الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
9 - باب في ترك القَوَد بالقَسَامة
4523 -
حدَّثنا الحسنُ بنُ محمدِ بنِ الصَّبَّاح الزعفرانيُّ، حدَّثنا أبو نُعَيم، حدَّثنا سعيدُ بنُ عُبيدٍ الطائيُّ، عن بُشَير بن يَسَارٍ
زعمَ أن رجلاً من الأنصار يقال له: سَهْل بن أبي حَثْمَةَ، أخبره: أن نفراً من قومه انطلقوا إلى خيبر، فتفرَّقوا فيها، فوجدُوا أحدَهم قتيلَا، فقالوا للذينَ وجَدُوه عندهم: قتلتُم صاحبَنَا، فقالوا: ما قتلنا ولا عَلِمَنا قاتلاً، فانطلقنا إلى نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم، قال: فقال لهم: "تأتوني بالبينةِ على من قتلَ هذا؟ " قالوا: ما لنا بينةٌ، قال:"فيحلفونَ لكم؟ " قالوا: لا نَرْضَى بأيمانِ اليهود، فكره نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم أن يُبطِلَ دَمَه، فوَدَاه مئةً من إبلِ الصَّدقةِ
(1)
.
= بَحرة الرُّغاء: بضم الراء، موضع بالطائف، بني بها النبي صلى الله عليه وسلم مسجداً.
ولِيّة، قال العيني في "عمدة القاري" 18/ 156: قال البكري: بكسر أوله، وتشديد الياء آخر الحروف، وهي أرض من الطائف على أميال يسيرة، وهي على ليلة من قرن.
(1)
إسناده صحيح. أبو نعيم: هو الفضل بن دُكين.
وأخرجه البخاري (6898)، والنسائي في "الكبرى"(6895) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، ومسلم (1669) من طريق عبد الله بن نمير، كلاهما عن سعيد بن عبيد، به. ولم يسق مسلم متنه.
وانظر ما سلف برقم (4520) و (4521).
وقال النسائي بإثر روايته: لا نعلم أحداً تابع سعيد بن عبيد الطائي على لفظ هذا الحديث عن بُشَير بن يسار، وسعيد بن عبيد ثقة، وحديثه أولى بالصواب عندنا، والله أعلم.
ونقل البيهقى في "السنن الكبرى" 8/ 120 عن مسلم بن الحجاج أنه قال في جملة
ما قال في هذه الرواية: وغير مشكل على من عقل التمييز من الحفاظ أن يحيى بن سعيد أحفظ من سعيد بن عبيد وأرفع منه شأناً في طريق العلم وأسبابه، فهو أولى بالحفظ منه. =
4524 -
حدَّثنا الحسنُ بنُ علي بنِ راشدٍ، أخبرنا هُشيمٌ، عن أبي حيانَ التيميِّ، حدَّثنا عبايةُ بنُ رِفاعةَ
عن رافع بنِ خَديج، قال: أصبح رَجُلٌ من الأنصارِ مقتولاً بخيبرَ، فانطلقَ أولياؤه إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فذكروا ذلك له، فقال:"لكُم شاهدانِ يشهدانِ على قاتِلِ صاحبكم؟ " قالوا: يا رسُولَ الله، لم يكُن ثُمَّ أحدٌ مِنَ المُسلِمِينَ، وإنما هم يهُودُ، وقد يجترئونَ على أعظَم من هذا، قال:
= لكن البيهقي بيّن أن لا تعارض بين هاتين الروايتين، فقال: إن صحت رواية سعيد فهي لا تخالف رواية يحيى بن سعيد عن يشعر بن يسار؛ لأنه قد يريد بالبينة الأيمان مع اللوث (قال في "النهاية": اللوث أن يشهد شاهد واحد على إقرار المقتول قبل أن يموت أن فلاناً قتلني أو يشهد شاهدان على عداوة بينهما أو تهديد منه له أو نحو ذلك، وهو من التلوّث: التلطُّخ) كما فسرهُ يحيى بن سعيد، وقد يطالبهم بالبينة كما في هذه الرواية، ثم يعرض عليهم الأيمان مع وجود اللوث كما في رواية يحيى بن سعيد، ثم يردها على المدعى عليهم عند نكول المدعين كما في الروايتين.
قال ابن القيم في "تهذيب السنن": يدل على ما ذكره البيهقي حديثُ النسائي عن عمرو بن شعيب.
قلنا: هو ما أخرجه في "السنن الكبرى"(6896) من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن ابن محيصة الأصغر أصبح قتيلاً على أبواب خيبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أقم شاهدين على من قتله أدفعْه إليك برمته" قال: يا رسول الله، ومن أين أصيب شاهدين، وإنما أصبح قتيلاً على أبوابهم؟!، قال:"فتحلف خمسين قسامة؟ " قال: يا رسول الله، وكيف نحلف على ما لا أعلم؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فتستحلف منهم خمسين قسامة؟ " فقال: يا رسول الله، كيف نستحلفهم وهم اليهود؟! فقسم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ديته عليهم وأعانهم بنصفها.
وإسناد هذه الرواية حسن، لكن قال النسائي: لا نعلم أحداً تابع عمرو بن شعيب على هذه الرواية. قلنا: ومما انفرد به عمرو بن شعيب في هذه الرواية تقسيم الدية، لأن المحفوظ أنه صلى الله عليه وسلم وداه من عنده.
"فاختاروا مِنهُم خمسينَ فاستحلِفَهم" فأبوا، فوداهُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم مِن عندِه
(1)
(1)
صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات لكن هشيماً -وهو ابن بشير- مدلس وقد عنعن. أبو حيان التيمي: هو يحيى بن سعيد بن حيان.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"(4413)، والبيهقي 8/ 134 و 10/ 148، وابن عبد البر في "التمهيد" 23/ 210، والمزي في ترجمة الحسن بن علي بن راشد من "تهذيب الكمال" 6/ 217 - 218 من طريق الحسن بن علي بن راشد، بهذا الإسناد.
ويشهد له بهذا للفظ حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده السالف ذكره عند تخريج الحديث الذي قبله، وهو عند النسائي في "الكبرى"(6896). وإسناده حسن.
ويشهد له أيضاً حديث سعيد بن عبيد عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة الذي قبله. إذ إن البخاري لما ذكر حديث سعيد بن عبيد، قدم له بحديث الأشعث بن قيس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"شاهداك أو يمينة" وهو حديث صحيح أخرجه البخاري مسنداً برقم (2357)، ومسلم (138).
وقد صح من حديث رافع بن خديج وسهل بن أبي حثمة بذكر البداءة باليمين للمدَّعي كما في الروايتين السالفتين برقم (4520) و (4521).
وقد جمع البيهقي بين رواية البينة أو الاشهاد، وبين رواية اليمين فيما ذكرناه عند الحديث السالف قبله، وتؤيده رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده كما قال ابن القيم في "تهذيب السنن".
ويظهر من صنيع البخاري أنه يذهب إلى هذا الجمع؛ حيث احتج بحديث سعيد ابن عبيد عن بُشير بن يسار بذكر البينة التي أشار إلى أنه يدخل فيها الإشهاد، كما احتج أيضاً بحديث يحيى بن سعيد الأنصاري عن بشير بن يسار بذكر اليمين.
فكأن ما طُوي ذكره في رواية يحيى بن سعيد الأنصاري وهو البينة أفصح عنه في رواية سعيد بن عبيد وعباية بن رافع وما طوي ذكره في رواية سعيد بن عبيد وعباية وهو اليمين، أفصح عنه في رواية يحيى بن سعيد. وبيَّن الكُلَّ روايةُ عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، والله تعالى أعلم.
4525 -
حدَّثنا عبدُ العزيز بنُ يحيى الحرَّانيُّ، حدَّثني محمَّد -يعني ابنَ سلمةَ- عن محمَّد بنِ إسحاق، عن محمدِ بنِ إبراهيمَ بن الحارث
عن عبدِ الرحمن بن بُجيدٍ، قال: إن سهلاً، والله، أوهم الحديثَ، إن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى يهودَ أنه قد وُجِد بين أظهركم قتيلٌ فَدُوه، فكتبوا يحلِفُون بالله خمسين يميناً: ما قتلنا، ولا علِمنا قاتلاً، قال: فوداه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مِن عنده مئةَ ناقة
(1)
.
4526 -
حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ، حدَّثنا عبدُ الرزَّاق، أخبرنا معمَرٌ، عن الزَّهري، عن أبي سلَمَةَ بنِ عبدِ الرحمن وسليمانَ بنِ يَسار
عن رجَالِ مِن الأنصارِ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: لليهودِ وبدأ بهم: "أيحلِفُ مَنكم خمسون رجُلاً" فأبوا، فقال للأنصارِ:"استحِقُّوا"، قالوا: نحلِفَ على الغيب يا رسول الله؟! فجعلها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ديةً على يهودِ؛ لأنه وُجِدَ بين أظهُرِهم
(2)
.
(1)
منكر بهذا السياق، وعبد الرحمن بن بُجيد مختلف في صحبته، وقال ابن عبد البر: في صحبته نظر. وقد خالف في هذه القِصَّة سهلَ بنَ أبي حَثمة ورافعَ بنَ خَديج، ولهذا قال الخطابي: أسانيد الأحاديث المتقدمة أحسن اتصالاً وأوضح متوناً.
قلنا: يعني بذكر البداءة باليمين للمدَّعي قبل المُدَّعى عليه، وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 23/ 208: ليس قول عبد الرحمن بن بجيد هذا مما يُرَدُّ به قول سهل بن أبي حثمة؛ لأن سهلاً أخبر عما رأى وعاين وشاهد، حتى ركضته منها ناقة واحدة، وعبد الرحمن بن بجيد لم يلق النبي صلى الله عليه وسلم ولا رآه ولا شهد هذه القصة، وحديثه مرسل.
قلنا: وقد ذهب الشافعي من قبله إلى القول بإرسال هذا الحديث، وقال في "اختلاف الحديث": لا أعلم ابنَ بجيد سمع النبي صلى الله عليه وسلم.
وهو في "سيرة ابن هشام" 3/ 370 من طريق محمَّد بن إسحاق، ومن طريق ابن إسحاق أخرجه البيهقي 8/ 120 - 121، وابن عبد البر في "التمهيد" 23/ 207 - 208.
(2)
منكر بهذا السياق، وقد أعله البيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 22 ووافقه ابن =