من (ج) و (هـ).

(2)

هذا نص عنوانِ الباب كما جاء في (أ) و (هـ)، وهو كذلك في روايتي ابن داسه وابن العبد، وفي (ب) و (ج) وهامش (أ): باب لا يُؤخَذُ أحدٌ بجَريرة أخيه أو أبيه، وما أثبتناه أعم وأشمل.

(3)

إسناده صحيح. إياد: هو ابن لَقِيْط السدوسي.

وأخرجه مختصراً النسائي في: "الكبرى"(7007) من طريق عبد الملك بن أبجر، عن إياد بن لقيط، به.

وهو في "مسند أحمد"(7106) و (7109)، و"صحح ابن حبان"(5995).

وانظر ما سلف برقم (4208).

ص: 546

عن أبي شُرَيح الخُزاعيِّ، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:"من أُصيب بِقَتلٍ أو خَبْلِ، فإنّهُ يختارُ إحدى ثلاثٍ: إمَّا أن يقتصَّ، وإما أن يعفوَ، وإمَّا أن يأخُذَ الديةَ، فإن أراد الرابعة فخذوا على يَدَيهِ، ومن اعتدى بَعْدَ ذلِكَ فله عذاب أليم"

(1)

.

4497 -

حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ بكرِ بن عبدِ الله المُزني، عن عطاء بنِ أبي ميمونة

عن أنس بنِ مالك، قال: ما رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم رُفِعَ إليه شيءٌ فيهِ قِصَاصٌ إلا أمَرَ فيه بالعفوِ

(2)

.

(1)

إسناده ضعيف لضعف سُفيان بن أبي العَوْجاء.

وأخرجه ابن ماجه (2623) من طريق محمَّد بن إسحاق، بهذا الإسناد.

وهو في "مسند أحمد"(16375).

وسيأتي عند المصنَّف بإسناد صحيح عن أبي شريح الخزاعي برقم (4504) بلفظ: "من قُتل له بعد مقالتي هذه قتيل، فأهله بين خيرتين: أن يأخذوا العقل، أو يَقتُلوا".

وانظر فقه الحديث هناك.

والخبل، بفتح وسكون، ويُحرَّك: فساد الأعضاء.

وقوله: "فمن أراد الرابعة" أي بأن قتل بعد أخذ الدية، فقد قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى:{فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة:178] يقول تعالى: فمن قتل بعد أخذ الدية أو قبولها فله عذاب من الله أليم موجع شديد. وكذا روي عن ابن عباس ومجاهد وعطاء وعكرمة والحسن وقتادة والربيع بن أنس والسُّدِّي ومقاتل بن حيان: أنه الذي يقتُل بعد أخذ الدية. كما قال محمَّد بن إسحاق عن الحارث بن فضيل عن سفيان بن أبي العوجاء

ثم ذكر الحديث.

(2)

إسناده قوى من أجل عبد الله بن بكر بن عبد الله المزني، فهو صدوق لا بأس به. =

ص: 547

4498 -

حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا أبو معاويةَ، حدَّثنا الأعمشُ، عن أبي صَالحٍ

عن أبي هُريرة، قال: قُتِلَ رجلٌ على عهدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَرُفع ذلك إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فدفعه إلى وليِّ المقتولِ، فقال القاتِلُ: يا رسولَ الله، والله ما أردتُ قتلَه، قال: فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم للوليِّ: "أَمَا إنه إنْ كان صادقاً ثُمَّ قتلتَهُ دخلتَ النَّارَ" قال: فخلَّى سبيلَه، قال: وكان مكتوفاً بِنِسْعةٍ، فخرج يجزُّ نِسْعَتَه، فَسُمِّي ذا النِّسْعَةِ

(1)

.

= وأخرجه ابن ماجه (2692)، والنسائي في "الكبرى"(6959) و (6960) من

طريق عبد الله بن بكر، به.

وهو في "مسند أحمد"(13220).

قال الشوكاني: والترغيب في العفو ثابت بالأحاديث "الصحيحة" ونصوص القرآن الكريم، ولا خلاف في مشروعية العفو في الجملة، وإنما وقع الخلاف فيما هو الأولى للمظلوم: هل العفو عن ظالمه أو ترك العفو.

(1)

إسناده صحيح. أبو صالح: هو ذكوان السمّان، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو معاوية: هو محمَّد بن خازم الضرير.

وأخرجه ابنُ ماجة (2690)، والترمذي (1465)، والنسائي في "الكبرى"(6898) من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

النِّسعة: قال في "النهاية": بالكسر، سَير مَضفور، يُجعل زماماً للبعير وغيره.

وقوله: "أما إنه إن كان صادقاً ثم قتلته دخلت النار" قال الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" بإثر الحديث (944): معنى ذلك: أنه في الظاهر عندنا من أهل النار لثبوت الحجة عليه بقتله مَن قتل، وإن قتلتَه وهو فيما قال: إنه صادق، كنتَ أنت أيضاً من أهل النار، والله أعلم.

قلنا: وقال البغوي في "شرح السنة" بعد إيراد هذا الحديث 10/ 162: فيه دليل على أن مَن جرى عليه قتلٌ، هو غير قاصد فيه، لا قصاص عليه، ولو قتله ولي الدم، كان آثماً وعليه القَوَد.

ص: 548

4499 -

حدَّثنا عُبيدُ الله بنُ عمر بنِ مَيسَرَةَ الجُشَميُّ، حدَّثنا يحيى بنُ سعيدٍ، عن عَوفٍ، حدَّثنا حمزةُ أبو عُمَرَ العائِذيُّ، حدَّثني علقمةُ بن وائل

حدَّثني وائلُ بنُ حُجرٍ، قال: كنتُ عندَ النبي صلى الله عليه وسلم إذ جِيء برجُلٍ قاتلٍ في عُنقه النِّسعةُ، قال: فَدَعَا وليَّ المقتولِ، فقال:"أتعفو؟ " قال: لا، قال:"أفتأخُذُ الدية؟ " قال: لا، قال:"أفتقتُلُ؟ " قال: نعم، قال:"اذهب به" فلما ولَّى قال: "أتعفو؟ " قال: لا، قال:"أفتأخذ الدية؟ " قال: لا، قال:"أفتقتلُ؟ "، قال: نعم، قال:"اذهب به"، فلما كانَ في الرابعة قال:"أما إنَّك إن عفوتَ عنه فإنَّه يبُوءُ بإثمه واثمِ صَاحِبِه"، قال: فَعَفا عنه، قال: فأنا رأيتُه يجرُّ النِّسعةَ

(1)

.

(1)

إسناده صحيح. حمزة أبو عُمر العائذي: هو ابن عَمرو البصري، وعوف:

هو ابن أبي جَميلة الأعرابي، ويحيى بن سعيد: هو القطان.

وأخرجه النسائي في "الكبرى"(5934) و (6900) من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد.

وأخرجه أيضاً (6899) من طريق إسحاق بن يوسف الأزرق، عن عوف الأعرابي، عن علقمة بن وائل، عن أبيه. فلم يذكر في إسناده حمزة بن عَمرو العائذي! وانظر تالييه.

قال الخطابي: فيه من الفقه: أن الولي مخيَّر بين القصاص أو أخذ الدية.

وفيه دليل على أن دية العمد تجب حالّة في مال الجاني.

وفيه دليل على أن للإمام أن يتشفع إلى وليّ الدم في العفو بعد وجوب القصاص.

وفيه إباحة الاستيثاق بالشد والرباط ممن يجب عليه القصاص إذا خشي انفلاته وذهابه.

وفيه جواز قبول إقرار من جيئ به في حبل أو رباط.

وفيه دليل على أن القاتل إذا عفا عنه لم يلزمه التعزير.

وحكي عن مالك بن أنس أنه قال: يضرب بمد العفو مئة ويُحبس سنة. =

ص: 549

4500 -

حدَّثنا عُبيدُ اللهِ بنُ عُمر بنِ مَيْسرَةَ، حدَّثنا يحيى بنُ سعيدٍ، حدَّثني جامعُ بن مَطَرٍ، حدَّثني علقمةُ بنُ وائِلٍ، بإسناده ومعناه

(1)

.

= وقوله: "فإنه يبوء بإثمه وإثم صاحبه"، معناه: إنه يتحمل إثمه في قتل صاحبه، فأضاف الإثم إلى صاحبه إذ صار بكونه محلاً للقتل سبباً لإثمه، وهذا كقوله سبحانه:{إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ} [الشعراء:27]، فأضاف الرسول إليهم، انما هو في الحقيقة رسول الله عز وجل أرسله إليهم.

وأما الاثم المذكور ثانياً فهو إثمه فيما قارفه من الذنوب التي بينه وبين الله عز وجل، سوى الإثم الذي قارفه من القتل، فهو يبوء به إذا أعفي عن القتل، ولو قتل لكان القتل كفارة، والله أعلم.

قلنا: وقد روي بلفظ: "يبوء بإثمك وإثم صاحبك" عند مسلم (1680) وغيره وعليه يكون المعنى على ما قاله النووي في "شرح مسلم": قيل: معناه يتحمل إثم المقتول بإتلافه مُهجته، وإثم الولي لكونه فجعه في أخيه، ويكون قد أوحي إليه صلى الله عليه وسلم بذلك في هذا الرجل خاصة. ويحتمل أن معناه: يكون عفوك عنه سبباً لسقوط إثمك وإثم أخيك المقتول، والمراد إثمهما السابق بمعاصٍ لهما متقدمة، لا تعلق لها بهذا القاتل، فيكون معنى "يبوء": يسقط، وأطلق هذا اللفظ عليه مجازاً.

(1)

إسناده صحيح. وقال يحيى بن سعيد القطان فيما نقله عنه النسائي في "الكبرى"(5935): وهذا أحسن من الذي قبله.

وأخرجه النسائي في "الكبرى"(5935) و (6901) من طريق يحيى بن سعيد القطان، و (6902) من طريق حفص بن عمر الحوضي، كلاهما عن جامع بن مطر، به. وقد ذكر حفص لفظه بتمامه، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم أمره بالعفو ثلاث مرات، ثم قال له:"اذهب، إن قتلته، كنت مثله".

وقوله في هذه الرواية: "إن قتلته كنت مثله" سيأتي في رواية سماك عن علقمة الآتية بعده. وانظر تأويلها هناك.

وأخرجه مسلم (1680)، والنسائي في "الكبرى"(6905) من طريق إسماعيل ابن سالم، عن علقمة، عن أبيه قال: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل قتل رجلاً، فأقاد وليّ المقتول منه، فانطلق به وفي عنقه نسعة يجرها فلما أدبر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"القاتل والمقتول في النار" فأتى رجلٌ الرجلَ فقال له مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخلّى عنه. =

ص: 550

4501 -

حدَّثنا محمدُ بنُ عَوفٍ الطَّائي، حدَّثنا عبدُ القدُّوسِ بنُ الحجَّاج، حدَّثنا يزيدُ بنُ عطاءٍ الواسِطى، عن سِماك، عن علقمةَ بنِ وائلٍ

عن أبيه، قال: جاء رجُلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم بِحبشيٍّ، فقال: إنَّ هذا قتلَ ابن أخي، قال:"كيفَ قتلتَه؟ "، قال: ضربتُ رأسَه بالفأسِ ولم أُرِدْ قتلَه، قال:"هَلْ لكَ مال تُؤدي دِيَته؟ "، قال: لا، قال:"أفرأيت إن أرسلتُك تسألُ الناسَ تجمَعُ دِيَتَه؟ "، قال: لا، قال:"فمواليك يُعطُونَكَ دِيته؟ " قال: لا، قال لِلرَّجُلِ:"خذه". فخرج به لِيقتله، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"أما إنَّه إن قَتَلَه كانَ مثلَه"، فَبَلَغَ به الرجلُ حيثُ يَسمعُ قولَه، فقال:"هو ذا فمُر فيهِ ما شئتَ"، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"أرسِلْه -وقال مرة: دَعْهُ- يَبُؤْ بإثمِ صاحِبِه وإثمه، فيكُونَ مِنْ أصحاب النار" قال: فأرسَلَهُ

(1)

.

= قال النووي في "شرح مسلم": ليس المراد به في هذين، فكيف تصح إرادتهما مع أنه إنما أخذه ليقتله بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، بل المراد غيرهما، وهو إذا التقى المسلمان بسيفيهما في المقاتلة المحرمة كالقتال عصبية ونحو ذلك فالقاتل والمقتول في النار والمراد به التعريض كما ذكرناه، وسبب قوله ما قدمناه لكون الولي يُفهم منه دخوله في معناه ولهذا ترك قتله فحصل المقصود، والله أعلم.

قلنا: انظر تمام كلام النووي الذي أحال عليه عند الرواية التالية.

(1)

إسناده حسن. سماك بن حرب حسن الحديث، ويزيد بن عطاء الواسطي حسن في المتابعات، وقد توبع.

وأخرجه بنحوه مسلم (1680)، والنسائي في "الكبرى"(6903) و (6904) من طريق أبي يونس حاتم بن أبي صغيرة، عن سماك بن حرب، به.

قال الخطابي: قوله: "أما إنه إن قتله كان مثله" يحتمل وجهين:

أحدهما: أنه لم ير لصاحب الدم أن يقتله، لأنه ادعى أن قتله كان خطأ، أو كان شبه عمد، فأورث ذلك شبهة في وجوب القتل. قلنا: وقد أورد البغوي في "شرح السنة" 10/ 162 هذا الوجه أيضاً، وكذلك ابن القيم في "زاد المعاد" 5/ 8 وقوَّياه =

ص: 551

4502 -

حدَّثنا سليمانُ بنُ حَربٍ، حدَّثنا حمادُ بنُ زيد، عن يحيى بنِ سعيدِ

= بحديث أبي هريرة السالف عند المصنف برقم (4498) لأن فيه ما يدل على أن القاتل لم يرد القتل، وحلف على ذلك بقوله: والله ما أردتُ قتله.

قال الخطابي: والوجه الآخر: أن يكون معناه أنه إذا قتله كان مثله في حكم البواء، فصارا متساويين، لا فضل للمقتص إذا استوفى حقه على المقتص منه. وكذلك أورد هذا الوجه الثاني احتمالاً البغوي والنووي وابن القيم.

وقال النووي في "شرح مسلم": وقيل: فهو مثله في أنه قاتل، وإن اختلفا في التحريم والإباحة لكنهما استويا في طاعتهما الغضب ومتابعة الهوى، لا سيما وقد طلب النبي صلى الله عليه وسلم منه العفو، وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم ما قال بهذا اللفظ الذي هو صادق فيه

لإيهام لمقصود صحيح، وهو أن الولي ربما خاف فعفا والعفو مصلحة للولي والمقتول في ديتهما لقوله صلى الله عليه وسلم:"يبوء بإثمك وإثم صاحبك" وفيه مصلحة للجاني وهو إنقاذه من القتل، فلما كان العفوُ مصلحة توصّل إليه بالتعريض.

وجاء عند مسلم والنسَائي في رواية إسماعيل بن سالم السالف تخريجها عند الرواية السابقة أن إسماعيل ذكر الحديث لحبيب بن أبي ثابت، فقال: حدثني ابن أشوع (وهو القاضي سعيد بن عمرو بن أشوع) أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما سأله أن يعفو عنه فأبى.

قلنا: وهذا يعني أنه خالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فبذلك استحق أن يكون مثله وأن يكون في النار. وهذا وجه آخر.

وانظر تفسير قوله صلى الله عليه وسلم: "يَبُؤْ بإثم صاحبه وإثمه" عند الرواية السالفة برقم (4499).

وقوله: فمواليك: جمع مولى والمراد به ها هنا السيد. قال ابن الأثير "في النهاية": المولى: اسم يقع على جماعة كثيرة فهو الرب والمالك والسيد والمنعم والمعتق والناصر والمحب والتابع والجار وابن العم والحليف والعقيد والصهر والعبد والمعتَق والمنعَم عليه، وأكثرها قد جاءت في الحديث، فيضاف كل واحدٍ إلى ما يقتضيه الحديث الوارد فيه، وكل من ولي أمراً أو قام به، فهو مولاه ووليه، وقد تختلف مصادر هذه الأسماء، فالوَلاية بالفتح، في النسب والنصرة والمعتق، والوِلاية بالكسر في الإمارة، والوَلاء: المعتَقُ، والمُوالاةُ من والَى القوم.

ص: 552

عن أبي أُمامةَ بنِ سهلٍ، قال: كُنَّا معَ عثمانَ وهو محصورٌ في الدارِ، وكان في الدارِ مدخَلٌ مَن دَخَلَه سَمِعَ كلامَ مَنْ على البَلاطِ، فدخَلَه عثمانُ، فخَرَجَ إلينا وهو متغيِّرٌ لونُه، فقال: إنَّهم لَيتَواعدُونَنِي بالقتلِ آنِفاً، قال: قُلنا: يكفِيكَهُمُ اللهُ يا أميرَ المؤمنين، قال: ولِمَ يَقتُلُونني؟ سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يَحِلُّ دَمُ امرئٍ مسلمٍ إلا بإحدَى ثلاثٍ: رجل كَفَرَ بعدَ إسلامٍ، أو زنَى بعدَ إحصانٍ، أو قتَلَ نفساً بغيرِ نفس" فواللهِ ما زنَيتُ في جاهليةٍ ولا في إسلامٍ قَطُّ، ولا أحببتُ أن لي بديني بدلاً منذ هَدَاني الله، ولا قتلتُ نفساً، فبِمَ يَقتلونَني؟

(1)

.

قال أبو داود: عثمانُ وأبو بكر رضي الله عنهما تركا الخمرَ في الجاهليةِ

(2)

.

(1)

إسناده صحيح. يحيى بن سعيد: هو ابن قيس الأنصاري.

وأخرجه ابن ماجه (2533)، والترمذي (2297)، والنسائي في "الكبرى"(3468) من طرق عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد. وقرن النسائي بأبي أمامة عبد الله بن عامر بن ربيعة.

وهو في "مسند أحمد"(437).

وأخرجه النسائي (3506) من طريق عبد الله بن عمر، و (3507) من طريق بسر ابن سعيد، كلاهما عن عثمان بالمرفوع منه دون قصة الدار.

والبَلاط: موضع بالمدينة بين مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين سوق المدينة كان مبلطاً بالحجارة.

تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (ب)، وهو في رواية أبي بكر ابن داسه وغيره فيما قاله الحافظ المزي في "التحفة" (9782). قلنا: كذا قال: إنه عند ابن داسه، مع أن نسخة (هـ) عندنا بروايته ولم يرد الحديثُ فيها، فالظاهر أنه في بعض روايات ابن داسه.

(2)

أخرج أبو نعيم في "الحلية" 7/ 160 بسند حسن عن عائشة قالت: حرم أبو بكر الخمرة على نفسه، فلم يشربها في جاهلية ولا إسلام. =

ص: 553

4503 -

حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ إسحاق، فحدَّثني محمدُ بنُ جعفرِ بنِ الزبير، قال: سمعتُ زيادَ بنَ ضُميرَةَ الضمري.

وحدَّثنا وهبُ بنُ بيان وأحمدُ بنُ سعيد الهَمْدَاني، قالا: حدَّثنا ابنُ وهبٍ، أخبرني عبدُ الرحمن بنُ أبي الزِّناد، عن عبدِ الرحمن بن الحارث، عن محمَّد ابنِ جعفر، أنه سَمِعَ زيادَ بنَ سعْد بن ضُميرَة السُّلَميَّ -وهذا حديثُ وهب وهو أتمُّ- يُحدِّث عروةَ بنَ الزبير

عن أبيه -قال موسى: وجدِّه- وكانا شهدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حُنيناً، ثم رجعنا إلى حديث وهب: أنَّ مُحلِّمَ بن جثَّامة الليثيَّ قتل رجلاً من أشجعَ في الإِسلامِ، وذلك أولُ غِيَرٍ قَضى به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فتكلّم عُيينةُ في قتلِ الأشجعىِّ؛ لأنه من غَطَفَانَ، وتكلّم الأقرعُ ابنُ حابس دونَ مُحلِّمٍ؛ لأنه من خِندِفَ، فارتفعتِ الأصواتُ وكَثُرَتِ الخصومةُ واللَّغَطُ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"يا عُيينةُ، ألا تقبلُ الغِيرَ؟ " فقال عيينةُ: لا، واللهِ حتَّى أدخلَ على نِسائه مِن الحَرَبِ والحُزْنِ ما أدخل على نسائي، قال: ثم ارتفعتِ الأصواتُ، وكثُرَتِ الخصومةُ واللَّغَطُ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"يا عُيينةُ، ألا تقبل الغِيَرَ؟ " فقال عُيينة مثل ذلك أيضاً، إلى أن قامَ رجلٌ من بني ليثٍ، يقال له: مُكَيْتِلٌ، عليه شِكَّةٌ، وفي يَدِه دَرَقةٌ، فقال: يا رسولَ اللهِ، إني لم أجِدْ لِما فَعَل هذا في غُزَّةِ الإِسلامِ مَثَلاً إلا غَنَماً وَرَدَت، فَرُمي أولُها فنَفَر آخرُها،

= وأخرج ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 30/ 334 في ترجمة أبي بكر من حديث عائشة، وفيه: والله ما قال أبو بكر شعراً في جاهلية ولا إسلام، لقد ترك هو وعثمان شرب الخمر في الجاهلية.

ص: 554

اسنُنِ اليومَ وغيِّر غداً، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"خمسون في فَورِنا هذا، وخمسون إذا رجَعنا إلى المدينةِ" وذلك في بعضِ أسفاره، ومُحلَّمٌ رجلٌ طويل آدَمُ وهو في طَرَفِ الناسِ، فلم يزالُوا حتى تخلَّص، فجلسَ بين يدي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وعيناه تدمَعَانِ، فقال: يا رسولَ الله، إني قد فعلتُ الذي بلغكَ، وإني أتوب إلى الله عز وجل، فاستغفِر الله لي يا رسولَ الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أقتَلْتَه بسلاحِكَ في غُزَّة الإِسلامِ، اللهمَّ لا تَغْفِر لِمُحلِّمٍ" بصوتٍ عالٍ، زاد أبو سلمة: فقام، وإنه ليتلقَّى دموعَه بطرفِ ردائِه. قال ابنُ إسحاق: فَزَعَمَ قومُه أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم استغفر له بعد ذلك

(1)

.

(1)

إسناده ضعيف لجهالة زياد بن سعد بن ضميرة -وقد اختُلف في اسمه-.

وأخرجه ابنُ ماجه (2625) من طريق محمَّد بن إسحاق، به. إلا أنه قال في روايته: عن أبيه وجده.

وهو في "مسند أحمد"(21081) و (23879).

عُيينة المذكور في هذا الحديث: هو ابنُ حِصْن الفزاري، والأشجعي: سمي في رواية ابنُ ماجه: عامر بن الأضبط. وإنما أخذت عيينةَ الحميّةُ لأن كلًّا من أشجع وفزارة يعود إلى قبيلة غطفان.

وخِنْدِف، بكسر الخاء وسكون النون وكسر الدال - هي امرأة إلياس بن مضر بن نزار، فنسب ولد إلياس إليها.

والغيَرُ، بكسر الغين وفتح الياء - جمع الغِيْرَة، وهي الدية، وجمع الغِيَر أغيار.

والحَرَب: بالتحريكِ: نهب مال الإنسان، وتركه لا شيء له.

والشِّكة، بالكسر وتشديد الكاف: السلاح.

والدَّرَقة: ترس من جلود، ليس فيها خشب ولا عَقَب (أي: عَصَب)، والجمع دَرَقٌ وأدراق. =

ص: 555